الابـــــتـداء بالنـــــكـــرة في اللغة العربية

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

? الابـــــتـداء بالنـــــكـــرة ?
#أبومالك_وعاصم
يمكن حصر مواضع جواز الابتداء بالنكرة المخصصة أو المحددة أو الشاملة فى المواضع الآتية :

الأول : أن تكون النكرة وصفا :

أي : إذا كانت النكرة صفة مشتقة فإنه يجوز الابتداء بها ؛ لأن الصفة المشتقة تدلّ على الصفة وصاحبها ، من ذلك قولهم : ضعيف عاذ بقرملة ، أى : حيوان ضعيف. (ضعيف) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية (عاذ) فى محل رفع ، خبر المبتدإ.

ومنه أن تقول : فاهم أجاب عن السؤال. أى : طالب فاهم ، وذو علم أتانا ، أى : رجل ذو علم ، حيث (ذو) فيها معنى الصفة المشتقة ؛ لأنها بمعنى : (صاحب).

الثاني : أن تكون النكرة عاملة فيما بعدها :

إذا كانت النكرة عاملة فيما بعدها بالرفع أو النصب أو الجرّ فإنه يجوز الابتداء بها.

وهذه يمكن أن تلحق بما قبلها ، حيث تتضمن الصفة المشتقة والمصدر والمضاف.

أما الصفة المشتقة فهى جائزة الابتداء بها إذا كانت نكرة مطلقا ، هذا من جانب ، ومن وجه آخر فإن الصفة المشتقة تعمل بعد نفى واستفهام ، وهما مسوغان للابتداء بالنكرة.

أما المصدر فإنه بإعماله فيما بعده يفيد معنى التخصيص ، حيث التعلق به.

وأما الإضافة فقد اتضح ما فيها من تخصيص.

ومن ذلك :
ـ أفاهم الطالبان؟
ـ أكاتب الدرس حاضر؟
ـ أمر بمعروف صدقة.
ـ غلام امرأة جاءنى.
ـ خمس صلوات كتبهنّ الله.

(فاهم) : اسم فاعل عامل فيما بعده بالرفع ، حيث (الطالبان) فاعل له ، و (فاهم) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو نكرة ، و (الطالبان) : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الألف ، وهو سادّ مسدّ الخبر.

(كاتب) اسم فاعل عامل فيما بعده بالنصب ، وهو مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وتلحظ أنه نكرة ، خبره (حاضر).

(أمر) مصدر نكرة ، وهو مبتدأ ، وجاز الابتداء بالنكرة فى هذا الموضع لأنها عاملة فيما بعده ، حيث تتعلق شبه الجملة (بمعروف) بالمصدر (أمر).

أما (غلام) فإنها نكرة عاملة فيما بعدها بالجرّ على الإضافة ، وكذلك (خمس) مبتدأ ، وهو نكرة عاملة فيما بعدها بالجر.

ومنه قولك : رغبة فى الخير خير ، ما مفهوم القولان. أحاضر المسؤولان؟

الثالث : أن تكون النكرة موصوفة بظاهر :

حيث الصفة للنكرة تقربها من المعرفة لأنها تخصصها ، ومثال ذلك : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) [الأنعام : ٢] (أجل) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، و (مسمى) نعت لأجل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وشبه جملة (عنده) فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، أو متعلقة بخبر محذوف.
ومنه : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) [البقرة : ٢٢١] (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) [البقرة : ٢٢١].

لاعب يدقق في تمريراته سيشترك فى هذه المباراة.

مواطن يخلص فى عمله كلّفناه بهذا العمل الجاد.

كلّ من (أمة ، وعبد ، ولاعب ، ومواطن) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وكل منها نكرة موصوفة بالصفات : (مؤمنة ، مؤمن ، الجملة الفعلية : يدقق ، الجملة الفعلية : يخلص). أما الأخبار فهى على الترتيب : (خير ، خير ، الجملة الفعلية : سيشترك ، الجملة الفعلية : كلفناه).

الرابع : أن تكون النكرة موصوفة بمقدر :

أى : تكون النكرة موصوفة بصفة غير مذكورة تقدر طبقا للسياق وواقع الحال.

ويمثل لذلك بالقول : السمن منوان بدرهم ، أى : منوان منه ، فيكون منوان مبتدأ مرفوعا ، وعلامة رفعه الألف ؛ لأنه مثنى ، وهو نكرة وجاز الابتداء بالنكرة فى هذا الموضع لتقدير صفة محذوفة ، هى شبه الجملة المقدرة : منه.

