"[font=times new roman (arabic)]فاقد الشيء.. لا يعطيه[/font]"
[font=times new roman (arabic)]هل سمعت هذه المقولة من قبل؟..بغض النظر ان كنت قد سمعتها ام لا..ما رأيك بها؟..ان أردت رأيي فأنا لا أؤيد هذه المقولة..ففاقد الشيء هو الذي يستطيع ان يعطيه ..لأنه الوحيد الذي شعر بألم فقدانه لهذا الشيء..وهو الوحيد الذي يمكنه ان يعوض من أمامه بالشيء الذي خسره ذات يوم..فمن فقد حنانا ..يشعر بألم فقدانه ويمنحه لكل من حوله..ومن فقد حبا..يعوضه لمن فقده..لانه يشعر بحقيقة آلامه..أظنكم قد فهمتم ما اعنيه لكم..لذا أترككم مع الحكاية ..صحيح انها من محض الخيال..ولكن من يدري؟..ربما تحدث يوما ما[/font]..
[font=times new roman (arabic)]مقدمة[/font]:
[font=times new roman (arabic)]ملاك هو اسمها..ملاك هي ملامحها..ملاك هي ابتسامتها..ملاك هي صفاتها..قلبها الكبير بحب الناس..لم يعرف معنى الكره ..معنى الكذب او الخداع..معنى الغرور والطمع..تخيلت إنها تحيا في عالم لا وجود للشر فيه..عالم ملئ بالخير والحب..بالتسامح والطيبة[/font].. [font=times new roman (arabic)]هل أخطأت عندما عاشت على أفكارها تلك ؟..على صفاتها تلك..واي صدمة ستعيشها لو علمت بالواقع المر؟..هل سيستطيع أحد أن يمنحها حبا يساوي حبها لكل هؤلاء الناس؟..هل سيأتي يوم وترى الحب في عيون من حولها؟..وذلك الشخص الذي طالما تمنته والذي لم يختفي من أحلامها لحظة ..يقترب منها وبهمس قائلا..(انت ملاك حبي)..(ملاك حبي انا[/font])..
[font=times new roman (arabic)]الجزء الأول[/font] "[font=times new roman (arabic)]هي.. وهو[/font]"
[font=times new roman (arabic)]ابتسمت تلك الفتاة وهي تمشط شعرها الأسود الذي ينسدل على كتفيها بنعومة ورقة..وتتطلع الى نفسها في المرآة..كانت بيضاء البشرة..جميلة وبريئة الملامح.. تصرفاتها تجعلها اقرب الى الأطفال..مع انها قد تجاوزت سن الثامنة عشرة[/font].. [font=times new roman (arabic)]كانت أشبه بالملاك عندما تبتسم..ابتسامتها يمكن ان تذيب جبالا من الغضب الذي تعيش بداخلك..وكانت مدللة والدها وخصوصا بعد وفاة والدتها..وبعد ذلك الحادث المشئوم الذي أثر بالجميع فيما عداها هي لأنها كانت صغيرة السن لحظتها..لم تعلم بم يدور حولها..او بم يحدث..فطفلة لم تتعدى الثانية من عمرها كيف لها ان تدرك ان والدتها قد توفت في ذلك الحادث..وإنها هي..تلك الطفلة الصغيرة باتت سجينة هذا المقعد الى الأبد[/font].... [font=times new roman (arabic)]فبعد حادث السيارة المشئوم..أصيبت (ملاك)..الطفلة التي لم تتعدى الثانية من عمرها يومها..بالشلل..إثر إصابة بعمودها الفقري[/font].. [font=times new roman (arabic)]لكن هذا لم يؤثر بها كثيرا..فمن جهة والدها..يغدق عليها بلطفه وحنانه وحبه..ومن جهة أخرى هي لم تختلط بمن يماثلونها العمر ويشعرونها بعجزها..فقد كانت تحيا بمعزل تقريبا عن الآخرين..فهي تقوم بالدراسة بالمنزل..تحت إشراف مدرسين متخصصين[/font].. [font=times new roman (arabic)]التقطت ملاك تلك الزهرة الصغيرة وثبتتها بأحد أطراف شعرها ..وما لبثت ان سمعت صوت طرق الباب فقالت مبتسمة: ادخل[/font].. [font=times new roman (arabic)]دلف والدها الى الداخل وقال مبتسما وهو يميل نحوها ويلثم جبينها: كيف حال ملاكي اليوم؟[/font].. [font=times new roman (arabic)]قالت ملاك مبتسمة: في أحسن حال..ماذا عنك يا ابي؟[/font].. [font=times new roman (arabic)]قال وهو يهز كتفيه: لاشيء..عمل في عمل[/font].. [font=times new roman (arabic)]ومن ثم لم يلبث ان ابتسم وهو يغمز بعينه: وهذا ما دعاني لأعود في سرعة الى صغيرتي الغالية[/font].. [font=times new roman (arabic)]قالت وهي تفكر: ابي..لم يبقى على رأس السنة الميلادية شيء ونحن لم نقم بالتجهيز لها[/font].. [font=times new roman (arabic)]قال في هدوء: لا يحتاج الأمر لكل تلك التجهيزات..سوف نقوم بتزيين المنزل بالإضافة الى شراء بعض الحلويات[/font].. [font=times new roman (arabic)]قالت في سرعة: لا أريدها ان تكون كالعام الماضي ..أريدها ان تكون مختلفة ومميزة[/font].. [font=times new roman (arabic)]مسح على شعرها وقال: حسنا وما رأيك..ما الذي سيجعلها مميزة هذا العام؟[/font].. [font=times new roman (arabic)]قالت برجاء: ان ندعو اليها ابناء عمي[/font] .. [font=times new roman (arabic)]عقد والدها حاجبيه وقال: الم نتحدث في هذا الموضوع كثيرا يا ملاك؟..اطلبي أي شي الا هذا[/font].. [font=times new roman (arabic)]قالت متسائلة: ولماذا؟..في كل مرة ترفض البوح لي بالأمر ..إنني لم أرهم منذ ان كنت في السادسة من عمري وبعدها لم أرهم ابدا[/font].. [font=times new roman (arabic)]قال وهو يزفر بحدة: لا تسأليني عن السبب..نحن هكذا نعيش براحة بمعزل عنهم[/font].. [font=times new roman (arabic)]قالت ملاك برجاء: الى متى يا ابي؟..الى متى؟..لابد ان يأتي يوم ونضطر لأن نكون معهم..ففي النهاية عمي هو أخيك ..وابناءه بمثابة ابناء لك[/font].. [font=times new roman (arabic)]صمت والدها وهو يعلم انها على حق..ولكنه لم يعد يزور اخيه وانقطعت بينهم كل أواصر العلاقات..وهذا قبل اثني عشر عاما..أسباب عديدة دفعته لقطع تلك العلاقة..اولها كان..إصرارهم بزواجه..انه ابدا لا يفكر باحضار امرأة الى هذا المنزل لتكون بمثابة زوجة اب لابنته..ثم لا يريد ان تشعرها بعجزها وخصوصا وهو يعلم بحال ابنته وبأي آثار قد يسببه جرح مشاعرها..وإشعارها بالواقع الذي تحياه[/font].. [font=times new roman (arabic)]والسبب الثاني هو انهم دائما ما يشعرونه بعجز ابنته ويحاولون التلميج بهذا لها.. يحاولون دائما الإشارة انها لن تعيش كباقي البشر .. دون عمل ..و دون قدرة على فعل شيء ..يستكثرون عليها هذه الحياة التي تحياها .. ويطمعون بكل قطعة نقدية تمتلكها وكأنها لا تمتلك الحق في الحياة لمجرد عجزها..انهم لا يفهمون انها ابنته..حياته كلها ..ولو طلبت نجمة في السماء لأحضرها لها.. ولهذا لا يريد لأي من اخوته او أبناءهم ان يعودوا للظهور في حياته ..لا يريدهم ان يجرحوا ابنته ولو بكلمة..انها ملاك..الا يفهمون..؟[/font].. ([font=times new roman (arabic)]ابي الى اين ذهبت؟[/font]..) [font=times new roman (arabic)]قالتها ملاك لتنتزع والدها من أفكاره..والتفت لها ليقول بابتسامة باهتة: أفكر في صغيرتي الغالية وماذا اشتري لها بمناسبة رأس السنة[/font].. - [font=times new roman (arabic)]لا أريد إلا ما أخبرتك به[/font].. [font=times new roman (arabic)]قال متجاهلا عبارتها: أتعلمين يا ملاك ..اليوم وانا اقود السيارة شاهدت متجرا للمجوهرات..دلفت اليه ولم استطع مقاومة ان اشتري هذا لملاكي الصغير[/font].. [font=times new roman (arabic)]قالها وهو يخرج قلادة من جيبه ويهبط الى مستواها ويرفعها أمام ناظريها..اتسعت ابتسامتها وهي تلمح تلك القلادة الذهبية التي كانت عبارة عن شكل لقلب وبداخله يتوسط قلب اصغر غير ثابت ومتأرجح..وقالت بسعادة: هذا لي[/font].. [font=times new roman (arabic)]اقترب منها والدها وقام بوضع القلادة حول رقبتها..وقال مبتسما: ما رأيك بها؟[/font].. [font=times new roman (arabic)]قالت بفرحة : اقترب مني يا أبي[/font].. [font=times new roman (arabic)]اقترب منها وقال: لم؟[/font].. [font=times new roman (arabic)]سقطت بين ذراعيه وقالت: احبك يا ابي ..احبك[/font].. [font=times new roman (arabic)]ضمها والدها اليه بحنان شديد..وهو يفكر بالمستقبل المجهول الذي ينتظر ابنته التي لا تعرف عن العالم شيئا[/font]... [font=times new roman (arabic)]؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛[/font]
على طرف آخر وفي مدينة اخرى..وفي ذلك المنزل الكبير الذي كان اشبه بالقصر..هتفت تلك الفتاة قائلة بانزعاج: (مازن)..اعد الي أحمر الشفاه
.. قال مازن وهو يبتسم بسخرية: لا يوجد لدينا فتيات يضعون احمر شفاه.. قالت بحنق: انها حفلة..ماذا تريدني أن أضع اذا؟.. قال وهو يميل نحوها: يكفيك ما تلطخين به وجهك من ألوان.. قالت بغضب وهي تمد يدها اليه: أعدها الي.. قال وهو يلوح بأحمر الشفاه في وجهها ليغيظها: وإذا لم افعل يا آنسة (مها)؟.. قالت بانفعال:سأخبر والدي.. قال بعدم اهتمام: اخبريه.. اسرعت مها تهبط درجات السلم وتتوجه نحو والده الذي كان يحتسي كوب القهوة في الردهة الرئيسية..وسمع صوت ابنته مها وهي تقول: والدي..يجب ان تجد حلاً مع مازن.. التفت لها وقال: وماذا به شقيقك ذاك؟.. قالت بحنق: لقد أخذ احمر الشفاه الخاص بي.. ويرفض إعادته لي.. قال والدها بضجر: وليس لي عمل غير فض الخلافات بينك وبين أخيك.. قالت بسخط: هو من بدأ.. جاءها صوت مازن وهو يقول: بل هي..تود وضع احمر شفاه في حفل ساهر..لا تزال طفلة على مثل هذا الأمور.. قالت بحدة: انت الطفل.. قال والده بملل: ألم تكبر على مثل هذا الأمور يا مازن؟..لقد تجاوزت الخامسة والعشرين.. قالت مها وهي تعقد ساعديها وقالت: أخبره بذلك يا والدي..وقل له ان يعيد أحمر الشفاه الخاص بي.. قال مازن مبتسما: سأعيده ولكن بشرط.. التفتت له فأردف: ان تعرفيني على احدى صديقاتك بالحفل.. قالت وعيناها متسعتان: لا بد وان عقلك قد اصابه خلل ما.. تطلع الى احمر الشفاه الذي بيده وقال: فليكن اذا.. لا تحلمي ان تري هذا مرة اخرى.. ودعيه الآن قبل ان يصل الى سلة المهملات.. قالت باحتجاج: لا تفعل هذا.. انه باهض الثمن..
- أمامك حلان إما احمر الشفاه او أحدى صديقاتك؟.. مطت شفتيها وقالت: فليكن سأعرفك على إحداهن.. أعدها لي الآن.. كاد أن يعطيها إياه ولكنه تراجع قائلا: أقسمي أولا.. قالت بضجر: اقسم على ذلك..هل ارتحت؟.. هيا اعطني إياه.. قدم لها أحمر الشفاه.. فاختطفته منه في سرعة وعادت أدراجها الى الطابق الأعلى..اما والده فقد تطلع اليه بضيق ومن ثم قال: الا تخجل من نفسك يا مازن من ان تطلب من أختك أن تعرفك على إحدى صديقاتها؟.. وأمامي أيضا.. هز مازن كتفيه ومن ثم قال: انها مجرد صداقة بريئة يا والدي.. وجميع الفتيات اللواتي اعرفهن يعلمون مسبقا اني لن ارتبط بإحداهن.. أنا لم اخدع أحدا.. جميعهن يعرفن حدود العلاقة التي بيننا.. قال والده بضيق: ألا ترى إن هذه العلاقات لا تصلح لشاب مثلك؟.. ألا تفكر في الاستقرار؟.. ابتسم مازن وقال: أن كنت تعني الزواج.. فكلا.. لا أفكر به مطلقا.. هز والده رأسه بضيق اكبر وقال: انظر الى أخيك انه لا يتصرف مثل تصرفاتك..على الرغم من انه شقيقك الأصغر.. قال مازن بسخرية: (كمال).. انه لا يبالي بشيء ابدا.. انظر اليه على الرغم من اننا سنغادر بعد قليل.. فلم يحضر حتى الآن..
- اتصل به لتعلم اين هو اذا.. التقط مازن هاتفه ليتصل بكمال ولكن قبل ان يفعل سمع صوت الباب الرئيسي وهو يُفتح.. فابتسم مازن بسخرية وقال: لابد وانه قد ترك أصدقائه من اجلنا أخيرا.. وقرر الحضور.. التفت والده الى حيث كمال وقال وهو يعقد حاجبيه: لماذا تأخرت يا كمال؟.. قال كمال بلامبالاة: لقد نسيت أمر حفلة الليلة.. ولم أتذكر إلا قبل وقت قصير.. عقد والده حاجبيه وقال باستنكار: وهل هذا أمر يستطيع المرء نسيانه يا كمال؟.. هز كمال كتفيه ومن ثم قال: لقد نسيته وانتهى الامر.. قال الوالد بعصبية وهو يلتفت الى مازن: استدعي شقيقتك لنغادر .. فلو تناقشت معكم اكثر من هذا.. قد اصاب بمرض القلب.. ألقى مازن نظرة حانقة على كمال الذي بدا غير مباليا أبدا بما يحدث حوله.. ومن ثم عاد ليهتف مناديا مها: مها.. أسرعي سنغادر بعد قليل.. سمع صوتها من أعلى الدرج وهي تقول بصوت عالي: سوف آتي .. دقيقة واحدة فقط.. وما لبثت ان هبطت بعد قليل.. ليغادروا جميعا المنزل.. متوجهين إلى الحفلة المنشودة... ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ شعرت ملاك التي كانت تنام بهدوء في غرفتها بلمسات حانية تداعب وجنتها ..فهمست قائلة: أريد ان انام.. سمعت صوت والدها يقول: هيا استيقظي ايتها الكسولة.. فتحت عينيها ببطء وارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وهي تقول : ابي.. الم تذهب الى عملك اليوم؟.. هز رأسه نفيا.. فسألته قائلة وهي تعتدل جالسة: ولم؟.. قال والدها بهدوء: هذا ما جئت لأحدثك عنه.. تطلعت ملاك اليه بحيرة وقالت: وما هو الذي جئت لتحدثني عنه؟.. مسح على شعرها بحنان ومن ثم قال: أنت تعلمين إن أعمالي كثيرة داخل وخارج البلاد.. واليوم قد حدث أمر طارئ يستدعيني للسفر.. عقدت ملاك ساعديها امام صدرها وقالت بضيق: ليس مرة اخرى يا والدي.. ستتركني وتسافر.. زفر والدها قائلا: وماذا عساي ان افعل يا ملاك؟.. انني مضطر صدقيني والا لما غادرت البلاد وتركتك..أتظنين إن أمرا بسيطا قد يجبرني على تركك وحدك.. لا إن الأمر اكبر من هذا وعلي أن أكون هناك لأستطيع تدارك أي خطأ قد يحدث.. أشاحت بوجهها عنه وقالت وهي تشعر بغصة في حلقها: في المرة الماضية ايضا تركتني.. هنا لوحدي.. لا اجد ما افعله.. سوى التحدث الى نفسي.. قال والدها بحنان وهو يضمها الى صدره: ملاك يا صغيرتي.. لا تقولي هذا.. انت اكثر من يعلم انني اتضايق عندما اراك حزينة.. أمسكت ملاك بسترته وقالت برجاء: اذا خذني معك .. أرجوك.. ربت على ظهرها وقال بأسف: ليتني استطيع.. سأكون منشغلا طوال الوقت.. وسأضطر لانتقال من مكان الى آخر.. وقد لا استقر في مكان ما الا بعد ايام من وجودي هناك.. ابتعدت ملاك عن والدها وقالت وعيناها متسعتان: ايام؟؟.. اتعني انك ستغيب كثيرا هذه المرة.. وستتركني وحيدة هنا..
- اسبوع لا اكثر.. ترقرقت الدموع في عينيها وقالت بحزن: لقد سأمت البقاء لوحدي يا ابي .. لا اريد ان ابقى لوحدي مرة أخرى.. اريد ان اجد من اتحدث اليه.. قال والدها بحنان وهمس وهو يمسح تلك الدموع التي سالت على وجنتيها: لا أريد أن أرى هذه الدموع.. تعلمين إني لا اتأثر الا عندما أرى دموعك.. قالت ملاك بإصرار: أريد أن آتي معك..
- ليتني أستطيع يا ملاك.. صمتت ملاك بحزن وهي تشعر بأن الماضي سيتكرر وتظل وحيدة من جديد.. كل عام يغادر والدها البلاد.. ليومين او ثلاثة ويتركها وحيدة.. ولكن هذه المرة سيغادره لأسبوع كامل.. لا تستطيع ان تبقى في المنزل مع عدد من الخدم فقط.. تريد ان تتحدث الى احد يفهمها وتفهمه.. وقال والدها بابتسامة: ستكون معك السيدة (نادين).. وهي المسئولة عنك كما تعلمين فلا تقلقي لن تحتاجي لأي شيء في غيابي.. قالت ملاك بحزن: لا أريد ان أبقى وحيدة.. شعر والدها بالعطف تجاهها وقال وقد احس انه يمكن ان يوافق على أي طلب تطلبه.. وهو يراها في حالتها هذه: ما الذي تريدينه اذا؟.. التفتت له ومسحت دموعها في سرعة لتقول: اريد ان اذهب لمنزل عمي للبقاء عندهم.. قال والدها في عدم تصديق ودهشة: منزل عمك؟..انت لا تعرفين احدا منهم ابدا.. قالت ملاك وهي تعض على شفتيها بالم: على الاقل سأجد من اتحدث اليه هناك.. قال والدها بحزم: ملاك.. كل شيء إلا هذا.. أنا لا أريد لك أن تذهبي إلى هناك وتختلطي بهم لأن... قاطعته ملاك برجاء: أرجوك يا أبي.. لن اطلب شيئا آخر سوى هذا.. أرجوك.. رق قلب والدها وهو يراها تتوسل إليه.. وشعر انه ربما اخطأ عندما جعلها بمعزل عن الآخرين.. قد يكون ذلك في صالحها.. ولكنه أيضا سبب لها الشعور بالوحدة.. الشعور بأن ليس لديها أصدقاء ممن يماثلونها العمر.. وقد يكون ذلك سببا في عدم إدراكها لطبيعة البشر من حولها.. وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي والدها ليقول: كما تشائين يا صغيرتي.. سأفعل لك كل ما تريدينه.. ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ تطلع والد مازن الذي كان يجلس خلف مائدة الطعام الى المقعد الفارغ وقال متسائلا: اين كمال؟.. اجابته مها التي كانت تجلس بجوار والدها: لا يزال نائما.. قال والدها بضيق: انها الثانية ظهرا.. أي نوم ينامه الى الآن؟.. قال مازن الذي جلس على الطرف الآخر للمائدة: الم اخبرك انه لا يبالي بأي شيء؟.. قالت مها بحنق: على الاقل هو ليس مثلك.. دائم الشجار معي.. قال مازن بابتسامة: أنا أقوم بتسليتك.. فلو لم أكن أتشاجر معك لشعرت بالملل.. قالت مها وهي تتناول القليل من طبقها: الملل لدي افضل الف مرة من شجار واحد معك.. ضحك مازن وقال:ألأني المنتصر دائما في هذا الشجار؟.. مطت شفتيها بضيق ولم تجبه..وكاد أن يهم بقول شيء ما.. لولا ان ارتفع صوت رنين هاتف المنزل.. فقال والد مازن وهو يواصل تناول طعامه: اجب يا مازن على الهاتف.. ابتسم مازن وقال وهو يتطلع الى مها: اجيبي يا مها على الهاتف.. قالت مها بحنق: ابي قد طلب ذلك منك انت.. قال بسخرية: عليك الامتثال لاوامر شقيقك الاكبر.. قالت بتحدي: وعليك انت الامتثال لاوامر والدك.. قال والده بغضب: الا تحترمون وجودي حتى؟.. نهض مازن من مكانه وقال وهو يزفر بحدة: سأجيب يا والدي على الهاتف .. لا داعي لكل هذا الغضب.. لقد كنت امزح فحسب.. قالت مها بصوت خفيض وحانق: مزاحك ثقيل جدا.. توجه الى الردهة الرئيسية حيث الهاتف ليرفع سماعته ويجيب قائلا: الو.. من المتحدث؟.. تسائل الطرف الآخر قائلا: هل هذا هو منزل السيد امجد محمود؟ .. اجابه مازن قائلا : اجل هذا منزله .. من المتحدث؟..
- انا خالد .. شقيقه.. قال مازن بحيرة: هل انت عمي خالد حقا؟.. قال خالد بابتسامة باهتة: اجل ..وانت من تكون؟ ..مازن ام كمال؟.. ابتسم مازن وقال : انا مازن يا عمي.. كيف حالك؟.. لم نرك منذ مدة طويلة..
- انا بخير.. هل لك ان تنادي لي والدك؟.. استغرب مازن رغبته في ان ينهي المحادثة معه سريعا ولكنه لم يفكر بهذا طويلا وقال بهدوء: حسنا سأفعل.. والتفتت الى حيث والده ليهتف بصوت مرتفع: والدي.. عمي يريدك على الهاتف.. نهض والده من خلف طاولة الطعام التي كانت تحتل ركنا من الردهة وقال متسائلا: أي عم تعني؟.. قالها وهو يقترب من حيث يقف مازن في حين اجاب هذا الاخير وهو يتطلع الى والده: انه عمي خالد.. توقف والده فجأة وقد سيطرت عليه الدهشة والاستغراب.. فشقيقه خالد لم يتصل منذ فترة طويلة تجاوزت العام والنصف.. واتصالاته كانت تنحصر على أمر يتعلق بالعمل.. او امر مهم ما..فلابد ان امر ما قد حدث حتى يتصل به..وواصل طريقه ليلتقط السماعة من مازن ويجيب قائلا: اهلا خالد.. كيف حالك؟.. هز مازن كتفيه بلامبالاة وسار مبتعدا عن المكان في حين أجاب خالد قائلا ببرود: بخير.. قال والد مازن كمن اعتاد على هذه النبرة من شقيقه : وكيف حال ملاك؟.. توقف مازن في تلك اللحظة عن السير.. ملاك؟؟.. هل لعمه ابنة؟.. لم يعرف هذا حتى الآن.. انه يستغرب عدم حديث والده عن عمه خالد بالذات.. ويستغرب هذه القطيعة بين والده وعمه.. وعقد حاجبيه وهو لا يزال واقفا في مكانه منصتا لما يقال.. وعلى الطرف الآخر قال خالد بهدوء: وهذا ما جعلني اتصل بك.. قال أمجد -والد مازن- بحيرة: ماذا تعني .. هل اصابها مكروه؟.. ازداد انعقاد حاجبي مازن.. الآن هو قد فهم من هذه المحادثة ان هناك فتاة تدعى ملاك.. وربما تكون ابنة عمه.. وابيه يتحدث عن مكروه.. وكأنها من المحتمل ان تصاب به في أي لحظة.. لكن.. لماذا؟.. قال خالد بحدة على الرغم منه: ملاك على ما يرام .. فلا داعي لان تتمنى لها ان تصاب بأي مكروه .. قال امجد بهدوء: خالد.. انت تعلم جيدا انني لست كباقي اخوتك.. وانا الوحيد فيهم الذي عارضهم على ما يفكرون به تجاه ابنتك.. اليس هذا صحيحا؟.. قال خالد وقد هدأت حدة صوته: ولهذا اخترتك انت بالذات.. ولكن اعلم جيدا يا شقيقي العزيز انهم لو طلبوا منك أي شيء لتضر ابنتي لما تأخرت..انت لا تستطيع ان ترفض لهم مطلبا واحدا وهم شركائك.. اليس كذلك؟.. قال امجد بلامبالاة: لا فائدة منك.. على الرغم من كل ما فعلته من اجل ابنتك قبل اثني عشر عاما.. ازدادت دهشة مازن وهو يستمع لكل هذه الأمور التي اخذت تتدفق من بين شفتي والده.. اذا ملاك هي ابنة عمي حقا..وهناك شيء قد حدث قبل اثني عشر عاما أدى إلى هذه القطيعة بين عمي خالد والبقية من أشقاءه..وأبي هو الوحيد الذي عارضهم على ما يفكرون به تجاه ابنة عمي.. ولكن بم كانوا يفكرون بالضبط؟.. أو ما الذي ينون عليه؟.. قال خالد بهدوء: قبل أي شيء يا امجد اطلب منك ان تعدني.. او ان تمنحني كلمة منك.. ان ابنتي ستكون على مايرام ولن تتأذى من قبل أي منكم سواء بمضايقتها او بالتلميح لها.. قال امجد موافقا: أمنحك كلمة شرف ان ابنتك ستكون على مايرام ولن يجرؤ احد على الاقتراب منها حتى لو كانوا ابنائي نفسهم..واقسم على ذلك ايضا.. واردف بتساؤل: ولكن لم تطلب مني ذلك؟..أهناك امر ما قد حدث؟..
- انت تعلم بأعمالي العديدة.. وان علي ان اسافر بين الحين والآخر حتى أنجز أعمالي بالخارج..وفي كل مرة اترك ملاك فيها ليومين او ثلاثة.. ولكن هذه المرة الفترة قد تطول الى ما هو أكثر من ذلك.. ربما أسبوع او أكثر بقليل.. وعندما أخبرتها بالأمر صدقني لم أراها في حياتي حزينة كما رأيتها في تلك اللحظة وهي تطلب مني ان آخذها معي.. تساءل امجد بقليل من الدهشة: وهل وافقت؟.. اجابه خالد قائلا: بكل تأكيد لا.. الأمور لا تستقر الا بعد فترة من الوقت كيف لي ان اتركها وحيدة كل هذا الوقت .. وفي الوقت ذاته لا استطيع ان اتركها لمفردها في المنزل.. لهذا فقد كنت انت بمثابة الحل الوحيد.. قال امجد بهدوء: انت تعني ان تاتي لتبقى عندي في وقت غيابك .. اليس كذلك؟..
- بلى واعِلم انها هي من طلبت مني ذلك.. انها تشعر بالوحدة لمفردها وتتمنى ان يكون لها أصدقاء.. وحسبما اذكر فابنتك مها بمثل عمرها تقريبا.. لهذا ارجو ان لا يخيب ظنها بما تتمنى رؤيته في منزل عمها.. قال امجد بحزم: بيت عمها هو بيتها الآخر.. فلا داعي لاي تلميحات..
- على العموم سترافقها السيدة نادين.. ولن تكون بحاجة لأي شيء..
- ابنتك مرحب بها في أي وقت..
- سأحضرها غدا صباحا وأرجو ان تكون عند وعدك..
- لا تقلق سأكون كذلك واكثر..
