مرايا الحياة

املي بالله

نائبة المدير العام
مرايا الحياة

لم تعد هناك سوي ساعات قليلة وتشرق بعدها شمس صباح اليوم التالي ولم يغمض لي جفن ولم أنجز ما طلبه مني مديري ، تلك الدقائق اللعينة تمضي بسرعة خاطفة كالبرق ، لا أعرف كيف سأتصرف !!! هواجس يرددها (( ليث )) موظف في أحد الدوائر ، شاب يتمتع بجميع صفات الشباب التي من المفروض أن يتمتع بها كل شاب ، من حيث الحيوية والنشاط ، والطموح ، والسرعة، وغيرها من صفات الجيل الجديد، ولكن للأسف ((ليث)) من الفئة التي يعتصر قلبك لها عندما تدري عن حالته . يستيقظ ((ليث)) كل صباح للذهاب للعمل متثاقلاً، متأخراً ،كئيباً،متململا، ومن حسن حظه بأن عملة بالقرب من منزلة، ومع ذلك مسجل في دفتره التأخير ، مع إعطاءه إنذار بذلك، ومكلف بإعمال بسيطة في عملة ليست بالعمل الشاق أو المتعب ، ومع ذلك تلقاه متذمراً غاضباً ، يعمل مع مجموعة من الشباب في مثل عمره ، ولكل منهم أحلامه وطموحه وآماله ، ومشاكله ، إلا (( ليث )) يعيش بدون آمال ولكن يعيش بآلالام ، ولكنه لا يكترث لها ، يعيش بعالم يحيط به وحده مسجون بأسوار خاصة، وزوايا منفردة عن العالم ا لمحيط ، ومن منا لا يعيش ضغوطات الحياة ؟ولكن نتعايش معها ونحاول أن نتقبلها ونجد لها الحلول المناسبة ونسعى لتحقيق الأفضل منها . أما (( ليث )) فأنه ينظر للدنيا بمنظار أخر، مختلف تماما ً عن البقية. وذات يوم بينما يجلس كعادته في مكتبه والنعاس يغلب عليه. أخذ ورقة وقلم وقام برسم دوائر ومربعات وأشكال وكلمات وأرقام وحروف غير مفهومة بالنسبة له ولغيره ، وإذا به يعيش بخياله مع دوامة الرسومات والأرقام ، دخل في عالم الدائرة وجد نفسه يدور في مدارها ولا يستطيع الخروج منها ، ودخل بين مربع ومستطيل وجد نفسه يتخبط بين زواياها ، بدأ بأرقام وجد ليس لها حد ونهاية، أتجه ألي حروف وكلمات مبعثرة وجد نفسه تافها بين سطور وعبارات كتبها ولم يدري ما معناها وإن كانت تخصه أم لرسم خطوط وجدها بين المستقيمة والمنحنية والمتوازية لا يعرف أي منها يكمل أو يتبعها ، وإن تبعها وجد بعضاً منها ليس له بداية ونهاية ، وظل (( ليث )) غارقا فيها متخبطا ً في محاورها. سأل نفسه (هل هذا الحال بالنسبة لحياتي والوضع الذي أعيشه؟؟!! وهل سيستمر بي الحال بتلك الطريقة؟؟!! أفاق (( ليث )) من خياله علي صوت أفزعه في العمل ، كان موظفوا المؤسسة قد فزعوا من أماكنهم للخارج ياتر ي ما الذي حصل؟ سمع ((ليث)) بان أحد أصدقاءه بالعمل قد تعرض لحادثة أثناء تأدية واجبه وهو من أقرب الأصدقاء إلي قلب ((ليث)) ((كريم)) شاب طموح كثير العمل ومكافح يعيل والدته وأخواته الثلاث يعمل في قسم خاص بالميكانيكا التابعة للدائرة يتمتع بأخلاق عاليه أكسبته الود والاحترام بين أصحابه ومديره في العمل طلبت سيارة الإسعاف لنقل ((كريم )) إلي المستشفي لان أصابته خطيرة وأضطر ((ليث)) للذهاب معه للاطمئنان عليه ولمواساة عائلته وحق من حقوق ألصداقه التي يجهلها الكل في هذا الزمن أدخل ((كريم )) إلي غرفة العمليات وأجريت له عملية احتاجت إلي بتر اليد اليمني لما أصابها من عطل شديد أستدعى هذا الأمر الموقف رهيب عندما سمعت أسرته بذلك . هل تتخيل مدي الحزن الذي خيم علي ذلك المكان حينها .؟ والجمود الذي أصاب والدته وأخواته؟؟ والدهشة الغريبة التي بدت علي وجه ((ليث))؟؟ وأخذته الرجفة والدموع تتحجر في مقلتيه . وأصابه الوهن والضعف ولم يقوى علي الوقوف . اتكأ بعدها علي رجليه ولم تستطيع حمله علي ضعف بنيته. وأخذت الهواجس والأفكار تدور وتدور ولم يجد منها مفر ولا سبيلاً للخلاص منها. أين أنت من ((كريم )) والذي حصل له؟ أين هي عائلتك من عائلة لن تجد ال معيل لها؟ أين أنت من الوضع الساحق الذي سيعيشه ذلك الشاب بعد أن فقد أحد أطرافه وأحد دعائم القوه بالنسبة له؟؟؟؟ ((ليث)) أفق من غفلتك وانظر حولك ؟ أنظر لحالك واحمد الله علي ما أنت به من نعمه؟ لديك شبابك وصحتك وعملك وأسرتك..... والخ من نعم ربك عليك . وانظر ما أنت فاعل بها؟؟؟ يقول الله تعالي في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم \"وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون\"( التوبة :105). صدق الله العظيم هكذا أصلحت تلك الشخبطات ما أفسده ليث في حياته من تقاعس وتكاسل وتهاون في العمل والحياه وأخذ ينظر للحياة بمنظور. آخر أكثر طموح وأكثر جديه أما ((كريم )) فقد عاش بيد واحده ولكن بنفس الدافعية والطموح والاندفاع القديم والإصرار علي المتابعة مهما كانت الظروف للعلم
 
الوسوم
الحياة مرايا
عودة
أعلى