كانت ملاك لا تزال تلميذة
هذه قصّة واقعية ،لكن الأسماء التي تحتوي عليها غير حقيقية:
كانت ملاك لا تزال تلميذة ، في حين أنّ كمال كان يشتغل موظّفابإحدى الإدارات ، و كانا يحبّان بعضهما حبّا جما ، و قد أدّى هذا الحب الجارف بينهما مع مرور الأيّام أن أضحت لقاءاتهما تتجاوز الشّارع إلى البيت ، إذ كان لكمال غرفة مستقلّة عن أسرته بالطّابق السفلي ، تخوّل له التّصرّف بكلّ حرّية بعيدا عن الأنظار ، ولم تكن ملاك تعترض هذه الفكرة ، في انتار أن يهيء كمال نفسه لخطبتها. كان الأتفاق بينهما ينص على أن الزواج لن يتم إلا بعد إتمام ملاك لدراستها و الحصول على الباكالوريا .
لقد أحبب كمال ملاك حبا قويا ، و زاد من هذا الحب تعوّده عليها من خلال لقاءاتهما المتكررة وقربها منه ، الشيء الذي جعله يعجّل بالخطبة ، فأخبر كمال ملاك بقراره فأسعدها الأمر كثيراً ، كما أخبر عائلته التي أبدت تحفظاً في بادىء الأمر لأنّها كانت ترى أنّ عائلة ملاك من العائلات المعروفة بالمنطقة و الميسورة الحال ، وقد يكون وضع ابنهم المادّي لا يؤهّله لمثل هذا الزواج ، خاصة أنّه حديث العهد بالوظيفة.
حسم كمال الأمر بتشبّثه بمطلبه ، و ذهبت أسرته كأوّل خطوة للتعرف على أسرة الفتاة عن قرب فتحدّثوا و ضربوا لهم موعداً للقاء رسمي حدّد فيه تاريخ الخطبة بعد شهر. كان كمال يستعجل الأمر ، خاصة و أن لقاءاته بملاك لم تعد كما في السابق ، بل انعدمت لأنّ الوضع اختلف هذه المرّة ، و لأنه ليس من اللائق الاستمرار في تلك اللقاءات و هم على عتبة الزواج و الأعين بدأت تترصّدهما من كل جانب.
أسبوع قبل موعد الخطبة ، فوجىء كمال بملاك تدخل مكتبه و حالها لا يسر لتخبره أنها حامل ، و أنها خائفة من الفضيحة ، و لا تعرف ما يجب فعله ، فنزل هذا الخبر كالصاعقة على كمال و الذي طلب منها العودة إلى بيتها حتى يتم التيقن من الأمر طبيا.
لم يكن بيده فعل أي شيء سوى الذهاب خارج المدينة وعرضها على طبيب مختص و الذي أكد بدوره صحة الخبر ، و بأنها في الشهر الثالث و أنّ الاجهاض مستحيل ، مما يجعل الأمر يستعصي و أن القضية لن تحسم إلا بأنهاء مراسيم الزواج في القريب العاجل ، لكن في لحظة شيطانية ، تسرب الوسواس إلى عقله و هاجمته الشكوك حول صحة الحمل الذي جاءت به ملاك ، أخذت الظنون تدور برأسه و الأسئلة تتولد بداخله و هم عائدون من عيادة الطبيب.
افترقا ، و طلب منها مهلة ثلاثة أيام لكي يجد حلاّ لهذه الأشكالية ، و في قرارة نفسه كانت الشكوك تقول له:"لقد وقعت ضحية مؤامرة دنيئة خططت لها من أحببت" ، غاب عنها و ألغى الخطبة دون أن يشرح لها موقفه ، و عندما جاءته تستفسر الأمر ، اتهمها بمحاولة توريطه ،و أن ما كانت تقوله له عن الزواج بعد ثلاث سنوات لم يكن إلا كذباً و بهتانا للإيقاع به في فخّ الزوجية بأسرع ما يمكن ، في الوقت الذي كانت تتوسل إليه وتبكي تحت قدميه ناكرة كل الاتهامات التي وجهها أليها . لم يرحمها ، بل طردها مهدّدا إياها بأنه لن يعترف لها بحملها حتى لو أوصلهم الأمر إلى المحاكم.