كنت أعمى ليوم واحد

رنون

من الاعضاء المؤسسين
لم يعتد ذلك الظلام الذي يملأ عينيه

أينما يحرك عينيه يرى سوادًا و لا شئ غير السواد ، هو يعلم تمامًا أن حجرته يملؤها الضوء ولكن عينيه تملؤها الظلمة ولا شئ غير الظلمة

قام يتحرك في حجرته ، أخذ يتعثر في أثاثها ، كان يظن أنه يحفظ كل شبر فيها وأنه يستطيع التحرك فيها في الظلام ، ولكن شتان بين ظلام خارجي وظلام داخل...ي

أخذ يتحسس بيديه طريقه ولا ينقل رجله إلا بعد التأكد من خطوته ، كان انتقال رجله من موضع لآخر يستغرق وقتًا طويلاً ، طول الوقت لم يكن مطلقاً ولكنه كان وقتاً أطول من ذي قبل ، فهو قبل ذلك اليوم كان يقطع الحجرة ذهابًا وإيابًا في وقت مساوٍ لوقت خطوة واحدة اليوم

شعر أن قوة حاسة بصره قد انتقلت إلى يديه وأذنيه ، فبعدما كان يبصر بعينين اثنتين صار يبصر بواسطة يدين تساعدهما أذنان ، حيث إنه شعر أيضاً أن قوة سمعه قد زادت ، فهو الآن يسمع أصواتًا ما كان ليسمعها من ذي قبل ، ولا يدري أذلك زيادة في قوة سمعه بالفعل أم أنه قبل ذلك اليوم كان ينشغل عن تلك الأصوات بما ينظر إليه ، لا يدري !!ا

* * * * * * *
تحسس طريقه إلى خزانة كتبه ، واستطاع بعد جهد ومثابرة أن يصل إليها دون أن يتعثر في شئ ، ولأن قدرته على النظر قد تعطلت فقد قامت بدورها قدرته على اللمس وأخذ يتحس كتبه بكلتا يديه

كان قبل ذلك اليوم يمد يده ويسحب الكتاب الذي يريده دون أدنى مجهود يذكر ، أما الآن فهو لا يدري على أي كتاب تمر يده ، هو يتذكر كيف نظم كتبه ، يده اليمنى الآن على الجزء الذي يضم كتب الأدب التي كان يحب قراءتها ، ولكنه لا يدري أي كتاب يمسكه الآن !!ا

أهو ديوان شعر؟
أم مجموعة قصصية؟
أم تراها رواية؟
أم أنها مسرحية؟
!! ولعله يكون كتاب نقد ، لا يدري

بعدما يئست يمناه من معرفة الكتاب الذي أمسكته ، وضعته في مكانه ونزلت لتستقر في وضعها الطبيعي ، ثم أخذ العقل دوره ليفكر

كيف سيستطيع ذلك الفتى قراءة تلك الكتب مرة أخرى؟
هل سيستعين بمن يقرأها له؟
أم سيتعلم تلك الطريقة التي ابتكرت خصيصاً لمن هم في مثل حالته تلك؟

وجد أن كليهما أشق عليه من الآخر ، أبعدما كان يقرأ الكتاب بمفرده بترو ويمسك بقلمه ليظلل بعض العبارات الهامة ويكتب تعليقاته على صفحات الكتاب الذي يقرأه يأتي اليوم الذي يقرأ له آخرون؟

ماذا يفعل إذا لم يصل هؤلاء الآخرين ما يقرأونه وأخذوا يرددونه مثل أخبار في جريدة؟
وماذا يفعل إذا ملّ هؤلاء الآخرون من القراءة بينما هو لم يشبع منها بعد؟

وحتى لو تعلم تلك الطريقة فإنه سوف يعتمد في قراءته على حاسة واحدة فقط ألا وهي حاسة اللمس ، وسيفقد حاسة مهمة كانت تعينه على أكبر قدر من فهم ما يقرأه ألا وهي حاسة البصر

* * * * * * *
شعر بحزن شديد وأدرك أن حياته كلها ستتغير تغيراً جذرياً بدءاً من اليوم ، وأنه سيتوقف عن بعض الأعمال التي كان يقوم بها قبل ذلك اليوم ، وأنه سيضطر إلى مواصلة أعمال أخرى ولكن بأسلوب مختلف تماماً عن ذي قبل

ملأه إحساسا مرارة وكآبة دفعاه إلى الإسراع بفتح عينيه التي كان قد قرر أن يجرب يوماً يعيشه دون أن يفتحها من أول اليوم إلى أن يجئ موعد نومه

ثم سجد ، وأخذ يردد : الحمد لله ، الحمد لله ، الحمد لله

قال تعالى :
وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
 
سبحان الله

والحمد لله على نعمة التى لا تعد ولا تحصي

شكرا حببتي على الموضوع الرائع

كلمات عانقت السماء من روعتها

تقبلي مروري
 
نور الأيمان
لتواجدك روعه واطلاله مميزه
كوني بالقرب دوماً
 
( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ
أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ
لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
(النحل:78) .
نعم الله على الإنسان كثيرة ،ومتنوعة لا يحصيها الإنسان لو عدّها،ومنها نعمة البصر،والبصيرة..والعمي ليس في العين فقط ..انما العمي الحقيقي عمي القلب عن نور البصيرة
اسال الله ان ينير قلوبنا بنور ايماننا
وان يرضي عنا

رنا
قصه رائعه
لكى منى كل التقدير والاحترام

 
الوسوم
أعمى كنت ليوم واحد
عودة
أعلى