مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم وسلم )

رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

بدء الوحي


في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أول ما بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة . فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء . فكان يخلو بغار حراء ، فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد . قبل أن ينزع إلى أهله . ويتزود لذلك . ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى فجأه الحق ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ . قال فأخذني فغطني ، حتى بلغ مني الجهد . ثم أرسلني . فقال اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني . فقال اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني الثالثة . تم أرسلني ، فقال لي في الثالثة
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده حتى دخل على خديجة بنت خويلد . فقال زملوني ، زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع . فقال لخديجة - وأخبرها الخبر - لقد خشيت على نفسي . فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا . إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق . فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى - ابن عم خديجة - وكان قد تنصر في الجاهلية . وكان يكتب الكتاب العبراني . فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي . فقالت له خديجة يا ابن عم اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة يا ابن أخي ، ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى . فقال له ورقة هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى ، يا ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ؟ قال أو مخرجي هم ؟ قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي . وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ثم أنشد ورقة

لججت ، وكنت في الذكرى لجوجا


لهم طالما بعث النشيجا
ووصف من خديجة بعد وصف


فقد طال انتظاري يا خديجا
ببطن المكتين على رجائي


حديثك أن أرى منه خروجا
بما خبرتنا من قول قس


من الرهبان أكره أن يعوجا
بأن محمدا سيسود قوما


ويخصم من يكون له حجيجا
ويظهر في البلاد ضياء نور


يقيم به البرية أن تموجا
فيلقى من يحاربه خسارا


ويلقى من يسالمه فلوجا
فيا ليتي إذا ما كان ذا كم


شهدت وكنت أولهم ولوجا
ولوجا بالذي كرهت قريش


ولو عجت بمكتها عجيجا
أرجي بالذي كرهوا جميعا


إلى ذي العرش - إن سفلوا - عروجا
وهل أمر السفالة غير كفر


بمن يختار من سمك البروجا
فإن يبقوا وأبق تكن أمور


يضج الكافرون لها ضجيجا
وإن أهلك فكل فتى سيلقى


من الأقدار متلفة خروجا

فلم يلبث ورقة أن توفي وفتر الوحي حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا . حتى كان يذهب إلى رءوس شواهق الجبال يريد أن يلقي بنفسه منها ، كلما أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل عليه السلام ، فقال " يا محمد إنك رسول الله حقا " فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة تبدى له جبريل فيقول له ذلك . فبينما هو يوما يمشي إذ سمع صوتا من السماء . قال " فرفعت بصري . فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت إلى أهلي ، فقلت : دثروني . دثروني . فأنزل الله ( 73 : 1 ، 2 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
يا أيها المدثر قم فأنذر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فحمي الوحي وتتابع "
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

أنواع الوحي


وكان الوحي الذي يأتيه صلى الله عليه وسلم أنواعا : أحدها : الرؤيا . قال عبيد بن عمر " رؤيا الأنبياء وحي " ثم قرأ ( 37 : 102 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إني أرى في المنام أني أذبحك
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )


الثاني : ما كان الملك يلقيه في روعه - أي قلبه - من غير أن يراه كما قال صلى الله عليه وسلم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إن روح القدس نفث في روعي : أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله . فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )


الثالث أن الملك يتمثل له رجلا فيخاطبه . وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحيانا .

الرابع أنه كان يأتيه مثل صلصلة الجرس وهو أشد عليه . فيلتبس به الملك . حتى إن جبينه ليتفصد عرقا في اليوم الشديد البرد . وحتى إن راحلته لتبرك به إلى الأرض وجاءه مرة وفخذه على فخذ زيد بن ثابت ، فكادت ترض .

الخامس أن يأتيه الملك في الصورة التي خلق عليها . فيوحي إليه ما شاء الله وهذا وقع مرتين كما ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة النجم .

السادس ما أوحاه الله له فوق السموات ليلة المعراج من فرض الصلاة وغيرها .

قال ابن القيم رحمه الله أول ما أوحى إليه ربه أن يقرأ باسم ربه الذي خلق . وذلك أول نبوته صلى الله عليه وسلم . فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره بالتبليغ . ثم أنزل الله عليه
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
يا أيها المدثر قم فأنذر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فنبأه باقرأ وأرسله بـ
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
يا أيها المدثر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين . ثم أنذر قومه . ثم أنذر من حولهم من العرب . ثم أنذر العرب قاطبة . ثم أنذر العالمين .


فأقام بضع عشرة سنة ينذر بالدعوة من غير قتال ولا جزية . ويأمره الله بالكف والصبر . ثم أذن له في الهجرة وأذن له في القتال . ثم أمره أن يقاتل من قاتله ويكف عمن لم يقاتله . ثم أمره بقتال المشركين حتى يكون الدين كله لله .
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

أول من آمن


ولما دعا إلى الله استجاب له عباد من كل قبيلة . فكان حائز السبق صديق الأمة أبا بكر رضي الله عنه . فوازره في دين الله . ودعا معه إلى الله . فاستجاب لأبي بكر عثمان وطلحة وسعد رضي الله عنهم .

وبادر إلى استجابته أيضا صديقة النساء خديجة رضي الله عنها . وبادر إلى الإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وكان ابن ثمان سنين وقيل أكثر إذ كان في كفالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه من عمه .
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

شأن زيد بن حارثة


وبادر زيد بن حارثة رضي الله عنه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان غلاما لخديجة فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها . وقدم أبوه حارثة وعمه في فدائه . فقالا للنبي صلى الله عليه وسلم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسير . جئناك في ابننا عبدك فأحسن لنا في فدائه . فقال صلى الله عليه وسلم " فهل غير ذلك ؟ قالوا : وما هو ؟ قال أدعوه فأخيره فإن اختاركم فهو لكم . وإن اختارني : فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني " قالوا : قد زدتنا على النصف وأحسنت . فدعاه . فقال " هل تعرف هؤلاء ؟ " قال نعم أبي وعمي . قال " فأنا من قد علمت وقد رأيت صحبتي لك . فاخترني ، أو اخترهما " فقال ما أنا بالذي أختار عليك أحدا . أنت مكان أبي وعمي . فقالا : ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية . وعلى أبيك وعمك ، وأهل بيتك ؟ قال نعم قد رأيت من هذا الرجل شيئا ، ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك خرج إلى الحجر . فقال " أشهد أن زيدا ابني ، أرثه ويرثني
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما . فانصرفا . ودعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام فنزلت ( 33 : 5 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
قال الزهري : ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد .


وأسلم ورقة بن نوفل . وفي جامع الترمذي " أن النبي صلى الله عليه وسلم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
رآه في المنام في هيئة حسنة
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )


ودخل الناس في دين الله واحدا بعد واحد . وقريش لا تنكر ذلك حتى بادأهم بعيب دينهم وسب آلهتهم وأنها لا تضر ولا تنفع . فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة . فحمى الله رسوله بعمه أبي طالب . لأنه كان شريفا معظما . وكان من حكمة أحكم الحاكمين بقاؤه على دين قومه لما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأملها .

وأما أصحابه فمن كان له عشيرة تحميه امتنع بعشيرته وسائرهم تصدوا له بالأذى والعذاب . منهم عمار بن ياسر ، وأمه سمية وأهل بيته . عذبوا في الله . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بهم - وهم يعذبون - يقول
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
صبرا يا آل ياسر . فإن موعدكم الجنة
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

سمية أول شهيدة


ومر أبو جهل بسمية - أم عمار رضي الله عنهما - وهي تعذب وزوجها وابنها . فطعنها بحربة في فرجها فقتلها .

وكان الصديق إذا مر بأحد من العبيد يعذب اشتراه وأعتقه . منهم بلال . فإنه عذب في الله أشد العذاب . ومنهم عامر بن فهيرة ، وجارية لبني عدي كان عمر يعذبها على الإسلام . فقال أبو قحافة - عثمان بن عامر - لابنه أبي بكر يا بني أراك تعتق رقابا ضعافا . فلو أعتقت قوما جلدا يمنعونك ؟ فقال إني أريد ما أريد . وكان بلال كلما اشتد به العذاب يقول أحد ، أحد .
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

ابتداء الدعوة


وقال الزهري : لما ظهر الإسلام أتى جماعة من كفار قريش إلى من آمن من عشائرهم فعذبوهم وسجنوهم وأرادوا أن يفتنوهم عن دينهم . قال الترمذي حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان وغيرهم . قالوا " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث سنين مستخفيا " . تم أعلن في الرابعة . فدعا الناس عشر سنين يوافي المواسم كل عام يتبع الناس في منازلهم . وفي المواسم بعكاظ ومجنة ، وذي المجاز يدعوهم أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه . ولهم الجنة فلا يجد أحدا ينصره ويحميه . حتى ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة فيقول
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا وتملكوا بها العرب ، وتدين لكم بها العجم . فإذا متم كنتم ملوكا في الجنة وأبو لهب وراءه يقول لا تطيعوه . فإنه صابئ كذاب . فيردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبح الرد . ويؤذونه ويقولون عشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك . وهو يقول اللهم لو شئت لم يكونوا هكذا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولما نزل عليه قوله تعالى ( 36 : 214 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وأنذر عشيرتك الأقربين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
صعد الصفا فنادى واصباحاه فلما اجتمعوا إليه قال لو أخبرتكم أن خيلا تريد أن تخرج عليكم من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم ما جربنا عليك كذبا . قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تبا لك ، ما جمعتنا إلا لهذا ؟ فأنزل الله قوله تعالى
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )


قال ابن القيم رحمه الله دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله مستخفيا ثلاث سنين ثم نزل عليه ( 15 : 94 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

أول دم أهريق


وفي السنة الرابعة ضرب سعد بن أبي وقاص رجلا من المشركين فشجه . وذلك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجتمعون في الشعاب فيصلون فيها . فرآهم رجل من الكفار ومعه جماعة من قريش . فسبوهم . وضرب سعد بن أبي وقاص رجلا منهم فسال دمه . فكان أول دم أهريق في الإسلام .






استهزاء المشركين


وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس وحوله المستضعفون من أصحابه - مثل عمار بن ياسر ، وخباب بن الأرت ، وصهيب الرومي وبلال وأشباههم - فإذا مرت بهم قريش استهزءوا بهم وقالوا : أهؤلاء - جلساؤه - قد من الله عليهم من بيننا ؟ فأنزل الله ( 6 : 53 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أليس الله بأعلم بالشاكرين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وفيهم نزل ( 16 : 41 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
) وقال أبو جهل والله لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على رقبته . فبلغه أن رسول الله يصلي ، فأتاه . فقال ألم أنهك عن الصلاة ؟ فانتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتنتهرني ، وأنا أعز أهل البطحاء ) فنزل قوله تعالى ( 96 : 9 ، 10 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وفي بعض الروايات أنه قال ألم أنهك ؟ فوالله ما في مكة أعز من نادي .


وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
قال أبو جهل " يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ فقيل نعم فقال واللات والعزى ، لئن رأيته لأطأن على رقبته . فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، وزعم ليطأن رقبته ، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه . وقال بيني وبينه خندق من نار وهول وأجنحة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فأنزل الله تعالى - لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه - ( 96 : 6 ، 7 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )


 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

الهجرة الأولى إلى الحبشة


مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وفي السنة الخامسة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى الحبشة لما اشتد عليهم العذاب والأذى . وقال إن فيها رجلا لا يظلم الناس عنده
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )


وكانت الحبشة متجر قريش . وكان أهل هذه الهجرة الأولى : اثني عشر رجلا وأربع نسوة . وكان أول من هاجر إليها : عثمان بن عفان رضي الله عنه ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وستر قوم إسلامهم .

وممن خرج الزبير وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وأبو سلمة وامرأته رضي الله عنهم . خرجوا متسللين سرا ، فوفق الله لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين للتجار . فحملوهم إلى الحبشة . وخرجت قريش في آثارهم حتى جاءوا البحر . فلم يدركوا منهم أحدا . وكان خروجهم في رجب . فأقاموا بالحبشة شعبان ورمضان . ثم رجعوا إلى مكة في شوال لما بلغهم أن قريشا صافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفوا عنه .

وكان سبب ذلك
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم . فلما بلغ ( 53 : 18 ، 19 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى فقال المشركون ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم . وقد علمنا أن الله يخلق ويرزق ويحيي ويميت ولكن آلهتنا تشفع عنده . فلما بلغ السجدة سجد وسجد معه المسلمون والمشركون كلهم . إلا شيخا من قريش . رفع إلى جبهته كفا من حصى فسجد عليه . وقال يكفيني هذا . فحزن النبي صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا ، وخاف من الله خوفا عظيما ، فأنزل الله ( 22 : 52 - 55 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- الآيات
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولما استمر النبي صلى الله عليه وسلم على سب آلهتهم عادوا إلى شر مما كانوا عليه وازدادوا شدة على من أسلم .
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

كتاب رسول الله إلى النجاشي يزوجه أم حبيبة

فلما كان شهر ربيع سنة سبع من الهجرة . كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام . وكتب إليه أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان . وكانت مهاجرة زوجها عبد الله بن جحش . فتنصر هناك ومات نصرانيا .​
وكتب إليه أيضا : أن يبعث إليه من بقي من أصحابه . فلما قرأ الكتاب أسلم . وقال لو قدرت أن آتيه لأتيته . وزوجه أم حبيبة وأصدقها عنه أربعمائة دينار . وحمل بقية أصحابه في سفينتين . فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر وقد فتحها .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

بعث قريش إلى النجاشي تطلب إرجاع المسلمين


ولما كان بعد بدر اجتمعت قريش في دار الندوة . وقالوا : إن لنا في الذين عند النجاشي ثأرا . فاجمعوا مالا . واهدوه إلى النجاشي ، لعله يدفع إليكم من عنده ولتنتدب لذلك رجلين من أهل رأيكم . فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد مع الهدي . فركبا البحر . فلما دخلا ، على النجاشي سجدا ، وسلما عليه . وقالا : قوما لك ناصحون . وإنهم بعثونا إليك لنحذرك هؤلاء الذين قدموا عليك لأنهم قوم اتبعوا رجلا كذابا . خرج فينا يزعم أنه رسول الله ولم يتبعه إلا السفهاء فضيقنا عليهم وألجأناهم إلى شعب بأرضنا ، لا يخرج منهم أحد ولا يدخل عليهم أحد . فقتلهم الجوع والعطش . فلما اشتد عليهم الأمر بعث إليك ابن عمه ليفسد عليك دينك وملكك . فاحذرهم . وادفعهم إلينا لنكفيكهم وآية ذلك أنهم إذا دخلوا عليك لا يسجدون لك ، ولا يحيونك بالتحية التي تحيي بها ، رغبة عن دينك .

فدعاهم النجاشي . فلما حضروا . صاح جعفر بن أبي طالب بالباب " يستأذن عليك حزب الله " فقال النجاشي : مروا هذا الصائح فليعد كلامه . ففعل . قال نعم . فليدخلوا بإذن الله وذمته . فدخلوا ولم يسجدوا له . فقال ما منعكم أن تسجدوا لي ؟ قالوا : إنما نسجد لله الذي خلقك وملكك ، وإنما كانت تلك التحية لنا ونحن نعبد الأوثان . فبعث الله فينا نبيا صادقا . وأمرنا بالتحية التي رضيها الله . وهي " السلام " تحية أهل الجنة .

فعرف النجاشي أن ذلك حق . وأنه في التوراة والإنجيل .

فقال أيكم الهاتف يستأذن ؟ فقال جعفر أنا . قال فتكلم .

قال إنك ملك لا يصلح عندك كثرة الكلام ولا الظلم . وأنا أحب أن أجيب عن أصحابي . فأمر هذين الرجلين فليتكلم أحدهما ، فتسمع محاورتنا .

فقال عمرو لجعفر تكلم . فقال جعفر للنجاشي سله أعبيد نحن أم أحرار ؟ فإن كنا عبيدا أبقنا من أربابنا فارددنا إليهم . فقال عمرو : بل أحرار كرام .

فقال هل أهرقنا دما بغير حق فيقتص منا ؟ قال عمرو : ولا قطرة .

فقال هل أخذنا أموال الناس بغير حق فعلينا قضاؤها ؟ فقال عمرو : ولا قيراط .

فقال النجاشي : فما تطلبون منه ؟ قال كنا نحن وهم على أمر واحد على دين آبائنا . فتركوا ذلك واتبعوا غيره .

فقال النجاشي : ما هذا الذي كنتم عليه . وما الذي اتبعتموه ؟ قل واصدقني .

فقال جعفر أما الذي كنا عليه فتركناه وهو دين الشيطان . كنا نكفر بالله ونعبد الحجارة . وأما الذي تحولنا إليه فدين الله الإسلام جاءنا به من الله رسول وكتاب مثل كتاب ابن مريم موافقا له .

فقال تكلمت بأمر عظيم . فعلى رسلك .

ثم أمر بضرب الناقوس . فاجتمع إليه كل قسيس وراهب . فقال لهم أنشدكم الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى ، هل تجدون بين عيسى وبين يوم القيامة نبيا ؟ قالوا : اللهم نعم . قد بشرنا به عيسى ، وقال من آمن به فقد آمن بي ، ومن كفر به فقد كفر بي .

فقال النجاشي لجعفر رضي الله عنه ماذا يقول لكم هذا الرجل ؟ وما يأمركم به ؟ وما ينهاكم عنه ؟ .

فقال يقرأ علينا كتاب الله ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر . ويأمرنا بحسن الجوار وصلة الرحم وبر اليتيم . ويأمرنا بأن نعبد الله وحده لا شريك له .

فقال اقرأ مما يقرأ عليكم . فقرأ سورتي العنكبوت والروم . ففاضت عينا النجاشي من الدمع . وقال زدنا من هذا الحديث الطيب . فقرأ عليهم سورة الكهف .

فأراد عمرو أن يغضب النجاشي . فقال إنهم يشتمون عيسى وأمه .

فقال ما تقولون في عيسى وأمه ؟ فقرأ عليهم سورة مريم . فلما أتى على ذكر عيسى وأمه رفع النجاشي بقشة من سواكه قدر ما يقذي العين . فقال والله ما زاد المسيح على ما تقولون نقيرا .

وفيه نزل قول الله تعالى ( 5 : 83 - 85 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- الآيات .

فأقبل النجاشي على جعفر . ثم قال اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي - والسيوم الآمنون - من سبكم غرم . فلا هوادة اليوم على حزب إبراهيم .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

موت النجاشي


مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولما مات النجاشي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه كما يصلي على الجنائز . فقال المنافقون يصلي على علج مات بأرض الحبشة . فأنزل الله تعالى ( 3 : 199 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.


