لماذا لا يقدم المعالجون المؤهلون النصائح والحلول السريعة بناءً على خبراتهم المعرفية والعملية أو الحياتية؟
عندما يبدأ الناس جلسات العلاج، فإنهم يتوقعون من المعالجين تقديم إجابات ملموسة أو"حلول سريعة" لمشاكلهم...
لكن المعالجين لا يجب عليهم الاستجابة لتوقعات من هذا النوع للأسباب الآتية:
- تقديم النصائح ليس عملهم:
السبب الرئيسي لرفض المعالجين المؤهلين تقديم النصائح هي أنها ليست دورهم المهني.
إنّ دور المعالج هو أن يقوم بفهم أفضل للعملاء معرفة ما يحفزهم أو يجعلهم يتصرفون أو يفكرون بالطريقة التي يقومون بها وأن يكتشف قدراتهم الكامنة و الترشيد البديل لها.
بدلاً من تقديم النصائح يجب أن يكون العلاج النفسي أداة تساعد الناس لاتخاذ قراراتهم بأنفسهم وحسب خبراتهم و بما يتناسب مع بيئاتهم وثقافاتهم الشخصية. لأنهم هم الخبراء بحياتهم ولأنّ على المعالج أن يثق بقدراتهم ويحترمها.
- إنّ تقديم النصيحة قد يؤدي إلى إعاقة نمو العملاء نفسيّاً ويعزز الاعتمادية لديهم وشعور عدم الكفائة لإنشاء الحلول:
إن إخبار العملاء بما يجب عليهم فعله يمكن أن يعيقهم بالفعل. لا يخبر آباء المراهقين أبنائهم دائمًا بما يجب عليهم فعله. في أوقات كثيرة يجب على الآباء ببساطة توجيه الأبناء لاتخاذ الخيارات بأنفسهم وتحمل نتائجها بدلاً من الأوامر المباشرة والجاهزة والتدخل المستمر.
لأن هذا سيساعدهم على النضج حيث لن يتم إنقاذهم وحمايتهم عندما يكبرون.
وبالمثل ، يسمح المستشار المهني لعملائه باتخاذ خياراتهم الخاصة ولا يصادر هذا الحق، مما يمكّنهم من الشعور بثقة أكبر في اتخاذ القرارات المستقبلية ويكسبهم وعي الإمكانية الإدارية للحياة من حولهم. فالمعالج معهم اليوم ولكن ليس غداً.
- العلاج النفسي مبني على الحوار "Talk therapy"
يتحدث العملاء عن مشكلاتهم لأنّ هذا يساعدهم على تفنيد الأمور بعد مشاركتها ومناقشتها بأسلوب علاجي محدد و ضمن مداخلات المعالج. أيضاً، العلاج يساعد الأفراد على التغلب على الأفكار السلبية وإدارة مشاعرهم وتوجيهها لتطوير حلولهم الخاصة.
- في بعض الأحيان، يكون أفضل شيء يمكنك فعله هو مجرد الاعتراف بألم الشخص وارتباكه. مساعدته على تفنيد أفكاره وترشيد مشاعره دون الحكم عليه وتوقع أنه لا يستطيع انشاء الحلول.
- إن المعالج يساعدك على رؤية نقطة عمياء، شيء لا تراه بسبب قربك من المشكلة. وعلى إعادة التأطير، لرؤية شيء ما (أو نفسك) بطريقة جديدة. يوفر لك بيئة آمنة ودافئة للتعامل مع الماضي والحاضر. يساعدك على زيادة تحملك للغموض والمجهول. يعلمك مهارات تعديل سلوكك لتحقيق النتائج المرجوة.
*قد يبدو لك ذلك محبطًا في البداية - فأنت تأتي إلى الاستشارة لأنك تريد بعض الإجابات - تريد الوضوح والإرشاد.
لك مطلق الحرية في طلب النصيحة، ولكنك لن تحصل على الرد الجاهز الذي تتوقعه. أنت ستحصل على ما هو أفضل من ذلك.
إنّ وظيفة المعالج ليست تقديم النصائح. إنها توفير التفهم والتعاطف و دعم المهارات ومنظورك الجديد توفير المساحة لمساعدة الناس على تحسين حياتهم من خلال تعديل أفكارهم ومعتقداتهم وسلوكهم.
#العلاج_ليس_نصائح_ولاتوصيات
بقلم الاستاذة : سناء الفروخ
ماجستير علم النفس الكلينكي الصحي
