حبيب بن زيد .. أسطورة فداء و حب
في بيعة العقبة الثانية و التي بايع الرسول صلى الله عليه و سلم فيها سبعين رجلاً و سيدتين من أهل المدينة ، كان حبيبُ بن زيدو أبوه زيد بن عاصم رضي الله عنهما من السبعين المباركين ..
و كانت أمه نسيبة بنت كعب أولى السيدتين اللتين بايعتا رسول الله صلى الله عليه و سلم .. أما السيدة الثانية فكانت خالته ..!!
هو إذاً مؤمنٌ عريقٌ جرى الإيمانُ في أصلابه و ترائبه ..
في بيعة العقبة الثانية و التي بايع الرسول صلى الله عليه و سلم فيها سبعين رجلاً و سيدتين من أهل المدينة ، كان حبيبُ بن زيدو أبوه زيد بن عاصم رضي الله عنهما من السبعين المباركين ..
و كانت أمه نسيبة بنت كعب أولى السيدتين اللتين بايعتا رسول الله صلى الله عليه و سلم .. أما السيدة الثانية فكانت خالته ..!!
هو إذاً مؤمنٌ عريقٌ جرى الإيمانُ في أصلابه و ترائبه ..
و لقد عاش إلى جوار رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد هجرته إلى المدينة لا يتخلف عن غزوة ، و لا يقعد عن واجب ..
**
و ذات يوم شهد جنوب الجزيرة العربية كذابين عاتيين يدَّعيان النبوة و يسوقان الناس إلى الضلال ..
خرج أحدُهما بصنعاء ، و هو الأسود بن كعب العنسي ..
و خرج الثاني باليمامة ، و هو مسيلمة الكذاب ..
و راح الكذابان يحرِّضان الناس على المؤمنين الذين استجابوا لله و للرسول في قبائلهما ، ويحرِّضان على مبعوثي رسول الله إلى تلك الديار ..
و ذات يوم شهد جنوب الجزيرة العربية كذابين عاتيين يدَّعيان النبوة و يسوقان الناس إلى الضلال ..
خرج أحدُهما بصنعاء ، و هو الأسود بن كعب العنسي ..
و خرج الثاني باليمامة ، و هو مسيلمة الكذاب ..
و راح الكذابان يحرِّضان الناس على المؤمنين الذين استجابوا لله و للرسول في قبائلهما ، ويحرِّضان على مبعوثي رسول الله إلى تلك الديار ..
و أكثر من هذا ، راحا يشوِّشان على النبوة نفسها ، و يعيثان في الأرض فساداً و ضلالاً ..
**
و فوجئ الرسول يوماً بمبعوثٍ بعثه مسيلمةُ يحملُ منه كتاباً يقول فيه : " من مسيلمة رسول الله ، إلى محمد رسول الله .. سلام عليك .. أما بعد ، فإني قد أُشركتُ في الأمر معك ، و إنَّ لنا نصف الأرض ، و لقريش نصفها ، و لكنَّ قريشاً قومٌ يعتدون " .. !!!
و دعا رسول الله أحد أصحابه الكاتبين ، وأملى عليه ردَّه على مسيلمة :
" بسم الله الرحمن الرحيم ..
من محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب .. السلام على من اتبع الهدى ..أما بعد ، فإنَّ الأرض لله يورثها من يشاءمن عباده ، و العاقبة للمتقين " .. !!
و جاءت كلمات الرسول هذه كفلق الصبح .. ففضحتْ كذَّاب بني حنيفة الذي ظنَّ النبوَّة ملكاً ، فراح يطالبُ بنصف الأرض و نصف العباد .. !
و فوجئ الرسول يوماً بمبعوثٍ بعثه مسيلمةُ يحملُ منه كتاباً يقول فيه : " من مسيلمة رسول الله ، إلى محمد رسول الله .. سلام عليك .. أما بعد ، فإني قد أُشركتُ في الأمر معك ، و إنَّ لنا نصف الأرض ، و لقريش نصفها ، و لكنَّ قريشاً قومٌ يعتدون " .. !!!
و دعا رسول الله أحد أصحابه الكاتبين ، وأملى عليه ردَّه على مسيلمة :
" بسم الله الرحمن الرحيم ..
من محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب .. السلام على من اتبع الهدى ..أما بعد ، فإنَّ الأرض لله يورثها من يشاءمن عباده ، و العاقبة للمتقين " .. !!
و جاءت كلمات الرسول هذه كفلق الصبح .. ففضحتْ كذَّاب بني حنيفة الذي ظنَّ النبوَّة ملكاً ، فراح يطالبُ بنصف الأرض و نصف العباد .. !
و حمل مبعوث مسيلمة ردّ الرسول عليه السلام إلى مسيلمة الذي ازداد ضلالاً و إضلالاً ..
**
و مضى الكذب ينشر إفكه و بهتانه ، و ازداد أذاه للمؤمنين و تحريضه عليهم ، فرأى الرسول أن يبعث إليه رسالةً ينهاه فيها عن حماقاته ..