وقيل إن إرسال قريش في طلبهم كان قبل الهجرة إلى المدينة ، وفي سنة خمس من النبوة استتر رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم بن أبي الأرقم .
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

إسلام حمزة بن عبد المطلب


وفي السنة السادسة أسلم حمزة بن عبد المطلب وعمر .

قال ابن إسحاق : مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا : فآذاه ونال منه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل المسجد . وكانت مولاة لعبد الله بن جعدان في مسكن لها على الصفا ، تسمع ما يقول أبو جهل . وأقبل حمزة من القنص متوشحا قوسه . وكان يسمى : أعز قريش . فأخبرته مولاة ابن جدعان بما سمعت من أبي جهل . فغضب . ودخل المسجد - وأبو جهل جالس في نادي قومه - فقال له حمزة يا مصفر استه . تشتم ابن أخي وأنا على دينه ؟ ثم ضربه بالقوس فشجه موضحة . فثار رجال من بني مخزوم . وثار بنو هاشم . فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة . فإني سببت ابن أخيه سبا قبيحا . فعلمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز . فكفوا عنه بعض ما كانوا ينالون منه .






إسلام عمر رضي الله عنه


وعن
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك : إما عمر بن الخطاب . أو أبي جهل بن هشام فكان أحبهما إلى الله عمر رضي الله عنه
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.


وروي عن
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ابن عباس رضي الله عنهما : أنه قال لعمر رضي الله عنه لم سميت الفاروق ؟ فقال أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام . ثم شرح الله صدري للإسلام . وأول شيء سمعته من القرآن ووقر في صدري ( 20 : 8 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فما في الأرض نسمة أحب إلي من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فسألت عنه ؟ فقيل لي : هو في دار الأرقم . فأتيت الدار - وحمزة في أصحابه جلوسا في الدار . ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت - فضربت الباب فاستجمع القوم . فقال لهم حمزة ما لكم ؟ فقالوا : عمر فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأخذ بمجامع ثيابي . ثم نترني نترة لم أتمالك أن وقعت على ركبتي . فقال ما أنت بمنته يا عمر ؟ فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد . فقلت : يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا أو حيينا ؟ قال بلى . فقلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن ، فخرجنا في صفين . حمزة في صف . وأنا في صف - له كديد ككديد الطحن - حتى دخلنا المسجد . فلما نظرت إلينا قريش أصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها قط . فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.


مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وقال صهيب لما أسلم عمر رضي الله عنه جلسنا حول البيت حلقا ، فطفنا واستنصفنا مما غلظ علينا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.




 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

حماية أبي طالب لرسول الله


ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزايد أمره ويقوى ، ورأوا ما صنع أبو طالب به . مشوا إليه بعمارة بن الوليد . فقالوا : يا أبا طالب ، هذا أنهد فتى في قريش وأجمله . فخذه وادفع إلينا هذا الذي خالف دينك ودين آبائك فنقتله فإنما هو رجل برجل . فقال بئسما تسومونني ، تعطوني ابنكم أربيه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه ؟ فقال المطعم بن عدي بن نوفل : يا أبا طالب قد أنصفك قومك ، وجهدوا على التخلص منك بكل طريق . قال والله ما أنصفتموني ، ولكنك أجمعت على خذلاني . فاصنع ما بدا لك .

وقال أشراف مكة لأبي طالب إما أن تخلي بيننا وبينه فنكفيكه . فإنك على مثل ما نحن عليه أو أجمع لحربنا . فإنا لسنا بتاركي ابن أخيك على هذا ، حتى نهلكه أو يكف عنا ، فقد طلبنا التخلص من حربك بكل ما نظن أنه يخلص . فبعث أبو طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا ابن أخي ، إن قومك جاءوني ، وقالوا كذا وكذا ، فأبق علي وعلى نفسك ، ولا تحملني ما لا أطيق أنا ولا أنت . فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك . فقال صلى الله عليه وسلم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه فقال امض على أمرك ، فوالله لا أسلمك أبدا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ودعا أبو طالب أقاربه إلى نصرته فأجابه بنو هاشم وبنو المطلب ، غير أبي لهب ، وقال أبو طالب

والله لن يصلوا إليك بجمعهم


حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة


وأبشر وقر بذاك منك عيونا
ودعوتني ، وعرفت أنك ناصحي


ولقد صدقت ، وكنت ثم أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنه


من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة


لوجدتني سمحا بذاك مبينا
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

حصار بني هاشم في الشعب
ولما اجتمعوا - مؤمنهم وكافرهم - على منع رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعت قريش . فأجمعوا أمرهم على أن لا يجالسوهم ولا يبايعوهم ولا يدخلوا بيوتهم . حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل . وكتبوا بذلك صحيفة فيها عهود ومواثيق " أن لا يقبلوا من بني هاشم صلحا أبدا ، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل " فأمرهم أبو طالب أن يدخلوا . شعبه فلبثوا فيه ثلاث سنين . واشتد عليهم البلاء وقطعوا عنهم الأسواق . فلا يتركون طعاما يدخل مكة ، ولا بيعا إلا بادروا فاشتروه .​
ومنعوه أن يصل شيء منه إلى بني هاشم . حتى كان يسمع أصوات نسائهم يتضاغون من وراء الشعب من الجوع . واشتدوا على من أسلم ممن لم يدخل الشعب ، فأوثقهم . وعظمت الفتنة وزلزلوا زلزالا شديدا ، وكان أبو طالب إذا أخذ الناس مضاجعهم . أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضطجع على فراشه حتى يرى ذلك من أراد اغتياله .​
فإذا نام الناس أمر أحد بنيه أو إخوته أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأمره أن يأتي أحد فرشهم . وفي ذلك عمل أبو طالب قصيدته اللامية المشهورة التي قال فيها​
ولما رأيت القوم لا ود فيهمو


وقد قطعوا كل العرى والوسائل
وقد صارحونا بالعداوة والأذى


وقد طاوعوا أمر العدو المزايل
صرت لهم نفسي بسمراء سمحة


وأبيض عضب من تراث المقاول
وأحضرت عند البيت رهطي وأسرتي


وأمسكت من أثوابه بالوصائل
أعوذ برب الناس من كل طاعن


علينا بسوء أو ملح بباطل
ومن كاشح يسعى لنا بمغيظة


ومن ملحق في الدين ما لم يحاول
وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه


وراق ليرقى في حراء ونازل
وبالبيت - حق البيت - من بطن مكة


وبالله إن الله ليس بغافل
وبالحجر المسود إذ يمسحونه


إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل
وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة


على قدميه حافيا غير ناعل
وأشواط بين المروتين إلى الصفا


وما فيهما من صورة وتماثل
وبالمشعر الأقصى ، إذا عمدوا له


الإل إلى مفضى الشراج القوابل
ومن حج بيت الله من كل راكب


ومن كل ذي نذر ومن كل راجل
وليلة جمع والمنازل من منى


وهل فوقها من حرمة ومنازل ؟
فهل بعد هذا من معاذ لعائذ ؟


وهل من معيذ يتقي الله عادل ؟
كذبتم وبيت الله نترك مكة


ونظعن إلا أمركم في بلابل
كذبتم وبيت الله نبزى محمدا


ولما نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله


ونذهل عن آبائنا والحلائل
وينهض قوم في الحديد إليكمو


نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل
وإنا لعمر الله إن جد ما أرى


لتلتبسن أسيافنا بالأماثل
بكفي فتى مثل الشهاب سميدع


أخي ثقو حامي الحقيقة باسل
وما ترك قوم - لا أبا لك - سيدا


يحوط الذمار غير ذرب مواكل
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه


ربيع اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم


فهم عنده في حرمة وفواضل
فعتبة لا تسمع بنا قول كاشح


حسود كذوب مبغض ذي دغائل
ومر أبو سفيان عني معرضا


كما مر قيل من عظام المقاول
تفر إلى نجد وبرد مياهه


وتزعم أني لست عنك بغافل
أمطعم لم أخذلك في يوم نجدة


ولا معظم عند الأمور الجلائل
أمطعم إن القوم ساموك خطة


وإني متى أوكل فلست بآكلي
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا


عقوبة شر عاجلا غير آجل
فعبد مناف أنتمو خير قومكم


فلا تشركوا في أمركم كل واغل
وكنتم حديثا حطب قدر فأنتمو


الآن حطاب أقدر ومراجل
فكل صديق وابن أخت نعده


لعمري وجدنا غبه غير طائل
سوى أن رهطا من كلاب بن مرة


براء إلينا من معقة خاذل
ونعم ابن أخت القوم غير مكذب


زهيرا حساما مفردا من حمائل
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد


وإخوته دأب المحب المواصل
فمن مثله في الناس أي مؤمل


إذا قاسه الحكام عند التفاضل ؟
حليم رشيد عادل غير طائش


يوالي إلها ليس عنه بغافل
فوالله لولا أن أجيء بسبة


تجر على أشياخنا في المحافل
لكنا اتبعناه على كل حالة


من الدهر جدا ، غير قول التهازل
لقد علموا أن ابننا لا مكذب


لدينا ، ولا يعنى بقول الأباطل
حدبت بنفسي دونه وحميته


ودافعت عنه بالذرى والكلاكل
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

نقض الصحيفة


ثم بعد ذلك مشى هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي . وكان يصل بني هاشم في الشعب خفية بالليل بالطعام - مشى إلى زهير بن أبي أمية المخزومي - وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب - وقال يا زهير أرضيت أن تأكل الطعام وتشرب الشراب وأخوالك بحيث تعلم ؟ فقال ويحك ، فما أصنع وأنا رجل واحد ؟ أما والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها . قال أنا . قال أبغنا ثالثا . قال أبو البختري بن هشام . قال ابغنا رابعا . قال زمعة بن الأسود . قال أبغنا خامسا . قال المطعم بن عدي . قال فاجتمعوا عند الحجون ، وتعاقدوا على القيام بنقض الصحيفة . فقال زهير أنا أبدأ بها .

فجاءوا إلى الكعبة - وقريش محدقة بها - فنادى زهير يا أهل مكة ، إنا نأكل الطعام . ونشرب الشراب ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى . والله لا أقعد حتى تشق الصحيفة القاطعة الظالمة . فقال أبو جهل : كذبت . والله لا تشق . فقال زمعة أنت والله أكذب . ما رضينا كتابتها حين كتبت . وقال أبو البختري صدق زمعة لا نرضى ما كتب فيها ولا نقار عليه . فقال المطعم بن عدي . وكذب من قال غير ذلك . نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها . وقال هشام بن عمر في ذلك . فقال أبو جهل هذا أمر قد قضي بليل تشوور فيه بغير هذا المكان .

وبعث الله على صحيفتهم الأرضة فلم تترك اسما لله إلا لحسته و بقي ما فيها من شرك وظلم وقطيعة وأطلع الله رسوله على الذي صنع بصحيفتهم . فذكر ذلك لعمه . فقال لا ، والثواقب ما كذبتني . فانطلق يمشي بعصابة من بني عبد المطلب ، حتى أتى المسجد وهو حافل في قريش . فلما رأوهم ظنوا أنهم خرجوا من شدة الحصار وأتوا ليعطوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم أبو طالب . فقال قد حدث أمر . لعله أن يكون بيننا وبينكم صلحا . فأتوا بصحيفتكم - وإنما قال ذلك خشية أن ينظروا فيها قبل أن يأتوا بها ، فلا يأتون بها - فأتوا بها معجبين . لا يشكون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مدفوع إليهم قالوا : قد آن لكم أن تفيئوا وترجعوا خطرا لهلكة قومكم .

فقال أبو طالب : لأعطينكم أمرا فيه نصف . إن ابني أخبرني - ولم يكذبني - أن الله عز وجل بريء من هذه الصحيفة التي في أيديكم وأنه محا كل اسم له فيها ، وترك فيها غدركم وقطيعتكم . فإن كان ما قال حقا ، فوالله لا نسلمه إليكم حتى نموت عن آخرنا . وإن كان الذي يقول باطلا ، دفعناه إليكم فقتلتموه . أو استحييتموه . قالوا : قد رضينا . ففتحوا الصحيفة فوجدوها كما أخبر . فقالوا : هذا سحر من صاحبكم فارتكسوا وعادوا إلى شر ما هم عليه . فتكلم عند ذلك النفر الذين تعاقدوا - كما تقدم - وقال أبو طالب شعرا يمدح النفر الذين تعاقدوا على نقض الصحيفة . ويمدح النجاشي ، منه
جزى الله رهطا بالحجون تتابعوا


