املي بالله
نائبة المدير العام
إعادة هيكلة التعليم الثانوي :
يتبوّأ التعليم الثانوي مكانة مرموقة في البناء العام للأنظمة التربوية؛ وهذا ما أكده خبراء البنك العالمي، إذ اعتبروه حجر الزاوية للأنظمة التربوية؛ وأن هذه الأهمية ستعزز في المستقبل لكونه الرابط المفصلي بين التعليم الإجباري من جهة، والتعليم العالي من جهة ثانية والتكوين المهني وعالم الشغل من جهة ثالثة، وهو الذي يحدد أيضا الخصائص الأساسية للأنظمة التربوية في معظم البلدان.
ولهذه الأسباب، فإنه ليس من السهل القيام بإصلاح متناسق لمرحلة التعليم ما بعد الإجباري التي ينتمي إليها التعليم الثانوي.
غير أن الملاحظ عندنا، أنه بعد 42 سنة من الاستقلال، و33 سنة بعد الإصلاح الأول للتعليم العالي، وقرابة ربع قرن بعد إصلاح التعليم الابتدائي والتعليم المتوسط، لم يعرف التعليم الثانوي إصلاحا حقيقيا رغم أهميته. صحيح أنه عرف محاولات للتعديل، لكنها لم تستهدف الفلسفة التي ترسم غاياته وأهدافه وتنظيمه، بل ركزت أكثر على الجوانب المتعلقة بهيكلته، ومردوده الاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما أدى إلى تفاقم الاختلال في سيره، وفي تناسقه مع التعليم الأساسي والتعليم العالي من جهة، وعن الحاجات الاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى.
ولم يُعد أيّ مشروع منسجم لإصلاح المرحلة ما بعد الإلزامي إلاّ بعد تنصيب اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية سنة 1999، وهو المشروع الذي صادق عليه مجلس الوزراء المنعقد في 30 أفريل 2002، آخذا بعين الاعتبار ما تمخّض عن مناقشات مجلس الحكومة والتقرير النهائي للجنة.
وعلى هذا الأساس، فتحت وزارة التربية الوطنية هذا الملف الهام منذ سنتين ونصّبت لجنة وزارية ولجنة مشتركة (التربية الوطنية، التعليم العالي والبحث العلمي، التعليم والتكوين المهنيين) قصد التفكير وتقديم اقتراحات في إطار تشاوري. ويحتوي هذا الملف الخلاصات التي توصّلت إليها أشغال اللجنتين، ويقترح هيكلة جديدة للتعليم الثانوي العام والتكنولوجي ليندمج بانسجام في الرؤية الجديدة للتعليم ما بعد الإلزامي على وجه الخصوص، والمنظومة التربوية بأكملها بوجه عام.
ـ الهيكلة الحالية للتعليم الثانوي في الجزائر :
بقي التعليم الثانوي غداة الاستقلال سنة 1962 يعمل وفق الهيكلة الموروثة عن العهد الاستعماري:
- طور أول إكمالي يوافق التعليم المتوسط الحالي؛
- طور ثان يوافق التعليم الثانوي الحالي بغايات مختلفة :
* مسار مهني على مستوى التعليم المتوسط ومستوى التعليم الثانوي؛
* مسار أكاديمي يتم في الثانويات.
ولم تكن التعديلات العديدة التي عرفتها هذه المرحلة إلاّ ردود أفعال عن ظاهرة عدم الانسجام، ولم تكن مشروعا منسجما مدروسا، مما جعل التأثير ينصبّ على الهيكلة، بينما المشكل الأساسي يكمن في اختيار سياسة تربوية منسجمة. ونتيجة لذلك كنّا نطبّق فلسفة نخبوية لنظام موروث، على تعليم أساسه الكمّ الهائل من التلاميذ.
وعرف التعليم الثانوي أوّل إعادة هيكلة سنة 1992، لكنّ ازدواجية الأهداف المسطّرة له قد أدّت إلى التباس في غاياته:
* تعليم ثانوي عام وتكنولوجي موجّه أساسا لمتابعة الدراسة والتكوين العالي؛
* تعليم ثانوي تقني يعدّ التلاميذ لسوق العمل بناء على نمط الشهادة التي يتوّج بها، لكنّه في الواقع يؤدّي إلى التعليم العالي أكثر، شأنه شأن التعليم الثانوي العام والتكنولوجي.
وتتميز هذه الهيكلة بالتوجّه التكنولوجي والعلمي، وذلك من خلال إنشاء أربع شعب تكنولوجية إلى جانب الشعبة العلمية، وشعبة العلوم الدقيقة، بالإضافة إلى الشعب التقنية، ممّا أدّى إلى انعدام التوازن بين الشعب، حيث تستحوذ شعبة علوم الطبيعة والحياة على حصّة الأسد.
الخصائص الأساسية للهيكلة، وتتمثّل في ثلاثة جذوع مشتركة في السنة الأولى ثانوي:
- جذع مشترك آداب،
- جذع مشترك علوم ،
- جذع مشترك تكنولوجيا.