و وقع اختياره على حبيب بنزيد ليحمله الرسالة إلى مسيلمة ..
و مضى الكذب ينشر إفكه و بهتانه ، و ازداد أذاه للمؤمنين و تحريضه عليهم ، فرأى الرسول أن يبعث إليه رسالةً ينهاه فيها عن حماقاته ..
و وقع اختياره على حبيب بنزيد ليحمله الرسالة إلى مسيلمة ..
و سافر حبيب يغذّ الخطى ، مغتبطا بالمهمة الجليلة التي ندبه إليها رسول الله صلى الله عليه و سلم ممنِّياً نفسه بأنْ يهتدي إلى الحقِّ قلبُ مسيلمة فيذهب حبيبٌ بعظيم الأجر و المثوبة .
**
و بلغ المسافرُ غايته .. و فضَّ مسيلمةُ الكذابُ الرسالةَ التي أعشاه نورُها ، فازدادَ إمعاناً في ضلاله وغروره ..
و لما لم يكنْ مسيلمةُ أكثر منْ أفَّاق دعيّ ، فقد تحلى بكلِّ صفات الأفَّاقين الأدعياء .. !!
و هكذا لم يكنْ معه من المروءة و لا من العروبة و الرُّجولة ما يردُّه عن سفك دم رسولٍ يحملُ رسالةً مكتوبةً .. الأمر الذي كانتِ العربُ تحترِّمه و تقدِّسه .. !!
و أرادَ قدرُ هذا الدين العظيم - الإسلام - أنْ يضيفَ إلى دروس العظمة و البطولة التي يلقيها على البشرية بأسرها ، درساً جديداً موضوعُه هذه المرَّة ، و أستاذُه أيضاً ، حبيب بن زيد .. !!
**
جمعَ الكذابُ مسيلمةُ قومَه ، و ناداهم إلى يومٍ منْ أيامه المشهودة ..
و بلغ المسافرُ غايته .. و فضَّ مسيلمةُ الكذابُ الرسالةَ التي أعشاه نورُها ، فازدادَ إمعاناً في ضلاله وغروره ..
و لما لم يكنْ مسيلمةُ أكثر منْ أفَّاق دعيّ ، فقد تحلى بكلِّ صفات الأفَّاقين الأدعياء .. !!
و هكذا لم يكنْ معه من المروءة و لا من العروبة و الرُّجولة ما يردُّه عن سفك دم رسولٍ يحملُ رسالةً مكتوبةً .. الأمر الذي كانتِ العربُ تحترِّمه و تقدِّسه .. !!
و أرادَ قدرُ هذا الدين العظيم - الإسلام - أنْ يضيفَ إلى دروس العظمة و البطولة التي يلقيها على البشرية بأسرها ، درساً جديداً موضوعُه هذه المرَّة ، و أستاذُه أيضاً ، حبيب بن زيد .. !!
**
جمعَ الكذابُ مسيلمةُ قومَه ، و ناداهم إلى يومٍ منْ أيامه المشهودة ..
و جِيءَ بمبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيب بن زيد، يحملُ آثارَ تعذيبٍ شديدٍ أنزلَه به المجرمون ، مؤمِّلين أنْ يسلبوا شجاعةَ روحهِ ، فيبدو أمام الجميع متخاذلاً مستسلماً ، مسارعاً إلى الإيمان بمسيلمة حين يُدعى إلى هذا الإيمان أمام الناس .. و بهذا يحقِّق الكذابُ الفاشلُ معجزةً موهومةً أمام المخدوعين به ..
قالَ مسيلمةُ لـحبيب : أتشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله .. ؟
و قال حبيب : نعم أشهد أنَّ محمداً رسولُ الله .
و كستْ صفرةُ الخزي وجهَ مسيلمةَ ، و عادَ يسألُ : و تشهدُ أني رسولُ الله .. ؟؟
وأجاب حبيب في سخريةٍ قاتلةٍ : إني لا أسمع شيئاً .. !!
و تحوَّلت صفرةُ الخزي على وجه مسيلمة إلى سواد حاقد مخبول ..
لقد فشلتْ خطَّته ، و لم يُجدِه تعذيبه ، وتلقَّى أمام الذين جمعهم ليشهدوا معجزته .. تلقَّى لطمةً قويةً أسقطتْ هيبته الكاذبة في الوحل ..
هنالك هاج كالثور المذبوح ، و نادى جلادَه الذي أقبل ينخسُ جسدَ حبيب بسنِّ سيفهِ ..
ثم راح يقطعُ جسدَه قطعةً قطعة ، و بضعةً بضعة ، و عضواً عضوا ..
و قال حبيب : نعم أشهد أنَّ محمداً رسولُ الله .
و كستْ صفرةُ الخزي وجهَ مسيلمةَ ، و عادَ يسألُ : و تشهدُ أني رسولُ الله .. ؟؟
وأجاب حبيب في سخريةٍ قاتلةٍ : إني لا أسمع شيئاً .. !!
