العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> عهدتُ بذاتِ البانِ فالجزع أربُعا
عهدتُ بذاتِ البانِ فالجزع أربُعا
رقم القصيدة : 22789
-----------------------------------
عهدتُ بذاتِ البانِ فالجزع أربُعا
كساهنَّ وشيُ الروضِ بُرداً مولّعا
وجاد عليها كلُّ محتفل الحيا
فأبقى عميمَ النبتِ فيها وودّعا
تعاقب ربعّياً عليها وصائِفاً
فكان مصيفاً للخليط ومربعا
إذا انحلّ في حافاته خيطُ برقه
تناثَر دُرّ القطر من حيث جُمّعا
إذا ما النسيم الغضُّ حيّا عِراصَها
نشقتُ عبيراً عطَّر الجوَّ أجمعا
وما هي في غضّ النسيم تضوّعت
ولكن بريّاها النسيمُ تضوَّعا
برغمي ربوعَ الحيّ أصبحن بلقعاً
عشيّة َ زال الحيُّ عنها وأزمعا
وقفتُ بها مُستسقياً فسقيتها
إلى أن شربتُ الماءَ فيهن أدمعا
رعيتُ بها ريحانة َ اللهو غضّة
أروح وأغدو بالدُّمى البيضِ مُولعا
وفيها صحبت الدهرَ والعيش ناعمٌ
ليالي فيها شمل أُنسي تجمّعا
كأَنَّ الدُجى ملك من الزنج لابسٌ
من الأُفق تاجاً بالكواكبُ رصعا
من الزهرة ِ الغرّاء قد بات يجتلي
عروساً جلاها الحسن أن تتبرقعا
العصر العباسي >> البحتري >> رأى البرق مجتازا فبات بلا لب
رأى البرق مجتازا فبات بلا لب
رقم القصيدة : 2279
-----------------------------------
رَأى البرْقَ مُجتازاً، فباتَ بلا لُبِّ،
وَأصْبَاهُ مِنْ ذِكْرِ البَخيلَةِ ما يُصْبي
وَقَد عاجَ في أطْلالِها غيرَ مُمسِكٍ
لدَمْعٍ، وَلا مُصْغٍ إلى عُذّلِ الرّكبِ
وَكنتُ جَديراً، حينَ أعرِفُ مَنْزِلاً
لآلِ سُلَيْمَى، أنْ يُعَنّفَني صَحبي
عَدَتْنَا عَوَادي البُعْدِ عَنها، وَزَادَنا
بهَا كَلَفاً أنّ الوَداعَ عَلى عَتْبِ
وَلمْ أكتَسِبْ ذنباً، فتَجزِيَني بهِ،
ولَمْ أجتَرِمْ ذَنْباً، فتَعتُبَ من جرماً
وَبي ظَمَأٌ، لا يَمْلِكُ المَاءُ دَفْعَهُ،
إلى نَهْلَةٍ مِن رِيقِها الخَصِرِ العذْبِ
تَزَوّدْتُ مِنها نَظرَةً لمْ تَجُدْ بها،
وَقد يُؤخَذُ العِلقُ المُمَنَّعُ بالغَصْبِ
وَما كانَ حَظُّ العَينِ في ذاكَ مَذهَبي،
وَلكِنْ رَأيْتُ العَينَ باباً إلى القَلْبِ
أُعيذُكِ أنْ تُمنَيْ بشكوَى صَبابَةٍ،
وَإنْ أكسبَتَنا منكِ عَطفاً على الصّبّ
وَيُحزِنُني أنْ تَعرِفي الحُبّ بالجَوَى،
وَلَوْ نَفَعَتْنَا مِنْكِ مَعْرِفَةُ الحُبّ
أبَيْتُ، على الإخُواّنِ، إلاّ تَحَنّياً،
يَلينُ لَهُمْ عِطفي، وَيَصفو لهمْ شُرْبي
وَإنّي لأسْتَبقي الصّديقَ، إذا نَبَا
عَليّ، وَأهْنوَا مِنْ خَلائقه الجُرْبِ
فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنّي البَخيلَ بأنّني
حطَطتُ رَجائي منهُ عن مرْكبٍ صَعبِ