- الى اللقاء.. اغلق امجد سماعة الهاتف وقال بضيق: لا يزال يضعني في دائرة الاتهام على الرغم من اني كنت اقف بجانبه هو وابنته دائما .. سأله مازن بعتة والذي بدأ يفهم بعض الشيء من الحديث الذي دار بين والده وعمه: ابي من هي ملاك؟.. وهل هي سبب القطيعة بينك وبين عمي خالد؟.. التفت له والده وكأنه قد تنبه الى وجود مازن للتو وقال وهو يعقد حاجبيه: هل كنت تستمع لما اقوله؟.. هز مازن كتفيه وقال: ليس تماما.. ولكن الحديث عن هذه الفتاة اثار دهشتي وخصوصا وانك لم تتحدث عنها ابدا.. زفر والده بحدة وقال: اجل هي ابنة عمك.. وهي سبب القطيعة التي بيننا.. تسائل مازن بفضول: ولماذا؟.. صمت والده للحظات ومن ثم قال: لا داعي لأن نفتح صفحة الماضي.. الامور هكذا افضل.. ومن ثم توجه الى احدى الخادمات ومازن يراقبه بحيرة.. وسمع هذا الاخير والده وهو يقول لتلك الخادمة: جهزوا غرفة النوم التي بالطابق الارضي قبل الغد.. أومأت الخادمة برأسها وابتعدت.. في حين شعر مازن بحيرته تزداد.. فمن الغريب ان يطلب والده تجهيز غرفة نوم بالطابق السفلي على الرغم من ان لديه غرف نوم اكثر بالطابق الاعلى.. فما فهمه من حديث والده ان ابنة عمه ستأتي للبقاء عندهم لفترة من الوقت ريثما ينهي عمه أعماله بالخارج.. ولكن لم اختار والده الغرفة الموجودة بالطابق الأرضي بالذات؟..هل يريد ان تكون ابنة عمي بعيدة عنا ام ماذا؟! .. ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ (ملاك توقفي عن البكاء يا صغيرتي) قالها خالد والد ملاك بحنان وهو يتطلع الى هذه الأخيرة التي جلست الى جواره على المقعد الخلفي للسيارة ولم تتوقف عيناها عن ذرف الدموع وهي تشيح بوجهها لتتطلع الى من النافذة بألم ..واردف والدها ليقول بصوت هادئ: انها ليست المرة الاولى التي اسافر فيها يا ملاك.. لا تبكي هكذا يا صغيرتي وكأني لن اعود اليك.. قالت ملاك من بين شهقاتها: ولكنها المرة .. الأولى التي ..تتركني لوقت طويل.. مسح على شعرها وقال بابتسامة: أريد أن أرى ابتسامة على الأقل قبل ان أسافر.. حتى اشعر بالراحة وأنا مسافر.. لا أريد ان أتركك وانا اشعر بالقلق عليك.. التفتت له وقالت بعينين مغرورقتين بالدموع: كيف ابتسم وقلبي يبكي بدموع من دم على فراقك يا ابي ..كيف؟.. التقط والدها من جيبه منديلا وشرع يمسح دموعها برفق وحنان وقال بابتسامة مغيرا دفة الحديث لينسيها القليل من احزانها: الا زلت مصرة على الذهاب الى منزل عمك؟.. قالت ملاك بعناد طفولي: بكل تأكيد على الاقل سيكون هناك من اتحدث اليه من اخبره باحاسيسي.. برغباتي.. لا ان أكون كالتائهة لا اعلم الى من اتحدث او الى أي شخص اشكي همومي.. قال والدها وهو يربت على كتفها: سأتصل بك يوميا ويمكنك ان تشكي لي ما اردت.. اخبريني ماذا تريدين ان احضر لك معي.. تنهدت وقالت وهي تنظر اليه: ما يهمني هو سلامتك يا ابي.. قال مبتسما بمكر: الا تريدين أي شيء حقا؟.. وجدت نفسها تبتسم وتقول: بلى اريد.. واردفت قائلة: اريد ان تجلب لي معك طيرا.. قال بحيرة: يمكنك شراء ما تريدين يا صغيرتي من هنا .. سأمنحك المبلغ الذي تريدين و... قاطعتها قائلة وهي تهز رأسها نفيا: لا.. لا اريد شراءه من هنا.. بل اريده ان يكون على ذوقك.. ويكون مميزا حتى اتذكرك كلما غبت عني.. قال والدها بحب وهو يحيط كتفها بذراعه ويضمها اليه: لك ما شئت يا صغيرتي.. عقب قوله توقف السيارة.. وسمعا صوت السائق وهو يقول: لقد وصلنا يا سيد خالد.. التفتت ملاك في سرعة الى منزل عمها.. وفغرت فاهها بدهشة .. والتمع في عيناها بريق اعجاب وهي تقول: اهذا هو منزل عمي حقا؟.. فما امامها لم يكن اشبه بالمنازل التي رأتها.. بل كان اشبه بالقصور.. ببوابته الكبيرة.. وضخامة بناءه وروعة تصميمه .. وحديقته التي كانت ترى منها القليل فقط.. وان كانت تشعر بمساحتها الكبيرة..وازدردت لعابها لتتغلب على دهشتها وتشير الى المنزل باصابع متوترة بعض الشيء: اهذا منزل عمي حقا؟؟.. قال والدها بابتسامة باهتة: لا تخدعك المظاهر يا صغيرتي..
- ماذا تعني يا ابي؟.. قال بهدوء وهو يلتفت عنها: قد يبدوا لك المنزل جميلا من الخارج ولكن ماذا عن الداخل؟.. كان يعني بقوله اصحاب ذلك المنزل.. ولكنها لم تفهمه وظنت انه يعني المنزل بتأثيثه الداخلي.. وقالت مبتسمة: اكثر جمالا بكل تأكيد.. ابتسم وقال متحدثا الى نفسه: ( لن يمكنك فهم ما اعنيه ابدا يا صغيرتي.. لانك لم تكن لك اية علاقات الا معي ومع السيدة نادين..اشعر بالخوف تجاهك من كل ما حولك.. وكل ما يحيط بك.. كيف يمكن ان تواجهي العالم لو لم اكن انا موجودا .. كيف لك ان تواجهي جشع اعمامك ومكرهم .. كيف لك ان تواجهي خبث الناس من حولك.. هل اخطأت يا صغيرتي عندما ابعدتك عن الناس خوفا من ان يجرحوا مشاعرك؟ .. هل هذا هو خطأي انا؟..) وتطلع الى المنزل وهو يتمنى من كل قلبه ان يعاملها اخيه وابناءه كما يتمنى هو او كما تتمنى هذه الملاك الصغير.. لو جرحوا مشاعرها لمرة فما الذي قد يحدث لها.. لو حاولوا ان يلمحوا يوما عن عجزها.. كيف ستتصرف؟.. ووجد نفسه يتردد في ان يترك ملاك عند اخيه .. ولكن حماسة ملاك المفاجأة جعلته يتراجع عندما سمعها تقول بسعادة: ابي اريد ان ارى المنزل من الداخل ايضا.. متى سنهبط من السيارة؟ .. قال والدها بابتسامة شاحبة بعض الشيء وهو يفتح الباب المجاور له: الآن يا صغيرتي.. واردف وهو يتحدث الى السائق: افتح صندوق السيارة.. اسرع السائق ينفذ الامر.. فخرج خالد من سيارته وتوجه الى خلف السيارة ليلتقط ذلك الكرسي المتحرك الذي اصبح رفيق ملاك الدائم.. وفرده ليحركه الى جانب الباب المجاور لملاك.. وفتح الباب ليقول بابتسامة: هل اساعدك؟.. قالت مبتسمة: لقد اعتدت هذا.. صدقني.. قالتها وهي ترفع نفسها قليلا من على مقعد الكرسي باستخدام كلتا ذراعيها.. وتوجه ثقل جسدها الى الكرسي الموضوع بجانب السيارة..واستقرت عليه .. فابتسم والدها وهو يدفع المقعد قليلا ويغلق باب السيارة والتفت الى السائق قائلا: انتظرني هنا ريثما اعود.. عاد السائق ليومئ برأسه.. فدفع خالد مقعد ملاك امامه.. وابتسم يشرود وهو يتطلع الى المنزل الموجود امامه.. وتوقف لوهلة وهو يقول: هيا يا سيدة نادين.. كانت نادين سيدة تجاوزت الثامنة والثلاثين.. طيبة القلب وتهتم بكل شئون ملاك.. وهذا ما كان عزاءه في محنة ابنته.. ان تجد القلب الذي يعطف عليها.. وتكون كأم او اخت لها.. خرجت السيدة نادين من السيارة وهي تحمل حقيبة متوسطة الحجم وقالت في سرعة : في الحال يا سيد خالد.. وابتسمت ملاك ابتسامة تحمل ما بين السرور والقلق..القلق مما قد يصادفها خلف ابواب ذلك المنزل.. ضمت معطفها الى جسدها وتساءلت بالرغم منها متحدثة الى نفسها : (هل سيكون العيش بمنزل عمي كما تخيلته وتمنيته؟ .. أم أني سأنصدم بالحقيقة القاسية ؟) ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
[font=times new roman (arabic)]قالت مها بحنق وهي تشير الى باب غرفتها: هلاّ خرجت يا مازن والا ناديت لك والدي الآن[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال بسخرية: لم اثر جنونك بعد[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت بحدة: اخرج .. اخرج الآن[/font]..
[font=times new roman (arabic)]هز كتفيه وقال: على كل حال كنت سأخرج لان لدي موعد مع صديق لي.. لذا.. مع السلامة يا اختي العزيزة[/font]..
[font=times new roman (arabic)]توجه إلى الخارج ليسير في الممر ومن ثم يهبط درجات السلم .. وتوقف بغتة وهو يستمع صوت رنين جرس الباب..ورأى الخادمة وهي تتوجه الى الباب وتفتحه..ومن ثم سمعها تقول: تفضل يا سيد خالد بالدخول[/font]..
[font=times new roman (arabic)]عمه خالد هنا؟..يا للغرابة انه لم يزرهم منذ مدة طويـ.. لحظة.. كيف نسي هذا؟.. عمه اتصل بالأمس من اجل ابنته ..صحيح!..لقد قال انه سيأتي غدا ليصحب معه ابنته الى هنا.. كيف نسي هذا؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]وتطلع الى الباب وهي ينتظر ظهور ابنة عمه المرتقبة بلهفة..ترى كيف شكلها؟.. هل هي جميلة ام لا؟.. وكم عمرها؟ .. إذا كان ما حدث قبل اثني عشر سنة.. يعني ربما تكون هي الآن على الاقل ذات أربعة عشرة عاما.. ابتسم لنفسه بسخرية.. قد تكون ابنة عمه التي ينتظرها طفلة ليس الا.. يا لغباءه.. ايظن انها يجب ان تكون فتاة في العشرين من عمرها و[/font]...
(([font=times new roman (arabic)]انا لست طفلة[/font]))..
(([font=times new roman (arabic)]كمال.. دعها وشأنها[/font]))
[font=times new roman (arabic)]اتسعت عيناه وهو يشعر بغرابة ما جال بباله.. ما هذه الكلمات التي دارت بذهنه.. بل من قال هذه العبارات.. يشعر انها مدفونة في عقله منذ زمن طويل.. ما باله؟.. ما الذي يقوله الآن؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]ورفع عيناه ليتطلع إلى عمه خالد الذي دلف إلى الداخل وأخذت عيناه تجول بحثا عن ابنة عمه.. ورأى السيدة نادين وهي تدخل حاملة حقيبة أمامها.. وعقد حاجبيه.. ان هذه المرأة كبيرة جدا.. اذا اين هي ابنة عمه؟.. ربما لم تدخل بعد او[/font]...
[font=times new roman (arabic)]وانتبه في تلك اللحظة فقط الى المقعد الذي كان موجودا أمام عمه خالد..وتوجهت أنظاره الى تلك الجالسة امامه.. والتي كانت تطرق برأسها وهي تداعب قلادتها بأناملها.. واتسعت عيناه في دهشة وذهول.. هل ابنة عمه تلك كانت فتاة مشلولة عاجزة ؟؟[/font]!..
[font=times new roman (arabic)]فالوحيدة التي كانت يمكن ان تكون ابنة عمه هي الجالسة على ذلك المقعد.. الآن فقط فهم لم والده اختار الغرفة الموجودة بالطابق السفلي..ولم يستطع مازن ان يلمح ملامحها بشكل جيد وخصوصا وهي تطرق برأسها ولكنه لمح شعرها الأسود الذي ينسدل على كتفيها كشلال من الماء..وهبط آخر الدرجات ليتقدم منهم ويقول بابتسامة رسمها على شفتيه: اهلا عمي خالد.. لم نرك منذ مدة[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال خالد ببرود: اهلا مازن.. اين والدك؟..الم تناديه الخادمة بعد؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]في تلك اللحظة رفعت ملاك عينيها لتتطلع الى المكان من حولها.. وشعرت بالانبهار وهي ترى مظاهر الفخامة والثراء الذي ينعكس في اللوحات الفنية والتحف والاثاث الفاخر.. والثريات التي تملأ سقف الردهة.. ومن ثم لم تلبث ان تطلعت الى مازن الواقف امامهم.. كان شابا وسيم الملامح.. طويل القامة. . ذا شعر اسود وعينان سوداوان كذلك.. يرتدي بنطالا اسود وقميصا يجمع مابين اللونين الرمادي والأسود..وقال هذا الاخير مرحبا: تفضل يا عمي بالدخول[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال خالد بلامبالاة: الطائرة ستغادر بعد ساعتين.. انا مستعجل .. هلاّ ناديت لي والدك[/font]..
[font=times new roman (arabic)]التفت مازن ليفعل لولا ان رأى والده يتقدم منهم وهو يقول بابتسامة: اهلا خالد..كيف حالك؟.. وكيف حال ملاك؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالها وهو يتطلع الى ملاك.. فقال خالد بهدوء: بخير.. لا تنسى وعدك لي يا امجد..ملاك امانة عندك[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال امجد وهو يتطلع الى ملاك بابتسامة: ستكون في منزلها[/font]..
[font=times new roman (arabic)]وأردف قائلا وهو يتحدث إلى ملاك: كيف حالك يا ملاك؟.. لقد أصبحت عروسا جميلة.. آخر مرة رأيتك فيها كنت في السادسة من عمرك[/font]..
[font=times new roman (arabic)]ارتسمت ابتسامة تجمع مابين السرور والخجل وهي تقول: بخير[/font] ..
[font=times new roman (arabic)]في تلك اللحظة وجدها مازن فرصة ليتطلع الى ملاك.. وخصوصا وانها غير منتبهة له.. وبرقت عينيه ببريق الاعجاب وهو يتأمل ملامحها التي تقطر براءة.. وابتسامتها التي تجعلها كالأطفال ..بشرتها الناصعة البياض وشعرها الاسود الناعم الذي ينسدل على كتفيها برقة..ليصنعا ضدان غاية في الروعة..ولون عينيها السوداوان والذي جعلها كالدمية ..كانت ترتدي معطفا بني اللون ذا ياقة من الفراء[/font] ..
[font=times new roman (arabic)]وايقظه من تأملاته كف والده الذي وضعت على كتفه.. وسمع صوته وهو يقول: هذا ابني مازن كما تعرف.. اكمل دراسته الجامعية وهو يعمل معي الآن بالشركة[/font]..
[font=times new roman (arabic)]واردف قائلا: اما كمال فهو في سنته الرابعة بالجامعة.. ومها في السنة الاولى[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال خالد بهدوء: اذا ملاك أصغرهم سنا.. فهي ستبدأ دراستها الجامعية للتو[/font]..
[font=times new roman (arabic)]في تلك اللحظة لاحظ مازن أخته التي هبطت درجات السلم وقالت بابتسامة: ما الأمر؟.. لم كلكم مجتمعين هنا؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]وانتبهت الى عمها الواقف وقالت بابتسامة واسعة: عمي .. انت هنا.. منذ متى لم تزورنا؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال خالد بهدوء:ظروف العمل[/font]..
[font=times new roman (arabic)]واردف وهو يتحدث الى امجد: ملاك كما تعلم تدرس تحت إشراف أساتذة متخصصين وسيأتون في موعدهم.. ان لم يكن لديك مانع[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال امجد وهو يهز رأسه: أبدا.. فليحضروا في أي وقت[/font]..
[font=times new roman (arabic)]شعرت مها في تلك اللحظة بمازن وهو يلكزها ويقول بسخرية: لقد أدركت اليوم فقط انك لا تملكين أي جمال[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت مها وهي تلتفت له بحنق: ماذا؟؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال مبتسما وهو يلتفت عنها ويتطلع الى ملاك: انظري إلى ابنة عمي وستدركين مدى صحة قولي[/font]..
[font=times new roman (arabic)]تطلعت مها الى حيث ينظر..ومن ثم لم تلبث ان قالت بذهول وهي تلتفت له وبصوت حاولت ان تجعله خفيض قدر الامكان: تلك المقعدة؟[/font]!..
[font=times new roman (arabic)]أومأ مازن برأسه ومن ثم قال: هل فهمت الآن سر تجهيز غرفة بالطابق الأرضي لها[/font]..
- [font=times new roman (arabic)]ولكن.. لم أتخيل أبدا ان ابنة عمي.. مقعدة.. لم اتخيل ذلك ابدا[/font]..
- [font=times new roman (arabic)]اصمتي الآن والا انتبهوا لنا[/font]..
[font=times new roman (arabic)]في الوقت ذاته كان خالد يلتفت الى ملاك ويقول بصوت حاني: والآن يا صغيرتي علي ان اغادر[/font]..
[font=times new roman (arabic)]اسرعت تمسك بذراعه وتقول برجاء: ابقى قليلا معي[/font]..
[font=times new roman (arabic)]تطلع الى ساعته وقال بابتسامة باهتة: ليتني أستطيع.. ولكن لم يبقى على موعد الطائرة إلا ساعة وأربعون دقيقة وهي بالكاد تكفيني للوصول الى المطار وإنهاء الإجراءات[/font]..
[font=times new roman (arabic)]ترقرقت في عينيها الدموع فهبط والدها الى مستواها وقال وهو يمسح على شعرها: كم مرة قلت لك؟.. لا اريد ان ارى دموعك.. لا اريد ان اقلق عليك قبل ان أغادر[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت وهي تشد من مسكتها لذراعه: لا تنسى ان تتصل بي عندما تصل.. اتصل بي كل يوم.. ارجوك[/font]..
- [font=times new roman (arabic)]سأفعل يا صغيرتي..اهتمي بنفسك جيدا.. ستكونين في أيدي أمينة[/font]..
[font=times new roman (arabic)]واردف متحدثا الى نفسه: (او هذا ما اتمناه[/font])..
[font=times new roman (arabic)]اومأت ملاك برأسها بصمت.. وهي تشعر انها لو تحدثت فدموعها ستسيل دون استئذان.. فقال والدها وهو يداعب وجنتها: سأغادر الآن يا صغيرتي.. أراك بخير[/font]..
[font=times new roman (arabic)]وجذب كفه بهدوء من يدها واعتدل واقفا ليقول للسيدة نادين: اعتني بها جيدا[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت السيدة نادين بهدوء: لا تقلق عليها يا سيد خالد.. ملاك هي اختي الصغيرة[/font]..
[font=times new roman (arabic)]ومال خالد على ملاك ليقبل جبينها بحنان ومن ثم يقول: الى اللقاء يا ملاكي الصغير[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالها وسار عنها مبتعدا الى باب المنزل وقلبه يعتصر بالألم وهو يرى نفسه مرغما على ترك ملاك في منزل شقيقه.. والذي كان يرفض دخولها اليه مهما حصل.. لكن هي من توسلته وترجته ان تذهب الى هناك.. وهو يتمنى الآن ان لا يكون قد اخطأ عندما نفذ لها رغبتها تلك[/font]...
[font=times new roman (arabic)]لم يشعر احد بملاك التي اطرقت برأسها في الم وحزن وهي تسمع صوت الباب يغلق خلف والدها..تبخر كل انبهارها بالمنزل.. وتبخرت رغبتها في المكوث بنزل عمها منذ ان رأت والدها يخرج منه.. تريد ان تلحقه.. تذهب معه.. لا تريد البقاء هنا.. فليأخذها معه ولو الى الجحيم.. وهتفت بغتة بحزن: ابي ارجوك.. لا تغادر وتتركني.. ارجوك[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت نادين بهدوء وهي تتطلع الى ملاك: آنستي .. لا داعي لكل هذا الحزن.. سيتصل كما وعدك[/font]..
[font=times new roman (arabic)]عضت ملاك على شفتيها بحزن وقالت: لقد غادر ولن استطيع ان اراه قبل اسبوع.. اسبوع كامل..اريد الذهاب معه.. فليأخذني معه.. لا اريد البقاء هنا[/font]..
[font=times new roman (arabic)]لم تهتم ملاك بكل من يراقبونها.. أمجد الذي شعر انه يتطلع بطفلة متعلقة بوالدها حتى الجنون.. ومها ومازن اللذان شعرا بمدى قوة العلاقة بين ملاك ووالدها..والتفتت نادين الى امجد في تلك اللحظة وقالت: سيد امجد.. هلاّ أرشدتني الى غرفة ملاك.. انها بحاجة الى الراحة الآن[/font]..
[font=times new roman (arabic)]شعرت مها بالشفقة والعطف تجاه ملاك .. وهي ترى هذه الفتاة التي في مثل عمرها والتي قدر لها ان تبقى حبيسة هذا المقعد الى الابد.. واجابت هي عوضا عن والدها: سأرشدك اليها انا[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالتها وتوجهت الى ما خلف مفعد ملاك لتدفعها وتحرك المقعد ولكن ملاك قالت باعتراض وهي تمسح دموعها في سرعة: لا تدفعيه.. يمكنني ان أحركه بنفسي[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت مها بحيرة: ولكني سأساعدك فقط[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت ملاك بألم: لا احتاج لمساعدة من احد.. فطوال عمري كنت اتصرف بمفردي ولا يفكر احد بمساعدتي.. لا احد سوى والدي الذي رحل[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت مها بابتسامة: ولكنه سيعود على اية حال.. والآن تعالي معي سأرشدك الى غرفتك[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالتها وهي تسير الى جوار مقعد ملاك التي كانت تحرك المقعد الى جوار مها..وفتحت مها أخيرا باب الغرفة بعد ان وصلوا اليها وقالت متسائلة: ما رأيك بها؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]ومع ان الغرفة كانت اكبر من غرفة ملاك التي بمنزلها بمرتين ومع انها كانت ملحقة بصالة صغيرة ودورة مياه خاصة بالغرفة.. الا ان ملاك أحست بالحنين لغرفتها السابقة والتي لم تفارقها يوما قط.. لا تعلم كيف ستنام خارج منزلها.. وكيف ستقضي هذه الايام مع ابناء عمها اللذين لا تعرفهم جيدا..وقالت ملاك اخيرا بهدوء: جميلة[/font]..
[font=times new roman (arabic)]ابتسمت مها بمرح وقالت وهي تدلف الى الغرفة: من؟.. الغرفة ام انا؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]وقبل ان تجيب جاءهم صوت مازن وهو يقول بسخرية: بالتأكيد الغرفة[/font]..
[font=times new roman (arabic)]وضعت مها يدها عند خصرها وقالت بحنق: ما الذي جاء بك الى هنا؟.. انها غرفة ابنة عمي[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال بدهشة مصطنعة: حقا؟.. لم اكن اعلم.. لقد ظننت انها غرفتي انا[/font]..
[font=times new roman (arabic)]واردف وهو يضع حقيبة ملاك التي كان يحملها بجوار الخزانة: لقد جئت لأوصل هذه الحقيبة الى ابنة عمي[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت مها مستفسرة: واين تلك المرأة المسئولة عن ملاك والتي كانت تحمل هذه الحقيبة اذا؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال مازن بابتسامة وهو يلتفت الى حيث ملاك الجالسة بصمت: لقد طلبت من الخادمة ان توصلها الى حيث غرفتها[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت مها وهي تتوجه نحوه: لو رآك والدي هنا يا مازن.. فسوف يغضب من دخولك الى غرفة ابنة عمي[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال مازن بابتسامة وهو يستند الى باب الغرفة: اهذا جزائي لاني اوصلت الحقيبة الى الغرفة؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت مها باستخفاف: يالك من شاب مكافح ونشيط.. اتعبت نفسك كثيرا..كان يمكنك ان تمنح الحقيبة لاحدى الخادمات وهي ستجلبها الى هنا[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال مازن وهو يعقد ساعديه امام صدره: لا اثق بالخادمات[/font]..
- [font=times new roman (arabic)]منذ متى؟[/font]..
- [font=times new roman (arabic)]منذ اليوم ان اردت[/font]..
[font=times new roman (arabic)]التفتت مها الى ملاك التي اطرقت برأسها بألم وكانت شاردة بافكارها.. وكأنها غير موجودة في المكان.. فاقتربت مها من مازن وقالت برجاء: اخرج الآن.. دعها لوحدها حتى ترتاح.. لا اريد ان نزيد عليها همومها بشجاراتنا هذه[/font]..
[font=times new roman (arabic)]تطلع مازن الى ملاك وابتسم قائلا: معك حق[/font]..
[font=times new roman (arabic)]ومن ثم اردف وهو يهتف بملاك: ملاك[/font]..
[font=times new roman (arabic)]رفعت ملاك رأسها الى مازن الذي هتف بها.. وتطلعت اليه بصمت.. فقال بابتسامة: سعدت برؤيتك يا ابنة عمي[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالها واستدار عنهم ليغادر الغرفة.. في حين شعرت ملاك بغرابة حديثه اليها فهي لم تعتد ان يكون لها ابناء عم بعد.. حتى كلمة ابنة عمي.. تشعر بوقعها غريب على أذنيها ..ولكنها لم تهتم كثيرا لذلك..واخذت تطلع الى قلادتها وتداعبها بأناملها[/font]..
[font=times new roman (arabic)]اما مها فقد تنهدت بارتياح وقالت: واخيرا ذهب[/font]..
[font=times new roman (arabic)]سمعت بغتة صوت مازن وهو يعود الى المكان قائلا: لا تفرحي بسرعة هكذا .. ها قد عدت[/font]..
- [font=times new roman (arabic)]ماذا تريد الآن؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال مبتسما:والدي يقول ان الغداء سيكون بعد ساعتين.. فأرجو ان لا يتخلف احد[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت مها بسخرية: لا احد سيتخلف عن موعد الغداء سواك[/font]..
[font=times new roman (arabic)]غمز لها بعينه وقال: لا اظن ان هذا سيحصل هذه المرة[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالها وابتعد.. فالتفتت مها الى ملاك وقالت وهي تسير الى حيث هذه الأخيرة: معذرة ان كنا قد أزعجناك.. ولكن هذه هي طبيعة مازن دائما يهوى استفزازي..وانا بدوري أتشاجر معه[/font]..
[font=times new roman (arabic)]هزت ملاك رأسها وقالت: لا عليك[/font]..
[font=times new roman (arabic)]تطلعت مها الى ملاك وهي تشعر انها تبدوا هادئة اكثر من اللازم.. ولا تتحدث الا اذا حدثها احدهم.. وقالت متسائلة لعلها تجعل ملاك تتحدث اليها وتعتاد المكان: في أي سنة دراسية انت يا ملاك؟[/font]..
- [font=times new roman (arabic)]سأبدأ دراستي الجامعية للتو[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت مها بابتسامة باهتة وهي تجلس على طرف الفراش: هذا يعني انك تصغريني بعام[/font]..
[font=times new roman (arabic)]لم تعلق ملاك على عبارتها.. فقالت مها وهي تستحثها على الحديث: كيف تبدوا الدراسة تحت إشراف اساتذة بالمنزل؟.. بالتأكيد افضل بمائة مرة من الدراسة في جو الجامعة والطلبة والحصص.. اليس كذلك؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]تطلعت لها ملاك ومن ثم قالت: بل اتمنى ان أكون في جو كهذا.. بدلا من ان اكون حبيسة المنزل.. وهذا المقعد ايضا[/font]..
[font=times new roman (arabic)]اسرعت مها تغير الموضوع عندما شعرت انه قد يألم ملاك وقالت: انت لم تري شقيقي كمال بعد.. انه يكبرني بثلاثة اعوام.. و غير مبالي ابدا.. ولكنه افضل من مازن على الاقل.. فهو لا يتشاجر معي ابدا[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت ملاك وهي تتنهد: ليت لدي شقيق مثلك.. حتى لو كان سيتشاجر معي طوال اليوم[/font]..
[font=times new roman (arabic)]شعرت مها ان كل حديثها لملاك يرجع هذه الاخيرة الى الواقع المرير التي تحياه..وقالت مبتسمة: اتعلمين.. لم نرى عمي خالد منذ فترة طويلة.. ولم اكن اعلم انه لديه ابنة.. ولولا ذلك لطلبت منه ان ياتي بك الى منزلنا معه عندما يحضر[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت ملاك وهي تهز رأسها: لن يوافق[/font]..
- [font=times new roman (arabic)]ولم؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت ملاك وهي تزفر بحدة: لطالما طلبت منه ان يدعو كم الى منزلنا.. ولكنه كان يرفض[/font]..
[font=times new roman (arabic)]عقدت مها حاجبيها وقالت بغرابة: ولماذا؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قالت ملاك وهي تهز كتفيها بقلة حيلة: لست اعلم.. في كل مرة يقول هذا افضل لك..الامور هكذا افضل[/font]..
[font=times new roman (arabic)]ومن جانب آخر تطلع مازن الى والده وقال بحيرة: ماذا تعني يا والدي بقولك ان الأمور هكذا افضل؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]تطلع اليه امجد بحزم وقال : اعني ان لا تفتح صفحات الماضي .. فالامور هكذا افضل بكثير[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال مازن بحيرة: ولكني أريد ان اعرف سبب هذه القطيعة بينك وبين عمي[/font]..
[font=times new roman (arabic)]قال امجد بحدة: أخبرتك أنها بسبب ابنته ملاك[/font]..
- [font=times new roman (arabic)]اعلم.. ولكن لماذا هي؟.. ما الذي فعلته لتكون سببا في هذه القطيعة بين أسرتها وجميع اسر أعمامي؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]تنهد امجد بقوة ومن ثم قال: ان أردت الحقيقة فهي لم تفعل شيئا ابدا[/font]..
[font=times new roman (arabic)]تسائل مازن باهتمام: اذا؟؟[/font]..
[font=times new roman (arabic)]أشار له والده ليجلس على المقعد ومن ثم قال: الأمر بدأ بعد وفاة والدة ملاك بعامين تقريبا.. فمن حينها وخالد يبدوا غريبا.. صامتا.. انطوائيا.. لا يهتم بشيء سوى ابنته وخصوصا بعد أن علم انها أصيبت بعمودها الفقري وستظل عاجزة الى الابد[/font]..
قال مازن في سرعة: وبعد؟؟.. اكمل امجد قائلا:وحينها فعل شقيقي مالم يتوقعه احدنا.. فقد سجل نصف شركته باسم ابنته ملاك.. جلس مازن على المقعد وقال بهدوء: لو كنت مكانه لفعلت المثل.. عقد امجد حاجبيه ومن ثم واصل قائلا: وهذا التصرف لم يعجب عميك وعمتك ابدا.. فلو حدث شيء لا قدر الله لخالد.. فستنتقل نصف الشركة الى ابنته ملاك.. مع ان نصيبها في الميراث سيكون اقل من هذا بكثير..وخصوصا وانه ليس لديه ابناء فستتوزع حينها باقي الورثة على اخوته.. المهم انهم يومها قرروا ان يبدأوا بأبسط الطرق اليه.. فحاولوا اقناعه بالزواج من فتاة ما .. وبالتأكيد كانوا متفقين معها ان تقنعه بعد الزواج بكتابة نصف الشركة باسمها وبالتالي يكون خالد وشركته في أيديهم.. قال مازن بغرابة: كل هذا وانت صامت يا ابي لا تفعل شيئا..
