{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ }

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
في بداية الآية يدعو اللّه المؤمنين إلى {رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} .. يُكمل الله تعالى بأن الجنة أعُدت لمن؟ {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
لنقف قليلًا على الصفتين الثانيتين، كاظميّ الغيض والعافين عن الناس. هاتان الصفتان مرتبطتان ببعضهما بشكل رهيب. كظم الغيض يعني رد غضبك في جوفك وسكوتك عنه مع أنك قادر على أن إيقاعك بمن أذاك وقادر على الرد عليه. شيء كهذا الفعل يتطلب قوة عظيمة، أن تحبس غضبك في داخلك وأنت تعلم أنك قادر على الرد بما هو أقوى و أعبر من أذى على من أساء إليك يعني أنك في زمرة الذين أعد الله لهم الجنة.
حين تقع في مواقف يُسيء إليك أحدهم فيه .. كأن يشتمك، يتجاوزك بسيارته، يظلمك معلم بتقدير أقل مما تستحق، يتعامل معك مديرك في العمل بدونية .. تذكر الجنة و أكظم غيضك وحقك سيأخذه لكَ عادل السماء والأرض .. الله.
ولأن كظم الغيض ليس بالسهل فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: “إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا أغضب أحدكم فليتوضأ”. كما ينصح رسول الله ” إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع “. (أي: يستلقي).
وإذا غضبت أذكر الله، فإن في ذكره راحه وصفاء للنفوس ويقول تعالى: “ابن آدم ، اذكرني إذا غضبت، أذكرك إذا غضبت، فلا أهلكك فيمن أهلك”
أما العفو، مع كف الشر يعفون عمن ظلمهم في أنفسهم، فلا يبقى في أنفسهم شيء على أحد، ولهذا قال (والله يحب المحسنين) فهذا من مقامات الإحسان و هو من أعلى منازل الرُقي والخُلق .. فهو صفة أهل الجنة .. ومن صفات الله ورسوله.
تكفيكم أعظم قصة عفو لتعلموا فضله ..
بعد فتح مكة وقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال لمن آذوه وحاربوه وطردوه من بلده :يا مَعْشرَ قريشٍ، ما تَظُنُّونَ أني فاعِلٌ بكُمْ؟قالوا: خيراً أخٌ كرِيمٌ، وابنُ أخٍ كريم.
قال: فإنِّي أقُول لكم كما قال يوسفُ لإخوَتِه {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ } [يوسف: 92]أذْهَبُوا فَأنْتم الطُّلَقَاء. تذكروا الجنة، ففي كظم الغيض والعفو عن الناس طريق إليها، فكونوا من أهلها.
 
بارك الله فيكم ونفع بكم

عبدالله سعد اللحيدان
مؤلّف : سلسلة ( موسوعة ) العدل والظلم ، والعدل والظلم في ميزان الإسلام . والتي سوف يسمح للجميع بنشرها وتوزيعها ، ويتمّ توزيعها مجّانا ، إن شاء الله تعالى .
 
الوسوم
النَّاسِ الْغَيْظَ عَنْ وَالْعَافِينَ وَالْكَاظِمِينَ
عودة
أعلى