سعادة وسمية المديرة الكسيرة

القطه

الاعضاء
سعادة وسمية المديرة000الكسيرة
حنان العبدالعزيز
كانت تدلف كل صباح بوجه عابس ونظرات غامضة تحاول خلالها أن تبث أكبر كمية من التعظيم لذاتها من خلالها كان البعض يخشى التصادم معها ،ربما كان هناك الكثير من التعقيدات في التعامل معها تبدو شديدة الجفاف في المشاعر والحديث،،ثم تجلس معنا في غرفة المعلمات في مكتبها المواجه للباب بعد خلع عباءتها وتعليقها فوق المشجب ، ثم تقلب في جهاز جوالها لعدة دقائق لتقرأ أبرز الرسائل الطريفة التي وردت إليها تشاركها بعض الزميلات التعليق عليها والضحك ليس لطرافتها بل إتقاء لشرها ومسايرة لها 00همست عبير لزميلتها :(حتى تخرج ونرتاح منها) !! تبدأ الحصص الدراسية وتحمل كل معلمة أوراقها وتذهب إلى فصلها ،كانت الأستاذة وسمية تمسك بحصص النشاط اللاصفي فلذا كان نصابها الدراسي مخففا ولديها عدد فارغ من الحصص لتعد الأنشطة اللاصفية ، تبدأ جولتها الصباحية على الفصول فتطل على المعلمات وهن يشرحن وتتصفح وجوه الطالبات أثناء مرورها00تحادث المراسلات،تضاحك المديرة والمساعدة، تعد القهوة للمعلمات في مطبخ المدرسة وقد تطلب بعض الشطائر للمعلمات في فترة الفسحة ،كانت تجد بعض القبول والتقدير عند إدارة المدرسة ربما لتعاونها معهم ربما للمهارة التي تحوز عليها في فن المجاملات والإعداد لحفلات المدرسة عند قدوم الوفود الرسمية من الجهات الخارجية !
تجتمع بطالبات النشاط والإذاعة تعد الأنشطة ثم تختفي بعدها داخل المدرسة ولايعلم إلى أين تلوي العزم ثم فجاءة تجدها تعدو أمامك وربما بجوارك وربما تكون في المستودع ولا تستبعد أن تقابلها وهي تنزل من سطح المدرسة لذا كان مكتبها خاليا طوال الوقت 00مع حرصها على أن تطل بوجهها العابس كل ساعتين لتتأكد من خلو مكتبها بإنتظارها مطلقة نظرات متهددة متوعدة لكل من تجلس فوقه ،،كانت دائما تقول بأنها مديرة ولا أدري ماذا تقصد ،لكن كانت الكثيرات يتحاشين الجدال معها فتنطلق مكملة تحليقها !
وذات يوم كنت بجد مرهقة فجلست على مكتبها كونه الأقرب إلى الباب 00هل قلت جلست لا أدري هل هي صدفة أم رغبة داخلية في إكتشاف كنه الأستاذة وسمية 00كان مكتبها مرتبا سطحه نظيف ليس مثل مكتبي المتناثر الورق00كانت غائبة


طوال هذا الأسبوع فراق لي قرب مكتبها من الباب لأريح جسدي المنهك هل قلت جلست عليه ؟
وفي صبح أحد أيام الأسيوع التالي 00جلست وأخذت أكمل تصحيح أوراق لدي فوجئت بوجهها العابس يطل في وجهي وصوتها يعلو ؟ لماذا تجلسين فوق مكتبي ؟كانت تبدو كبالون على وشك الإنفجار لم أشأ الدخول في جدال معها نهضت بهدوء00فأردفت لا أريد أن يجلس أحد فوق مكتبي أبدا أفهمتم؟ كانت تطلق نظرات شرارية متوهجة مما جعل المعلمات يدفن رؤوسهن في أوراقهن ويظهرن عدم الإنتباه لها !
شدني موقفها الجاف معي جدا رغم كرهي لتصرفها لكنني عزمت النية على معرفة السر الذي يكمن وراءها 00مالذي تخفيه وسمية؟
كنت أسمعها تحادث موجهات ومسؤولات في جوالها كزميلات أو ربما صديقات لكن هناك سر هناك سر!
ذات يوم كانت كل المعلمات غاضبات من وسمية وينظرن إليها من طرف غاضب فقد أساءت التصرف معنا جميعا مما جعلنا ننفر من مجالستها ولو كانت مجرد دقائق لتعود بعدها إلى التحليق داخل المدرسة ،، وفي الغد كانت تبدو متعبة نفسيتها جدا مما جعلها تلقي علينا تحية الصباح وتذهب 00جاءت العديد من صديقاتها في الغرف المجاورة يسألن عنها لكن لم يجدها أحد برغم أن عباءتها مازالت معلقة 00دخلت صديقة قديمة لها من الغرفة المجاورة سألت عنها ثم بادرتها عبير قائلة هل تعلمين لم نرها خلال هذا اليوم سوى دقائق 00حتى الإفطار لم تشاركنا إياه إنني بحق مستغربة من مسلكها إنها لاتكاد تجلس على مكتبها إلا قليلا منذ جاءت إلينا منذ ثلاث سنوات؟
هنا تنهدت أ\عواطف وقالت :ألا تعرفن قصة وسمية ؟00هنا تحلقنا حولها بفضول فيما إستعدت البعض بفتح جوالاتهن لإرسال ماقد يسمعنه إلى صديقاتهن !
جلست أ\(عواطف) وناولتها (نهى) فنجان قهوة وبعض التمر ثم قالت :عرفت وسمية منذ عشرين سنة كانت خلالها زميلتنا في مدرسة ثانوية للبنات 00كانت مرحة الطباع حلوة المعشر متميزة في العمل مما جعل الموجهة توصي بتعيينها مديرة لمدرستنا بعد تقاعد مديرتها الأولى00هنا تغيرت وسمية وأصبحت متعالية


على الجميع 00أصبحت تتعالى على زميلاتها السابقات وتتعمد أن تكون الأنوار مسلطة عليها وعلى إنجازاتها 00وكثيرا ماكانت تدعو وفود رسمية من موجهات ومديرات إلى المدرسة في حفلات تستعرض فيها ماحققته من إنجازات وأنشطة متميزة00لكن !
كانت هناك معلمة صغيرة في السن حديثة عهد بالتدريس كانت بحق مبدعة تجذب الأنظار بأدبها ورقي أخلاقها والأنشطة التي تنفذها مع الطالبات مما جعل وسمية تشتعل فيها نيران الغيرة فكانت تتعمد أن تحقر من جهود الأستاذة \إيمان ،وأن تثبط من عزمها وإخلاصها وتستبعدها من التكريم كل عام 00وذات يوم كانت المعلمة إيمان قد أنجزت عملا شاقا إستنفذت فيه طاقتها خلال شهر كامل ثم حدث أن مرضت وتغيبت في يوم التسليم وكنا كلنا شاهدين على إخلاص إيمان وسعيها ثم جاءت إيمان في اليوم التالي شاحبة الوجه مصفرة الوجه وقعت في السجل بوهن شديد في الصباح ،،مما جعل قلوبنا تخفق في صمت بالتعاطف معها 0
جاءت وسمية منتفخة ذلك الصباح 00لاتكاد الفرحة تسعها وقفت أمام غرفة المعلمات 00نظرت في ظفر أ\إيمان تعالي!
خرجت إيمان في هدوء وإرهاق صافحت وسمية التي كلح وجهها ثم قالت أستاذة إيمان أين العمل الذي كلفتك بتسليمه ؟ قالت إيمان :أنا البارحة كنت متعبة ومجهدة سأحضره غدا إن شاء الله 0
-ماذا تعنين بكلمة غدا ؟ قالت وسمية في حدة ،هنا نهضت ظهور المعلمات في توجس وترقب وهن يراقبن موقف وسمية0
-أستاذة إيمان إسمحي لي أنت إنسانة غير ملتزمة بقواعد العمل وعملك ملئ بالأخطاء ولست أنا صاحبة هذا الكلام بل الكل مجمع على عدم إهتمامك وفوضويتك و00و00لذا أنت لا تستحقين المكافأة الخاصة بهذا العمل ولا حتى الشكر!! كانت متحفزة جدا في إنتقاد إيمان مما جعلها تخرج عن قواعد السلوك اللائقة مع إيمان أمام كل المعلمات 00





كانت تتوقع أن تبكي إيمان وكنا ننظر في أسى لما يحصل فصوت تكتكات قلم إيمان ومتابعتها العمل مع طالباتنا طوال شهر لا يزال يرن في آذاننا!
نظرت إيمان في عيني وسمية وقالت \عفوا ظننت أنك ستسألين عن سلامتي أو تطمئنين علي فنحن أخوات قبل كل عمل 0
إندهشت وسمية فقد كانت تتوقع ردا غير مدروس من إيمان شعرت بالخجل عدة ثواني لكن شيطان الغيرة جعلها تحتد في كلامها وتقول :إنه عمل وهناك مسئوليات يجب القيام بها ومن واجبي000ومن واجبي أن أصرح بإهمالك!
-قاطعتها إيمان قائلة بالنسبة للمكافأة والشكر فلا أنتظره منك بل سيعطيني إياه الله 0 وبالنسبة للعمل فهو جاهز ولم يؤخرني عنه سوى إرهاقي وبالنسبة للمسئولية فهناك الكثير من التقاعس منك في عدة أمور طلبتها منك كواجب منك كمديرة ولم تؤدها فلماذا برزت المسئولية الآن وإختفت منك آنذاك 0
دخلت إيمان جلست على مكتبها في هدوء تاركة وسمية تغرق في شلال من عرق الخجل وسط نظرات نارية من المعلمات اللاتي خشين أن تعاملهن وسمية بالمثل!
كنت أنظر إلى إيمان أراقب إنعكاسات الموقف في وجهها الناعم البرئ!
رأيتها وسمعتها تتمتم بكلمات جعلت جلدي يقشعر: كانت تردد (اللهم لا تقر لها قرار ولاتبن لها ديارا في مكتبها) وماهي إلا أسابيع وتصاب وسمية بحالة من القلق والتوتر تجعلها لا تكاد تجلس على مكتبها ولو ساعة ليتم نقلها إلى هنا كمعلمة للنشاط اللاصفي!
بادرتها بالسؤال في تلهف وماذا حصل لتلك المعلمة الصغيرة البائسة 00هل تركت التدريس ؟
إبتسمت في تفكير عميق وضيقت عينيها ثم لوحت بيدها يمنة ويسرة قائلة :هل تقصدين الأستاذة إيمان مديرة مكتب الإشراف العام ثم إتسعت إبتسامتها لتشمل وجهها النحيل بإبتسامة ذات مغزى!



ماإن أتمت القصة حتى نهضت عواطف بهدوء لتخرج ونحن فاتحات أفواهنا في دهشة ، في حين قابلتها وسمية عند الباب لتجاذبها المزاح وتمسك بيدها في وهن ليكملن نشاطا مع الطالبات في الفناء!!!
------------------------------------------------تمت ------------------------
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الوسوم
الكسيرة المديرة سعادة وسمية
عودة
أعلى