عبس وتولّى .. المفاوضات

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
عبس وتولّى .. المفاوضات


?? هذا الحبيب ♥️«٦٣»
السيرة النبوية العطرة (( عبس وتولّى ، المفاوضات ))

? بدأت لغة المفاوضات في قريش..
وسنقف عند حدث عظيم وقع أثناء المفاوضات ، لنعلم عظمة هذا الدين وهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولتعلم يا مؤمن كم أنت عظيم عند الله وكم يحبك ، مهما كنت وبأي لون كنت ، وأي جنسية تحملها ، أنت مؤمن إذن أنت عظيم عند الله لا فرق عند الله بين عربي وأعجبني إلا بالتقوى ).

? من عناوين المفاوضات ، طلبوا من النبي أن يبدل الآيات التي فيها تسفيه أحلامهم وشتم آلهتم .
عنوان آخر ، نؤمن بك يا محمد بشرط تعبد إلهنا يوم ونعبد إلهك يوم فأنزل الله على نبيه : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ .
سنتكلم عن المفاوضات إن شاء الله .

? يوم من الأيام جلسوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم للنقاش في بداية الأمر ،
أول ما قال النبي : إني رسول الله إليكم ، قامت فوضى في مكة ولم يسمعوا منه شيء . الآن جلسوا معه يسمعوا منه صلى الله عليه وسلم فكان جالس يناقش سادة قريش ، لعل الله يلين قلب واحد منهم فيؤمن ، فكان جالس يناقشهم ويسمع عروضهم ويرد عليهم .

? فجاء رجل من فقراء المسلمين السابقين للإسلام اسمه عبدالله بن أم مكتوم رضي الله عنه وأرضاه ، رجل أعمى فاقد بصره ، أقبل ابن أم مكتوم رجل لا يرى يحمل عصا في يده ( وكلنا نعرف أن الأعمى لا يراعي ثيابه وهيئته ، لأنه أعمى لا يدري هل ثيابه متسخة أم لا ، هل ثيابه جميلة أم لا ، لأنه أعمى )
فكل المواصفات حول هذا الرجل القادم تجعل سادة قريش وأعيانهم ، تنفر منه ...
أقبل الأعمى وهو يدك بعصاه على الأرض ، وقد سأل عن النبي أين أجده ؟
قالوا له : تجده في نادي قريش ، فأقبل وكان يريد من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزداد إيمان ، لعله نزل قرآن من يوم أو يومين ولم يسمع ما نزل ، اشتاق لكلام الله ، اشتاق المحب لحبيبه ، ذاق طعم الإيمان فجاء يستزيد ويطلب ما يروي قلبه .

? فلما إقترب من نادي قريش وسمع صوت النبي يتكلم معهم قال : السلام عليك يا رسول الله ، علمني مما علمك الله ، وكره النبي صلى الله عليه وسلم هذا القدوم في هذه اللحظة وهذه المقاطعة ، لأنه يحب أن يستميل قلوب قريش لعل الله يهديهم ، ووجود مثل هذا الرجل ينفرهم لأن سادة قريش لا ترضى الجلوس مع الفقراء والعبيد ولهذا رفضوا هذا الدين الذي يجعل السيد فيهم والخادم سواسيه ، قال تعالى :
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم . قريش لا تريد هذه اللغة ،،يريدون السيد ... سيد
والخادم ... خادم ، وعند الله كلكم من آدم وآدم من تراب ، حبيب قلوبنا يا الله جل جلالك ما أعظمك ماأالطفك ما أرحمك ، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم طبيعة أنفسهم لقريش ، فكره حضور ابن أم مكتوم في هذه اللحظة في نفسه ، ولكنه لم يرد على ابن أم مكتوم واستمر بحديثه كأنه لم يسمعه .

? ابن أم مكتوم رجل مؤمن ، أدرك أن النبي سمع صوته ، ولكنه لم يقطع كلامه ويرد عليه واستمر في حديثه مع قريش . ابن أم مكتوم رضي الله عنه ، هذا الرجل الأعمى سكت وجلس بجانبه يسمع الحديث مثله مثل الجالسين ، والنبي صلى الله عليه وسلم استمر بحديثه ولم يعطيه اهتمام ، فجعل جنبه لجهة عبد الله بن أم مكتوم ، وقد ظهر على وجهه ملامح الضيق وعدم الرضا من هذه المقاطعة ، وإستقبل بوجهه سادة قريش ( خلينا نتخيل المشهد مع بعض كيف دخل هذا الرجل الأعمى ونادى فلم يرد عليه النبي وأكمل حديثه وجلس يستمع ، أي إنسان أعمى مستحيل تنجرح مشاعره من هذا التصرف لأنه أعمى لا يرى والنبي لم يجرحه بكلمة أبدا ) .

