أسباب فشل العلاج الدنيوي...الجزء الثالث

  • تاريخ البدء

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
هناك عوامل كثيرة تتحكم بالنتائج ونجاح العلاج أو فشله إضافة إلى مشيئة الله تعالى والالتزام بتطبيق الدواء بالجرعة والكيف والكم والتوقيت , ومنها أيضا عدم وجود ضغوط نفسية أو توتر أو قلق أو مشاكل أو اكتئاب شديد أو تشاؤم مطلق لدى المريض فهذا يثبط استجابة الجسم بشكل كبير , فما ننجزه عضويا بالغذاء أو الدواء ـتقوم النفس بتدميره وتخريبه وإرجاعه إلى الوراء ذلك لأن نفس الإنسان هي القيادة العليا التي تسيطر على الجهازين الرئيسين في الجسم " ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون " الذاريات , وهما الجهاز العصبي الذي يسيطر على الأعضاء بشكل سريع , والذي نشاهده أثناء عملية الكلام أو الحركة أو الركض أو انهماك الإنسان بأي عمل يراه الناس , فهذا يكون تحت قيادة الجهاز العصبي , فلا غرو إذا أن حدوث جلطة أو احتشاء دماغي من شأنه أن يعطل يدا أو رجلا أو نصفا من الجسم أو يحبس الكلام أو يعيق البلع , أما الجهاز الآخر الذي يشارك الجهاز العصبي في السيطرة على أعضاء الجسم فهو الجهاز الهرموني الذي يسيطر على الجسم وأعضائه ولكن بشكل بطيء , فنمو الطفل ناجم عن إفراز هرمون النمو ولكنه لا يتم في لحظات إنما نلاحظه على مدى شهور وسنوات , والدخول في البلوغ هو وظيفة الخصيتين عن الرجل والمبيضين عند الأنثى وما يفرزانه من هرمونات ذكرية وأنثوية على الترتيب , غير أن البلوغ لا يتم في لحظات وثواني كما يتم الكلام مثلا إنما يحتاج إلى شهور وسنوات حتى يكتمل , ولكن السؤال الهام هنا , من يسيطر على هذين الجهازين القائدين اللذين يقودان الجسم وأعضائه كاملة , الجواب هو نفس الإنسان , ولذلك ضر بنا مثلا سابقا وهو أن امرأة مرضعة إذا خافت في الظلام الحالك من كلب عوى في وجهها فجأة , فذاك الخوف النفسي كفيل بأن يثبط هرمون البرولاكتين ومن ثم تتوقف الرضاعة عندها , لأن القائد الأعلى ألا وهو النفس أصيب بالخوف والهلع , وكذلك هو الحال عند طالب مجد مجتهد درس المادة العلمية المطلوبة للامتحان وحفظها عن ظهر قلب , ولكنه فوجئ يوم الامتحان بلجنة من الممتحنين أجلسوه أمامهم وكالوا له الأسئلة تباعا تترى وأرهبوه بدلا من أن يطمئنون , فارتعب منهم , فذهبت من ذاكرته كل كلمة حفظها , وأخذ منه الخوف والتوتر وخفقان القلب وتقطع الصوت وانحباس الأنفاس كل مأخذ , وسؤالنا هنا , من ذا الذي ثبط الجهاز العصبي لهذا الطفل , فجعله في مصاف الراسبين بدلا من أن يكون في مصاف الأوائل الناجحين , بلا شك أنكم عرفتم الجواب , إنها النفس ذات القيادة العليا والتي خافت , فخاف كل من تحتها من أعضاء بما في ذلك الجهاز العصبي والذاكرة , ولعل هذا يفسر لنا قول الله سبحانه وتعالى " إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ " (11) الرعد , ولذلك فكثير من الناس يتلقى العلاج أو يتلقى الدواء أو الغذاء , وهو حاقد على هذا , ومغتاب لهذا ويكيل الكره والعداوة والبغضاء , لهذا و هذا و هذا و هذا , وما ابتلاه الله تعالى إلا ليغير ما بنفسه , وليعود عن رجزه , وليتوب عن غيه , ولكنه مصر على حقده وغيه وظلمه وغيبته ونميمته , ويتهم هو بذلك الطبيب , وكذلك يتهم الدواء وكذلك يتهم الغذاء وكذلك يتهم الأعشاب , ولم يفكر لحظة أن يغير ما بنفسه حتى يغير الله سبحانه وتعالى ما فيه , ولذلك تأملوا معي الآية السابقة إذ ختمها الله سبحانه وتعالى بقوله بعد أن ذكر تغيير ما في النفس " وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ " (11) الرعد.
والله ولي التوفيق اخوكم د جميل القدسي
1396550529521.jpg

 
الوسوم
أسباب الثالث الدنيويالجزء العلاج فشل
عودة
أعلى