- وماذا عساي ان افعل؟.. لو وقفت الى جوار اخي لسحبوا رأس المال من شركاتي ولخسرت شركاتي ولاضطررت لدفع الخسارة من جيبي الخاص.. قال مازن بحنق: ولكن عمي لم يأبه لكل هذا.. وجعلهم يسحبون أموالهم من شركته ويتخلون عنه اليس كذلك؟ .. تنهد امجد وقال وهو يومئ برأسه: بلى.. ولا يزال للحكاية بقية.. فبعد ذلك ذهبوا اليه جميعا..وطالبوه ان يتراجع عن تسجيل نصف الشركة باسم ملاك.. فهي ستكون عاجزة طوال عمرها.. لن تستفيد من الشركة.. ويمكنه بدلا من ذلك ان يضع مبلغ في حسابها.. ولكن شقيقي خالد عارضهم وبشدة وطلب منهم ان لا يتدخلوا في حياته.. لان تلك هي شركته ومن حقه ان يسجلها باسم من يشاء.. واستمروا بتهديده بأنه لو لم يفعل لهم ما يريدون فسيحيلون حياته وحياة ابنته الى جحيم وخصوصا ستظل عاجزة طوال عمرها واي كلمة منهم قد تؤذيها.. ولهذا انعزل خالد مع ابنته في منزل بمكان ما من البلاد.. ولا احد يعرف مكانه ابدا حتى الآن.. عقد مازن حاجبيه وقال باستغراب: الم يحاول احد اعمامي الاتصال به.. او البحث عنه؟..
- بلى ولكن دونما فائدة.. وعندما رأوا انهم يعجزون عن الوصول الى بيته.. اكتفوا بتهديده بالشركة.. ولكن.. حتى الآن لا يزال خالد صامد في وجههم.. قال مازن بحزم: والى متى سيصمد يا والدي؟.. هل ستتركه لوحده يتحدى جشع أعمامي؟.. زفر امجد وشبك أصابع كفيه وهو يقول: لست اعلم..فليس في يدي ما افعله..المهم الآن..إنني لا أريد لأحد ان يعلم ان ملاك ابنة أخي موجودة في هذا المنزل.. قال مازن بحيرة: وماذا نقول لعمي أو عمتي لو جاءوا لزيارتنا؟.. قال امجد وهو بلوح بكفه: أي شيء.. صديقة مها وقد جاءت لتقضي بضع أيام هنا.. ريثما يأتي والدها من الخارج.. ولا تنسى نبه على شقيقك وشقيقتك ان لا يعلم احد عن وجود ملاك ابنة عمك في منزلنا.. وبالنسبة للخدم فسأتصرف بالأمر.. وأردف بلهجة قاطعة: يمكنك الآن الخروج بعد ان عرفت كل ما تريد ان تعرفه.. هز مازن كتفيه بلامبالاة ومن ثم نهض من مجلسه ليغادر غرفة المكتب.. وان كان يشعر بالشفقة تجاه ابنة عمه التي ولدت لتواجه قسوة الحياة وواقعها المر...
جلست ملاك خلف مائدة الطعام بصمت.. لم تحاول الحديث الى أي احد وهي تكتفي بالانشغال بالأكل.. او التظاهر بهذا الانشغال.. كل ما كان يشغل بالها هو والدها وحسب.. لقد كانت في هذا الوقت .. تتناول طعام الغداء معه.. يتحدث اليها ويمزح معها.. ويحاول بشتى الطرق ان يرفه عنها ولو في ساعاته المعدودة التي يقضيها معها .. ايقظها من شرودها صوت عمها وهو يقول: هل استيقظت للتو يا كمال؟..
رفعت رأسها الى من يتطلع اليه عمها وشاهدت ابن عمها كمال.. الذي كان يهبط درجات السلم في تلك اللحظة..كان يشبه مازن في لون شعره الاسود.. ولكنه كان حاد النظرات.. بشرته تتمتع بسمرة خفيفة ووسامة واضحة.. وان كان في طول مازن تقريبا.. ويرتدي بنطالا من نوع الجينز .. وقميصا ذا لون اسود..
وتثاءب كمال وهو يقول بلامبالاة: اجل..
قال والده بتهكم: ولم لم تكمل نومك اذا؟..
قال كمال وهو يقترب من طاولة الطعام: لا داعي للسخرية يا والدي.. ها انذا استيقظت وجئت لتناول طعام الغداء معـ...
بتر عبارته وعقد حاجبيه وهو يتطلع الى ملاك التي كانت تحرك الملعقة في الطبق بلا هدف..فأسرع والده يقول: نسيت ان أعرفك .. هذه ابنة عمك ملاك..وقد جاءت لتقضي بضعة ايام هنا ريثما يأتي والدها من السفر..
جذب كمال مقعدا وقال بدهشة: ابنة عمي؟؟.. أي عم؟..
- عمك خالد..وكما اخبرت مازن ومها من قبل.. هذا الكلام لا نريد ان يعرف به احد سوانا نحن.. انا اثق بكم جميعا لانكم ابنائي.. الجميع من خارج المنزل سيعرفون ملاك على انها صديقة مها.. هل هذا مفهوم؟..
قال كمال وهو يتناول قطعة من الجزر: ولم كل هذه السرية؟..
قال والده بحزم: افعل كما اخبرتك فقط..
التفت كمال الى ملاك ليتطلع اليها بنظرة قصيرة.. وعاد يلتفت الى والده وهو يقول: واين كانت ابنة عمي عنا كل هذه السنين؟..
توقفت ملاك عن تحريك الملعقة في الطبق وهي تنصت لما سيقال .. لو كان يعلم انها كانت تتمنى الحضور الى هنا طويلا.. ولكن والدها كان دائما ما يرفض.. لما قال هذا..
في حين قال امجد بحدة: تكلم بأدب يا كمال.. فهي ابنة عمك اولا.. وفي منزلنا ثانيا..
هز كمال كتفيه وقال: لم اقل ما يزعج.. فقط استفسر عن سر اختفاءها كل هذه السنوات.. ولم لم نرها الا عندما سافر والدها..
اجابه والده قائلا: لم يكن لدى والدها حل الا إبقاءها هنا.. وخصوصا انه سيقضي فترة بالخارج ستتجاوز الأسبوع وربما...
( عن اذنكم)
قالتها ملاك وهي تستدير بمقعدها مغادرة الطاولة .. فقالت مها بضيق: هل أعجبك هذا يا كمال؟.. بالكاد وافقت ان تتناول طعام الغداء معنا.. والآن انت تجعلها تغادر الطاولة بعدم مبالاتك بها وبشعورها وانت تتحدث عنها هكذا..
صمت كمال بدهشة وهو يتطلع الى ملاك التي ابتعدت عن المكان وتوجهت الى غرفتها.. ومن ثم لم يلبث ان قال وهو يلتفت اليهم والدهشة لا زالت تعلو قسماته: لم اكن اعلم من قبل انها مقعدة...
قال مازن بحنق: وهل كان هذا سيغير من لا مبالاتك شيئا؟ ..
قال كمال وهو يمط شفتيه: لست انسان معدوم الإحساس يا مازن..
قال مازن وهو يلتفت عنه: واضح جدا..
في حين قال امجد بحدة: يكفي جميعا.. وأنت يا مها.. اذهبي إليها في غرفتها.. وحاولي ان تتحدثي إليها..
أومأت مها برأسها وهي تغادر طاولة الطعام وتتجه الى غرفة ملاك .. في حين قال امجد بعصبية: اسمع يا كمال.. ان كنت ستتحدث بهذه الطريقة الى ابنة اخي.. فالأفضل ان لا تتناول طعام الغداء او العشاء معنا مرة اخرى..
قال كمال بضيق: لم اقل ما يغضب يا والدي..ثم لم كن اعلم انها فتاة حساسة اكثر من اللازم..
- لقد تربت ملاك وعاشت طوال عمرها وحيدة.. ولهذا فهي لا تستطيع ان تتقبل الامور بسهولة.. لو اردت رأيي فهي لن تكون حساسة فقط.. بل ربما عدائية ايضا.. ولهذا ارجو ان تعاملوها جميعا بلطف.. انه اسبوع واحد لا اكثر..
قال كمال وهو ينهض واقفا: ليس ذنبي ان احتمل فتاة مثلها..
قال مازن بحدة: انها ابنة عمك قبل كل شيء..
قال والده وهو يحاول ان يهدئ نفسه: حسنا لن اطلب منك ان تحتمل وجودها.. فقط اطلب منك ان لا تجرحها بأي كلمات.. ولو تجاهلت وجودها سيكون ذلك افضل..
قال كمال وكأنه لم يسمع أي حرف مما قيل: عن اذنكم..
- الى اين؟..
قال كمال وهو يمط شفتيه: الى النادي..
قالها وغادر المكان.. وفي تلك اللحظة عادت مها قائلة وهي تهز رأسها: لقد رفضت العودة لتناول طعام الغداء معنا مرة اخرى..وتقول انها متعبة وستنام..
واحس مازن بالشفقة تجاه ملاك وخصوصا وهو يلمح صحنها الذي كان ممتلأ عن آخره ولم تتناول منه ولا قطعة واحدة...
تطلعت ملاك بملل الى باب غرفتها.. هل جاءت هنا لتسجن نفسها؟.. ثلاث ساعات منذ ان غادرت طاولة الطعام.. لم تعلم لم شعرت بكل ذلك الضيق والالم من كلمات كمال .. ربما لانه وجه لها اتهاما صريحا في كلماته على انها لم تأتي هنا الا من اجل مصلحة ليس الا.. لا يعلم شيئا عن إلحاحها المستمر للقدوم الى هنا.. واصرارها الكبير في ان يدعوهم والدها على الاقل في احدى المناسبات.. وكيف له ان يعلم.. وهو يحظى بعائلة كبيرة تغمره بكل مايريده من حب وحنان..مال وأخوة وأقارب.. اما هي فلم تحظى الا بحب والدها وحنانه.. والذي لم تكن لتراه الا ساعتين او ثلاث ساعات في اليوم على الاكثر .. وتنهدت مرة اخرى وهي تتطلع الى باب الغرفة.. وأحست برغبة جارفة تدفعها للخروج والترويح عن نفسها قليلا بالتحدث الى أي احد..واندفعت وراء رغبتها لتفتح باب الغرفة وتغادرها وهي تدفع مقعدها بهدوء.. وتلفتت حولها الى الردهة الخالية من أي شيء سوى الاثاث والتحف المنتشرة بالمكان.. وتلفتت حولها مرة اخرى قبل ان تواصل تحركها في المنزل .. لعلها تقضي وقت فراغها هذا برؤية ارجاء هذا المنزل وتحفه الثمينة..و...
(واخيرا خرجت من غرفتك)
التفتت ملاك الى ناطق العبارة .. وتطلعت ال مازن بهدوء الذي يعقد ساعديه امام صدره بثقة.. ولم تعلق هي على عبارته بل آثرت الصمت..فقال مبتسما: أتبحثين عن شيء ما؟..
اومأت براسها بهدوء.. فقال متسائلا: وما هو هذا الشيء؟..
كانت تظن انه سيتركها وشأنها ولن يتساءل اكثر.. وفكرت قليلا ومن ثم قالت: مها..
مال نحوها قليلا ومن ثم قال: ولم تبحثين عن مها؟..
اشاحت بوجهها بصمت وهي تداعب قلادتها بأناملها.. فقال متسائلا: هل تودين ان اناديها لك؟..
عادت لتومئ برأسها.. فابتسم هو قائلا: اظن انك ترغبين في ان أغادر اكثر من رغبتك في نداء مها لك.. اليس كذلك؟..
لم تجبه وظلت صامتة.. وان وافقته في اعماقها على ما قاله.. فهي حقا لا ترغب في التحدث الى أي احد لا تثق به.. او تشعر به قريبا منها.. تريد ان يكون لها اصدقاء.. ولكن على الاقل اشخاص تثق بهم.. ولكنهم ابناء عمها.. ومن هم ابناء عمها؟.. لم يحاولوا زيارتها لمرة واحدة في منزلها وهي تشعر بالوحدة والخوف من بقاءها في المنزل بمفردها.. حتى انهم لم يكلفوا نفسهم مشقة السؤال عنها وعن والدها طوال السنين الماضية.. لقد جاءت الى هنا لسبب واحد فقط.. لا تريد ان تشعر انها لوحدها في المنزل.. لا تريد ان تعود اليها مخاوف الوحدة.. تريد ان تشعر بالامان والاطمئنان الى ان هناك من يشاركها المنزل الذي تعيشه..
(لم تجيبيني .. تريدين مني ان اغادر .. اليس كذلك؟)
رفعت رأسها وتطلعت الى مازن الذي ايقظها من شرودها وقالت باقتضاب: اجل..
اتسعت ابتسامة مازن وقال: فليكن..
واسرع ينادي الخادمة التي جاءت على عجل قائلة: ما الامر يا سيد مازن؟..
قال بمكر: اذهبي لنداء الآنسة مها من الطابق العلوي واخبريها ان تهبط الى الردهة فالآنسة ملاك ترغب بالحديث اليها..
أسرعت الخادمة تبتعد .. فقال مازن وهو يلتفت الى ملاك مرة اخرى: عذرا.. ولكن لن استطيع تلبية رغبتك..
تطلعت له ملاك بدهشة.. ومن تصرفه الغريب تجاهها.. منذ متى يهتم احد بالبقاء معها.. او الحديث معها عندما نرفض هي ذلك..وشعرت بغرابة ذلك الواقف امامها.. ولكنها لم تلبث ان استدارت بمقعدها مغادرة وقالت: سأفعل انا..
اسرع مازن يقول: لحظة..
توقفت عن دفع مقعدها.. فقال: اظن انك تشعرين بالملل.. ما رأيك ان نذهب جميعا انا وانت ومها الى النادي.. على الاقل تخرجين من عزلتك قليلا..
شعرت برغبة كبيرة حقا في الخروج وقالت متسائلة بحيرة: وهل لديك الوقت لذلك؟..
قال مبتسما براحة من تجاوبها معه: ولم لا.. اليوم اجازة وهي من حقي في الخروج.. ما رأيك هل توافقين؟..
هزت كتفيها وقالت: لا ما نع لدي..
وشعرت ببعض السعادة تتسلل الى نفسها.. فها هي ذا ستخرج من المنزل وستروح عن نفسها قليلا.. وستجد من تتحدث اليه ايضا..هذه السعادة التي كانت تتمناها مع والدها المنشغل دائما باعماله.. ولكن عليها ان تلومه.. انه يبذل كل ذلك الجهد في عمله من اجلها..ومن اجل ان تحيا برفاهية وسعادة.. ولكن لو يعلم انها لا تريد أكثر من لمسته الدافئة.. وقلبه الحاني ليحتويها به بعيدا عن هذا العالم.. بعيدا جدا...
التفت مازن الى ملاك التي كانت شاردة في أفكارها وقال: تفكرين في والدك.. صحيح؟.. التفتت له ملاك وقالت بحيرة: وكيف عرفت ذلك؟.. ابتسم بثقة ومن ثم قال: لا يحتاج الامر الى الذكاء.. حزنك.. وعزلتك.. ولا تتحدثين مع احد هنا الا نادرا ..كل هذا لا يدل الا على حزنك لفراقه.. أومأت برأسها وقالت بألم: انه الوحيد الذي يفهمني في هذا العالم.. هز مازن كتفيه وقال: بالتأكيد فهو والدك.. وأردف بابتسامة مغيرا دفة الحديث: اذهبي لترتدي ملابس اكثر دفئا.. فالجو بارد بالخارج.. ارتسم شبح ابتسامة على شفتيها وهي تستدير عائدة بمقعدها الى الغرفة.. في حين استند مازن بظهره الى الجدار المجاور للدرج .. سببه الوحيد للاهتمام بملاك.. هو طبيعته بتكوين الصداقات مع الفتيات.. لقد اعتاد ذلك منذ زمن.. واحيانا يأخذ الامر كوسيلة للتسلية.. وان كان الأمر لا يأخذ أي منحنى جدي.. ولكن هذه المرة الأمر يختلف.. فملاك ابنة عمه.. ولا يستطيع ان يتسلى .. على العكس يجب ان يكون خائفا عليها كأخت له تماما.. انها أمانة في أعناقهم جميعا..اجل سيكون اهتمامه محصورا في إطار الاخوة.. تماما كما كان سيهتم بمها.. وفي تلك اللحظة هبطت مها درجات السلم وقالت متسائلة: أين هي ملاك؟.. اجابها مازن قائلا: لقد ذهبت لترتدي ملابس تدفئها لأننا سنخرج بعد قليل.. قالت مها بدهشة: انت وهي؟؟.. قال مازن بحنق: بالطبع لا ايتها الذكية.. ستكونين معنا.. قالت مها مبتسمة بمكر: ظننت انك لن تأخذني معكما.. قال في سرعة: اسرعي بارتداء شيء مناسب.. فسنذهب الى النادي.. قالت بمرح: حسنا في الحال.. وعاودت صعودها الى الطابق العلوي.. في حين تحرك مازن الى حيث الأريكة وألقى بجسده عليها.. وتطلع بشرود الى التحفة الموضوعة على طاولة صغيرة بجواره.. الى ان سمع صوت ملاك وهي تناديه قائلة: مازن.. التفت في سرعة اليها وقال مبتسما: اجل.. قالت ملاك بهدوء وهي تقلب كتابا بين يديها: انا جاهزة.. - فلننتظر مها.. فسوف ترتدي ملابسها وتأتي معنا.. لم تعلق ملاك وهي تقلب الكتاب بين كفيها..وأبعدت خصلات شعرها المتهدلة على جبينها..في حين اعتدل في جلسته وكاد مازن ان يقول شيئا..لولا ان هبطت مها على درجات السلم وقالت بمرح: ها انذا قد جهزت.. قال مازن باستخفاف: ستعاقبين على تأخرك.. ولن نأخذك معنا.. قالت مها وهي تضع يدها عند خصرها:حاول فقط.. قال مازن وهو يلتفت عنها: هيا يا ملاك .. لنذهب نحن.. لم تتحرك ملاك من مكانها قيد انملة فقالت مها مبتسمة: هل رأيت؟.. ان ملاك تقف في صفي.. وتوجهت الى ملاك لتقول بمرح: يالك من فتاة.. لقد حطمت غروره.. قال مازن وهو يشير الى مها: هيي انت يا فتاة.. لا اسمح لك بقول ذلك.. لم تخلق بعد من تستطيع تحطيم غرور مازن امجد.. قالت مها وهي تغمز له بعينها: بل انها موجودة امامك ايها الاعمى وقد حطمت غرورك منذ قليل.. - ما حدث منذ قليل اسميه مجرد جولة وانتهت.. ثم لم تكثرين الكلام.. فلنغادر الآن ايتها المزعجة.. قالت مها وهي تفكر: لحظة واحدة .. ماذا عن السيدة نادين؟.. هل نأخذها معنا؟.. تطلع مازن الى ملاك .. فأجابت هذه الاخيرة قائلة وهي تهز رأسها: لا داعي لذلك.. قال مازن بتردد: ولكن قد تحتاجين الى شيء ما.. وهي من تعرف كل احتياجاتك.. قالت ملاك بضيق: وانا ايضا اعرف احتياجاتي.. قال مازن مهدئا: حسنا.. حسنا لا تتضايقي.. لقد اردتها ان تأتي معنا لتساعدك ليس الا.. قالت ملاك بعصبية: لا احتاج الى مساعدة من احد.. واستطيع التصرف لوحدي.. لست طفلة.. اتفهم.. استغرب مازن غضبها المفاجئ.. فلم يقل ما يستدعي العصبية او الغضب.. انه يفكر في مصلحتها ليس الا.. ولكن طبيعة ملاك الانطوائية والتي لم تكن تختلط الا بوالدها الذي يغمرها بحنانه وعطفه يجعلها لا تتقبل الحديث من احد وخصوصا اذا اشار في حديثه ذاك عن شيء عن حاجتها للمساعدة ..وشاهدها مازن وهي تستدير بمقعدها مغادرة المكان.. فأسرع يقف امامها ويقول: ما الامر؟..هل اغضبك ما قلته؟.. اشاحت بوجهها عنه فقال بابتسامة: حسنا انا آسف وأرجو ان تقبلي اعتذاري.. اعلم انك لست طفلة وتستطيعين تدبر أمورك بمفردك.. استدارت له ملاك في تلك اللحظة.. فاتسعت ابتسامته وهو يردف: والآن هل نخرج؟.. رفعت ملاك رأسها له ولأول مرة رآها تبتسم وتومئ برأسها بهدوء..بادلها الابتسامة وابتعد عنها متوجها الى حيث باب المنزل الرئيسي.. والتفتت مها الى ملاك وقالت وهي تتوجه نحوها: هل أساعدك؟.. قالت ملاك بلهجة تطوي بعض المرح غير التي اعتادتها مها منها: ان شئت.. أمسكت مها المقعد وأخذت تدفعه ببطء..فقالت ملاك مستغربة: لم تدفعينه هكذا؟.. قالت مها بقلق: أخشى ان اكون سببا في مكروه قد يصيبك.. - لا عليك.. اسرعي اكثر.. قالت مها مستسلمة: كما تشائين.. واسرعت في سيرها لتصل الى السيارة ووقفت امام الباب الخلفي لتقول : مازن تعال وساعدنا.. اسرعت ملاك تقول: لا داعي لقد اعتدت ذلك.. فقط افتحي الباب.. واستطيع الجلوس على المقعد الخلفي بمفردي.. كان مازن قد تحرك من مكانه وجاء اليهم بناء على هتاف مها..وشاهد ملاك وهي تحاول بكل جهدها وقوتها رفع نفسها عن المقعد المتحرك والجلوس على مقعد السيارة الخلفي.. وتساءل.. لم تفعل كل هذا وتكلف نفسها كل هذا العناء؟.. كان بامكاني ان اساعدها دون ان تتعب نفسها هكذا.. لم يكن يدرك ان ملاك كانت تحب فعل كل شيء بمفردها.. تريد ان تثبت للناس جميعا انها ليست عاجزة ابدا.. وتستطيع فعل الكثير حتى وان كانت قدماها لا تتحركان..كان اصرارها على عدم حاجتها للمساعدة من احد هو ما يدفعها لأن تبذل كل الجهد لفعل كل شيء بنفسها.. وتحرك مازن الى حيث المقعد الذي تركته ملاك ليطويه ويضعه في صندوق السيارة.. وعاد ادراجه الى مقعد السائق..لينتظر مها لصعد اليها وينطلق بالسيارة الى حيث النادي...
تطلع كمال بغرابة الى مازن الذي اقترب منه وقال : لماذا تتطلع إلي هكذا؟.. قال كمال بحيرة: ليس من عادتك ان تأتي الى النادي في وقت كهذا.. اشار مازن الى ما خلفه ومن ثم قال: رأيت انا ومها.. ان ملاك ابنة عمي تعزل نفسها كليا عن الجميع.. فقررنا اخراجها من المنزل واحضارها الى هنا لترفه عن نفسها.. هز كمال كتفيه وقال وهو يدير ظهره عنه ويتجه الى قسم الفروسية: لا شأن لي بأحوال ابنة العم تلك.. زفر مازن بحدة ومن ثم تبعه بدوره الى ذلك القسم.. ومن جانب آخر جلست مها مع ملاك حول احدى الطاولات بكافتيريا النادي..وانشغلت الاخيرة بقراءة الكتاب الذي بين يديها..فسألتها مها قائلة: ماذا تقرئين؟.. قالت ملاك وهي تتوقف عن القراءة وتضع الكتاب على الطاولة: كتاب عن الحياة ومشاكلها المختلفة.. قالت مها متسائلة: وهل يوجد حلول لهذه المشاكل في الكتاب؟ .. قالت ملاك بهدوء: نوعا ما.. ابتسمت مها وقالت: مشكلتي الوحيدة في هذه الحياة هي مازن .. فهل يوجد حل لها في كتابك هذا؟.. ابتسمت ملاك وقالت: لا اظن.. تطلعت لها مها وقالت: لأول مرة أراك تبتسمين.. ان كان ذكر مازن سيجعلك تبتسمين فسأردد اسمه دائما.. ولما وجدتها صامتة ولم تعلق سألتها قائلة: وانت.. ما هي مشكلتك؟.. اجابتها ملاك بكلمة واحدة: الوحدة.. رددت مها مستغربة: الوحدة؟.. التفتت لها ملاك وقالت بحزن: اصعب شعور قد يمر على الانسان او الفتاة بشكل خاص ان تشعر انها وحيدة في هذا العالم بدون اخوة او اصدقاء..او حتى شخص ما في مثل عمرها..انه شعور يخنقك..يقتلك.. وكل مخاوفك تتضاعف وانت تشعرين بوحدتك.. قالت مها متسائلة: وماذا عن والدتك؟.. وضعت ملاك كفها عند وجنتها وقالت وهي تشعر بغصة في حلقها: واين هي والدتي؟.. لم أرها حتى.. لم يعد لي الحق في ذلك بعد ان فقدتها.. لا اذكر شكلها او صوتها.. والشيء الوحيد الذي بات من حقي هو ان أراها في الصور.. قالت مها معتذرة: انا آسفة لم اكن اعلم.. تنهدت ملاك دون ان تعلق على عبارتها.. وطغى الصمت على المكان لعدة دقائق قبل ان تقول ملاك ببعض التردد: وماذا عن والدتك؟.. لم أرها منذ ان جئت الى المنزل.. ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي مها وقالت: والدتي؟.. لا اظن انك سترينها في المنزل.. فهي لا تأتي اليه ابدا.. تطلعت اليها ملاك باستغراب وحيرة فأردفت: لقد انفصلت والدتي عن والدي وانا في الخامسة عشرة من عمري.. اذكر يومها اني لحقت بها لتأخذني معها..وترجيتها بعيني الدامعتين ان لا تترك المنزل .. ولكنها قالت ان الحياة في منزل والدي افضل لي ولأخوتي..وهي لن تعيشنا ولو بعد عشرين عاما في مثل هذا المستوى.. لهذا تركتنا جميعا وغادرت المنزل دون أي كلمة أخرى.. تسائلت ملاك باهتمام: وهل ترونها؟.. اومأت مها برأسها وقالت وهي تحرك اصابعها على الطاولة بلا اهتمام: بلى.. نذهب لزيارتها من حين الى آخر.. ولكن هي لا تأتي لزيارتنا في المنزل ابدا.. لان والدي موجود فيه كما تقول.. تطلعت ملاك الى مها وشعرت بقلبها يرق تجاهها.. ليست هي الوحيدة التي تتألم.. وليست هي الوحيدة التي تعاني الحرمان من والدتها.. ولكن مها افضل منها.. على الاقل هي ترى والدتها وتسمعها.. شعرت بحنانها.. وبلمسات اناملها الدافئة.. اما هي فانها حتى لا تذكر أي شيء مما جمعها بوالدتها كيف لا وهي كانت بالثانية من عمرها عندما فقدت امها.. وظل الصمت مخيما على المكان قبل ان يقطعه صوت مرح وهو يقول: مها جالسة بالكافتيريا وليست بأي قسم من النادي.. يا للمعجزة.. التفتت مها بلهفة الى صاحب الصوت وقالت: (حسام).. حسام هو ابن خال مها..في الثالثة والعشرين من عمره..ذا شعر بني قاتم وعينان من اللون ذاته..يتمتع بوسامة محببة ومظهرا جذابا..وذا جسم رياضي.. ابتسم وقال: اجل حسام.. اخبريني لم تجلسين هنا فقط.. ولا اراك في أي قسم من اقسام النادي.. ابتسمت مها ابتسامة واسعة وقالت وهي تلتفت الى ملاك: لقد كنت اجلس مع ابنــ... اطبقت شفتيها قبل ان تكمل.. يالغباءها.. هل نسيت كلام والدها بهذه السرعة.. واردفت بسرعة وارتباك: مع صديقتي.. تطلع حسام الى ملاك وقال بابتسامة يغيظ بها مها: انها تبدوا كالملاك.. قالت مها بحنق: انت لم تخطئ ان اسمها ملاك حقا.. قال حسام وهو يجذب له مقعدا ويجلس ليشاركهما الطاولة : حقا؟.. يا للمصادفة.. قالت مها وهي تشير الى حسام : ملاك اعرفك.. ابن خالي حسام..وهو عضو في هذا النادي.. قال حسام وهو يرفع حاجبيه: فقط.. ابتسمت مها وقالت: وصديق الطفولة ايضا.. قال حسام معترضا: لقد نسيت اهم شيء.. اسرعت مها تهرب بنظراتها وقالت بخجل وارتباك: وما الذي نسيته؟.. قال حسام وهو يعقد ساعديه امام صدره: انني صديق مازن وكمال المقرب.. احست مها بالغيظ .. وقالت وهي تمط شفتيها: عذرا لاني نسيت هذه المعلومة المهمة يا صديق كمال ومازن المقرب.. التفت لها حسام وقال متسائلا: واين تعرفت على ملاك؟.. هنا بالنادي؟.. ارتبكت مها وتطلعت الى ملاك التي عاودت قراءة كتابها ومن ثم قالت: اجل.. تطلع حسام بحيرة الى ملاك.. فهو لم يرها في النادي قبل الآن ابدا.. ولكنه لم يأبه بالامر كثيرا والتفت الى مها ليتحدث اليها.. بينما كانت ملاك تجلس في صمت وهي تقرأ الكتاب الذي بين يديها.. ومن ثم لم تلبث ان تنهدت.. وهي ترفع أنظارها الى ما امامها.. وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها وهي تتطلع الى حلبة السباق التي يتدرب بها كل اعضاء الفروسية..واستقرت عيناها على مازن الذي كان يمتطي جواده ويقوده بكل مهارة.. كان يقفز الحواجز واحدا تلو الآخر وبمهارة متقطعة النظير..وشعرت ملاك انها ترى امامها فارسا بارعا يقود الجواد ويحلق به في الهواء..كانت عيناها تتابعان مازن في تلك اللحظة..وشاهدته يوقف الجواد بهتاف واحد منه وهو يشد لجامه بكل قوة..ويهبط منه ومن ثم لم يلبث ان ربت على رأسه وداعبه قبل ان يمسك بلجامه ويعيده الى الاسطبل و... (ملاك..ملاك..) التفتت ملاك الى مها ناطقة العبارة وقالت وهي تلتفت لها: اجل.. قالت مها مبتسمة: ماذا تريدين ان تشربي؟.. وقال حسام وهو يغمز بعينه: وعلى حسابي بكل تأكيد.. قالت ملاك بهدوء: عصير الفواكة.. قال حسام وهو ينهض من مقعده: سأحضر لكما طلبكما في الحال و... جاءه صوت مازن وهو يقول: واي عصير لي ايضا.. التفتت ملاك الى مازن الذي اقترب منها ورمى بنفسه على احد المقاعد بطاولة مجاورة لهم بانهاك وهو يقول بتعب: لقد اقترب السباق..و لا اظن اني سأفوز به ابدا.. غادر حسام المكان ليحضر مطالبهم في حين قالت مها بسخرية: جيد انك قد اعترفت بذلك.. قال مازن وهو يلتفت لها ويرسم ابتسامة على شفتيه: لم تسأليني لماذا؟.. - ولماذا؟.. قال باستهزاء: ذلك لانك انت ستكونين موجودة بالنادي وقتها وانا أتشاءم من وجودك.. قالت مها بحنق: لن آتي اذا وقتها ولا تحلم ان افكر بالمجيء حتى.. ابحث عمن يشجعك.. قال مازن وهو يعقد ساعديه امام صدره: من قال اني احتاج لتشجيعك.. لدي من المعجبين اكثر مما تتصورين.. كادت مها ان تجيبه بعبارة غاضبة لولا ان قالت ملاك همسا وهي تهتف بها: مها.. اريد ان اطلب منك طلبا.. قالت مها وهي تلتفت اليها: وما هو؟.. قالت ملاك بتردد وحرج: اريد ان آتي الى النادي يوم السباق .. قالت مها بحيرة: جميعنا سنحضر .. فكمال ومازن مشتركان بالسباق.. قالت ملاك بدهشة: ولكنك قلت منذ قليل بانك لن تذهبي.. ضحكت مها ومن ثم قالت: هذا حتى اغيظ مازن فقط.. قالت ملاك بدهشة اكبر: تكذبين حتى تغيظيه؟؟.. قالت مها بمرح: لا عليك.. لقد كنت امزح ولم اقصد الكذب.. في تلك اللحظة وضع حسام المشروبات امامهم على الطاولة وهو يقول: لا تصدقيها .. دائما ما تكذب وخصوصا علي.. قالت مها وهي تشير الى نفسها بغرور: ولم اكذب على شخص مثلك.. قال حسام بابتسامة: اسألي نفسك.. ومن ثم لم يلبث ان التقط المشروب الثالث ليأخذه الى حيث طاولة مازن ويجلس عليها برفقته وقال: ها هو ذا ما طلبته.. قال مازن وهو يلتقط الكأس من يده: اشكرك..
