عبدالله سعد اللحيدان
الاعضاء
العدل والظلم ( 2 ) العدل والظلم في ميزان الإسلام ( 22 )
( بين العدل والظلم ) موقف الإسلام من العدل والظلم والمظلومين والظالمين .
( بين العدل والظلم ) موقف الإسلام من العدل والظلم والمظلومين والظالمين ( 1 )
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ودراسات وبحوث إسلاميّة أخرى ذات صلة ، تأليف :عبدالله سعد اللحيدان .
قال الله تعالى : ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ) ، وهذا إخبار من الله سبحانه وتعالى أن لا يتصور الظالم أن الله غافل عن هذا الظلم ، وإذا كان الله يمهل الظالم فهذا من الاستدراج وليس غفلة من الله تعالى : ﴿ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾ .
والله سبحانه وتعالى يصف حال الظالم - المغرور المتكبر المتجبر المستبد - يوم القيامة ، بأنها حال الذلّ والهوان على عكس حال الجبروت والطغيان التي كان عليها في الدنيا ، بعد أن كان يمشي في الأرض مرحا ويريد أن يطاول الجبال ، يأتي مهطعا مقنع الرأس ﴿ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ ﴾ ذلا وحياء وخوفا ورهبة ، ﴿ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ﴾ لا يستطيعون أن ينظروا بأبصارهم .
تتلاشى الثقة المزيّفة وتحلّ مكانها شدة الهلع ورجفة الخوف التي تملأ نفس الظالم ، عقابا من الله تعالى بسبب ما ملأ قلوب الناس من خوف ورعب ، فيكون جزاؤه يوم القيامة أن يملأ قلبه الرعب ، حتى لا تكاد عيناه تستقران على شيء ﴿ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ﴾ ، إذا نظر من شدة الخوف لا يستطيع أن يغمض عيناه ، ﴿ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾ وقلوبهم فارغة من كل شيء .
عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيما روى عن اللَّه تبارك وتعالى أَنّه قال : ( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي ، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا ، فَلاَ تَظَالَمُوا ) .
وعنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( اتَّقُوا الظُّلْمَ ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
وعقوبة الظلم لابدّ أن تحلّ بالظالم ، عاجلا أو آجلا ، في الدنيا أو الآخرة . ومهما يطل الزمان بالظالم ، فإن الله تعالى لا بد أن يأخذه ، وأن يشدّد في أخذه ، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ، ثُمَّ قَرَأَ : وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) .
وعقوبة الظلم ليست خاصّة بالأفراد ، بل تشمل المجتمعات والدول والأمم ، قال الله تعالى : ﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ) .
وعادة يكون هلاك الظالم على يد شركائه في الظلم ، يسلط الله عليه ظالما مثله ، وينتقم منهما في الدنيا ، ثم في الآخرة .
وقد يؤخر الله عقاب الظالمين ، ولكن عقوبتهم أكيدة ولا مجال لنسيانها .
قد ينام الظالم غافلا عمّا عمل ولاهيا عن آثار أعماله ، والمظلوم قائم بالليل يشكو إلى ربّه ويطلب منه المدد والعون والنصر ، ويقول : ربّ إني مظلوم فانتصر . تخرج الدعوة من المظلوم ، فلا يمنعها من الله شيء ، وتفتح لها أبواب السماء .
عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ) .
وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ : الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ : وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ) .
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أنه ينصر المظلوم وينتقم من الظالم ويقطع دابره ولو بعد حين ، حين يفرح الظالم بظلمه ويستعلى بجبروته ، يقول تعالى : ﴿ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ ) .
والعدل هو الذي يجعل الناس في راحة وأمن وطمأنينة في الدنيا والآخرة .
والظلم هو الذي يجعل الناس في تعب وخوف واضطراب في الدنيا والآخرة .
والعدل خير دواء .
والظلم جرثومة خبيثة متى فشت في أمة ، أهلكها الله عز وجل .
وأعظم الناس ظلما من ظلم الناس لغيره .
وأعظم الظلم وأشدّه وأوجعه ما جاءك ممّن واجبه أن يحميك من الظلم .
وأشدّ الناس حمقا وغباءا وتهوّرا من يعاون أو يجامل الظالم في ظلمه ، لأنه باع آخرته ليكسب غيره دنياه .
ومن أمارات الهلاك أن لا يقول الناس كلمة الحقّ للظالم : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودّع منهم ) .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين يزينون له الظلم والفساد ويدفعونه ويندفعون معه إلى الحتف المشؤوم والمصير الأسود والنهاية السيئة المخيفة .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين يمنعون النصائح من أن تصل إليه .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين لا يفكّرون سوى بمصالحهم الدنيوية التافهة .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين يكونون - أيضا - أوّل من يتخلّون عنه ويتبرؤون منه ، في الدنيا والآخرة .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذي يكون - هوأيضا - أوّل من يتخلّى عنهم ويتبرأ منهم ، في الدنيا والآخرة .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين يجعلونه - أيضا - أوّل ضحاياهم حين يحسّون بالخطر .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين يكونون - أيضا - أوّل ضحاياه حين يحسّ بالخطر .
وقد أرانا الله مصارع الظالمين وأعوانهم لتكون عبرة ، أرانا ماذا فعل مع فرعون وهامان وجنودهما ، وماذا فعل مع قارون وأصحابه ، وماذا فعل مع النمرود وجيوشه ، وماذا فعل مع سائر الظلمة وأعوانهم .
وسوف أعرض ، أيضا ، في هذا الجزء من هذه السلسلة العلمية أقوال وآراء علماء وباحثين من مختلف المذاهب الإسلامية ، ثم نعود لمناقشها .
بتصرّف وإيجاز
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ( ك : حقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعيّة ، والإصلاح ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والفساد ، والفقر ، والبطالة ، والتشرّد ، وغيرها ( دراسات وبحوث إسلاميّة ، ومقارنة ) . تأليف : عبدالله سعد اللحيدان . وهي غير خاصّة بوقت أو أحد أو حالة أو جهة ، مع إيراد أمثلة - حسب الحاجة - من التاريخ والواقع .
وحرصا على أن يبقى خيط هذه السلسلة العلميّة متّصلا وطريق سيرها واضحا ، وأن أزوّد من يتابعها بكلّ ما يستجدّ فيها - إن شاء الله تعالى - أذكر التالي :
الجزء الأول من هذه السلسلة العلميّة بدأته ب : آيات الظلم في القرآن الكريم ، وفي الجزء الثاني أضفت : الدعاء ، دعوة المظلوم ، الدعاء للمظلومين ، الدعاء على الظالمين .
وتقع هذه السلسلة في دائرة الهمّ الأساسي لمؤلفاتي السابقة ( كتاب : روح أمريكية , هل أنا لا أحد ؟ وكتاب : من أين لهم هذه القوّة , ومن يكسب الرهان ؟ وديوان : من الذي يعبث ؟ وديوان : لماذا أحبّك أو أكرهك ؟ وكتاب : الذين يحلمون , لماذا يحلمون ؟ وكتاب / ديوان : كيف نكون ؟ ) وغيرها من الكتابات والنشاطات الفكريّة والثقافيّة والإعلاميّة ، وإن كان لكلّ منها مجاله أو تخصّصه ، الذي قد يختلف - في الشكل - عن الآخر .
والهدف : إبراء الذمّة ، ومساهمة بسيطة في استنتاج معيار واضح للعدل والظلم ، ونشر فكر وثقافة العدل واجتناب الظلم .
فلابد للعدل والظلم من معيار ، وإلّا كانت الأهواء والأغراض هي المعيار !
وأوجز ما قلت في مقدّمة الجزء الثالث بالتالي :
سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
القرآن الكريم ثمّ السنّة هما الأساس والمنطلق الأوّل ، والتأكيد على : العلم الشرعي والدعوة والوعظ والتبليغ والاحتساب والمناصحة ، والدعاء ودوره في مقاومة الظلم ونزول العقوبة بالظالم وتعجيلها ، وحثّ المظلوم على اللجوء إلى الله تعالى والتمسّك بأسباب زوال الظلم عنه ، وتذكير الجميع بالله وعدله وقدرته ونصره للمظلوم وعقابه للظالم .
وهذه الدراسات والبحوث ليست في علوم الدين فقط ، مع أهميّتها ، فهي المصدر والمورد ، بل فيها دراسات وبحوث لغويّة واقتصاديّة واجتماعيّة وطبيعيّة وغيرها .
وما تمّ نشره من هذه السلسلة - حتى الآن ، على الأنترنت ، ومع وصوله إلى أكثر من ألف (1000) حلقة ( في ست وأربعين - 46 - مجموعة ) مع نشر الجزء الرابع - هو كتابات مبدئيّة موجزة سوف أعود إليها لاحقا ، إن شاء الله تعالى ، ( وبعد اكتمال السلسلة واستيفاء ما يستجدّ ويرد من إضافات وملاحظات ومناقشتها وتحقيقها ومراجعتها ) لتصنيفها وطباعتها .
وأعترف بأنّ المواضيع كثيرة والقضايا كبيرة ، وأنّها تحتاج إلى بحوث ودراسات أشمل وأعمق ممّا نشرت حتى الآن ، لكن ذلك لا يمنع من محاولة الوصول إلى بعض الحقائق والمعارف التي تكون مدخلا لمعرفة الحقائق بأبعاد أوسع .
وهذه السلسلة ، أعتمد فيها - بعد الله سبحانه وتعالى - على عشرات المصادر والمراجع ، وأبذل وسعي ، و ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) .
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
( بين العدل والظلم ) موقف الإسلام من العدل والظلم والمظلومين والظالمين .
( بين العدل والظلم ) موقف الإسلام من العدل والظلم والمظلومين والظالمين ( 1 )
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ودراسات وبحوث إسلاميّة أخرى ذات صلة ، تأليف :عبدالله سعد اللحيدان .
قال الله تعالى : ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ) ، وهذا إخبار من الله سبحانه وتعالى أن لا يتصور الظالم أن الله غافل عن هذا الظلم ، وإذا كان الله يمهل الظالم فهذا من الاستدراج وليس غفلة من الله تعالى : ﴿ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾ .
والله سبحانه وتعالى يصف حال الظالم - المغرور المتكبر المتجبر المستبد - يوم القيامة ، بأنها حال الذلّ والهوان على عكس حال الجبروت والطغيان التي كان عليها في الدنيا ، بعد أن كان يمشي في الأرض مرحا ويريد أن يطاول الجبال ، يأتي مهطعا مقنع الرأس ﴿ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ ﴾ ذلا وحياء وخوفا ورهبة ، ﴿ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ﴾ لا يستطيعون أن ينظروا بأبصارهم .
تتلاشى الثقة المزيّفة وتحلّ مكانها شدة الهلع ورجفة الخوف التي تملأ نفس الظالم ، عقابا من الله تعالى بسبب ما ملأ قلوب الناس من خوف ورعب ، فيكون جزاؤه يوم القيامة أن يملأ قلبه الرعب ، حتى لا تكاد عيناه تستقران على شيء ﴿ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ﴾ ، إذا نظر من شدة الخوف لا يستطيع أن يغمض عيناه ، ﴿ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾ وقلوبهم فارغة من كل شيء .
عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيما روى عن اللَّه تبارك وتعالى أَنّه قال : ( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي ، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا ، فَلاَ تَظَالَمُوا ) .
وعنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( اتَّقُوا الظُّلْمَ ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
وعقوبة الظلم لابدّ أن تحلّ بالظالم ، عاجلا أو آجلا ، في الدنيا أو الآخرة . ومهما يطل الزمان بالظالم ، فإن الله تعالى لا بد أن يأخذه ، وأن يشدّد في أخذه ، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ، ثُمَّ قَرَأَ : وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) .
وعقوبة الظلم ليست خاصّة بالأفراد ، بل تشمل المجتمعات والدول والأمم ، قال الله تعالى : ﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ) .
وعادة يكون هلاك الظالم على يد شركائه في الظلم ، يسلط الله عليه ظالما مثله ، وينتقم منهما في الدنيا ، ثم في الآخرة .
وقد يؤخر الله عقاب الظالمين ، ولكن عقوبتهم أكيدة ولا مجال لنسيانها .
قد ينام الظالم غافلا عمّا عمل ولاهيا عن آثار أعماله ، والمظلوم قائم بالليل يشكو إلى ربّه ويطلب منه المدد والعون والنصر ، ويقول : ربّ إني مظلوم فانتصر . تخرج الدعوة من المظلوم ، فلا يمنعها من الله شيء ، وتفتح لها أبواب السماء .
عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ) .
وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ : الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ : وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ) .
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أنه ينصر المظلوم وينتقم من الظالم ويقطع دابره ولو بعد حين ، حين يفرح الظالم بظلمه ويستعلى بجبروته ، يقول تعالى : ﴿ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ ) .
والعدل هو الذي يجعل الناس في راحة وأمن وطمأنينة في الدنيا والآخرة .
والظلم هو الذي يجعل الناس في تعب وخوف واضطراب في الدنيا والآخرة .
والعدل خير دواء .
والظلم جرثومة خبيثة متى فشت في أمة ، أهلكها الله عز وجل .
وأعظم الناس ظلما من ظلم الناس لغيره .
وأعظم الظلم وأشدّه وأوجعه ما جاءك ممّن واجبه أن يحميك من الظلم .
وأشدّ الناس حمقا وغباءا وتهوّرا من يعاون أو يجامل الظالم في ظلمه ، لأنه باع آخرته ليكسب غيره دنياه .
ومن أمارات الهلاك أن لا يقول الناس كلمة الحقّ للظالم : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودّع منهم ) .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين يزينون له الظلم والفساد ويدفعونه ويندفعون معه إلى الحتف المشؤوم والمصير الأسود والنهاية السيئة المخيفة .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين يمنعون النصائح من أن تصل إليه .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين لا يفكّرون سوى بمصالحهم الدنيوية التافهة .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين يكونون - أيضا - أوّل من يتخلّون عنه ويتبرؤون منه ، في الدنيا والآخرة .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذي يكون - هوأيضا - أوّل من يتخلّى عنهم ويتبرأ منهم ، في الدنيا والآخرة .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين يجعلونه - أيضا - أوّل ضحاياهم حين يحسّون بالخطر .
وعادة يكون حول الظالم بعض المستفيدين الذين يكونون - أيضا - أوّل ضحاياه حين يحسّ بالخطر .
وقد أرانا الله مصارع الظالمين وأعوانهم لتكون عبرة ، أرانا ماذا فعل مع فرعون وهامان وجنودهما ، وماذا فعل مع قارون وأصحابه ، وماذا فعل مع النمرود وجيوشه ، وماذا فعل مع سائر الظلمة وأعوانهم .
وسوف أعرض ، أيضا ، في هذا الجزء من هذه السلسلة العلمية أقوال وآراء علماء وباحثين من مختلف المذاهب الإسلامية ، ثم نعود لمناقشها .
بتصرّف وإيجاز
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ( ك : حقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعيّة ، والإصلاح ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والفساد ، والفقر ، والبطالة ، والتشرّد ، وغيرها ( دراسات وبحوث إسلاميّة ، ومقارنة ) . تأليف : عبدالله سعد اللحيدان . وهي غير خاصّة بوقت أو أحد أو حالة أو جهة ، مع إيراد أمثلة - حسب الحاجة - من التاريخ والواقع .
وحرصا على أن يبقى خيط هذه السلسلة العلميّة متّصلا وطريق سيرها واضحا ، وأن أزوّد من يتابعها بكلّ ما يستجدّ فيها - إن شاء الله تعالى - أذكر التالي :
الجزء الأول من هذه السلسلة العلميّة بدأته ب : آيات الظلم في القرآن الكريم ، وفي الجزء الثاني أضفت : الدعاء ، دعوة المظلوم ، الدعاء للمظلومين ، الدعاء على الظالمين .
وتقع هذه السلسلة في دائرة الهمّ الأساسي لمؤلفاتي السابقة ( كتاب : روح أمريكية , هل أنا لا أحد ؟ وكتاب : من أين لهم هذه القوّة , ومن يكسب الرهان ؟ وديوان : من الذي يعبث ؟ وديوان : لماذا أحبّك أو أكرهك ؟ وكتاب : الذين يحلمون , لماذا يحلمون ؟ وكتاب / ديوان : كيف نكون ؟ ) وغيرها من الكتابات والنشاطات الفكريّة والثقافيّة والإعلاميّة ، وإن كان لكلّ منها مجاله أو تخصّصه ، الذي قد يختلف - في الشكل - عن الآخر .
والهدف : إبراء الذمّة ، ومساهمة بسيطة في استنتاج معيار واضح للعدل والظلم ، ونشر فكر وثقافة العدل واجتناب الظلم .
فلابد للعدل والظلم من معيار ، وإلّا كانت الأهواء والأغراض هي المعيار !
وأوجز ما قلت في مقدّمة الجزء الثالث بالتالي :
سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
القرآن الكريم ثمّ السنّة هما الأساس والمنطلق الأوّل ، والتأكيد على : العلم الشرعي والدعوة والوعظ والتبليغ والاحتساب والمناصحة ، والدعاء ودوره في مقاومة الظلم ونزول العقوبة بالظالم وتعجيلها ، وحثّ المظلوم على اللجوء إلى الله تعالى والتمسّك بأسباب زوال الظلم عنه ، وتذكير الجميع بالله وعدله وقدرته ونصره للمظلوم وعقابه للظالم .
وهذه الدراسات والبحوث ليست في علوم الدين فقط ، مع أهميّتها ، فهي المصدر والمورد ، بل فيها دراسات وبحوث لغويّة واقتصاديّة واجتماعيّة وطبيعيّة وغيرها .
وما تمّ نشره من هذه السلسلة - حتى الآن ، على الأنترنت ، ومع وصوله إلى أكثر من ألف (1000) حلقة ( في ست وأربعين - 46 - مجموعة ) مع نشر الجزء الرابع - هو كتابات مبدئيّة موجزة سوف أعود إليها لاحقا ، إن شاء الله تعالى ، ( وبعد اكتمال السلسلة واستيفاء ما يستجدّ ويرد من إضافات وملاحظات ومناقشتها وتحقيقها ومراجعتها ) لتصنيفها وطباعتها .
وأعترف بأنّ المواضيع كثيرة والقضايا كبيرة ، وأنّها تحتاج إلى بحوث ودراسات أشمل وأعمق ممّا نشرت حتى الآن ، لكن ذلك لا يمنع من محاولة الوصول إلى بعض الحقائق والمعارف التي تكون مدخلا لمعرفة الحقائق بأبعاد أوسع .
وهذه السلسلة ، أعتمد فيها - بعد الله سبحانه وتعالى - على عشرات المصادر والمراجع ، وأبذل وسعي ، و ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) .
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .