شرح درس التمائم لمادة التوحيد للصف الثاني المتوسط الفصل الثاني

  • تاريخ البدء

املي بالله

نائبة المدير العام
درس التمائم لمادة التوحيد للصف الثاني المتوسط الفصل الثاني لعام 1434-1435هـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله وسلم يقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» [أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان وأحمد، وصححه الألباني]، الرُّقَى: جَمْع رُقْيَة، وَالرُّقْيَة: ما يُقرَأُ على المريض لطلب الشفاء مِنْ كُلّ عَارِض، وهي بمعنى التَّعْوِيذ، التِّوَلَةَ: ضرب من السحر، يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته، التَّمَائِمَ: فسيأتي بيانها بالتفصيل.

من مظاهر الشرك وأنواعه التي نهى عنها الحديث:

1- هذا الحديث أفاد بعمومه أن كل (الرُّقَى، والتَّمَائِمَ، وَالتِّوَلَةَ)، من أنواع الشرك، لكنَّ هذا العموم خَصَّ الدليلُ منه (الرُّقَى) وحدها، وهو قوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: «لا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فيه شِرْك»، وثبت بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رَقى ورُقيَ، فليس كل أنواع الرقية شركٌ، بل بعضها، وهي تلك التي اشتملت على شرك واستغاثة بغير الله، أما الرقية التي فيها ذكر الله سبحانه فجائزة بل مستحبة.

2- التِّوَلَةَ: وهي: نوعٌ من السحر، كانت المرأة تجلب به محبة زوجها. ويسمى عند العامة الصرف والعطف. وإنما كان ذلك من الشرك، لأنهم أرادوا دفع المضار وجلب المنافع من عند غير الله، ولا يدخل في ذلك ما كان بأسماء الله وكلامه.

3- التمائم: جمع تميمة، وهي: التعويذة التي تعلَّق بالعنق أو العضد، وكانت العرب تعلِّق على الصبي خرزات أو حلقة مستديرة من حديد أو ذهب ونحوه؛ لدفع العين والحسد وأثر الشياطين بزعمهم أو دفع الضرر عامة.


• أشكال التمائم:

التمائم تجمع صورًا شتى وأشكالًا كثيرة، ويدخل فيها كل ما يعلَّق، ويُعتقد فيه أنه يجلب نفعًا أو يدفع ضررًا بذاته أو يُعتقد أنه سببٌ لذلك، والحال أن الله سبحانه لم يجعل ذلك الشيء سببًا لا شرعًا، ولا قدرًا. وعليه فالتميمة، قد تكون أذكارًا وأدعية وتعوذات تغلف بجلد أو ورق، وتعلَّق على الصدر أو العضد، وهو شائع بين كثير من الناس أو يربطونها على بطونهم، للوقاية أو الاستشفاء من الأمراض الباطنة. وقد تتخذ التميمة من خرزات وخيوط وعظام وودع ومسامير وخط بأسماء الشياطين والجن والطلاسم ونحو ذلك، وقد تكون التميمة باتخاذ شيء ما كنعل أو حدوة فرس، تعلَّق على باب البيت، أو على الشجرة المثمرة أو نحو ذلك، ويكثر تعليق التمائم في السيارات، إذ تعلَّق خيوط حمر أو خضر أو أرنب أو رأس حيوان؛ لرد العين ودفع الحوادث، وقد يضع بعضهم مصحفًا، لهذا الغرض لا للتلاوة!.


• لماذا سُمِّيت تميمة؟

وسُمِّيت تميمة، لاعتقاد من يعلِّقها فيها أنه بها يتم له الأمر الذي أراد، فدعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بأن لا يتم الله سبحانه له مراده، فقال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له» [رواه ابن باز: مجموع فتاوى ابن باز].

يختلف حكم تعليق التمائم، بحسب ما تشتمل عليه، وكذلك يختلف الحكم لتفاوتها في أسبابها وغاياتها واعتقاد معلِّقها بها. وعليه فإن التمائم أنواع مختلفة، وبالتالي يختلف الحكم الشرعي من نوعٍ لآخر، وهي كالآتي:

النوع الأول: تمائم خط، تشتمل على الاستغاثة بالشياطين أو غيرهم من المخلوقين، فهذا شرك أكبر، يخرج من الملة، ويُخَلَّد في النار، فالاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شركٌ، قال الله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من علَّق تميمة فقد أشرك» [رواه أحمد والحاكم].
وفي الحديث الصحيح أيضًا: «مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ» [رواه الترمذي]، أي وكله اللّه إلى ذلك الشيء الذي تعلقه وخذله، ويا لخسارته! فإن التميمة لا تسمن ولا تغني من جوعٍ ولا تملك له من دون ربه، ضرًّا ولا نفعًا.

