غرباء الفرحة

  • تاريخ البدء

املي بالله

نائبة المدير العام
غرباء الفرحة !!

غرباء الفرحة!!



بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تصور معي هذا المشهد المروع، وقد وقع زلازال شديد في لحظة مباغتة، وأنت في مكان مغلق؛ فأخذت صرخات الناس تتعالى من حولك، وبدأت الأرض تهتز تحت أقدامك، فإذا بقلبك ينخلع خوفاً وفزعاً من هول المصيبة، وسيطرت عليك مشاعر رهبة الموت وحتمية الفراق!!
فإذا بأناس لهم وجوه كالقمر ليلة البدر، يدخلون عليك ذلك المكان فجأة، ثم يتوجهون إليك دون غيرك من الناس بابتسامة حانية، مبادرينك بالقول :


(لا تخف لا تخف فأنت في أمان!!)
وبمجرد ما تلامس يداك أياديهم؛ تجد نفسك فجأة في بستان أخضر جميل، قد شقت فيه الأنهار جنادل رقراقة من مائها العذب، وملأته الطيور بتغريداتها الساحرة!! فلم يعد للفزغ أو الخوف أثراً في قلبك، بعدما تلاشى تماماً إثر هذه النقلة!!
هذا المشهد بمحسوساته المادية التي تتوافق تماماً مع محدودية عقولنا، ليمثل محاولة لإدراك ما تعجر عنه العقول من مشاهد هول يوم المحشر (
إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين) يوم تفزع الملائكة ويقول كل نبي نفسي نفسي!!
فصعقة الآخرة
التي يحيل بها الله هذا الكون عدماً في لحظة مباغتة!! لتتلاشى في طياتها جميع غفلات الغافلين ومتع العاصين ونعيم المترفين، فلا يبق لهم إلا حسرة النادمين على ما فرطوا في جنب مالك يوم الدين!! إذ لو اجتمعت كل معاني الخوف والهلع والفزع والمصيبة والكوارث في كلمة واحدة، لما عبرت عن حقيقة وصف ذلك اليوم المهيب!!

فيا ترى
. .
*
من هؤلاء الذين سيمسح الله على قلوبهم؛ ليجنبهم فزع هول يوم المحشر؟!
*
ومن هؤلاء الذين ستتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون؟!
*
ومن هؤلاء الذين سيغرس الله كرامتهم بيده، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعينٍ جزاء بما كانوا يعملون؟!

إنهم فقط الغرباء!! وإن شئت فقل :
إنهم غرباء يوم الفرحة!!
فهم فقط الذين سيأمنون حين يفزع الناس
وهم فقط
الذين سيفرحون حين يحزن الناس
وهم فقط
الذين سوف يروون عطشهم حين يظمأ الناس!!
فما أسعدها والله من غربة
!!
تلك التي
اغتربوا بها في ليلهم؛ فقاموا حين نام الناس!!
وتلك التي
اغتربوا بها في نهارهم؛ فراقبوا الله حين غفل عنه الناس!!
وتلك التي
اغتربوا بها في مجتمعاتهم؛ حين دعوا الناس للخير فسخر منهم الناس!!
فأين منَّا اللاحقون
بقافلة الغرباء؟!
وأين منَّا المدركون
لعاقبة الأوفياء؟!

وأين منَّا
الزاهدون في دنيا الأشقياء؟!

*********************************
فإلى الراغبين في الأمان يوم الفزع الأكبر!!
هاكم
الثلث الأخير من الليل؛ فانهلوا منه ما شئتم، قبل ألا يأتي عليكم أي ليلٍبعد الفراق أبداً!!
وإلى الصابرين على البلاء ابتغاء وجه ربهم الأكرم
!!
هاكم
أجر الصابرين على اللأواء، فاغترفوا منه ما استطعتم، فلقد هان البلاء على الغرباء بفرحة يوم اللقاء!!
وإلى المشتاقين لرؤية ربهم في أعالي الجنان
!!
هاكم
الدنيا بخيرها وشرها؛ فاجعلوها منها سوقاً لربحكم في الآخرة بحسن الأعمال!!
فيا أحبتي
. . كونوا غرباء الدنيا، ولا تكونوا غرباء الآخرة، فإن غربة الآخرة لتسقط أصحابها عن الصراط إلى قعر جهنم؛ بما غفلوا عن الله وعن دينه، فقدموا عليه بلا عمل!! أما غربة الدنيا فهي الغربة عن الناس بالأنس بمولاهم في الدنيا، والقرب منه في جنان الأخرة!! فهي غربة والله تجلب لصاحبها الفرحة!! فإن شئت فكن من :

غرباء الفرحة!!
 
الوسوم
الفرحة غرباء
عودة
أعلى