ومنه أن تقول فى سياق حال : ورجل أقبل إلينا ، والتقدير : رجل آخر ، أو : مقصود ، أو : غير ذلك من الصفات.

الخامس : أن تكون النكرة مضافة :

حيث الإضافة تقرب النكرة من المعرفة ؛ لأنها تخصصها ، فيجوز الابتداء بها ـ حينئذ ـ ومنه أن تقول : أخو صديق زارنى ، (أخو) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف و (صديق) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. والخبر هو الجملة الفعلية (زارنى).

ومنه قولك : كتاب مادة وجدته ، باب حجرة مفتوح.

ومنه كذلك : غيرك يفعل ذلك. ومثلك محبوب من الجميع ، حيث لا تتعرف (غير ومثل) بالإضافة إلى المعرفة ؛ لأنهما مستغرقتان فى الإبهام ، ولكنهما حال

إضافتهما إليها تكونان مخصصتين. وكل منهما مبتدأ ، وخبرهما على الترتيب : الجملة الفعلية (يفعل) ، والاسم المرفوع (محبوب).

ومنه قوله ـ تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران : ١٨٥].

ومما أضيف إلى النكرة ويسوغ الابتداء به ما يضاف إلى الأسماء النكرة ذات الدلالات الخاصة ، من مثل معانى الكثرة والقلة والضعف والقوة والذلة والخسة والعظمة ... إلخ ، فتقول : أقوى رجل موجود ، أعظم عالم محاضر اليوم ، أذلّ مواطن لصّ ..... حيث كلّ من (أقوى ، وأعظم ، وأذل) مبتدأ ، وهو نكرة مضافة إلى نكرة بعدها.

السادس : أن تكون النكرة مصغرة :

الاسم المصغر إنما هو اسم وصفة محددة ، هى (صغير) ، فهو موصوف بمقدر ثابت اللفظ والمعنى ؛ لذا فإن الاسم المصغر النكرة يكون مخصصا من قبيل الاسم الموصوف. ذلك نحو : رجيل جاءنى ، أى : رجل صغير ، فيكون (رجيل) مبتدأ مرفوعا ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو نكرة ، خبره الجملة الفعلية (جاءنى).

وتقول : كتيّب قرأته ، وطفيل عطفت عليه ، ودريس ذاكرته ، وقطيط رأيته.

كلّ من النكرات المصغرة : (كتيب ، طفيل ، دريس ، قطيط) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

السابع : أن تدلّ النكرة على محدّد :

المحدد فيه معنى التخصيص : إما بتحديده ، وإما بتقدير صفة ، فإذا قلت : طابق بمائة جنيه ، وطابقان بمائتين ، فإن كلّا من النكرتين : (طابق وطابقان) مبتدأ مرفوع ، علامة رفع أولهما الضمة ، وعلامة رفع ثانيهما الألف ، وتلمس فيهما معنى التخصيص ، فالتقدير : طابق واحد ، وطابقان اثنان.

الثامن : أن يكون فى النكرة معنى الحصر :

يمثل النحاة لذلك بقولهم : شىء ما جاء بك ، حيث (شىء) نكرة مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وتقديرهم : ما جاء بك إلا شىء ، والحصر إنما هو تخصيص لأنه قصر. لكن النكرة فى مثل هذا التركيب تلمس فيها صفة مقدرة تقربها من المعرفة ، حيث التقدير : شىء مهم ، أو ملحّ ، أو غير ذلك.

وتقول : متفرج حضر. (متفرج) النكرة مبتدأ مرفوع ، والتقدير : ما حضر إلا متفرج ، ويمكن أن تقدر : متفرج واحد ، أو : مهتم ...

ومنه قولهم : شرّ أهرّ ذا ناب ، حيث المعنى : ما أهرّ ذا ناب إلا شرّ .

التاسع : أن تدلّ النكرة على تنويع وتفصيل :

مثل ذلك القول : يوم لنا ويوم علينا. حيث تجد معنى التنويع والتفصيل فى القول ، حيث هما يومان ، وفصّلا أو نوّعا ، و (يوم) فى الموضعين نكرة مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. خبر الأول شبه جملة (لنا) ، وخبر الثانى شبه جملة (علينا) ، أو ما يتعلق به شبه الجملة.