وَأنّ ابنَ دينَارٍ ثَنَى وَجْهَ هِمّتي
إلى الخُلُقِ الفَضْفاضِ وَالنّائلِ النّهْبِ
فَلَمْ أمْلَ إلاّ مِنْ مَوَدّتِهِ يَدي،
وَلا قُلْتُ إلاّ مِنْ مَوَاهِبِهِ حَسْبي
لَقيتُ بهِ حَدّ الزّمانِ، فَفَلَّهُ،
وَقد يَثلِمُ العَضْبُ المُهنّدُ في العَضْبِ
كَرِيمٌ، إذا ضَاقَ اللّئَامُ، فإنّهُ
يَضِيقُ الفضَاءُ الرّحبُ في صَدرِهِ الرّحبِ
إذا أثْقَلَ الهِلْباجُ أحْنَاءَ سَرْجِهِ،
غَدا طِرْفُه يَختالُ بالمُرْهَفِ الضّرْبِ
تَنَاذَرَ أهْلُ الشّرْقِ مِنهُ وَقَائِعاً،
أطاعَ لَها العاصُونَ في بلدِ الغَرْبِ
لجَرّدَ نَصْلَ السّيفِ، حتّى تَفرّقَتْ
عن السّيفِ مَخضُوباً جُموعُ أبي حرْبِ
فإنْ هَمّ أهْلُ الغَوْرِ يَوْماً بعَوْدَةٍ
إلى الغَيّ مِن طُغيانِهمْ، فهوَ بالقُرْبِ
حَلَفتُ لقَد دانَ الأبيُّ، وَأُغْمِدَتْ
شَذاةُ عَظيمِ القوْمِ من عِظَمِ الخطبِ
وَألزَمَهُمْ قَصْدَ السّبيلِ حِذارُهُمْ
لتِلْكَ السّوَافي مِنْ زَعازِعِهِ النُّكْبِ
مُدَبِّرُ حَرْبٍ لمْ يَبِتْ عِنْدَ غِرّةٍ،
وَلمْ يَسرِ، في أحشائِهِ، وَهَلُ الرّعْبِ
وَيُقْلِقُهُ شَوْقٌ إلى القِرْنِ مُعجَلٌ،
لدى الطّعنِ، حتّى يَسترِيحَ إلى الضّرْبِ
أضَاءَتْ بهِ الدّنْيَا لَنَا بَعدَ ظُلمَةٍ،
وَأجْلَتْ لَنا الأيّامُ عَن خُلُقٍ رَطبِ
وَما زَالَ عَبدُ الله يُكسَى شَمَائِلاً،
يَقُمنَ مَقامَ النّوْرِ في ناضِرِ العُشبِ
فَتًى يَتَعالى بالتّوَاضُعِ جَاهداً،
وَيُعجَبُ منْ أهلِ المَخيلةِ وَالعُجبِ
لَهُ سَلَفٌ من آلِ فَيرُوزَ بَرّزُوا
على العُجمِ، وَانقادتْ لهمْ حفلةُ العُرْبِ
مَرَازِبَةُ المُلْكِ التي نَصَبَتْ بها،
مَنابِرَهُ العُظمَى، جَبابرَةُ الحَرْبِ
يَكِبّونَ مِنْ فَوْقِ القَرَابيسِ بِالقَنَا،
وَبالبِيضِ تَلقاهمْ قِياماً على الرُّكْبِ
لَهُمْ بُنيَ الإيوَانُ في عَهدِ هُرْمُزٍ،
وَأُحْكِمَ طَبعُ الخُسرُوَانيّةِ القُضْبِ
وَدارَتْ بَنُو سَاسَانَ طُرّاً عَلَيهِمِ،
مَدارَ النّجومِ السّائرَاتِ على القُطْبِ
مَضَوْا بالأكُفّ البيضِ أوْفَى من الحيا
بَلالاً، وَبالأحلامِ أوْفَى منَ الهَضْبِ
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا
حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا
رقم القصيدة : 22790
-----------------------------------
حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا
وقمت أُحيّي الخيالَ الطرُوقا
لدى روضة ٍ قد كساها الربيعُ
من النور والزَهر بُرداً رقيقا
عليها الصَبا سحبت ذيلَها
وذرَّت من الطيبِ مسكا سحيقا
تروقك إن مرَّ فيها النسيمُ
منها يلاعبُ غصناً وريقا
كأَنَّ الغصون إذا الوِرق غنّت
