أيها الماضي الذي أودعته
حفرةً قد خيم الموتُ بها
أيها الشعر الذي كفنتهُ
مقسما لا قلتُ شعرا بعدها
أيها القلب الذي مزقتُه
صارخا: عهدك يا قلب انتهى
قسما ما مات منكم أحد
انها رقدةُ يأسٍ إنها
آه لو قام رسولٌ ضارعٌ
أو شفيعٌ منكمُ ويمضي لها
آه من يخبرها عن طائر
نسي الأوكارَ إلا وكرها!
أمسي يعذبني ويضنيني
شوقٌ طغى طغيانَ مجنون
أين الشفاء ولمَ يعد بيدي
إلاَّ أضاليلٌ تداويني
أبغي الهدوء ولا هدوء وفي
صدري عبابٌ غير مأمون
يهتاج إن لَجَّ الحنين به
ويئن فيه أنينَ مطعون
ويطل يضرب في أضالعه
وكأنها قضبان مسجون
ويحَ الحنين وما يجرعني
من مُرِّره ويبيت يسقيني
ربيتُه طفلاً بذلتُ له
ما شاء من خفضٍ ومن لينِ
فاليوم لمّا اشتدّ ساعدُه
وربا كنوارِ البساتينِ
لَم يرضَ غير شبيبتي ودمي
زاداً يعيشُ به ويفنيني
كم ليلةٍ ليلاءَ لازمني
لا يرتضي خلاً له دوني
ألفي له همساً يخاطبني
وأرى له ظلاً يماشيني
متنفساً لهباً يهبُّ على
وجهي كأنفاسِ البراكينِ
ويضمُنا الليلُ العظيمُ وما
كالليلِ مأوى للمساكينِ
لمن العيون الغائرات خشوعا لمن النواظر قد صفت ينبوعا وتكللت بالطهر مؤتلقَ السنا وجلت لنا معنى الجمال رفيعا مهلاً فتاة الدير والحسن الذي تصبو له مهجُ العبادِ جميعا الحسنُ من حق الورى وحملتِه مستخفيا متأبيا ممنوعا! في الدير مثواه وفي جنح الدجى يتحدر الحسنُ الشهيدُ دموعا يا مؤنس الدنيا فديتك موحشاً تهتاج وجداً أو تضيق ضلوعا تتحرق الدنيا عليك وربما أوقدت نفسك في الظلام شموعا
مرحى ومرحى يا ربيع العامِ
أشرق فدْتك مشارقُ الأيامِ
بعد الشتاء وبعد طولِ عبوسه
أرِنا بشاشةَ ثغرِكَ البسّامِ
وابعث لنا أرجَ النسيمِ معطراً
متخطراً كخواطر الأحلامِ
بي ما تحسّ وفي فؤادكِ ما بي
فتَعال نبكِ أيا نجيَّ شبابي
أنكرت بي ناري عشية لاَمَسَتْ
شفاتي مِنْكَ أناملَ العنابِ
وسألتَ ما صمتي وما اطراقتي
وعَلاَم ظلَّت حيرة المرتابِ
أقبِلْ لأقسمَ في حياتي مرةً
ان الذي أُسقاه ليس بصابِ
مَنْ أنتَ؟! من أيِّ العوالم ساخرٌ
مستأثرٌ بأعنة الألبابِ؟
ما يصنع الملكُ الطهورُ بعالَمٍ
فانٍ وأيَّامٍ كلمع سرابِ؟
دوَّارةً أبدَ السنين كعهدِها
من ليل آثامٍ لصبح متابِ
يا هيكل الحسنِ المبارَك ركنه
الساحر النور الطهور رحابِ
قدمتُ قرباني إِليك بقية
من مهجةٍ ضاعت على الأحبابِ
حدَّثتُ نفسي إِذ رأيْتُكَ بادياً
وأطَلْتَ تسآلي بغير جوابِ
ما يصنع الملكُ الطهورُ بعالَمٍ
فإنٍ وأيَّامٍ كلمع سرابِ؟
ما يصنع الأبرارُ بالأرض التي
ساوت من الأبرار والأوشابِ؟
دوَّارةً أبدَ السنين كعهدِها
من ليل آثامٍ لصبح متابِ
تغلو الحياة بها إلى أن تنتهي
عند التراب رخيصةً كترابِ!
يا هيكل الحسنِ المبارَك ركنه
الساحر النور الطهور رحابِ
لا صدقَ إلاَّ في لهيبك وحده
وجلالُه الباقي على الأحقابِ
قدمتُ قرباني إِليك بقية
من مهجةٍ ضاعت على الأحبابِ
وَأَذبْتُ جوهَرَهَا فدَاءَ نَوَاظِر
قُدْسِيَّةٍ، عُلويّةِ المحرابِ!
يا قلبي الشاكي المعذب
هذه الشكوى لِمَا
حان الفرارُ وآن للمسجون
أن يتنسما
حان الحسابُ وأن للموتور
أن يتكلما
يا طفليَ النواح آن
اليوم أن تتعلما
أسفي لغالي الدمع تبذله
لمرتخص الدمى
أفنيته ورجعت حتى
من دموعك معدما
فإذا افتقدت الدمع عز
فتبكينّ تبسما
تبكي على العرش المصوغ
من المدامع والدما
تبكي على الصنم الجميل
يكاد أن يتهكما
تبكي تراب الأرض
مصبوغا بألوان السما
يا رسمَ من أعطى الهوى
مفتاحَ قلبي المقفلِ
في حبه فنيَ الصبا
وشباب أيامي بلي
يا ويح ما ضيعت فيه
من قليل مخجلِ
ماضيَّ ضاع ولو قدرت
لجدت بالمستقبلِ
يا رسم! كم من ليلةٍ
أبكي وأستبكيك لي
حتى رجعتُ مخادَعاً
ومضيتُ جدَّ مضلَّلِ
أرنُو لدمعي بادياً
في وجهك المتهللِ
فأخال عينك هَزّها
شَكوى الغريب المهمَلِ
فبَكَتْ وتلك دموعها!
هَذِي تَسيل وذِي تَلي!
يا قاسيَ البعد كيف تبتعدُ
اني غريبُ الديارِ منفردُ
إن خانني اليومُ فيك قلت غداً،
وأين مني ومن لقاك غدُ
إنّ غداً هوةٌ لناظرها
تكاد فيها الظنون ترتعدُ
أطل في عمقِها أسائلها
أفيك أخفى خيالَهْ الأبدُ
ألامس الجرحَ ما الذي صنعتْ
به شفاهٌ رحيمةٌ ويدُ
ملء ضلوعي لظى واعجبُهُ
اني بهذا اللهبِ ابتردُ
يا تاركي حيث كان مجلسنا
وحيث غنَّاك قلبيَ الغرِدُ
أرنو إلى الناس في جموعِهم
أشقتهمُ الحادثاتُ أم سعدوا
تفرقوا أم بها احتشدوا
وغوَّروا هابطين أم صعدوا
اني غريبٌ تعال يا سكني
فليس لي في زحامِهم أحَدُ
يا قاسيَ البعد كيف تبتعدُ
اني غريبُ الديارِ منفردُ
إن خانني اليومُ فيك قلت غداً،
وأين مني ومن لقاك غدُ
إنّ غداً هوةٌ لناظرها
تكاد فيها الظنون ترتعدُ
أطل في عمقِها أسائلها
أفيك أخفى خيالَهْ الأبدُ
ألامس الجرحَ ما الذي صنعتْ
به شفاهٌ رحيمةٌ ويدُ
ملء ضلوعي لظى واعجبُهُ
اني بهذا اللهبِ ابتردُ
يا تاركي حيث كان مجلسنا
وحيث غنَّاك قلبيَ الغرِدُ
أرنو إلى الناس في جموعِهم
أشقتهمُ الحادثاتُ أم سعدوا
تفرقوا أم بها احتشدوا
وغوَّروا هابطين أم صعدوا
اني غريبٌ تعال يا سكني
فليس لي في زحامِهم أحَدُ
أجرْ غربتي أيها العائدُ
فقد ملّني الداءُ والعائدُ
أجرْ غربتي فبلادي الهموم
وليلٌ بطيء الخطى راكدُ
تقاسمني في نواك الديار
وأنتَ لي الوطن الواحدُ
محياك داري ومنك نهاري
إذا ضمك الصدرُ والساعدُ
أجرْ شفتي من عذاب الظما
أما أذن اللهُ أن ترحما!