ويمكن لك أن تلتمس النعت التقديرىّ فى المعنى كأن يكون : يوم من الأيام ، أو يوم جميل أو سعيد ، ويوم مشئوم أو حزين. ، كما أن فى التفصيل والتنويع تخصيصا.

ومنه أن تقول : واحد يخصّنا ، وآخر يخصّهم ، سؤال لنا ، وسؤال للفريق الآخر.

ومنه قولهم : (شهر ثرى ، وشهر ترى ، وشهر مرعى) .

ومنه قول النمر بن تولب العكلى :

فيوم علينا ويوم لنا ** ويوم نساء ويوم نسرّ

وفيه (يوم) فى المواضع الأربعة مبتدأ ، وهو نكرة تدل على تنويع وتفصيل ، والخبر على الترتيب شبها الجملة (علينا ، لنا).

والجملتان الفعليتان (نساء ، نسر) ، والتقدير : نساء فيه ، نسر فيه.

وقول امرئ القيس :

فأقبلت زحفا على الركبتي ** ن فثوب لبست وثوب أجرّ

وفيه (ثوب) نكرة دلت على التفصيل والتنويع ، فجاز أن تكون مبتدأ ، خبره فى الموضعين الجملتان الفعليتان (لبست ، وأجر) ، والتقدير : لبسته وأجره.

ومنه قول الأعشى :

يداك يدا مجد فكفّ مفيدة ** وكفّ إذا ما ضنّ بالمال تنفق

(كف) فى موضعيها مبتدأ ، وهى نكرة ، وجاز الابتداء بها لأنها تفصيل بعد تعميم موجود فى قوله : (يداك يدا مجد) ، والخبران على الترتيب : (مفيدة) ، والتركيب الشرطى (إذا ما ضن بالمال تنفق).

العاشر ـ أن يكون فى معنى النكرة خرق للعادة :

مثل ذلك قولهم : شجرة سجدت. بقرة تكلّمت. حيث كلّ من (شجرة وبقرة) نكرة ، وهى مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبرهما على الترتيب : الجملة الفعلية (سجدت) ، والجملة الفعلية (تكلمت).

وفى الاسم النكرة إذا تضمن معنى الخرق للعادة تعريف ضمنى ؛ لأنه لا يكون إلا واحدا ، ففى النكرة التى تحمل هذا المعنى تخصيص ، كما أن فى علاقة الخبر بالمبتدإ ـ حينئذ ـ إثارة للعجب ، وقد تلتمس فيها النعت المقدر أو المحذوف. كأن تقدر : شجرة واحدة ، أو شجرة معجزة ، أو شجرة خارقة ، وكذلك التقدير فى (بقرة).

الحادي عشر : أن تدلّ النكرة على معنى العجب ولفظه :

إذا قلت : عجب لعبد لا يكرّم نفسه. فإن النكرة (عجب) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره الجملة الفعلية المنفية (لا يكرم).

ويمكن لك أن تدرك فى النكرة فى هذا التركيب معنى التعريف عن طريق الإضافة الذهنية ، فالتقدير : عجبنا ، أو : عجبى ، أو غير ذلك ، ومنه قول الشاعر :

عجب لتلك قضية وإقامتى ** فيكم على تلك القضية أعجب

وفيه النكرة (عجب) مبتدأ مرفوع ، خبره شبه الجملة (لتلك) ، أو ما تعلق به شبه الجملة من محذوف.

الثاني عشر : أن تكون النكرة اسم تفضيل :

معنى التفضيل صفة مبهمة تتحدد بذكر المفضل والمفضل عليه ؛ ولذا إذا كان

المبتدأ اسم تفضيل فإنه يجوز أن يكون نكرة ، كقولك : خير منك خير من صديقك. أضعف منك رجل لا يحمل ذلك.

الثالث عشر : أن تكون النكرة جوابا لما يستفهم عنه :

المسؤول عنه مجهول ، والمجاب به عنه هو المطلوب معرفته ، سواء أكان ذلك على قدر طلب السائل ، أم كان على قدر علم المجيب ، وعلى كلّ يجوز الابتداء بالنكرة فى الجواب ؛ لأنه المطلوب أو المتاح ، ذلك نحو : صديق. فى جواب : من عندك؟ والتقدير : عندى صديق. فتكون النكرة (صديق) مبتدأ ، خبره محذوف دلّ عليه السؤال.

