المحاليل الغروية وخواصها

املي بالله

نائبة المدير العام
خواص الغرويات



الحركة البروانية Brawnian Movement :

لاحظ عالم النبات بروان أن دقائق الغروي في حركة مستمرة على خط مستقيم ، إلاّ أن تلك الدقائق تصطدم بجزيئات الوسط المشتت و بالتالي تغير في اتجاهها ، و ذلك الاتجاه يكون بخط مستقيم ... مما يجعل حركة دقائق الغروي تشبه حركة الزيجزاج Zig-zag ( متعرجة )

و قد استدل بروان على ذلك عندما لاحظ أن حبوب اللقاح المعلقة في الماء تتحرك دائماً حركة عشوائية مستمرة في مسار متعرج ... فسميت هذه الحركة بالحركة البروانية Brawnian Movement نسبة إليه .









يعزى سبب هذه الحركة إلى عاملين : الأول هو تنافر دقائق الغروي نتيجة تشابه الشحنات على كل منها ، و العامل الثاني هو تصادم دقائق الغروي مع جزيئات السائل .

و كلما زادت لزوجة السائل أي تقاربت جزيئاته كلما قلت الحركة البروانية لقلة الفراغ الذي يمكن أن تتحرك فيه بحريّة .... غير أن صغر حجم دقائق الغروي يعطي فرصة لزيادة الحركة البروانية .







ظاهرة تايندال Tyndal Effect

يمكن تمييز الغرويات عن المحاليل الحقيقية من خلال ظاهرة تيندال ، فعندما يمر شعاع ضوئي خلال محلول حقيقي في كأس زجاجي شفاف فإن مسار الشعاع الضوئي لا يمكن مشاهدته خلال المحلول الحقيقي لأن المحلول يشتت الضوء تشتيتاً ضعيفاً ، بينما عند مرور الشعاع الضوئي خلال الغروي فإنه يمكن مشاهدة ذلك الشعاع خلاله و السبب في ذلك يعود إلى أن الغروي يعمل على تشتيت الأشعة المارة خلاله و هذا ما يعرف بظاهرة تيندال نسبة إلى العالم الفيزيائي جون تيندال .









لماذا تبدو السماء باللون الأزرق ؟

إن أشعة الشمس تمر خلال الغروي ( ذرات الغبار في الهواء ) فتعمل على بعثرة و تشتيت اللون الأزرق ذو الطول الموجي القصير ...أي أن الموجات الضوئية القصيرة ذات التردد العالي ( كالأزرق و البنفسجي ) تصطدم بالجسيمات الموجودة في الهواء الجوي الأمر الذي يؤدي على تشتتها .

















الانتشار Diffusion و التصفية Dialysis :

تتميز الغرويات بعدم قدرتها على النفاذ خلال الأغشية شبه المنفذة ، لذلك فإن سرعة انتشار دقائقها أبطئ من دقائق المحلول الحقيقي ، لكن الغرويات المحضّرة تكون مختلطة بمقادير كبيرة من الإلكتروليت و وجود الإلكتروليت بذلك القدر يعمل على ترسيب الغروي ...

لتخليص الغروي من الإلكتروليت استخدم جراهام جهاز يسمى المصفّى Dialysir ... و هو إناء زجاجي يربط على فوهته السفلية الواسعة غشاء شبه منفذ ، ثم يملأ الإناء بالمحلول الغروي المراد تصفيته ، و يعلق الإناء بإناء آخر فيه ماء نقي ... فيسمح الغشاء بنفاذ أيونات الإلكتروليت و لا يسمح بمرور دقائق الغروي لكبر حجمها حتى يتساوى التركيز داخل الإناء و خارجه . فإذا تم تجديد الماء النقي تسرب جزء آخر من أيونات الإلكتروليت إلى الماء ، و هكذا بدوام تجديد الماء يمكن التخلص من الإلكتروليت تدريجياً .

تم تطوير هذا الجهاز باستخدام الدائرة الكهربائية بحيث تسير الأيونات مع التيار الكهربي فتغادر إلى القطب المغاير لها ، و بالتالي تنفصل عن الغروي و هذا ما يعرف بالديلزة Dialysis .


لدقائق الغروي القدرة على الإمتزاز( الإدمصاص ) Adsorption نظراً لمساحة سطحها الكبير .
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
ما هو مصدر الشحنة الموجودة على الدقائق الغروية ؟

تحتوي المحاليل الحقيقية على الأيونات الموجبة و السالبة معاً ... كما في محلول كلوريد الصوديوم ، أو قد تكون متعادلة كمحلول السكر ...بينما دقائق الغرويات تكون دائماً مشحونة بشحنة إما سالبة أو موجبة .

