لنتعلم سيرته صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة

غزوة خيبر
قتلى الفريقين :

وبلغ عدد القتلى من اليهود ثلاثة وتسعين قتيلاً ، أما المسلمون فقيل : 15 ، وقيل : 16 ،
وقيل : 18






غزوة خيبر
قدوم مهاجري الحبشة وأبي هريرة وأبان بن سعيد :
ولما رجع مهاجرو الحبشة مع عمرو بن أمية الضمري ، حامل كتاب رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
إلى النجاشي ، اتجه طائفة منهم على خيبر ، وهو ستة عشر رجلاً فيهم جعفر بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري – رضي الله عنهم أجمعين – فوافوا رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
حين فتح خيبر، وقبل أن يقسمها ، فقبل
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
جعفراً وقال :" والله ما أدري بأيهما أفرح ؟ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر "، ولما قسم خيبر أعطاهم من الغنيمة ، وأما بقية مهاجري الحبشة فذهبوا مع نسائهم وذراريهم إلى المدينة رأساً .
ووافاه أيضاً بخيبر بعد أن تم الفتح أبو هريرة t وكان قد جاء إلى المدينة بعد خروجه
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
إلى خيبر ، فأسلم ، ثم استأذن وخرج إلى خيبر ، فأعطاه رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
من غنيمة خيبر .
ووافاه بعد الفتح أيضاً أبان بن سعيد ، وكان قد خرج بسرية إلى نجد ، فلما قضى مهمته جاء إلى خيبر ، ولم يعط له ولأصحابه من غنيمة خيبر .

 
غزوة خيبر
قسمة خيبر :

ولما حصل اليهود على الأمان جاءوا باقتراح جديد قبل أن يتم جلاؤهم . قالوا : يا محمد ! دعنا في هذه الأرض ، نصلحها ونقوم عليها ، فنحن أعلم بها منكم ، وتعطينا نصف ما يخرج منها من الثمر والزرع ، فرضي بذلك على أن يجليهم منها متى شاء . فبقوا على ذلك حتى أجلاهم عمرو بن الخطاب t حين سلكوا طريق الشر والخبث .
وقسم رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
خيبر على ستة وثلاثين سهماً ، وكل سهم مجموع مائة سهم ، فعزل منها النصف ، وهو ثمانية عشر سهماً لنوائب المسلمين ، وقسم النصف الباقي ، وهو أيضاً ثمانية عشر سهماً ، على الغزاة ، فأعطى للراجل سهماً ، وللفارس ثلاثة أسهم ، سهماً له وسهمين لفرسه ، وكان الفوارس مائتين ، فصارت لهم ستة أسهم ، والرجالة ألفاً ومائتين فصار لهم اثنا عشر سهماً .

وكانت خيبر غنيمة بالتمر والطعام ، قالت عائشة – رضي الله عنها : لما فتحت خيبر قلنا : الآن نشبع من التمر ورد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم من النخيل بعدما رجعوا من خيبر إلى المدينة .
 
غزوة خيبر
شاة مسمومة :

وبعدما عاد الهدوء ، وذهب الخوف عاد اليهود إلى خبثهم ، وتآمروا على قتل النبي
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
فأهدوا إلى رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
شاة مسمومة بواسطة امرأة سلام بن مشكم : أحد كبرائهم ، وقد علمت أن رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
يعجبه الذراع ،فأكثرت السم فيه ، وتناول منه رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
ولاكها ، ثم لفظها وقال : إنها شاة مسمومة ، وسأل المرأة واليهود فاعترفوا بجريمتهم ، قالوا : قلنا : إن كان ملكاً نستريح منه ، وإن كان نبياً لا يضره ، فعفا عنهم وعن المرأة ، ثم إن بشر بن البراء بن معرور مات من أجل هذا السم فأمر بقتل المرأة قصاصاً .

 
غزوة خيبر
استسلام أهل فدك :
فدك قرية في شرق خيبر على بعد يومين ، تعرف اليوم ب" حائط " وكان رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
قد أرسل محيصة بن مسعود إلى يهود فدك بعد وصوله على خيبر ، ليدعوهم إلى الإسلام ، فأبطأوا عليه ، فلما سمعوا بفتح خيبر داخلهم الرعب ، وطلبوا أن يعامل بهم معاملة أهل خيبر ، فقبل ذلك منهم ، فكانت أرض فدك خالصة لرسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
ينفق منها على نفسه ، ويعول صغير بني هاشم ويزوج أيمهم .






غزوة خيبر
وادي القرى :
وسار رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
بعد خيبر إلى وادي القرى ، ودعا أهلها – وهم يهود – إلى الإسلام ، فلم يسلموا ولم يستسلموا ، وخرجوا للقتال ، وبرز منهم رجل فقتله الزبير بن العوام ، ثم آخر فقتله ، ثم ثالث فقتله علي ، حتى قتل منهم أحد عشر رجلاً ، كلما قتل منهم رجل ، دعا البقية إلى الإسلام ، وكلما صلى صلاة دعاهم إلى الإسلام حتى أمسوا ، ثم غدا عليهم فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى انهزموا ، وغنم المسلمون مغانم كثيرة . ثم طلبوا أن يعامل بهم معاملة أهل خيبر ، فقبل ذلك منهم .

 
غزوة خيبر
مصالحة أهل تيماء :

ووصل إلى يهود تيماء أخبار خيبر وفدك ووادي القرى ، فصالحوا على دفع الجزية ، ومكثوا في بلادهم آمنين .






غزوة خيبر
زواجه وبناؤه بصفية :
ولما جعلت صفية بنت حيي بن أخطب في السبى أخذها دحية بن خليفة الكلبي بإذن رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
فقال الصحابة لرسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، " إنها لا تصلح إلا لك ، إنها سيدة قريظة والنضير ، فدعا بها رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، وعرض عليها الإسلام فأسلمت ، فأعتقها وتزوجها ، وجعل عتقها صداقها ، وأسلمها إلى بعض النساء .
فلما تم له فتح خيبر ووادي القرى ، وأطاع له أهل فدك وتيماء ، أخذ في عودته إلى المدينة . حتى إذا كان بسد الصبهاء حلت صفية فزفت إليه
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، فأصبح عروساً بها ، وأولم عليها بحيس من التمر والأقط والسمن ، وأقام ثلاثة أيام يبني بها .
ثم سار حتى قدم المدينة في أواخر شهر صفر أو في شهر ربيع الأول من سنة 7هـ .

 
غزوة ذات الرقاع
غزوة ذات الرقاع :
ولما رجع رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
من خيبر ، واطمأن بالمدينة سمع بتجمع البدو من بني أنمار وثعلبة ومحارب ، فاستعمل على المدينة عثمان بن عفان t ، وقصد في نحو سبعمائة من الصحابة موضعاً يقال له نخل ، على بعد يومين من المدينة ، فلقي جمعاً من غطفان ، فتقارب الفريقان ، وأخاف بعضهم بعضاً ، ولم يدر القتال ، وأقيمت الصلاة ، فصلى رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
بطائفة ركعتين ، ثم تأخروا ، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، فكانت له أربع وللقوم ركعتان ، وهي صلاة الخوف ، ولها صور أخرى مروية في الأحاديث .
ثم ألقى الله الرعب في قلب العدو فتفرق جمعه ، وعاد رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
إلى المدينة .
وسميت هذه الغزوة بذات الرقاع ، لأن أقدام المسلمين نقبت لأجل المشي ، فلفوا عليها الخرق ، وهي الرقاع ، وقيل : لأن أراضيها وجبالها ذات ألوان مختلفة كأنها رقاع ، قيل : بل هي اسم لمكان الغزوة .
 
غزوة ذات الرقاع
من يمنعك مني ؟ :
ومن أروع ما وقع في هذه الغزوة أن رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
نزل ذات يوم تحت شجرة ظليلة ، فعلق بها سيفه ونام ، وتفرق الناس تحت الأشجار وناموا ، فجاء رجل من المشركين ، فاخترط سيف رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
وهو نائم ، فاستيقظ وهو في يده صلتا . فقال : أتخافني ؟ قال : لا. قال : فمن يمنعك مني ؟ قل : الله .فسقط السيف من يده . فأخذه رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
وقال : من يمنعك مني ؟ قال : كن خير آخذ . فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم . ولكنه أعطى العهد أنه لا يقاتله ، ولا يكون مع قوم يقاتلونه ، فخلى سبيله ، فذهب إلى قومه ، وقال : جئتكم من عند خير الناس . وعامة أهل المغازي يقولون : إن هذه الغزوة وقعت في السنة الرابعة من الهجرة ، والصحيح أنها في السنة السابعة بعد خيبر . لأن أبا هريرة وأبا موسى الأشعري – رضي الله عنهما – كانا في هذه الغزوة ، وهما إنما جاءا إلى النبي
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
أول مرة بعد فتح خيبر . كما تقدم

وقد أرسلت قبل هذه الغزوة وبعدها عدة سرايا لتأمين الطرق وتأديب المعتدين وتفريق المجتمعين ، نطوى ذكرها حتى لا يطول الكلام .

 
عمـــــرة القضــاء
عمـــــرة القضــاء :
وفي ذي القعدة سنة 7هـ خرج رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
للعمرة التي تم الاتفاق عليها في صلح الحديبية ، واستخلف على المدينة أبارهم الغفاري ، وساق معه ستين بدنة ، وجعل عليها ناجية بن جندب الأسلمي ، وحمل معه السلاح حذراً من غدر قريش ، واستعمل عليه بشير بن سعد ، وكان معه مائة فرس عليها محمد بن مسلمة .

وأحرم من ذي الحليفة ولبى . ولبى معه المسلمون ، وواصل سيرة حتى إذا بلغ وادي يأجج وضع السلاح ، وخلف عليها أوس بن خولي الأنصاري ، في مائتين من الصحابة ، وتقدم بسلاح الراكب : السيوف في القرب . فدخل مكة من ثنية كداء التي تطلعه على الحجون . وهو على ناقته القصواء ، والمسلمون متوشحون السيوف ، محدقون به ، يلبى ويلبون ، حتى دخل المسجد الحرام ، فاستلم الحجر الأسود بمحجنه ، ثم طاف – وهو على راحلته – وطاف معه المسلمون ، ويرملون حول البيت ، كاشفين مناكبهم اليمنى ، شأن الفتوه والقوة ، وعبدالله بن رواحة بين يدي رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
متوحشاً بالسيف ، يقول :

خلوا بني الكفار عن سبيله خلوا ، فكل الخير في رسوله
اليوم نضربكم على تأويله كما ضـربناكم علـى تنزيله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله ويذهـل الخليل عن خليـله
وكان المشركون جالسين على جبل قعيقعان – شمالي الكعبة – وقد قالوا فيما بينهم : إنه يقدم عليكم وفد قد وهنتهم حمى يثرب ، فلما رأوا المسلمين يرملون قالوا : هؤلاء أجلد من كذا كذا ، وكان رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
أمرهم أن يرملوا في الأشواط الثلاثة الأولى ليرى المشركين قوتهم . إلا ما بين الركن اليماني والحجر الأسود ، فإنه في الجنوب ، في جهة لم يكن يراها المشركون .

فلما فزع من الطواف سعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط ، ثم نحر هديه عند المروة ، وحلق رأسه ، وكذلك فعل المسلمون ، ثم بعث رجالاً من الصحابة إلى بطن يأجج ليكونوا على السلاح ، ويأتي من بقى هناك من الصحابة فيؤدوا نسكهم .
وأقام بمكة ثلاثة أيام تزوج خلالها ميمونة بنت الحارث الهلالية – وكانت زوجة سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب وخالة ابن العباس – فلما بلغتها الخطبة وكل أمرها إلى العباس ، فزوجها العباس بالنبي
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، وهو حلال ، فإنه اعتمر أول ما دخل مكة ، ثم حل فبقى حلالاً .

وفي صبيحة اليوم الرابع غادر رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
مكة راجعاً إلى المدينة ، فلما بلغ سرف على بعد تسعة أميال من مكة نزل بها وأقام ، وهناك زفت إليه ميمونة – رضي الله عنها – فبنى بها . ثم عاد إلى المدينة فرحاً مسروراً بما حباه الله من تصديق رؤياه ، وشرفه بطواف بيته .

ومن عجيب قدر الله أن ميمونة – رضي الله عنها – لما توفيت كانت بسرف فدفنت هناك .
وبعد رجوعه
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
من عمرة القضاء أرسل عدة سرايا إلى جهات متعددة أهمها سرية مؤتة ، ثم سرية ذات السلاسل .

 
معركة مؤتة
معركة مؤتة :

[ جمادي الأولى سنة 8 هـ ]
سبق في ذكر كتب رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
إلى الملوك والأمراء أن شرحبيل بن عمرو الغساني كان قد قتل الحارث بن عمير t ، حامل كتاب رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
إلى عظيم بصري ، وكان ذلك بمثابة إعلان الحرب ، فلما بلغ ذلك زيد بن الحارثة ، وقال : إن قتل زيد فجعفر ، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة ، وعقد لواءًا أبيض حمله زيد بن حارثة .

وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير فيدعوهم على الإسلام ، فإن أبوا قاتلوهم ، وقال : اغزوا باسم الله ، في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، ولا تغدروا ، ولا تغلوا ، ولا تقتلوا وليداً ، ولا امرأة ، ولا كبيراً فانياً ، ولا منعزلاً بصومعة ، ولا تقطعوا نخلاً ، ولا شجرة ن ولا تهدموا بناء .
وشيع الجيش إلى ثنية الوداع ، ثم ودعه ، فسار الجيش حتى نزل معان – بجنوب الأردن – فبلغهم أن هرقل نازل بمآب في مائة ألف من الروم . انضم إليهم من متنصرة العرب مائة ألف ، فتشاوروا ليلتين هل يكتبون ذلك إلى رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
ويطلبون منه المدد – إنما يقدمون على الحرب ؟ فشجعهم ابن رواحة بأن الذي تكرهونه – وهي الشهادة – إنما خرجتم تطلبونه . ونحن ما نقاتل بعدد ولا قوة ولا كثرة ، وإنما نقاتل بهذا الدين الذي أكرمنا الله به . وما هي إلا إحدى الحسنيين ، إما الظهور وإما الشهادة ، فقالوا : صدق والله ابن رواحة ، فتقدموا ونزلوا بمؤتة ، وتعبؤوا وتهيؤوا للقتال .

ودارت معركة عنيفة ورهيبة ، وعجيبة في تاريخ البشر : ثلاثة آلاف مقاتل يواجهون جيشاً عرمرماً – مائتي ألف – ويصمدون في وجهه . وهذا الكم الهائل من المدججين بالسلاح يهجم عليهم طول النهار ، ويفقد كثيراً من أبنائه وأبطاله ، ولا ينجح في دحرهم .
أخذ راية المسلمين زيد بن حارثة فقاتل وقاتل ، ثم قاتل وقاتل حتى شاط في رماح القوم ، وخر شهيداً في سبيل ربه ، ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب فقاتل وقاتل ، حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه الشقراء وعقرها ، ثم قاتل حتى قطعت يمينه ، فأخذ الراية بشماله ، فلم يزل رافعاً لها حتى قطعت شماله ، فاحتضنها بعضديه حتى أبقاها تخفق في جو السماء ، إلى أن قتل بعد أن أصابته بضع وتسعون من طعنة ورمية ، كل ذلك فيما أقبل من جسده ، وجاءت نوبة عبدالله بن رواحة فأخذ الراية وتقدم ، واقتحم عن فرسه المعمعة ،ثم لم يزل يقاتل حتى قتل .
وحتى لا تسقط الراية أخذها ثابت بن أرقم وقال للمسلمين : اصطلحوا على رجل ، فاصطلحوا على خالد بن الوليد ، وبذلك انتقلت الراية إلى سيف من سيوف الله ، وتقدم خالد بن الوليد فقاتل قتالاً منقطع النظير حتى انقطعت في يده تسعة أسياف ، وأخبر رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
أصحابه بالمدينة في نفس اليوم بمقتل القواد الثلاثة ، وبانتقال القيادة إلى خالد بن الوليد ، وسماه سيفاً من سيوف الله .

وبانتهاء النهار رجع الفريقان إلى مقرهما ، فلما أصبحوا غير خالد t ترتيب العسكر ، فجعل الساقة مقدمة ، والمقدمة ساقة ، والميسرة ميمنة ، والميمنة ميسرة ، فظن العدو أن المدد قد وصل للمسلمين فداخله الرعب ، وبعد مناوشة خفيفة بدأ خالد يتأخر بالمسلمين ، فلم يجترئ العدو على التقدم ، خوفاً من أن تكون خدعة ، فانحاز المسلمون إلى مؤتة ، ومكثوا سبعة أيام يناوشون العدو ، ثم تحاجز الفريقان وانقطع القتال ، لأن الروم ظنوا أن الإمدادات تتوالى على المسلمين ، وأنهم يكيدون بهم ليجروهم إلى الصحراء حيث لا يمكنهم التخلص ، وبذلك كانت كفة المسلمين راجحة في هذه الغزوة .
وقتل في هذه الغزوة اثنا عشر رجلاً من المسلمين ، أما عدد قتلى العدو فلم يعرف ، إلا أنهم قتلوا بكثرة .
 
معركة مؤتة
سرية ذات السلاسل :
ونظراً لموقف عرب الشام في معركة مؤتة رأي رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
القيام بعمل حكيم يكيفهم عن نصرة الرومان والقيام بجانبهم ، فأرسل إليهم عمرو بن العاص t في ثلاثمائة من الصحابة ، ومعهم ثلاثون فرساً ، ليستأنفهم ، لأن أم أبيه كانت من قبيلة بلى : إحدى قبائلهم ، فإن أبوا فليلقنهم درساً على قيامهم بجانب الروم ، فلما قرب منهم بلغه أن لهم جمعاً كبيراً ، فاستمد من رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، فأمده بمائتين من سراة المهاجرين والأنصار ، وعليهم أبو عبيدة بن الجراح ، وكان عمرو بن العاص هو الأمير العام وإمام الصلاة ، فدوخ بلاد قضاعة حتى لقي جمعاً ، فلما هجم عليهم فروا وتفرقوا .

والسلاسل بقعة وماء وراء وادي القرى ، إليها نسبت هذه السرية ، لأن المسلمين نزلوا بها ، وكان ذلك في جمادي الآخرة سنة 8هـ . أي بعد الشهر الذي وقعت فيه معركة مؤتة .

 
الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
السبب والاستعداد والإخفاء :

وفي رمضان سنة 8 من الهجرة فتح الله تعالى لرسوله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
مكة المكرمة ، وهو الفتح الأعظم ، وأعز الله به دينه ورسوله ، وأنقذ به بيته وبلده ، واستبشر به أهل السماء ، ودخل به الناس في دين الله أفواجاً .

وسببه أن بني بكر دخلوا مع قريش في عهد الحديبية ، وكانت بينهم وبين خزاعة دماء وثأرات في الجاهلية اختفت نارها بظهور الإسلام ، فلما وقعت هدنة الحديبية اغتنمها بنو بكر ، وأغاروا في شهر شعبان سنة 8 هـ على خزاعة ليلاً ، وهم على ماء يقال له : الوتير ، فقتلوا منهم ما يربو على عشرين ، وطاردوهم إلى مكة حتى قاتلوهم فيها ، وأعانتهم قريش سراً برجال وسلاح
وكانت خزاعة قد دخلت مع المسلمين في عهد الحديبية ، وكان قد أسلم عدد منهم ، فأبلغوا رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
الخبر ، فقال : والله لأمنعنكم مما أمنع نفسي منه .

وأحست قريش بسوء فعلتها ، وخافت نتائجها ، فأسرعت بإرسال أبي سفيان إلى المدينة ليشد العقد ويزيد في المدة ، فلما جاء المدينة نزل على ابنته أم المؤمنين أم حبيبة – رضي الله عنها ، وأراد أن يجلس على فراش أم رغبت به عني ؟ قالت : هو فراش رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، وأنت مشرك نجس . قال : والله لقد أصابك بعدي شر .

ثم جاء رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
فكلمه فلم يرد شيئاً ، فذهب إلى أبي بكر ليكلم رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
فقال : ما أنا بفاعل . فأتى عمر فأبى ، وشدد في الكلام ، فأتى عليا فاعتذر ، وأشار عليه أن يجير بين الناس ويرجع ، ففعل .

أما رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
فتجهز للغزو ، وأمر أصحابه بذلك ، واستنفر الأعراب الذين حول المدينة ، وكتم الخبر ، ودعا الله :" اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش ، حتى نبغتها في بلادها " .

وزيادة في الكتمان أرسل أبا قتادة t في أوائل رمضان إلى بطن إضم ، وعلى بعد ستة وثلاثين ميلاً من المدينة ، ليظن الظان أنه يريد هذه الناحية .
وكتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى قريش يخبرهم فيه بمسير رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
إليهم ، وأعطاه امرأة على جعل ، فأتى رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
الخبر من السماء ، فأرسل عليا والمقداد والزبير ومرثداً الغنوي ، وقال : انطلقوا إلى روضة خاخ ، فإن بها ظعينة معها كتاب ، فخذوه منها ، فأتوها وطلبوا ]فأتوا به رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، فقال : ما هذا يا حاطب ؟ فأعتذر بأن في مكة أهلاً وعشيرة وولداً ، وليست له فيهم قرابة يحمونهم لأجلها ، فأراد أن يتخذ عندهم يداً يحمون بها أهله ، ولكم يفعله ارتداداً عن الإسلام ، ورضىً بالكفر ، فقال عمر ، دعني يا رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
أضرب عنقه ، فإنه قد خان الله ورسوله ، وقد نافق . فقال
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
:" إنه قد شهد بدراً ، وما يدريك لعل الله أطلع على أهل بدر ، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " ، فذرفت عينا عمر ، وقال : الله ورسوله أعلم .

 
الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
في الطريق إلى مكة :
ولعشر من رمضان سنة 8هـ غادر رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
المدينة ، متجهاً إلى مكة ، ومعه عشرة آلاف من المسلمين ، واستعمل على المدينة أبا رهم الغفاري .

ولما بلغ الجحفة لقيه عمه العباس من أهله مسلماً مهاجراً ، وبالأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث ، وابن عمته عبدالله بن أبي أمية فأعرض عنهما ، لأنه كان يلقى منهما شدة الأذى والهجو ، فقالت له أم سلمة : لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك ، وقال علي لأبي سفيان : ائته من قبل وجهه ، وقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف : {قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ الله عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } . ففعل ، فقال
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
:{قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ الله لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } . فأنشده أبو سفيان أبياتاً مدحه فيها واعتذر عما فعل به سابقاً .

ولما بلغ كديداً ورأى أن الصوم شق على الناس أفطر ، وأمر الناس بالإفطار ، ثم واصل سيره حتى نزل بمر الظهران عشاء ، فأمر الجيش فأوقدوا عشرة الآف نار ، كل على حدته ، وجعل على الحرس عمر بن الخطاب t .
وخرج أبو سفيان خائفاً يترقب ، ولا يعلم شيئاً ، ومعه حكيم بن حزام ، وبديل بن ورقاء ، فلما رأى النيران قال : ما رأيت كالليلة نيراناً قط ولا عسكراً ، قال بديل خزاعة ، قال أبو سفيان : خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها .
 
الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
أبو سفيان بين يدي رسول الله :
وكان العباس t على بغلة رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
يتجول ، فلما سمع الصوت عرفه فقال : أبا حنظلة ؟ فقال : أبا الفضل ؟ قال : نعم . قال : مالك ؟ فداك أبي وأمي . قال : هذا رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
في الناس ، واصباح قريش والله .

قال : فما الحلية ؟ فداك أبي وأمي . قال : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك . فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتى بك رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
فركب ، فلما مر بعمر بن الخطاب رآه فقال : أبو سفيان ؟ عدو الله ؟ الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ، واشتد إلى رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، وركض العباس البغلة فسبق إلى رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، ثم دخل عمر واستأذنه في ضرب عنق أبي سفيان ، فقال العباس : إني أجرته ، وأخذ برأس رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
وقال : لا يناجيه الليلة أحد دوني . وأكثر عمر ، ورسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
ساكت . ثم قال للعباس : اذهب به إلى بيتك . فإذا أصبحت فأتني به .

فلما جاء به الصبح قال رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
: " ويحك يا أبا سفيان ! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله " .

قال أبو سفيان : ما أحلمك وأكرمك وأوضلك ، ولو كان معه إله غيره لأغنى عني شيئاً بعد .
قال :" ويحك يا أبا سفيان ! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ".
قال : أما هذه فإن في النفس حتى الآن منها شئ .
فقال العباس : أسلم قبل أن تضرب عنقك ، فأسلم وشهد شهادة الحق .
فقال العباس : يا رسول الله ! إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً . قال . " نعم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن ".


 
الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
دخول رسول الله في مكة المكرمة :
وفي الصباح تقدم رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
إلى مكة ، وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل ، حتى تمر به جنود الله فيراها ، ففعل ، فمرت القبائل على راياتها ، كلما مرت به قبيلة قال : يا عباس ! من هذة ؟ فيقول : بنو فلان . ( مثلاً بنو سليم ) فيقول : ما لي ولبني فلان . حتى مرت كتيبة الأنصار ، يحمل رايتها سعد بن عبادة فقال : يا أبا سفيان ! اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الكعبة . فقال : يا عباس ! حبذا يوم الذمار .

ثم مر رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
في كتيبته الخضراء ، فيها المهاجرين والأنصار ، ولا يرى منهم إلا الحديد ، فقال : سبحان الله ! يا عباس ! من هؤلاء ؟ قال : هذا رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
في المهاجرين والأنصار ، قال : ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة . لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً . قال العباس : يا أبا سفيان ! إنها النبوة . قال : نعم إذن

ثم أخبر رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
بمقالة سعد ، فقال
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
:" كذب سعد . هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ، ويوم تكسي فيه الكعبة ". وأخذ الراية من سعد ، ودفعها لابنه قيس .

وبعد مروره
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
أسرع أبو سفيان حتى دخل مكة ، وصرخ لأعلى صوته : يا معشر قريش ! هذا محمد ، قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، قالوا : قاتلك الله . وما تغني عنا دارك ؟ قال : ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن ، فأسرع الناس إلى بيوتهم وإلى المسجد الحرام .

ولما وصل رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
إلى ذي طوى أمر خالد بن الوليد قائد الميسرة أن يدخل مكة من أسفلها من طريق كدى ، وإن عرض له أحد يحصده حصداً حتى يوافيه على الصفا . وأمر الزبير قائد الميمنة وحامل راية رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
أن يدخل مكة من أعلاها من كداء ، ويغرز رايته بالحجون ، ولا يبرح حتى يأتيه رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، وأمر أبا عبيدة قائد الرجالة ومن لا سلاح له أن يأخذ بطن الوادي حتى ينزل يدي رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
.

ووبشت قريش أوباشا بالخندمة ، قالوا : إن كان لهم شئ كنا معهم ، وإلا أعطينا الذي سئلنا . فلما مر بهم خالد حصد اثني عشر منهم في مناوشة خفيفة . وفر الباقون . ثم تقدم خالد يجوس مكة حتى وافي رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
على الصفا ، وقتل من رجاله اثنان ضلا الطريق وشذا عنه .

أما الزبير فنصب الراية بالحجون عند مسجد الفتح ، وضرب قبة فيها أم سلمة وميمونة t ، ولم يبرح حتى جاء رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، فاستراح قليلاً ، ثم سار ، وبجانبه أبو بكر t يحادثه ، وهو يقرأ سورة الفتح ، حتى دخل المسجد الحرام ، وحوله المهاجرون والأنصار ، فاستلم الحجر الأسود وطاف بالبيت وهو على الراحلة ، ولم يكن محرماً ، وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنماً ، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول : {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } {قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ } ، والأصنام تتساقط على وجوهها .

 
الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
تطهير الكعبة والصلاة فيها :
فلما فرغ من الطواف دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ، وأمر بفتحها ، ثم أمر بما فيها من الأصنام فأخرجت وكسرت ، وأمر بما فيها من الصور فمحيت ، ثم دخلها هو وأسامة بن زيد وبلال ، فأغلق الباب ، واستقبل الجدار الذي يقابله ، وهو على بعد ثلاثة أذرع ، وعن يساره عمود وعن يمينه عمودان ، ووراءه ثلاثة أعمدة ، فصلى ركعتين ، ثم دار في البيت ، وكبر في نواحيه ، ووحد الله .
 
الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
لا تثريب عليكم :
ثم فتح الباب ، وكانت قريش قد ملأت المسجد الحرام صفوفاً، فأخذ بعضادتي الباب فخطب خطبة بليغة بين فيها كثيراً من أحكام الإسلام ، وأسقط أمور الجاهلية ، وأعلن عن ذهاب نخوتها ، ثم قال :
" يا معشر قريش ! ما ترون أني فاعل بكم " . قالوا : خيراً . أخ كريم ، وابن أخ كريم .
قال :" لا تثريب عليكم اليوم . اذهبوا فأنتم الطلقاء ".
ثم نزل وجلس في المسجد الحرام ، ورد المفتاح إلى عثمان بن طلحة ، وقال : خذوها خالدة تالدة ، ولا ينزعها منكم إلا ظالم .
 
الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
البيعــة :
ثم أتى الصفا فعلا عليه حيث ينظر على البيت ، فرفع يديه يدعو ، ثم بايع الناس على الإسلام .وممن أسلم يومئذ أبو قحافة والد أبي بكر الصديق t ففرح رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
بإسلامه ، ثم بايع النساء بعد الرجال على : ] أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ [ .

وممن بايع يومئذ من النساء هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان ، جاءت متنقبة متنكرة ، خوفاً على نفسها مما كانت قد فعلت بنعش حمزة ، فلما تمت لها البيعة قالت : يا رسول الله ! ما كان على وجه الأرض أهل خباء أحب إلى أن يذلوا من أهل خبائك ، ثم ما أصبح اليوم على وجه الأرض أهل خباء أحب إلى أن يعزوا من أهل خبائك ، فقال رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
:ـ " وأيضاً والذي نفس محمد بيده " .

وكان عمر بن الخطاب t قد جلس أسفل من مجلس رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
يبلغ الناس ويبايعهم عنه ، وكانت بيعة النساء كلاماً بغير مصافحة .

وقد جاء بعض الناس ليبايعوا رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
على الهجرة فقال : " ذهب أهل الهجرة بما فيهم ، ولا هجرة بعد فتح مكة ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا " .

 
الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
أناس أهدرت دماؤهم :
وكان رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
قد أهدر يومئذ دماء أناس عظمت ذنوبهم ، وكبرت جرائمهم ، فأمر بقتلهم حتى ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة ، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، فمنهم من حقت عليه كلمة العذاب وقتل ، ومنهم من أدركته عناية الله فأسلم ، فأما الذين قتلوا فهم : ابن خطل ، ومقيس بن صبابة ، والحارث بن نفيل ، وقينة لابن خطل ، أربعة نفر ، يقال : أيضاً الحارث ابن طلاطل الخزاعي ، وأم سعد ، مع احتمال أن تكون أم سعد هي مولاة ابن خطل ، فإذن خمسة أو ستة نفر .

وأما الذين أسلموا – وكانوا قد هربوا أو اختفوا ، ثم استؤمن لهم فجاؤوا وأسلموا – فهم عبدالله بن سعد بن أبي سرح ، وعكرمة بن أبي جهل ، وهبر بن الأسود ، وقينة أخرى لابن خطل ، أربعة نفر ، قيل : وأيضاً كعب بن زهير ، ووحشي بن حرب ، وهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان . سبعة نفر .
واختفى آخرون خوفاً على أنفسهم دون أن يكون قد أهدرت دماؤهم ، منهم صفوان بن أمية ، وزهير بن أبي أمية ، وسهيل بن عمرو ، ثم أسلم هؤلاء كلهم ، ولله الحمد .
 
الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
صـلاة الفتــح :
ودخل رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
ضحى في بيت أم هانئ بنت أبي طالب t ، فاغتسل وصلى ثمان ركعات صلاة الفتح ، يسلم في كل ركعتين ، وكانت أم هانئ قد أجارت حموين لها ، وأراد علي بن أبي طالب t أن يقتلهما ، فسألت رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، فقال : قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ .

 
الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
بلال يؤذن على ظهر الكعبة :
وحان وقت صلاة الظهر ، فأمر رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
بلالاً ، فأذن على ظهر الكعبة ، وكان ذلك بمثابة إعلان عن ظهور الإسلام ، وقد راع ذلك المسلمين بقدر ما أغلظ المشركين ، والحمد لله رب العالمين .






الفتح الأعظم : فتح مكة المكرمــة
إقامة رسول الله بمكة :
ولما تم فتح مكة تخوف الأنصار أن يقيم بها رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
، لأنها بلده وبلد عشيرته وقومه – وذلك حين كان رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
على الصفا ، رافعاً يديه يدعو – فلما فرغ من الدعاء قال لهم :
] معاذ الله ، المحيا محياكم والممات مماتكم [ فاطمأن الأنصار وذهب خوفهم وفرحوا .
نعم . بقي رسول الله
لنتعلم سيرته  صلى الله عليه وسلم من الولادة حتى الوفاة كاملة
بمكة تسعة عشر يوماً يجدد معالم الإسلام ، ويطهرها من آثار الجاهلية ، وقد جدد أنصاب الحرم ، ونادى مناديه : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنماً إلا كسره .


 
الوسوم
الله الوفاة الولادة حتى سيرته صلى عليه كاملة لنتعلم من وسلم
عودة
أعلى