عبدالله سعد اللحيدان
الاعضاء
العدل والظلم ( 2 ) العدل والظلم في ميزان الإسلام ( 35 ) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( 11 )
العدل والظلم ( 2 ) العدل والظلم في ميزان الإسلام ( 35 )
( بين العدل والظلم ) الحسبة ، الاحتساب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بين العدل والظلم
( بين العدل والظلم ) الحسبة ، الاحتساب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بين العدل والظلم ( 1 )
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ودراسات وبحوث إسلاميّة أخرى ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان
وهذه ، أيضا ، ليست دعوة للخروج ولا البغي ولا الفتنة ، ولا تقويما لأحد أو قدحا في أحد ، بل عرض لاجتهادات وأقوال وآراء علماء وباحثين من مختلف المذاهب الإسلامية وغيرهم ، ووقفات مع بعضهم لتأمّل حال من يسمّيهم بعض الناس من العلماء وغيرهم ب : الجاميّة ، أو المدخليّة ، أو المداخلة ، وطرقهم ومناهجهم وأقوالهم ، والاتهامات الموجّهة لهم بإضفاء الشرعية على الاستبداد والظلم والفسق والفساد ونهب أملاك وأموال وفرص وامتيازات وحقوق المسلمين والعدوان على دماء وأموال وأعراض وحقوق المسلمين وإعطاء أموال المسلمين لأعداء الإسلام والمسلمين ليستعينوا بها في حربهم على الإسلام والمسلمين والنهي عن الإنكار على من يقوم بذلك أو الاحتجاج عليه أو رفضه أو مناصحته بأيّة وسيلة سلمية أو عنفية كانت .
ووقفات قصيرة لتأمل حال وطرق ومناهج وأقوال خصومهم أو من يتّهمهم أو ينتقدهم .
والمناقشة والموازنة لاحقا ، إن شاء الله تعالى .
قال بعض الباحثين : تضع الجامية شروطا تعجيزية للإنكار على الحاكم أو مناصحته أو الخروج لأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر !
ولننظر إلى استحالة وقوع هذه الشروط الجامية الخرافية ، التي قطعا لم تنطبق في التاريخ منذ الأزل ، ولن تنطبق إلى الأبد ، على أي حاكم في الأرض أو في كوكب آخر !
لنتأمل هذه الشروط مع قدر يسير من النظر العلمي والتفكير المنطقي والواقعي ، يقول :
أحدها : أن يفعل ولي الأمر كفرا لا مجرّد فسق أو معصية أو فساد أو استئثار .
الثاني : أن يكون الكفر بواحا ، أي واضحا لا لبس فيه ، فإن كان فيه شك أو لبس أو شبهة ، فلا يجوز الخروج عليه .
بمعنى : أن يخرج الحاكم بنفسه ويعلن بكلّ صراحه قائلا : أنا كافر !
بمعنى : أن يخرج الحاكم بنفسه ويعلن بكلّ صراحه قائلا : أنا كافر بالله وكتبه ورسله وملائكته وبالجنّة والنار ..إلخ !
ومن الحاكم المجنون الذي يمكن أن يفعل ذلك !؟
وبمعنى : لو خرج الحاكم إلى العلن وفعلها وفعل أعظم المنكرات والمكفرات ، لوجد له هؤلاء الجاميّة وأمثالهم أكثر من مخرج من هذه الورطة من خلال هذه المواد الفضفاضة والشروط التي لا ضوابط لها ، وأدخلوك في جدل : بواح أو غير بواح ، كأن يقولوا : هذا الكفر ليس واضحا لأننا لا نعلم نيته ولا نعرف حالته العقلية لعله سكران ، لعله أخذ غفوة ، والسكر يسقط الحكم بالكفر ، أو لعلّه تحت تأثير مجهول ، أو لعلّه كفر أصغر لا يخرج من الملة والكفر درجات ، فلا يجوز الخروج .
الثالث : أن يكون هذا الكفر دليله واضحٌ من الكتاب أو السنة .
ودليل هذه الشروط الثلاثة ، وغيرها ، عندهم ، قول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في الحديث لمّا سُئل عن الخروج على الأمراء ( الشرعيين ) ، قال : ( إلا أن تروا كفراً بُواحاً عندكم من الله فيه برهان ) .
وهذا مخرج آخر لهم ، كأن يقولوا لنا : نعم هذا كفر لكن ليس له دليل واضح صريح بعينه لا لبس فيه منتفي الموانع بأنه مخرج من الملّة ، يجب أن نتحرّى الدقة ! وبما أنه ليس له دليل صريح يخصّ الحالة بعينها ، فلا يجوز الخروج عليه لأنها شبهة !
الرابع : وجود البديل المسلم الذي يحل محل الحاكم الكافر ، ويُزيل الظلم والفسق والفساد والعدوان ، ويحكم بالعدل بشرع الله ، وإلا فيجب البقاء مع الحاكم الأول .
هذا الشرط الذي قصم ظهر البعير ، وجود البديل المسلم ! يعني كل هؤلاء المسلمين من أمة محمد ، لا يصلحون كبدلاء لهذا الحاكم النادر والرجل الخارق والذي هو فلتة وآية لم ولن يوجد مثلها !
ألا يصلح بديلا له ، مثلا ، عالم كبير ، أو خبير معه شهادة دكتوراه !؟
يقولون : لا ، الملايين من المسلمين لا يوجد منهم واحد يمكن أن يصلح بديلا له أو يسدّ مسدّه !
حتى لو كان ( لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى ) !؟ ، حتى لو كان لا يجيد قراءة القرآن مثلا ، ( فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) !؟
_
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ، و : ( كُنْتُمْ خَيْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلْنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرَهُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، و : ( لُعِنَ الَّذينَ كَفَرُوا مِن بَني إسرائيلَ عَلى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بِما عَصَوا وَّكَانُوا يَعتدُونَ * كَانُوا لا يَتَناهَونَ عَن مُّنكَرٍ فَعلَوهُ لَبِئسَ مَا كَانُوا يَفعَلُونَ ) ، و : ( فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ) ، و : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ، و : ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) ، و : ( فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ، و : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) ، و : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، و : ( وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ) ، و : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) ، و : ( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ) .
_
الحسبة ، الاحتساب ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، العدل والظلم ، العدل والظلم في ميزان الإسلام .
بتصرّف وإيجاز .
من : سلسلة العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ( ك : حقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعية ، والدماء ، والأموال العامّة والخاصّة ، والأعراض ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والمعارضة ، والمقاومة ، والخروج ، والتغيير ، والثورة ، والحكم ، والسلطات ( التشريعية ، والتنفيذية ، والرقابية ، والقضائية ) ، والشورى ، والديمقراطية ، والاستئثار ، والاستبداد ، والطاعة ، والموالاة ، والفساد ، والفقر ، والبطالة ، والتشرّد ، وغيرها . ( دراسات وبحوث إسلامية ، ومقارنة ) . تأليف : عبدالله سعد اللحيدان . وهي غير خاصّة بوقت أو أحد أو حالة أو جهة ، مع إيراد أمثلة - حسب الحاجة - من التاريخ والواقع .
وحرصا على أن يبقى خيط هذه السلسلة العلمية متّصلا وطريق سيرها واضحا ، وأن أزوّد من يتابعها بكلّ ما يستجدّ فيها - إن شاء الله تعالى - أذكر التالي :
الجزء الأول من هذه السلسلة العلمية بدأته ب : آيات الظلم في القرآن الكريم ، وفي الجزء الثاني أضفت : الدعاء ، دعوة المظلوم ، الدعاء للمظلومين ، الدعاء على الظالمين .
وتقع هذه السلسلة في دائرة الهمّ الأساسي لمؤلفاتي السابقة ، وغيرها من الكتابات والنشاطات الثقافية والإعلامية ، وإن كان لكلّ منها مجاله ، أو تخصّصه ، الذي قد يختلف - في الشكل - عن الآخر .
والهدف : إبراء الذمّة ، ومساهمة بسيطة في استنتاج معيار واضح للعدل والظلم ، ونشر فكر وثقافة العدل واجتناب الظلم .
ولابد للعدل والظلم من معيار ، وإلّا كانت الأهواء والأغراض هي المعيار !
قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) .
وأوجز ما قلت في مقدّمات الأجزاء السابقة بالتالي :
سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
القرآن الكريم ثمّ السنّة هما الأساس والمنطلق الأوّل ، والتأكيد على العلم الشرعي والدعوة والوعظ والتبليغ والاحتساب والإصلاح والدعاء وحثّ المظلوم على اللجوء إلى الله تعالى والتمسّك بأسباب زوال الظلم عنه .
وهذه الدراسات والبحوث ليست في علوم الدين فقط ، التي هي المصدر والمورد ، بل تشمل علوم اللغة والاقتصاد والاجتماع والطبيعة وغيرها .
وما تمّ نشره من هذه السلسلة - حتى الآن ، في أكثر من ألف وخمسمائة ( 1500 ) حلقة ( في اثنين وستين - 62 - مجموعة ) ، مع نشر الجزء الخامس - هو كتابات مبدئية موجزة وعرض تليه مناقشات لاحقة .
وبعد استيفاء ما يستجدّ ويرد من إضافات وملاحظات ، والتحقيق والمناقشة والتحرير والمراجعة ، واكتمال السلسلة ، سأقوم بتصنيفها وطباعتها إن شاء الله تعالى .
وأعترف بأنّ المواضيع كثيرة والقضايا كبيرة ، وأنّها تحتاج إلى بحوث ودراسات أشمل وأعمق ممّا نشرت حتى الآن ، لكن ذلك لا يمنع من محاولة الوصول إلى بعض الحقائق وتبيينها . قال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) .
وهذه السلسلة ، أعتمد فيها - بعد الله سبحانه وتعالى - على عشرات المصادر والمراجع ، وأبذل وسعي ، و ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) . ( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) .
سلسلة العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
العدل والظلم ( 2 ) العدل والظلم في ميزان الإسلام ( 35 )
( بين العدل والظلم ) الحسبة ، الاحتساب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بين العدل والظلم
( بين العدل والظلم ) الحسبة ، الاحتساب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بين العدل والظلم ( 1 )
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ودراسات وبحوث إسلاميّة أخرى ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان
وهذه ، أيضا ، ليست دعوة للخروج ولا البغي ولا الفتنة ، ولا تقويما لأحد أو قدحا في أحد ، بل عرض لاجتهادات وأقوال وآراء علماء وباحثين من مختلف المذاهب الإسلامية وغيرهم ، ووقفات مع بعضهم لتأمّل حال من يسمّيهم بعض الناس من العلماء وغيرهم ب : الجاميّة ، أو المدخليّة ، أو المداخلة ، وطرقهم ومناهجهم وأقوالهم ، والاتهامات الموجّهة لهم بإضفاء الشرعية على الاستبداد والظلم والفسق والفساد ونهب أملاك وأموال وفرص وامتيازات وحقوق المسلمين والعدوان على دماء وأموال وأعراض وحقوق المسلمين وإعطاء أموال المسلمين لأعداء الإسلام والمسلمين ليستعينوا بها في حربهم على الإسلام والمسلمين والنهي عن الإنكار على من يقوم بذلك أو الاحتجاج عليه أو رفضه أو مناصحته بأيّة وسيلة سلمية أو عنفية كانت .
ووقفات قصيرة لتأمل حال وطرق ومناهج وأقوال خصومهم أو من يتّهمهم أو ينتقدهم .
والمناقشة والموازنة لاحقا ، إن شاء الله تعالى .
قال بعض الباحثين : تضع الجامية شروطا تعجيزية للإنكار على الحاكم أو مناصحته أو الخروج لأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر !
ولننظر إلى استحالة وقوع هذه الشروط الجامية الخرافية ، التي قطعا لم تنطبق في التاريخ منذ الأزل ، ولن تنطبق إلى الأبد ، على أي حاكم في الأرض أو في كوكب آخر !
لنتأمل هذه الشروط مع قدر يسير من النظر العلمي والتفكير المنطقي والواقعي ، يقول :
أحدها : أن يفعل ولي الأمر كفرا لا مجرّد فسق أو معصية أو فساد أو استئثار .
الثاني : أن يكون الكفر بواحا ، أي واضحا لا لبس فيه ، فإن كان فيه شك أو لبس أو شبهة ، فلا يجوز الخروج عليه .
بمعنى : أن يخرج الحاكم بنفسه ويعلن بكلّ صراحه قائلا : أنا كافر !
بمعنى : أن يخرج الحاكم بنفسه ويعلن بكلّ صراحه قائلا : أنا كافر بالله وكتبه ورسله وملائكته وبالجنّة والنار ..إلخ !
ومن الحاكم المجنون الذي يمكن أن يفعل ذلك !؟
وبمعنى : لو خرج الحاكم إلى العلن وفعلها وفعل أعظم المنكرات والمكفرات ، لوجد له هؤلاء الجاميّة وأمثالهم أكثر من مخرج من هذه الورطة من خلال هذه المواد الفضفاضة والشروط التي لا ضوابط لها ، وأدخلوك في جدل : بواح أو غير بواح ، كأن يقولوا : هذا الكفر ليس واضحا لأننا لا نعلم نيته ولا نعرف حالته العقلية لعله سكران ، لعله أخذ غفوة ، والسكر يسقط الحكم بالكفر ، أو لعلّه تحت تأثير مجهول ، أو لعلّه كفر أصغر لا يخرج من الملة والكفر درجات ، فلا يجوز الخروج .
الثالث : أن يكون هذا الكفر دليله واضحٌ من الكتاب أو السنة .
ودليل هذه الشروط الثلاثة ، وغيرها ، عندهم ، قول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في الحديث لمّا سُئل عن الخروج على الأمراء ( الشرعيين ) ، قال : ( إلا أن تروا كفراً بُواحاً عندكم من الله فيه برهان ) .
وهذا مخرج آخر لهم ، كأن يقولوا لنا : نعم هذا كفر لكن ليس له دليل واضح صريح بعينه لا لبس فيه منتفي الموانع بأنه مخرج من الملّة ، يجب أن نتحرّى الدقة ! وبما أنه ليس له دليل صريح يخصّ الحالة بعينها ، فلا يجوز الخروج عليه لأنها شبهة !
الرابع : وجود البديل المسلم الذي يحل محل الحاكم الكافر ، ويُزيل الظلم والفسق والفساد والعدوان ، ويحكم بالعدل بشرع الله ، وإلا فيجب البقاء مع الحاكم الأول .
هذا الشرط الذي قصم ظهر البعير ، وجود البديل المسلم ! يعني كل هؤلاء المسلمين من أمة محمد ، لا يصلحون كبدلاء لهذا الحاكم النادر والرجل الخارق والذي هو فلتة وآية لم ولن يوجد مثلها !
ألا يصلح بديلا له ، مثلا ، عالم كبير ، أو خبير معه شهادة دكتوراه !؟
يقولون : لا ، الملايين من المسلمين لا يوجد منهم واحد يمكن أن يصلح بديلا له أو يسدّ مسدّه !
حتى لو كان ( لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى ) !؟ ، حتى لو كان لا يجيد قراءة القرآن مثلا ، ( فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) !؟
_
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ، و : ( كُنْتُمْ خَيْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلْنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرَهُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، و : ( لُعِنَ الَّذينَ كَفَرُوا مِن بَني إسرائيلَ عَلى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بِما عَصَوا وَّكَانُوا يَعتدُونَ * كَانُوا لا يَتَناهَونَ عَن مُّنكَرٍ فَعلَوهُ لَبِئسَ مَا كَانُوا يَفعَلُونَ ) ، و : ( فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ) ، و : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ، و : ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) ، و : ( فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ، و : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) ، و : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، و : ( وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ) ، و : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) ، و : ( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ) .
_
الحسبة ، الاحتساب ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، العدل والظلم ، العدل والظلم في ميزان الإسلام .
بتصرّف وإيجاز .
من : سلسلة العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ( ك : حقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعية ، والدماء ، والأموال العامّة والخاصّة ، والأعراض ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والمعارضة ، والمقاومة ، والخروج ، والتغيير ، والثورة ، والحكم ، والسلطات ( التشريعية ، والتنفيذية ، والرقابية ، والقضائية ) ، والشورى ، والديمقراطية ، والاستئثار ، والاستبداد ، والطاعة ، والموالاة ، والفساد ، والفقر ، والبطالة ، والتشرّد ، وغيرها . ( دراسات وبحوث إسلامية ، ومقارنة ) . تأليف : عبدالله سعد اللحيدان . وهي غير خاصّة بوقت أو أحد أو حالة أو جهة ، مع إيراد أمثلة - حسب الحاجة - من التاريخ والواقع .
وحرصا على أن يبقى خيط هذه السلسلة العلمية متّصلا وطريق سيرها واضحا ، وأن أزوّد من يتابعها بكلّ ما يستجدّ فيها - إن شاء الله تعالى - أذكر التالي :
الجزء الأول من هذه السلسلة العلمية بدأته ب : آيات الظلم في القرآن الكريم ، وفي الجزء الثاني أضفت : الدعاء ، دعوة المظلوم ، الدعاء للمظلومين ، الدعاء على الظالمين .
وتقع هذه السلسلة في دائرة الهمّ الأساسي لمؤلفاتي السابقة ، وغيرها من الكتابات والنشاطات الثقافية والإعلامية ، وإن كان لكلّ منها مجاله ، أو تخصّصه ، الذي قد يختلف - في الشكل - عن الآخر .
والهدف : إبراء الذمّة ، ومساهمة بسيطة في استنتاج معيار واضح للعدل والظلم ، ونشر فكر وثقافة العدل واجتناب الظلم .
ولابد للعدل والظلم من معيار ، وإلّا كانت الأهواء والأغراض هي المعيار !
قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) .
وأوجز ما قلت في مقدّمات الأجزاء السابقة بالتالي :
سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
القرآن الكريم ثمّ السنّة هما الأساس والمنطلق الأوّل ، والتأكيد على العلم الشرعي والدعوة والوعظ والتبليغ والاحتساب والإصلاح والدعاء وحثّ المظلوم على اللجوء إلى الله تعالى والتمسّك بأسباب زوال الظلم عنه .
وهذه الدراسات والبحوث ليست في علوم الدين فقط ، التي هي المصدر والمورد ، بل تشمل علوم اللغة والاقتصاد والاجتماع والطبيعة وغيرها .
وما تمّ نشره من هذه السلسلة - حتى الآن ، في أكثر من ألف وخمسمائة ( 1500 ) حلقة ( في اثنين وستين - 62 - مجموعة ) ، مع نشر الجزء الخامس - هو كتابات مبدئية موجزة وعرض تليه مناقشات لاحقة .
وبعد استيفاء ما يستجدّ ويرد من إضافات وملاحظات ، والتحقيق والمناقشة والتحرير والمراجعة ، واكتمال السلسلة ، سأقوم بتصنيفها وطباعتها إن شاء الله تعالى .
وأعترف بأنّ المواضيع كثيرة والقضايا كبيرة ، وأنّها تحتاج إلى بحوث ودراسات أشمل وأعمق ممّا نشرت حتى الآن ، لكن ذلك لا يمنع من محاولة الوصول إلى بعض الحقائق وتبيينها . قال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) .
وهذه السلسلة ، أعتمد فيها - بعد الله سبحانه وتعالى - على عشرات المصادر والمراجع ، وأبذل وسعي ، و ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) . ( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) .
سلسلة العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .