المطلب الأول: رؤية الهلال
الفرع الأول: طلب رؤية الهلال
يشرع ترائي الهلال في اليوم التاسع والعشرين ليلة الثلاثين
، ومن أهل العلم من يعبر باستحباب ذلك
ومنهم من يعبر بأنه فرض كفاية
.
الأدلة:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)). أخرجه البخاري ومسلم
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحصوا هلال شعبان لرمضان))
.
3- عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه عد ثلاثين يوماً ثم صام))
.
4- وقد حرص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته على رؤية هلال رمضان فكانوا يتراءونه
:
1- فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بصيامه))
.
2- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((كنا مع عمر بين مكة والمدينة، فتراءينا الهلال، وكنت رجلاً حديد البصر، فرأيته وليس أحدٌ يزعم أنه رآه غيري - قال - فجعلت أقول لعمر أما تراه؟ فجعل لا يراه - قال - يقول عمر: سأراه وأنا مستلقٍ على فراشي)). أخرجه مسلم
.
الفرع الثاني: العدد المعتبر في الرؤية
يكفي في ثبوت دخول رمضان شهادة عدلٍ واحد، وهو مذهب الشافعية
، والحنابلة
، وطائفةٍ من السلف
، وهو اختيار ابن باز
، وابن عثيمين
.
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بصيامه))
.
ثانياً: القياس
قياساً على الأذان، فالناس يفطرون بأذان الواحد، ويمسكون بأذان الواحد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)). أخرجه البخاري ومسلم
.
الفرع الثالث: اشتراط قوة البصر مع العدالة
يُشترَطُ في الرائي مع عدالته، قوةُ بصره
.
الأدلة:
1- عموم قوله تعالى حكايةً عن إحدى ابنتي صاحب مدين: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص: 26]
2- عموم قوله تعالى: قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل: 39]
وجه الدلالة من الآيتين:
أن القوة والأمانة شرطان أساسيان في العمل، ومن ذلك الشهادة، إذ لابد فيها من الأمانة التي تقتضيها العدالة، ولابد فيها من القوة التي يحصل بها إدراك المشهود به.
الفرع الرابع: من رأى هلال رمضان وحده ولم يشهد برؤيته، أو شهد ولم تقبل شهادته
المسألة الأولى: حكم من رأى الهلال وحده
من رأى هلال رمضان وحده، ولم يشهد برؤيته، أو شهد ولم تقبل شهادته، فقد اختلف فيه أهل العلم هل يصوم وحده أم لا؟ على قولين:
القول الأول: يصوم مع الناس
، إذا صاموا، ولا يبني على رؤيته، وهذا قولٌ لبعض السلف
، ورواية عن أحمد
، واختيار ابن تيمية
، وابن باز
.
الدليل:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون))
.
وجه الدلالة:
أن المعتبر في الصيام أو الإفطار هو الذي يثبت عند الناس، والشاهد الواحد إذا رأى الهلال ولم يحكم القاضي بشهادته، لا يكون هذا صوماً له، كما لم يكن للناس.
القول الثاني: يصوم بناءً على رؤيته
، وهو قول أكثر أهل العلم
واتفقت عليه المذاهب الفقهية: الحنفية
، والمالكية
، والشافعية
، والحنابلة
، والظاهرية
، وهو اختيار ابن عثيمين
.
الأدلة:
أولا: من الكتاب:
عموم قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185].
ثانيا: من السنة:
عموم حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا..)). أخرجه مسلم
.
وجه الدلالة:
أنه قد أمر بالصيام عند رؤية الهلال، ومن رآه لوحده داخلٌ في عموم الأمر بذلك.
المسألة الثانية: من رأى هلال رمضان وحده وهو في مكان ناءٍ ليس فيه أحد
من رأى هلال رمضان وحده وهو في مكانٍ ناءٍ ليس فيه أحد، فإنه يصوم، ويبني على رؤيته، ولا يرد عليه الخلاف السابق، ونص عليه ابن تيمية
، وابن باز
، وابن عثيمين
.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
عموم قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185]
ثانياً: من السنة:
عموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا..)). أخرجه مسلم
فمن رآه لوحده داخلٌ في عموم الأمر بذلك.