وتتفرّع منها في السنة الثانية 15 شعبة:
*5 شعب للتعليم العام :آداب وعلوم إنسانية، آداب علوم إسلامية، آداب ولغات أجنبية، علوم الطبيعية والحياة، علوم دقيقة؛
* 4 شعب للتعليم التكنولوجي: هندسة ميكانيكية، هندسة كهربائية، هندسة مدنية، تسيير واقتصاد.
* 6 شعب للتعليم التقني: إلكترو تقني، الكترونيك، صنع ميكانيكي، بناء وأشغال عمومية، كيمياء، تقنيات المحاسبة.
وقد أبقى التنظيم على شهادة بكالوريا التعليم الثانوي كتتويج لدراسات الشعب العامة والتكنولوجية، وشهادة بكالوريا التقني للشعب التقنية.
ولهذه الهيكلة جوانب إيجابية يمكن تلخيصها في :
* اعتماد نمط هيكلة تتماشى والتوجّهات العالمية الكبرى : أولوية الثقافة العامة، إدراج البعد التكنولوجي، تأخير التخصّص، تقليص عدد الشعب؛
* تحسين جهاز التوجيه بفضل اعتماد التدرّج في اتخاذ قرار إعادة التوجيه.
أمّا نقاط الضعف فهي :
* الغموض الناتج عن الازدواجية في الغايات(التحضير للتعليم العالي وعالم الشغل)؛
* عدم إشراك كل المتعاملين مع المنظومة التربوية في اعتماد هذه الهيكلة؛
* ضعف ملمح التخرّج من الشعب التكنولوجية بسبب تقليص الحجم الساعي للرياضيات، والفيزياء والكيمياء مقارنة بشعبة العلوم الدقيقة؛
* عدم تثمين شعبة العلوم الدقيقة بسبب عدم جدوى معاملات المواد المسمّاة أساسية (رياضيات، فيزياء وكيمياء)، ممّا جعل أحسن التلاميذ يهجرونها؛
* عدم التكافؤ بين الشعب، إذ تمنح شعبة علوم الطبيعة والحياة فرصا أكثر للالتحاق بالتعليم العالي؛
* ازدواجية الأداء في أربع شعب من التعليم التقني مع شعب التعليم التكنولوجي:
إلكترونيك ـــــــــ هندسة كهربائية
صنع ميكانيكي ـــــــــ هندسة ميكانيكية
بناء وأشغال عمومية ـــــــــ هندسة مدنية
تقنيات المحاسبة ـــــــــ تسيير واقتصاد.
يتبوّأ التعليم الثانوي مكانة مرموقة في البناء العام للأنظمة التربوية؛ وهذا ما أكده خبراء البنك العالمي، إذ اعتبروه حجر الزاوية للأنظمة التربوية؛ وأن هذه الأهمية ستعزز في المستقبل لكونه الرابط المفصلي بين التعليم الإجباري من جهة، والتعليم العالي من جهة ثانية والتكوين المهني وعالم الشغل من جهة ثالثة، وهو الذي يحدد أيضا الخصائص الأساسية للأنظمة التربوية في معظم البلدان.
ولهذه الأسباب، فإنه ليس من السهل القيام بإصلاح متناسق لمرحلة التعليم ما بعد الإجباري التي ينتمي إليها التعليم الثانوي.
غير أن الملاحظ عندنا، أنه بعد 42 سنة من الاستقلال، و33 سنة بعد الإصلاح الأول للتعليم العالي، وقرابة ربع قرن بعد إصلاح التعليم الابتدائي والتعليم المتوسط، لم يعرف التعليم الثانوي إصلاحا حقيقيا رغم أهميته. صحيح أنه عرف محاولات للتعديل، لكنها لم تستهدف الفلسفة التي ترسم غاياته وأهدافه وتنظيمه، بل ركزت أكثر على الجوانب المتعلقة بهيكلته، ومردوده الاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما أدى إلى تفاقم الاختلال في سيره، وفي تناسقه مع التعليم الأساسي والتعليم العالي من جهة، وعن الحاجات الاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى.
ولم يُعد أيّ مشروع منسجم لإصلاح المرحلة ما بعد الإلزامي إلاّ بعد تنصيب اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية سنة 1999، وهو المشروع الذي صادق عليه مجلس الوزراء المنعقد في 30 أفريل 2002، آخذا بعين الاعتبار ما تمخّض عن مناقشات مجلس الحكومة والتقرير النهائي للجنة.
وعلى هذا الأساس، فتحت وزارة التربية الوطنية هذا الملف الهام منذ سنتين ونصّبت لجنة وزارية ولجنة مشتركة (التربية الوطنية، التعليم العالي والبحث العلمي، التعليم والتكوين المهنيين) قصد التفكير وتقديم اقتراحات في إطار تشاوري. ويحتوي هذا الملف الخلاصات التي توصّلت إليها أشغال اللجنتين، ويقترح هيكلة جديدة للتعليم الثانوي العام والتكنولوجي ليندمج بانسجام في الرؤية الجديدة للتعليم ما بعد الإلزامي على وجه الخصوص، والمنظومة التربوية بأكملها بوجه عام.
ـ الهيكلة الحالية للتعليم الثانوي في الجزائر :
بقي التعليم الثانوي غداة الاستقلال سنة 1962 يعمل وفق الهيكلة الموروثة عن العهد الاستعماري:
- طور أول إكمالي يوافق التعليم المتوسط الحالي؛
- طور ثان يوافق التعليم الثانوي الحالي بغايات مختلفة :
* مسار مهني على مستوى التعليم المتوسط ومستوى التعليم الثانوي؛
* مسار أكاديمي يتم في الثانويات.
ولم تكن التعديلات العديدة التي عرفتها هذه المرحلة إلاّ ردود أفعال عن ظاهرة عدم الانسجام، ولم تكن مشروعا منسجما مدروسا، مما جعل التأثير ينصبّ على الهيكلة، بينما المشكل الأساسي يكمن في اختيار سياسة تربوية منسجمة. ونتيجة لذلك كنّا نطبّق فلسفة نخبوية لنظام موروث، على تعليم أساسه الكمّ الهائل من التلاميذ.
وعرف التعليم الثانوي أوّل إعادة هيكلة سنة 1992، لكنّ ازدواجية الأهداف المسطّرة له قد أدّت إلى التباس في غاياته:
* تعليم ثانوي عام وتكنولوجي موجّه أساسا لمتابعة الدراسة والتكوين العالي؛
* تعليم ثانوي تقني يعدّ التلاميذ لسوق العمل بناء على نمط الشهادة التي يتوّج بها، لكنّه في الواقع يؤدّي إلى التعليم العالي أكثر، شأنه شأن التعليم الثانوي العام والتكنولوجي.
وتتميز هذه الهيكلة بالتوجّه التكنولوجي والعلمي، وذلك من خلال إنشاء أربع شعب تكنولوجية إلى جانب الشعبة العلمية، وشعبة العلوم الدقيقة، بالإضافة إلى الشعب التقنية، ممّا أدّى إلى انعدام التوازن بين الشعب، حيث تستحوذ شعبة علوم الطبيعة والحياة على حصّة الأسد.
الخصائص الأساسية للهيكلة، وتتمثّل في ثلاثة جذوع مشتركة في السنة الأولى ثانوي:
- جذع مشترك آداب،
- جذع مشترك علوم ،
- جذع مشترك تكنولوجيا.
وتتفرّع منها في السنة الثانية 15 شعبة:
*5 شعب للتعليم العام :آداب وعلوم إنسانية، آداب علوم إسلامية، آداب ولغات أجنبية، علوم الطبيعية والحياة، علوم دقيقة؛
* 4 شعب للتعليم التكنولوجي: هندسة ميكانيكية، هندسة كهربائية، هندسة مدنية، تسيير واقتصاد.
* 6 شعب للتعليم التقني: إلكترو تقني، الكترونيك، صنع ميكانيكي، بناء وأشغال عمومية، كيمياء، تقنيات المحاسبة.
وقد أبقى التنظيم على شهادة بكالوريا التعليم الثانوي كتتويج لدراسات الشعب العامة والتكنولوجية، وشهادة بكالوريا التقني للشعب التقنية.
ولهذه الهيكلة جوانب إيجابية يمكن تلخيصها في :
* اعتماد نمط هيكلة تتماشى والتوجّهات العالمية الكبرى : أولوية الثقافة العامة، إدراج البعد التكنولوجي، تأخير التخصّص، تقليص عدد الشعب؛
* تحسين جهاز التوجيه بفضل اعتماد التدرّج في اتخاذ قرار إعادة التوجيه.
أمّا نقاط الضعف فهي :
* الغموض الناتج عن الازدواجية في الغايات(التحضير للتعليم العالي وعالم الشغل)؛
* عدم إشراك كل المتعاملين مع المنظومة التربوية في اعتماد هذه الهيكلة؛
* ضعف ملمح التخرّج من الشعب التكنولوجية بسبب تقليص الحجم الساعي للرياضيات، والفيزياء والكيمياء مقارنة بشعبة العلوم الدقيقة؛
* عدم تثمين شعبة العلوم الدقيقة بسبب عدم جدوى معاملات المواد المسمّاة أساسية (رياضيات، فيزياء وكيمياء)، ممّا جعل أحسن التلاميذ يهجرونها؛
* عدم التكافؤ بين الشعب، إذ تمنح شعبة علوم الطبيعة والحياة فرصا أكثر للالتحاق بالتعليم العالي؛
* ازدواجية الأداء في أربع شعب من التعليم التقني مع شعب التعليم التكنولوجي:
إلكترونيك ـــــــــ هندسة كهربائية
صنع ميكانيكي ـــــــــ هندسة ميكانيكية
بناء وأشغال عمومية ـــــــــ هندسة مدنية
تقنيات المحاسبة ـــــــــ تسيير واقتصاد.