قال الشيخ صالح الفوزان: "وبعض الناس يعلِّق هذه الأشياء على نفسه، وهو ليس في مرض حسي، وإنما في مرض وهمي، وهو الخوف من العين والحسد، أو يعلِّقها على سيارته أو دابته أو باب بيته أو دكانه، وهذا كله من ضعف العقيدة، فهو المرض الحقيقي الذي يجب علاجه بمعرفة التوحيد والعقيدة الصحيحة".

النوع الثاني: تمائم فيها رسوم وأشكال وطلاسم وأسماء وألفاظ، لا يعقل معناها، فهذه محرمة، لأنها تجر إلى الشرك بل هي إلى الشرك أقرب، وكأنها والنوع الأول صنوان، فليحذر المسلم منها!

النوع الثالث: وأما التعاليق التي فيها قرآن أو أحاديث نبوية أو أدعية مأثورة أو مشروعة، فقد اختلف العلماء فيها، فرخَّص فيه بعض السلف، وبعضهم يمنعه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه، لأنه داخل في عموم النهي، وصيانَةً للقرآن من استعماله في غير ما شرع الله سبحانه، يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: "وأما الخط: وهي أوراق من القرآن تجمع وتوضع في جلد ويخاط عليها، ويلبسها الطفل على يده أو رقبته، ففيها خلاف بين العلماء، وظاهر الحديث: أنها ممنوعة، ولا تجوز، ومن ذلك أن بعضهم يكتب القرآن كله بحروف صغيرة في أوراق صغيرة، ويضعها في صندوق صغير، ويعلقها على الصبي، وهذا مع أنه محدَث، فهو إهانة للقرآن الكريم، لأن هذا الصبي ربما يلوثه بالنجاسة، ويدخل به الحمام والأماكن القذرة، وهذا كله إهانة للقرآن".

النوع الرابع: تعليق الخرزة والحلقة والخيط والخاتم ونحوه لرفع البلاء أو دفعه. وهذا النوع سأتناول حكمه بشيءٍ من التفصيل؛ إذ يتوقف فهمه على معرفة أحكام الأسباب.
وخلاصة القول فيها -كما بيَّن العلماء- أنه يجب على العبد أن يعرف في الأسباب ثلاثة أمور:

أحدها: أن لا يجعل منها سببًا إلا ما ثبت أنه سبب شرعًا أو قدرًا.

ثانيها: أن لا يعتمد العبد عليها، بل يعتمد على مسببها ومقدرها سبحانه، مع قيامه بالمشروع منها.

ثالثها: أن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره لا خروج لها عنه، والله تعالى يتصرف فيها كيف يشاء.



• حكم هذا النوع بالتفصيل:

فإذا فقهت الأسباب، فاعلم أن من لبس الحلقة أو الخيط أو نحوهما؛ قاصدًا بذلك رفع البلاء بعد نزوله، أو دفعه قبل نزوله فقد أشرك شركًا أكبر، حيث اعتقد شريكًا مع الله في الخلق والتدبير والتأثير، وهذا شرك في الربوبية. وهو شركٌ في الألوهية أيضًا من حيث تَألُّه تلك التميمة وتعلُّق قلبه بها؛ طمعًا ورجاءً لنفعها.
وإن اعتقد أن الله هو النافع الضارُّ وحده ولكن اعتقدها سببًا، يُستدفع بها البلاء، فقد جعل ما ليس سببًا شرعيًا ولا قدريًا سببًا، وهذا محرمٌ وكذبٌ على القدر وعلى الشرع، بل الشرع ينهى عن ذلك أشد النهي، كما أنه نقصٌ في العقل، حيث تعلق بغير متعلق ولا نافع بوجه من الوجوه، بل هو ضررٌ محضٌ.


الخلاصة:

وحاصل ما تقدم من حكم لبس الحلقة والخيط ونحو ذلك، أنه محرم فإن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله فهو مشرك شركًا أكبر، وإن اعتقد أن الأمر لله وحده وأنها مجرد سبب، ولكنه ليس مؤثرًا فهو مشرك شركًا أصغر، لأنه جعل ما ليس سببًا سببًا والتفت إلى غير الله بقلبه، وفعله هذا يعتبر ذريعة للانتقال للشرك الأكبر إذا تعلق قلبه بها، ورجا منها جلب النعماء أو دفع البلاء، فافهم هذا التفصيل أخي الكريم، وإياك أن تحكم على التمائم بحكم واحد مع تفاوتها في أنواعها وأسبابها وغاياتها.


• ماذا يجب علينا شرعًا نحو من يعلِّق التمائم؟

هذه الأشياء التي تُعَلَّقْ ربما تكون من التمائم، وربما لا تكون، وذلك بحسب أسبابها وأغراضها، فلربما علَّقها صاحبها للزينة أو بحكم العادة والتقليد أو لغير ذلك من الأغراض المباحة، ولهذا ينبغي أن يُتَثَبتْ من ذلك فإذا ثبت أنها تميمة عُلِّقَتْ؛ لرفع الضرر أو دفعه، وجب عندئذٍ مناصحة من تعلقَّها، وإزالتها إن أمكن إزالتها، ما لم يترتب عليه مفسدة أو فتنة أكبر. وأخصُّ الرجلَ في أهله وأسرته فإنه لا يحل له السكوت عما هو دون ذلك، فما بالك بالشرك الأكبر؟.
أخرج الحاكم بسند صحيح، أن عبد الله بن مسعود دخل على امرأته، فرأى عليها خرزًا من الحمرة، فقطعه قطعًا عنيفًا، ثم قال: "إن آل عبد الله عن الشرك أغنياء"، وقال: كان مما حفظنا عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ».
وثبت في الصحيحين، أن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أمر: «أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة، إلا قطعت» ولابن أبي حاتم عن حذيفة: أنه رأى رجلًا في يده خيط من الحمى، فقطعه، وتلا قوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف: 106].
وهذا يؤكد على أن واجب العلماء خاصة وأهل الحسبة إن وُجِدوا، تعليم الجاهل وتنبيه الغافل والقيام بالأمر بالمعروف والنهي في هذه المسائل؛ لأنَّ الشرك ظلمٌ عظيمٌ، يحبط العمل، ويخلِّد صاحبه في النار، ويحرِّم عليه الجنة، وهو هنا التعلق بغير الله واعتقاد النفع والضر في هذه الخرق والخيوط والخرز، وأنها تدفع العين أو تجلب الخير أو نحو ذلك.
نسأل الله السلامة من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وخاصة فتنة الشرك، ونسأل الله أن يختم لنا ولكم بالتوحيد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


• مع سماحة الشيخ:

ما معنى الحديث: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك»؟

قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: الحديث لا بأس بإسناده، رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن مسعود، ومعناها عند أهل العلم: إن الرقى التي تكون بألفاظ لا يعرف معناها أو بأسماء الشياطين أو ما أشبه ذلك ممنوعة، والتولة نوع من السحر يسمونه: الصرف والعطف، والتمائم ما يعلق على الأولاد عن العين أو الجن، وقد تعلق على المرضى والكبار، وقد تعلق على الإبل ونحو ذلك، وسبق الجواب عنها في جواب السؤال الثالث، ويسمى ما يعلق على الدواب الأوتار، وهي من الشرك الأصغر وحكمها حكم التمائم، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه أرسل في بعض مغازيه إلى الجيش رسولا يقول لهم: «أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة، إلا قطعت» [رواه البخاري ومسلم]، وهذا من الحجة على تحريم التمائم كلها سواء كانت من القرآن أو غيره.
وهكذا الرقى تحرم إذا كانت مجهولة، أما إذا كانت الرقى معروفة ليس فيها شرك ولا ما يخالف الشرع فلا بأس بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رقى ورقي، وقال: «لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك» [رواه مسلم].
وكذلك الرقية في الماء لا بأس بها، وذلك بأن يقرأ في الماء ويشربه المريض، أو يصب عليه، فقد فعل ذلك النبي فإنه ثبت في سنن أبي داود في كتاب الطب: "أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ماء لثابت بن قيس ابن شماس ثم صبه عليه"، وكان السلف يفعلون ذلك، فلا بأس به.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الوسوم
التمائم التوحيد الثاني الفصل المتوسط درس شرح لعام للصف لمادة
عودة
أعلى