الفرع الخامس: اتفاق المطالع واختلافها
إذا رأى أهل بلدٍ الهلال، فقد اختلف أهل العلم هل يلزم الناس بالصوم بناءً على رؤية هذا البلد، أم أن لكل بلدٍ رؤية مستقلة؟ على أقوال، منها:
القول الأول: يجب الصوم على الجميع مطلقاً، وهو قول الجمهور من الحنفية
، والمالكية
، والحنابلة
، وهو اختيار ابن تيمية
، وابن باز
، والألباني
، وصدر على وَفقه قرار المجمع الفقهي
.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
عموم قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185]
وجه الدلالة:
أن الخطاب يشمل جميع الأمة، فإذا ثبت دخول الشهر في بلد، وجب على الجميع صومه.
ثانياً: من السنة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته)). أخرجه البخاري ومسلم
.
وجه الدلالة:
أن الحديث قد أوجب الصوم بمطلق الرؤية لجميع المسلمين، دون تحديد ذلك بمكانٍ معين.
القول الثاني: لا يجب الصوم على الجميع مع اختلاف المطالع، وإنما يجب على من رآه أو كان في حكمهم بأن توافقت مطالع الهلال، وهذا قول الشافعية
، وهو قول طائفةٍ من السلف
، واختاره الصنعاني
، وابن عثيمين
.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
عموم قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185]
وجه الدلالة:
أن الذين لا يوافقون في المطالع من شاهده، لا يُقال إنهم شاهدوه حقيقة ولا حكماً، والله تعالى أوجب الصوم على من شاهده.
ثانياً: من السنة:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)). أخرجه البخاري ومسلم
.
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّل الأمر في الصوم بالرؤية، ومن يخالف من رآه في المطالع، لا يقال إنه رآه لا حقيقةً ولا حكماً.
2- عن كريب ((أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا تكتفي - شك يحيى بن يحيى، أحد رواة الحديث، في نكتفي أو تكتفي - برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم)). أخرجه مسلم
.
ثالثاً: القياس:
فهناك اختلافٌ في التوقيت اليومي بين المسلمين بالنص والإجماع، فإذا طلع الفجر في المشرق، فلا يلزم أهل المغرب أن يمسكوا، ولو غابت الشمس في المشرق، فليس لأهل المغرب الفطر.
فكما أن المسلمين مختلفون في الإفطار والإمساك اليومي، فلا بد أن يختلفوا كذلك في الإمساك والإفطار الشهري.
الفرع السادس: الرؤية عبر الوسائل الحديثة
المسألة الأولى: حكم الاعتماد على الأقمار الصناعية في رؤية الهلال
لا يجوز الاعتماد على الأقمار الصناعية في رؤية الهلال؛ وذلك لأن الأقمار الصناعية تكون مرتفعةً عن الأرض التي هي محل ترائي الهلال
.
المسألة الثانية: حكم استعمال المراصد الفلكية لرؤية الهلال
يجوز استعمال المراصد الفلكية لرؤية الهلال كالدربيل وهو المنظار المقرِّب، ولكنه ليس بواجب
، فلو رأى الهلال عبرها من يُوثَقُ به فإنه يُعمل بهذه الرؤية، وهو اختيار ابن باز
، وابن عثيمين
، وبه صدر قرار هيئة كبار العلماء
، وهو قرار مجمع الفقه الإسلامي
.
الدليل:
عموم ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((.. فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)). أخرجه مسلم
وجه الدلالة:
أن هذه الرؤية تحصل باستعمال المراصد الفلكية.
الفرع السابع: من اشتبهت عليه الأشهر
المسألة الأولى: ما يلزم الأسير ونحوه من الاجتهاد والحالات المترتبة على اجتهاده
من عمي عليه خبر الهلال والشهور، كالسجين والأسير بدار الحرب وغيرهما، فإنه يجتهد ويتحرى الهلال
، ويصوم شهراً، وهذا قول عامة الفقهاء
، فهو مذهب الحنفية
، والمالكية
. والشافعية
، والحنابلة
، وقد حكى الماوردي إجماع السلف على ذلك
.
- فإن صام مجتهداً بما غلب على ظنه، فله أربع حالات:
1- أن يتبين له أن صومه وافق شهر رمضان، فصومه صحيح، ولا إعادة عليه؛ قياساً على من اجتهد في القبلة، وصلى وبان له صواب الاجتهاد، فإنه يجزئه، فكذلك الحال في الصوم إذا أدى هذه العبادة باجتهاد، فوجب إذا بان له صواب اجتهاده، أن يجزيه.
2- أن يستمر الإشكال عليه، فلا يعلم هل وافق الشهر أو تقدمه أو تأخره، فيجزئه ولا إعادة عليه؛ وذلك لأن الظاهر من الاجتهاد صحة الأداء، ما لم يتيقن الخطأ، وقد أدى ما عليه.