وقبل ان يرتشف منه رشفة واحدة سمع صوت انثوي يناديه قائلا: مازن .. مازن.. التفت الى صاحبة الصوت وقال بملل: اجل يا حنان.. ماذا تريدين؟.. قالت حنان وهي تقترب منه: اين انت؟.. اني اتصل بك منذ يومين ولا تجيبني.. قال مازن بضجر: منشغل بأعمال والدي.. قالت مها في تلك اللحظة بصوت خفيض: الم تسأم تلك الفتاة؟.. قالت ملاك متسائلة: من هي هذه الفتاة؟.. قالت مها بلامبالة وهي تلوح بكفها: احدى صديقات مازن.. وهي تلاحقه اينما كان.. يبدوا وانها معجبة به بشدة.. قالت ملاك باهتمام: وماذا عنه هو؟.. قالت مها وهي تبتسم بسخرية: هو؟.. هو لا يهتم بأي فتاة ابدا.. ترينه يعجب بفتاة ما في لحظة.. وينساها بعد يوم واحد فقط.. اتسعت عينا ملاك وقالت : ماذا تعنين بالضبط؟.. قالت مها وهي تهز كتفيها: لا شيء سوى ان أخي لا تهمه أي من الفتيات اللواتي حوله ابدا.. لم تفهم ملاك ما تنطوي عليه هذه العبارة.. فقد كانت مها تعني انه يأخذ من الفتيات وسيلة للتسلية ولا يأبه بهن ابدا.. اما ملاك فقد فهمت ان مازن لا يهتم بالفتيات اشباه حنان والتي يلاحقن الشباب..وعادت لتلتفت الى مازن الذي كان يتحدث الى حنان بسخرية ومن ثم لم تلبث حنان ان سارت عنه غاضبة.. وفي الوقت ذاته قال حسام بعتاب: انت من جلبتها لنفسك وعليك ان تتحمل ما جنته يداك.. قال مازن بحدة: انها بلهاء.. لقد اخبرتها منذ البداية انني صديق لها لا اكثر وسيكون كلامنا كله في حدود الصداقة.. ولكنها تصر على انها تحمل لي ما هو اكثر من الصداقة واني لا اهتم بمشاعرها ابدا.. قال حسام وهو يشير اليه: لو لم تتحدث اليها منذ البداية وتطلب صداقتها لما حدث كل هذا.. والآن تحمل نتيجة فعلتك.. قالت ملاك بغتة جعلت الجميع يلتفت لها: كم الساعة الآن؟.. تطلع حسام الى ساعته وقال: السادسة والنصف.. لم؟.. قالت ملاك بسرعة: اريد ان اعود الى المنزل.. سيأتي استاذ اللغة الانجلينزية بعد نصف ساعة.. قال مازن وهو ينهض من على مقعده: حسنا سنعود.. هيا يا مها.. قال حسام متسائلا بدهشة: هل تعرف ملاك يا مازن؟.. قال مازن بابتسامة: اجل .. فهي صديقة مها وستقضي بعض الوقت في منزلنا ريثما يعود والدها من السفر.. التفت حسام الى مها وقال وهو يعقد حاجبيه: لم تقولي لي هذا يا مها.. قالت مها بارتباك وهي تنهض من على مقعدها وتلتقط حقيبتها: لقد نسيت.. اوقفها حسام وقال بشك:اشعر وكأن في الأمر سرا تخفينه عني.. تهربت مها من نظراته وأسرعت خلف مقعد ملاك وقالت: أبدا .. لا شيء.. وأخذت تدفع المقعد بهدوء.. في حين قال حسام وهو يراقبهم وهم يبتعدون: بل هو كذلك يا مها.. وهو يتعلق بتلك الفتاة المدعوة.. ملاك..
كان الهدوء يعم المكان وذلك المنزل الكبير قبل ان يفتح باب المنزل وصوت مها وهي تقول بحدة: ارجوك اصمت فقط وارحنا من سماع صوتك.. قال مازن بابتسامة: لماذا تغارين من صوتي؟.. ما ذنبي اذا كان اجمل من صوتك.. قالت مها بحنق: اصمت فقط.. اما ملاك فقد اكتفت بالصمت ولم تحاول ان تعلق على عبارتهما ..وجاء صوت نادين بغتة ليقطع على مازن ومها شجاراتهم وهي تقول: آنسة ملاك اين كنت كل هذا الوقت؟.. رفعت ملاك رأسها الى نادين وقالت بهدوء: لقد ذهبت الى النادي .. قالت السيدة نادين باستنكار: ولماذا لم تخبريني؟.. اشاحت ملاك بوجهها ولم تجبها فقالت نادين بهدوء: آنستي أنت تعلمين انني المسئولة عنك .. ولو حصل لك أي شيء سأكون انا الملامة أولا وأخيرا.. قالت ملاك وهي تلتفت لها: عمري ثمانية عشرة عاما ولست طفلة حتى لا أستطيع ان اهتم بنفسي جيدا.. وضعت نادين كفها على كتف ملاك وقالت: انا افهم ذلك جيدا.. ولكن عملي يحتم علي ان اكون بجوارك دائما.. وان اكون محل الثقة التي منحني اياها السيد خالد.. كادت ملاك ان تهم بقول شيء ما.. لولا ان ارتفع صوت رنين هاتف المنزل.. فتوجه مازن اليه ورفع سماعته قائلا: الو.. من المتحدث؟.. صمت مازن للحظات ومن ثم قال مبتسما: اجل.. لحظة واحدة.. والتفت الى حيث ملاك وقال بابتسامة : ملاك.. لدي خبر سعيد لك.. والدك على الهاتف.. صاحت ملاك بفرح: ابي!!.. ومن ثم اسرعت تحرك مقعدها الى ان وصلت الى مازن وقالت بلهفة وشوق: اعطني سماعة الهاتف.. اريد ان اتحدث اليه.. قال مازن وهو يتطلع اليها: مقابل ماذا؟.. قالت برجاء: ارجوك.. اريد ان اتحدث اليه.. قال مازن مبتسما وهو يناولها السماعة: لو كان خطيبك هو المتصل لما كانت لهفتك اليه الى هذه الدرجة.. لم تستمع ملاك الى حرف واحد مما قاله مازن بل اختطفت السماعة وقالت بلهفة كبيرة: أبي اشتقت إليك كثيرا.. قال خالد بحنان: وأنا كذلك يا ملاك.. اخبريني يا ملاك ما هي اخبارك؟.. قالت ملاك متسائلة:انا بخير يا ابي..كيف حالك انت؟..و منذ متى وصلت ؟.. ومتى ستعود؟.. ضحك خالد وقال: رويدك يا ملاك.. انا بخير.. وانا اتحدث اليك الآن من المطار لأني قد وصلت لتوي اليه.. وسأعود بعد اسبوع ان سارت الأمور كما يجب.. قالت ملاك برجاء: ابي عد سريعا أرجوك.. تساءل والدها وهو يعقد حاجبيه: ما هي أحوالك مع عمك وابناءه؟.. تطلعت ملاك الى مازن ومها ومن ثم قالت: على ما يرام.. لا تشغل نفسك.. قال والدها باهتمام: هل يعاملونك جيدا؟.. وهل حاولوا مضايقتك؟..
- الجميع يعاملني بشكل جيد يا ابي .. لا تقلق.. انت عد فقط .. انا احتاج الى وجودك الى جانبي كثيرا.. قال والدها وهو يتنهد بارتياح: حمدلله.. لقد أرحتني يا صغيرتي .. لو ضايقك احدهم او تضايقت من العيش معهم.. اخبريني حتى أتصرف.. واردف قائلا:والآن يا صغيرتي .. سأنهي المكالمة.. اراك بخير واهتمي بنفسك جيدا.. سأعود ومعي قفص الطائر الذي طلبته..الى اللقاء يا ملاكي الصغير.. قالت ملاك والدموع تترقرق في عينيها: الى اللقاء يا ابي.. قالتها وأغلقت سماعة الهاتف وهي تتنهد بحزن. . فقال مازن وهو يهز رأسه وهو جالس على إحدى المقاعد: لو كنت اعلم ان هذه المحادثة ستجعلك تبكين من جديد.. لما منحتك السماعة منذ البداية.. قالت مها باستنكار: مازن .. ماذا تقول؟.. واردفت وهي تقترب من ملاك وتربت على كتفها: لا عليك انه يمزح.. قالت ملاك بصوت مختنق: اعلم.. واردفت وهي تستدير عنهم: عن اذنكم.. قالت مها لمازن وهي تراها تبتعد عنهم: الم تكن تستطيع تأجيل حديثك هذا قليلا؟.. قال مازن وهو يهز كتفيه: لقد اردت ان اجعلها تنسى حزنها قليلا.. قالت مها بعتاب: ملاك ليست مثلي.. انا يمكنني ان اتقبل مزاحك وسخريتك.. ولكن هي ربما لا.. انت اعلم بظروفها .. اومأ مازن برأسه ومن ثم قال: بلى اعلم بظروفها اكثر من أي شخص آخر.. ومن ثم نهض من على مقعده وقال: سأذهب الى غرفتي.. ابتسمت مها وقالت: ومن سألك عن مكان وجهتك الآن.. تطلع لها مازن بنظرة طويلة قبل ان يلتفت عنها ويصعد درجات السلم..امام مها فقد التفتت الى باب غرفة ملاك وتوجهت لها .. ولكن اوقفها بغتة صوت رنين هاتفها المحمول.. فالتقطته من حقيبتها وابتسمت ابتسامة واسعة وهي ترى رقم حسام يضيئه وأجابته بلهفة مازحة: اهلا حسام.. الم تصبر على فراقي بهذه السرعة؟.. قال حسام بابتسامة: تحلمين.. لقد اتصلت فقط لاعرف منك بعض الامور.. استغربت مها حديثه وقالت بحيرة: أي امور هذه التي تود معرفتها؟.. قال حسام وهو يضغط على حروف كلماته: عن تلك الفتاة المدعوة ملاك.. قالت مها بتلعثم: صديقتي.. ماذا بها؟.. قال حسام بشك: لقد قلت انك قد تعرفتي عليها في النادي.. ومع اني لم ارها في النادي ابدا.. الا انني ظننت انني لم انتبه لوجودها به قبل الآن..ولكن عندما رأيت انها فتاة مقعدة ازدادت ش**** حولها.. فمن مثلها لا يمكن ان تشترك بالنادي.. قالت مها بارتباك: حسام ماذا جرى لك؟.. هل تعمل ضابط مباحث او محقق بالشرطة؟.. الامر لا يستدعي كل هذا .. لقد جاءت الى النادي لمرة او مرتين من قبل لمجرد الزيارة وتعرفت بها خلال هذه الاثناء.. قال حسام بارتياب: لا اعلم لم اشعر انك لا تقولين الصدق.. ازدردت مها لعابها وقالت وهي تحاول ان تنهي الموضوع: بل انا كذلك.. استمع الي.. اتصل بي بعد قليل.. فلدي مكالة اخرى.. الى اللقاء.. قالتها دون ان تستمع الى جوابه.. وفي الطرف الآخر قال حسام وهو يبتسم بزاوية فمه: لا تزالين لا تعرفين الكذب علي يا مها.. استطيع ان اكشف كذبك من ارتباك صوتك وتلعثمه .. ومن إنهاءك السريع للمكالمة.. ولكن سأعلم بكل شيء قريبا.. ان اردت ذلك...
(لم يحضر كمال على العشاء أيضا) قالها امجد وهو يجلس حول مائدة الطعام وتبدوا على ملامحه العصبية.. واردف بحدة: الى متى سيستمر هذا الشاب في تصرفاته؟.. قال مازن بهدوء: لا عليك يا والدي.. سيأتي بعد قليل.. انفعل والده وقال: منذ نصف ساعة وانت تقول لي مثل هذا الكلام.. لو كان سيأتي لجاء مبكرا.. واردف قائلا: اتصل به بسرعة واطلب منه ان ياتي فورا..
- حسنا يا والدي سأفعل.. اهدئ انت فقط.. نهض مازن من مكانه واتجه الى الطاولة الصغيرة القريبة من المائدة ليلتقط هاتفه المحمول ويتصل بكمال.. اما **** فقد استمرت في تحريك الملعقة كعادتها في الطبق دون هدف.. فقالت مها بعطف: **** .. لماذا لا تأكلين؟.. قالت **** بابتسامة باهتة وهي ترفع رأسها الى مها:من قال هذا؟.. قالت مها وهي تشير الى طبقها: طبقك المليء بالطعام.. تركت **** الملعقة من يدها وقالت وهي تتنهد: لا اشعر برغبة في ذلك.. قالت مها متسائلة: ولماذا؟.. ان كان والدك هو السبب.. فقد اتصل بك اليوم وتحدث اليك كما وعدك.. قالت **** بصوت خفيض وهي تتطلع الى نقطة وهمية: ليس الامر سهلا كما تظنين.. ان فراق ابي يعني لي فراق العالم بأسره.. اني لا اعرف احدا سواه.. قال مازن الذي سمع صوتها على الرغم من انخفاضه: وماذا عنا.. الا تعرفينا ايضا؟.. قالت **** وهي تلتفت له: ولكن ليس مثل ابي.. هز مازن كتفه وسار ليكمل طريقه ولكنه اصطدم بالملعقة المجاورة ب**** دون قصد.. فانحنت **** لتلتقطها.. ولكن مازن كان الاسرع الذي انحنى وقال بابتسامة وهو يعيد وضع الملعقة على الطاولة وينهض واقفا : لا تتعبي نفسك..انا من أسقطها وانا من عليه ان يحضرها.. وجدت **** نفسها تزدرد لعابها وتقول بصوت خافت: شكرا لك..
((خذي دميتك))
((شكرا لك))
دس مازن اصابعه بين خصلات شعره وهو يحاول فهم مادار بذهنه.. أي كلمات تلك التي مرت بباله.. ومن قالها؟.. أيكون هو؟.. ولماذا قالها ومتى؟.. ولماذا جالت بذهنه الآن؟..لم يستطع الاجابة على أي من تساؤلاته وهو يعود الى مقعده.. ويلتقط الملعقة ليتناول طعامه من جديد..ولكن.. لماذا لم تدر هذه الكلمات في ذهنه الا عندما جاءت الى منزلهم؟.. لماذا؟.. جلست مها في غرفتها بعد العشاء وهي تشعر بالتعب وهي ترى أكوام الكتب امامها على الطاولة.. وقالت بضجر: لقد تعبت.. واردفت بسأم: لا اعرف حل لهذه المعادلة الحسابية.. لقد سأمت.. نهضت من على المقعد ورمت بنفسها على الفراش بتعب.. واخذت تفكر بأي شيء غير الكتب التي لا تزال مفتوحة .. وفجأة قالت بابتسامة: ربما كان حسام يعلم حل هذه المعادلة.. وكأنها لم تكن تريد الا أي حجة لتتصل به.. فالتقطت هاتفها المحمول واتصلت به قائلة بابتسامة: الو .. اهلا حسام كيف حالك؟.. عقد حسام حاجبيه وقال: انا بخير.. ماذا بك يا مها ولم تتصلين في هذه الاثناء.. قالت مها وهي تتوجه نحو الطاولة وتجلس خلفها: لدي معادلة حسابية ولا اعرف حلها.. ولم اجد سواك ليساعدني على ذلك.. قال حسام بابتسامة: مها.. ماذا جرى لك؟ .. انسيت ان تخصصي مختلف تماما عنك؟.. قالت مها وهي تلتقط قلمها وتقلبه بين اصابعها: لم انسى.. ولكن..لم اجد من يساعدني سواك.. ادرك حسام منذ البداية انها لم تتصل من اجل المعادلة الحسابية وقال بمكر: ومن قال لك اني اعرف حل هذه المسائل؟.. قالت بابتسامة: لقد حللت معي سابقا مسألة مماثلة لها.. قال حسام وهو يجلس على طرف فراشه: مشكلتك انك لا تعرفين التمثيل والكذب..ولكن لا يهم اخبريني الآن بما عندك.. اخبرته مها بالمسألة.. فحاول ان يشرح لها طريقة حلها بهدوء.. اما الاولى فقد كان اعجابها به يزداد.. لقد كانت معجبة به منذ ان كانت طفلة ..لا تنكر هذا.. وتولد شعور بداخلها تجاهه مع الايام كلما يأتي الى منزلهم من اجل مازن او كمال.. كانت تلعب معه احيانا وهي صغيرة..واحيانا اخرى كانت تلعب معه هو واخوتها.. وحتى عندما كان كمال يرفض اشراك فتاة في اللعب.. كان حسام يدافع عنها.. منذ ان كانت طفلة وهي تراه فارس احلامها الذي يذود عنها..ولكن.. مشكلتها هي انها لا تعرف مشاعر حسام تجاهها.. احيانا تشعر به يهتم بها.. واحيانا يعاملها كأخت له تماما.. ولكن لم تعلم ابدا بما يخفيه في قلبه.. واذا كان يحمل لها ذات الشعور الذي تحمله له.. وقال حسام عندما انتهى من شرح الحل لها: والآن هل فهمت الطريقة.. قالت بتأكيد وثقة: بالطبع ما دمت قد شرحتها لي.. قال حسام بهدوء: حسنا اذا ما دام الامر كذلك.. فالى اللفاء.. اسرعت تقول: حسام انتظر.. قال حسام بابتسامة: منذ البداية وانا انتظر الموضوع الاساسي لاتصالك.. اخبريني ما هو؟.. ازدردت لعابها وقالت : الموضوع الاساسي؟.. لا يوجد أي موضوع اساسي.. فقط أردت ان أسألك ان كنت ستأتي غدا لمنزلنا ام لا.. قال حسام متسائلا: وما الداعي لحضوري؟.. مطت مها شفتيها وقالت: لا يوجد أي داع ابدا.. الى اللقاء.. قال حسام بابتسامة واسعة: اراك في النادي اذا.. الى اللقاء.. انهت مها المكالمة لتضع الهاتف على الطاولة ومن ثم تعود لترمي بنفسها مرة اخرى على الفراش.. وقالت وهي تتنهد: احيانا اتخيل او ربما اتوهم انك تحمل لي مشاعر ما في قلبك يا حسام ... ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ تطلعت **** من نافذة غرفتها الى النجوم المتلألأة في السماء.. والتي بدت كماسات تبرق في ثوب الليل الممتد بلا نهاية ..كانت شاردة الذهن.. تفكر في اشياء كثيرة.. ولكن محور تفكيرها كان ابيها..واطرقت برأسها للحظة لتتطلع الى القلادة التي حول عنقها.. كانت على شكل قلب يتوسطه قلب متأرجح.. كانت القلادة التي اهداها لها والدها ذلك اليوم.. شعرت بملل شديد وهي لا تشعر بأي رغبة في النوم.. خصوصا وان المكان غريب عليها ولم تعتد النوم الا في منزلها وفي غرفتها..القت نظرة سريعة على ساعة يدها التي كانت تشير عقاربها الى الثانية بعد منتصف الليل.. وتنهدت قائلة وهي تتطلع الى السماء من جديد: يا لهذا الليل الطويل.. متى تشرق الشمس؟ .. حركت عجلات مقعدها الى حيث حقيبتها.. وتطلعت الى مجموعة من الكتب والروايات التي جلبتها معها الى هنا.. ولكنها لم تشعر بأي رغبة في القراءة..لذا وجدت نفسها تحرك عجلات مقعدها من جديد الى الباب ومن ثم تحرك مقبضه وتدفعه بهدوء..وتخرج الى الردهة التي كانت اشبه بصورة ثابتة.. لا يتحرك فيها أي شيء.. ولا يسمع فيها أي صوت سوى صوت انفاسها .. ودارت بعينيها في ارجاء الردهة قبل ان تحرك عجلات مقعدها وهي تشعر بالخوف.. الخوف من الوحدة.. الخوف من الظلام.. الخوف من كل شيء.. ووجدت قبضتاها تنقبضان على عجلتي المقعد.. تمالكت نفسها وحاولت ان تهدئ نفسها .. وهي تردد ان ليس هناك ما يخيف.. فالصمت يعم ارجاء المكان و... وبغتة سمعت صوت ما..صوت حركة ما.. فانتفضت بقوة .. وسرت في جسدها ارتجافة خوف..وهي منكمشة في مكانها لا تقوى على الحراك.. ودون ان تحاول رفع عينيها .. سمعت الباب الرئيسي للمنزل يفتح.. ازداد خوفها وهي نخشى ان يكون القادم لصا.. حاولت العودة من حيث أتت.. ولكن يداها لم تطيعاها في تحريك عجلتي المقعد.. رفعت عيناها بخوف وهي تزدرد لعابها وشاهدت ذلك الظل الاسود يدخل الى لمنزل بهدوء شديد ..وبينما هو يسير الى حيث الدرج.. التفت بغتة الى اليسار.. الى حيث تجلس ****! ..وهنا اخذ قلب **** يخفق بقوة وخوف وشعرت بانمالها ترتجف ..ولكن سمعت صوت ذلك الظل فجأة وهو يقول: من هناك؟.. ارتجفت مرة اخرى.. ولكن تذكرت انها سمعت هذا الصوت من قبل وانها تذكره.. رفعت رأسها الى الواقف عند السلم وقالت وهي تزدرد لعابها بتوتر: انا..هل انت كمال حقا؟.. تنهد كمال وقال: لقد ظننت ان هناك متسللا دخل الى المنزل.. وابتسم بسخرية وهو يتحدث الى نفسه: ( مع اني حالك لا يختلف كثيرا).. في حين قالت **** وهي تحاول تمالك اعصابها: لقد ظننت الشيء ذاته عندما رأيتك تدخل الى المنزل.. قال متسائلا وهو يعقد حاجبيه: ما الذي يبقيك مستيقظة حتى هذه الساعة المتأخرة؟.. زفرت **** بحدة وقالت: انه الارق.. وانت اين كنت حتى هذه الساعة المتأخرة؟..لقد سأل والدك عنك كثيرا.. التفت كمال عنها وقال بلامبالاته المعهودة: اهتمي بشؤونك ولا تتدخلي في خصوصيات غيرك.. ارتفع حاجبا **** بمزيج من الدهشة والالم وتطلعت اليه للحظة قبل ان تقول وهي تطرق برأسها بمرارة وتدير عجلات مقعدها: معك حق.. لم يكن علي التدخل في خصوصيات الغير.. قالتها وتوجهت الى غرفتها.. واغلقت الباب خلفها بقوة.. وقالت بمرارة وهي تشعر بغصة تملأ حلقها: ما الذي فعلته له حتى يعاملني هكذا؟.. ما الذي فعلته؟.. ووجدت نفسها تتوجه نحو السرير وهي تشعر بدموعها تترقرق في عينيها.. وترفع جسدها من المقعد بالم ومرارة.. عضت على شفتيها وهي تجد نفسها تفشل في رفع جسدها فقالت بعصبية: لماذا؟..لماذا؟.. تبا.. تبا.. نجحت أخيرا وارتفع جسدها لتجلس على الفراش وتترك لجسدها الفرصة ليرتاح.. تنهدت بحزن قبل ان تلقي برأسها على الوسادة..وعلى الرغم من حزنها وجدت نفسها تغط في النوم.. نوم عميق وبلا أحلام... ولكن اسمحوا لي ان اقول ل****..انها البداية فقط.. وان ما تراه اليوم.. هو ابسط شيء قد يواجهها في حياتها هذه المليئة بالصراعات...
ضوء الشمس القوي سقط على عيني ****.. ليجعلها تعقد حاجباها بقوة .. ومن ثم تغطي وجهها بالغطاء وهي تقول وهي تشعر بالنعاس: اريد ان انام يا ابي.. شعرت نادين التي فتحت ستارة الغرفة بالاشفاق تجاهها وهي تسمعها تقول عبارتها تلك.. وقالت بصوت هادئ: آنستي انها الساعة العاشرة.. الن تستيقظي؟.. قالت **** وهي تتثاؤب: لا .. انا متعبة لم انم امس الا في ساعة متأخرة.. قالت نادين متسائلة: ولماذا؟.. فتحت **** احدى عينيها وقالت وهي تبعد الغطاء عن وجهها: لقد شعرت بالارق ولم استطع النوم و... بترت **** عبارتها وارتسم على ملامحها الحزن وهي تتذكر ما حصل بالامس والكلمات التي قالها لها كمال..ولكن نادين لم تنتبه لذلك وهي تقول بابتسامة: ذلك لانك لم تعتادي النوم هنا بعد.. والآن هيا استيقظي.. قالت **** وهي تعتدل في جلستها: اخبريني اولا من يوجد بالمنزل؟.. قالت نادين وهي تقترب منها وتضع الوسادة خلف ظهرها: لا احد يا آنستي سواك انت وانا و الخدم.. قالت **** بدهشة: واين ذهب الجميع؟.. قالت نادين بهدوء: السيد امجد والسيد مازن غادرا الى الشركة منذ الساعة الثامنة صباحا.. اما السيد كمال والآنسة مها فقد ذهبا الى الجامعة منذ ساعة.. قالت **** بهدوء مماثل: فليكن.. ساستبدل ملابسي واخرج لأتناول الفطور.. قالت نادين وهي تهم بالخروج من الباب: سيكون الفطور جاهزا.. قاليها واغلقت الباب خلفها.. اما **** فقد استبدلت ملابس النوم.. بفستان ذا لون وردي.. جعلها تبدو كالزهرة المتفتحة.. ورفعت خصلات شعرها بواسطة ربطة شعر من اللون ذاته..تطلعت الى نفسها في المرآة لتطمأن الى شكلها ومن ثم لم تلبث ان غادرت الغرفة وهي تتوجه الى طاولة الطعام.. رأت الطاولة خالية الا منها وقالت بابتسامة مريرة: الامر لم يختلف كثيرا عن وجودي بالمنزل.. قالت نادين التي كانت تقف قريبة منها: آنستي لقد اتصل استاذ الرياضيات منذ قليل وقال انه سيأتي بعد ساعة.. هزت **** كتفيها بعدم اهتمام.. ومن ثم شرعت تتناول افطارها بصمت وهدوء..وان لم تكن تشعر بمذاق أي شيء مما تتناوله..وما لبثت ان قالت بعد انتهاءها من تناول طعام الفطور:أريد ان أذهب للتنزه في الحديقة الخارجية..خذيني الى هناك.. قالت نادين بابتسامة: كما تشائين آنستي ولكن الجو بارد بالخارج .. اذهبي لترتدي ملابس أكثر دفئا.. قالت **** وهي تحرك مقعدها: لا اريد..
- ولكن آنستي الجو بارد.. قالت **** باعتراض: انا احب الخروج في جو كهذا وبملابسي الاعتيادية.. قالتها وواصلت طريقها فقالت نادين باستسلام: كما تشائين.. غادرت المكان مع نادين الى الحديقة الخارجية للمنزل.. وتطلعت **** حولها بابتسامة وقالت وهي تلتفت الى نادين: خذيني الى حيث توجد الزهور..
قالت نادين مداعبة: انها تجلس امامي.. اتسعت ابتسامة **** وقالت وهي تشعر بالهواء البارد يداعب شعرها ووجنتيها: هيا خذيني الى حيث الزهور.. قالت نادينة وهي تدفع مقعد **** بهدوء: لست اعلم اين توجد الزهور في هذه الحديقة.. ولكن لنبحث عنها.. أخذت نادين تدفع **** أمامها في تلك الحديقة الواسعة.. والممتلأة بالحشائش والأشجار.. وقالت **** بغتة: إنها هناك .. قالتها وأشارت بيدها الى الجانب الأيسر لها..فدفعت نادين المقعد وتوقفت بها امام حوض الأزهار تماما..فأغمضت **** عينيها وهي تتنهد.. ورسمت على شفتيها ابتسامة حالمة وقالت: كم أتمنى ان ابقى هنا طويلا..طويلا جدا.. شعرت بنسمات الهواء الباردة تعود لتداعب وجنتيها وتحرك خصلات شعرها الاسود..فتحت عينيها وتطلعت الى الطيور المحلقة في ذلك الفضاء.. وارهفت السمع الى صوت الرياح.. ومن قم لم تلبث ان مدت يدها لتداعب زهرة ما و...