على الأيك نشوانُ لن يستفيقا
إذا اعتنقت طرباً خِلتهنَّ
شقيقاً يعانقُ شوقاً شقيقا
عشيّة لهوٍ بِها الدهرُ جادَ
بها عادَ عيشي غضًّا أنيقا
أمنتُ بها الدهرَ حتى كأبّي
أخذتُ على الدهرِ عهداً وثيقا
سررتُ بها غير أنَّ الحبيب
فقدانُه ساءَ قلب المشوقا
فكنت إذا قلبي اشتاقه
لأرشفَ فاهُ رشفت الرحيقا
وأعتنقُ الغصنَ عن قدِّه
وألثمُ عن وجنتيه الشقيقا
فما زلتَ أجني ثمار السرور
والنقى والعقيق بها والرصيقا
إلى أن رأيت الصباحَ انتضى
على مفرق الليل عضباً ذليقا
مضى الليلُ يدعو النجاءَ النجاءَ
والصبحُ يدعو اللحوقَ اللحوقا
فقمتُ ولم أرَ ممّا رأيتُ
شيئاً، اكفكفُ دمعاً دفوقا
وقد كنت أحسب طرفَ الزمانِ
من سكرة النوم بي لن يضيقا
فيا لائمي إن ذكرتُ العقيقَ
ولولا الهوى ما ذكرتُ العقيقا
تذكرتُ من كنت ألهو به
فصرت لكتم الهوى لن أُطيقا
لئن بانَ جسمي عنه فقد
تخلَّف قلبي فيه وثيقا
فليت غدت حالباتُ الربيع
حياها على غيره لن تُريقا
فتسقي به مُرضِعات الربيع
رضيعَ الخمائل ماءً دفوقا
ففي كلّ يومٍ بأطلاله
أحيِّ من الغيد وجهاً طليقا
ومرهفة الخصر وسنى اللحاظِ
تغادرُ قلبَ المعنّى خفوقا
إذا ما رشفت لمى ثغرِها
تَعافُ الصبوحَ له والغبوقا
ترى البدرَ والغصنَ والظبيَ
والنقى والعقيقَ بها والرحيقا
محيًّا وقدّاً وجيداً وعيناً
وردفاً ثقيلاً وثغواً وريقا
عهدتُ بذاتِ البانِ فالجزع أربُعا
رقم القصيدة : 22789
-----------------------------------
عهدتُ بذاتِ البانِ فالجزع أربُعا
كساهنَّ وشيُ الروضِ بُرداً مولّعا
وجاد عليها كلُّ محتفل الحيا
فأبقى عميمَ النبتِ فيها وودّعا
تعاقب ربعّياً عليها وصائِفاً
فكان مصيفاً للخليط ومربعا
إذا انحلّ في حافاته خيطُ برقه
تناثَر دُرّ القطر من حيث جُمّعا
إذا ما النسيم الغضُّ حيّا عِراصَها
نشقتُ عبيراً عطَّر الجوَّ أجمعا
وما هي في غضّ النسيم تضوّعت
ولكن بريّاها النسيمُ تضوَّعا
برغمي ربوعَ الحيّ أصبحن بلقعاً
عشيّة َ زال الحيُّ عنها وأزمعا
وقفتُ بها مُستسقياً فسقيتها
إلى أن شربتُ الماءَ فيهن أدمعا
رعيتُ بها ريحانة َ اللهو غضّة
أروح وأغدو بالدُّمى البيضِ مُولعا
وفيها صحبت الدهرَ والعيش ناعمٌ
ليالي فيها شمل أُنسي تجمّعا
كأَنَّ الدُجى ملك من الزنج لابسٌ
من الأُفق تاجاً بالكواكبُ رصعا
من الزهرة ِ الغرّاء قد بات يجتلي
عروساً جلاها الحسن أن تتبرقعا
العصر العباسي >> البحتري >> رأى البرق مجتازا فبات بلا لب
رأى البرق مجتازا فبات بلا لب
رقم القصيدة : 2279
-----------------------------------
رَأى البرْقَ مُجتازاً، فباتَ بلا لُبِّ،