3- أن يتيبن له أن صومه كان قبل رمضان، فعليه الإعادة، وهو قول أكثر الفقهاء
؛ وذلك لأنه تعين له يقين الخطأ، فوجب أن يلزمه القضاء، كما لو بان له أداء الصلاة قبل الوقت، فإنه تلزمه الإعادة.
4- أن يتبين له أنه صام بعد نهاية شهر رمضان، فهذا يجزئه، ولا إعادة عليه
إلا فيما لا يصح صيامه كالعيدين
، فإن عليه أن يعيد الأيام التي لا يصح صيامها، وهو قول عامة الفقهاء
؛ وذلك لأن القضاء قد استقر في ذمته بفوات الشهر، ثم وافق صومه زمان القضاء.
المسألة الثانية: حكم صوم الأسير ونحوه من غير اجتهاد
إن صام الأسير ونحوه من غير اجتهاد، فلا يصح صومه، وعليه الإعادة، حتى وإن تبين له أن صومه وافق رمضان
، وهو قول الشافعية
؛ وذلك لأنه شرع في العبادة شاكًّا من غير مستند شرعي، فتعدى حدود الله تعالى، وفعل ما لم يُؤذَن له فيه.
الفرع الأول: طلب رؤية الهلال
يشرع ترائي الهلال في اليوم التاسع والعشرين ليلة الثلاثين
الأدلة:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)). أخرجه البخاري ومسلم
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحصوا هلال شعبان لرمضان))
3- عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه عد ثلاثين يوماً ثم صام))
4- وقد حرص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته على رؤية هلال رمضان فكانوا يتراءونه
1- فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بصيامه))
2- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((كنا مع عمر بين مكة والمدينة، فتراءينا الهلال، وكنت رجلاً حديد البصر، فرأيته وليس أحدٌ يزعم أنه رآه غيري - قال - فجعلت أقول لعمر أما تراه؟ فجعل لا يراه - قال - يقول عمر: سأراه وأنا مستلقٍ على فراشي)). أخرجه مسلم
الفرع الثاني: العدد المعتبر في الرؤية
يكفي في ثبوت دخول رمضان شهادة عدلٍ واحد، وهو مذهب الشافعية
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بصيامه))
ثانياً: القياس
قياساً على الأذان، فالناس يفطرون بأذان الواحد، ويمسكون بأذان الواحد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)). أخرجه البخاري ومسلم
الفرع الثالث: اشتراط قوة البصر مع العدالة
يُشترَطُ في الرائي مع عدالته، قوةُ بصره
الأدلة:
1- عموم قوله تعالى حكايةً عن إحدى ابنتي صاحب مدين: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص: 26]
2- عموم قوله تعالى: قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل: 39]
وجه الدلالة من الآيتين:
أن القوة والأمانة شرطان أساسيان في العمل، ومن ذلك الشهادة، إذ لابد فيها من الأمانة التي تقتضيها العدالة، ولابد فيها من القوة التي يحصل بها إدراك المشهود به.
الفرع الرابع: من رأى هلال رمضان وحده ولم يشهد برؤيته، أو شهد ولم تقبل شهادته
المسألة الأولى: حكم من رأى الهلال وحده
من رأى هلال رمضان وحده، ولم يشهد برؤيته، أو شهد ولم تقبل شهادته، فقد اختلف فيه أهل العلم هل يصوم وحده أم لا؟ على قولين:
القول الأول: يصوم مع الناس
الدليل:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون))
وجه الدلالة:
أن المعتبر في الصيام أو الإفطار هو الذي يثبت عند الناس، والشاهد الواحد إذا رأى الهلال ولم يحكم القاضي بشهادته، لا يكون هذا صوماً له، كما لم يكن للناس.
القول الثاني: يصوم بناءً على رؤيته
الأدلة:
أولا: من الكتاب:
عموم قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185].
ثانيا: من السنة:
عموم حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا..)). أخرجه مسلم
وجه الدلالة:
أنه قد أمر بالصيام عند رؤية الهلال، ومن رآه لوحده داخلٌ في عموم الأمر بذلك.
المسألة الثانية: من رأى هلال رمضان وحده وهو في مكان ناءٍ ليس فيه أحد
من رأى هلال رمضان وحده وهو في مكانٍ ناءٍ ليس فيه أحد، فإنه يصوم، ويبني على رؤيته، ولا يرد عليه الخلاف السابق، ونص عليه ابن تيمية
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
عموم قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185]
ثانياً: من السنة:
عموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا..)). أخرجه مسلم
فمن رآه لوحده داخلٌ في عموم الأمر بذلك.
