كيف حافظ النبي على صحتــه

  • تاريخ البدء

المنسي

الاعضاء

كيف حافظ النبي على صحتــه

الحمد لله

كيف حافظ النبي على صحتــه


أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا ؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذنه ، ويهديهم إلى صراط مستقيم ، ولم يبعثه طبيبا يداوي الأمراض والأسقام البدنية ، وأمره ببناء المساجد ولم يأمره ببناء المستشفيات ، ورغب الناس في العلاج الرحماني بالقرآن الذي يداوي أدواء القلوب فتؤمن بعد كفرها ، وتطيع بعد عصيانها ، وترشد بعد ضلالها ، ولم ينزل القرآن ليصف الدواء من الأوجاع ، وإن كان شفاء لأمراض القلوب والأبدان ؛ كما قال الله تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ) فصلت/44 ، وقوله سبحانه : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) الإسراء/82 .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا " .
وروى البخاري (3371) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ : ( إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ ) .

وكان يكثر من الدعاء بالعافية ويأمر بذلك ، والعافية تشمل عافية الدين والدنيا .
فعن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ أنه قَالَ لِأَبِيهِ : " يَا أَبَتِ إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ : ( اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، تُعِيدُهَا ثَلَاثًا حِينَ تُصْبِحُ وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي ، وَتَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنت ، تُعِيدُهَا حِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي , قَالَ: نَعَمْ يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِنَّ فَأُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ ".
رواه أحمد (19917) وأبو داود (5090) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وكان صلى الله عليه وسلم ربما وصف العلاج والدواء المناسب من غير القرآن والرقى ، وحض على ما ينفع ونهى عما يضر ؛ فروى مسلم (1204) عن عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ إِذَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ : ( ضَمَّدَهُمَا بِالصَّبِرِ ) .
وروى الحاكم (7438) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إذا حم أحدكم فليشن عليه الماء البارد ثلاث ليال من السحر ) وصححه الألباني في "الصحيحة"
وروى البخاري (5680) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ : شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ ) .

ومن الآداب الجليلة التي تنفع الصحة وتحافظ عليها وتقيها من الأمراض : ترك النهم والشره للطعام ، والنهي عن الإسراف والتبذير فيه ؛ فروى الترمذي (2380) عَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ). وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وَهَذَا مِنْ أَنْفَعِ مَا لِلْبَدَنِ وَالْقَلْبِ ، فَإِنَّ الْبَطْنَ إِذَا امْتَلَأَ مِنَ الطَّعَامِ ضَاقَ عَنِ الشَّرَابِ ، فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ الشَّرَابُ ضَاقَ عَنِ النَّفَسِ ، وَعَرَضَ لَهُ الْكَرْبُ وَالتَّعَبُ بِحَمْلِهِ بِمَنْزِلَةِ حَامِلِ الْحِمْلِ الثَّقِيلِ، هَذَا إِلَى مَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ ، وَكَسَلِ الْجَوَارِحِ عَنِ الطَّاعَاتِ ، وَتَحَرُّكِهَا فِي الشَّهَوَاتِ الَّتِي يَسْتَلْزِمُهَا الشِّبَعُ ، فَامْتِلَاءُ الْبَطْنِ مِنَ الطَّعَامِ مُضِرٌّ لِلْقَلْبِ وَالْبَدَنِ " .


والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على نفسه وصحة بدنه بأربعة أمور :
الأول : بالرقية بالقرآن والتعاويذ الشرعية .
الثاني : بالدعاء وطلب العافية .
الثالث : بالوقاية ، والتي هي خير من العلاج .

الرابع : بما أطلعه الله عليه وعلمه مما شاء من العلاج والدواء .

أما شعره صلى الله عليه وسلم : فقد كان يتعاهده بالغسل والتسريح والادّهان والخضاب ، وكان يقول : ( مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ ) رواه أبو داود (4163) ، وصححه الألباني .
وروى الترمذي (1851) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

وأما عينه صلى الله عليه وسلم : فقد ثبت أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَكْتَحِلُ فِي عَيْنِهِ الْيُمْنَى ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَالْيُسْرَى مَرَّتَيْنِ ) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/ 376) وصححه الألباني في "الصحيحة" (633) .
وروى الترمذي (1757) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اكْتَحِلُوا بِالْإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ ) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

ولمطالعة تفاصيل أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ننصح بمراجعة الكتاب النافع للإمام ابن القيم : "زاد المعاد في هدي خير العباد" ، وخاصة المجلد الرابع منه ، وهو خاص بالطب النبوي ، وكذلك ننصح بمراجعة الأبواب الخاصة بذلك في كتاب " الآداب الشرعية والمنح المرعية " لشمس الدين ابن مفلح الحنبلي .
على أنه لا ينبغي للعاقل أن يجعل كل همه في مثل ذلك ؛ وليكن أكبر همه هو هم الآخرة ، وما ينجيه عند الله جل جلاله . وقد روى ابن ماجة (257) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ آخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ ) حسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة" (207) .
والله تعالى أعلم .

 
الوسوم
النبي حافظ صحتــه على كيف
عودة
أعلى