يمكن الاستدلال على وجود الشحنة الكهربية على دقائق الغروي إذا وضع تحت تأثير مجال كهربي ( فرق جهد كهربي ) فإن دقائق الغروي تتحرك في اتجاه واحد ، ناحية القطب الموجب أو القطب السالب ، مما يدل على أن الدقائق الغروية مشحونة كهربياً من نوع واحد فقط . و تسمى عملية هجرة الدقائق في الحالة الغروية تحت تأثير المجال الكهربي الكتروفورسز Electrophoresis



فُسر اكتساب الغروي للشحنة الكهربية بعدة احتمالات :



أن الشحنات تتكون من التفكك الذاتي للمحلول الغروي ... كما في المنظفات الصناعية الأيونية .

يمكن أن تمتز دقائق الغروي بعض الشحنات الموجودة كشوائب في محلول الغروي ... مثلاً : عند تحضير هيدروكسيد الحديديك من تميؤ كلوريد الحديديك تتبقى أيونات حديديك فائضة ( شوائب ) ؛ فتمتزّها دقائق الغروي .



تتكون الشحنة على دقائق الغروي بحسب الوسط الذي توجد فيه ، مثل البروتينات و هي غرويات ... فإذا تواجدت في وسط حمضي أصبحت دقائق الغروي مشحونة بشحنة موجبة ، أما إذا كان الوسط قاعدي فحينها تكون شحنة دقائق الغروي سالبة .













ثبات المحاليل الغروية : Colloids Stability

إن ثبات الغروي يعود إلى وجود الشحنة الكهربية على دقائقه ... فالغرويات الليوفوبية ( الكارهة للوسط المشتت ) يرجع ثباتها إلى وجود الشحنة الكهربية المتماثلة حول دقائقها مما يؤدي إلى تنافرها و وجود كل منها على حدة . إلآ ّ أنها أقل ثباتاً من الغرويات الليوفيلية لأنها تترسب بإضافة كمية بسيطة من الإلكتروليت .

أما الغرويات الليوفيلية ( المحبة للوسط المشتت ) فإنه بالإضافة إلى شحنتها ، تحيط الدقائق نفسها بطبقة من المذيب تقوم كحائل كبير يمنع ارتطامها بعضها ببعض فيجعلها أكثر ثباتاً من الغرويات الليوفوبية .

و يلزم لكي تتجلط الغرويات الليوفيلية التخلص من شحنتها و كذلك من طبقة السائل الملتصقة بها ؛ لأن إزالة الشحنة فقط لا يؤدي إلى تجلط الغروي الليوفيلي .













ترسيب الغرويات Colloidal Coagulates

إن ثبات الغروي يرجع إلى وجود الشحنة الكهربية حول الدقائق ـ و يمكن ترسيب الغروي بإزالة هذه الشحنة و ذلك بإضافة زيادة من المحاليل الإلكتروليتية ـ فبالرغم من أن وجود الإلكتروليتات بكمية صغيرة لازم للحصول على دقائق غروية مشحونة ( ثابتة ) ؛ إلاّ أن وجودها بنسبة كبيرة يؤدي إلى تعادل شحنات دقائق الغروي بفعل الأيونات المخالفة لها في الشحنة و التي تتوفر في الكمية الكبيرة من المحلول الإلكتروليتي .

مثلاً غروي هيدروكسيد الحديديك Fe(OH)3 هو غروي موجب ، فإذا أضفنا محلول كلوريد الصوديوم NaCl ( إلكتروليت ) فإن الشحنة الموجبة لن تلعب أي دور يذكر ، بينما أيون الكلوريد السالب يتجاذب مع جزيئات الغروي فيكوِّن الراسب .

و من الأمثلة المألوفة استعمال الشب أو كلوريد الحديديك لإيقاف النزيف ، فالدم غروي سالب الشحنة بينما أيونات الحديديك موجبة الشحنة فهي مجلِّطة قوية للدم .

و قد توصل كل من هاردي و شلز Hardy & Schultze إلى أن الأيون الفعال في ترسيب أو تجلط الغرويات هو الأيون ذو الشحنة المخالفة لشحنة دقائق الغروي ، كما أن قدرة الأيون ذو الشحنة الأكبر في عملية الترسيب أكبر من الأيون ذو الشحنة الأقل ... فمثلاً أيونات الكالسيوم +2 أكبر أثراً من أيونات الصوديوم +1 ، و أيونات الحديد +3 أكبر من السابقتين و هكذا .