وتقول : قلم. فى جواب : ما ذا فى يدك؟ وكراستان وكتاب. فى جواب : ما ذا أمامك؟

الرابع عشر : أن تدلّ النكرة على معنى الدعاء :

الدعاء تخصيص ، حيث تحديد جهة معناه ، أو انتسابه إلى مقدر ، من ذلك : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) [الصافات : ١٣٠].

(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١].

كلّ من : (سلام ، وويل ، ورحمة) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وكلها نكرات دالة على الدعاء ، وتلمس فى كلّ منها التخصيص ، إما بتقدير محذوف مضاف ، أو نعت : سلام من الله ، أو : سلام الله ... إلخ ، وإما بكونها للدعاء ، فتحددت جهة معناها.

ومنه قول الشاعر :

لقد ألب الواشون ألبا لبينهم ** فترب لأفواه الوشاة وجندل

حيث قوله : (فترب لأفواه الوشاة وجندل) دعاء.

ومنه قوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)[الهمزة : ١] حيث (ويل) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو نكرة. وكذلك : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) [الصافات : ٧٩](سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) [الرعد : ٣٤].

الخامس عشر : أن تكون النكرة مختصة بما تقدم عليها من خبر :

وذلك بأن يكون المبتدأ النكرة مؤخرا ، وقد تقدم عليه الخبر وهو شبه جملة أو جملة ، حيث اختصاص المبتدإ بتقديم الخبر عليه ؛ لأن الخبر إنما هو تخصيص للمبتدإ. ذلك نحو :(وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) [ق : ٣] شبه جملة (لدينا) فى محلّ رفع ، خبر مقدم ، أو متعلقة بخبر محذوف ، و (مزيد) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو نكرة اختصّت بتقديم الخبر.

ومثله قوله تعالى : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) [البقرة : ٧] والقول : قصدك غلامه رجل ، حيث (رجل) نكرة مبتدأ مؤخر ، خبره المتقدم الجملة الفعلية (قصدك غلامه) ، فتخصصت النكرة بهذا التقدم.

السادس عشر : أن يقصد بالنكرة عموم وشمول :

العموم والشمول فيهما حصر ؛ لأن العموم والشمول يجمعان كل أفراد الاسم العام أو الشامل ، والحصر فى معناه إنما هو تعريف ضمنى ، إذ إن خبر الاسم العام أو الشامل يتعلق معناه بكلّ ما يقع تحت المبتدإ من أجزاء ، ومثال ذلك : كلّ يموت. حيث (كلّ) نكرة ، وهو مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو اسم يدلّ على عموم وشمول خبره الجملة الفعلية (يموت).

ومنه أن تقول : كلّ يأخذ حقّه. وقوله ـ تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران : ٨٥].

السابع عشر : أن يقصد بالنكرة إبهام :

إذا قلت : ما أكثر اهتماماتهم بقضايا المجتمع ، فإن (ما) تعجبية مبهمة نكرة مبنية فى محلّ رفع ، مبتدأ ، وجاز الابتداء بالنكرة هنا لأنها تعجبية نكرة مبهمة ، وقصد الإبهام فى (ما) وهى مبتدأ يوجب تنكير المبتدإ ، والمقصود بالجملة هنا دلالة التعجب لا الإخبار ، والإخبار خبرىّ ، والتعجب إنشائى.

ومع ملاحظة أن التعبير بأسلوب التعجب يعنى تقديرا : عجبى من كذا ، أو : تعجبى من كذا ، وليس فيه إخبار.

ومما قصد فيه الإبهام من النكرة المبتدإ بها قول الشاعر :

مرسّعة بين أرساغه ** به عسم يبتغى أرنبا

حيث (مرسعة) مبتدأ مرفوع ، وهى نكرة قصد إبهامها ، حيث لا يقصد فيها البيان والتعيين ، أو تقليل الشيوع.

الثامن عشر : أن تكون النكرة بعد حرف الاستفهام :

النكرة بعد الاستفهام يكون فيها معنى الاستغراق أو الشمول والعموم ، كما هو فى ذكرها بعد النفى ؛ لأنه يكون دالا على معنى شمول الجنس ، ففى قوله تعالى : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) [النمل : ٦٠ ، ٦١ ، ٦٢] تلمس التقدير : أمن إله مع الله؟ ، أو : لا إله مع الله. وفيهما معنى السؤال عن الجنس بذكر (من) الاستغراقية ، أو (لا) النافية للجنس ، كما أنك تلمس فيه معنى نفى الجنس. وفى كلّ العموم والشمول أو الاستغراق والحصر.