أتمعن في الهجر حتى ترانا
بكينا دما واحترقنا فما؟
ولي رمقٌ صنتُهُ كي أراك
فاشفِقْ على رمقي ريثما
إذا طلب الحبُّ برهانَهُ
من الموت لبَّيتُ كي تعلما..
لياليّ مرت هباء عقيما
فهل تتوالى البواقي سدى؟
أسائل جرحيَ عمن جناهُ
وارنو فاستخبر العودا
فما اطلعوا اليوم بالبشريات
ولا عللوا بالتلاقي غدا...
فلما تنكرَ حتى المحب
تلفت أسألُ عنك العدا
*** ***
سلام على غائب عن عيوني
حملت حطامي إلى دارهِ
وقلت لقلبي تمهل بنا
وخبئ شقاءَك أو دارهِ
تناسَ الأسى ها هنا أو يقال
حملتَ الظلامَ لأنوارهِ...
أتغدو إلى عتبات النعيم
بلفحِ الجحيم وإعصاره!..
يا ساعة الحسرات والعبرات
أعصفت أم عصف الهوى بحياتي
ما مهربي ملأ الجحيم مسالكي
وطغى على سُبُلي وسد جهاتي
من أي حصن قد نزعت كوامنا
من أدمعي استعصمن خلف ثباتي
حطمت من جبروتهن فقلن لي
أزف الفراق فقلت ويحك هاتي
أأموت ظمآناًوثغرك جدولي
وأبيت أشرب لهفتي وولوعي
جفت على شفتي الحياة وحلمها
وخيالها من ذلك الينبوع
قد هدني جزعي عليك وادعي
أني غداة البين غير جزوع
وأريد أشبع ناظري فأنثني
كي أستبينك من خلال دموعي
هان الردى لو أن قلبك دار
أأموت مغترباً وصدرك داري
يامن رفعت بناء نفسي شاهقاً
متهلل الجنبات بالأنوار
اليوم لي روح كظل شاحب
في هيكل متخاذل الأسوار
لو في الضلوع أجلت عينك أبصرت
منهارة تبكي على منهار
لا تسألي عن ليل أمس وخطبه
وخذي جوابك من شقي واجم
طالت مسافته علي كأنها
أبد غليظ القلب ليس براحم
وكأنني طفل بها وخواطري
أرجوحة في لجها المتلاطم
عانيتها والليل لعنة كافر
وطويتها والصبح دمعة نادم
يا للحبيبِ المفدَّى
غداةَ زار وسلَّمْ
مستَحيياً والهوى في
ركابه يتضرَّمْ
وصامتاً وهو أيكٌ
بألفِ شدوٍ ترنَّمْ
ناداه قلبي! وناجاه
خاطري! وهو يعلَمْ
يا مطلعَ السحر والنور
والجمال! تكَلَّمْ!
أبِنْ! وإلا أعنْ قلبي
الممزَّقَ وارحَمْ!
يا غازياً القلب
وهو حصنٌ مُحَطَّمْ
لمَّا طلعت عليه
وهَى وأَنَّ وسلَّمْ
يا فتنة تتهادى
ورحمة تتبسَّمْ
إن لم يكن لي رجاءٌ
ولا لحظيَ مغنمْ
أو لَمْ يعُدْ لي نصيبٌ
دعني بحسنك أحلمْ!
