الدعاء باسماء الله الحسنى

  • تاريخ البدء

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
الدعاء بأسماء الله الحسنى:
إن أسماء الله وصفاته تدل على عظمته – تبارك وتعالى -، ومن هنا كثرت أسماؤه وصفاته، وقد قيل: العظيم من كثرت صفات كماله .
وإذا كانت صفات الله وأسماؤه تدل العباد على عظمة الباري – عز وجل – وكماله وسؤدده، فإنها أعظم سبيل يستطيع العباد سلوكه لتعظيم الله، وتقديسه، وتمجيده، ودعائه .
وقد أمرنا الله – تعالى – بدعائه بأسمائه الحسنى، فقال: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [ الأعراف: 180] .
والدعاء في اللغة والحقيقة هو الطلب، أي اطلبوا منه بأسمائه قال – تعالى -: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] .
وهذا أمر من الله لنا بالدعاء، ومن لا يدعو الله فهو مستكبر عن عبادة الله والدعاء عبادة، بل قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: « إن الدعاء هو العبادة» .
عن النعمان بن بشير – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في قوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [ غافر: 60] .
والله لا يرد دعاءك، ويستحي أن يردك من بابه، ولا يخيب رجاءك .
فعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ اللَّهَ حَيِىٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِى إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ »( ).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ »( ).
وقال -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيْسَ شَىْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ»( ).
وعَنْ سَلْمَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ وَلاَ يَزِيدُ فِى الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ »( ).
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ »( ).
وقد أمر الله بدعائه في آيات كثيرة، ووعد بالإجابة، وأثنى على أنبيائه ورسله ؛ فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [ الأنبياء: 90].
وأخبر – سبحانه – أنه قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ؛ فقال – سبحانه – لنبيه – صلى الله عليه وسلم -: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون} [ البقرة: 186 ] .
وأمر – سبحانه وتعالى – بدعائه، والتضرع إليه، ولا سيما عند الشدائد والكربات، وأخبر أنه لا يجيب المضطر، ولا يكشف الضر إلا هو ؛ فقال: {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [ النحل: 92 ] .
وذم الذين يعرضون عن دعائه عند نزول المصائب، وحدوث البأساء والضراء ؛ فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [ الأعراف: 94 ] .
وقال – تعالى -: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [ الأنعام: 42 - 43] .
وهذا من رحمته وكرمه – سبحانه – فهو مع غناه عن خلقه،يأمرهم بدعائه؛ لأنهم هم المحتاجون إليه، قال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد} [فاطر: 15 ] .
وقال – تعالى -: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاء} [ محمد: 38] .
وفي الحديث القدسي: «يَا عِبَادِى إِنِّى حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا يَا عِبَادِى كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِى أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِى كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِى أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِى كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِى أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِى إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِى أَغْفِرْ لَكُمْ»( ).
فادعوا الله واعلموا أن لاستجابة الدعاء شروطًا؛ لا بد من توافرها، فقد وعد الله – سبحانه – أن يستجيب لمن دعاه، والله لا يخلف وعده كما أن دعاء الله سبب لدخول الجنة، قال – تعالى-: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} [ الطور: 25- 26 ] .
وأن الدعاء أكبر ما يكون في أيام الفتن والمحن، التي يفتن فيها عباد الله في دينهم، وعقيدتهم،وعلمائهم، ودعاتهم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [ الأعراف: 55 - 56] .
وقد روى الحاكم في مستدركه من حديث علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض»( ).
وقال – صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء»( ) .
وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب المُلَحِّين فى الدعاء »( ).
فالدعاء أعظم أنواع العبادة ؛ لأنه يدل على التواضع لله، والافتقار إلى الله، ولين القلب، والرغبة فيما عنده، والخوف منه تعالى، وترك الدعاء يدل على الكبر، وقسوة القلب، والإعراض عن الله، وهو سبب دخول النار، يقول الله – تعالى -: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] .
وللدعاء مع البلاء مقامات:
الأول: أن يكون الدعاء أقوى من البلاء فيدفعه .
الثاني: أن يكون الدعاء أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد، ولكن يخففه، وإن كان ضعيفًا .
الثالث: أن يتقاوما، ويمنع كل واحد منهما صاحبه .
يا صاحب الهم إن الهم منفرج
أبشر بخير فإن الفارج الله
اليأس يقطع أحيانًا بصاحبه
لا تيأسن فإن الكافي الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة
لا تجزعن فإن الصانع الله
إذا ابتليت فثق بالله وارض به
إن الذي يكشف البلوى هو الله
والله ما لك غير الله من أحد
فحسبك الله في كل لك الله
وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة – رضي الله عنها -قالت: قال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «لَا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ، وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإِنَّ الْبَلَاءَ لَيَنْزِلُ فَيَتَلَقَّاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»( ) .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ» ( ) .
وللمسلم – مع الدعاء ثلاثة أحوال ذكرها سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم -، فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن
يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر»( ).
من كتاب موسوعة اسماء الله الحسنى لفضيلة الاستاذ الدكتور احمد عبدة عوض
 
الوسوم
الحسنى الدعاء الله باسماء
عودة
أعلى