زيادة الحساسية و وقاية الغروي Sensitization & Protection

ماذا يحدث إذا أضيفت مقادير قليلة من غروي محب للوسط المشتت ( ليوفيلي ) إلى آخر كاره للوسط المشتت ( ليوفوبي ) ؟

في هذه الحالة فإن الغروي الليوفوبي يصبح حساساً للترسيب بفعل الإلكتروليت و تسمى هذه العملية زيادة الحساسية ، و يجب أن تكون شحنة الغروي الليوفيلي معاكسة لشحنة الغروي الليوفوبي .

أما إذا تماثلت الشحنتان فإن الغروي الليوفوبي يصبح غير حساس للترسيب بإضافة الإلكتروليت ، و هذه العملية تسمى الحماية أو الوقاية من الترسيب ؛ فيكون الغروي الليوفيلي قد وقى الغروي الليوفوبي من الترسيب .





كيف نحصل على الغرويات ؟

بما أن حجم دقائق الغروي أكبر من دقائق المحلول الحقيقي و أصغر من المعلق ؛ فإنه يمكن الحصول على الغرويات إما من المعلق و ذلك بتكسير جزيئاته لجعلها مساوية لحجم دقائق الغروي ... أو بتجميع دقائق المحاليل الحقيقية فتتكون دقائق أكبر تماثل في حجمها دقائق الغروي .



طرق التكسير :

و يتم فيها تكسير المعلق للوصول إلى حجم دقائق الغروي ، ومن هذه الطرق :



التكسير الميكانيكي : و يتم بوضع المعلق داخل أسطوانة من الفولاذ ، و عندما تدور الأسطوانة ترتطم جزيئات المعلق بالجدار الفولاذي فتتفتت إلى جزيئات أصغر مساوية لحجم دقائق الغروي .



التكسير الكهربائي : يمكن تكسير المعادن بوضعها في قوس كهربائي بحيث تكون الأقطاب الكهربائية مغموسة في الماء ، فعند تبخر المعدن يصطدم بالماء البارد فيكون الغروي .



الببتزة Peptization : في عملية الببتزة يتم إضافة مادة كيميائية إلى المعلق ، فتعمل على تكسير جسيماته إلى جسيمات أصغر . تسمى تلك المادة الكيميائية بعامل الببتزة .

معلق هيدروكسيد الحديديك Fe(OH)3 يمكن تكسيره إلى غروي بإضافة كمية بسيطة من كلوريد الحديديك FeCl3 ( عامل ببتزة ) الذي يعمل على تكسير المعلق فنحصل على غروي من هيدروكسيد الحديديك Fe(OH)3 .











طرق التجميع : و هذه الطريقة تعتمد على تكثيف الجزيئات الأصغر لتكوين جسيمات الغروي ... يتم ذلك بتفاعلات كيميائية كتفاعلات الإحلال و التميؤ و الأكسدة و الاختزال .
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
بعض التطبيقات العملية للغرويات



في صناعة المستحلبات : معلق الغروي المكون من سائل في سائل يسمى مستحلب emulsion .

يحتوي اللبن على كريات من الدهن تصعد إلى السطح لتكون الكريمة ، و عندما تتكسر هذه الكريات الدهنية إلى دقائق في حجم الغروي في طواحين خاصة بذلك ، يتكون لبن متجانس و عندئذ لا تنفصل الكريمة عن اللبن المعالج بمثل هذه الطريقة .

أنواع الكريم المستخدم في التجميل و معاجين الأسنان و معلقات أخرى كثيرة من السوائل يتكون منها مستحلب بهذه الطريقة لا ينفصل بمرور الوقت .







ظاهرة الامتزاز Adsorption :يستفاد منها في استخدام بعض الفلزات المجزأة تجزيئاً دقيقاً مثل النيكل و البلاتين لأنها تكون ذات مساحة سطحية كبيرة جداً و هي في الحالة الغروية كعوامل حفازة .

تمتز تلك الفلزات مقادير كبيرة من بعض الغازات كالهيدروجين على سطحها فتنتشر هذه الدقائق الصغيرة خلال الزيت عند صناعة الزيوت المجمدة ( السمن الصناعي ) و عند تلامس الهيدروجين الممتز للزيت فإنه يتجمد بعملية تعرف بالهدرجة .

