تأملات قرآنية

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
في رحاب دعاء نبي الله زكريا (عليه السلام)
ما الذي دفع زكريا (ع) أن يدعو ربه في ذلك الوقت تحديدا ..ألم يكن يدعوه من قبل وهو النبي الكريم الذي لا ينقطع عن الذكر والشكر كما هو شان أولياء الله تعالى ؟
إن هذا السؤال يفتح لنا نافذة نطل من خلالها على عالم كبير ..اسمه العلاقة مع الله (تعالى).. وتحديدا الدعاء ..ذلك الطقس العبادي الجميل .. تلك الأحاسيس المثيرة (احتياج .. إلتجاء ..تضرع ..إحساس بإن هناك كهف تأوي اليه حين يتخلى عنك الجميع ..شعور دافئ تحتمي به من برد ظلمك لنفسك أو ظلم الغير لك )..
و إذا كان لكل شيء قمة أو ذروة يصلها ..فحين يصل الإنسان الى قمة شعوره بالعجز ويسقط في يده ويدرك حجمه الحقيقي وإن هناك رب رحيم كريم قوي عزيز غني قادر لطيف لما يشاء..عندما يصل الإنسان لتلك اللحظة ويستحضر آدميته المنكسرة المقرة المذعنة قاطعا كل علائقه البشرية .. يأتي الفرج من حيث لا يحتسب ولا يتوقع ..
( نكرر ما قلناه بشأن أولياء الله تعالى أن لهم قانون قد لا نفهمه اختاروا السير بموجبه طواعية لا كرها إنهم يعيشون تلك العلاقة المنقطعة مع الحق سبحانه وتعالى دوما في كل لحظة وحين .. يستشعرون عبوديتهم وذلهم وانكسارهم واحتياجهم وفقرهم وفاقتهم .. وهذا الشعور راسخ ملتصق بأرواحهم الكبيرة وإن اضطروا لكتمانه أمام الناس وإن عاشوا في أجواء من العز والغنى والسلطان الدنيوي تبقى تلك الأجواء ظاهرية لا يمكنّوها من التغلغل لدواخلهم المقدسة التي ليس فيها سوى الله ذكرا وشكرا ومحبة وخوفا ورجاءا..يتعاملون مع المظاهر وفق قانون الابتلاء )..
لقد كان يعيش زكريا (عليه السلام ) أجواء الدعاء طوال عمره الشريف ولكنه عندما رأى ما كان عند مريم من رزق وما قالت له مريم (عليها السلام ) استلم الإشارة الإلهية وفهم ماكان يتوجب عليه ..إنه يريد أن يعلمنا درس في الدعاء كبير جدا مفاده ..إن الله (عزو جل )برحمته وكرمه هو الذي يفتح لنا نافذة الدعاء .. هو من يرشدنا الى الطريق ..إن الهام الدعاء بحد ذاته نعمة كبرى .. حتى قال بعض العارفين أنا من حرمان الدعاء أحرص من حرمان الإجابة ..فالدعاء يبقى ذلك الطقس العبادي أحد أركان الإعداد الروحي للإنسان في طريق سيره نحو التكامل ..
 
الوسوم
تأملات قرآنية
عودة
أعلى