كثيراً ما يلجأ الإنسان إلى عالم الأعشاب والنباتات لاستنباط دواء لمعالجة مرض ما، وخاصة إذا كان هذا المرض ورماً سرطانيا. وسؤالنا هو: ماذا لو أصيبت النباتات بالسرطان؟ فهل من الممكن معالجتها في هذه الحالة؟!
هناك تشابهاً بين ميكانيكية حدوث الورم في النباتات والإنسان، فالخلية تتحول الى خلية سرطانية سواء كانت حيوانية أو نباتية، وذلك نتيجة لبكتيريا أو فيروس أو نتيجة لعوامل خارجية أخرى كثيرة، ينتج عنها اضطرابات في عملية تكاثر الخلية. لدى تحول الخلية العادية إلى خلية أخرى شاذة، تتناسخ هذه الخلية وتتكاثر بطريقة غير منتظمة، مما قد يؤدي لحدوث خلل في العمليات الفيسيولوجية للكائن الحي.
نحن نعرف انه اذا لم يتم استئصال الورم السرطاني لدى انسان مصاب، قد يلاقي هذا المصاب حتفه... ولكن الحال مغاير لدى النباتات، فالورم السرطاني لدى النباتات يسبب خنق لمسار المياه والعناصر الغذائية الأخرى الصاعدة للنبات وينجم عنه زيادة في ضعف النبات مما يقلل من إنتاجها، وهذا يدفع المزارعون في معظم الأحيان إلى التخلص من الأشجار المصابة كشجر الخوخ والمشمش والعديد من الأنواع الأخرى.
لم يتوقع العلماء الذين باشروا هذا البحث، أن تستغرق دراستهم التي بدأوها سنة 1904 مدة سبعين عامًا متواصلة، وأن ينفق عليها مليارات الدولارات... ففي عام 1974، نشر العلماء نتائج بحثهم والتي تكللت بالكشف عن ميكانيكية عمل البكتيريا المسببة لسرطان النبات والمسماة (الأجروباكتيرم تيوميفشينس). هذا الاكتشاف ساهم بشكل كبير في معرفة كيفية حدوث الأورام في النباتات وبالتالي التعرف على كيفية حدوثها لدى الانسان.
يطلق المختصون على الاورام السرطانية لدى النباتات اسم "تدرنات"، وهي عبارة عن نمو غير طبيعي في أنسجة النبات والأشجار. وتظهر هذه التدرنات باحجام مختلفة على الأوراق، السيقان، الأفرع، جذور النباتات وبذورها. قد لا نتمكن في كثير من الأحيان من رؤية هذه التدرنات في العين المجردة، إلا انه في بعضها يكون حجمها كبيرًا يعادل حجم حبة البرتقال.
يصنف المختصون الأورام إلى ثلاثة أنواع: الورم الحميد، الورم الحشري، الورم السرطاني.
يأتي الورم في النبات كرد فعل لمؤثرات خارجية خاصة تنتج أنواع مختلفة من الأورام باختلاف المؤثر. ومما يزيد من احتمالات الاصابة لدى الأشجار المثمرة في أرض ملوثة في البكتيريا، هي قدرة الأخيرة على المكوث مدة طويلاً في التربة حيث يمكنها العيش مدة طويلة قد تصل إلى 25 عاماً.
كيف يحدث الورم السرطاني في النبات؟
يؤكد المختصون إلى أن بداية حل هذه المعضلة جاءت بعد عشرات السنوات من الابحاث المختلفة، حيث تم الكشف أن البكتيريا المعروفة باسم "الأجروباكتيرم تيوميفشينس" تحوي كرموسوم حلقي زائد أطلق عليه اسم "بلازميد"... يحمل هذا الكروموسوم جزءاً كبيراً من الجينات المسؤولة عن حدوث الورم، وإن جزءاً منه يدخل إلى الخلية النباتية ويندمج مع المادة النووية بها، وهكذا فإن DNA "الشريط الوراثي" الخاص بالخلية يحوي أيضًا جزء من الـ DNA الخاص بالبكتيريا.
يؤكد المختصون إلى أن بداية حل هذه المعضلة جاءت بعد عشرات السنوات من الابحاث المختلفة، حيث تم الكشف أن البكتيريا المعروفة باسم "الأجروباكتيرم تيوميفشينس" تحوي كرموسوم حلقي زائد أطلق عليه اسم "بلازميد"... يحمل هذا الكروموسوم جزءاً كبيراً من الجينات المسؤولة عن حدوث الورم، وإن جزءاً منه يدخل إلى الخلية النباتية ويندمج مع المادة النووية بها، وهكذا فإن DNA "الشريط الوراثي" الخاص بالخلية يحوي أيضًا جزء من الـ DNA الخاص بالبكتيريا.
جراء هذا تنتج خلايا سرطانية تتكاثر في جميع الأجهزة وبطريقة عشوائية، تفرز مركبات كيماوية ضارة تؤثر على الجهاز الوعائي للنبات، وهذا الجهاز مسؤول عن نقل المواد الغذائية من التربة إلى الأوراق التي تعتبر مصنع الغذاء... للتأكد من أن البلازميد هو المسبب لحدوث الورم، تم زراعة البكتيريا وتنميتها في درجة حرارة أعلى من درجة نموها المثلى (33 درجة مئوية)، حيث تفقد هذا الكرموسوم، وعند استخدامها فيما بعد لإحداث العدوى وجد أنها لا تحدث أية أورام.
تنتشر هذه الأورام في أجزاء النبتة من مكان إلى آخر تماما كما هو الحال في جسم الإنسان وبنفس الميكانيكية. من ناحية أخرى فتحت البكتيريا المسببة للأورام في النبات الباب للدخول إلى عالم الهندسة الوراثية وذلك بفعل قدرتها على نقل الجينات إلى داخل الخلية النباتية، وهذا لم يمكن ممكنا من قبل.
هناك العديد من الطرق للكشف المبكر عن سرطان النبات وذلك بتقدير نسبة البكتيريا المسببة للورم في النبات قبل حدوث الأعراض... هناك أيضاً مركبات كيميائية ومجموعة أخرى من المضادات الحيوية تستخدم في القضاء على هذه البكتيريا.
أما فيما يتعلق بطرق الوقاية: يجب العمل على تجنب حدوث الجروح في الشعيرات الجذرية التي تعتبر المنفذ لدخول البكتريا المسببة للمرض. كما يجب التعامل مع الجروح التي تحدث نتيجة التقليم عن طريق سدها بعجينة معينة تمنع دخول البكتيريا إلى النبات، بالإضافة إلى منع عملية التطعيم بأفرع مصابة بورم سرطاني.