وَأصْبَاهُ مِنْ ذِكْرِ البَخيلَةِ ما يُصْبي
وَقَد عاجَ في أطْلالِها غيرَ مُمسِكٍ
لدَمْعٍ، وَلا مُصْغٍ إلى عُذّلِ الرّكبِ
وَكنتُ جَديراً، حينَ أعرِفُ مَنْزِلاً
لآلِ سُلَيْمَى، أنْ يُعَنّفَني صَحبي
عَدَتْنَا عَوَادي البُعْدِ عَنها، وَزَادَنا
بهَا كَلَفاً أنّ الوَداعَ عَلى عَتْبِ
وَلمْ أكتَسِبْ ذنباً، فتَجزِيَني بهِ،
ولَمْ أجتَرِمْ ذَنْباً، فتَعتُبَ من جرماً
وَبي ظَمَأٌ، لا يَمْلِكُ المَاءُ دَفْعَهُ،
إلى نَهْلَةٍ مِن رِيقِها الخَصِرِ العذْبِ
تَزَوّدْتُ مِنها نَظرَةً لمْ تَجُدْ بها،
وَقد يُؤخَذُ العِلقُ المُمَنَّعُ بالغَصْبِ
وَما كانَ حَظُّ العَينِ في ذاكَ مَذهَبي،
وَلكِنْ رَأيْتُ العَينَ باباً إلى القَلْبِ
أُعيذُكِ أنْ تُمنَيْ بشكوَى صَبابَةٍ،
وَإنْ أكسبَتَنا منكِ عَطفاً على الصّبّ
وَيُحزِنُني أنْ تَعرِفي الحُبّ بالجَوَى،
وَلَوْ نَفَعَتْنَا مِنْكِ مَعْرِفَةُ الحُبّ
أبَيْتُ، على الإخُواّنِ، إلاّ تَحَنّياً،
يَلينُ لَهُمْ عِطفي، وَيَصفو لهمْ شُرْبي
وَإنّي لأسْتَبقي الصّديقَ، إذا نَبَا
عَليّ، وَأهْنوَا مِنْ خَلائقه الجُرْبِ
فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنّي البَخيلَ بأنّني
حطَطتُ رَجائي منهُ عن مرْكبٍ صَعبِ
وَأنّ ابنَ دينَارٍ ثَنَى وَجْهَ هِمّتي
إلى الخُلُقِ الفَضْفاضِ وَالنّائلِ النّهْبِ
فَلَمْ أمْلَ إلاّ مِنْ مَوَدّتِهِ يَدي،
وَلا قُلْتُ إلاّ مِنْ مَوَاهِبِهِ حَسْبي
لَقيتُ بهِ حَدّ الزّمانِ، فَفَلَّهُ،
وَقد يَثلِمُ العَضْبُ المُهنّدُ في العَضْبِ
كَرِيمٌ، إذا ضَاقَ اللّئَامُ، فإنّهُ
يَضِيقُ الفضَاءُ الرّحبُ في صَدرِهِ الرّحبِ
إذا أثْقَلَ الهِلْباجُ أحْنَاءَ سَرْجِهِ،
غَدا طِرْفُه يَختالُ بالمُرْهَفِ الضّرْبِ
تَنَاذَرَ أهْلُ الشّرْقِ مِنهُ وَقَائِعاً،
أطاعَ لَها العاصُونَ في بلدِ الغَرْبِ
لجَرّدَ نَصْلَ السّيفِ، حتّى تَفرّقَتْ
عن السّيفِ مَخضُوباً جُموعُ أبي حرْبِ
فإنْ هَمّ أهْلُ الغَوْرِ يَوْماً بعَوْدَةٍ
إلى الغَيّ مِن طُغيانِهمْ، فهوَ بالقُرْبِ
حَلَفتُ لقَد دانَ الأبيُّ، وَأُغْمِدَتْ
شَذاةُ عَظيمِ القوْمِ من عِظَمِ الخطبِ
وَألزَمَهُمْ قَصْدَ السّبيلِ حِذارُهُمْ
لتِلْكَ السّوَافي مِنْ زَعازِعِهِ النُّكْبِ
مُدَبِّرُ حَرْبٍ لمْ يَبِتْ عِنْدَ غِرّةٍ،
وَلمْ يَسرِ، في أحشائِهِ، وَهَلُ الرّعْبِ
وَيُقْلِقُهُ شَوْقٌ إلى القِرْنِ مُعجَلٌ،
لدى الطّعنِ، حتّى يَسترِيحَ إلى الضّرْبِ
أضَاءَتْ بهِ الدّنْيَا لَنَا بَعدَ ظُلمَةٍ،
وَأجْلَتْ لَنا الأيّامُ عَن خُلُقٍ رَطبِ
وَما زَالَ عَبدُ الله يُكسَى شَمَائِلاً،
