التجربة الناجحة بين المرض والابتلاء ...والرضا بالقضاء

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
بين المرض والابتلاء ...والرضا بالقضاء
هي عمتي...
توفي والدها وهي لما تبلغ الثانية من عمرها ... فذاقت مرارة اليتم صغيرة ...وعاشت مع امها وإخوتها ...حتى بلغت الصبا ... كانت نشيطة جميلة ...رياضية بارعة حازت على العديد من الميداليات والكؤوس ...
ولكن سرعان ما تبين أنها عندها عيب خلقي في القلب وهي ما تزال في العشريانت من العمر ...
تابعت دراستها وعملت في سلك التعليم ... وهي في نهاية العشرينات أصيبت بمرض التصلب اللويحي ...
صارعت المرض وصارعها ...وعاشت حياتها عنيدة مقاومة للمرض محبة للحياة ... حتى أقعدها نهائياً عن المشي وكان قد بلغت الخمسين من العمر ....
أصبحت حبيسة المنزل وهي التي لم تعتد المكوث فيه لأكثر من يومين ... ولكنها تجاوزت الأمر بسرعة ... قلبها الضعيف ازداد ضعفاً .. حتى أن الأطباء قرووا أن الحاجة لعمل جرحي أمر حتمي وإلا لن تعيش أكثر من شهور عدة ... لكن الضعف العام في حسمها لا يسمح بمثل هذا العمل ....
استمرت في حياتها وهي حبيسة كرسيها وسريرها ...
لا يسمع أحد منها شكوى ...
ولا يحس من يساكنها أن عندهم مريضة في المنزل ...ابتكرت لكل شيء حلا جعلها في غنى عن عازة من حولها ...وأصبحت تتدبر كامل شؤونها ...
بل كانت الملاذ المادي والمعنوي لمن حولها ...
تجلس بالساعات على الهاتف لتحل مشكلتها صديقة الفلانية مع أولادها ... أو لتستمع لشكوى الأخرى حولها صحتها وأوجاعها ...وهي تُصبِّر هذه وتنصح تلك ...
أصبحت جسرا وممرا لكل خير ... كل من يريد دفع صدقة إو إعالة معوز يجعل ذلك عندها وهي توزع على من تعرفه من هؤلاء أو هؤلاء ..
وكل من احتاج لمساعدة مادية ... يلجا إليها ... لتسد حاجته وتكفيه ...
فإذا لم تكن في حاجة الناس ...كانت في صلاتها وقرآنها ... لم تقطع صلاة الليل يوما ... رغم صعوبة وضوءها وحركتها ...تختم في الشهر ختمتين أو ثلاث ...تصوم من الشهر ثلاثاً على ضعفها ....ولاتقطع ذلك ...
بقيت مقعدة على حالها لاربعة عشر عاما ...حتى عجز قلبها الضعيف عن تحمل مرض شديد أصابها ... حيث توفاها الله لرحمته في مطلع العام وقد بلغت من العمر السادسة والستين ...
كنت معها في المشفى وهي تنازع ...كان آخر قولها ((( الحمد لله))) كررتها حتى لم تعد تستطيع النطق ... تلك الكلمة التي ما فارقت شفتيها لأعوام ...
عاشت سعيدة حميدة شاكرة راضية رغم مرضها وبلواها ...
وماتت وهي تنطق بالحمد والرضا ...
لم يستطع المرض أن يقطع فعاليتها ونشاطها وخدمتها لمن حولها ...
ولن يستطيع الموت أن ينزع ذكراها العطرة من قلوبنا ....
روت لأمي قبل موتها بأيام رؤيا ... تصف فيها ألوانا من الجمال والنضارة والخضرة ..وأشكالا من الفاكهة لا تعلم لها اسماً ولا وصفاً ...قالت لها امي يوما ... هذه منزلتك عند الله ...
أسأل الله تعالى ان يتقبلها عنده في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ...وحسن اولئك رفيقا





 
الوسوم
التجربة المرض الناجحة بالقضاء بين والابتلاء والرضا
عودة
أعلى