فصـــول‬ نــافعة فـــي تربيـــة الأطفـــال

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
ينبغي أن يكون رضاع المولود من غير أمه بعد وضعه يومين أو ثلاثة ،
وهو الأجود ؛ لما في لبنها ذلك الوقت مِن الغِلَظ ، والأخلاط ،
بخلاف لبن مَن قد استقلت على الرضاع .
وكل العرب تعتني بذلك حتى تسترضع أولادها عند نساء البوادي كما استرضع النبي صلى الله عليه وسلم في بني سعد .
~
وينبغي أن يمنع حملهم والطواف بهم ، حتى يأتي عليهم ثلاثة أشهر فصاعداً ؛ لقرب عهدهم ببطون الأمهات وضعف أبدانهم .
~
وينبغي أن يقتصر بهم على اللبن وحده إلى نبات أسنانهم ؛
لضعف معدتهم وقوتهم الهاضمة عن الطعام ، فإذا نبتت أسنانه : قويت معدته ، وتغذى بالطعام؛ فإنَّ الله سبحانه أخَّر إنباتها إلى وقت حاجته إلى الطعام ؛ لحكمته ، ولطفه ، ورحمة منه بالأم ، وحلمة ثديها فلا يعضه الولد بأسنانه .
~
وينبغي تدريجهم في الغذاء فأول ما يطعمونهم الغذاء اللين ، فيطعمونهم الخبز المنقوع في الماء الحار ، واللبن ، والحليب ، ثم بعد ذلك الطبيخ ، والأمراق الخالية من اللحم ، ثم بعد ذلك ما لطف جدّاً مِن اللحم ، بعد إحكام مضغه أو رضه رضّاً ناعماً .
~
فإذا قربوا من وقت التكلم ، وأريد تسهيل الكلام عليهم ، فليدلك ألسنتهم بالعسل ، والملح الاندراني ! ، لما فيهما من الجلاء للرطوبات الثقيلة المانعة من الكلام ؛ فإذا كان وقت نطقهم :
فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده ، وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ، ويسمع كلامهم ، وهو معهم أينما كانوا ، وكان بنو إسرائيل كثيرا ما يسمون أولادهم ب عمانويل ومعنى هذه الكلمة إلهنا معنا !! ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن بحيث إذا وعى الطفل وعقل علم أنَّه عبد الله ، وأن الله هو سيده ومولاه .
~
فإذا حضر وقت نبات الأسنان فينبغي أن يدلك لثاهم كل يوم بالزبد ، والسمن ويمرخ خرز العنق تمريخاً كثيراً ، ويحذَر عليهم كل الحذر وقت نباتها إلى حين تكاملها وقوتها من الأشياء الصلبة ، ويمنعون منها كل المنع لما في التمكن منها من تعريض الأسنان لفسادها ، وتعويجها ، وخللها .
~
ولا ينبغي أن يشق على الأبوين بكاءُ الطفل ، وصراخه ، ولا سيما لشربه اللبن إذا جاع ؛ فإنَّه ينتفع بذلك البكاء انتفاعاً عظيماً ؛ فإنه يروض أعضاءه ، ويوسع أمعاءه ، ويفسح صدره ، ويسخن دماغه ، ويحمي مزاجه ، ويثير حرارته الغريزية، ويحرك الطبيعة لدفع ما فيها من الفضول ، ويدفع فضلات الدماغ من المخاط وغيره .
~
وينبغي أن لا يهمل أمر قماطه ورباطه
؛ ولو شق عليه إلى أن يصلب بدنه ، وتقوى أعضاؤه ، ويجلس على الأرض ، فحينئذ يمرَّن ويدرَّب على الحركة ، والقيام قليلاً قليلاً إلى أن يصير له ملكة وقوة يفعل ذلك بنفسه .
~
وينبغي أن يوقى الطفل كل أمر يفزعه من الأصوات الشديدة الشنيعة ، والمناظر الفظيعة ، والحركات المزعجة ؛ فإن ذلك ربما أدى إلى فساد قوته العاقلة لضعفها فلا ينتفع بها بعد كبره ، فإذا عرض له عارض من ذلك فينبغي المبادرة إلى تلافيه بضده ، وإيناسه بما ينسيه إياه ،
وأن يلقم ثديه في الحال ، ويسارع إلى رضاعه ليزول عنه ذلك المزعج له ولا يرتسم في قوته الحافظة فيعسر زواله ويستعمل تمهيده بالحركة اللطيفة إلى أن ينام فينسى ذلك ولا يهمل هذا الأمر فإن في إهماله إسكان الفزع والروع في قلبه فينشأ على ذلك ويعسر زواله ويتعذر . "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الامام ابن قيم الجوزية
تحفة المودود ص 230
 
الوسوم
الأطفـــال تربيـــة فصـــول‬ فـــي نــافعة
عودة
أعلى