عرش الرحمن
إنّه ليهولك عِظَمُ عرش الباري - سبحانه -، وعظيم سعته ، وما جاء من كريم صفته ، مما يدفعك لتصاغر ذاتك أمام عظمة مخلوقاتِ اللّه ، وبديع صُنعهِ ، فتزدّاد إيماناً إلى إيمانك ، وإخباتاً إلى إخباتك ! ، فقد استوى ربُّك على أوسع مخلوقاته بأوسع صفاته " الرحمنُ على العرشِ استوى " ! .
يقول ابن القيم : " فاستوى على عرشه باسمِ الرحمن ، لأن العرش محيطٌ بالمخلوقاتِ قد وسعها ! ، والرّحمة محيطةٌ بالخلقِ واسعةٌ لهم " . (1-57) . فاقتضى كمال السُؤدد والسيادة ، غاية الرحمة بالخلق ، لتلازميّة الربوبية والعبادة ، ففي ذلك إشارة للعباد بابتغاء الرّحمة لمن بيده مقاليدُ كلّ شيءٍ وهو مستوٍ على العرشِ ، فتأمل .
* والعرش يا أخي في اللغة : سريرٌ للمَلِك ،
، وكل ما ارتفع في شيء مبني ، وفي ذلك يقول سبحانه : "إني وجدّتُ امرأةً تملكهم وأوتيت من كل شيءٍ ولها عَرشٌ عظيمٌ " .( النمل :23) ، وقوله : " ورفعَ أبويه على العَرشِ " . (يوسف :100) .
- ويكون العرش ذا قوائم ..ومنه قوله تعالى " وهو الذي أنشأ جنّاتٍ مَعرُوشاتٍ وغير مَعرُوشاتٍ " . (الأنعام : 141) .
- أي جنات على ساق كالنّخل ، وجنّات بلا ساق كالبطيخ وغيره -
فإذا علمنا ذلك ، أدركنا أن عرشُ الرحمنِ هو سريرٌ له قوائم قد استوى الرحمن عليه ، وقد أشار النّبي - صلّى اللّهُ عليه وسلّم - إلى ذلك فقال : " الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور". بخاري (3217) .
- العظمة والمهابة والكِبر :
فقد قال الله "فإن تولّوا فقل حسبي اللّه لا إله إلا هو عليه توكّلتُ وهو ربُّ العرشِ العظيمِ " التوبة (129).
واكتسب العرش هذه المهابة والعظمة والكِبَر ، لمّا اصطفاه اللّه الكبيرُ المُتعال - سبحانه - ، ذو الكبرياء والعظمة ! .
فهذا العرش ، فكيف بخالقه - سبحانه -
لا إله إلا هو .
- ومن صفة العرشِ أنه كريم : مُنزّه عن المعائب ، قد شرُفَ في نفسه ، يقول اللّه : " فتعالى اللّه المّلِكُ الحقّ لا إلهَ إلا هو ربُّ العرشِ الكريمِ " .المؤمنون (116).
قال القرطبي " ليس في القرآن غيرها". (12-157).
ومعنى كونه كريماً : أي حسن المنظر ، بهيّ الشكل ، كما قال تعالى : " فأنبتنا فيها من كلّ زوجٍ كريمٍ " . (ابن كثير -5/500) .
واتّصف العرش بذلك ؛ باستواء الكريم الرحمن - سبحانه - عليه ، فاكتسب كل كمالٍ ، وشرفٍ ، وبهاءٍ ! .
وفي الحديث "... قالوا جئناك نسألك عن هذا الأمر ، قال صلى اللّه عليه وسلّم : "كان اللّه ولم يكن شيءٌ غيره ، وكان عرشه على الماءِ ، وكتبَ في الذّكرِ كلّ شيءٍ ، وخلقَ السماواتِ والأرض " . بخاري (3019).
قال الدارمي : "ففي قول اللّه تعالى ، وحديث رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلّم - دلالة ظاهرة أن العرش كان مخلوقاً على الماءِ إذ لا أرضَ ولا سماء ... ! " . الرد على الجهميّة (32).
- فبناءً على هذا يمكن القول بأن العرش والماء أوائل مخلوقات هذا العالم .
الظّاهرُ أنّ بينهما تباينٍ ، فقد جاء في حديثٍ مرفوعٍ إلى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قوله : " ما السماوات السبع في الكرسيّ إلا كحلقةٍ بأرضٍ فلاةٍ ! ، وفضلُ العرشِ على الكرسيّ ، كفضلِ تلك الفلاةِ على تلك الحَلقةِ".
قال الألباني : " لا يصح في صفة الكرسي غير هذا الحديث وأنه أعظم المخلوقات بعد العرش وأنه جرم قائم بنفسه وليس شيئاً معنوياً.." .الصحيحة - مختصرة - (109) .
وانظر الصحيحة (1-108).
- ونجد هذا بيّناً في قوله تعالى" وسعَ كُرسيّه السماواتِ والأرضَ ولا يؤوده حفظهما وهو العَليُّ العظيمُ " . البقرة (255) .
فإذا وسع الكرسيُّ السماواتِ والأرضَ ! فكيف بالعرش ؟ ، وإذا وسع العرشِ الكرسيّ والسماوات والأرض فكيف بخالقهما ؟
فعلى هذا ينبغي للمرءِ أن يستصّغِرَ نفسه عند عظم من يعصي ! ، فقد قال بعض السلف :" لا تنظر إلى صِغَرِ المعصية ! ، ولكن انظر الى عظم من عصيت ! " .
فقد أخبرنا اللّه - جلّ في علاه - عن حال حملة العرش فقال : " الذين يحملونَ العرشَ ومن حوله يسبحونَ بحمدِ ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربّنا وسعتَ كلّ شيءٍ رحمةً وعلماً فاغفر للذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقِهم عَذابَ الجحيم ". غافر
7) .
وقد أذن اللّه لنبيّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أن يحدّث عن شيءٍ من أحوال حملة العرش فقال : " أُذِنَ لي أن أحدّثَ عن مَلَكٍ من ملائكة اللّه - تعالى - من حملةِ العَرشِ ؛ إنّ ما بين شحمةِ أُذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " . ابوداود (4729).
بل جميع المخلوقاتِ مُحتاجةٌ إليه ، ولكنّ اللّه يفعل ما يريد ، وأفعاله كلها حكمة ، كما ويحبّ منهم المسارعة لأمره ، والثناء عليه ، وطلب الزلفى والقربة ، وعبادته بما هو أهله ! .
فاللّه غني عنّا ، وقد استوى على عرشه بقدرته وقوته وحكمته
- وفي هذا يقول الدارمي : " إن اللّه أعظم من كل شيءٍ ، وأكبرُ من كل خَلقٍ ، ولم يحتمله العرش عظماً ولا قوةً ، ولا حملة العرش احتملوه بقوتهم ! ، ولا استقلّوا بعرشه بشدة أسرهم ! ،ولكنّهم حملوه بقدرته ومشيئته وإرادته وتأييده ؛ لولا ذلك ما أطاقوا حمله !، وقد بلغنا أنهم حين حملوا العرش وفوقه الجبّار في عزّته وبهائه ضعفوا عن حمله ! ، واستكانوا ، وجثوا على ركبهم حتى لقِّنوا لا حول ولا قوة إلا بالله ! فاستقلوا به بقدرة اللّه وإرادته ، لولا ذلك ما استقل به العرش ولا الحملة ولا السموات والأرض ولا من فيهن ...
" نقض الدارمي (1-458) .
إنّه ليهولك عِظَمُ عرش الباري - سبحانه -، وعظيم سعته ، وما جاء من كريم صفته ، مما يدفعك لتصاغر ذاتك أمام عظمة مخلوقاتِ اللّه ، وبديع صُنعهِ ، فتزدّاد إيماناً إلى إيمانك ، وإخباتاً إلى إخباتك ! ، فقد استوى ربُّك على أوسع مخلوقاته بأوسع صفاته " الرحمنُ على العرشِ استوى " ! .
يقول ابن القيم : " فاستوى على عرشه باسمِ الرحمن ، لأن العرش محيطٌ بالمخلوقاتِ قد وسعها ! ، والرّحمة محيطةٌ بالخلقِ واسعةٌ لهم " . (1-57) . فاقتضى كمال السُؤدد والسيادة ، غاية الرحمة بالخلق ، لتلازميّة الربوبية والعبادة ، ففي ذلك إشارة للعباد بابتغاء الرّحمة لمن بيده مقاليدُ كلّ شيءٍ وهو مستوٍ على العرشِ ، فتأمل .
* والعرش يا أخي في اللغة : سريرٌ للمَلِك ،
، وكل ما ارتفع في شيء مبني ، وفي ذلك يقول سبحانه : "إني وجدّتُ امرأةً تملكهم وأوتيت من كل شيءٍ ولها عَرشٌ عظيمٌ " .( النمل :23) ، وقوله : " ورفعَ أبويه على العَرشِ " . (يوسف :100) .
- ويكون العرش ذا قوائم ..ومنه قوله تعالى " وهو الذي أنشأ جنّاتٍ مَعرُوشاتٍ وغير مَعرُوشاتٍ " . (الأنعام : 141) .
- أي جنات على ساق كالنّخل ، وجنّات بلا ساق كالبطيخ وغيره -
فإذا علمنا ذلك ، أدركنا أن عرشُ الرحمنِ هو سريرٌ له قوائم قد استوى الرحمن عليه ، وقد أشار النّبي - صلّى اللّهُ عليه وسلّم - إلى ذلك فقال : " الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور". بخاري (3217) .
صفة العرش :
فقد قال الله "فإن تولّوا فقل حسبي اللّه لا إله إلا هو عليه توكّلتُ وهو ربُّ العرشِ العظيمِ " التوبة (129).
واكتسب العرش هذه المهابة والعظمة والكِبَر ، لمّا اصطفاه اللّه الكبيرُ المُتعال - سبحانه - ، ذو الكبرياء والعظمة ! .
فهذا العرش ، فكيف بخالقه - سبحانه -
لا إله إلا هو .
- ومن صفة العرشِ أنه كريم : مُنزّه عن المعائب ، قد شرُفَ في نفسه ، يقول اللّه : " فتعالى اللّه المّلِكُ الحقّ لا إلهَ إلا هو ربُّ العرشِ الكريمِ " .المؤمنون (116).
قال القرطبي " ليس في القرآن غيرها". (12-157).
ومعنى كونه كريماً : أي حسن المنظر ، بهيّ الشكل ، كما قال تعالى : " فأنبتنا فيها من كلّ زوجٍ كريمٍ " . (ابن كثير -5/500) .
واتّصف العرش بذلك ؛ باستواء الكريم الرحمن - سبحانه - عليه ، فاكتسب كل كمالٍ ، وشرفٍ ، وبهاءٍ ! .
# متى خُلقَ العرش؟ :
قال اللّه: "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا...". (هود :7).وفي الحديث "... قالوا جئناك نسألك عن هذا الأمر ، قال صلى اللّه عليه وسلّم : "كان اللّه ولم يكن شيءٌ غيره ، وكان عرشه على الماءِ ، وكتبَ في الذّكرِ كلّ شيءٍ ، وخلقَ السماواتِ والأرض " . بخاري (3019).
قال الدارمي : "ففي قول اللّه تعالى ، وحديث رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلّم - دلالة ظاهرة أن العرش كان مخلوقاً على الماءِ إذ لا أرضَ ولا سماء ... ! " . الرد على الجهميّة (32).
- فبناءً على هذا يمكن القول بأن العرش والماء أوائل مخلوقات هذا العالم .
# أين العرش؟ :
عرشُ الرحمنِ فوقَ السّماواتِ السّبعِ ، وهو سقفُ المخلوقاتِ ، قال صلّى اللّه عليه وسلّم : " إنّ في الجنّة مائة درجة أعدّها اللّه للمجاهدين في سبيله ؛ كل درجتين ما بينهما كما بين السماءِ والأرضِ ، فإذا سألتم اللّه فسلوه الفردوسَ ، فإنه أوسط الجنّة ، وأعلى الجنّة وفوقه عرشُ الرحمنِ ، ومنه تفجّر أنهار الجنّة ". بخاري (6987).# هل العرش والكرسيّ ، واحد ؟ :
قال الألباني : " لا يصح في صفة الكرسي غير هذا الحديث وأنه أعظم المخلوقات بعد العرش وأنه جرم قائم بنفسه وليس شيئاً معنوياً.." .الصحيحة - مختصرة - (109) .
وانظر الصحيحة (1-108).
- ونجد هذا بيّناً في قوله تعالى" وسعَ كُرسيّه السماواتِ والأرضَ ولا يؤوده حفظهما وهو العَليُّ العظيمُ " . البقرة (255) .
فإذا وسع الكرسيُّ السماواتِ والأرضَ ! فكيف بالعرش ؟ ، وإذا وسع العرشِ الكرسيّ والسماوات والأرض فكيف بخالقهما ؟
فعلى هذا ينبغي للمرءِ أن يستصّغِرَ نفسه عند عظم من يعصي ! ، فقد قال بعض السلف :" لا تنظر إلى صِغَرِ المعصية ! ، ولكن انظر الى عظم من عصيت ! " .
# حملة العرش :
وقد أذن اللّه لنبيّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أن يحدّث عن شيءٍ من أحوال حملة العرش فقال : " أُذِنَ لي أن أحدّثَ عن مَلَكٍ من ملائكة اللّه - تعالى - من حملةِ العَرشِ ؛ إنّ ما بين شحمةِ أُذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " . ابوداود (4729).
# هل الله تعالى محتاج الى العرش؟
فاللّه غني عنّا ، وقد استوى على عرشه بقدرته وقوته وحكمته
- وفي هذا يقول الدارمي : " إن اللّه أعظم من كل شيءٍ ، وأكبرُ من كل خَلقٍ ، ولم يحتمله العرش عظماً ولا قوةً ، ولا حملة العرش احتملوه بقوتهم ! ، ولا استقلّوا بعرشه بشدة أسرهم ! ،ولكنّهم حملوه بقدرته ومشيئته وإرادته وتأييده ؛ لولا ذلك ما أطاقوا حمله !، وقد بلغنا أنهم حين حملوا العرش وفوقه الجبّار في عزّته وبهائه ضعفوا عن حمله ! ، واستكانوا ، وجثوا على ركبهم حتى لقِّنوا لا حول ولا قوة إلا بالله ! فاستقلوا به بقدرة اللّه وإرادته ، لولا ذلك ما استقل به العرش ولا الحملة ولا السموات والأرض ولا من فيهن ...
" نقض الدارمي (1-458) .