الاربعين النووية مع الشرح

الحديث الأربعون: كن في الدنيا كأنك غريب



متن الحديث




عـن ابـن عـمـر رضي الله عـنهـما، قــال:
أخـذ الرسول صلي الله عـلية وسلم بمنكبي، فقال: { كن في الدنيا كـأنـك غـريـب أو عـابـر سبـيـل }.


وكـان ابـن عـمـر رضي الله عـنهـما يقول:
( إذا أمسيت فلا تـنـتـظـر الصباح، وإذا أصبحت فلا تـنـتـظـر المساء، وخذ من صحـتـك لـمـرضـك، ومن حـياتـك لـمـوتـك ).
[رواه البخاري:6416].



الشرح:



الحديث الأربعون عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
( أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي )

يعني:
أمسك بهما لأجل أن يسترعي انتباهه ليحفظ ما يقول فقال له: { كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل }

الغريب:
المقيم في البلد وليس من أهلها،
أو عابر سبيل:
هو الذي مر بالبلد، وهو ماشي مسافر، ومثل هؤلاء - أعني الغريب أو عابر سبيل - لا يتخذ هذا البلد موطناً ومستقراً،
لأنه مسافر فأخذت هذه الموعظة من عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ما أخذت من قلبه ولهذا كان يقول:
( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء )

يعني إذا أمسيت فلا تقول:

سوف أبقى إلى الصباح، كم من إنسان أمسى ولم يصبح،
وكذلك قوله: ( وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء )
فكم من إنسان أصبح ولم يمسي
ومراد بن عمر في ذلك: أن ينتهز الإنسان الفرصة للعمل الصالح حتى لا تضيع عليه الدنيا وهو لا يشعر.


قال:
( وخذ من صحتك لمرضك ) يعني: بادر في الصحة قبل المرض فإن الإنسان ما دامصحيحاً يسهل عليه العمل،
لأنه صحيح منشرح الصدر منبسط النفس،
والمريض يضيق صدره ولا تنبسط نفسه فلا يسهل عليه العمل.

قال:
( ومن حياتك لموتك )
أي انتهز الحياة ما دمت حياً قبل أن تموت لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله صح ذك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:
{ إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له }.


ومن فوائد هذا الحديث:

أنه ينبغي للإنسان أن يجعل الدنيا مقر إقامه لقوله:
{ كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل }.

ومن وفوائده:

أنه ينبغي للعاقل مادام باقياً والصحة متوفرة أن يحرص على العمل قبل أن يموت فينقطع عمله، ومنها أنه ينبغي للمعلم أن يفعل الأسباب التي يكون فيها انتباه المخاطب لأن النبي صلى الله عيه وسلم
أخذ بمنكبي عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.


ومن وفوائد الحديث:

فضيلة عبدالله بن عمر رضي الله عنهما حيث تأثر بهذه الموعظة من رسول الله صلى الله عليه وسلم


 
الحديث الحادي والأربعون: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم



متن الحديث


عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
{ لا يؤمن أحدكم حتي يكون هواه تبعاً لما جئت به }.
[حديث حسن صحيح. رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح].




الشرح:


قوله: { لا يؤمن } أي لايؤمن الإيمان الكامل، وليس المراد نفي الإيمان بالكلية.




وقوله: { حتى يكون هواه } أي: ميله وإرادته.
وقوله: { تبعاً لما جئت به } أي: لما جاء به من الشرع فلا يلتفت إلى غيره.
قال المؤلف: ( حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح ).



في الحديث فوائد منها:

أن الإيمان قد ينفى عن من قصر في بعض واجبه فقوله: { لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به }
وهذا موقوف على ما ورد به الشرع،
فليس للإنسان أن ينفي الإيمان عن الشخص
بمجرد أنه رآه على معصية حتى يثبت بذلك دليل شرعي.



ومن فوائد هذا الحديث:

وجوب الانقياد لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم

ومن فوائده:
أنه يجب تخلي الإنسان عن هواه المخالف لشريعة الله.



ومن فوائده:

أنه الإيمان يزيد وينقص كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.



 
الحديث الثاني والأربعون: سعة مغفرة الله






متن الحديث





عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: { قال الله تعالى: يا ابن آدم ! إنك ما دعـوتـني ورجوتـني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم !
لو بلغـت ذنـوبك عـنان السماء، ثم استغـفـرتـني غـفـرت لك، يا ابن آدم ! إنك لو اتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتـني لا تـشـرك بي شيئاً لأتـيـتـك بقرابها مغـفـرة }.
[رواه الترمذي:3540، وقال: حديث حسن صحيح].





الشرح:

هذا الحديث من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي صلى الله عليه وسلم
عن ربه أنه قال جل وعلا:








{ يا بن آدم } الخطاب لجميع بني آدم،

{ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك }،
{ ما } شرطية يعني: متى دعوتني ورجوتني.

{ دعوتني } أي: سألتني أن أغفر لك.

{ رجوتني } رجوت مغفرتي ولم تيأس،
{ غفرت لك }
هذا جواب الشرط والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه أي:
أن الله يستر ذنبك عن الناس ويتجاوز عنك فلا يعاقبك.

وقوله: { على ما كان منك ولا أبالي }

يعني على ما كان منك من المعاصي وهذا يشهد له

قوله تعالى: >قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ > [الزمر:53].

{ يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء }
يعني: لو بلغت أعلى السماء، { ثم استغفرتني غفرت لك }

يعني:
مهما عظمت الذنوب حتى لو وصلت السماء بكثرتها ثم استغفرت الله بصدق وإخلاص وافتقار غفر الله لك.

{ يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة }

قرابها يعني
قرب ملئها إذا لقي الإنسان ربه عزوجل بقراب الأرض أي: ملئها أو قربها خطايا لكنها دون الشرك ولهذا قال:
{ ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مفغرة }
وهذا يدل على فضيلة الإخلاص وأنه سبب لمغفرة الذنوب.


في هذا الحديث من الفوائد:

أن الإنسان مهما دعا الله بأي شيء ورجا الله في أي شيء إلا غفر له.


ومن فوائده:

بيان سعة فضل الله عزوجل .

ومن وفوائده;

أن الذنوب وإن عظمت إذا استغفرالإنسان ربه منها غفرها الله له .


ومن فوائد هذا الحديث:

فضيلة الإخلاص وأنه
سبب لمغفرة الذنوب وقد قال تعالى: > إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ > [النساء:48].





فنسأل الله تعالى أن يعمنا جميعاً بمغفرته ورضوانه وأن يهب لنا منه رحمته إنه هو الوهاب.
تمت وبحمد الله أحاديث الاربعون النووية

نسأل الله العلي القدير أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم


والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلي اللهم وبارك على عبدك ونبيك محمد





 
الوسوم
الاربعين الشرح النووية مع
عودة
أعلى