? سؤال ؟ من أخبر ابن أم مكتوم أن النبي قد ظهر على وجهه ملامح عدم الرضا من مقاطعة ابن أم مكتوم وعبس في وجهه ؟
الذين رأوا عدم رضا النبي صلى الله عليه وسلم وماذا حدث عندما جاء ابن أم مكتوم هم سادة قريش وهم في سعادة لأن النبي أعطاه جنبه وإستقبلهم بوجهه وقد بان على وجهه أنه كره حضور ابن أم مكتوم ، هذا الشيء يفرح قريش ، ولكن الله لا يرضى كل ذلك أبدا .
فأراد الله أن يعطي النبي وقريش وابن أم مكتوم والمسلمون جميعهم إلى قيام الساعة درس عظيم . يا عبادي أنا الله العلي العظيم ، وكل من قال لا إله إلا الله فهو عندي عظيم فهو في كنفي ورعايتي ومن أحبابي ، وهو أعظم عندي من كل كافر على وجه الأرض ، ولو كان ملك من الملوك ، ولو اشترك أهل السماء والأرض في سفك دم مؤمن واحد من أحبابي ، ألقيتهم جميعا في ناري ولا أبالي ، إياكم أن تقربوا من عبادي .

? نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بسورة سماها بحال المشهد
لماذا عبس النبي بوجه الأعمى ولم يرد عليه واستقبل بوجهه سادة قريش
فهبط جبريل يتلو عليه قول ارحم الراحمين : عَبَسَ وَتَوَلَّى ، أَن جَاءَهُ الأَعْمَى ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ، فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى ، وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى ،وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى ،وَهُوَ يَخْشَى ،فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى ،كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ، فَمَن شَاء ذَكَرَهُ ، فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ ، مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ، كِرَامٍ بَرَرَةٍ .

? قوله تعالى : عبس وتولى.. أن جاءه الأعمى .. وما يدريك لعله يزكى .. أو يذّكر فتنفعه الذكرى .. أما من استغنى ،
المقصود هؤلاء سادة قريش المتكبرين الذين لا يريدون الله .
فأنت له تصدى .. وما عليك ألا يزكى ،
أنت مهتم فيه يا محمد هو حر لا يريد أن يؤمن ، فأنا الله العلي العظيم لا أجبرهم على الإيمان ، لهم يوم سيقفون بين يدي .

? وأما من جاءك يسعى ، والذي يريد يعرف أكثر عن الله ويزيد علمه .
وهو يخشى فأنت عنه تلهى ، لا ترد عليه
كلا إنها تذكرة .. فمن شاء ذكره .. في صحف مكرمة .. مرفوعة مطهرة .. بأيدي سفرة .. كرام بررة ، الدعوة إلى الله فقط تذكرة وكل إنسان حر يختار ما أراد..
أقدارنا كتبها الله لنا ، ماذا سنأكل ماذا نشرب ، أعمارنا ، من تتزوج ، مامهنتك .... إلخ ، كلها أقدار مكتوبة..
أما ما تختاره انت من عمل الخير والشر ، هذا أنت فيه مخير لم يكتبه الله عليك ، جعل لك عقل وقلب فأنت الذي تختار والرسل إنما جاءوا رحمة من الله لك لتذكيرك ووعظك .

سبحانك ما أعظمك يا الله كم المسلم قدره عظيم عند الله .

? فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآيات والمسلمون أخذوا يرددونها .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جالسا ً، ودخل عليه ابن أم مكتوم
وقف وابتسم وفتح ذراعيه مُرحباً
وقال له : يا مرحباً يا مرحباً بمن عاتبني فيه ربي ، وكان يكرمه صلى الله عليه وسلم غاية الإكرام ويجلسه بجانبه
وكان صلى الله عليه وسلم كثيراً يقرأ في صلاته الجهرية عبس وتولى ، ويقول له ابن أم مكتوم : تمنيت أن الله لم ينزلها ، من أنا حتى يعاتبك الله بي يا رسول الله ؟!!

? ولما هاجر صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة كان إذا أراد أن يخرج إلى غزوة أكثر شخص كان يوليه على المدينة ابن أم مكتوم ، فكان هو الملزم يصلي بالناس إمام في غياب النبي عن المدينة .
يقول الصحابة : استخلفه صلى الله عليه وسلم على المدينة أكثر من عشرين مرة ، فوالذي لا إله إلا هو ما سمعنا ابن أم مكتوم يوماً قرأ في صلاته الجهرية عبس وتولى أبداً ، فسألوه لم لا تقرأها
فقال : من أنا حتى أقرأ سورة عاتبت النبي من أجلي ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيراً يقرأها .

الأنوار المحمدية ❤
صلى الله عليه وسلم

يتبع بإذن الله ..،
 
عودة
أعلى