حان حرماني وناداني النذيرْ
ما الذي أعدّدْتُ لي قبل المسيرْ
زمني ضاع وما أنصفتني
زاديَ الأولُ كالزاد الأخيرْ
ريّ عمري من أكاذيبِ المنى
وطعامي من عفافٍ وضميرْ
وعلى كفِك قلبٌ ودمٌ
وعلى بابِك قيدٌ وأسيرْ!
حانَ حرماني فدعني يا حبيبي
هذه الجنةُ ليستْ من نصيبي
آه من دارِ نعيمٍ كلما
جئتها أجتازُ جسراً من لهيبِ
وأنا إلفك في ظل الصِّبا
والشباب الغضِّ والعمرِ القشيبِ
أنزلُ الربوةَ ضيفاً عابراً
ثم أمضي عنك كالطيرِ الغريبِ
لِمَ يا هاجرُ أصبحتَ رحيما
والحنانُ الجمُّ والرقةُ فيما؟!
لِم تسقينيَ من شهدِ الرضا
وتلاقيني عطوفاً وكريما
كلُّ شيء صار مرّاً في فمي
بعدما أصبحتُ بالدنيا عليما
آه من يأخذُ عمري كلَّه
ويعيدْ الطفلَ والجهلَ القديما!
هل رأى الحبُّ سكارى مثلنا؟!
كم بنينا من خيالٍ حولنا!
ومشينا في طريق مقمرٍ
تثبُ الفرحةُ فيه قبلنا!
وتطلعنا إلى أنجمه
فتهاوين وأصبحنَ لنا!
وضحكنا ضحك طفلينِ معاً
وعدونا فسبقنا ظلنا!
وانتبهنا بعد ما زال الرحيق
وأفقنا. ليتَ أنا لا نفيقْ!
يقظةٌ طاحت بأحلامِ الكَرَى
وتولّى الليلُ، واللَّيْلُ صَدِيقْ
وإذا النُّورُ نَذِيرٌ طَالعٌ
وإِذا الفجرُ مُطِلٌّ كالحَرِيقْ
وإذا الدُّنيا كما نعرفُها
وإذَا الأحْبَابُ كلٌّ في طَريق
هاتِ أسعدْني وَدَعْني أسْعدُكْ
قَدْ دَنا بعدَ التَّنائي موردُكْ
فأذقنيه فإِني ذاهِبٌ
لا غدي يُرجَى ولا يُرجَى غدُكْ
وا بلائي من لياليَّ التي
قرَّبَتْ حَيْني وراحَتْ تبعِدُكْ!
لا تَدَعْني للَّيالي فغداً
تجْرَحُ الفُرْقةُ ما تأسو يَدُكْ!
أزف البينُ وقد حان الذّهابْ
هذه اللَّحظةُ قُدَّت مِن عَذَابْ
أزف البينُ، وهل كان النَّوى
يا حبيبي غير أن أغْلق بابْ ؟!
مَضتِ الشّمْشُ فأمسيتُ وقد
أغلقت دونيَ أبوابُ السَّحابْ
وتلفَّتُّ على آثارِهَا
أسْألُ اللَّيْلَ! ومَنْ لي بالجوابْ؟!
حان الشفاءُ فودع الألما
واستقبل الأيامَ مبتسما
ضيفٌ من السلوان حل بنا
حدبُ اليدين مباركٌ قدما
أو ما ترى الضيفَ الذي قدما
يطوي الغيوبَ ويذرعُ الظلما
في كفِهِ كأسٌ يقدمها
تمحو العذابَ وتغسلُ الندما
فاشربْ ولا ترحمْ ثمالتَها
لهفي عليك شربتَ أي ظما
فيض من النسيان يغمرني
اني لأحمد سيله العرما
مستسلماً للموج يغمرني
فرحان حين أعانقُ العدما
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.