مشاكل المدينة قبل أن يدخلها صلى الله عليه وسلم

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
?? هذا الحبيب ♥️ « ١١٨ »
العهد المدني البداية وهو من أهم الأجزاء
السيرة النبوية العطرة
(( مشاكل المدينة ، قبل أن يدخلها صلى الله عليه وسلم ))

مشاكل المدينة قبل أن يدخلها صلى الله عليه وسلم

♻ انتهينا في الهجرة عند خيمة أم معبد ، وقبل أن نشرع بالحديث بوصول النبي صلى عليه وسلم للمدينة ونزوله بقباء كيف كان استقبال أهل المدينة له ، لا بد لنا من أن نلقي نظرة على مشاكل المدينة قبل دخوله عليها صلى الله عليه وسلم.

♻ صحيح انتهت المرحلة الصعبة في تاريخ الدعوة، وهي مرحلة الدعوة المكية، والتى استمرت ١٣ سنة وكانت مليئة بالإضطهاد الشديد جدا والتعذيب والتضييق ، والحرب الإعلامية ، ولكن أيضا العهد المدني كان صعب وليس بالسهل أبدا ، لنرى ما الذي واجهه صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة وكم تحمل نبينا صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى الله.

١_ الحروب بين الأوس والخزرج ، كانت المدينة تموج بالحروب الأهلية بين الأوس والخزرج
ولقد حدثتكم عن الأوس والخزرج في الجزء ٩٤
أنهم أوس وخزرج أخوة من أم واحدة اسمها قيلة ، وبرغم من أنهم من سلالة رجل واحد وأم واحدة ومع ذلك كانت هناك عداوة شديدة جدا بين قبيلتي الأوس والخزرج وبينهما تاريخ طويل من الحروب الأهلية عددها أكثر من عشرة حروب آخرها كان حرب بعاث التي انتهت قبل الهجرة بخمسة سنوات فقط ، وكانت أشهر وأدمى معركة بين اليثربيين، والتى أورثت في نفوسهم الكثير من الثارات والإحتقانات

٢_اليهود ، وجود ثلاثة قبائل يهودية كبيرة في المدينة وهي قبائل ، بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة،
وقد قابل اليهود الدعوة الإسلامية بالعداء الشديد ، والسبب أنهم كانوا يطمعون أن يكون نبي آخر الزمان واحد منهم ، ثم كانت المفاجأة القاسية بالنسبة لهم أن يكون نبي آخر الزمان من العرب المغضوب عليهم كان يظنون أن نبي آخر الزمان سيكون منهم لأن أكثر الأنبياء من بني اسرائيل ونبي آخر الزمان ، كان معروف وذكره موجود من آدم ومن بعده على لسان الأنبياء والرسل جميعهم.

? من آدم إلى عيسى كلهم كانوا مؤمرون هم ومن تبعهم أن يتبعوا هذا النبي الأمي إن هو ظهر فيهم ، قال تعالى : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ
النبيين والرسل جميعهم مأمورون بأتباعه صلى الله عليه وسلم يعني ٣١٣ رسول وعدد الانبياء ١٢٤٠٠٠ نبي كله مأمورون بإتباعه ، منهم من ذكرهم القرآن ومنهم من لم يذكرهم القرآن
قال تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ

♻ فهذا النبي لو ظهر في أي أمة من الناس فهو فخر لهذه الأمة ليس بعده فخر ، لما له من كرامة ومحبة عند الله ، أريتم قدر حبيبنا صلى الله عليه وسلم ؟
الذي سماكم يا من تقرأون السيرة أخواني وهو في اشتياق لكم
اليهود لم يتوقعوا أبدا أن يكون هذا النبي من العرب ، ومن ولد اسماعيل عليه السلام الذي لم يخرج من سلالته ولا نبي واحد قط ، وهم يعلمون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتبهم قبل تحريفها بمنتهى الدقة ،

♻ قال تعالى : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
وهذا تعبير قرآني في منتهى الروعة ( لأن الانسان يرى ابنه أكثر مما يرى ربما نفسه ، فأنت تنظر الى ابنك أكثر مما تنظر إلى نفسك في المرآة ، وترى ابنك منذ كان عمره يوم واحد ) الشيء الوحيد الغير موجود في كتبهم
هو نسب النبي صلى الله عليه وسلم هو موجود أن اسمه محمد وموجود أن اسمه أحمد وليس مكتوبا أنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة إلى أن نصل إلى عدنان إلى أن نصل الى اسماعيل بعد ذلك

♻ وكان كل الأنبياء بعد ابراهيم عليه السلام من نسل يعقوب ابن اسحق ( يعني كل الأنبياء بعد ابراهيم من بني اسرائيل، لأن يعقوب هو اسرائيل، وقد جاء بعد ابراهيم مئات الأنبياء وكلهم من بني اسرائيل ) باستثناء نبي واحد هو اسماعيل عليه السلام وهو أبو العرب ولم يأت نبي واحد من نسل اسماعيل ، ولذلك لم يخطر في بال بني اسرائيل ولا في بال أحد أن يكون آخر الأنبياء من العرب وليس من بني اسرائيل
ولكن جاء الرسول صلى الله عليه وسلم من نسل اسماعيل عليه السلام ، وكأن الله تعالى يقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعدل كل الأنبياء .

♻ وبالرغم من أن عدد اليهود في المدينة كان كبيرا إلا أنهم كانوا أقل عددا من الأوس والخزرج ، ولذلك كان الأوس والخزرج مستعلين على اليهود في المدينة ، وكان يهود المدينة يشعرون بالقهر في مواجهة الأوس والخزرج ، ولذلك كانوا ينتظرون نبي آخر الزمان لينتقم لهم من قهر الأوس والخزرج
وكانوا دائما يقولون لهم : قد أظل زمان نبي آخر الزمان نقتلكم به قتل عاد وارم ، وهذا بالطبع انحراف في التفكير ، لأن نبي آخر الزمان لابد أن يكون للناس كافة ، ولا بد أن يكون رحمة للعالمين، ولا يمكن أن يأتي نبي لمعادات طائفة من الناس على حساب طائفة أخرى
فلما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم من نسل اسماعيل كان الأمر بمثابة الصدمة بالنسبة ليهود المدينة، ولذلك قرروا معاداة الرسول صلى الله عليه وسلم ، منذ أول يوم لدخوله المدينة ، قال تعالى : فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ

♻ لذلك كان من أكبر المشاكل التى واجهت الرسول صلى الله عليه وسلم هي وجود اليهود في المدينة ، واليهود معروفون بخبثهم ومكرهم ومكائدهم.

٣_ المشركين ، وجود عدد كبير من المشركين في المدينة، صحيح أن أغلبية أهل المدينة كانوا مسلمون، ولكن لم يكن كلهم مسلمون، وكان بعضهم لا يزال على شركه، ولم يجبر الرسول صلى الله عليه وسلم أحد على الإسلام، وهؤلاء كانوا يكرهون الإسلام ويكرهون المسلمون ويضمرون لهم البغض والعدواة.

٤_ المنافقون ، بعد الهجرة ودخول أغلب أهل المدينة في الإسلام، ظهرت طائفة جديدة
وهي طائفة المنافقون والمنافق هو الذي يظهر ما لا يبطن ، وهذه الطائفة لم تكن موجودة في مكة لأن الإسلام كان ضعيفا، ولكن ظهرت بعد الهجرة، وبعد أن أصبح للإسلام دولة وخصوصا بعد غزوة بدر ، وهذه الطائفة أخطر بكثير من المشركين ، لأن المشرك معروفة عداوته للإسلام وتستطيع أن تأخذ منه حذرك وأن تواجهه ، بينما المنافق مثل المرض الخفي ، الذي يفتك بالجسم دون أن تشعر به

? ولذلك عقاب المنافق أعظم من عقاب الكافر
يقول تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ .

٥_ المشكلة الاقتصادية ، ظهرت في المدينة مشكلة اقتصادية نتيجة هجرة عدد كبير من أهل مكة وموارد المدينة محدودة ، ولذلك لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، أصحابه المهاجرين إلى الحبشة بأن يأتوا إليه في المدينة.

٦_ مشاكل المهاجرون ، واجه المهاجرون عدد من المشاكل الخاصة :

?أولها : مشكلة السكن ( ما عندهم بيوت يسكنوها )
?ثانيا : مشكلة اقتصادية ، المهاجرين تركوا مكة وأموالهم وأعمالهم ، لنتخيل الوضع ليس بالسهل أبدا ،
والمشكلة أهل المدينة كلهم مزارعين ، وهي مهنتهم الوحيدة وهذه المهنة لا يعرفها أهل مكة ، لأن أهل مكة كان عملهم بالتجارة فقط ، وأيضا شعر المهاجرين بالغربة والحنين لبلدهم مكة ، وأي واحد مغترب حديثا عن بلده سيشعر بما شعروا ،
فأصاب المهاجرين حالة حزن واكتئاب ، حتى أن نصفهم أصابته الحمى بعد الهجرة ( أي ما نعرفه الآن الملاريا ) وكان اسمها قديما ( البرداء ) لأن من يصاب بهذا المرض تأتيه رعشة وعمق انتشار المرض بينهم إحساسهم بالغربة من المدينة ، اصيب أكثر من نصف المهاجرين بالحمى بعد الهجرة ، وعلميا فإن الإنسان عندما يترك بلده ويهاجر إلى بلد أخرى فإنه غالبا يصاب بالإكتئاب ( ولذلك تقل المناعة في جسمه، ويكون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض )

♻ واختلف على المهاجرين أيضا العادات والتقاليد فنساء المدينة شخصيتهم مع رجالهم فيها جرأة وقوة.
ولم تكن شخصية نساء مكة هكذا مع رجالهم
لأن زوجات أهل المدينة يعملن في الزراعة مع أزواجهن ، أما نساء مكة لا يعملن ، لأن عمل أزواجهن التجارة
وبدأت زوجات المهاجرين يتعلمن من نساء الأنصار ، وحصلت مشاكل كثيرة في بيوت المهاجرين بسبب ذلك ، وانتشر بين المهاجرين شعر كان يردده بلال يقول :

?ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة
بفخّ وحَوْلي إذخر وجليل
وهل أردنْ يوما مياه مَجِنَّة
وهل يبدون لي شامة وطفيل
ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يردد هذا الدعاء :
اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد ، اللهم وصححها وبارك لنا في مدها وصاعها ، وانقل حُمَّاها فاجعلها بالجحفة
الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء
لأنه شعر أن المهاجرين في مشكلة كبيرة

♻ هذا الجزء مهم جدا في السيرة ، وكان لا بد لي أن أبينه لكم لنتعلم جميعا قادة ومسؤولين ، والشعوب جميعها ، ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي القائد فالسيرة منهاج حياة لكل المسلمين ، مهما بلغت منزلتهم في الدولة ، نتعلم من النبي صلى الله عليه كيف واجه هذه المشاكل ، لم يتهرب من هذه المشاكل ، ولم يسوف بل بادر إلى مواجهة كل هذه المشاكل فور وصوله إلى المدينة
واستطاع بالفعل أن يحل كل هذه المشاكل، وأن يجعل من المدينة دولة قوية متماسكة في زمن قياسي هزت عروش أعظم ملوك الأرض قيصر وكسرى.

♻ ما الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لمواجهة هذه المشاكل ؟؟
هذا ما سنعرفه في الأجزاء القادمة بعد حديثنا عن وصوله قباء واستقبال أهل المدينة له ، بعد اشتياق خاصة الذين لم يروه بل سمعوا عنه
..........
الأنوار المحمدية ❤
صلى الله عليه وسلم
..........
يتبع بإذن الله
 
عودة
أعلى