(حذار ان يجرحك شوكها) تراجعت **** بيدها اثر الصوت الذي سمعته.. واسرعت تلتفت الى القادم نحوهم وقالت بدهشة: مازن.. الم تذهب الى الشركة مع ابيك؟.. ابتسم مازن الذي كان يرتدي زيا مكونا من بنطال وسترة ذا لون بني قاتم وقميص ذا لون بني هادئ (البيج) .. ولم يكن يرتدي أي ربطة للعنق..فمازن لم يكن يحب ارتداء ما يخنقه كما كما يقول..وقال: بلى.. ولكني عدت.. فقد شعرت بالملل.. وتساءل قائلا: اخبريني .. ما الذي تفعلينه هنا؟.. هزت كتفيها وقالت: كما ترى ..اتطلع الى الطيور .. اداعب الزهور.. واستمع الى صوت الرياح.. قال مازن بسخرية: تستمعين الى صوت ماذا؟.. وقبل ان تجيبه ****.. التفت الى نادين وقال: هل لك ان تحضري لي كأس من الماء؟.. قالت نادين مترددة: وماذا عن ****؟.. قال مازن بهدوء: سأبقى معها ولن اتحرك من مكاني ريثما تعودين.. اومأت نادين برأسها وقالت : حسنا اذا.. لن اتأخر..لحظات وأعود .. في حين قالت **** وهي تتطلع الى البعيد: قد تظن اني طفلة لو أخبرتك انني أحيانا أتحدث الى الزهور .. لاني لا اجد سواها لأتحدث اليها.. على الاقل .. اشعر اني أستطيع ان أتحدث كما يحلوا لي.. وانها لن تتضايق مما سأقوله ابدا.. تطلع لها مازن بدهشة وحيرة.. تتحدث الى الزهور.. وتستمع الى الرياح.. أمجنونة هذه الفتاة؟..في حين اردفت **** وهي تغمض عينيها: الوحدة شعور صعب يجعلك تتحدث الى كل ما حولك.. والى أي شيء كان.. قال مازن بهدوء غير عابئ لما تقوله: الجو بارد.. ادخلي الى المنزل الآن.. هزت **** رأسها نفيا وقالت: لا اريد.. قالت السيدة نادين بغتة: دعها انها عنيدة.. لن تفعل الا ما تريده هي.. التفط مازن كأس الماء من نادين وأخذ يشربه في حين عادت **** لتفتح عينيها وقالت مبتسمة: وهل أفوت على تفسي مشاهدة مثل هذا المنظر الجميل؟.. على الاقل قبل ان يصل الأستاذ واكون محتجزة في المنزل لأكثر من ساعة.. ما ان انتهت من عبارتها حتى عادت الرياح لتلفح وجهها ولكن هذه المرة بشدة اكثر.. وبنسمات باردة.. جعلت جسد **** يقشعر.. فقال مازن وهو يزفر بحدة: هل ستظلين بالخارج حتى تمرضي.. هيا ادخلي الى المنزل وارتدي على الاقل ما يدفئك.. قالت **** بعناد طفولي: لا.. ابتسم مازن وقال: معك حق يا سيدة نادين.. انها عنيدة حقا.. مدت **** يدها في تلك اللحظة وداعبت زهرة ما ذات لون وردي يشبه لون فستانها.. فقال مازن وهو يخلع سترته ويقترب منها: ولم لا تقطفينها ما دامت تعجبك؟.. قالت **** باعتراض: ان قطفتها ستبتعد عن بقية الوردات وستذبل بين يدي.. ولكن ان بقيت في مكانها فستزهر دائما.. ارتسمت ابتسامة على شفتي مازن وقال وهو يضع سترته على كتفيها: معك حق.. ستكون بحال جيدة ان بقيت مكانها .. التفتت **** بدهشة الى مازن .. ورفعت حاجباها باستغراب لتصرفه.. ولكنها لم تلبث ان تذكرت والدها وما يفعله لها كلما احست بالبرد..لقد كان يخلع سترته ويضعها على كتفيها تماما كما فعل مازن!.. ازدردت **** لعابها وتطلعت اليه لوهلة قبل ان تقول بابتسامة مرتبكة: شكرا لك.. قال مازن مبتسما: لا عليك.. وظل صامتا وهو يعتدل في وقفته ويتطلع الى أي شيء مما حوله..في حين وجدت **** نفسها تقول: ولكن الن يغضب والدك ان غادرت العمل هكذا؟.. قال مازن بسخرية وهو يطوح بحجر صغير بعيدا: بلى.. ولكننها رغبته .. قالت **** متسائلة: رغبته؟.. وكيف؟.. قال مازن وهو يلتفت لها: هو من أرادني ان اعمل معه.. لم أكن اريد ذلك ولكنه أرغمني على هذا العمل الذي اكرهه.. لهذا عليه ان يعلم اني من المستحيل ان اجد نفسي في عمل ابغضه ولا احتمل القيام به.. تطلعت له **** لوهلة ومن ثم قالت: ولكن يجب عليك مساعدة أبيك.. قال مازن وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله: وها انذا افعل.. ولكن على طريقتي الخاصة.. ترددت **** قليلا قبل ان تقول: ولكن هذا يعتبر خداعا له..
- فليكن ما يكون.. اريد ان اعمل في عمل اجد نفسي فيه لا ان اعمل في عمل أكون مرغما على ادائه.. كل ما يهم والدي ان أكون الى جواره فقط.. وماذا عني ايظن ان ليس لي طموح اتمنى تحقيقه.. صمتت **** ولم تجد ما تقول.. فقال مازن بهدوء: الم يحن الوقت للدخول؟.. الجو يزداد برودة.. ابعدت **** السترة عن كتفيها وناولتها لمازن وقالت بابتسامة باهتة: اعلم انك تشعر بالبرد .. لهذا خذها.. قال مازن باستنكار: لا.. انت فتاة ويجب علي ان... قاطعته **** لتقول بهدوء: فليكن .. سأدخل الى الداخل.. حتى أريحك من عبئي عليك.. قالتها وحركت عجلات مقعدها بكلتا يديها وقد عادت اليها ذكرى الامس.. وما دار بينها وبين كمال.. وتساءلت للمرة العاشرة.. لماذا؟...
قالت مها بمرح وهي تودع صديقتها عند مواقف الجامعة: الى اللقاء اراك غدا.. ولا تنسي اتصلي بي لتخبريني ما حدث.. قالت صديقتها مبتسمة: بكل تأكيد لن أنسى.. الى اللقاء.. لوحت لها مها بيدها وهي تجري مبتعدة دون ان تنتبه لعيني ذلك الشاب الذي اخذتا تراقبانها وهي لا تزال تلوح بيدها.. وقال ذلك الشاب بغتة وهو يراها تقترب منه: كيف حالك يا ايتها الجميلة؟.. التفتت مها بحدة الى مصدر الصوت.. وارتفع حاجباها بدهشة وهي ترى الواقف امامها .. وزفرت بحدة وهي تقول: أرعبتني يا حسام؟؟ قال حسام مبتسما: احقا؟.. تستحقين ان تصابي بالرعب بكل صراحة.. قالت مها وهي تضع كفها عند خصرها: ولماذا؟.. ولكنها اردفت بحيرة: ولكن اخبرني.. هل انتهت محاضراتك في مثل موعد انتهاء محاضراتي؟.. قال بهدوء: بل قبلها بنصف ساعة.. ولكن أخذني الحديث مع احد الاصدقاء ولم اشعر بالوقت حينها.. وبعد مغادرته.. رأيتك وانت تغادرين الجامعة.. قالت مبتسمة: من الغريب ان تنتظرني.. انها المرة الاولى التي تفعلها..
- اولا انا لم انتظرك بل رأيتك مصادفة.. وثانيا اظن انها ستكون المرة الاخيرة.. ضحكت مها بمرح وقالت: لن تستطيع.. رفع حاجبيه باستخفاف وقال: ولم؟.. قالت مبتسمة وهي تتطلع الى مبنى الجامعة: لاننا في جامعة واحدة.. وسأراك كثيرا رغما عنك.. قال وهو يلوح بكفه مغيرا جفة الحديث: اخبريني هل هناك من سيوصلك.. ام أوصلك انا؟.. ومع انها لمحت سيارة والدها الذي يرسلها لها الى الجامعة مع السائق .. الا انها قالت: لا ادري لقد تأخر السائق كثيرا ولا اريد ان اتأخر على المنزل.. صمت حسام قليلا ومن ثم قال : حقا؟.. هل تأخر السائق يا مها؟ .. اومأت برأسها وهي تزدرد لعابها.. فقال وهو يشير الى بقعة ما ويبتسم: وماهذه السيارة التي تقف هناك اذا؟.. اليست سيارتكم؟.. والسائق.. اليس السائق الخاص بوالدك؟.. قالت مها بحنق وهي تحرك قدمها بعصبية: بلى هو.. لم اره.. الى اللقاء الآن.. قال في سرعة: انتظري.. التفتت له وقالت بحدة: ماذا؟.. قال بابتسامة جذابة: لا يهون علي ان تذهبي وانتي متضايقة هكذا.. اذهبي الى السائق واطلبي منه ان يغادر.. وسأوصلك انا.. قالت بفرحة لم تستطع ان تكتمها بداخلها: حقا؟؟.. سأذهب اليه في الحال.. ومن ثم تنبهت الى نفسها فقالت بخجل: اعني حتى لا أأخره عن والدي.. ابتسم حسام وهو يراها تبتعد وتبلغ السائق حتى يغادر.. وما ان غادر السائق حتى أسرعت بخطواتها اليه وقالت بابتسامة واسعة: هاقد غادر السائق.. قال وهو يلتفت عنها: اتبعيني اذا الى حيث سيارتي.. قالت وهي تسير الى جواره: لا احب ان اتبع احد.. التفت لها وفي عينيه نظرة استخفاف.. ومن ثم واصل طريقه الى حيث السيارة.. ففتح قفلها عن طريق جهاز التحكم عن بعد.. واشار لهاحتى تركبها.. وابتسمت مها بسرور وهي تدلف اليها.. صحيح انها ليست المرة الأولى التي يوصلها فيها حسام الى مكان ما.. ولكنها مع هذا تشعر بسعادة كبيرة كلما شعرت بنفسها قريبة منه.. في حين استقر حسام خلف مقعد القيادة وأدار المحرك لينطلق بالسيارة .. وران الصمت عليهم بضع دقائق.. فقالت مها لتقطع هذا الصمت: ستأتي الى النادي اليوم.. اليس كذلك؟ .. اومأ برأسه وقال: بلى.. ثم انت تعلمين ذلك.. فلم تسألين؟ .. قالت متجاهلة عبارته: ما اخبار الدراسة معك؟.. هز كتفيه بالمبالاة وقال: جيدة.. قالت مها بصيق: ولم تجيبيني باقتضاب هكذا؟.. قال مبتسما:ماذا بك؟.. الست أجيب عن أسألتك؟.. اشاحت بوجهها نحو النافذة وقالت بحنق: اجل.. سالها حسام بغتة: ما هي أخبار ****؟.. قالت مها بعصبية: وما شأنك بها؟.. ثم هل طلبت توصيلي الى المنزل حتى تسألني عن ****؟.. قال حسام بهدوء شديد أثار أعصاب مها: انه مجرد سؤال عابر .. قالت مها بحدة: اشك في هذا.. وعلى العموم فهي بخير.. اطمأن .. ضحك وقال: ومن قال انني اردت ان اطمأن عليها؟.. قالت بعصبية: اذا لم تسأل عن أحوالها اذا لم ترد الاطمئنان عليها .. أوقف حسام سيارته بجوار منزل مها وقال وهو يغمز بعينه: ربما لسبب آخر.. تطلعت له لوهلة دون ان تستشف من قوله أي شيء يروي فضولها .. ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تفتح باب السيارة: أشكرك على توصيلي .. قال مبتسما: على الرحب والسعة.. ألقت مها نظرة أخيرة على حسام قبل ان تغادر السيارة وتنطلق الى المنزل.. وما ان ابتعد بسيارته حتى أحست بأنها قد فقدت شيئا هاما.. شيئا عزيزا وغاليا واهم من كل ما لديها...
جلس امجد في الردهة يحتسي القهوة.. ويتطلع الى الصحيفة بلا اكتراث.. والتفت الى حيث الدرج للحظات ومن ثم قال وهو يلمح مازن وهو يهبط درجاته: كيف حال العمل بالشركة يا مازن؟.. توقف مازن عن النزول .. وقال وهو يشعر بلهجة والده التي تخفي شيئا ما: على ما يرام.. لم تسأل يا والدي؟.. لم يجبه امجد بل ظل صامتا وهو ينتظر من مازن نزول الدرج.. وقال هذا الاخير وهو يهبط درجات السلم ويقترب من حيث يجلس والده: هل هناك امر ما يا والدي؟.. قال امجد وهو يشير له بالجلوس: انت ابني الأكبر يا مازن.. ويجب ان تكون ذراعي اليمنى في العمل.. اليس كذلك؟ .. جلس مازن فوق المقعد الذي أشار له والده وظل مازن صامتا فقال امجد بحدة: اجبني .. اليس كذلك يا مازن؟.. ام تفضل ان تكون مجرد فأر يتسلل الى خارج الشركة كل يوم في العاشرة واحيانا حتى التاسعة صباحا؟.. اتسعت عينا مازن وقال وهو يزدرد لعابه: من قال لك هذا يا والدي؟.. قل امجد بسخرية: أتظن اني أحمق لا اعلم ما يدور في الشركة .. انني ارصد كل نفس فيها.. ولكن ابني الأكبر الذي يجب ان يكون قدوة للموظفين يتسلل خارجا كل يوم كالفئران.. قال مازن وهو يكور قبضته: أرجوك ابي لا داعي لمثل هذا الكلام..
- هل لك ان تفسر لي تصرفك هذا اذا؟.. دس مازن أصابعه بين خصلات شعره وقال: انت تعلم منذ البداية اني لا اجد نفسي في هذا العمل.. واني لم اكن ارغب في ان اقوم به.. قال والده بانفعال: وكنت تريدني ان أتركك تعمل لدى شركة اخرى منافسة.. لا.. انت ابني ومن حقي عليك ان تكون الى جوار والدك وتساعده.. قال مازن برجاء: ولكن لي طموح في هذه الحياة يا ابي.. ولو عملت في شركتك فلن أحققه... اشار له والده بالصمت وقال: كفى يا مازن لقد انتهى النقاش .. وحذار ان تغادر الشركة مرة اخرى والا سيكون لي تصرف آخر معك.. زفر مازن بعصبية وقال: هل تريد أي شيء آخر يا والدي؟.. قال والده باقتضاب : لا.. نهض مازن من كرسيه وأسرع يتوجه الى أي مكان المهم ان يهدئ من اعصابه قليلا..ووجد نفسه امام الباب الرئيسي.. فأسرع يفتحه و ...
(الى اين؟..) تردد ذلك الصوت الهامس الرقيق من خلفه.. فالتفت الى **** ناطقة العبارة السابقة وتطلع اليها للحظات .. في حين ظنت **** ان صمته يعني انه لم يسمعها جيدا.. فعادت تكرر عبارتها وقالت بصوت مرتفع أكثر: الى اين تذهب يا مازن؟.. مط مازن شفتيه بغضب ومن ثم قال وهو يستدير عنها: الى الجحيم.. لم يكن الوقت المناسب ابدا ل**** ان تتحدث اليه وهو في هذه الحالة من الغضب.. في حين تطلعت اليه **** للحظات بألم ومن ثم لم تلبث ان قالت بمرارة : ما بالكم جميعا؟..الكل يكره ان احدثه..ليتني لم آتي الى هنا.. ليتني لم افعل.. التفت مازن اليها بدهشة وسرعة ومن ثم قال: من تعنين بالجميع يا ****؟.. هل هناك من ضايقك؟.. اشاحت بوجهها لتخفي الدموع التي ترقرقت في عينيها ومن ثم قالت بألم: وماذا يهم؟.. انت مثله تماما.. تكره التحدث الي.. عاد مازن ادراجه الى حيث تجلس **** وافتعل ابتسامة على شفتيه وهو يقول: لم اقصد محادثتك بهذا الاسلوب.. فقد كانت اعصابي مشدودة بعض الشيء.. ولكن لم تخبريني من الآخر الذي ضايقك.. تطلعت اليه بتردد ومن ثم لم تلبث ان قالت بصوت خافت: كمال.. تساءل باهتمام: وما الذي فعله؟..
- لقد سألته عن شيء ما يعنيه.. فطلب مني ان لا اتدخل في شؤونه وان اهتم بشؤوني فقط.. عقد مازن حاجبيه وقال وهو يهبط الى مستواها: سألته؟.. وعن ماذا سألته؟.. ازدردت **** لعابها وقالت: لقد أصابني الارق ليلة البارحة.. ورأيته يدخل في ساعة متأخرة.. فسألته عن سبب تأخيره كل هذا الوقت لأن عمي كان قلقا عليه.. قال مازن بابتسامة باهتة: ****.. لا تدعي هذا يضايقك.. فهذه هي عادة كمال.. لا يحب ان يتدخل احد في شؤونه وحتى والدي نفسه.. ثم ان تأخره امر طبيعي فهو يتأخر يوميا عن المنزل.. صمتت **** دون ان تعلق على عبارته.. فقال وهو يتطلع اليها: أظن اني ادين لك بالاعتذار عما فعلته قبل قليل.. انا آسف.. واعتذر كذلك نيابة عن كمال.. ولكن لا تتضايقي.. فلا احب رؤية ابنة عمي عابسة هكذا.. التفتت اليه وارتسمت ابتسامة حملت كل ما بداخلها من امتنان له فقال مبتسما وهو يربت على كفها وينهض واقفا: والآن مادمت قد رايتك مبتسمة.. فعن اذنك سأزور احد أصدقائي .. قالها ولوح لها بكفه.. ولكن **** لم تكن تطلع اليه في تلك اللحظة.. بل الى كفها التي ربت عليها مازن.. وشعرت بقشعريرة باردة تجري في جسدها.. وهي تتذكر لمسته لها.. ووجدت قلبها يخفق بقوة.. ولهفة...
اخذت مها تتحرك في أرجاء الطابق الأول.. ولم تلبث ان تنهدت بملل.. وهي تهبط درجات السلم الى الطابق الأرضي ..وتوجهت الى غرفة ملاك لتطرق الباب عدة مرات ولما لم تسمع جوابا فتحت الباب ودلفت الى الداخل لتقول بهدوء: ملاك.. هل انت نائمة؟.. وعقدت حاجبيها وهي تتطلع الى ارجاء الغرفة الخالية من ملاك .. وسمعت بغتة صوت نادين تقول من خلفها: الآنسة ملاك ليست هنا .. انها بالردهة .. قالت مها بحيرة: من الغريب ان تخرج ملاك الى الردهة.. قالت نادين بهدوء: لقد فعلت ذلك لأني كنت اقوم بتنظيف وترتيب الغرفة حينها.. فهمت مها الأمر.. فغادرت غرفة ملاك وتوجهت الى الردهة .. وهناك رأتها جالسة على الاريكة وامامها طاولة صغيرة عليها كتابين وبعض الاوراق المبعثرة..وابتسمت مها وهي تقترب من ملاك قائلة: ماذا تفعلين؟.. يبدوا ان ملاك لم تنتبه لقدوم مها فانتفضت بخوف والتفتت الى مها ومن ثم لم تلبث ان قالت بابتسامة باهتة: كما ترين.. ادرس .. تقدمت مها من ملاك وجلست الى جوارها.. كانت المرة الاولى التي تراها فيها مها بدون مقعدها المتحرك.. تجلس بشكل طبيعي وكأنها سليمة معافاة من أي عجز.. ولكن مها لم تصرح بأي شيء مما دار بخلدها وقالت وهي تتطلع الى الاوراق المبعثرة: يبدوا وانك مجتهدة في دروسك.. تنهدت ملاك وقالت: شيء اشغل به وقتي بدل ان اقضيه وحيدة في القيام بأشياء من غير فائدة.. قالت مها وهي تلتفت لها: ولكنك لم تخبريني بعد.. ما هو تخصصك الذي وقع اختيارك عليه.. قالت ملاك مبتسمة: تخصص تمنى ابي دوما ان اختاره.. انه الأدب.. قالت مها وهي تبتسم: ممتاز .. انه تخصص جميل جدا.. قالت ملاك متسائلة: وانت يا مها.. ماهو تخصصك؟.. قالت مها وهي تعتدل في جلستها وتقول بمرح وبلهجة تمثيلية: بصراحة لقد بحثت عن شيء ما يليق بي .. فلم اجد الا...
(التشريح) جاءت هذه العبارة الساخرة من بين شفتي مازن وهو يتقدم منهما بعد ان دخل الى المنزل من الباب الرئيسي.. فالتفتت له مها وقالت وهي تستهزئ به: يا لخفة دمك.. أكاد اموت من الضحك.. اما ملاك فقد اعتراها التوتر لأول مرة وهي ترى مازن يقترب منهما ولكنها سرعان ما نفضت هذا الشعور والتفتت الى مها لتقول مكررة: ما هو تخصصك يا مها؟.. قالت مها بكل فخر: الكيمياء.. قال مازن ساخرا وهو يجلس على احد المقاعد القريبة من الأريكة التي تجلسان عليها: لا اظن ان مثل هذا التخصص يصلح لحمقاء مثلك.. فربما تتسببي يوما في تفجير مختبر الجامعة .. قالت مها بحنق وغيظ: ولا تخصص السياحة يصلح لغبي مثلك.. فقد تتسبب في ايصال كل مسافر لبلد آخر.. لم يأبه مازن بما قالته بل التفت الى ملاك الجالسة على الاريكة بهدوء وقال مبتسما: لم اكن اعلم انك تدرسين الادب من قبل.. اتهوين القراءة ام الشعر؟.. شعرت ملاك بالدهشة من سماعه الحوار بأكمله تقريبا بينها وبين مها.. ثم لم تلبث ان قالت بهدوء: الاثنان معا.. وهبطت عيناه الى الاوراق المبعثرة ومن ثم قال وعيناه تتطلعان الى احد الاجابات التي كتبتها ملاك: انها خاطئة.. قالت ملاك بحيرة: خاطئة؟..أأنت متأكد؟.. اومأ برأسه ومن ثم قال وهو يلتقط قلما ويعيد كتابة الاجابة: انها تحل هكذا.. تابعت ملاك خطوات اجابته وتطلعت له بإعجاب.. في حين قالت مها وهي تمط شفتيها: من اين أشرقت الشمس هذا اليوم؟.. مازن يساعد في حل مسألة ما.. قال مازن بابتسامة واسعة وعيناه تتطلعان الى ملاك: لا تظني اني ما دمت لا أساعدك انت.. فلن اساعد ابنة عمي.. قالت مها بحنق: انك لم تساعد احدا ابدا.. انها المرة الأولى التي تفعل..
- اظن اني حر في تصرفاتي وحر في مساعدة من اشاء.. قالت ملاك بخفوت: ارجوكما لا تتشاجرا بسببي.. ضحك مازن وقال: أتظنين اننا نتشاجر؟.. لا ابدا.. انه مجرد حديث عادي.. ابتسمت ملاك بالرغم منها وهي تراه يضحك .. وشعرت بالتوتر يعود ليراودها..في حين سمعت مازن يقول في تلك اللحظة وهو ينقل بصره بين المقعد المتحرك الذي يجوارها وبين الاريكة التي تجلس عليها:اتعرفين لأول مرة اراك تجلسين على مكان يختلف عن مقعدك..ان جلوسك معنا هكذا افضل بكثير .. كانت مها تشير لمازن ان يصمت منذ بدأ حديثه ولكن مازن لم ينتبه لها.. في حين كانت ملاك صامتة وما انتهى من حديثه حتى التفتت الى ملاك لترى ردة فعلها.. توقعت ان تغضب.. ان تغادر المكان ولكنها لم تتوقع ابدا ان تقول وعلى شفتيها ابتسامة : اترى ذلك حقا؟.. اومأ مازن برأسه ايجابيا وهو يبتسم..في حين نقلت مها نظراتاها بينهما .. كانت نظرات مازن عادية جدا.. ولكن بالنسبة لملاك.. كانت نظراتها تجمع ما بين الخجل واللهفة.. مها تعلم ان مازن يعتبر ملاك مجرد ابنة عم له لا اكثر ولا اقل..وهو يتحدث اليها كما يتحدث الى مئات الفتيات الاخريات.. ولكن كيف لملاك التي لم تتعلم شيئا من هذا العالم ان تدرك هذا؟.. قالت مها بغتة: ما رأيكم ان نذهب الى النادي الآن؟.. قالت ملاك باعتراض: ولكن لم انهي دراستي بعد.. قال مازن وهو ينهض من مقعده: يمكنك ان تكملي دراستك بعد ان نعود.. واردف دون ان يترك لها مجالا للرفض: سأذهب لأستبدل ملابسي ريثما تجهزان.. تابعته ملاك بانظارها وهو يغادر ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تتحدث الى مها: انه لم يمنحني فرصة للاعتراض.. ضحكت مها وقالت: حتى لا ترفضي الحضور.. والآن هيا.. اسرعي باستبدال ملابسك حتى نغادر.. رفعت ملاك جسدها بكلتا يديها ومن ثم لم تلبث ان قالت لمها بابتسامة شاحبة: هل لك ان تدفعي المقعد الى الامام قليلا.. أسرعت مها تنهض من مجلسها وتقول وهي تتحرك نحو المقعد وتدفعه: بكل تأكيد.. رفعت ملاك جسدها من على الاريكة لتجلس على مقعدها المتحرك اخيرا.. وان شعرت بالضعف لانها احتاجت الى مساعدة مها.. وتحركت بمساعدة مقعدها الى حيث غرفتها ..في حين قالت مها محدثة نفسها وهي تتطلع الى ملاك وتتذكر نظراتها الى مازن منذ قليل: ارجو ان يكون ما افكر به خاطئا يا ملاك.. أرجو ذلك.. ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ طرقات هادئة سمعها كمال على باب غرفته وهو جالس على طرف الفراش يرتدي حذائه استعدادا للخروج وقال بهدوء دون ان يرفع عينيه الى الباب: ادخل.. فتح الباب واطل من خلفه مازن الذي تقدم منه وقال وهو يتطلع الى ما يفعله: ستخرج ايضا.. قال كمال ببرود: انت ايضا تذهب الى النادي في هذه الاثناء .. قال مازن وهو يجذب له مقعدا ويجلس عليه: أردت ان أتحدث اليك قليلا يا كمال.. رفع كمال انظاره الى مازن وقال: بشأن ماذا؟..
- ابنة عمك.. قال كمال بلامبالاة مقصودة: أي ابنة عمة فيهن؟.. قال مازن بحزم: انت تعلم اني اعني ملاك..
- وماذا بها الآنسة ملاك حتى تأتي لتحدثني بشأنها؟.. قال مازن دون ان يأبه بسخرية كمال: ابنة عمك ملاك قد جاءت لتقضي اسبوعا واحدا هنا.. فدعه يمضي على خير.. ضيق كمال عينيه وقال : هل اخبرتك هي بشيء؟.. اومأ مازن برأسه ومن ثم قال: بكل شيء..استمع الي يا كمال .. ملاك فتاة عاجزة لا تستحق منك هذه التصرفات .. على الاقل تجاهلها ولكن لا تتحدث اليها بكلماتك الجارحة هذه .. قال كمال وهو يبتسم باستخفاف: ولم انت مهتم هكذا؟ ..
- لانها ابنة عمي أولا.. ولانها امانة في أعناقنا جميعا ثانيا.. ونهض من مكانه وهو يكمل: فأرجو ان تكون رجلا تستطيع ان تحمل المسئولية وتحافظ على الأمانة التي كلفك بها عمك .. لم يبد على كمال أي بادرة فعل.. فزفر مازن بحدة وخرج من غرفته .. ليسير بالممر ومن ثم يهبط درجات السلم الى الطابق الارضي..وهناك لم يشاهد أي من ملاك او مها.. فصاح قائلا بصوت عالي: مها.. ملاك.. اين انتما؟.. اقتربت منه احدى الخادمات وقالت بهدوء: لقد رأيت الآنستين يخرجان الى الحديقة يا سيد مازن.. مط مازن شفتيه بملل ومن ثم غادر المنزل الى الحديقة الخارجية .. وهناك سمع صوت ضحكات.. كانت ضحكات مها وملاك.. لأول مرة يسمع ضحكات هذا الملاك الرقيق.. ووجد قدماه تقودانه الى حيث تقف مها وبجوارها ملاك.. وقال مبتسما: علام تضحكان؟.. قالت مها وهي مستمرة في الضحك: لقد سألتني ملاك عن شيء ما في الكيمياء ولم استطع الإجابة عليه.. قال مازن بسخرية: اخبرتك انك لا تصلحين لدراسة الكيمياء و... قاطعه مها قائلة وهي تشير الى ملاك: وحتى انتقم من ملاك سألتها شيء ما في الأدب ولم تستطع الإجابة عليه هي الأخرى.. ابتسم مازن وقال وهو يعقد ساعديه امام صدره: ربما ارادت ان تجاملك فحسب.. تطلعت اليه بحنق فقال وهو يدير ظهره عنهما: هيا اسرعا لا اريد ان اتأخر.. توجهت مها الى ملاك ودفعت مقعدها بهدوء الى ان اوصلتها الى السيارة ..في حين كانت عينا ملاك معلقة بمازن وابتسامة مرتسمة على شفتيها.. لم تعلم لم شعرت بكل هذا الانجذاب تجاه مازن .. ربما لأنه الوحيد الذي عاملها برقة ولطف.. وربما لأنها للمرة التي تتعامل فيها مع شاب ما..شاب يحترمها ويقدرها ويعاملها بهذا اللطف ..ويشعرها بأنها انسانة مرحب بها وانها فتاة قبل كل شيء.. فتاة من حقها ان تعيش الحياة التي تتمناها .. فتاة من حقها ان تعجب بشاب ما.. ويختاره قلبها من كل الناس من حولها حتى يخفق من اجله.. وتترك العنان لمشاعرها لـ ... شعرت بأن افكارها قد اخذت اتجاها لم تفكر به بالمرة في حياتها.. بم تفكر؟..بالمشاعر ؟..هل من حقها ان تعجب بشاب ما وتميل اليه؟..هل من حقها ان تحب حقا؟.. ولم لا؟..اليست فتاة كبقية الفتيات؟.. انها كذلك..ولهذا لن تضع أي حاجز امامها يمنعها من ترك الحرية لمشاعرها.. فهاهي ذي تعترف لنفسها انها معجبة بمازن ..ومن يدري ما الذي تخفيه الايام لها ولمصير اعجابها بمازن هذا؟.. توقفت عن الاسترسال في أفكارها عندما وصلت السيارة الى النادي..ووجدت مها تفتح لها الباب.. في حين كان مازن يتوجه نحو حقيبة السيارة ليخرج مقعدها ويقترب به منها.. وقال مازن بهدوء وهو يتطلع باتجاهها: أترغبين في المساعدة؟ .. هزت رأسها نفيا ومن ثم رفعت جسدها عن مقعد السيارة لتجلس على مقعدها.. اما مها فقد عقدت حاجبيها بحيرة.. انها تذكر ان اول مرة أشار فيها مازن الى حاجة للمساعدة اثار ذلك عصبيتها على نحو واضح.. اما الآن فهي تقابل الامر بهدوء.. هزت مها كتفيها ومن ثم اخذت تدفع مقعد ملاك التي كانت تتطلع الى ارجاء النادي الواسع .. وبغتة سمعت صوت مازن وهو يقول: اهلا حسام .. لم تستطع مها منع نفسها من الالتفات له بسرعة.. ولم تستطع منع تلك اللهفة التي أطلت من عينيها وهي تطلع الى حسام بقامته الممشوقة وهو يتحدث الى مازن وابتسامته مرتسمة على شفتيه .. ومن ثم لم تلبث ان رأته يلتفت لها ويقول: اهلا مها.. ابتسمت مها ابتسامة واسعة وقالت: اهلا بك.. كيف حالك؟..
