بكائي

املي بالله

نائبة المدير العام
بكائي


.

.


هَكَذا..




وُجِدْتُ عَلَىْ رَصِيْفٍ لَم يُكْنَس مِنَ الغُبَارِ حَتّىْ..



تُرِكْتُ فيْ سَاعَةٍ مُتَأخّرَةٍ مِنَ النّدَم..


وَبِبِدْعَةٍ كُفِّرَ عَنْهَا بـِ مُوْبِقَةٍ أشّدُّ ذَنْباً..


تُرِكْت..

.


.


.





لا أَذْكُرُ تِلْكَ الليْلَة!


لكنِّيْ أسْتَطِيْعُ تَخَيُّلَهَا..


..


(جَاءت \ جَاء) بنظراتٍ هاربَة لا تستقر أبداً..

بخوفٍ يراقب اللاشيء..

وبـِ خَطَوَاتٍ لا تَكاد تلِمس الأرض..

لَفَظَتْنِيْ من دفء أحضانها ..

فِيْ لَيْلَةٍ لم تَعْرِفِ القَمَر..

فِيْ وَحْشَةِ السُّكُوْن..

وقَبْلَتْنِيْ بـِ شِفَاهٍ كَاذِبَة..باردة..

قبْلةٍ فارغةٍ من كل شيء..

فقط لتشعرها هي بتحسنٍ وقِلَّةِ نَدم..


بَعْدَ وَضعِيْ هناك..

وبـِ حرْفَنَةِ لص..

وَكأن شيئا لا يَعنيها..


مشت بثقةٍ ولم تلتفت لي أبداً..


..


أَتَخيَّلُ أنّيْ لمْ أبْكِيْ ..


بَل انْتَظَرْتُ حَتّىْ بالغ البردُ قَرْساً..


وبَعْدَها قَاطَعتُ سُكُوْن تلك الليلَة..بـ (بُكاءَةٍ مُتَقَطِّعَة!)

بَعْد أن كُنْتُ انتظرها لـ تعود ..

وتطرد البردَ أمًّا..

.

.


لم تُمْطِرُ السَّماءَ شَمْساً..ولم تُنْبِتُ الأرضَ حُضْناً..


بَعدها بـ قليل..


أعلنت صراخي فيْسُكوْنِ تلك الليلَةِ ووحْشَتِها..


بَعد أن هَدَأتِ الدُمُوْع سَكباً..

وتآكَلَ صَوْتِيْ تَدْرِيْجِيا..


حُجِبَت إضَاءةُ ذلك العمود عني بـِ هَامة!


كَانَ رَجلاً قد بَالغ الشَّيْبُ فيْ لِحْيَتِه..

نظر إليَّ بـِ نظرةِ بُهْتَانٍ لا تَحْمِلُ قلبا..


رفَعنِيْ بـِ هُدوءٍ مُرِيْب..


نظر إليَّ نَظْرَةً تُقُول من أنت..وماذا أفعل بِك؟


ومَشَىْ بِيْ بِعْضَ خَطَوَاتٍ رَكِيْكَةَ الثبات..قد أخَلَّ تَوازنها كِبَرُ سنه..




.

.
بكائي


يا الهي..


يا الهي كَأن الأرضَ ترتفِعُ بِيْ..


..وَتتغير الأجواء والأضواء فجأةً..


أدركت حينها أنه كان يصعد بي عتبةَ بيته..


..


..مَلامِحُ بَيْتٍ أكلها الدهر..



وعجوزٌ تقف على أول السلم..



كانت ممسِكَةً بـِ بياضَ جَدِيْلتها اليسرى بيمينها..



ملامحها كشعرها .. بيضاء .. بَيْضَاء!


تهادت ببطءٍ لا تمك غيره..


حملتني منه وبلا حَدِيْثٍ دار بَيْنَهُمَا..

يصعد بـِ فظاظَةِ كُله ويختفي..


وتلك المسكينةُ تدور بي في ضِيْقِ مَسْكَنها..


أثارت الدفء فيّ .. واسكتت ضمأي وجوعي بـِ رَغِيْفِ أم!

..

تَفاصيل الليلة تنقضي بروتينيةٍ لا تذكر.

