رجوع
متثاقلةُ الخطوِ تجرّ جسدها المترهل لتفتح الباب، رُشّ على وجهها الرّماد حين وقعت نظراتها على وجه ابنتها الشاحب وهي تحمل باليسرى رضيعتها، و بيمناها حقيبة الملابس.
التصقت الكلمات في حلقها الجاف من مرض السّكريّ، ابتعدت عن الباب لتدخل الزّائرة يكسوها القلق من هذا الفتور في الاستقبال، و الخوف مما هو آتٍ.
رفع الأب رأسه وهو يثبت على عينيه العدسات:
- خير يا بُنيّة؟ ما هذه الحقيبة؟ لم هذه الزّيارة في غير موعدها؟
- تلعثمت الحروف على شفتيها المشققتين، و ما أسعفتها العين بدمعة بعد ليلة بكاء طويلة
- أبي: سئمت الإهانة، كرهت قاموس الشّتائم تردّد على أذني إن لم أقم بالتنظيف و الطهو و رعاية الصغيرة والذهاب إلى عملي في وقت واحد. أعترف بعجزي عن تحمل مدلل يفرض علي الاهتمام بأدق تفاصيل البيت، الطفلة، أمه، و يرفض أن يقدم لها كأس الماء.
- لا بأس يا بنية! كلّ الأمور بسيطة:
- أبي: الأزمة خانقة، الكهرباء شحيحة، و الأسعار غالية، الشّباب قلّ عددهم.......... لكن كرامتي تبعثرت مزقا. لم أعد أحتمل مزاج والديه معه.
- تبسم الأب باستخفاف: هيه يا بنية! أشتم أباك؟ و ماذا في ذلك؟ هي كلمات يرددها الجميع، نسمعها و نحن نتدافع لشراء الخبز، أو نتزاحم لنركب الحافلة، أو و نحن ننتظر التكرم علينا بأسطوانة الغاز.
- أ قذف أمّك؟ و ماذا يعني ذلك؟ غداً سيردّ له صهره الشّتائم.
- انسابت دموعها سخية كما لم تذرفها من قبل، تلاشت مزق كرامتها الذّبيحة. من ينجدها؟
أشفق الأب لحالها، و ضحك يخفف وقع الصّدمة عليها:
- لا تغضبي أسامحه بحقي، وكذلك أمك. أخشى على صغيرتك البقاء هنا، أختك المطلقة مع أولادها احتلت غرفة، و لا يمكن أن أوافق على أن تستأجر بيتاً مع غرباء. و زوج أختك المعتقل لا نرى أملا بعودته، و أهل زوجها لا يهتمون بأمرها، و إخوتك يدرسون، و أخوك و زوجته في الغرفة الصغيرة. هل ستنامين معنا في الصالة نتسلى في ليالي الشتاء الطويلة؟
رقّت لبؤس والدها، و أشفقت على خدي أمها تلتهبان بسياط الدمع كل حين، و أبت أن تخلع ملابسها بانتظار أن يأتي أيّ شبح من آل زوجها ليعيدها إلى حيث شتات روحها يبحث عمن يجمعه في صورة إنسان.
متثاقلةُ الخطوِ تجرّ جسدها المترهل لتفتح الباب، رُشّ على وجهها الرّماد حين وقعت نظراتها على وجه ابنتها الشاحب وهي تحمل باليسرى رضيعتها، و بيمناها حقيبة الملابس.
التصقت الكلمات في حلقها الجاف من مرض السّكريّ، ابتعدت عن الباب لتدخل الزّائرة يكسوها القلق من هذا الفتور في الاستقبال، و الخوف مما هو آتٍ.
رفع الأب رأسه وهو يثبت على عينيه العدسات:
- خير يا بُنيّة؟ ما هذه الحقيبة؟ لم هذه الزّيارة في غير موعدها؟
- تلعثمت الحروف على شفتيها المشققتين، و ما أسعفتها العين بدمعة بعد ليلة بكاء طويلة
- أبي: سئمت الإهانة، كرهت قاموس الشّتائم تردّد على أذني إن لم أقم بالتنظيف و الطهو و رعاية الصغيرة والذهاب إلى عملي في وقت واحد. أعترف بعجزي عن تحمل مدلل يفرض علي الاهتمام بأدق تفاصيل البيت، الطفلة، أمه، و يرفض أن يقدم لها كأس الماء.
- لا بأس يا بنية! كلّ الأمور بسيطة:
- أبي: الأزمة خانقة، الكهرباء شحيحة، و الأسعار غالية، الشّباب قلّ عددهم.......... لكن كرامتي تبعثرت مزقا. لم أعد أحتمل مزاج والديه معه.
- تبسم الأب باستخفاف: هيه يا بنية! أشتم أباك؟ و ماذا في ذلك؟ هي كلمات يرددها الجميع، نسمعها و نحن نتدافع لشراء الخبز، أو نتزاحم لنركب الحافلة، أو و نحن ننتظر التكرم علينا بأسطوانة الغاز.
- أ قذف أمّك؟ و ماذا يعني ذلك؟ غداً سيردّ له صهره الشّتائم.
- انسابت دموعها سخية كما لم تذرفها من قبل، تلاشت مزق كرامتها الذّبيحة. من ينجدها؟
أشفق الأب لحالها، و ضحك يخفف وقع الصّدمة عليها:
- لا تغضبي أسامحه بحقي، وكذلك أمك. أخشى على صغيرتك البقاء هنا، أختك المطلقة مع أولادها احتلت غرفة، و لا يمكن أن أوافق على أن تستأجر بيتاً مع غرباء. و زوج أختك المعتقل لا نرى أملا بعودته، و أهل زوجها لا يهتمون بأمرها، و إخوتك يدرسون، و أخوك و زوجته في الغرفة الصغيرة. هل ستنامين معنا في الصالة نتسلى في ليالي الشتاء الطويلة؟
رقّت لبؤس والدها، و أشفقت على خدي أمها تلتهبان بسياط الدمع كل حين، و أبت أن تخلع ملابسها بانتظار أن يأتي أيّ شبح من آل زوجها ليعيدها إلى حيث شتات روحها يبحث عمن يجمعه في صورة إنسان.