[FONT="]من كتاب رسائل ومبشرات للفضيلة[/FONT][FONT="]علامات ضعف الإيمان وقوته[/FONT]
[FONT="]أنا خائفة من لقاء الله عز وجل، فقد عشت حياتي على تقصير في العبادة، مع ارتكاب بعض المحرمات التي حرمها الله، فكيف لي أن أقف أمام الله عز وجل وأنا مقصرة بهذه الدرجة؟! لقد أنعم الله علىَّ بالرضا، والمال، والستر، والجمال، والزوج، والأبناء، وأنا خائفة؛ لأني أشعر أنى لم أفعل شيئًا ليرضى الله عني، فلم أصم كما ينبغي، ولم أصل كما ينبغي، وطاعاتي كلها كانت فيها تقصير، فهل هذا من قوة الإيمان أم من ضعفه؟[/FONT][FONT="]وكان الرد[/FONT]
[FONT="]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/FONT]
[FONT="]يقول الإمام الحسن البصري رحمه الله في قوله تعالى: {وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2]: لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه، ماذا أردت من كلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ وهذا من قوة الإيمان بالله عز وجل، والعاجز يمضي قدمًا لا يعاتب نفسه.[/FONT]
[FONT="]إن معاتبة النفس مرتبة عالية جدًّا، يقول الإمام الحسن البصري أيضًا: المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله عز وجل، وإنما خف حسابه يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر على غير محاسبة.[/FONT]
[FONT="]أما الآن فأكثر الناس يقولون: لا تدقق، فالله غفور رحيم، لا يجب أن تدقق؛ لأن الله عز وجل يقول: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 119]. ويقول تعالى: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28].[/FONT]
[FONT="]فقد تجد إنسانًا حريصًا على المال حرصًا يفوق التفوق؛ بذكاء، بإيصالات، بتوقيع مسبق على ورق أبيض، عنده أساليب عجيبة لحفظ ماله، أما دينه فمهمل لا يدقق، أما في حفظ المال يدقق، فلمَ لا يكون هذا التدقيق في موضوع الدين؟[/FONT]
[FONT="]فلا يكون الرجل تقيًّا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه؛ فهناك شريك صعب جدًّا، يجب أن تحاسب نفسك كما يحاسبك شريكٌ صعبُ المعاملة، ورحم الله عبدًا قال لنفسه النفيسة: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله، فكان لها قائدًا.[/FONT]
[FONT="]فما أنت فيه الآن من المحاسبة للنفس يدل على صدق اليقين في الله تعالى، فعليك بالعلم على زيادة الإيمان، والرفقة الصالحة التي تعينك على ذلك، وأن تقلعي عما أنت فيه من التقصير؛ لعل الله يتجاوز عنك، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} [الزمر: 53-54].[/FONT]
[FONT="]% % %[/FONT]