الفرع الخامس: اتفاق المطالع واختلافها
إذا رأى أهل بلدٍ الهلال، فقد اختلف أهل العلم هل يلزم الناس بالصوم بناءً على رؤية هذا البلد، أم أن لكل بلدٍ رؤية مستقلة؟ على أقوال، منها:
القول الأول: يجب الصوم على الجميع مطلقاً، وهو قول الجمهور من الحنفية
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
عموم قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185]
وجه الدلالة:
أن الخطاب يشمل جميع الأمة، فإذا ثبت دخول الشهر في بلد، وجب على الجميع صومه.
ثانياً: من السنة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته)). أخرجه البخاري ومسلم
وجه الدلالة:
أن الحديث قد أوجب الصوم بمطلق الرؤية لجميع المسلمين، دون تحديد ذلك بمكانٍ معين.
القول الثاني: لا يجب الصوم على الجميع مع اختلاف المطالع، وإنما يجب على من رآه أو كان في حكمهم بأن توافقت مطالع الهلال، وهذا قول الشافعية
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
عموم قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185]
وجه الدلالة:
أن الذين لا يوافقون في المطالع من شاهده، لا يُقال إنهم شاهدوه حقيقة ولا حكماً، والله تعالى أوجب الصوم على من شاهده.
ثانياً: من السنة:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)). أخرجه البخاري ومسلم
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّل الأمر في الصوم بالرؤية، ومن يخالف من رآه في المطالع، لا يقال إنه رآه لا حقيقةً ولا حكماً.
2- عن كريب ((أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا تكتفي - شك يحيى بن يحيى، أحد رواة الحديث، في نكتفي أو تكتفي - برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم)). أخرجه مسلم
ثالثاً: القياس:
فهناك اختلافٌ في التوقيت اليومي بين المسلمين بالنص والإجماع، فإذا طلع الفجر في المشرق، فلا يلزم أهل المغرب أن يمسكوا، ولو غابت الشمس في المشرق، فليس لأهل المغرب الفطر.
فكما أن المسلمين مختلفون في الإفطار والإمساك اليومي، فلا بد أن يختلفوا كذلك في الإمساك والإفطار الشهري.
الفرع السادس: الرؤية عبر الوسائل الحديثة
المسألة الأولى: حكم الاعتماد على الأقمار الصناعية في رؤية الهلال
لا يجوز الاعتماد على الأقمار الصناعية في رؤية الهلال؛ وذلك لأن الأقمار الصناعية تكون مرتفعةً عن الأرض التي هي محل ترائي الهلال
المسألة الثانية: حكم استعمال المراصد الفلكية لرؤية الهلال
يجوز استعمال المراصد الفلكية لرؤية الهلال كالدربيل وهو المنظار المقرِّب، ولكنه ليس بواجب
الدليل:
عموم ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((.. فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)). أخرجه مسلم
وجه الدلالة:
أن هذه الرؤية تحصل باستعمال المراصد الفلكية.
الفرع السابع: من اشتبهت عليه الأشهر
المسألة الأولى: ما يلزم الأسير ونحوه من الاجتهاد والحالات المترتبة على اجتهاده
من عمي عليه خبر الهلال والشهور، كالسجين والأسير بدار الحرب وغيرهما، فإنه يجتهد ويتحرى الهلال
- فإن صام مجتهداً بما غلب على ظنه، فله أربع حالات:
1- أن يتبين له أن صومه وافق شهر رمضان، فصومه صحيح، ولا إعادة عليه؛ قياساً على من اجتهد في القبلة، وصلى وبان له صواب الاجتهاد، فإنه يجزئه، فكذلك الحال في الصوم إذا أدى هذه العبادة باجتهاد، فوجب إذا بان له صواب اجتهاده، أن يجزيه.
2- أن يستمر الإشكال عليه، فلا يعلم هل وافق الشهر أو تقدمه أو تأخره، فيجزئه ولا إعادة عليه؛ وذلك لأن الظاهر من الاجتهاد صحة الأداء، ما لم يتيقن الخطأ، وقد أدى ما عليه.
3- أن يتيبن له أن صومه كان قبل رمضان، فعليه الإعادة، وهو قول أكثر الفقهاء
4- أن يتبين له أنه صام بعد نهاية شهر رمضان، فهذا يجزئه، ولا إعادة عليه
المسألة الثانية: حكم صوم الأسير ونحوه من غير اجتهاد
إن صام الأسير ونحوه من غير اجتهاد، فلا يصح صومه، وعليه الإعادة، حتى وإن تبين له أن صومه وافق رمضان