عبدالله سعد اللحيدان
الاعضاء
العدل والظلم ( 2 ) العدل والظلم في ميزان الإسلام ( 20 )
( بين العدل والظلم ) موقف الإسلام من العدل والظلم والمظلومين والظالمين .
( بين العدل والظلم ) موقف الإسلام من العدل والظلم والمظلومين والظالمين ( 1 )
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ودراسات وبحوث إسلاميّة أخرى ذات صلة ، تأليف :عبدالله سعد اللحيدان .
قال الله تعالى : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) .
وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .
وقال تعالى : ( لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ) .
النصوص والأدلّة وأقوال العلماء تؤكّد على الدعوة إلى العدل ومكافحة الظلم وعلى موقف الإسلام الرافض للظلم والظالمين ، وهذا الموقف معروف لمعظم الناس مهما حاول بعضهم تجاهله أو تحريفه أو تشويهه .
والمعروف - أيضا - أن الأديان السماوية جاءت جميعها لنشر العدل ورفع الظلم والاضطهاد عن المظلومين والمستضعفين والمعذّبين في الأرض ، قال الله تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) , وقال تعالى : ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) .
والإسلام يربّي أتباعه على التمسّك بحقوقهم دون التفريط فيها ، ومقاومة من يعتدي عليها .
والإسلام يحمى الحقوق بأنواعها ، وقد حرّر الفرد من أيّة قيود تعوقه وأكرمه وسنّ لكافّة حقوقه تشريعات وعقوبات على من ظلم وبغى ، وجعل الحقوق أساس استقرار وتقدّم الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والأمة .
وقد جاءت آيات وأحاديث وفتاوى وأقوال كثيرة في الأمر بالعدل والترغيب فيه ، والتحذير والترهيب من الظلم ، وبيان أن عاقبة الظلم والظالمين وخيمة ، وأن المظلوم منصور في العاجل أو الآجل ، وأن دعوة المظلوم مستجابة ليس بينها وبين الله حجاب .
وفي الحذر من الدخول على الظلمة ومخالطتهم ومعونتهم قال الله تعالى : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) ، والركون هو السكون إلى الشيء والميل إليه بالمحبّة أو بالقرب .
( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ ) قال ابن عباس : لا تميلوا كل الميل في المحبة ولين الكلام والمودة ، وقال السدي وابن زيد : لا تداهنوا الظلمة ، وقال عكرمة : هو أن يطيعهم ويودهم ، وقال أبو العالية : لا ترضوا بأعمالهم فتمسكم النار فيصيبكم لفحها .
( وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ) قال ابن عباس : ما لكم من مانع يمنعكم من عذاب الله ثم لا تنصرون ولا تمنعون من عذابه ، وقال الله تعالى ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) أشباههم وأمثالهم وأتباعهم .
وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيكون أمراء يغشاهم غواش أو حواش من الناس يظلمون ويكذبون فمن دخل عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه ) ، وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أعان ظالما سلّط عليه ) ، وقال سعيد بن المسيب : لا تملأوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لئلا تحبط أعمالكم الصالحة ، وقال مكحول الدمشقي ( وهو ماورد في الأثر ) : ينادي مناد يوم القيامة أين الظلمة وأعوانهم فما يبقى أحد مدّ لهم حبرا أو حبّر لهم دواة أو برى لهم قلما فما فوق ذلك إلّا حضر معهم فيجمعون في تابوت من نار فيلقون في جهنم .
وجاء رجل خياط إلى سفيان الثوري فقال : إني رجل أخيط ثياب السلطان هل أنا من أعوان الظلمة ؟ فقال سفيان : بل أنت من الظلمة أنفسهم ، ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة والخيوط .
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( أول من يدخل النار يوم القيامة السواطون الذين يكون معهم الأسواط يضربون بها الناس بين يدي الظلمة ) ، وعن ابن عمر قال : الجلاوزة والشرط كلاب النار يوم القيامة الجلاوزة أعوان الظلمة ، وجاء عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( لا يقف أحدكم في موقف يضرب فيه رجل مظلوم فإن اللعنة تنزل على من حضر ذلك المكان إذا لم يدفعوا عنه ) ، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( أتي رجل في قبره فقيل له إنا ضاربوك مائة ضربة فلم يزل يتشفع إليهم حتى صاروا إلى ضربة واحدة ، فضربوه فالتهب القبر عليه نارا ، فقال : لم ضربتموني هذه الضربة ؟ فقالوا : إنك صليت صلاة بغير طهور ، ومررت برجل مظلوم فلم تنصره ) فهذا حال من لم ينصر المظلوم ! فكيف حال أعوان الظالم ، وكيف حال الظالم !؟
وعن جابر بن عبد الله قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يا كعب بن عجرة أعيذك بالله من إمارة السفهاء ) قال : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : ( أمراء سيكونون من بعدي ، من دخل عليهم فصدقهم بحديثهم وأعانهم على ظلمهم فليسوا مني ولست منهم ولم يردوا على الحوض ، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بحديثهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وأولئك يردون علي الحوض . يا كعب بن عجرة الصلاة قربان والصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار . يا كعب بن عجرة لا يدخل الجنة من نبت لحمه من سحت ، النار أولى به . يا كعب بن عجرة الناس غاديان فغاد بائع نفسه وموبق رقبته وغاد مبتاع نفسه ومعتق رقبته ) .
وسوف أعرض ، أيضا ، في هذا الجزء من هذه السلسلة العلمية أقوال وآراء علماء وباحثين من مختلف المذاهب الإسلامية ، ثم نعود لمناقشها .
بتصرّف وإيجاز
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ( ك : حقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعيّة ، والإصلاح ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والفساد ، والفقر ، والبطالة ، والتشرّد ، وغيرها ( دراسات وبحوث إسلاميّة ، ومقارنة ) . تأليف : عبدالله سعد اللحيدان . وهي غير خاصّة بوقت أو أحد أو حالة أو جهة ، مع إيراد أمثلة - حسب الحاجة - من التاريخ والواقع .
وحرصا على أن يبقى خيط هذه السلسلة العلميّة متّصلا وطريق سيرها واضحا ، وأن أزوّد من يتابعها بكلّ ما يستجدّ فيها - إن شاء الله تعالى - أذكر التالي :
الجزء الأول من هذه السلسلة العلميّة بدأته ب : آيات الظلم في القرآن الكريم ، وفي الجزء الثاني أضفت : الدعاء ، دعوة المظلوم ، الدعاء للمظلومين ، الدعاء على الظالمين .
وتقع هذه السلسلة في دائرة الهمّ الأساسي لمؤلفاتي السابقة ( كتاب : روح أمريكية , هل أنا لا أحد ؟ وكتاب : من أين لهم هذه القوّة , ومن يكسب الرهان ؟ وديوان : من الذي يعبث ؟ وديوان : لماذا أحبّك أو أكرهك ؟ وكتاب : الذين يحلمون , لماذا يحلمون ؟ وكتاب / ديوان : كيف نكون ؟ ) وغيرها من الكتابات والنشاطات الفكريّة والثقافيّة والإعلاميّة ، وإن كان لكلّ منها مجاله أو تخصّصه ، الذي قد يختلف - في الشكل - عن الآخر .
والهدف : إبراء الذمّة ، ومساهمة بسيطة في استنتاج معيار واضح للعدل والظلم ، ونشر فكر وثقافة العدل واجتناب الظلم .
فلابد للعدل والظلم من معيار ، وإلّا كانت الأهواء والأغراض هي المعيار !
وأوجز ما قلت في مقدّمة الجزء الثالث بالتالي :
سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
القرآن الكريم ثمّ السنّة هما الأساس والمنطلق الأوّل ، والتأكيد على : العلم الشرعي والدعوة والوعظ والتبليغ والاحتساب والمناصحة ، والدعاء ودوره في مقاومة الظلم ونزول العقوبة بالظالم وتعجيلها ، وحثّ المظلوم على اللجوء إلى الله تعالى والتمسّك بأسباب زوال الظلم عنه ، وتذكير الجميع بالله وعدله وقدرته ونصره للمظلوم وعقابه للظالم .
وهذه الدراسات والبحوث ليست في علوم الدين فقط ، مع أهميّتها ، فهي المصدر والمورد ، بل فيها دراسات وبحوث لغويّة واقتصاديّة واجتماعيّة وطبيعيّة وغيرها .
وما تمّ نشره من هذه السلسلة - حتى الآن ، على الأنترنت ، ومع وصوله إلى أكثر من ألف (1000) حلقة ( في ست وأربعين - 46 - مجموعة ) مع نشر الجزء الرابع - هو كتابات مبدئيّة موجزة سوف أعود إليها لاحقا ، إن شاء الله تعالى ، ( وبعد اكتمال السلسلة واستيفاء ما يستجدّ ويرد من إضافات وملاحظات ومناقشتها وتحقيقها ومراجعتها ) لتصنيفها وطباعتها .
وأعترف بأنّ المواضيع كثيرة والقضايا كبيرة ، وأنّها تحتاج إلى بحوث ودراسات أشمل وأعمق ممّا نشرت حتى الآن ، لكن ذلك لا يمنع من محاولة الوصول إلى بعض الحقائق والمعارف التي تكون مدخلا لمعرفة الحقائق بأبعاد أوسع .
وهذه السلسلة ، أعتمد فيها - بعد الله سبحانه وتعالى - على عشرات المصادر والمراجع ، وأبذل وسعي ، و ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) .
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
( بين العدل والظلم ) موقف الإسلام من العدل والظلم والمظلومين والظالمين .
( بين العدل والظلم ) موقف الإسلام من العدل والظلم والمظلومين والظالمين ( 1 )
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ودراسات وبحوث إسلاميّة أخرى ذات صلة ، تأليف :عبدالله سعد اللحيدان .
قال الله تعالى : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) .
وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .
وقال تعالى : ( لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ) .
النصوص والأدلّة وأقوال العلماء تؤكّد على الدعوة إلى العدل ومكافحة الظلم وعلى موقف الإسلام الرافض للظلم والظالمين ، وهذا الموقف معروف لمعظم الناس مهما حاول بعضهم تجاهله أو تحريفه أو تشويهه .
والمعروف - أيضا - أن الأديان السماوية جاءت جميعها لنشر العدل ورفع الظلم والاضطهاد عن المظلومين والمستضعفين والمعذّبين في الأرض ، قال الله تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) , وقال تعالى : ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) .
والإسلام يربّي أتباعه على التمسّك بحقوقهم دون التفريط فيها ، ومقاومة من يعتدي عليها .
والإسلام يحمى الحقوق بأنواعها ، وقد حرّر الفرد من أيّة قيود تعوقه وأكرمه وسنّ لكافّة حقوقه تشريعات وعقوبات على من ظلم وبغى ، وجعل الحقوق أساس استقرار وتقدّم الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والأمة .
وقد جاءت آيات وأحاديث وفتاوى وأقوال كثيرة في الأمر بالعدل والترغيب فيه ، والتحذير والترهيب من الظلم ، وبيان أن عاقبة الظلم والظالمين وخيمة ، وأن المظلوم منصور في العاجل أو الآجل ، وأن دعوة المظلوم مستجابة ليس بينها وبين الله حجاب .
وفي الحذر من الدخول على الظلمة ومخالطتهم ومعونتهم قال الله تعالى : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) ، والركون هو السكون إلى الشيء والميل إليه بالمحبّة أو بالقرب .
( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ ) قال ابن عباس : لا تميلوا كل الميل في المحبة ولين الكلام والمودة ، وقال السدي وابن زيد : لا تداهنوا الظلمة ، وقال عكرمة : هو أن يطيعهم ويودهم ، وقال أبو العالية : لا ترضوا بأعمالهم فتمسكم النار فيصيبكم لفحها .
( وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ) قال ابن عباس : ما لكم من مانع يمنعكم من عذاب الله ثم لا تنصرون ولا تمنعون من عذابه ، وقال الله تعالى ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) أشباههم وأمثالهم وأتباعهم .
وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيكون أمراء يغشاهم غواش أو حواش من الناس يظلمون ويكذبون فمن دخل عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه ) ، وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أعان ظالما سلّط عليه ) ، وقال سعيد بن المسيب : لا تملأوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لئلا تحبط أعمالكم الصالحة ، وقال مكحول الدمشقي ( وهو ماورد في الأثر ) : ينادي مناد يوم القيامة أين الظلمة وأعوانهم فما يبقى أحد مدّ لهم حبرا أو حبّر لهم دواة أو برى لهم قلما فما فوق ذلك إلّا حضر معهم فيجمعون في تابوت من نار فيلقون في جهنم .
وجاء رجل خياط إلى سفيان الثوري فقال : إني رجل أخيط ثياب السلطان هل أنا من أعوان الظلمة ؟ فقال سفيان : بل أنت من الظلمة أنفسهم ، ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة والخيوط .
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( أول من يدخل النار يوم القيامة السواطون الذين يكون معهم الأسواط يضربون بها الناس بين يدي الظلمة ) ، وعن ابن عمر قال : الجلاوزة والشرط كلاب النار يوم القيامة الجلاوزة أعوان الظلمة ، وجاء عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( لا يقف أحدكم في موقف يضرب فيه رجل مظلوم فإن اللعنة تنزل على من حضر ذلك المكان إذا لم يدفعوا عنه ) ، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( أتي رجل في قبره فقيل له إنا ضاربوك مائة ضربة فلم يزل يتشفع إليهم حتى صاروا إلى ضربة واحدة ، فضربوه فالتهب القبر عليه نارا ، فقال : لم ضربتموني هذه الضربة ؟ فقالوا : إنك صليت صلاة بغير طهور ، ومررت برجل مظلوم فلم تنصره ) فهذا حال من لم ينصر المظلوم ! فكيف حال أعوان الظالم ، وكيف حال الظالم !؟
وعن جابر بن عبد الله قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يا كعب بن عجرة أعيذك بالله من إمارة السفهاء ) قال : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : ( أمراء سيكونون من بعدي ، من دخل عليهم فصدقهم بحديثهم وأعانهم على ظلمهم فليسوا مني ولست منهم ولم يردوا على الحوض ، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بحديثهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وأولئك يردون علي الحوض . يا كعب بن عجرة الصلاة قربان والصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار . يا كعب بن عجرة لا يدخل الجنة من نبت لحمه من سحت ، النار أولى به . يا كعب بن عجرة الناس غاديان فغاد بائع نفسه وموبق رقبته وغاد مبتاع نفسه ومعتق رقبته ) .
وسوف أعرض ، أيضا ، في هذا الجزء من هذه السلسلة العلمية أقوال وآراء علماء وباحثين من مختلف المذاهب الإسلامية ، ثم نعود لمناقشها .
بتصرّف وإيجاز
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ( ك : حقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعيّة ، والإصلاح ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والفساد ، والفقر ، والبطالة ، والتشرّد ، وغيرها ( دراسات وبحوث إسلاميّة ، ومقارنة ) . تأليف : عبدالله سعد اللحيدان . وهي غير خاصّة بوقت أو أحد أو حالة أو جهة ، مع إيراد أمثلة - حسب الحاجة - من التاريخ والواقع .
وحرصا على أن يبقى خيط هذه السلسلة العلميّة متّصلا وطريق سيرها واضحا ، وأن أزوّد من يتابعها بكلّ ما يستجدّ فيها - إن شاء الله تعالى - أذكر التالي :
الجزء الأول من هذه السلسلة العلميّة بدأته ب : آيات الظلم في القرآن الكريم ، وفي الجزء الثاني أضفت : الدعاء ، دعوة المظلوم ، الدعاء للمظلومين ، الدعاء على الظالمين .
وتقع هذه السلسلة في دائرة الهمّ الأساسي لمؤلفاتي السابقة ( كتاب : روح أمريكية , هل أنا لا أحد ؟ وكتاب : من أين لهم هذه القوّة , ومن يكسب الرهان ؟ وديوان : من الذي يعبث ؟ وديوان : لماذا أحبّك أو أكرهك ؟ وكتاب : الذين يحلمون , لماذا يحلمون ؟ وكتاب / ديوان : كيف نكون ؟ ) وغيرها من الكتابات والنشاطات الفكريّة والثقافيّة والإعلاميّة ، وإن كان لكلّ منها مجاله أو تخصّصه ، الذي قد يختلف - في الشكل - عن الآخر .
والهدف : إبراء الذمّة ، ومساهمة بسيطة في استنتاج معيار واضح للعدل والظلم ، ونشر فكر وثقافة العدل واجتناب الظلم .
فلابد للعدل والظلم من معيار ، وإلّا كانت الأهواء والأغراض هي المعيار !
وأوجز ما قلت في مقدّمة الجزء الثالث بالتالي :
سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
القرآن الكريم ثمّ السنّة هما الأساس والمنطلق الأوّل ، والتأكيد على : العلم الشرعي والدعوة والوعظ والتبليغ والاحتساب والمناصحة ، والدعاء ودوره في مقاومة الظلم ونزول العقوبة بالظالم وتعجيلها ، وحثّ المظلوم على اللجوء إلى الله تعالى والتمسّك بأسباب زوال الظلم عنه ، وتذكير الجميع بالله وعدله وقدرته ونصره للمظلوم وعقابه للظالم .
وهذه الدراسات والبحوث ليست في علوم الدين فقط ، مع أهميّتها ، فهي المصدر والمورد ، بل فيها دراسات وبحوث لغويّة واقتصاديّة واجتماعيّة وطبيعيّة وغيرها .
وما تمّ نشره من هذه السلسلة - حتى الآن ، على الأنترنت ، ومع وصوله إلى أكثر من ألف (1000) حلقة ( في ست وأربعين - 46 - مجموعة ) مع نشر الجزء الرابع - هو كتابات مبدئيّة موجزة سوف أعود إليها لاحقا ، إن شاء الله تعالى ، ( وبعد اكتمال السلسلة واستيفاء ما يستجدّ ويرد من إضافات وملاحظات ومناقشتها وتحقيقها ومراجعتها ) لتصنيفها وطباعتها .
وأعترف بأنّ المواضيع كثيرة والقضايا كبيرة ، وأنّها تحتاج إلى بحوث ودراسات أشمل وأعمق ممّا نشرت حتى الآن ، لكن ذلك لا يمنع من محاولة الوصول إلى بعض الحقائق والمعارف التي تكون مدخلا لمعرفة الحقائق بأبعاد أوسع .
وهذه السلسلة ، أعتمد فيها - بعد الله سبحانه وتعالى - على عشرات المصادر والمراجع ، وأبذل وسعي ، و ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) .
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .