الصمت في بداية حياتهم يؤخر نموهم العقلي ومهاراتهم الكلامية!
والصمت في طفولتهم يجعل خيالهم يلتهب بأفكار مخيفة لأن لا أحد يشرح لهم ما يحصل من حولهم!
والصمت في المراهقة يقطع التواصل ويجعلهم يعيشون في انفصال عن أهلهم ومحيطهم!
الصمت خطير على صحة طفلكم النفسيّة فما هو البديل؟ فما الذي يحتاجه الطفل؟ هل يحتاج للهدوء التام والصمت لكي ينمو؟ أم أن هذا الصمت يؤثّر سلباً في صحته النفسية؟
لا يحتاج الأطفال الى الصمت إلاّ وقت النوم وهم ليسوا بحاجة إليه كي يكبروا. لهذا، نراهم يحبّون الثرثرة ويودّون الاستماع إلينا ونحن نحكي لهم حكايات. تكلّموا معهم.. أخبروهم قصصاً.. قصّوا عليهم الحكايات.. إملأوا عالمهم بالعبارات العجيبة الغريبة لتجعلوا خيالهم يشتعل... استعينوا بالكتاب لأنه باب يدخلون من خلاله إلى العالم.
ابتداءً من أي عمر هم يحبّون الحكايات؟ إن شغفهم بالحكايات يبدأ باكراً، منذ حوالي سنّ العشرة أشهر وربّما قبل ذلك. حتّى ولو أنّهم لا يفهمون كل شيء، نراهم يتنشّقون رائحة الكتاب أو يمزقّونه أو يدعكونه، وهذه ربّما وسيلة يخرجون بها من واقعهم، من ورطتهم.
لنراقب طفلاً وهو يحمل كتاباً. فالكتاب يبدو له وكأنّه مفتاح على العالم. يستغرق في التمعّن بالكتاب بشغف ويتفحّص جميع جوانبه وتبدو عليه علامات التساؤل، يتأمّله كما لو كان شيئاً غريباً جاء من عالم آخر، شيئاً يحتوي على «الكلمة الأخرى»، الكلمة الحقيقيّة التي بها يخرج الطفل إلى الكون.
هل يعي صغارنا منذ الآن أنّهم يجدون في الكتاب القوة والذكاء والسكينة؟ أو يجدون فيه منبع أسرار وحيل وأجوبة ولعب على الألفاظ للضحك أو البكاء؟ أو ربّما هم يشعرون مسبقاً بما قاله مونتسكيو عن الأدب: «ما من حزن عميق إلاّ وتمحوه من داخلي ساعة من المطالعة»، فالمطالعة تهدّئ الآلام لأنّها تسمح لنا بالوصول الى ما هو كونيّ فنتخطّى بذلك حدود أسرارنا الحقيرة.
بالطبع، إنّ الأولاد لا يعبّرون بهذه الطريقة ولكنّهم يفكرّون: «آه، لقد حصل ذلك أيضاً لـ«سندريلا» ولست الولد الوحيد الذي يتخاصم مع إخوته». لا، ليس الولد الوحيد الذي يتمنّى لو يخنق أخاه الصغير أو يكره أمّه ويحبّها في آن واحد، أو الذي يتساءل لماذا يعود والده متأخّراً جدّاً. ليس وحده من يشعر بفراغ كبير في صدره عندما يتشاجر والداه ... لنراقب عينيه: هما تلمعان عندما نقرأ له حكاية.