- على ما يرام.. ومن ثم لم يلبث ان قال مردفا وهو يوجه حديثه الى ملاك: اهلا آنسة ملاك..كيف حالك؟.. قالت ملاك بابتسامة باهتة: بخير.. في حين قالت مها بابتسامة مرحة: لم تخبرني ما هي أحوالك بالنادي؟.. قال حسام وهو يشير بإبهامه علامة النصر: ممتازة جدا.. قال مازن وهو يضع احدى كفيه في جيب بنطاله: سأذهب انا الى قسم الفروسية..اذهبوا انتم الى حيث تريدون.. مالت مها باتجاه ملاك وقالت: الى اين تودين الذهاب يا ملاك؟.. هزت ملاك كتفيها وقالت: أي مكان.. توجهت بها الى الكافتيريا ليجلسوا ثلاثتهم حول المائدة.. فقال حسام مبتسما: سأذهب الى قسم الرماية.. اترغبين في الحضور يا مها؟.. قالت مها في سرعة: بكل تأكيد سـ... وكأنها قد تنبهت الى ملاك للتو.. فقالت بتردد: ولكن ملاك ستبقى وحيدة هنا.. قالت ملاك بابتسامة: لا عليك اذهبي الى حيث تريدين.. لقد اعتدت الجلوس لوحدي حتى اتأمل الطبيعة من حولي.. قالت مها متساءلة: الن تتضايقي حقا لو ذهبت وتركتك وحدك قليلا؟.. هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: ابدا.. قالت مها بابتسامة واسعة: لن اتأخر.. كان مبعث فرحتها هو ذهابها مع حسام .. فاسرعت تنهض من على مقعدها لتسير الى جوار حسام الذي غادر المائدة بدوره ..وازدردت لعابها لتقول له: اتعلم ياحسام.. لا ازال اتذكر قبل عشر سنوات تقريبا عندما كنا طفلين وكنا نأتي الى النادي احيانا فتتسخ ملابسنا.. وحينها كنت اتهرب من العقاب واضع اللوم عليك.. قال حسام مبتسما: وانا الاحمق الذي كنت اتحمل عقوبتي وعقوبة طفلة شقية.. من اجل ان لا تعاقبي انت.. ضحكت مها وقالت: أنادم انت على ما فعلت وقتها؟.. التفت لها وقال بابتسامة: ان اردت الحقيقة فكلا.. لست نادم على ما فعلته وقتها ولو عاد الزمن الى الوراء لفعلت الشيء ذاته.. قالت مها بحيرة: وما الذي كان يدفعك لتتحمل عقوبتي انا ايضا؟ .. قال حسام وهو يهز كتفيه: لا شيء محدد بالضبط.. ولكني اكره ان اراك تتألمين او حتى تتضايقي من أي شيء.. كنت مستعد دائما لتحمل عنك العقاب حتى لا تشعري بأي الم.. مست كلماته شغاف قلبها..وجعلت حلقها يجف من التوتر ..وشعرت كم هو رائع حسام هذا .. كم هو شهم ونبيل معها منذ صغره.. كيف لها ان تجد انسان يساويه شهامته وحنانه هاذين و.. ولكن.. انها لا تزال تجهل مشاعره نحوها..انها لا تدرك ان كان اهتمامه بها ينطوي على مشاعر ما ام لا.. ووجدت مشاعرها تدفعها لسؤاله قائلة: لماذا؟.. ارتفع حاجباه بدهشة وقال: لماذا ماذا؟.. تطلعت اليه بعينين تنطوي على اللهفة وقالت: لماذا كنت تكره ان تراني اتألم؟.. لماذا كنت مستعد لأن تتحمل العقاب عني في كل مرة؟.. التفت عنها وتطلع بنظرات شاردة الى الطريق وقال بصوت خافت النبرات: ربما لأني... بتر عبارته بغتة مما جعل مها تستحثه على المواصلة قائلة: لأنك ماذا؟.. التفت لها بغتة وقال بابتسامة: ربما لاني اكره ان ارى دموع الفتيات.. قالت مها كالمصعوقة: هااا.. ماذا تعني بقولك هذا؟.. هز كتفيه وقال: ما سمعته.. المهم دعينا من هذا الحديث الآن.. وراقبي مهارتي في الرماية.. لم يكن حسام يعلم عن الغضب والاحباط الذي خلفه في قلب مها.. لقد ارادت ان تسمع ولو كلمة واحدة تشعرها انه يحمل لها ولو القليل من المشاعر.. على الاقل حتى تتمسك بأي امل.. ولكن اجابته لها صدمتها وجعلتها تشعر بفقدان الامل واليأس من وجود مشاعر في قلب حسام لها..وأخذت تراقبه وهو يصوب على الاهداف التي امامه بعيون شاردة لا تريان...
كانت عينا ملاك معلقتان بتلك السماء الصافية.. وهي تتطلع اليها بشرود كبير.. ولكن وعلى الرغم منها وجدت عيناها تهبطان الى حلبة السباق مع اصوات صهيل تلك الخيول .. رأت العديد من المتسابقين يتدربون في حلبة السباق وخصوصا وانه لم يبقى على يوم السباق سوى عدة ايام فقط.. وكل منهم يسعى للحصول على احدى المراكز الاولى.. ومن هؤلاء مازن وكمال .. مازن الذي تعلقت به عينا ملاك هذه المرة.. وهي تراقب كل حركة من حركاته.. وكل خلجة من خلجاته.. ابتسامته.. نظراته..حركات ذراعيه .. هدوءه.. حزمه .. وحتى طريقة مشيته..ووجدت نفسها تبتسم باعجاب لشخصيته.. بمرحه ولطفه وحنانه..وبحزمه ورجولته ..وجدت قلبها اخذ يخفق في قوة عندما رأته ترك حلبة السباق بغتة واقترب من المكان الذي تجلس عنده بعد ان ترك حصانه لكمال حتى يأخذه الى الإسطبل.. واخيرا رمى بجسده على المقعد المجاور لها وقال متسائلا: أين مها؟.. اشارت الى حيث ذهبت مها مع حسام وقالت وهي تشعر ببعض الارتباك: لقد ذهبت مع حسام الى قسم الرماية منذ قليل..
- لم يكن عليها ان تتركك لمفردك.. قالت ملاك بصوت خافت: لقد اعتدت الجلوس لمفردي.. نهض من مجلسه وقال في سرعة: سأذهب لاحضار العصير لكلينا واعود لأجلس معك.. بدلا من تلك الحمقاء التي تركتك لمفردك.. قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: لم تود مها تركي لمفردي.. ولكني انا التي اصررت عليها بالذهاب واخبرتها انني استمتع بالجلوس وحدي لأراقب الطبيعة.. قال مازن بسخرية: وتستمعين الى صوت الرياح.. اليس كذلك؟.. اشاحت ملاك عنه بوجهها وقالت وصوتها يحمل بعض الضيق من سخريته: لن تفهم ما اقوله الا لو عشت ظروفا مما ثلة لي.. اشار لها بسبابته قائلا: سأذهب لإحضار العصير ثم سنتناقش في ظروفك هذه..
قالها ومضى عنها.. تاركا اياها تتنهد بحرارة.. من حقه ان يستغرب ما تقوله .. ولكنها حقا بدأت تندمج مع العالم الذي تحياه .. وتصبح جزءا منه.. كيف لا وقد عاشت في هذا العالم منذ ستة عشر عاما.. منذ يوم اصابتها.. وهي تجد هدوءها وشعورها بالراحة بالتطلع الى الطبيعة من حولها.. والاستماع الى صوت الريح.. ليت الجميع يفهم هذا.. ولا يعاملونها على انها فتاة غريبة التصرفات و...
(العصير) ايقظها من شرودها وافكارها صوت مازن .. اعقبه بأن وضع كأس العصير امامها وقال مبتسما وهو يجلس على مقعده: لقد نسيت ان اسألك عن شرابك المفضل.. لهذا احضرت لك على ذوقي.. تطلعت ملاك الى كأسي العصير ومن ثم قالت مبتسمة: اتفضل شراب البرتقال؟.. اومأ برأسه وقال وقد اتسعت ابتسامته: كما ترين.. انها عادة التصقت بي منذ ان كنت طفلا.. فقد كانت والدتي تعد لنا عصير البرتقال على الغداء كل يوم.. ومنذ ذلك الحين وانا لا اشرب عصير سواه.. وقبل ان تقول ملاك شيئا.. عقد حاجبيه وهو يتطلع لها قائلا: اتعلمين يا ملاك.. لا اعلم لم اشعر وكأني قد التقيت بك من قبل .. قالت ملاك بدهشة: حقا؟.. ولكن المرة الاولى التي رأيتك فيها هي عندما جئت الى منزلكم قبل يومين.. قال مازن باصرار: ليس قبل الآن بوقت قصير.. بل ربما التقيت بك منذ وقت طويل..أوربما قبل سنوات عدة.. قالت ملاك بمرارة وهي تطرق برأسها: لا اظن.. فأنا لا اخرج من المنزل الا نادرا جدا..
- ربما احدى هذه المرات او... قاطعته ملاك قائلة: مستحيل.. فخروجي في هذه الحالة ينطوي على الاهمية.. اما للمشفى.. او ذهاب الى مكان ما مع ابي .. قال مازن وهو يحث نفسه على التذكر: ولكني اشعر اني قد ... قاطعه صوت احدى الفتيات وهي تقول بصوت مرح: مازن.. ياللصدفة الجميلة الذي اتاحت لي رؤيتك اخيرا.. التفت لها مازن في حدة وكذلك فعلت ملاك.. كانت امامها فتاة تمتلأ رقة ودلالا.. بملامح وجهها الحسناء.. وبابتسامتها الرقيقة.. ووجدت مازن يقول في صوت هادئ: اهلا.. كيف حالك؟.. قالت الفتاة مبتسمة بمرح: في افضل حال مادمت قد رأيتك.. المهم سأذهب الآن لألعب التنس.. لو اردت رؤيتي سأكون هناك..لا اريد الذهاب سريعا ولكن صديقتي تنتظرني.. واردفت وهي تغمز بعينها له: وكف عن ما تفعله قليلا.. فكل يوم اراك مع فتاة جديدة.. واردفت بخبث: واجمل من سابقتها.. اسرع مازن يقول: ان هذه الفتاة هي ملاك صديقة اختي مها.. وانا اجالسها ريثما تعود مها فحسب.. قالت بخبث وهي تتطلع الى ملاك الصامتة: وماذا يهم؟.. اغلبهن صديقات لشقيقتك.. كان يريد ان يخبرها انها ابنة عمه.. ولكنه لم يأبه بها.. فلا تهمه ان علمت انه على علاقة بفتاة جديدة ام لا.. ووجدها تبتعد غير آبهة بملاك.. الذي ظهر على وجهها علامات التساؤل والضيق .. وقالت متسائلة لمازن: هل يمكنني ان اسألك سؤالا؟.. ادرك انها ستسأله عن تلك الفتاة فقال بابتسامة: انها زميلة لي في النادي.. ازدردت لعابها وقالت: وماذا عنت بما قالته لك منذ قليل؟.. اجابها وهو يهز كتفيه بحركة لا مبالية مصطنعة: كما تعلمين.. انني مشترك في قسم الفروسية.. وقد فزت في احدى المرات لهذا فلدي العديد من المعجبين والمعجبات هنا بالنادي .. خبرة ملاك البسيطة بالعالم الذي حولها جعلها تصدقه ودون ان تشكك في كلماته..وان ظل شعورها بالضيق يلازمها عندما ادركت ان هناك العديد من المعجبات حوله..اما مازن فقد قال وهو ينهض من مجلسه: هاقد جاءت مها .. سأذهب انا الآن.. قالها وغادر المكان..وان خلف وراءه قلبا يتلهف لعودته.. وعينان تترقبان رؤيته من جديد... ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ كانت نظرات الضيق واضحة في عيني مها وهي تقترب من الطاولة التي تجلس خلفها ملاك.. وكذلك في عيني هذه الأخيرة ..كلاهما كانتا تفكران في شخص ما يشغل تفكيرها عن الاخرى وعن العالم الخارجي بأكمله ..ووجدت مها نفسها تزفر بقوة وهي تجلس على الطاولة وقالت وكأنها تحادث نفسها: لماذا لا يفهم؟.. التفتت لها ملاك وقالت بدهشة: هل تتحدثين إلي؟.. قالت مها وهي تمط شفتيها وتسند ظهرها للمقعد: لا بل أحادث نفسي.. ابتسمت ملاك وقالت: ومن هذا الذي تريدينه أن يفهم؟.. تجاهلت مها سؤالها وقالت: ما رأيك أن نغادر النادي ونعود إلى المنزل؟ .. قالت ملاك بحيرة: لا يزال الوقت مبكرا.. قالت مها وهي تلوح بذراعها: الم تقولي إن لديك دروس لم تنهيها بعد .. فلنعد اذا لتكمليها.. قالت ملاك بهدوء: لا بأس.. اسرعت مها تخرج هاتفها المحمول من حقيبتها وتتصل بالسائق ليحضر الى النادي .. في حين قالت لها ملاك بعد ان انهت المكالمة: الن تخبري مازن او كمال بمغادرتنا؟.. قالت مها وهي ترفع حاجباها بدهشة: ولماذا افعل؟..
- قد يغضبان ان علما اننا قد غادرنا دون ان نخبرهما.. ضحكت مها وقالت: بل سيغضبان لو اننا اخبرناهما وقطعنا عليهما التدريب.. دعك منهما.. ثم لم تلبث ان استرعى انتباهها كأس العصير الموجود امامها فتساءلت قائلة: كأس من هذا؟.. تطلعت ملاك الى كاس العصير الذي لم يشرب منه مازن الا القليل ومن ثم قالت: انه لمازن..
- هل جاء الى هنا؟.. اومأت ملاك برأسها ايجابيا.. فقالت مها مستغربة:جاء الى هنا ليجلس معك وترك التدريب .. ياله من شاب متقلب.. تطلعت لها ملاك بحيرة ولم تفهم سر وصف مها لمازن بالمتقلب فجعلت افكارها تتحول الى سؤال اسرعت تهتف به قائلة: ماذا تعنين بأنه شاب متقلب؟.. قالت مها بسخرية: منذ اسبوع فقط كاد ان يتشاجر معي امام كل من في النادي لاني طلبت منه ان يترك التدريب ويأتي ليوصلني الى احد الاقسام..
- ربما كان مشغولا حينها.. هزت مها رأسها نفيا ومن ثم قالت: بل انه يكره ان يساعد أي احد.. قالت ملاك بشك وقلق: لست اظن ان مازن على هذه الصورة.. قالت مها وهي تبتسم بسخرية مريرة: انت لا تعرفينه كما اعرفه انا.. ظهر التساءل في عيني ملاك وقبل ان تجيب مها هذا التساؤل ارتفع صوت رنين هاتف مها المحمول فأجابته قائلة: الو.. اجل.. حسنا انتظر قليلا وسنحضر في الحال.. واغلقت الهاتف لتقول بهدوء: لقد حضر السائق..
- بهذه السرعة..
- لقد كان قريبا من المكان.. هيا فلنذهب.. لم تجد ملاك سببا لمعارضة المغادرة فقالت وهي تزيح خصلات من شعرها عن جبينها: حسنا.. اسرعت مها تنهض من خلف مقعدها وتدفع مقعد ملاك متوجهتان الى الطريق المؤدي الى خارج النادي..وقالت ملاك بابتسامة باهتة في تلك اللحظة: هل سنحضر الىالنادي غدا؟.. قالت مها بابتسامة: ان شئت ذلك.. اطرقت ملاك برأسها قليلا ومن ثم داعبت قلادتها الذهبية وقالت: كان بودي البقاء اكثر حتى ارى جميع ارجاء النادي ولكنك... بترت ملاك عبارتها عندما لاحظت ان مها لا تستمع اليها بل تتطلع الى يمينها باهتمام.. فالتفتت ملاك بدورها لتشاهد حسام يقترب منهما ويقول مبتسما: الى اين ايتها الهاربتان؟.. قالت مها وهي تمط شفتيها: الى الخارج كما ترى.. قال متسائلا وهو يعقد ساعديه امام صدره ويتطلع الى مها: ولماذا تغادران الآن؟.. قالت مها بحنق: لدي بعض الدروس التي ارغب في ان انهيها .. هل من سؤال آخر؟.. مال حسام نحوها وقال بصوت خافت: وستتصلين بي حتى اشرحها لك .. اليس كذلك؟.. شعرت مها على الرغم منها بانعقاد لسانها وتوتر اطرافها وهي ترى نظراته المثبتة عليها.. وابتسامته الواسعة التي ملأت وجهه ..واسرعت تنتزع نفسها من مشاعرها لتقول وهي تشيح بوجهها عنه: لن اتصل حتى لو لم افهم أي كلمة مما سأدرسه .. ضحك حسام وقال: لا تقلقي سيكون الشرح مجانا.. تطلعت له مها بغيظ.. الا يفهم هذا الشاب؟..واسرعت تقول وهي تستدير عنه: افضل ان ادفع لمن سيشرح لي ما لم يكن هو انت.. كادت ان تمضي في طريقها لولا ان امسك بذراعهاليوقفها قائلا بجدية: ماذا بك يا مها؟.. قالت ببرود: لا شيء ابدا.. ولكنها اجابت عن سؤاله لنفسها.. قالت بكل اللوعة في اعماقها: ( لقد سأمت يا حسام.. سأمت حقا من كلماتك التي لا تحمل ذرة مشاعر تجاهي.. الا تشعر بحبي لك حقا؟ ..اتظن اني حجر لا تؤثر في كلماتك الأخوية تجاهي.. اريد ان اسمع ولو كلمة واحدة تجدد الامل في اعماقي.. حتى عيناك لا ارى فيهما الا اهتمام فحسب.. لا ارى اية مشاعر.. سأمت هذا كله يا حسام.. اتفهمني؟ ..) تطلع اليها حسام طويلا ومن ثم قال: بل هناك امر يضايقك يا مها .. اخبريني من الذي ضايقك.. كمال ام مازن؟.. ام احد الزملاء بالنادي؟.. قالت مها بحدة: ولم يجب ان يكونوا هؤلاء؟.. الا يوجد شخص آخر من الممكن ان اتضايق منه؟.. قال بحيرة: شخص آخر؟.. ومن يكون؟.. قالت مها بانفعال: انه يقف امامي..انت.. اتسعت عينا حسام بدهشة من قولها هذا.. حتى ملاك التي كانت تحاول ان تتظاهر بالانشغال بمداعبة قلادتها التفتت لها بحدة وهي تستغرب جرأة مها وردها هذا الذي لم تتوقعه ابدا.. وتوقفت نظرات حسام امام عيني مها وكأنه يحاول ان يعرف ما يدور في داخلها من افكار ومن ثم ابتسم ابتسامة باهتة وقال: مني انا؟.. اصدقك القول اني لم اتوقع هذا الجواب منك.. فطالما حاولت ان اكون سببا في سعادتك وابتسامتك.. لا ضيقك .. ولكنني وجدت نفسي اليوم اكون سببا في ضيق مها العزيزة دون ان اشعر.. اخبريني بالله عليك.. فيم ضايقتك؟ .. وانا مستعد لأشرح لك موقفي كله.. ارتبكت مها أمام نظراته التي تحاصرها.. ارتبكت أمام كلماته التي امتلأت بالاهتمام والحنان تجاهها.. ارتبكت من مسكة كفه لذراعها عندما حاول إيقافها.. وأشاحت بوجهها عنه لتخفي تأثيره عليها عن ناظريه وقالت وهي تزدرد لعابها وتحاول السيطرة على ارتباكها: المعذرة .. لم اقصد.. انسى ما قلته .. وابتعدت بسرعة عن المكان.. كاد حسام ان يتبعها ولكنه لم يفعل.. ادرك انه لو تبعها فلن تخبره بسبب ضيقها منه ابدا.. لهذا عليه ان يعرف السبب بنفسه.. وان كان قد بدأ يشك في سبب ضيقها ذاك...
الجزء السادس "مشاعرها" اغلقت مها عينيها وهي تغط في تفكير عميق شغل ذهنها عن كل ما حولها منذ بداية صعودها للسيارة حتى تغادر النادي ..انها تشعر بخطأ تصرفها.. وبخطأ ما فعلته.. لم يكن ينبغي عليها ان تنفعل هكذا مندفعة وراء مشاعرها.. هو لا يعلم انها تحبه.. لهذا ليس ذنبه ان لم يشعر بها.. كان من الافضل لها ان تصبر وتخفي مشاعرها.. على الاقل حتى تنجح في تحريك مشاعره تجاهها.. ولكن كيف؟.. لقد حاولت مرارا وتكرارا ان تلمح له و لا تستطيع ان تفعل اكثر من ذلك.. لا تستطيع ان تصرح بحبها له هكذا علانية ..لا يوجد أي منطق يجعل الفتاة تتمتع بكل تلك الجرأة لتصرح بحبها للشاب.. الفتاة بطبيعتها الرقيقة والخجولة .. تنتظر من الشاب ان يقدم على هذه الخطوة اولا.. وليست هي من تـ...
(مها..هل انت بخير؟) فتحت مها عينيها لتنتشل نفسها من دوامة افكارها والتفتت الى ملاك ناطقة العبارة السابقة.. ومن ثم قالت وهي تزفر بحدة: اجل .. لم تسألين؟.. قالت ملاك وهي تشير الى وجهها: لقد كنت تعقدين حاجبيك بطريقة تدل على تعبك..
- لقد كنت افكر في امر ما ليس الا.. ازدردت ملاك لعابها وتجرأت لتقول: بخصوص.. حسام؟.. التفتت لها مها في حدة وكأنها لم تتخيل ابدا ان تفهم ملاك بما جال في افكارها طوال الطريق.. وقالت بحدة على الرغم منها: وما دخل حسام بالموضوع؟.. قالت ملاك وهي تهز كتفيها: لست ادري.. ولكن حديثك الاخير معه في النادي.. جعلني اظن انك تفكرين به.. قالت مها وهي تشيح بوجهها عنها في ضيق: لست افكر به ابدا.. ولن افعل في يوم.. كانت تعلم انها كاذبة.. لم تكذب على ملاك فحسب .. بل كذبت على نفسها ايضا.. وهي تأمل ان يغيب عن افكارها تماما.. ولكن كيف لشمس الحب ان تغيب وهي في كبد سماء الاحلام؟.. ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ قال مازن وهو يشير لكمال من بعيد هاتفا بصوت مرتفع: كمال.. الن تغادر؟.. اكتفى كمال بأن اشار له بكفه اشارة (لا)..فزفر مازن وقال وهو يبتعد عنه: هذا شأنك.. وابتعد عن المكان وهو يجوب ارجاء النادي..كان النادي في هذا الوقت بالذات قليل الزوار..نظرا للجو البارد ونسمات الهواء التي ترجف الابدان بعد ان انتصر الظلام على النور في تلك السماء الواسعة..مما سمح لمازن ان يجوب كما يشاء فيه دون ان يأبه بهذا او ذاك .. وطال سيره حتى توقف بغتة عند كافتيريا النادي .. وتوجهت انظاره الى الطاولة التي جلست عليها ملاك اليوم .. وتذكر ما دار بينهما اليوم من حديث.. وتذكر عبارته الساخرة لها عن سماعها لصوت الريح.. ووجد نفسه يغمض عينيه.. ويترك المجال لاصوات الرياح ونسمات الهواء لتتسلل الى اذنيه.. وبغتة فتح عينيه بقوة ودهشة.. وابتسم لنفسه بسخرية قائلا: ما بالك يا مازن؟.. هل دفعتك ابنة عمك لفعل هذا؟.. الم تتهمها بالجنون لفعلها ذاك؟.. فلم قمت بما فعلت هي اذا؟.. هل جننت انت ايضا؟.. هز رأسه وابتسامته الساخرة لم تفارق شفتيه ومن ثم قال وهو يسير مبتعدا عن المكان: ربما اردت ان اشعر بما تشعر به وهي في هذه الحال.. لم يزد على ما قاله حرفا.. بل اسرع بمغادرة المكان بسيارته متوجها الى المنزل.. ولكن اتصال هاتفي جعله يعقد حاجبيه بتفكير ومن ثم يتطلع الى الرقم للحظة.. وما ان فعل حتى زفر في حدة وقال: يا الهي.. الن تتعب هذه الفتاة ابدا؟.. واجابه قائلا: اجلا يا حنان.. ماذا تريدين؟.. قالت في سرعة: اهلا مازن.. كيف حالك؟.. قال ببرود: بخير.. قالت بالم: لم لا تجيب على مكالماتي..انني اتصل بك منذ الصباح؟ .. عاد ليقول بملل: اخبريني ماذا تريدين؟.. قالت برجاء: اريد ان اراك .. أين انت؟.. تنهد بقوة وقال: لقد غادرت النادي وفي طريقي الى المنزل.. ربما غدا.. الى اللقاء.. انهى المكالمة في سرعة ومن ثم اغلق الهاتف بأكمله.. يعلم انه خطأه منذ البداية في تكوين علاقة مع أي فتاة.. ولكنه مع هذا لا يزال مستمرا في هذا الخطأ.. انه لا يعد أي فتاة يعرفها بأي شيء .. مجرد صداقة عابرة لا اكثر ان ارادت .. ولكن حنان هي الوحيدة التي لا تزال متشبثة به.. وتصر على ملاحقته اينما كان.. ليس ذنبه ان كانت مشاعرها تفوق الصداقة .. لقد اوضح لها الامر منذ البداية.. وهي التي تركت مشاعرها تسترسل حتى وصلت الى ما هي عليه الآن.. وصل في تلك اللحظة الى المنزل..فأوقف سيارته في الموقف الخاص بها.. ومن ثم غادرها ليدخل الى المنزل.. ويسير عبر ردهته الكبيرة والواسعة..وهناك رأى ملاك.. اعاده مرآها لما فعله قبل قليل بالنادي.. وابتسم على الرغم منه.. ولكن شيئا آخر جال بذهنه في تلك اللحظة.. شيء يتعلق بملاك.. فاليوم بدت اكثر تجاوبا مع الجميع وليس معه هو فقط.. اصبحت تتحدث بحرية.. ولا تكتفي بالكلمات المقتضبة .. وهذا يعني انها قد بدأت ترتاح لوجودها هنا وتعتاد على المكان .. واقترب من مكان جلوس ملاك.. التي لم تكن منتبهة له بل منشدة بحواسها كلها بقراءة قصة بين يديها ..وتسلل مازن بخفة ليجذب القصة من بين يديها فجأة وفي غمرة دهشتها ويقول مبتسما: ماذا تقرئين؟.. رفعت عينيها اليه وقالت بدهشة: مازن.. متى جئت؟.. قال وهو يلوح بكفه بلا اهتمام: منذ قليل.. واردف وهو يتطلع الى عنوان القصة التي كانت تقرأها: والآن فلنر ماذا كنت تقرئين.. ابعدت نظراتها عنه في صمت فاستطرد هو بسخرية: (حب الى الابد).. اهذا ما تقرئينه؟.. لم اكن اعلم بأنك تصدقين مثل هذه التفاهات.. التفتت له ملاك بحدة وقالت بدهشة: تفاهات؟؟.. قال بسخرية وهو يقلب صفحات الرواية بين يديه: اجل تفاهات.. فمن يصدق وجود مثل هذا الحب الرومنسي في هذا العالم سوى في الافلام والروايات.. هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: هذا ليس صحيحا ابدا.. فقيس وليلى كانا من الواقع وليسا مجرد رواية.. قال مازن بابتسامة : انهما من زمن ولى وانتهى.. ولم يعد هناك ما يسمى بهذا الحب الرومنسي .. قالت ملاك معترضة: من قال هذا؟.. لا يزال هذا الحب موجودا والا لما كتب عنه المؤلفين..
- لانه مجرد خيال ينبع من رؤوسهم..
- بل هو دليل على ان الحب لا يزال موجودا في هذا العالم.. ولكن انت من يرفض هذا الواقع.. قال مازن وهو يميل نحوها: اخبريني انت..اين ترين مثل هذا الحب في العالم من حولك؟.. ازدردت لعابها بتوتر حتى جف حلقها.. كانت الاجابة موجودة في اعماقها وبين مشاعرها.. كان قلبها يريد ان يجيبه بأنه اقرب مما يتصور.. فمشاعرها تجاهه تزداد لحظة بعد اخرى..وصمتت للحظة وهي تبحث عن جواب في عقلها ومن ثم قالت بابتسامة باهتة: في حب الزوج لزوجته.. في حب الابن لأمه.. في حب الاخ لأخيه.. قال مازن وهو يتخذ مجلسه على احد المقاعد ويرمي الرواية على الطاولة الصغيرة الموجودة امامه: هذا غير صحيح ابدا.. فمشاعر الابن تجاه امه هو عبارة عن عاطفة قوية تتولد مع الايام وتجعله يتعلق بها .. قالت ملاك باصرار: ويحبها ايضا.. اومأ برأسه ومن ثم قال: ولكنه يختلف تماما عن هذا الحب الرومنسي.. حب الشاب لفتاة.. يجعله هذا الحب ينغمس حتى اذنيه فيه.. ولا يفكر في شيء سوى الحب.. ومستعد للتضحية بكل شيء من اجل هذا الحب.. قالت ملاك بهدوء: وما الخطأ في كل هذا؟.. دس اصابعه بين خصلات شعره وقال مبتسما: ان اكون محكوما ومقيدا بمشاعر لا قيمة لها.. عقدت ملاك حاجبيها من منطقه الغريب.. وقالت بضيق: ولم تعارض انت هذه المشاعر؟..
- اخبرتك لانها لا اساس لها من الصحة.. ارادت ملاك ان تسأله عن شيء آخر ولكن وجدت خجلها يمنعها فلاذت بالصمت.. وفي تلك اللحظة اقتربت مها من المكان وقالت : وان اردت ان تختار شريكة حياتك.. كيف ستختارها اذا؟.. التفتت لها ملاك بحدة.. وارتفع حاجباها بدهشة.. فهذا هو نفس السؤال الذي دار بأعماقها ولم تقو على التصريح به.. في حين قال مازن بلامبالاة: لا يجب ان يكون الحب اساس للزواج .. هناك الاعجاب.. المعرفة.. الثقة وغيرها من تلك الامور .. قالت مها بحنق: انت شاب معقد.. ترى الفتيات من حولك.. فتظن انهن لعبة في يدك.. وانك اذا اردت ان تختار ستختار فتاة سيكون لك مصلحة ما بزواجك منها.. قال مازن وهو يسترخي بمقعده: ربما... اما ملاك فقد تطلعت له بمرارة وحزن.. احقا يرى الحب مشاعر تافهة لا اساس لها.. ويرى اختيار شريكة حياته التي ستعيش معه طوال حياتهما لا يجب ان ينبني على الحب.. اتكون بهذا فقدت املها في مازن.. ام لأنه لم يشعر بتلك المشاعر الدافئة التي تتسلل الى قلبه فبات يتكلم عن الحب بمثل هذه الطريقة؟..لا تدري ابدا.. ولكنها قد اصبحت تخشى مشاعرها تجاه مازن.. ربما لانها تزداد قوة مع مرور الوقت.. دون ان تعلم ما هي مصير مشاعرها هذه؟.. ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ الساعة العاشرة وقت اجتماع العائلة حول مائدة العشاء.. والجميع كان حاضرا في هذا الوقت.. وحتى كمال الذي يتغيب معظم ايام الاسبوع..وكان الصمت مخيما على تلك المائدة مكتفين جميعهم بتناول ملعقة ومتظاهرين بتناول الاخرى ..دون ان يعلم احدا منهم بالافكار الكثيرة التي تدور في رأس الآخرين.. فمن جهة كان امجد يفكر في مصير ابناءه وفي ملاك التي اقتحمت حياتهم فجأة والتي قد تكون سببا في حدوث الكثير من المشاكل بينه وبين اشقاءه..ومن جهة اخرى كانت مها تفكر في حسام وحبها الصامت له.. وكيف تشعره بهذا الحب الذي تحمله له في قلبها.. بينما كان كل من مازن وكمال يقكران في سباق الخيل ويتمنى كلاهما الحصول على احد المراكز الاولى.. واخيرا تفاوتت افكار ملاك ما بين مشاعرها التي بدأت تخشاها تجاه مازن وما بين والدها.. والدها الذي لم يتصل بها اليوم ابدا.. ترى هل هو مشغول بأمر منعه من الاتصال بها؟...
(عزيزتي ملاك.. فيم تفكرين؟) التفتت ملاك الى صاحب العبارة وقالت بابتسامة باهتة: لا شيء يا عمي.. قال امجد بنبرة هادئة: اخبريني يا عزيزتي.. الست عمك؟.. اومأت برأسها ومن ثم قالت وهي تحاول ان تخفي القلق من نبرة صوتها: ابي.. لم يتصل بي اليوم ابدا.. قال امجد بابتسامة مشفقة: ربما كان مشغولا.. وتدخل مازن في الحديث قائلا: او ربما قد نسي الاتصال بك.. التفتت ملاك لمازن وقالت باستنكار: لا يمكن ان يحدث ذلك .. من المستحيل ان ينسى ابي الاتصال بي.. قال مازن بدهشة: ولماذا مستحيل؟.. اننا بشر.. قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: انت لا تعرف ابي.. انه ينسى كل شيء فيما عداي.. واردفت وهي تعض على شفتها السفلى: اخشى ان يكون قد اصابه مكروه او... قاطعها مازن في سرعة: لم لا تتصلين به انت وتطمئني عليه؟.. اشارت الى نفسها مندهشة: انا؟؟..
- اجل انت.. ما الذي يدهشك في الامر؟.. بعثرت ملاك نظراتها بعيدا عن مازن وكأنها اصبحت تخشى مواجهته ومن ثم قالت: لا اعلم ولكني اعتدت ان يتصل بي هو دائما.. قال مازن بابتسامة مرحة: اذا غيري من عادتك هذه واتصلي به .. لن تخسري شيئا..بل نحن من سيضاف الى فاتورة هاتف منزلنا سعر مكالمة دولية.. هزت ملاك رأسها نفيا ولم تتحرك من مكانها قيد انملة..فقال امجد بهدوء بعد ان رمق مازن بنظرة حازمة: حقا يا ملاك.. ان ما يقوله مازن صحيح.. لم لا تتصلين به انت وتطمئني عليه؟.. قالت ملاك وهي تشعر بغصة في حلقها: سيتصل.. انا اعلم انه سيتصل.. من المستحيل ان ينسى الاتصال بي.. لقد وعدني.. زفر مازن بحرارة ومن ثم قال: خذي.. لم تفهم ملاك مغزى عبارته ولكنها فهمت عندما تطلعت اليه ورأته يمد لها يده بهاتفه المحمول.. فتطلعت اليه بدهشة دون ان تقوى على مد يدها لأخذ الهاتف من يده.. في حين التفتت لها مها وقالت مبتسمة: خذي هاتفه يا ملاك.. واتصلي بوالدك حتى تطمئني عليه.. ترددت ملاك طويلا دون ان تجرأ على مد كفها لأخذ الهاتف من مازن.. ولكن شيء ما في نظرات مازن المشجعة.. جعلها تتخلى عن ترددها هذا للحظة وتمد كفها لتأخذ الهاتف منه.. واستنكرت هذا الشعور الذي اخذ يراودها تجاه مازن.. واخذت تتطلع الى هاتف هذا الاخير وكأنها تحاول ان تستشف منه شخصيته.. كان هاتفا اسود اللون في حجم كف اليد.. ولا شيء آخر يميزه.. ولكن اللون اثار انتباه ملاك ربما لانها ربطت بين لون الهاتف وبين لون القميص الذي يرتديه.. ربما كان يفضل هذا اللون.. فمنذ اليوم الاول لها وهي تراه يرتدي اما قميصا او بنطالا اسود اللون.. ابعدت مازن عن تفكيرها واسرعت تتصل بوالدها.. واستمر الهاتف على الجانب الآخر بالرنين لعدة دقائق قبل ان ينقطع الرنين..فقالت ملاك بصوت خافت ومتوتر: لا احد يجيب .. قال لها مازن: عاودي الاتصال به مرة اخرى.. من جانب آخر كان كمال يتطلع لكل ما يحدث امامه دون ان يعلق ولو بحرف واحد.. مكتفي بالصمت والتفكير في ذلك السباق الذي اقترب موعده كثيرا..وكأن لا شيء يحدث امامه وفي وجوده .. اما ملاك فقد عاودت الاتصال بوالدها واستمعت الى الرنين طويلا.. ولكن في هذه المرة سمعت اجابة على الهاتف وصوت متعب يقول: الو من المتحدث؟.. قالت ملاك بكل اللهفة والسعادة في اعماقها:انا ملاك يا ابي.. كيف حالك؟.. لم لم تتصل بي حتى الآن؟.. قال خالد والد ملاك بابتسامة مرهقة: اعذريني يا صغيرتي.. لقد انشغلت طوال هذا اليوم.. وكنت سأتصل بك بعد ان انهي اعمالي .. قالت ملاك بحب: اشتقت اليك يا ابي.. بأكثر مما تصور.. متى ستعود؟..انا بحاجة اليك.. اريدك ان تعود.. قال خالد وهو يتنهد: ربما نهاية هذا الاسبوع.. اقلقها استخدامه لكلمة (ربما).. فقالت باضطراب: ماذا تعني بأنك ربما تعود نهاية هذا الاسبوع يا ابي؟.. هل تعني انك ستتأخر لأكثر من ذلك؟.. قال خالد وهو معتاد على اسلوب ابنته وتعلقها به: انني اعد الايام حتى اعود يا صغيرتي.. اعمل ليل نهار حتى اعود قبل الوقت المحدد.. ولكن العمر ينتهي والعمل لا ينتهي.. واردف بابتسامة ابوية وكأن ملاك ستراها او تشعر بها: اهتمي بنفسك جيدا يا ملاك.. انا مضطر لانهاء المكالمة الآن حتى انهي ما بيدي.. اراك بخير.. قالت ملاك بصوت متحشرج: وانت كذلك يا ابي.. الى اللقاء .. ابعدت الهاتف عن اذنها ببطء.. وشعرت بضيق كبير يعتمر في صدرها من جراء انهاء والدها للمكالمة بهذه السرعة.. ومن ثم قالت بصوت متحشرج وهي ترفع نظراتها الى مازن وتمد له يدها بالهاتف: اشكرك.. التقط الهاتف من يدها وقال مبتسما: العفو.. ولا نريد ان نرى دموعا.. وكأن عبارته قد لمست وترا حساسا بداخلها.. فسرعان ما ترقرقت الدموع في عينيها واطرقت برأسها في الم وحزن.. والتفتت عنهم دون ان تقوى على نطق حرف واحد.. وابتعدت بمقعدها عن المكان وعلى وجنتيها سالت دموع حزن ومرارة .. وعلى تلك الطاولة تابعتها عيون الجميع.. وارتسم الاشفاق جليا في تلك العيون..ولكن عيني مازن وحدها كانت تحملان لها الاهتمام.. اهتمام اثار دهشته هو نفسه... ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ تثاءبت ملاك وهي تستيقظ من نومها على صوت نادين.. واعتدلت في جلستها لتقول ولا تزال اثار النعاس بادية في صوتها: هل اعددتي طعام الفطور؟.. اومأت نادين براسها .. فعادت ملاك لتسألها وهي تزفر بحدة: ولا يوجد احد بالمنزل كالعادة.. اليس كذلك؟.. ارتسمت ابتسامة على شفتي نادين وقالت: لا.. بل يوجد.. مها لم تغادر اليوم.. قالت ملاك بدهشة ممزوجة بالسعادة: لم تغادر؟.. حقا؟.. ولم؟.. واستطردت ملاك بقلق: ربما كانت مريضة.. قالت نادين وهي تهز رأسها نفيا: لا ليست مريضة.. ولكني سمعتها تقول لشقيقها ان ليس لديها أي محاضرات هامة هذا اليوم .. قالت ملاك في سرعة: اذا اذهبي اليها واخبريها انني اريد ان اتناول طعام الافطار معها.. ابتسمت نادين وقالت وهي تضع المقعد المتحرك قريبا من فراش ملاك: حسنا سأفعل آنستي.. قالتها نادين ومن ثم غادرت الغرفة .. في حين اسرعت ملاك تنهض من على فراشها لتجلس على مقعدها المتحرك.. وتحركت بمقعدها لتبحث في تلك الخزانة عن ملابس ترتديها ..ومن ثم لم تلبث ان ان غادرت الغرفة بعد ان القت على نفسها نظرة اخيرة في المرآة..وبالردهة اسرعت تحرك مقعدها المتحرك حتى وصلت عند اسفل درجات السلم..ورأت حينها نادين تهبط من على درجاته وتقول بهدوء: لقد قالت لي الآنسة مها انها ستستبدل ملابسها وتهبط في الحال.. ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي ملاك..شعرت بالسعادة لان مها ستتناول معها طعام الافطار هذا اليوم.. ستجد من تتحدث اليه .. بدلا من الصمت المطبق الذي يسيطر على المائدة باكملها حتى يفقدها شهية تناول أي شيء..
في تلك اللحظة قالت نادين وهي تقترب من ملاك: اترغبين بأي شيء آنستي؟.. هزت ملاك رأسها نفيا فقالت نادين وهي تهم بالانصراف: سأذهب لأضع اطباق الفطور على المائدة اذا.. لم تعلق ملاك على عبارتها بل اخذت تتطلع الى اعلى درجات السلم وهي ترفع رأسها قليلا بانتظار نزول مها من غرفتها و...
(ما الذي تفعليه هنا؟..) انتفضت ملاك بخوف والتفتت الى صاحب العبارة وقالت وهي تزدرد لعابها: مازن.. كان واقفا خلفها بمترين تقريبا وقال مبتسما وهو يتقدم منها: اجل هو انا .. لا تخشي شيئا لست شبحا.. قالت ملاك متسائلة: ولكن نادين اخبرتني انه لا يوجد احد بالمنزل سوى مها .. قال مازن وهو يتحرك باتجاه السلم: لقد عدت من الخارج لاني نسيت اخذ محفظتي معي.. والتفت لها ليقول مستطردا: ولكن ما الذي تفعلينه انت هنا عند السلم؟.. قالت ملاك بابتسامة: انتظر مها.. قال مازن وهو يهز كتفيه: ولم تنتظرينها ؟.. اذهبي اليها انت .. تلاشت الابتسامة من على شفتي ملاك.. وشعرت بغصة مرارة تملأ حلقها.. وارتسمت تلك المرارة جلية في عينيها.. وظلت صامتة دون ان تتفوه بحرف واحد.. في حين تتطلع اليها مازن بندم.. وهو يلوم نفسه مما قاله.. وسمعها تقول في تلك اللحظة وهي تطرق برأسها وتطلع الى قدميها: وكيف اذهب انا اليها؟.. هل سأصعد اليها بفدمين عاجزتين؟.. حاول مازن ان يصلح ما افسد فقال بمرح مصطنع: اعني ان احملك انا الى الطابق الاعلى.. رفعت ملاك اليه رأسها في دهشة.. ومن ثم لم تلبث وجنتاها ان توردتا بحمرة قانية..وانعقد لسانها عن الحديث.. فقال مازن مبتسما - وقد اسعده تبدل حزنها على هذا النحو - وهو يميل نحوها: لقد كنت امزح ليس الا.. واردف وهو يغمز بعينه: ولكن ان طلبت مني ذلك.. فلن اتأخر .. ازداد تورد وجنتي ملاك.. وشعرت بضربات قلبها تخفق بقوة وسرعة عجيبة..ورفعت رأسها لمازن لتراه يصعد درجات السلم وهو يطلق صفيرا منغوما من بين شفتيه وكأن لا شيء على باله ابدا.. وكأنه لم يلهب مشاعرها نحوه.. وكأنه لا يتعمد التقرب منها.. لو كان مازن شابا مستهترا كما تقول مها.. فلماذا يهتم بي كل هذا الاهتمام؟.. لماذا هو الوحيد الذي يحنو علي؟.. لماذا هو الوحيد الذي انجذبت له؟.. هل هو قدري يا ترى؟..هل هي لعبة القدر التي تجمع وتفرق كما تشاء؟ .. قبل ان تواصل افكارها رأت مها تهبط درجات السلم على عجل وقالت مبتسمة بمرح: ما هذا؟.. ملاك بنفسها من يطلب رؤيتي.. وتنتظرني ايضا.. ابتسمت ملاك وقالت: لقد علمت انك لم تذهبي الى الجامعة اليوم.. فقررت ان اتناول طعام الافطار معك.. قالت مها بابتسامة واسعة وهي تقترب منها: خيرا فعلت.. واقتربتا كلاهما من مائدة الافطار.. لتجلسان في مواجهة بعضهما البعض.. وقالت مها متساءلة وهي تتناول رشفة من كوب الشاي الموجود امامها: متى سيحضر استاذك؟.. قالت ملاك مبتسمة: استاذة هذه المرة.. وستحضر بعد ساعتين من الآن.. قالت مها بابتسامة: اذا لدينا الوقت الكافي لنتحدث سويا.. اومأت ملاك برأسها وقالت وهي تتناول قليلا من طبقها: بالتأكيد.. قالت مها وهي تتطلع لملاك: في الحقيقة يا ملاك.. اسعدني انك قد ابتعدت عن انطوائيتك قليلا.. واصبحت تشاركينا الحديث .. ارتسمت ابتسامة على شفتي ملاك وقالت: لقد كنت منطوية على نفسي عندما لم ار من يهتم بي.. ولكن عندما وجدت هذا الاهتمام منكم.. قررت ان اشارككم الحديث والنزهات.. قالت مها بخبث: من تعنين بمنكم؟.. ممن رأيت الاهتمام؟ .. ارتبكت ملاك على الرغم منها وقالت بصوت متلعثم: انت وعمي وابناء عمي جميعا.. قالت مها بابتسامة هادئة: لست اظن كمال يهتم بأحد.. واستطردت قائلة بغتة: نسيت ان اخبرك.. قالت ملاك بحيرة: ماذا؟..
- ستقام حفلة غدا في منزلنا.. اعتاد ابي اقامة مثل هذه الحفلات كلما نجح في صفقة ما بشركته.. لهذا عليك ان تجهزي شيئا ما لترتديه.. قالت ملاك وهي ترفع حاجبيها بدهشة: لم اجلب ما يناسب هذه الحفلات ابدا.. لم اظن اني سأحتاج لارتداء فستان يخص الحفلات في منزل عمي .. قالت مها في سرعة: دعينا نرى ما جلبته معك من ملابس اذا وربما احدها قد يناسب لتلك الحفلة.. هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا اظن.. فكرت مها قليلا وقالت: لو استلزم الامر سنذهب الى احد المحال التجارية المشهورة ونشتري لك ما تحتاجينه من...
(وانا من سيوصلكم بكل تأكيد) التفت كلاهما الى ناطق العبارة بدهشة .. وازدادت دهشتهم عندما رأوا مازن يعقد ذراعيه امام صدره وابتسامة على شفتيه .. وقالت مها متطلعة اليه: وما دخلك انت؟.. سنخبر السائق حتى يوصلنا الى حيث نريد.. اقترب مازن اكثر وجذب له اقرب المقاعد اليه والتي كانت عند رأس الطاولة.. أي بين ملاك ومها..وقال: بل سأوصلكم انا .. ماذا تريدون اكثر من هذا؟..مازن بنفسه يتطوع لأخذكم الى السوق.. قالت مها وهي تمط شفتيها: لا نريد.. وفر خدماتك لنفسك.. تطلعت اليها ملاك بحيرة وتساءلت بالرغم منها..ربما كان فضولا لمعرفة السبب: ولماذا؟.. قالت مها وهي تشير الى مازن: لو وافقنا على ان يأخذنا هذا الى السوق .. فأنه لن يكف عن ترديد عباراته المعتادة.." لقد تعبت".. "لقد تأخرنا".. "يكفي هذا".. لا يجعلك تأخذين راحتك بالشراء.. ابتسمت ملاك بهدوء في حين قال مازن بابتسامة: سأترك لكم حريتكم هذه المرة.. مالت مها نحوه وقالت بحنق: اتظن اني لا اعرفك يا مازن.. بعد ساعة واحدة فقط ستردد علينا هذه العبارات.. اخبرتك بأننا لا نريد الذهاب معك.. تحركت اصابع مازن على الطاولة ومن ثم قال وهو يرفع احدى حاجبيه: ولماذا تجمعين؟.. ربما كان لملاك رأي آخر.. والتفت لها ليقول: ما رأيك يا ملاك؟.. اترفضين انت ايضا ان اوصلكم الى السوق؟.. تطلعت اليه ملاك لوهلة ومن ثم ابعدت عينيها عنه.. ربما هو الخجل من ان ترفض قدوم مازن معهم.. او ربما هو قلبها الذي كان يتمنى حضور مازن معها جعلها تجيب: لا .. لست ارفض .. شهقت مها وقالت بحدة: ما الذي فعلته؟.. اتظنين انه سيتركنا وشأننا الآن.. انه لن يتوقف عن اذلالنا طول فترة ذهابنا معه.. ازدردت ملاك لعابها وقالت بارتباك: وكيف لي ان ارفض؟ .. اسرعت مها تلتفت لمازن وتقول: مازن ارجوك لا تتدخل.. انها امور خاصة بالفتيات.. دعنا نتصرف لوحدنا واذهب انت الى أي مكان تشاء.. لقد وافقت ملاك لمجرد الخجل منك.. اذهب الى عملك الآن.. قال مازن بعناد: بل سأنتظر حتى تجهزون لاوصلكم الى حيث تشاءون.. قالت مها بسخط: الآن فهمت لماذا تفعل كل هذا.. لانك لا تريد الذهاب الى العمل.. ولو سألك والدي سبب مغادرتك ستخبره انك كنت توصلنا الى السوق.. اليس كذلك؟.. دفع رأسها بسبابته وقال مبتسما: جيد انك عرفت الامر بنفسك .. واردف وهو ينهض من مقعده: متى شئتم سأوصلكم ..سأذهب الى الطابق الاعلى.. اسرعت مها تقول: لدى ملاك حصة دراسية بعد ساعة ونصف .. هز مازن كتفيه وقال وهو يغادر: لا بأس.. سننتظرها ومن ثم نغادر.. عقدت مها حاجبيها وقالت بضيق: ولماذا لا تذهب الى العمل في هذا الوقت؟.. قال منهيا النقاش: لقد انتهى الامر.. قالها وانصرف في حين قالت مها بحنق: ينتظرنا اكثر من ثلاث ساعات افضل عنده من الذهاب والعمل عند ابي.. قالت ملاك بهدوء: ربما يشعر ان العمل لدى عمي لا يشبع طموحه .. قالت مها وهي تلوح بكفها: عمل ابي مختلف تماما عن تخصص مازن.. لهذا ترين مازن يكره العمل الذي لا يفهم منه شيئا.. ولكنه مخطأ.. ابي يحتاجه في العمل.. يحتاجه ليسيطر على الموظفين ويراقب سير العمل.. قالت ملاك بشرود: ربما كان من الصعب عليه ان يتأقلم مع عمل غير الذي تمناه في يوم.. هزت مها رأسها بقلة حيلة ومن ثم قالت: دعينا منه الآن.. هل ترغبين بمشاهدة احد الافلام؟.. لدي فيلم رائع جدا.. قالت ملاك بابتسامة: لا ما نع لدي ابدا.. تحركت ملاك بمقعدها وكذلك مها التي نهضت من خلف الطاولة.. ولكن.. توقفت ملاك بغتة وهي تتطلع الى ذلك الشخص الذي كان واقفا امامها .. رفعت رأسها له ..وعرفت حينها انه كمال... توترت ملاك بغتة لمرآه.. ربما لانها خشت ان يجرحها بكلماته.. وازدردت لعابها دون ان تقوى على التحرك من مكانها.. في حين قالت مها بدهشة وهي تقترب من كمال: ما الذي تفعله هنا الآن يا كمال؟.. قال كمال ببرود: وما الذي تريني افعله؟.. قالت مها وهي تتنهد بحرارة: اعني لماذا جئت؟.. قال كمال وهو يلقي نظرة باردة على ملاك اقشعر لها جسد هذه الاخيرة: ليس هذا من شأنك.. قالت مها وهي تناديه: كمال .. توقف.. ولكنه تجاهلها تماما مغادرا المكان فقالت مها وهي تهز كتفيها: سيثير جنوني كمال هذا.. مع انه هو ومازن شقيقان الا انهما يختلفان في كل شيء.. قالت ملاك بصوت خافت: معك حق.. اسرعت مها قائلة: دعك منهما .. ولنذهب نحن.. اومأت ملاك برأسها وان كانت تشعر بالقلق بسبب كمال ونظرته الباردة لها.. ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ توجهت مها بخطوات هادئة الى غرفة مازن وقالت وهي تطرق الباب: مازن .. هل استطيع الدخول؟.. وبدلا من ان يجيبها فتح الباب وقال: هل انتما جاهزتان؟.. قالت مها وهي تضع يدها عند خصرها: بلى.. ولكن الم تفكر بتغيير رأيك بعد؟.. قال مبتسما: لا تخشي شيئا لن ازعجكم هذه المرة.. فقد اتصلت بحسام واخبرته بأن يلتقي بنا في احد المراكز التجارية .. فمن حقنا ان نشتري ملابس جديدة للحفل نحن ايضا.. وجدت مها نفسها تتساءل بلهفة: حسام سيأتي ايضا؟؟.. اومأ برأسه بهدوء.. فقالت وهي تتدارك نفسها حتى لا يفهم ان لهفتها مصدرها مجيء حسام: هذا جيد حتى نرتاح من ازعاجك لنا والحاحك المستمر حتى نغادر .. قال مازن بسخرية: لا تنسي انني انا من سيأخذكم الى هناك.. ويمكنني ان ان اعيدكم الى المنزل بعد ان اشتري انا ما اريد.. التفتت عنه مها وقالت بحنق: لا استغرب ذلك عليك ابدا.. وقالت وهي تبتعد عنه: اجهز سريعا.. نحن ننتظرك بالاسفل .. لم يجبها مازن بل اكتفى بالدخول الى غرفته مرة اخرى.. في حين ارتسمت على شفتي مها ابتسامة واسعة وهي تبتعد عن المكان..ابتسامة تعبر عن مدى فرحتها بلقاء حسام هذا اليوم...
الجزء السابع "ابنة عمي" قال مازن مبتسما وهو ينطلق بالسيارة الى المركز التجاري: والآن يا فتيات.. اريد هدوء طوال الطريق.. لا صراخ.. لا حديث.. ولا حتى صوت انفاسكن.. قالت مها التي تجلس بجواره بسخرية: بدأت رحلة الاوامر والاذلال.. والتفتت الى ملاك لتقول بابتسامة: الم اخبرك؟.. ها انتذا ترينه يعدد اوامره قبل ان ننطلق.. ما رأيك ان تغيري رأيك ونذهب مع السائق؟.. اسرع مازن يقول وهو يهز اصبعه السبابة نفيا: ممنوع.. ما دمتما قد ركبتما معي الآن فتحملا ما سيأتيكما.. قالت مها بضيق وهي تتطلع اليه: سخيف.. التفت لها وقال: بل احسن استغلال الفرص يا عزيزتي.. مطت مها شفتيها دون ان تعلق.. في حين اكتفت ملاك بابتسامة هادئة ارتسمت على شفتيها .. اما مازن فقد شرد ذهنه للحظات.. رأى خلالها طفلة صغيرة جالسة على مقعد ما .. تبتسم برقة وبراءة.. عيناها وشعرها كسواد الليل ..وبشرتها بيضاء كالثلج..تصنعان ضدان غريبان ورائعان ..و شاهد اثناء شروده نفسه وهو بعد في الثالثة عشرة من عمره يقترب منها ويقول متسائلا: من انت؟.. اتسعت ابتسامتها وقالت: انا اسمي ...
(مازن انتبه!) افاق من شروده على صوت مها الخائف والمذعور.. ورأى امامه سيارة يكاد ان يصطدم بها .. وبأقصى ما امكنه من سرعة ادار مقود السيارة الى اليمين.. وتفادى الاصطدام ..وتنهد بقوة ومن ثم لم يلبث ان قال مبتسما: ما رأيكم في قيادتي للسيارات؟.. قالت مها بغضب: اتسأل ايضا؟.. اطلبت منا ان نأتي معك حتى تقتلنا؟.. قال بمرح : لا بل لأريكم براعتي في قيادة السيارات.. ارأيت كيف تفاديت السيارة؟.. قالت مها بعصبية: كيف تمزح في مثل هذه الامور ؟.. اما ملاك فقد كانت تشعر بالخوف في البداية من هذا الاصطدام الذي كاد ان يحدث .. ولكن كلمات مازن المرحة اخرجتها من الخوف الذي كانت تشعر به.. وابدلتها بابتسامة من تعليقاته التي يواجه بها غضب مها.. وتوقف بعد فترة من الوقت عند باب المركز التجاري وغادر سيارته ليخرج مقعد ملاك من صندوق السيارة.. وبالنسبة لملاك فقد شعرت برهبة تغزو قلبها بغتة.. لاول مرة تأتي الى مكان كهذا.. لاول مرة ترى كل هذا الجمع من الناس .. انتابها القلق والتردد من مغادرة السيارة..صحيح انها كانت تذهب الى النادي ولكن لم تكن ترى كل هذا الجمع وقتها وكانت تبقى وحيدة مع مها في ركن منه..اما الآن فعليها ان تندمج في كل تلك الافواج... والتفتت بحدة وخوف عندما فتح الباب الذي يجاورها بغتة وسمعت صوت مها وهي تقول بابتسامة: هيا يا ملاك.. اجلسي على مقعدك حتى نغادر.. تطلعت ملاك الى المقعد.. شعرت انه قد يكون شيء غير مألوف لكل اولئك الناس ..وهمست وهي تلتفت عن مها: لا اريد النزول.. تطلع اليها مها بدهشة وقالت: ماذا تقولين؟.. قالت ملاك باصرار: اريد ان اعود الى المنزل.. لا اريد البقاء هنا.. اقترب مازن من باب المجاور لملاك وقال بحيرة: ما الذي يجعلك تقولين مثل هذا الكلام بعد ان وصلنا؟.. تطلعت ملاك الى الاشخاص اللذين يدخلون المركز التجاري او يخرجون منه.. فالتفت مازن خلفه ليتطلع الى ما تتطلع ومن ثم قال بابتسامة وهو يلتفت لملاك وقد فهم ما يقلقها ويجعلها ترفض النزول من السيارة: لا تقلقي.. الكل هنا يكون مشغولا بشأنه.. ولا احد يهتم الا بنفسه.. هزت ملاك راسها نفيا وقالت وهي تضم قبضيتها: لا اريد النزول.. اعيدوني الى المنزل.. وبدل من ان يجيبها مازن مد يده لها وقال مشجعا: لا تخافي ابدا.. نحن هنا معك.. تطلعت ملاك الى يده الممدودة بحيرة ونقلت بصرها بين مازن ومها.. وقالت الاخيرة مبتسمة: ما يقوله مازن صحيح.. لا داعي للخوف ما دمنا معك.. ترددت ملاك طويلا وهي ترى نظراتهم اليها ومن ثم لم تلبث ان حسمت امرها ومدت يدها لمازن ليتقطها ويعاونها على الجلوس على مقعدها.. كانت ارتجافة كف ملاك بين انامله اكبر دليل على ما حدث لمشاعرها في تلك اللحظة.. فقد كانت لمسة انامله فقط.. كفيلة لان تفجر كل المشاعر التي تحملها تجاه مازن..وتطلعت الى هذا الاخير وهي تزدرد لعابها بارتباك ورأته يبتسم لها ويقول: يالك من فتاة عنيدة.. لم تعلم ملاك لم بادلته الابتسامة بدلا من ان يحنقها ما قاله.. ربما لان مشاعرها تجاه مازن في هذه اللحظة بالذات.. كانت كافية لتجعلها تتقاضى عن أي شيء يقوله..لا تسألوها لماذا مازن بالذات.. هي نفسها لا تعلم.. ربما اهتمامه وحنانه.. ربما مرحه وسخريته.. ربما شخصيته الحازمة عند الجد.. وربما كل هذا.. لا تسألوها لماذا؟.. فليس هي من تختار بل قلبها.. واصلوا طريقهم الى داخل المركز التجاري وتوقف مازن بغتة عن السير فتوقفت مها عن دفع مقعد ملاك بدورها عندما رأت حسام وهو يقترب منهم ويقول: واخيرا حضرتم.. قال مازن بسخرية: معذرة.. ولكن الفتيات يحتجن لساعتين لتجهيز انفسهن.. قال حسام مبتسما: حمدلله ان ليس لدي أي شقيقة.. عقدت مها حاجباها وكأن لم يعجبها ما قاله حسام.. فتمنيه من عدم وجود شقيقة في حياته يعني تمنيه عدم وجود أي فتاة اخرى في حياته ايضا..والتفت لها بغتة وقال مبتسما: اهلا مها.. قالت ببرود: اهلا.. تطلع حسام الى ملاك للحظة ومن ثم قال بابتسامة غامضة: وملاك هنا ايضا.. اهلا.. كيف حالك؟.. تطلعت اليه ملاك وقالت: على ما يرام.. في حين قالت مها وقد شعرت بأنه يشك بأمر ملاك: لقد جاءت معنا لتشتري فستان للحفلة.. فكما تعلم فهي ستكون موجودة يوم الحفل.. التفت حسام عنهما ومن ثم قال متحدثا لمازن: هل سنذهب للتسوق معهما.. ام لوحدنا؟.. قال مازن بسخرية: بل لوحدنا.. هل جننت حتى اذهب للتسوق مع الفتيات؟.. لن استطيع شراء أي شيء حينها.. عقدت مها حاجباها بغضب وقالت: كف عن السخرية يا مازن.. فلا اظنك تنتهي من الشراء في اقل من ساعتين.. غمز بعينه ومن ثم قال: بل اقل من ذلك.. استمعي الي ستذهبون للشراء الآن انت وملاك وبعد ساعتين سنذهب لتناول طعام الغداء في أي من مطاعم المركز التجاري..اتفقنا؟.. اومأت كل من ملاك ومها برأسيهما.. في حين راقبت هذه الاخيرة حسام وهو يبتعد بنظرات حسرة.. يأس.. فقدان امل.. جميعها تجمعت في عيني مها في تلك اللحظة.. وقالت بصوت هادئ النبرات: فالنذهب للشراء الآن يا ملاك.. دخلتا عدد من المحلات دون ان يعجبهما شيء.. او يعجب مها بالاحرى.. فعندما كان يعجب ملاك احد الفساتين كانت مها تقول: لا.. لا يناسب الحفلة التي سيقيمها والدي.. انها ارقى من ذلك بكثير.. لم تكن ملاك تفهم سر اصرار مها على شراء شيء اكثر فخامة.. فملاك لم تعتاد مثل هذه الحفلات.. بعكس مها التي اعتادت هذا الجو والفته.. واصبحت تدرك جيدا أي من الفساتين التي تصلح لحفلة والدها ..واخيرا وقع اختيار مها على الفستان الذي سترتديه للحفل وقلت مبتسمة وهي تريه لملاك: ما رأيك به؟ .. التفتت لها ملاك وقالت وهي تتطلع الى الفستان الذي بين يديها: رائع جدا.. سيجعلك تبدين كالنجمة في السماء.. صحكت مها بمرح ومن ثم تسائلت قائلة: وماذا عنك؟.. هل اخترت فستان ما؟.. اومأت ملاك براسها وقالت بابتسامة: بلى ولكني اخشى ان تقولي انه لا يصلح للحفل.. اسرعت مها تقول: دعيني اراه اولا.. اشارت ملاك اليه .. فقالت مها وهي تهز رأسها نفيا وتضع كفها اسفل ذقنها: انه لا يصلح حقا.. دعيني اختار انا لك.. وتلفتت حولها في المحل وقالت: دعينا نرى.. شيء راقي ومناسب لحفل والدي.. وتوقفت نظراتها بغتة عند احد الفساتين وتوجهت اليه وقالت مبتسمة: هذا مناسب جدا.. تطلعت ملاك الى الفستان وقالت بتردد: اترين ذلك حقا؟.. اومأت مها برأسها ومن ثم قالت وهي تنقل بصرها بين الفستان وبين ملاك التي تتطلع الى الفستان: ثم انه يشبهك.. اشارت ملاك الى نفسها وقالت بدهشة: يشبهني؟؟.. من جانب آخر كان مازن يتطلع الى ساعة معصمه ويقول متحدثا الى حسام: ما رأيك ان نذهب الآن لتناول طعام الغداء؟.. لقد بدأت اشعر بالجوع.. قال حسام مبتسما: وانا ايضا.. اتصل بمها وملاك واخبرهما بأننا ذاهبين لنتناول الغداء.. قال مان بسخرية: يالك من رقيق القلب.. دعهما وشأنهما ولا يهمك ان تناولا الطعام ام لا.. قال حسام وهو يخرج هاتفه من جيبه: اذا لم تتصل انت سأتصل انا.. ابتسم مازن وقال: لا بأس سأتصل..ولكن اخبرني الى هذه الدرجة تهمك الفتيات؟.. قال حسام وهو يرفع حاجبيه: اعرفك جيدا.. ستتركهن دون طعام ولا يهمك امرهن ابدا.. قال مازن وهو يهز رأسه نفيا: لا تنسى ان ملاك معنا .. من غير اللائق ان افعل بها ما افعله بمها.. زفر حسام بحدة ومن ثم قال: انني اشيد بمها التي صبرت عليك على الرغم من كل ما تفعله بها.. ضحك مازن ومن ثم لم يلبث ان اتصل بمها وقال : اين انتما؟.. اجابته قائلة: عند المطاعم..
- حسنا.. سنأتي في الحال.. اغلق هاتفه ومن ثم التفت الى حسام ليقول بسخرية: ارايت يا رقيق القلب لقد سبقونا هم الى حيث المطاعم.. هز حسام كتفيه دون ان يعلق في حين اردف مازن قائلا: فلنذهب نحن لهم الآن.. غادرا المكان صاعدين الى الطابق الاعلى باستخدام السلم الكهربائي.. ومن ثم توجها الى حيث ركن المطاعم وهناك لمح حسام مها جالسة خلف احدى الطاولات وبمواجهتها ملاك..فأشار حسام باتجاههم ومن ثم قال: ها هي مها وكذلك ملاك.. تطلع مازن الى حيث يشير حسام ومن ثم تقدم من الطاولة وقال وهو يميل باتجاه مها: لماذا لم تتصلي بنا فور انتهاءكما؟.. قالت مها وهي تلتفت له بسخرية: الم تقل اننا سنحتاج الى الكثير من الوقت حتى ننتهي من الشراء؟.. لهذا فقد ظننت انكما قد سبقتمونا الى هنا.. عقد مازن حاجبيه ومن ثم قال وهو يبتسم بسخرية: بالفعل لقد انتهينا قبلكما.. فلا اظن انكم قد انتهيتما من شراء جميع حاجاتكم بعد.. اشارت مها الى الاكياس الموضوعة بجوار مقعدها ومن ثم قالت بابتسامة نصر: اجل والدليل امامك.. ضحك حسام وهو يقترب من مازن ومن ثم قال وهو يضع يده على كتفه: اعترف.. لقد هزمتك.. التفت مازن الى حسام وقال وهو يغمز بعينه: ليس بعد.. وعاد ليلتفت الى مها قائلا: لقد انتهينا قبل هذا بكثير ولكننا انا وحسام كنا نسير في ارجاء المركز التجاري حتى يمضي الوقت وتنتهيا انت وملاك من الشراء.. قال حسام وهو يرفع حاجبيهمستغربا: نحن؟.. اومأ مازن برأسه ومن ثم قال مبتسما: والآن هيا انهضي واذهبي للجلوس بجوار ملاك.. نهضت مها من مكانها وقالت بحنق: سأفعل دون ان تقول.. فأنا اكره الجلوس الى جوارك.. واتجهت لتجلس بجوار ملاك التي ابتسمت لها وقالت بصوت منخقض: لا تغضبي.. فأنت من انتصر عليه.. لم تجبها مها بل زفرت بحدة وعقدت ذراعيها امام صدرها.. وبالمصادفة فقد اصبح حسام في مواجهة مها ومازن في مواجهة ملاك..وقال مازن وهو يحرك اصابعه على الطاولة: ماذا تريدون من الطعام الآن؟.. قال حسام هو ومها في نفس الوقت: (البيتزا).. التفتت مها الى حسام بدهشة ومن ثم لم تلبث ان ابتسمت عندما رأته يتطلع اليها بابتسامة.. فقال مازن وهو يتطلع الى ملاك: وانت يا ملاك.. اجابته ملاك قائلة وهي لا تقوى على رفع عينيها لمواجهة نظراته: لا اعلم.. احضر لي أي شيء.. نهض مازن من مكانه وقال: فليكن.. وغادر الطاولة مبتعدا عن المكان وهنا قال حسام وهو يلتفت الى مها: صحيح يا مها.. لقد نسيت ان اسألك.. ما سر تغيبك اليوم عن الجامعة؟.. تطلعت اليه مها وابتسمت وهي تشعر بسعادة لانه اهتم بغيابها عن الجامعة ومن ثم قالت: لم يكن لدي أي محاضرات مهمة اليوم.. قال حسام بهدوء: لقد ظننت انك متعبة وكدت اتصل بك لاسال عن احوالك..ولكن عندما اتصل بي شقيقك واخبرني بأنك ستخرجين للتسوق.. علمت ان الامر ليس كذلك.. قالت مها متسائلة وسعادتها تزداد لاهتمامه بها على هذا النحو: وكيف علمت انني متغيبة هذا اليوم؟.. كانت ملاك تستمع الى الحوار الدائر بصمت.. لم تحاول التعليق او التحدث وان شعرت بأن ما قالته لها مها في ذلك اليوم غير صحيح وانها كانت تفكر بحسام..واجاب هذا الاخير قائلا:يسبب صديقتك التي تسيرين معها دائما.. فأنا لم ارك معها اليوم.. عقدت مها حاجبيها..صديقتي انا؟..وهل يعرفها هو؟.. لو كان يعرفها هو فلماذا؟.. يا الهي!.. هل يعقل ان يكون هو وصديقتي ... لا .. لا مستحيل.. لا يمكن ان يحدث هذا .. انا احبه وهو يشعر بذلك بالتأكيد يشعر .. وبالتأكيد سيبادلني هذا الحب يوما ما و... ولكن ما الذي يجعلني واثقة هكذا و...
(أنسة ملاك) نداء حسام لملاك جعل مها تستيقظ من شرودها وتلتفت لملاك التي قالت وهي تبعد يدها التي تسند وجنتها: اجل.. قال حسام وكانه يريد التأكد من امر ما: متى سيعود والدك من سفره؟.. اجابته ملاك بحيرة: ربما بعد ثلاثة ايام..
- وهل تضايقك مها او مازن؟.. اسرعت ملاك تقول وهي تبتسم وتلتفت الى مها: على العكس.. انني اشعر ان مها اخت لي تماما.. واردفت وهي تزدرد لعابها بصوت خافت: وكذلك مازن .. عقد حسام حاجبيه كان يريد ن يتأكد من صدق ما تقوله مها بأن ملاك هي صديقة لها.. ولكن ملاك لم تتحدث بشيء يدله على صدق او كذب ما قالته مها.. واستمر في اسالته قائلا: ومنذ متى تعرفين مها؟.. همت ملاك بقول شيء ما عندما اسرعت مهاوقاطعتها قائلة: منذ شهر تقريبا.. التفت حسام الى مها وقال ببرود: ولم لم تدع ملاك تجيب بنفسها؟.. فأنا قد سألتها هي.. احست مها بشكوكه وقالت بابتسامة وبلهجة حاولت ان تجعلها واثقة: ملاك صديقتي وسواء اجبت انا او هي..فذلك لا يهم.. التفت حسام عنها وتطلع الى مازن الذي اقترب بصينية المأكولات من الطاولة وقال بسخرية متحدثا الى حسام: اجل استمتع انت بالحديث الى مها وملاك ودعني انا احضر الطعام الى هنا .. ابتسم حسام وقال: انت لم تنادني حتى اساعدك.. قال مازن وهو يضع الصينية على الطاولة: اذهب انت لاحضار المشروبات.. نهض حسام من مكانه مغادرا الطاولة.. في حين قال مازن وهو يشير الى احد الاطباق: لم اعرف ماذا اختار لك يا ملاك.. فأخترت لك الطعام الذي اختاره لي دائما.. ابتسمت ملاك وقالت وهي ترفع عينيها اليه: حتى عصير البرتقال؟.. ابتسم مازن وقال: وحتى هو.. قالت مها مستغربة: ما امر عصير البرتقال هذا؟.. تطلع مازن الى ملاك بابتسامة ومن ثم قال وهو يلتفت الى مها: وما شأنك انت؟.. امر بيني وبين ملاك.. قالت مها بخبث: حقا؟.. توردت وجنتا ملاك وارتبكت اطرافهافاخذت تداعب قلادتها .. وسألها مازن في تلك اللحظة: هل اهداك احد هذه القلادة؟.. قالت ملاك بدهشة وهي ترفع نظراتها له: اجل .. كيف عرفت؟.. قال وكأنه لم يسمع تتمة عبارتها: ومن هو؟.. ابتسمت ملاك وقالت وهي تعود لتداعب القلادة: انه شخص غالي جدا على قلبي
عقد مازن حاجبيه .. ايعقل ان تكون ملاك على علاقة بشاب ما؟..ولم لا؟.. انها فتاة رائعة الجمال.. بريئة بتصرفاتها .. كبيرة بقلبها.. ولكن ماذا عن عجزها؟.. ايعقل ان الشاب الذي على علاقة معها لم يهتم بهذا الامر ابدا؟.. ربما.. وسألها قائلا: ومن هو هذا الشخص الغالي على قلبك؟.. اجابته قائلة: انه... قاطعها حسام وهو يضع المشروبات امامهم: ها هي المشروبات..ماذا تريدين انت يا مها؟.. قالت مها مبتسمة: (كولا).. قال حسام مبتسما وهو يضعه امامها: الن تغيريه ابدا؟.. ووضع عصير البرتقال امام مازن وقال: اعرفك لا تشرب مشروب سواه.. قال مازن وهو يتطلع له بطرف عينه: وما شانك انت.. لا تدعني اتحدث عن كأس الحليب الذي تشربه على الافطار.. قال حسام وهو يضحك بمرح ويتوجه الى مقعده: حسنا.. حسنا لا شأن لي.. اشرب ما تريد.. ولكن ما ذنب ملاك ايضا؟ .. التفت له مازن وقال: هي من طلبت مني ان احضر لها أي شيء وانا فعلت..
- لقد قالت أي شيء ولم تقل على ذوقك.. قالت مها وهي تتناول قطعة من (البيتزا): سيبرد الطعام ان لم تتناولوه سريعا.. بدأ الجميع في تناولهم للطعام..وكان هناك احاديث متفرقة بين مازن وحسام ومها.. في حين اكتفت ملاك بكلمات بسيطة ومقتضبة عندما يسألها احد منهم عن شيء ما ..وبعد انتهاءهم قال مازن بابتسامة: كفاكم ما اكلتموه من طعام .. هيا انهضوا.. التفت له حسام وقال مازحا: ما هذا ؟..هل ستحاسبنا على ما اكلناه من طعام؟.. قالت مها ساخرة: لا تستغرب ان فعلها مازن.. التفت لها مازن وقال : كفي عن الحديث ايتها الثرثارة ولنغادر ..
- لا يوجد ثرثار غيرك هنا.. قال حسام وهو ينهض من مكانه ويجذب مازن معه: عدنا للشجار .. اخبرتك ان تدع مها وشأنها..يجب ان تحمد الله تعالى على ان لديك شقيقة تتحملك مثلها.. ابتسمت مها من عبارته.. وكذلك ملاك.. فقال مازن وهو يبتسم: ان اردت الصراحة .. فأنا لا استمتع الا عندما استفزها.. عقدت مها حاجبيها فضحك حسام وقال: لا بأس.. لا بأس.. سر امامي هيا..وكذلك انتما.. مها وملاك.. اسرعا لنغادر.. سارت مها وهي تدفع مقعد ملاك خلف حسام .. واحست ببضع النشوة والسرور لدفاعه عنها امام مازن.. وما لبثتا مها وملاك ان ركبتا سيارة هذا الاخير بعد ان غادروا جميعا المركز التجاري.. في حين انطلق حسام بسيارته .. ولم تنسى مها عبارته الاخيرة عندما قال وهو يميل باتجاه نافذة مازن قبل ان يغادر: اياك ومضايقة مها مرة اخرى .. حينها اجابه مازن بسخرية: اظن ان مها هي شقيقتك وانا لا اعلم.. قال حسام بابتسامة: لو كان لدي شقيقة مثلها لما ضايقتها ابدا.. جعلتها عبارته الاخيرة هذه ان تحلق في سماء السعادة والاحلام .. وهي تشعر بقلبها يخفق بقوة ..واغمضت عينيها وهي تتخيل ان حسام يبادلها مشاعرها هذه.. وسيارة مازن تنطلق مبتعدة عن المكان... ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ توقفت سيارة مازن بجوار المنزل وقال مازن وهو يفتح باب سيارته: اهبطي بسرعة يا مها.. فسأذهب الى النادي الآن.. تأففت مها من تصرفاته وقالت وهي تفتح باب السيارة وتتناول الاكياس معها: حسنا .. وهذه آخر مرة اذهب معك فيها الى أي مكان.. لم يهتم بعبارتها وهو يراها تتوجه الى داخل المنزل بل هبط من سيارته.. ومن ثم توجه خلف السيارة ليفتح صندوقها ويخرج مقعد ملاك وفتح الباب المجاور لها وقال مبتسما: هل اساعدك؟ .. قالها ومن ثم مد يده لها.. مشاعر شتى هاجمت ملاك في هذه اللحظة.. وجعلت اطرافها ترتجف وهي تتذكر ما احست به عند لامست اناملها كفه..ولم تقوى على مد يدها له.. فقال مازن مستغربا: ماذا بك؟.. سأساعدك ليس الا.. اعطني يدك.. اطاعته ملاك هذه المرة.. ربما للنبرة الآمرة في صوته .. واجلسها على مقعدها ومن ثم ابتسم وقال: لا زلت مصرا على انني قد رأيتك من قبل.. قالت ملاك بابتسامة خجلة وهي تشعر برجفة جسدها كله من لمسته: ربما.. مال نحوها مازن وقال: اخبريني الم تأتي الى هنا من قبل؟.. تجمدت اطرافها للحظة وهي تراه يميل نحوها ويتطلع اليها على هذا النحو..ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تطرق برأسها: لا.. لم آتي الى هنا من قبل.. تساءل مازن بشك: أأنت متأكدة؟.. كانت ملاك تذكر انها ذهبت يوما ما الى منزل عمها وهي بعد في السادسة من عمرها.. ولكن لا تذكر أي عم .. ولا تذكر أي شيء مما حدث لها هناك.. وقالت وهي تهز كتفيها: ربما جئت الى هنا وانا بعد طفلة.. طفلة.. ترددت هذه الكلمة في رأس مازن.. وتذكر تلك الطفلة التي خطرت على ذهنه فجأة..والتي كادت ان تتسبب في الاصطدام ومن ثم لم يلبث ان قال بتفكير: اجل ربما.. واشار الى احدى الخادمات التي كانت واقفة بجوار الباب: اصطحبي ملاك الى الداخل.. عقدت حاجبيها وقالت: اعرف ان ادخل لوحدي.. ابتسم وقال: حسنا فهمت.. ولوح لها بيده مردفا: الى اللقاء.. ابتعد مازن عن المكان وبقيت ملاك تتطلع الى سيارته التي ابتعدت.. ومن ثم لم تلبث ان تنهدت وهي تدخل الى داخل المنزل متوجهة الى غرفتها و...
( اهلا بابنة العم..) التفت ملاك بحدة الى مصدر الصوت.. وانتابها القلق والتوتر عندما شاهدت كمال يبتسم ببرود ويقول مردفا: كيف الحال؟.. ازدردت لعابها مرتين متتاليتين ومن ثم قالت بصوت خافت: بخير.. احست ملاك بغرابة سؤاله.. فلم يسبق له ان اهتم بالسؤال عنها من قبل.. ولكن من يدري ربما هي لا تفهمه.. وقال وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله: لم ارك اليوم على الغداء فظننت انك غادرت المنزل.. لم تفهم ملاك ما يقصده بعبارته.. هل يريد ان يشير الى انه لا يرغب بوجودها في المنزل او يشير الى انه قد اقلقه عدم وجودها؟ .. لن تفهم ابدا هذا الانسان..واجابت قائلة: لقد خرجنا للتسوق و.. قاطعها قائلا وهو يلتفت عنها: اعلم.. ومن ثم غادر دون ان يضيف أي كلمة اخرى.. لو فهم أي احد مغزى ما قاله فليفهم ملاك.. فقد ظلت في مكانها في حيرة من امرها تتطلع الى النقطة التي اختفى فيها..ومن ثم لم تلبث ان تحركت بقعدها باتجاه غرفتها لتدلف اليها ةتغلق الباب من خلفها.. واغمضت عينيها لوهلة..وهي تتذكر مازن ..ومساعدته لها .. لطفه واهتمامه بها..جعلاها تشعر بميل اكثر له .. كل هذا ومها تقول عنه انه يكره مساعدة الآخرين .. ولكنه ساعدني.. ليس مرة واحدة فحسب بل عدة مرات.. انه طيب القلب ولكن ربما لا يحب اظهار طيبته هذه..ربما يحاول ان يبدوا حازما غير مبالي.. ربما... توجهت الى حيث فراشها ورفعت جسدها من على المقعد.. لتجلس على السرير وراودتها ذكرى اول لقاء لها مع مازن.. وتطلعت الى القلادة التي تحتل رقبتها ومن ثم قالت وكأنه تحادث والدها: ارأيت يا ابي.. ابناء عمي اللذين كنت تمنعني عن رؤيتهم في السابق يهتمون بي.. وليس كما ظننت.. لم يحاول احد منهم مضايقتي ابدا.. وحتى كمال.. ربما هي مجرد كلمات يقولها نظرا لشخصيته.. ولكن كل هذا لا يهمني.. ما يهمني الآن اني مع ابناء عمي .. لو تعلم يا ابي كم اشعر بالسعادة وانا معهم.. اتمنى من كل قلبي ان تسمح لي بزيارتهم بعد ان تعود من السفر.. اتمنى ذلك.. لم تشعر بنفسها وهي تغيب عن الواقع وتغط في عالم الاحلام.. ليكون رفيقها في الحلم هو.. مازن.. ولا احد سواه... ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ تطلعت مها بعينان حالمتين الى الرسائل القصيرة التي يرسلها لها حسام ليمازحها احيانا.. رسائل عادية جدا.. ولكنها تعني لها الكثير لأنها منه..وشعرت برغبة شديدة في سماع صوته على الرغم من ان آخر لقاء لهما في المركز التجاري لم يمض عليه اقل من ساعتين.. ولكن لم تعلم لم.. ربما لانها لم تأخذ حريتها في الحديث معه هناك.. او ربما لانها تتمنى سماع المزيد من كلمات الاهتمام والحنان منه.. ولم تكتمل افكارها.. فقد قاطعها صوت رنين هاتفها المحمول وشهقت بدهشة عندما رأت المتصل هو حسام نفسه..واجابت قائلة ودهشتها لم تفارقها بعد: حسام!.. قال حسام مبتسما: اجل هو انا لم انت مندهشة هكذا؟.. قالت مها وهي تزدرد لعابها: لاني لم اتوقع اتصالك هذا ابدا.. قال حسام مبتسما: وما هو شعورك الآن بعد ان اتصلت بك؟.. كانت تريد ان تخبره انها سعيدة.. لا بل تكاد تطير من السعادة.. ولكنها لم تستطع قول شي من هذا.. وقالت مبتسمة: في الحقيقة.. اشعر ان وراء مكالمتك هذه امر ما.. ضحك حسام وقال: معك حق انها كذلك.. قالت بفضول: ما الامر اذا؟.. اخبرني بسرعة.. صمت حسام للحظة ومن ثم قال بغتة: ملاك... مطت مها شفتيها. ملاك من جديد.. وما شأنه هو بملاك؟.. وقالت ببرود: ماذا بها ملاك؟.. قال حسام بتساؤل: انها ليست صديقتك .. اليس كذلك؟ .. قالت وهي تحاول ان تخفي ارتباكها: بل هي كذلك.. قال حسام بجدية: مها لم لا تقولي الصدق وتريحي نفسك؟..الم اكن دائما موجودا عندما تحتاجين الي وكنت كاتم اسرارك؟.. ما الذي تغير الآن؟.. هل تتوقعين ان أي شيء تخبرينه لي سأفشيه من فوري؟.. قالت مها وهي ترمي بنفسها على الفراش: الامر ليس كذلك..
- اذا؟.. اغمضت مها عينيها.. ماذا تقول له.. ان والدها قد حذرهم من ان ينطقوا بهذا الامر لأي مخلوق.. ولكن هذا حسام صديق الطفولة والصبا.. حسام الذي تثق به اكثر من نفسها.. حسام الذي منحته قلبها دون ان تجد أي امل من مبادلته لها هذا الحب.. انها تعلم جيدا انه سيحافظ على الامر سرا لو اخبرته.. ولكن ماذا لو سأله والده واصر على ان يجيبه.. هل سيضطر حينها للكذب؟.. لا تعلم ابدا.. انها تشعر بالحيرة من اخباره من عدمه.. ولكن عليها ان تحسم امرها .. وقالت بعدان اخذت نفسا عميقا: ملاك هي... صديقتي.. قال حسام بحدة: الى متى ستستمرين في هذا الكذب يا مها؟ .. اخبريني لماذا؟.. لا احد يفهمك كما افهمك انا.. وادرك جيدا انك تكذبين.. اخبريني من هي ملاك؟.. احست بغصة في حلقها وهي تشعر باهتمامه الكبير بملاك وبعصبيته تجاهها وقالت بصوت مختنق: اخبرتك..
- لم تخبريني سوى بالكذب.. قالت مها وهي تحاول ان تتمالك مشاعرها: اتعني اني كاذبة؟..
- اجل مادمت ترفضين قول الحقيقة.. ظلت صامتة دون ان تجيبه.. فهتف بحدة وعصبية: من هي ملاك؟.. اندهشت مها من اسلوبه في الحديث للمرة الاولى تراه على هذا النحو من العصبية والغضب.. اكل هذا من اجل ملاك؟.. وانا.. ماذا عني انا؟.. الست امثل أي شيء في حياتك يا حسام؟... وقالت مها بمرارة: لماذا تحدثني بهذه الطريقة يا حسام؟.. تنهد حسام ودس اصابعه بين خصلات شعره ومن ثم قال: انا آسف يا مها لم اقصد.. ولكن تضايقت قليلا عندما شعرت انك تكذبين علي.. وانا اكره ان يكذب علي احد وخصوصا انت.. وخصوصا انا!!.. ما الذي يقصده؟.. واردف هو بهدوء هذه المرة وبنبرة حانية تسمعها مها نادرا منه: الن تخبريني من هي ملاك حقا يا مها؟.. ازدردت مها لعابها من عبارته ولهجته الحانية ومن ثم قالت :ولم انت مهتم هكذا بملاك؟.. قال حسام وهو يجلس على احد المقاعد بغرفته: ان اردت الصدق.. فلست مهتم بملاك.. بل مهتم بمعرفة الحقيقة منك ..
- ولم لم تسأل مازن؟.. لم انا؟.. قال مبتسما: لاني اعلم انك لا تعرفين الكذب ولن تستطيعي ان تستمري فيه معي.. اما شقيقك فلن احصل منه على حرف واحد يروي فضولي.. واستطرد قائلا: ثم انك اثبت لي ان ما اشعر به صحيح وان ملاك ليست صديقتك بعد ان طلبت مني ان اسأل مازن عوضا عنك.. قالت مها بنبرة خافته: ارجوك يا حسام.. لا اريد ان يعلم احد هذا الامر.. قال حسام بصدق: اطمئني لن يعلم عن هذا الامر مخلوق سواي.. ولكن اجيبيني عن سؤالي اولا.. قالت مها بتردد: ان ملاك هي.. هي...
- من هي ملاك؟.. اكملي.. قالت وهي ترمي المفاجاة في وجهه: ان ملاك هي ابنة عمي .. ولم يعد هناك مجالا للتراجع..
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.