على ملأ يهدى بحزم ويرشد
أعان عليها كل صقر كأنه


إذا ما مشى في رفرف الدرع أجرد
قعودا لدى جنب الحجون كأنهم


مقاولة بل هم أعز وأمجد

وأسلم هشام بن عمرو يوم الفتح . وخرج بنو هاشم من شعبهم وخالطوا الناس . وكان خروجهم في سنة عشر من النبوة . مات أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر .
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

موت خديجة وأبي طالب

وماتت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها بعد موت أبي طالب بأيام . فاشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه بعد موت خديجة وعمه وتجرءوا عليه وكاشفوه بالأذى . وأرادوا قتله . فمنعهم الله من ذلك .
قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما " حضرتهم . وقد اجتمع أشرافهم في الحجر . فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالوا : ما رأينا مثل صبرنا عليه سفه أحلامنا . وشتم آباءنا . وفرق جماعتنا ، فبينما هم في ذلك . إذ أقبل . فاستلم الركن . فلما مر بهم غمزوه " . وفي حديث أنه قال لهم في الثانية
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
لقد جئتكم بالذبح
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وأنهم قالوا له يا أبا القاسم ما كنت جهولا . فانصرف راشدا .
فلما كان من الغد اجتمعوا فقالوا : ذكرتم ما بلغ منكم حتى إذا أتاكم بما تكرهون تركتموه . فبينما هم كذلك . إذ طلع عليهم فقالوا : قوموا إليه وثبة رجل واحد . فلقد رأيت عقبة بن أبي معيط آخذا بمجامع ردائه وقام أبو بكر دونه وهو يبكي . يقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ . وفي حديث أسماء
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فأتى الصريخ إلى أبي بكر . فقالوا : أدرك صاحبك ، فخرج من عندنا وله غدائر أربع فخرج وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ فلهوا عنه وأقبلوا على أبي بكر . فرجع إلينا لا يمس شيئا من غدائر إلا رجع معه
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.
ومرة كان يصلي عند البيت ، ورهط من أشرافهم يرونه فأتى أحدهم بسلا جزور . فرماه على ظهره . وكانوا يعلمون صدقه وأمانته . وأن ما جاء به هو الحق . لكنهم كما قال الله تعالى ( 6 : 33 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وذكر الزهري : أن أبا جهل . وجماعة معه وفيهم الأخنس بن شريق ، استمعوا قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل فقال الأخنس لأبي جهل يا أبا الحكم : ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا . وحملوا فحملنا . وأعطوا فأعطينا . حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان . قالوا : ما نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذا ؟ والله لا نسمع له أبدا . ولا نصدقه أبدا " .
وفي رواية " إني لأعلم أن ما يقول حق ، ولكن بني قصي قالوا : فينا الندوة فقلنا : نعم . قالوا : وفينا الحجابة فقلنا : نعم . قالوا : فينا السقاية . فقلنا : نعم . وذكر نحوه " .
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

سؤالهم عن الروح وأهل الكهف


وكانوا يرسلون إلى أهل الكتاب يسألونهم عن أمره ؟ قال ابن إسحاق عن ابن عباس : بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ، إلى أحبار اليهود بالمدينة ، فقالوا لهما : سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته . فإنهم أهل الكتاب . وعنده ما ليس عندنا من علم الأنبياء .

فخرجا حتى قدما المدينة ، فسألاهم عنه ؟ ووصفا لهم أمره . فقالت لهما أحبار اليهود : سلوه عن ثلاث . فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإلا فهو رجل منقول . سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم ؟ فإنه قد كان لهم حديث عجيب . وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها . فما كان نبؤه ؟ وسلوه عن الروح ما هو ؟ فأقبلا ، حتى قدما مكة . فقالوا : قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد . قد أخبرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها .

فجاءوا رسول الله فسألوه عما أخبرهم أحبار يهود . فجاءه جبريل بسورة الكهف فيها خبر ما سألوه عنه . من الفتية والرجل الطواف . وجاءه بقوله ( 17 : 85)
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ويسألونك عن الروح
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- الآية .


قال ابن إسحاق : فافتتح السورة بحمده وذكر نبوة رسوله لما أنكروا عليه من ذلك . فقال ( 18 : 1 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
يعني أنك رسول مني ، أي تحقيق ما سألوه عنه من نبوتك
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولم يجعل له عوجا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أي أنزله معتدلا . لا خلاف فيه - وذكر تفسير السورة - إلى أن قال ( 18 : 9 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أي ما رأوا من قدرتي في أمر الخلائق ، وفيما وضعت على العباد من حججي ما هو أعظم من ذلك وأعجب .


مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وعن ابن عباس : الذي آتيتك من الكتاب والسنة أعظم من شأن أصحاب الكهف . قال ابن عباس : والأمر على ما ذكروا . فإن مكثهم نياما ثلاثمائة سنة آية دالة على قدرة الله ومشيئته
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )


وهي آية دالة على معاد الأبدان كما قال تعالى : ( 18 : 21 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وكان الناس قد تنازعوا في زمانهم هل تعاد الأرواح وحدها ؟ أم الأرواح والأبدان ؟ فجعلهم الله آية دالة على معاد الأبدان وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقصتهم . من غير أن يعلمه بشر . آية دالة على نبوته . فكانت قصتهم آية دالة على الأصول الثلاثة الإيمان بالله . ورسوله واليوم الآخر .


ومع هذا : فمن آيات الله ما هو أعجب من ذلك . وقد ذكر الله سبحانه وتعالى سؤالهم عن هذه الآيات التي سألوه عنها ليعلموا : هل هو نبي صادق . أو كاذب ؟ فقال ( 18 : 83 - 100 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- إلى قوله -
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وقوله ( 13 : 7 - 103 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- إلى قوله -
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
والقرآن مملوء من إخباره بالغيب الماضي . الذي لا يعلمه أحد من البشر . إلا من جهة الأنبياء . لا من جهة الأولياء ولا من جهة غيرها .


وقد عرفوا أنه صلى الله عليه وسلم لا يتعلم هذا من بشر . ففيه آية وبرهان قاطع على صدقه ونبوته .
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

قول الوليد بن المغيرة في القرآن سحر


وعن ابن عباس قال
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إن الوليد بن المغيرة ، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فقال اقرأ علي . فقرأ عليه ( 16 : 90 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية فقال أعد . فأعاد . فقال والله إن له لحلاوة . وإن عليه لطلاوة . وإن أعلاه لمثمر . وإن أسفله لمغدق . وإنه ليعلو ولا يعلى عليه . وإنه ليحطم ما تحته . وما يقول هذا بشر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.


