تأملات قرآنية في رحاب قصة نبي الله موسى (عليه السلام)

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
دروس غيبية يتلقاها الكليم من العبد الصالح
في حياة الرسل والأولياء .. ليس هناك محطات للاستراحة .. بل وقفات لالتقاط الأنفاس ومواصلة الطريق الوعر والشاق ..فها هو نبي الله تدنو شمس عمره الشريف من الغروب .. ونفسه الكبيرة تتألم لحال قومه المعاندين الذين أتعبوه كثيرا ...كليم الله وصفيه يتسلم الأمر الألهي بأن يذهب حيث مجمع البحرين وهو ملتقى بحر فارس مع بحر الروم .. هناك سيلتقي بعبد من عباد الله الصالحين حيث سيتلقى دروس الهية بالغة الأهمية والخصوصية دروسا سيكون فيها موسى وهو الكليم وصاحب الدرجة الرفيعة بين الرسل سيكون تلميذا في المنعطف الأخير من عمره الشريف ( مع تكرار التأكيد على إن ذلك لا يعني أن الخضر (ع) كان أعلم من موسى الكليم مطلقا بل كانت دروس اختصاصية حملها الخضر (ع) لموسى لحكمة ستتضح ان شاء الله تعالى )
يمكننا تدبر مايلي من تلك الدروس الغيبية :
1. ان موسى (عليه السلام) لم يخطئ باعتراضاته على ماقام به العبد الصالح .. بل كان من واجبه الشرعي هو استشعار المخالفة للقانون الظاهري والإنكار على من يقوم بها كائنا من كان .. و باعتباره أمام الزمان والمسؤل عن حفظ النظام العام فقد وجد في تلك التصرفات مخالفة لذلك النظام وخرق للقوانين الشرعية ومن هنا كانت اعتراضاته المشروعة .
2. لقد كان في التكليف الإلهي لموسى (عليه السلام) بأن يذهب طالبا للعلم الى تلك النقطة القصية من العالم وفي نهاية عمره الشريف دلالة على شرف طلب العلم وإنه يستحق كل جهد وتضحية ..
3. إن اشتراط العبد الصالح (ع) على الكليم بعدم السؤال عما لا يجد له تفسيرا ظاهريا لديه فيه بيان لصعوبة فهم الجانب الغيبي والتعامل معه على المكلف ..
4 نستطيع ان نفهم أهمية التخصص في تحصيل المعارف والعلوم ..
5. إن العنصر الغيبي في المواقف الثلاث مثل أساسا يقوم عليه البناء الفكري والعقائدي للمؤمن شرط أن يصطحب التطبيق العملي لتلك المواقف الثلاث في حياته اليومية .. فكم من سفينة خرقت لنا وفي خرقها مصلحتنا ولم نصبر .. وكم من ولد غير صالح لم نرزق به وفيه شقاءنا ..ولم نصبر! واستعجلنا قدومه بكل ثمن وكم من ولد فقدناه وفي فقده نجاتنا ..ولم نصبر !.. وكم من وظيفة أو عمل لم نحصل عليها فلم نصبر ! وتساءلنا عن السبب وكم من رزق مخبأ لنا يبنى له جدار حفاظا عليه من قريتنا الظالمة حتى الوقت المناسب فاستبطأناه ..بقنوط وحزن واعتراض ..
6. ان الإيمان بالغيب من أهم مرتكزات العقيدة بل إنه يؤسس لكل العبادات ..ففي المواقف الثلاث اتضح أن قضية التعامل مع الجانب الغيبي أمر صعب للغاية وأن الإنسان يحتاج الكثير من الجهاد والمجاهدة والصبر والثبات والثقة بالله مدبر حكيم لطيف لما يشاء ..
7. قدمت الرحمة على العلم في ذكر النعم التي منّ الباري (عزوجل )بها على العبد الصالح في دلالة عظيمة على أن العلم وحده لايحقق الغاية الالهية مالم تكتنفه رحمة من الله تعالى تؤطره ..
 
الوسوم
السلام الله تأملات رحاب عليه في قرآنية قصة موسى نبي
عودة
أعلى