املي بالله
نائبة المدير العام
ابن شيخان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابن شيخان:
شاعر الحب و الجمال بين الشعراء في سلطنة عمان و شاعر الوصف و المديح و الحكمة ولد محمد بن شيخان السالمي بمدينة الحوقين من مقاطعة الرستاق عام 1289 هـ و توفي عام 1346 هـ ، و خرج في طلب العلم إلى مقاطعة الشرقية حيث طاب له المقام فأقام في مدينة المضيبي. و عندما ظهر شعره الرقيق و تسامع الناس به دعاه السلطان فيصل بن تركي لزيارته في مسقط فوفد على العاصمة و هو يقول:
شمس من الأنس صار الحسن يصعكها *** ألقت إليها النهى طوعا معولها
و قد أكرمه فيصل و احتفى به حفاوة بالغة و طلب منه الإقامة في مسقط فأصبح بيته موردا للأدباء ، و هنا كان يرسل الشعر فياضا في مديح حاكم عرف بدماثة خلقه و جلوسه إلى الناس صباح كل يوم و زيارته لهم في منازلهم. و كان ابن شيخان يسجل ذلك كله و يجعله نبعا لشعره:
لولا التجمل أجمل *** لفعلت ما لا يفعل
ساروا و دمعي مطلق *** فعجبت و هو مسلسل
و القلب من نار الجوى *** بين الجوانح مشعل
و الجسم عافى الرسم من *** طيف الأحبة أنحل
و الطرف أرمد بالنجوم *** الثابتات موكل
أحبابنا لماذا التقاطع *** و التواصل أجمل
لا طيفكم يسري و لا *** نسماتكم تتسهل
العمر أقصر و الجفا *** منكم إلينا أطول
عطفا علينا فالكريم *** يساء فيه فيجمل
فلئن رجعتم نحونا *** رجع الزمان الأول
حاشاكم أن تغفلوا *** عن حال من لا يغفل
لا تسعدوا دهري علي *** فحسبه ما يفعل
الفقر ويك قضية *** و الرأي فيها مشكل
بيني و بين زماني *** الملك المعظم فيصل
ملك يجود و لا *** يمل و وجهه يتهلل
يهمي فيرجع مخصبا *** منه المكان الممحل
و في الغزل (ص 53) من نفس الكتاب
أما الشاعر محمد بن شيخان فهو يصف المحب نفسه و متاعبه إذا حرم المحب من محبوبه:
ما الخد إلا أندية تنصب فيها الأودية
و حالة العشق أجارك الإله مردية
داء عسير البرء لا تنفع فيه الأدوية
إلا الدواء من الحبيب ببلوغ الأمنية
من لي بتخفيف الأسى عن الفؤاد من ليه
و نسمة الجرداء كانت للقلوب مسلية
فانقطعت و ما درى ظبي رباها ما بيه
مالي إذا ما نفحتني نسمة مستروية
ألفت أسفار الهوى كأني ابن تيميه
يجتمع في هذه الأبيات الغزل و الوصف و رقة الشعر:
هبي فقد طلع النهار *** و الحب أحلاه جهار
و العيش في كشف الهوى *** و العذر في في خلع العذار
و الصبح يهزأ بالدجى *** و الغصن يرقص بالهزار
صاغ الغمام من الندى *** دررا بأجياد البهار
و غدا النسيم الرطب *** ينسج للأزاهير الأزار
يسري فيحدث للجسوم *** بضعفه منه اقتدار
قم يا نديم فعاطي *** بالحب كاسات القعار
فعسى حديثك لي يخفف *** ما بقلبي من أوار
بعلاية الجراء لي *** عرب لهم تخب نار
للضيف مما أنضجته *** و للقلوب الاستعار
جعلوا قلوب العاشقين *** لخيل ودهم مغار
أظباء وادي المنحنى *** بالله ما هذا النفار
قلبي لكم جار ولي *** دمع على العرصات جار
بنتم فبان لبعدكم *** من بعدكم اصطبار
كم أنة لي في الربوع *** و جنة لي في الديار
و هنا قصيدة يصف فيها بلدة الحوية من ولاية بدية و هي قرية صغيرة تحيط بها كثبان الرمال العالية من ثلاثة اتجاهات. فلنسمع للصورة التي التقطها لها شاعر الوصف و الجمال:
و لينة الفراش لها نسيم *** يعيد لكل تائهة هداها
تفوح بها رياح المسك لكن *** بلون الورد قد خصبت رداها
إذا ما قمت مستويا عليها *** كأنك قد علوت على سماها
إذا بسطت شمائلها لنفس *** حشت بلطيف أفراح حشاها
إذا نشرت محاسنها بأرض *** فكثبان البسيطة من فداها
يبث ضجيعها فيها بليل *** إذا ما نام تحرسه صباها