ويلحظ أن حرف الاستفهام له صدر الكلام ، والنكرة بعده يكون لها الصدارة ، فجاز أن تكون مبتدأ.

ومنه أن تقول : أمواطن يخون وطنه؟ أصديق غادر بصديقه؟ أكرسىّ خال؟

كلّ من النكرات : مواطن ، صديق ، كرسى ، مذكور بعد استفهام ، فهو مبتدأ مرفوع .. أخبارها على الترتيب : الجملة الفعلية (يخون ، غادر ، خال).

ومنه أن تقول : هل من سؤال تركته؟ أمن قلم معك؟

حيث (من) فى الموضعين استغراقية حرف جرّ زائد ، وما بعدها مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحلّ بحركة حرف الجرّ الزائد. أما خبراهما فهما : الجملة الفعلية (تركته) ، وشبه الجملة : (معك).

وقولك : أرجل فى الدار أم امرأة؟

ومنه قولك : أقائم المجيبان؟ حيث (قائم) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، وهو نكرة اعتمدت على حرف الاستفهام (الهمزة) .. و (المجيبان) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الألف ؛ لأنه مثنى سدّ مسدّ الخبر.

وقولك : أمخلص المواطنون؟ أفاهم الحاضرون؟

التاسع عشر : أن تكون النكرة بعد حرف نفى :

ذكر النكرة بعد نفى يعطى معنى الاستغراق ، وهو يفيد الشمول والعموم ، وفى الشمول معنى يناقض معنى التنكير ؛ لأنه إحاطة بأفراد الجنس المذكور ، كأن تقول : ما رجل قائم ، حيث (رجل) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره (قائم) ، والمبتدأ نكرة بعد نفى (ما) ، وتلحظ فيه معنى الشمول ، والتقدير : ما من رجل ، فيتضمن معنى الاستغراق ، ويلحظ أن حرف النفى له صدر الكلام ، فما يقع بعده من نكرة يكون لها الصدر وجاز الابتداء بها.

ومنه قولك : ما سؤال تركناه بلا إجابة ، ما مواطن خائن ، ما قراءة فيها مضيعة للوقت.

والمبتدأ فيها على الترتيب : سؤال ، مواطن ، قراءة ، وكلّها نكرة تقع بعد نفى ، ففيها معنى الشمول ، أما أخبارها فهى : الجملة الفعلية (تركناه) ، خائن ، الجملة الاسمية (فيها مضيعة).

ومنه قولك : ما فاهم الطالبان ، ما كاتب الطلبة. حيث كلّ من : (فاهم ، وكاتب) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو نكرة اعتمدت على نفى ، وكل من (الطالبان والطلبة) فاعل سد مسدّ الخبر.

العشرون : أن يكون فى النكرة معنى الحقيقة :

يتمثل لذلك بالقول : تمرة خير من جرادة ، حيث (تمرة) نكرة ، وهى مبتدأ مرفوع ، خبره (خير). ومعنى الجملة يدل على حقيقة كائنة ، والمبتدأ إن كان نكرة فإنه يدل على معنى الجنس ؛ لأن المقصود فى مثل هذه التعبيرات عن الحقيقة إنما هو الشمول والعموم ، فالمراد جنس التمر لا تمرة معينة ؛ لذا فإن النكرة أصبح فيها معنى الحصر الذى يفاد من شمولها وعموميتها ، وقد لمسنا ما فى الحصر من معنى التحديد الذى يجعل النكرة مخصصة قريبة من المعرفة.

ومنه أن تقول : استقامة أفضل من انحراف ، صدق أكثر منجاة من كذب هدى خير من تعزير.

الحادي والعشرون : أن تكون النكرة مبتدأ فى مثل :

تأخذ الأمثال بألفاظها حكم المعرفة فى شهرتها وجريها على الألسن ، وإدراك ما يرمز إليه المثل من معنى ، كما أن المثل بحكم عموميته فى المعنى يتخذ معنى الشمول والعموم ، ويمكن أن يفسر علة جواز الابتداء بالنكرة فى قولهم ليس عبد بأخ لك ، حيث اسم (ليس) هو النكرة (عبد) ، وجاز ذلك لأنه مثل ، واسم (ليس) فى حكم الابتداء.

ومنه : شرّ أهرّ ذا ناب . (شر) مبتدأ مرفوع وهو نكرة ، خبره الجملة الفعلية (أهر). ويقدر المثل : ما أهر ذا ناب إلا شر.

ومنه : شرّ يجيئك إلى مخّة عرقوب . (شر) نكرة ، وهى مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية (يجيئك).

مأربة لا حفاوة ، (مأربة) مبتدأ مرفوع ، خبره محذوف تقديره : (جاءت بك).

الثاني والعشرون : أن تكون النكرة واجبة التقديم فى الجملة :

قد تكون الجملة الاسمية واجبة التصدير بالنكرة حتى تؤدى الغرض الدلالىّ التى وضعت لها ، كالجملة الاستخبارية (جملة الاستفهام) ، والتركيب الشرطىّ ، ويلحق بهما (كم) الخبرية ، وما يضاف إلى أىّ منها ؛ ذلك لأن النحاة يجعلون أسماء الشرط وأسماء الاستفهام نكرات. ذلك نحو : من أتانا؟ حيث (من) اسم استفهام مبنىّ على السكون فى محلّ رفع مبتدأ.

وهو نكرة خبره الجملة الفعلية (أتانا).

وكذلك تقول : ما فعلته اليوم؟ فتكون (ما) اسم استفهام مبنيا فى محلّ رفع ، مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية (فعلت) ، وكلّ من (من) و (ما) الاستفهامتين نكرة.

وتقول : من يأتنا نكرمه. فتكون (من) اسم شرط جازما مبنيا على السكون فى محلّ رفع ، مبتدأ ، خبره جملتا الشرط والجواب عند معظم النحاة ، أو جملة الجواب عند غيرهم.

وتقول : كم من صديق أعنته. فتكون (كم) خبرية مبنية على السكون فى محلّ رفع ، مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية (أعنته) ، وهى نكرة.

وتقول فيما أضيف إليها : ابن من أكرمته؟ وعنوان ماذا كتبته؟

وغلام من تكرمه أكرمه.

فيكون كلّ من (ابن ، وعنوان ، وغلام) مبتدأ مرفوعا ، وعلامة رفعه الضمة ، وكلّ منها نكرة ؛ لأنه أضيف إلى نكرة ، وهى على الترتيب : (من الاستفهامية ، وما ذا الاستفهامية ، ومن الشرطية).

وتستطيع أن تلمس معنى الإبهام فى أسماء الشرط وأسماء الاستفهام ، حيث لا يعبر أىّ منها عن محدد أو مخصص ، فاكتسبت التنكير مما وضعت له من دلالة فى التركيب. لذا وجب الابتداء بها وهى نكرة ، بل وجب أن يكون المبتدأ نكرة مع معنى الاستفهام والشرط.

الثالث والعشرون : أن تكون النكرة المتقدمة على المعرفة لها حق الصدارة فى الجملة :

ذلك كأسماء الاستفهام ، نحو قولك : ما اسمك؟ حيث (ما) اسم استفهام مبنى فى محلّ رفع ، مبتدأ عند نحاة ، وخبر مقدم عند آخرين. واسم الاستفهام نكرة تقدمت على المعرفة (اسمك) ، وله حقّ الصدارة حتى يفهم منه الاستفهام أو الاستخبار ، وتلمس فى النكرة وجوب التنكير ؛ لأنها تعبر عن مجهول.

ومنه ما ذكر من قولهم : اقصد رجلا خير منه أبوه ، حيث (خير) مبتدأ مرفوع عند نحاة ، وهو نكرة تقدمت على المعرفة (أبوه).

الرابع والعشرون : أن تقع النكرة بعد (لو لا):

تربط (لو لا) بين جملتين ، ثانيتهما متراتبة على الأولى ، وما بعد (لو لا) يجب أن يكون جملة اسمية خبرها محذوف ؛ لأنه كون عامّ ، فإذا اختصّ ـ وهو نادر ـ فإنه يجب أن يذكر ، والمبتدأ بعد (لو لا) لا يحتاج إلى تعريف واجب ، أو تنكير واجب ، وذلك لأنه إنما يذكر ليبنى عليه معنى الجملة الثانية. ذلك نحو : لو لا إنسانية لعاش الإنسان فى غابة. حيث (إنسانية) اسم نكرة واقع بعد (لو لا) مبتدأ مرفوع ، خبره محذوف وجوبا.

ومثله أن تقول : لو لا عتاب لما كان للمرء صديق.

ومنه قول الشاعر :

لو لا اصطبار لأودى كلّ ذى مقة ** لمّا استقلّت مطاياهنّ للظّعن

(اصطبار) مبتدأ مرفوع خبره محذوف وجوبا.

الخامس والعشرون : أن تقع النكرة بعد فاء الجزاء :

مثال ذلك قولهم : إن ذهب عير فعير فى الرهط ، حيث (عير) الثانية واقعة بعد فاء الجواب أو الجزاء وهى مبتدأ مرفوع ، وهى نكرة ، وجاز الابتداء بالنكرة هنا ؛ لأن الكلام لا يحتاج إلى تعريف أو تخصيص فى المبتدإ حيث ارتباط جملة الجواب أو الجزاء بما قبلها ، فليست مستقلة فى معناها ، وتلحظ التكرار اللفظى للمبتدإ ، وهو ثان ، وفى التكرير يمكن تقدير صفة محذوفة ، نحو : فعير آخر.

ومنه أن تقول : إن طار الحمام فحمامة فى القفص. إن ضاع قلمك فقلم معى.

وقد يكون تكرير اللفظ يفهم من المعنى ، كأن تقول : إن فقدت ما معك من مال فجنيه معى.

السادس والعشرون : أن تقع النكرة بعد (إذا) الفجائية :

ما بعد (إذا) الفجائية من مدلول مفاجأ به لا يستلزم التنكير ، حيث معنى المفاجأة فيه معنى التعجب ، ويمكن أن تجعله من معنى الجواب والعاقبة ، ذلك نحو : خرجت فإذا رجل بالباب. حيث (رجل) نكرة مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهى واقعة بعد إذا الفجائية ، ويكون خبره مقدرا.

ومنه أن تقول : فتحت الباب فإذا لصّ ، فتحت الكتاب فإذا بياض.

يمكن أن نقدر ما بعد النكرة الواقعة بعد (إذا) الفجائية نعتا للنكرة ، سواء أكان جملة أم شبه جملة أم اسما ، ويكون خبر النكرة محذوفا.

من ذلك قول الشاعر :

حسبتك فى الوغى مردى حروب ** إذا خور لديك فقلت سحقا

وفيه (خور) وقع بعد (إذا) الفجائبة ، وهو اسم نكرة فجاز أن يقع مبتدأ.

السابع والعشرون : أن تقع النكرة بعد (بينما) و (بينا):

تربط (بينما و (بينا) بين جملتين ، الثانية منهما بمثابة الإخبار عن الأولى ، ومعناها هو المعول عليه ، لذا فإن الجملة الأولى إن كانت اسمية لا يكون معناها قائما فى المقام الأول على تنكير المبتدإ أو تعريفه ؛ ذلك لأنه بمثابة التمهيد والتهيئة لمعنى الجملة الثانية ؛ لذا فإنه يتكرر فيها ذلك ، نحو : بينما رجل يعبر الطريق زلّت قدمه ، حيث (رجل) نكرة واقعة بعد (بينما) ، وهى مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره الجملة الفعلية (يعبر).

ومنه أن تقول : بينما ضيف زارنا اليوم انطفأ النور ، بينا طفل سائر وقع فى حفرة ، بينما رجل يؤدى عمله فى إخلاص كافأه مديره.

الثامن والعشرون : أن تسبق النكرة بواو الحال :

الجملة الحالية لا يحتاج أحد أجزائها إلى تعريف أو تنكير أو تخصيص ، فالمبتدأ ليس فى حاجة إلى ذلك ؛ لأنها ترتبط بما يسبقها من معنى حيث لا تستقل بمعناها ، وإنما الأهمّ فيها ارتباطها اللفظى والمعنوى والزمنى بما قبلها ، ومجىء المبتدإ فى الجملة الاسمية الحالية نكرة فى نحو قولك : ذاكرت وتفاؤل يحدونى. الجملة الاسمية (تفاؤل يحدونى) جملة فى محلّ نصب حال ، وتلحظ تصدرها بواو الحال ، المبتدأ فيها الاسم النكرة (تفاؤل) ، والخبر الجملة الفعلية (يحدونى).

ومنه قولك : يسبح المتسابق وقارب بجواره ، أفتح الباب وحذر يتملكنى أجلس مع أصدقائى والتزام يسيطر على سلوكى.

