قيم تربوية للأسرة المسلمة :

  • تاريخ البدء

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
وضع الإسلام العديد من الأحكام والآداب والضوابط التي تجعل الأسرة المسلمة تتمتع بالسعادة، ويظلها التفاهم والاحترام، فمن أحكام المرأة وهي تمثل الركن الأهم في الأسرة إذ بصلاحها تصلح الأسرة، فهي أكثر ملازمة للأبناء من الرجل، ولذا أوجب الله عليها تجاه الرجل :
1- طاعتها له في
غير معصية الله تعالى:
ويدل على ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي النساء خير؟ قال:
((التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره)) ( ).
2- وجوب ابتعادها عما يؤذيه:
ويكفي أن نذكر في هذا المطلب حديثين واضحي الدلالة على خسارة المرأة التي تؤذي زوجها وتغضبه:
الحديث الأول: عن معاذ ابن جبل - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه، قاتلك الله، فإنما هو دخيل عندك، يوشك أن يفارقك إلينا))( ) .
الحديث الثاني: عن أبي أمامة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم، العبد الأبق، حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون)) ( ) .
ويجب على الزوج - كذلك - أن يبتعد عما يؤذي زوجته، فللنساء على الرجال مثل الذي عليهن.
3- وجوب قرارها في بيته وعدم خروجها بدون إذنه:
أمر الله - تعالى - نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقرار في بيوتهن، وجعل ذلك من وسائل تطهيرهن من الذنوب والمعاصي، والأصل في الأحكام المتعلقة بالنساء أن تستوي فيها كل النساء، من غير فرق بين نساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وغيرهن من نساء المؤمنين، إلا إذا دل دليل خاص على اختصاصهن بحكم معين، مثل كونهن أمهات المؤمنين في حرمة الزواج بهن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأيضًا فإن الطهر والعفة والمغفرة مطلوبة لكل النساء، وقد جعل الله قرارهن في البيوت من وسائل الطهر، وأيضًا فقد نهاهن الله - تعالى - عن التلبس بصفات نساء الجاهلية الأولى كالتبرج، وهو أمر لا يختص بنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كل المسلمين منهيون - نساءً ورجالًا - عن الاتصاف بصفات الجاهلية.
فقال تعالى: [وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا] [الأحزاب: 33] .
وإذا كان الأصل في المرأة أن تقر في بيتها، فإنها إضافة إلى ذلك لا يجوز لها الخروج منه إلا بإذن زوجها، وقد دل على ذلك أمره صلى الله عليه وسلم الرجال أن يأذنوا للنساء في الخروج لصلاة الجماعة في المسجد، كما في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا: ((إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها)) ( ) .
4- عدم إذنها لأحد في بيته بدون رضاه:
ولا يجوز للمرأة أن تأذن لأحد في دخول بيت زوجها بدون رضاه.
فقد روى الأحوص - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، بعد أن حمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ ثم قال: ((ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوانٍ عندكم، ليس تملكون لهن شيئًا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربًا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا، ألا إن لكم على نسائكم حقًا، ولنسائكم عليكم حقًا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فراشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن)) ( ).
5- اعتراف المرأة بإحسان الزوج وعدم إنكار نعمته:
حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - النساء من كفران نعم أزواجهن، وذكر لهن الوعيد الشديد الذي ينلنه على ذلك، كما في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ((رأيت النار، فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن)) قيل: أيكفرن بالله؟ قال: ((يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط)) ( ) .
6- حفظ مال الزوج وعدم التفريط فيه:
أثنى الرسول - صلى الله عليه وسلم - على نساء قريش بخصال، منها: حنوهن على الولد، ورعاية ذات اليد- أي: حفظ المال- كما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خير نساء ركبن الإبل نساء قريش)) وفي رواية: ((صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده)) ( ).
7- عدم تمكينها أجنبيا من الخلوة بها:
حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، كما في حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إياكم والدخول على النساء)) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت)) ( ) والحمو يشمل أقارب الزوج - وكذلك أقارب الزوجة - الذين ليسوا محارم للمرأة.
