أبناء الطلاق .. .
=========
"لِمَ تطلقت أمك؟"
"أين أبوك؟"
هذه العبارات والتساؤلات كفيلة لتشكيل معتقد أساسي في أعماق الأبناء عن "سلبية العيش مع الآخر"، وَ أنَّ "الدنيا ليست بخير"، وَ أنَّ "الزواج محكوم عليه بالفشل"، وَ أنَّ "الأب أو الأم أو كلاهما مليء بالشر، وبالتالي الدنيا شر والناس أشرار" لأنهم تركوه هكذا يكبر، في هذه الاجواء القاسية …
"ما ذنبي أن أعيش بعيداً عن أبي؟!"
تحدي حقيقي يواجهه الأبوين المطلقين بأن يحافظان على الاتزان النفسي لابنهما ..
جهود جبارة يحتاجها الطفل من كلا الأبوين أو من أحدهما على الأقل، لتوفير المزيد من العطف والرحمة والشفقة والتفهم والعقلانية والنضج لابنهما المسكين في تلك الظروف القاسية، لعله ينجو من السلبية والعدائية التي قد تسيطر على بنائه النفسي …
من أهم النقاط الهامة للمحافظة على الاتزان النفسي للأطفال في تلك الظروف:
1- من حق الابن أن يفهم ما حصل، بطريقة واقعية وإيجابية بنفس الوقت، دون تجميل أو تزوير الحقائق، من الجميل لأجل الأطفال الصغار أن يتم الشرح من خلال "لعبة الأسرة" او "الليغو" أو "المسرح العائلي"، أما للاطفال الأكبر استعمال سرد قصص مشابهة لما حصل مع الطفل من جراء انفصال أبويه، وكيف الطفل في القصة واجه هذه الحياة بإيجابية وصبر وعزيمة والتزام ..
2- أن يعلم الابن أن الزواج لا يبدأ عادةً إلا بعد أن ينشأ الحب في قلبي أبويه، ولكن المشاكل إن لم تحل سيخرّب الحب وبالتالي العلاقة الزوجية، يشبه تماماً شجاره مع أحد الأطفال الذي يحب اللعب معه، ثم انفصاله عنه لفترة بسبب مشكلة ما ، إلا أن فترة الانفصال عند الأطفال قصيرة عادةً، أما عند الكبار فإن فترة الانفصال أطول، وقد تكون دائمة …
بالخلاصة "أنا وأبوك انفصلنا ليس لأنه شرير أو أنا شريرة، أنا كنت أحبه، وللآن احترمه وأكن في قلبي مودة وامتنان له، ولكن حصلت مشكلة (أو مشاكل) لم نجد لها حلاً، فقررنا الانفصال، كيلا نعيش وأنت معنا وإخوتك حياة جهنمية مأساوية صعبة جدا علينا كلنا"
3- من المهم جدا التعاون بين الأبوين المطلقين، والقاعدة "نعم لم ننجح كزوجين، ولكن سننجح كأبوين"
4- من أهم أسس التعاون عدم الإساءة للطرف الآخر أمام الطفل..
5- من أهم أسس التعاون التواصل الفعّال فيما فيه مصلحة الطفل ..
6- من أهم أسس التعاون التقيد بتعليمات الأم ونظامها في الأكل والشرب والنوم والمسموح والممنوع الذي يعيش به الطفل عندها لما ينتقل لزيارة أبيه مثلا، ومن الجميل أن تكون تلك التعليمات مكتوبة …
7- عند عدم تعاون الطرف الآخر، لا تجعل الطفل ضحية عدم تعاونكما، كما كان ضحية لزواجكما الذي لم يستمر …
لا شك أنَّ للانفصال مخاطر كبيرة على #الصحة_النفسية_للطفل ، يجب وعيها ووضع الخطط العلاجية لتلافيها … ولعلَّ الأبناء الذي نشأووا في أجواء الانفصال هم الأكثر عرضة في المستقبل للانفصال إن لم يتم معالجة هذا الجرح في داخلهم …
د. ملهم الحراكي