وفي رواية " وبلغ ذلك أبا جهل ، فأتاه . فقال يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا . قال ولم ؟ قال آتيت محمدا لتعوض مما قبله . قال قد علمت قريش أني من أكثرها مالا . قال فقل فيه قولا يبلغ قومك : إنك منكر له . قال ماذا أقول ؟ فوالله ما فيكم أعلم بالأشعار مني إلخ " .

وفي رواية أن الوليد بن المغيرة قال لهم - وقد حضر الموسم - " ستقدم عليكم وفود العرب من كل جانب وقد سمعوا بأمر صاحبكم . فأجمعوا فيه رأيا ، ولا تختلفوا ، فيكذب بعضكم بعضا . فقالوا : فأنت فقل . فقال بل قولوا وأنا أسمع . قالوا : نقول كاهن . قال ما هو بزمرة الكهان ولا سجعهم . قالوا نقول مجنون قال ما هو بمجنون . لقد رأينا الجنون وعرفناه . فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخالجه . قالوا : نقول شاعر . قال ما هو بشاعر . لقد عرفنا الشعر رجزه وهزجه وقريضه . ومقبوضه ومبسوطه قالوا : نقول ساحر قال ما هو بساحر . لقد رأينا السحرة وسحرهم فما هو بعقدهم ولا نفثهم قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس ؟ قال ما نقول من شيء من هذا إلا عرف أنه باطل وإن أقرب القول أن تقولوا : ساحر يفرق بين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه وبين المرء وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك . فجعلوا يجلسون للناس لا يمر بهم أحد إلا حذروه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فأنزل الله في الوليد بن المغيرة ( 74 : 11 - 26 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ذرني ومن خلقت وحيدا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- إلى قوله -
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
سأصليه سقر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
. ونزل في النفر الذين كانوا معه يصنفون القول في رسول الله وفيما جاء به من عند الله ( 15 : 91 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الذين جعلوا القرآن عضين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أي أصنافا . وكانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات فمنها ما يأتيهم الله به لحكمة أرادها الله سبحانه .
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

انشقاق القمر


فمن ذلك أنهم سألوه أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر . وأنزل قوله ( 54 : 1 - 3 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
اقتربت الساعة وانشق القمر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآيات إلى قوله
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وكل أمر مستقر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فقالوا : سحركم انظروا إلى السفار فإن كانوا رأوا مثل ما رأيتم فقد صدق . فقدموا من كل وجه . فقالوا : رأينا . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما طلب من الآيات - التي يقترحون - رغبة منه في إيمانهم فيجاب بأنها : لا تستلزم الهدى . بل توجب عذاب الاستئصال لمن كذب بها .
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

سؤالهم الآيات


والله سبحانه قد يظهر الآيات الكثيرة . مع طبعه على قلب الكافر كفرعون قال تعالى ( 6 : 109 - 111 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- إلى قوله -
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولكن أكثرهم يجهلون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وقال تعالى ( 17 : 59 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية .


بين سبحانه وتعالى : أنه إنما منعه أن يرسل بها إلا أن كذب بها الأولون فإذ كذب هؤلاء كذلك استحقوا عذاب الاستئصال . وروى أهل التفسير وأهل الحديث
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
عن ابن عباس . قال " سأله أهل مكة أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، وأن ينحي عنهم الجبال حتى يزرعوا . فقيل له إن شئت نستأني بهم وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا ، فإن كفروا هلكوا ، كما هلك من قبلهم . فقال بل أستأني بهم فأنزل الله
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية .


وروى ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية .
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
قال رحمة لكم أيها الأمة إنا لو أرسلنا بالآيات فكذبتم بها : أصابكم ما أصاب من قبلكم . وكانت الآيات تأتيهم آية بعد آية . فلا يؤمنون بها
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
قال تعالى ( 6 : 4 - 6 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآيات .


أخبر سبحانه بأن الآيات تأتيهم فيعرضون عنها ، وأنهم سيرون صدق ما جاءت به الرسل كما أهلك الله من كان قبلهم بالذنوب التي هي تكذيب الرسل فإن الله سبحانه وتعالى يقول ( 38 : 59 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية وأخبر بشدة كفرهم بأنهم لو أنزل عليهم كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لكذبوا به وبين سبحانه أنه لو جعل الرسول ملكا لجعله على صورة الرجل . إذ كانوا لا يستطيعون أن يروا الملائكة في صورهم التي خلقوا عليها . وحينئذ يقع اللبس عليهم لظنهم الرسول بشرا لا ملكا .


وقال تعالى ( 17 : 90 - 96 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآيات . وهذه الآيات لو أجيبوا إليها ، ثم لم يؤمنوا : لأتاهم عذاب الاستئصال وهي لا توجب الإيمان بل إقامة للحجة والحجة قائمة بغيرها . وهي أيضا مما لا يصلح فإن قولهم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
يقتضي تفجيرها بمكة فيصير واديا ذا زرع والله سبحانه وتعالى قضى بسابق حكمته أن جعل بيته بواد غير ذي زرع لئلا يكون عنده ما ترغب النفوس فيه من الدنيا . فيكون حجهم للدنيا .


وإذا كان له جنة من نخيل وعنب كان في هذا من التوسع في الدنيا ما يقتضي نقص درجته . وكذلك إذا كان له قصر من زخرف . وهو الذهب . أما إسقاط السماء كسفا : فهذا لا يكون إلا يوم القيامة . وأما الإتيان بالله والملائكة قبيلا ، : فهذا لما سأل قوم موسى موسى ما هو دونه أخذتهم الصاعقة . وقال تعالى ( 4 : 153 - 161 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآيات .


بين سبحانه أن المشركين وأهل الكتاب سألوه إنزال كتاب من السماء وبين أن الطائفتين لا يؤمنون إذا جاءهم ذلك وأنهم إنما سألوه تعنتا ، فقال عن المشركين ( 6 : 7 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية .


وقال عن أهل الكتاب ( 4 : 153 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فقد سألوا موسى أكبر من ذلك
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- إلى قوله -
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ميثاقا غليظا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فهم - مع هذا - نقضوا الميثاق وكفروا بآيات الله وقتلوا النبيين . فكان فيه من الاعتبار أن الذين لا يهتدون إذا جاءتهم الآيات المقترحة لم يكن في مجيئها منفعة لهم بل فيها وجوب عقوبة عذاب الاستئصال إذا لم يؤمنوا ، وتغليظ الأمر عليهم . كما قال تعالى ( 4 : 160 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فبظلم من الذين هادوا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية . فكان في إنزال مثل هذه أعظم رحمة وحكمة .


ولما طلب الحواريون من المسيح المائدة كانت من الآيات الموجبة لمن كفر بها عذابا ، لم يعذب الله به أحدا من العالمين . وكان قبل نزول التوراة يهلك الله المكذبين بالرسل بعذاب الاستئصال عاجلا . وأظهر آيات كثيرة لما أرسل موسى ليبقى ذكرها في الأرض . إذ كان بعد نزول التوراة لم يهلك أمة بعذاب الاستئصال . كما قال تعالى ( 28 : 43 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
بل كان بنو إسرائيل لما كانوا يفعلون ما يفعلون - من الكفر والمعاصي - يعذب الله بعضهم ويبقي بعضهم إذ كانوا لا يتفقون على الكفر ولم يزل في الأرض منهم أمة باقية على الصلاح . قال تعالى ( 7 : 168 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية وقال ( 3 : 113 ، 114 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآيتين .


وكان من حكمته تعالى ورحمته - لما أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين - أن لا يهلك قومه بعذاب الاستئصال بل عذب بعضهم بأنواع العذاب كالمستهزئين الذين قال الله فيهم ( 15 : 95 ، 96 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إنا كفيناك المستهزئين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآيات . والذي دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلط عليه كلبا من كلابه فافترسه الأسد كما قال تعالى ( 9 : 52 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية . فأخبر سبحانه أنه يعذب الكفار تارة بأيدي المؤمنين بالجهاد والحدود وتارة بغير ذلك .


فكان ذلك مما يوجب إيمان أكثرهم كما جرى لقريش وغيرهم . فإنه لو أهلكهم لبادوا ، وانقطعت المنفعة بهم ولم يبق لهم ذرية تؤمن بخلاف ما عذبهم به من الإذلال والقهر فإن في ذلك ما يوجب عجزهم والنفوس إذا كانت قادرة على كمال أغراضها ، فلا تكاد تنصرف عنها . بخلاف عجزها عنها . فإنه يدعوها إلى التوبة كما قيل من العصمة أن لا تقدر ولهذا آمن عامتهم . وقد ذكر الله في التوراة لموسى

" إني أقسي قلب فرعون . فلا يؤمن بك لتظهر آياتي وعجائبي " .

بين أن في ذلك من الحكمة انتشار آياته الدالة على صدق أنبيائه في الأرض إذ كان موسى أخبر بتكليم الله له وبكتابة التوراة له فأظهر له من الآيات ما يبقى ذكره في الأرض . وكان في ضمن ذلك من تقسية قلب فرعون ما أوجب هلاكه وهلاك قومه . وفرعون كان جاحدا للصانع . فلذلك أوتي موسى من الآيات ما يناسب حاله .

وأما بنو إسرائيل - مع المسيح - فكانوا مقرين بالكتاب الأول . فلم يحتاجوا إلى مثل ما احتاج إليه موسى . ولم يكن محتاجا إلى جنس تقرير النبوة إذ كانت الرسل قبله جاءت بما يثبت ذلك . وإنما الحاجة إلى تثبيت نبوته . ومع هذا فقد أظهر الله على يديه من الآيات مثل آيات من قبله وأعظم ومع هذا لم يأت بآيات الاستئصال . بل بين الله في القرآن أنها لا تنفعهم بل تضرهم . لأنه علم أن قلوبهم كقلوب الأولين . كما قال تعالى ( 51 : 52 ، 53 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية وقال تعالى ( 2 : 118 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية وقال تعالى ( 54 : 43 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أكفاركم خير من أولئكم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
؟ الآية وسورة اقتربت التي ذكر فيها انشقاق القمر وإعراضهم عن الآيات وقولهم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
سحر مستمر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وقال فيها ( 54 : 4 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أي يزجرهم عن الكفر زجرا شديدا ، إذ كان في تلك الأنباء صدق الرسل والإنذار بالعذاب الذي وقع بالمتقدمين . ولهذا يقول عقيب كل قصة
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فكيف كان عذابي ونذر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أي عذابي لمن كذب رسلي ، وإنذاري لهم بذلك قبل مجيئه .


ثم قال
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أكفاركم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أيتها الأمة
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
خير من أولئكم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الذي كذبوا الرسل من قبلكم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أم لكم براءة في الزبر ؟ أم يقولون نحن جميع منتصر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
؟ وذلك أن كونكم تعذبون مثلهم . إما لكونكم لا تستحقون ما استحقوا ، أو لكون الله أخبر أنه لا يعذبكم فهذا بالنظر إلى فعل الله . وأما بالنظر إلى قوة الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه . فيقولون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
نحن جميع منتصر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فإنهم أكثر وأقوى ، كما قالوا ( 19 : 73 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- إلى قوله -
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أثاثا ورئيا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أي أموالا ومنظرا .


فقال تعالى ( 54 : 45 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
سيهزم الجمع ويولون الدبر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم بهزيمتهم وهو بمكة في قلة الأتباع وضعف منهم . ولا يظن أحد - قبل أن يهاجر - بالعادة المعروفة أن أمره يعلو ، ويقاتلهم . فكان كما أخبر . وذلك ببدر وتلك سنة الله . كما قال تعالى ( 48 : 33 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
سنة الله التي قد خلت من قبل
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية . وحيث يظهر الكفار ويغلبون فإنما يكون ذلك لذنوب المؤمنين التي أوجبت نقص إيمانهم فإذا تابوا نصرهم الله كما قال تعالى ( 3 : 139 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فإذا كان من تمام الحكمة والرحمة أن لا يهلكهم بالاستئصال كالذين من قبلهم قال تعالى
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
كان لا يأتي بموجب ذلك مع إتيانه سبحانه بما يقيم الحجة أكمل في الحكمة والرحمة إذ كان ما أتى به حصل به كمال الهدى والحجة وما امتنع منه دفع من عذاب الاستئصال ما أوجب بقاء جمهور الأمة حتى يهتدوا ويؤمنوا .


وكان في إرسال خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم من الحكمة البالغة والمنن السابغة ما لم يكن في رسالة غيره . صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
 
الوسوم
الرسل الله سـيرة صلى عليهم مختـصر وسلم
عودة
أعلى