يَقُمنَ مَقامَ النّوْرِ في ناضِرِ العُشبِ
فَتًى يَتَعالى بالتّوَاضُعِ جَاهداً،
وَيُعجَبُ منْ أهلِ المَخيلةِ وَالعُجبِ
لَهُ سَلَفٌ من آلِ فَيرُوزَ بَرّزُوا
على العُجمِ، وَانقادتْ لهمْ حفلةُ العُرْبِ
مَرَازِبَةُ المُلْكِ التي نَصَبَتْ بها،
مَنابِرَهُ العُظمَى، جَبابرَةُ الحَرْبِ
يَكِبّونَ مِنْ فَوْقِ القَرَابيسِ بِالقَنَا،
وَبالبِيضِ تَلقاهمْ قِياماً على الرُّكْبِ
لَهُمْ بُنيَ الإيوَانُ في عَهدِ هُرْمُزٍ،
وَأُحْكِمَ طَبعُ الخُسرُوَانيّةِ القُضْبِ
وَدارَتْ بَنُو سَاسَانَ طُرّاً عَلَيهِمِ،
مَدارَ النّجومِ السّائرَاتِ على القُطْبِ
مَضَوْا بالأكُفّ البيضِ أوْفَى من الحيا
بَلالاً، وَبالأحلامِ أوْفَى منَ الهَضْبِ
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا
حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا
رقم القصيدة : 22790
-----------------------------------
حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا
وقمت أُحيّي الخيالَ الطرُوقا
لدى روضة ٍ قد كساها الربيعُ
من النور والزَهر بُرداً رقيقا
عليها الصَبا سحبت ذيلَها
وذرَّت من الطيبِ مسكا سحيقا
تروقك إن مرَّ فيها النسيمُ
منها يلاعبُ غصناً وريقا
كأَنَّ الغصون إذا الوِرق غنّت
على الأيك نشوانُ لن يستفيقا
إذا اعتنقت طرباً خِلتهنَّ
شقيقاً يعانقُ شوقاً شقيقا
عشيّة لهوٍ بِها الدهرُ جادَ
بها عادَ عيشي غضًّا أنيقا
أمنتُ بها الدهرَ حتى كأبّي
أخذتُ على الدهرِ عهداً وثيقا
سررتُ بها غير أنَّ الحبيب
فقدانُه ساءَ قلب المشوقا
فكنت إذا قلبي اشتاقه
لأرشفَ فاهُ رشفت الرحيقا
وأعتنقُ الغصنَ عن قدِّه
وألثمُ عن وجنتيه الشقيقا
فما زلتَ أجني ثمار السرور
والنقى والعقيق بها والرصيقا
إلى أن رأيت الصباحَ انتضى
على مفرق الليل عضباً ذليقا
مضى الليلُ يدعو النجاءَ النجاءَ
والصبحُ يدعو اللحوقَ اللحوقا
فقمتُ ولم أرَ ممّا رأيتُ
شيئاً، اكفكفُ دمعاً دفوقا
وقد كنت أحسب طرفَ الزمانِ
من سكرة النوم بي لن يضيقا
فيا لائمي إن ذكرتُ العقيقَ
ولولا الهوى ما ذكرتُ العقيقا
تذكرتُ من كنت ألهو به
فصرت لكتم الهوى لن أُطيقا
لئن بانَ جسمي عنه فقد
تخلَّف قلبي فيه وثيقا
فليت غدت حالباتُ الربيع
حياها على غيره لن تُريقا
فتسقي به مُرضِعات الربيع
رضيعَ الخمائل ماءً دفوقا
ففي كلّ يومٍ بأطلاله
أحيِّ من الغيد وجهاً طليقا
ومرهفة الخصر وسنى اللحاظِ
تغادرُ قلبَ المعنّى خفوقا
إذا ما رشفت لمى ثغرِها
تَعافُ الصبوحَ له والغبوقا
ترى البدرَ والغصنَ والظبيَ
والنقى والعقيقَ بها والرحيقا
محيًّا وقدّاً وجيداً وعيناً
وردفاً ثقيلاً وثغواً وريقا