ومنه قول الشاعر :

سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا ** محيّاك أخفى ضوؤه كلّ شارق

حيث الجملة الاسمية (ونجم قد أضاء) فى محلّ نصب ، حال ، وهى مصدرة بواو الحال ، فجاز أن يبتدأ فيها بالنكرة (نجم).

التاسع والعشرون : أن يكون المبتدأ (مذ ومنذ):

من ذلك قولك : ما رأيته مذ يوم الجمعة ، والتقدير : أو المدة يوم الجمعة ، فتكون (مذ) اسما مبنيا فى محل رفع ، مبتدأ ، خبره (يوم) عند كثير من النحاة.

الثلاثون : أن تعتمد النكرة على لام الابتداء :

إذا وقعت النكرة بعد لام الابتداء جاز أن تكون مبتدأ ، نحو قولك : لرجل موجود ، لامرأة حضرت. حيث اللام لام الابتداء حرف مبنى لا محلّ له من الإعراب ، وكلّ من (رجل ، وامرأة) مبتدأ مرفوع ، والخبر كلّ من (موجود ، والجملة الفعلية : حضرت).

الحادي والثلاثون : أن تعطف النكرة على ما يسوع الابتداء به :

يجوز أن تكون النكرة مبتدأ إذا عطفت على ما يسوغ الابتداء به من نحو : العطف على المعرفة ، كقولك : محمد ورجل أتانا. حيث (محمد) مبتدأ مرفوع ، وهو معرفة ، وقد عطف عليه النكرة (رجل) وهو نكرة ، فجاز أن تكون النكرة مبتدأ ـ حينئذ ـ فكلّ من المعطوف والمعطوف عليه مشترك مع الآخر فى الابتدائية.

العطف على ما يسوغ الابتداء به مما سبق ، نحو قوله ـ تعالى : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) [البقرة : ٢٦٣] ، حيث النكرة (مغفرة) معطوفة على النكرة الموصوفة المبتدإ (قول) ، فجاز أن تشاركها فى الابتدائية.

وقوله ـ تعالى : (لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [آل عمران : ١٥٧].

حيث (رحمة) نكرة معطوفة على نكرة موصوفة يسوغ الابتداء بها ، فجازت أن تكون مبتدأ ؛ لأن المعطوف على المبتدإ بمثابة المبتدإ.

الثاني والثلاثون : أن يعطف على النكرة ما يسوغ الابتداء به :

يجوز أن تقع النكرة فى موضع الابتداء إذا عطف عليها ما يسوغ الابتداء به ، فهذا الموضع وسابقه متكاملان ، وذلك أن تقول : صديق وأخى حضرا إلينا. حيث (صديق) نكرة مبتدأ مرفوع ، وجاز أن يبتدأ بها لأنه عطف عليها ما سوغ الابتداء به ، وهو (أخ) المضاف إلى المعرفة.

ومثله أن تقول : رجل وابنه زرتهما ، أستاذ وطلبته تناقشوا سويا.

ملحوظة عامة : ترى أن المواضع التى يجوز أن يبتدأ فيها بنكرة تتردد بين :

١ : كون النكرة مخصصة محددة قريبة من المعرفة بوسيلة من وسائل التخصيص والتحديد والتقييد.

٢ : كون النكرة تدلّ على عموم وشمول فتلمس فيها معنى الحصر ، والحصر يكاد يكون تعريفا لأنه لا يترك فردا أو جزءا مما يقع تحت النكرة العامة أو الشاملة.

٣ : كون النكرة واجبا فيها التنكير لأداء الوظيفة الدلالية المقصودة منها فى التركيب ، كالاستفهام والشرط.

٤ : كون النكرة فى موضع أو معنى لا يحتاج إلى تعريف أو تنكير لأنه مرتبط بمعنى آخر ، أو أن المعنيين ـ الذى فيه النكرة والآخر المرتبط به ـ أحدهما عاقبة للآخر ، أو جواب وجزاء له ، فالسمة الخالصة لهذه المجموعة هو ارتباط معنيين ببعضهما والنكرة المبتدأ بها أحدهما.

٥ : كون النكرة معطوفا عليها ما يسوغ الابتداء به ، أو معطوفة على ما يجوز أن يكون مبتدأ من معرفة أو نكرة مختصة أو عامة.
 
عودة
أعلى