وإن تشبيه الحمو بالموت، يدل على أن دخوله على النساء أشد خطرًا من دخول غيره من الأجانب، لأن الناس يتساهلون في دخول أقربائهم بيوتهم، فيصبح دخولهم وخروجهم مألوفا في كل الأحوال، فلا يكون مستنكرا، وذلك من وسائل الدخول على النساء في حال الخلوة، وهو قد يجر إلى المنكر، بخلاف الأجنبي، فإن الغالب عدم التساهل في دخوله بيوت من لا قرابة بينه وبينهم.
8- مواساة الزوج وإدخال السرور عليه:
روت عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فاجأه الوحي: فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - فقال: ((زملوني، زملوني)) حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: - وأخبرها الخبر -: ((لقد خشيت على نفسي)) فقالت خديجة – رضي الله عنها - : ((كلا والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)) ثم ذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، فطمأنه صلى الله عليه وسلم( ).
وفيما يخص الزوج يوجهه الإسلام إلى العديد من القيم التربوية تجاه زوجته، منها:
1- تعليمها أمور دينها، وتربيتها عليها:
فيما يتعلق بحياتهما الزوجية والأسرية، من حقوق وواجبات، ويشمل ذلك حقوق الأولاد وواجباتهم، وحقوق الأقارب من الجانبين، وغير ذلك من حقوق الجيران...مما ينبغي أن تعلمه، وبهذا التعليم تعرف واجباتها وحقوقها، فلا تقصر في أداء واجب ولا تطمع في غير حق، إلا على سبيل التعاون والإيثار من الطرفين.
وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلم نساءه دينهن، حتى كن من كثرة ما يتلقين عنه - صلى الله عليه وسلم - العلم من الكتاب والسنة، من المفتيات لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته، وقد أمرهن الله - سبحانه وتعالى - أن يذكرن تلك النعمة التي ساقها الله إليهن مباشرة، من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيوتهن، فقال تعالى: [وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا] [ الأحزاب : 34].
2- معاشرتها معاشرة حسنة والتلطف بها وعدم العنف معها:
إن معاشرة الزوج امرأته معاشرة حسنة، وتلطفه بها وتحسين أخلاقه معها، يقوي بينه وبينها المودة والمحبة والألفة، وذلك يثمر التعاون على راحة الأسرة وهدوء بالها واطمئنانها.
ولما كان الزوج وامرأته لصيقين يكثر احتكاك بعضهما ببعض، وينبني على ذلك وجود مشكلات بينهما، وقد تختلف وجهات نظرهما، كان لا بد من صبر بعضهما على بعض وتحمل بعضهما أخطاء بعض، وعدم المشاحة في الحقوق، لأن في ذلك تلافيا للشقاق والنزاع المستمرين استمرار الحياة الزوجية.
وإذا كانت المرأة قد أمرت بطاعة زوجها والقيام بحقوقه، وعدم التساهل فيها وتعظيم حقه عليها، فإن الزوج أيضًا مأمور بأداء حقوق زوجه وعدم التساهل فيها، بل مأمور بالتساهل في حقوقه الخاصة، وإذا رأى منها خلالًا لا تعجبه، فليذكر فيها صفات أخرى تعجبه، ويجعل الأخلاق الحسنة بمنزلة الماء والصفات السيئة بمنزلة النار، وليطفئ بالأولى الثانية.
روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول لله - صلى الله عليه وسلم - : ((استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضِلَعٍ أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء)) ( ).
وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا، رضي منها آخر)) ( ) .
3- بذل ما تحتاجه من النفقة والكسوة مما يكفي أمثالها:
ونفقة المرأة الكافية لها، وكسوتها التي جرت بها العادة لأمثالها واجبة، وينبغي للزوج إذا كان موسرًا أن يوسع على أهله، ولا يبخل عليهم بشيء ما لم يكن إسرافًا أو ينفق في معصية، فإنه حينئذ لا يجوز.
وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يبدأ المرء في النفقة بمن يعول، ولا شك أن الزوجة من أولى الناس بذلك.
روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول))( ).
5- أن لا يطرقها ليلًا إذا أطال الغيبة:
إذا طالت غيبة الزوج عن أهله، فالسنة أن لا يفاجئ امرأته بدخول الدار دون أن يكون عندها علم سابق بقدومه، لما في ذلك من المحاذير، كوجودها على حالة غير مرضية من التهيؤ له واستقباله على حالة لائقة، ونحو ذلك.
عن جابر - رضي الله عنه - قال: ((كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة إلى أن قال: فلما قدمنا ذهبنا لندخل فقال: ((أمهلوا حتى تدخلوا ليلا - أي عشاء - لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة)) ( ).
6- عدم هجرها أو ضربها لغير سبب مشروع:
لما كان المقصود من الزواج دوام العشرة الحسنة والمودة والسكن والرحمة، فإنه لا ينبغي للزوج أن يهجر امرأته ولا للمرأة أن تهجر زوجها، مهما جرى بينهما من خلاف، لما في الهجر من القطيعة التي تؤثر على الأسرة كلها، وكذلك لا يجوز له أن يضربها بدون سبب مشروع.
وقد ورد نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن ضرب النساء صريحًا، مع بيان قبحه وبشاعته، حيث يضربها ثم يجامعها، كما روى عبد الله بن زمعة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم)) ( ).
7- عدم إفشاء سرها :
ومن حقوق المرأة أن لا يفشي الزوج سرها، ومما لا شك فيه أنه يطلع منها على ما لم يطلع عليه أقرب المقربين إليها، فلا يجوز أن يتخذ ذلك وسيلة لكشف أسرارها، وكذلك هي أيضا لا يجوز لها كشف سر زوجها فإن الحكم واحد .
فقد روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها)) ( ).
ولقد وضع الإسلام آدابًا وتوجيهات للآباء في معاملتهم مع أبنائهم منها :
1- الرضا بقسمة الله من الذكور والإناث وعدم تسخط البنات :
قال – تعالى - : [يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ]
2- أن يعلم الآباء أبناءهم كتاب الله عز وجل ثم ما يلزم من العلوم الضرورية الدينية والدنيوية.
فلا شك أن تربية الأطفال على القرآن الكريم منذ نعومة أظفارهم من شأنه أن يوسع مداركهم ويزودهم بالحكمة والهداية والنور .
3- ألا يطعم الآباء أبناءهم إلا طيبًا من الكسب الحلال :
فيعود الطفل على أكل الحلال وكسب الحلال وإنفاق الحلال حتى ينشأ على التوسط والاعتدال بعيدا عن الإسراف والتقتير.
4- أن يعلمه الصلاة ويعوده عليها :
ويشجع الطفل في هذه السن على صلاة الجماعة وحضور صلاة الجمعة والعيدين ومن أنجح الوسائل في تحبيب الأطفال لصلاة الجماعة اصطحاب الأب لأبنائه وأخذهم معه لأداء صلاة الجماعة في المسجد.
5- أن يدربه على الصوم:
وهذا من العمل المستحب إذ يرى جمهور العلماء أنه لا يجب على من دون سن البلوغ، ولكن يستحب للتمرين
6 - أن يعلم الأطفال آداب الاستئذان في الدخول :
وقد جاء هذا التوجيه في القرآن الكريم بأسلوب تربوي متدرج فطلب من الأطفال وهم صغار أن يستأذنوا في ثلاث أوقات مهمة:
1- من قبل صلاة الفجر 2- ووقت الظهيرة عند القيلولة 3- وبعد صلاة العشاء. فإذا بلغ الأولاد سن البلوغ وجب عليهم الاستئذان في البيت للدخول على والديهم في كل وقت.
7- أن يعدل الوالدان بين أولادهم:
فلا يفضل أحدًا على أحد، ولا يميز الذكور على الإناث، والعدل بين الأولاد مطلوب في جميع الحالات سواء كان في العطاء، أو في المحبة والقبلة، أو في تقديم الهدايا والهبات والوصية، أو في المعاملة فإنه يلزم الوالدين معاملة أولادهم بالعدل والمساواة.
وبهذا العدل يستقيم أمر الأسرة وتنشأ المحبة بين الجميع وتغرس الثقة بين أفراد الأسرة فلا مكان للأحقاد والبغضاء عندئذ.
من كتاب (موسوعة الاعجاز التربوى فى القرآن والسنة النبوية) لفضيلة الاستاذ الدكتور احمد عبدة عوض
 
الوسوم
المسلمة تربوية قيم للأسرة
عودة
أعلى