يمتز الكربون مقادير كبيرة من الغازات إذا كان من نوع الفحم النباتي لأنه مسامي و له لذلك مساحة سطحية كبيرة ... فالكربون يمتز قدر وزنه مرات عديدة من الغازات كالنشادر و غازات الهواء الجوي ؛ و لذلك يستخدم في صناعة الكمامات الواقية من الغازات .

















تجبن ( تخثر ) اللبن :اللبن معلق غروي من مادة الكازين و الزلال و شحنتهما سالبة ، و عندما يحمض اللبن ( وهو ما يسمى باللبن الرائب ) يتكون فيه حمض اللاكتيك ( اللبنيك ) ، و تعادل أيونات الهيدروجين الموجبة المتولدة من الحمض الشحنات السالبة التي على الكازيين و الزلال فيتسبب في فقدان الشحنة مما يؤدي إلى تجمد اللبن .







تكوُّن الدلتا Delta :عند مكان اتصال مياه النهر بمياه المحيط أو البحر الذي يصب فيه يترسب طمي يكوّن دلتا هذا النهر أو يترسب مختفياً تحت الماء فيذهب ضحيته سفن كثيرة أو تدمر عند اصطدامها بالرواسب من الطمي المختفي .... و سبب تكوّن هذه الرواسب هو أن الطمي مادة غروية سالب الشحنة و مياه المحيطات و البحار تحتوي على أيونات موجبة الشحنة ، فتتعادل الشحنتان عند تقابلهما فتترسب رواسب ناعمة من الطمي و التي تكون الدلتا أو تترسب تحت الماء .







إزالة الدخان المتصاعد في المدن الصناعية :يمكن إزالة كثير من الأتربة و الدخان المتصاعد في الهواء في المدن الصناعية بتعريض هذه المواد المنتشرة في الهواء لتيار كهربي ذي جهد عالٍ" طريقة كوتريل Cottrell " ... فكثير من المصانع و أفران استخلاص الفلزات من خاماتها تلوث الهواء الجوي بالأتربة و الدخان و الغازات الضارة ... لذلك يتم تجهيز مداخن تلك المصانع و الأفران بتيار كهربي ذي جهد عالٍ ، و عندما يمر الدخان فيما بين الجهد العالي و يتلامس مع الصفائح المشحونة بتيار فرق جهده 30 ألف فولت أو أكثر ، فتتعادل الشحنات التي على الدقائق و ترسب هذه الدقائق قبل تسربها إلى الهواء الجوي .







في صناعة الأيسكريم :يضاف الجيلاتين إلى اللبن لمنعه من التخثر ، فعندما تضاف الكريمة عند صناعة الأيسكريم فإنها تمنع تكوين بلّورات كبيرة من الثلج . و تكون النتيجة مادة ناعمة ملساء .







صناعة الحبر الهندي :يسمى الحبر الشيني ، و هو مادة غروية كربونية معلقة في الماء و يمكن الاحتفاظ بهذا المعلق بصفة مستديمة بإضافة الصمغ العربي الذي يعمل كمادة حافظة و واقية له من الترسيب .







توجد أنواع من مواد التشحيم تحتوي على الجرافيت المنتشر في الزيت أو الماء و يضاف إليها مادة التانين Tannin لكي تكون ثابتة و لا تتغير مع الزمن .







في دباغة الجلود :تستخدم الغرويات في دباغة الجلود ؛ فجلد الحيوان حديث السلخ أو المملح يتعرض للفساد .و لكن عندما تترسب البروتينات الغروية بعملية " الدباغة " و ذلك بإضافة أملاح الكروم و حمض التانيك ، فإن عوامل إفساد الجلد تقل .







دقائق المطاط المعلقة في لبن المطاط النباتي الطبيعي إذا وضعت في مجال كهربي تتجه نحو القطب الموجب ، و لذا يمكن الاستفادة من ذلك بعمل عجائن تترسب على أسلاك الكهرباء أو في صناعة القفازات . و يمكن اعتبار هذه الطريقة تطبيق عملي لطريقة الإلكتروفورسز .

















أفلام التصوير : يتكون جزء من الفيلم الفوتوغرافي من يوديد أو بروميد أو كلوريد الفضة على هيئة مادة غروية . و لكي لا يفسد الفيلم ينبغي أن نمنع الدقائق الصغيرة الغروية من هذه الهاليدات من التلاحم مكونة كتلاً تؤدي إلى إفساد الفيلم ؛ لذلك تذاب هذه الهاليدات في جيلاتين كمادة حافظة و واقية تعمل على أن تكون دقائق الغروي متباعدة دائماً .
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
عودة
أعلى