وتَنَفّسَ صَباحي بـِ زعيق الرجل الكهل..

وقد أخذ قراره بأخذي إلى .. إلىْ.. لم أكن أدري..


تقبِّلُ يده تلك البيضاء..وتطالبه بأن يكون إنساناً..


وأن يتركني لها.. ولكني لم أكن أملك ما يكفي من الحظ..



يمتنع عن الحديث بعدها ويأخذني بطريقةٍ مختلفَةٍ عن هدوء البارحة..

حملني بسرعةٍ إلىْ الخارج


ولا أفتح عيني إلا وبـِ جواري الكثير ممن يُشبِهُنِيْ..




بُكاءٌ .. وبكاءٌ .. وأطفال...



كأن البكاء أكثر من الأطفال..لا أدري..


بعد كثير من البكاء ..

تدخل بملامحٍ تحمل علامةَ تعجبٍ عريضة..

لمَا وَكأنها غضبة؟


تسكتنا بـ شُربَة حليب..


ونسكت وكأننا اقتنعنا أو خفنا..


..


ومع مرور الأيام..


تتغير الوجوه بأطفالٍ جدد..وأطفالٍ يرحلون...



إلى أن جَاءَ دَوْرِيْ..

حَملتني ولأولِ مرةٍ بـ اهتمام..

وكأنها تروجُ سلعةً وتعرضها على أخرى..

وُقِّعت أوراق .. والكل يبتسم..


وأُخذت..


كانت انثى متهورة لم تكن تنجب..

أخذتني لأنها تَشْعُرُ بـِ الفقد..


لم تكن تجيد الأمومَةَ حقا..

لكنها تفعل ما بوسعها في أوائل الأيام..فقد كانت متحمِّسَةً جدا..

..

.
.
.

وبعرض أسبوعٍ تنقلب طقوس الاهتمام على وجهٍ آخر..

تقرر هذه أنها أخطأت في قرارها..


وأعود لدار البكاء تلك..وبسرعة تتآك الأحدث..


..


تكررت عملية أخذي ولفظ كثيراً...


ومرةً أكون القرار الخطأ .. ومرةً أكون الإختيار الخطأ..


..


مرت السنين..


وَها أنا في خريفي السابع..



سَبْعُ سنين..


وأنا تتناقلني الأيدي..و تستهلكني ذنوب البشر..

بكائي

..


لا أجيد القراءَة..

ولا أكتب حرفاً..

أسمع عن أحلامٍ زرعوها فيَّ عبثاً..


عن أني سيأخذني ذات يوم أبٌ حنون..

وأمٌّ تحتاجني بـِ قدر ما أحتاجها...

ولكن ولأن القدر يغتصب الأحلام بوحشية الواقع..


لم أعد أؤمن بـِ ها..


قررت الهرب..

وها أنا أكنس الشوارع بـِ خُطُواتي..


واسْتَوْطِنُ الأزقةَ والتحف الخرق..

وأتوسد اللا شيء..

..


إن كنت محظوظاً في طعامي..


فسأجد من مخلفات البشر .. ما أُقنِع به جوعي..


وإلا سأنام أحلم بما سأجد غداً..وأمنيتي هي رغيفٌ بالي..

أو أكثر من بقايا اسرافٍ آلَ الى حَوِيَةَ ذاك الحي الذي لا يستوعبني دائما..


..




هذا أنا الآن يا بشر..


لا أنكر أني أسرقُ إن وجدت من يشجعني من زملاء الشوارع..


وأعترف أيضا أني قَابِلٌ لـِ الانحراف في سبيل لُقْمَةٍ أكبر..




..قَد لا أكون كذلك..

فـَ بـِ حَقَّ الله!

بـِ حق إنسانيتكم..

بحق إسلامكم عليكم...

وبحق إسلامي أنا عليكم..

بـِ حق وطنيتي التي لا أجهلها..

لا تَجعلوني أنتم أبوءُ إلىْ ماقد لا أجد منهُ مَفراً
..
موضوع اعجبني فأحببت نقله اليكم
تحياتي...
 
الوسوم
بكائي
عودة
أعلى