و تحوَّلت صفرةُ الخزي على وجه مسيلمة إلى سواد حاقد مخبول ..
لقد فشلتْ خطَّته ، و لم يُجدِه تعذيبه ، وتلقَّى أمام الذين جمعهم ليشهدوا معجزته .. تلقَّى لطمةً قويةً أسقطتْ هيبته الكاذبة في الوحل ..
هنالك هاج كالثور المذبوح ، و نادى جلادَه الذي أقبل ينخسُ جسدَ حبيب بسنِّ سيفهِ ..
ثم راح يقطعُ جسدَه قطعةً قطعة ، و بضعةً بضعة ، و عضواً عضوا ..
و البطلُ العظيمُ لا يزيدُ على همهمةٍ يردِّد بها نشيدَ إسلامه: " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ..
**
لو أنَّ حبيباً أنقذَ حياته يومئذ بشيءٍ منَ المسايرة الظاهرة لمسيلمة ، طاوياً على الإيمان صدرَه ، لما نقضَ ايمانه شيئاً ، و لا أصابَ إسلامه سوء ..
و لكنَّ الرجلَ الذي شهدَ مع أبيه ، و أمه ، و خالته ، و أخيه بيعة العقبة ، و الذي حملَ منذ تلك اللحظات الحاسمة المباركة مسؤولية بيعته و إيمانه كاملةً غير منقوصة ، ما كان له أنْ يوازنَ لحظةً من نهار بين حياته و مبدئه ..
لو أنَّ حبيباً أنقذَ حياته يومئذ بشيءٍ منَ المسايرة الظاهرة لمسيلمة ، طاوياً على الإيمان صدرَه ، لما نقضَ ايمانه شيئاً ، و لا أصابَ إسلامه سوء ..
و لكنَّ الرجلَ الذي شهدَ مع أبيه ، و أمه ، و خالته ، و أخيه بيعة العقبة ، و الذي حملَ منذ تلك اللحظات الحاسمة المباركة مسؤولية بيعته و إيمانه كاملةً غير منقوصة ، ما كان له أنْ يوازنَ لحظةً من نهار بين حياته و مبدئه ..
و منْ ثمَّ لم يكنْ أمامه لكي يربحَ حياته كلَّها مثل هذه الفرصة الفريدة التي تمثَّلتْ فيها قصةُ إيمانه كلها .. ثبات ، وعظمة ، و بطولة ، و تضحية ، و استشهاد في سبيل الهدى و الحق يكاد يفوقُ في حلاوته و في روعته كلَّ ظفرٍ و كلَّ انتصار .. !!
**
و بلغَ رسول الله صلى الله عليه و سلم نبأ استشهاد مبعوثه الكريم ، و اصطبر لحكم ربه ، فهو يرى بنور الله مصيرَ هذا الكذاب مسيلمة ، و يكاد يرى مصرعَه رأيَ العين ..
أما نسيبة بنت كعب أم حبيب فقد ضغطتْ على أسنانها طويلاً ، ثم أطلقتْ يميناً مبرَّراً لتثأرنَّ لولدها منْ مسيلمة ذاته ، و لتغوصنَّ في لحمهِ الخبيثِ برمحها و سيفها ..
و دارتْ منَ الزمان دورةٌ قصيرةٌ .. جاءتْ على أثرها الموقعةُ الخالدةُ ، موقعةُ اليمامة ..
و جهَّز أبو بكر الصدّيق خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم جيشَ الإسلام الذاهب إلى اليمامة حيثُ أعدَّ مسيلمة أضخم جيش ..
و خرجتْ نسيبةُ مع الجيش ..
و ألقتْ بنفسها في خضمِّ المعركة ، في يمناها سيف ، و في يُسراها رمح ، و لسانها لا يكفُّ عن الصياح :
و بلغَ رسول الله صلى الله عليه و سلم نبأ استشهاد مبعوثه الكريم ، و اصطبر لحكم ربه ، فهو يرى بنور الله مصيرَ هذا الكذاب مسيلمة ، و يكاد يرى مصرعَه رأيَ العين ..
أما نسيبة بنت كعب أم حبيب فقد ضغطتْ على أسنانها طويلاً ، ثم أطلقتْ يميناً مبرَّراً لتثأرنَّ لولدها منْ مسيلمة ذاته ، و لتغوصنَّ في لحمهِ الخبيثِ برمحها و سيفها ..
و دارتْ منَ الزمان دورةٌ قصيرةٌ .. جاءتْ على أثرها الموقعةُ الخالدةُ ، موقعةُ اليمامة ..
و جهَّز أبو بكر الصدّيق خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم جيشَ الإسلام الذاهب إلى اليمامة حيثُ أعدَّ مسيلمة أضخم جيش ..
و خرجتْ نسيبةُ مع الجيش ..
و ألقتْ بنفسها في خضمِّ المعركة ، في يمناها سيف ، و في يُسراها رمح ، و لسانها لا يكفُّ عن الصياح :
" أين عدوّ الله مسيلمة " .. ؟؟
من كتاب " رجال حول الرسول "
منقول