أضواء على كتاب الله !!!

المنسي

الاعضاء

أضواء على كتاب الله !!!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلا بكم أحبتي في الله

علي مائدة القرآن نجتمع

نلقي اضواء علي اعجازه
كل سورة سبب تسميتها

اسباب نزولها

اهم ما تتحدث عنه

وفضلها
الموضوع يقدم كل مرة معلومة عن سور القران بترتيبها

فاحرص علي متابعتنا ولا يفوتك ............فما أعظم من أن نجتمع علي محبته وتدارسه

نبدأ اول لقاء لنا في نور القرآن

مع أول سورة بترتيب المصحف

وهي أم الكتاب (الفاتحة )

سورة الفاتحة
سبب التسمية :


تُسَمَّى ‏‏ ‏الفَاتِحَةُ ‏‏ ‏لافْتِتَاحِ ‏الكِتَابِ ‏العَزِيزِ ‏بهَا وَتُسَمَّى ‏‏ ‏أُمُّ ‏الكِتَابِ ‏‏ ‏لأنهَا ‏جَمَعَتْ ‏مَقَاصِدَهُ


‏الأَسَاسِيَّةَ ‏وَتُسَمَّى ‏أَيْضَاً ‏السَّبْعُ ‏المَثَانِي ‏‏،


‏وَالشَّافِيَةُ ‏‏، ‏وَالوَافِيَةُ ‏‏، ‏وَالكَافِيَةُ ‏‏، ‏وَالأَسَاسُ ، ‏وَالحَمْدُ‎ .‎‏

التعريف بالسورة :



1) سورة مكية

2) من سور المثاني

3) عدد آياتها سبعة مع البسملة

4) هي السورة الأولى في ترتيب المصحف الشريف

5) نـَزَلـَتْ بـَعـْدَ سـُورَةِ المـُدَّثـِّرِ

6) تبدأ السورة بأحد أساليب الثناء " الحمد لله" لم يذكر لفظ الجلالة إلا مرة واحدة وفي الآية الأولى

7) الجزء ( 1 ) ، الحزب ( 1 ) الربع ( 1 )

محور مواضيع السورة :


يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ وَالعَقِيدَةِ ، وَالعِبَادَةِ ، وَالتَّشْرِيعِ ، وَالاعْتِقَادِ


باليَوْمِ الآخِرِ ، وَالإِيمَانِ بِصِفَاتِ الَّلهِ الحُسْنَى ، وَإِفْرَادِهِ بالعِبَادَةِ


وَالاسْتِعَانَةِ وَالدُّعَاءِ ،


وَالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ جَلَّ وَعَلاَ بطَلَبِ الهداية إلى الدِّينِ


الحَقِّ وَالصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ ، وَالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ بالتَّثْبِيتِ عَلَى الإِيمَانِ


وَنَهْجِ سَبِيلِ الصَّالِحِينَ ،


وَتَجَنُّبِ طَرِيقِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ ،


وَالإِخْبَارِ عَنْ قِصَصِ الأُمَمِ السَّابِقِينَ ، وَالاطَّلاَعِ عَلَى


مَعَارِجِ السُّعَدَاءِ وَمَنَازِلِ الأَشْقِيَاءِ ، وَالتَّعَبُّدِ


بأَمْرِ الَّلهِ سُبْحَانَهُ وَنَهْيِهِ


سبب نزول السورة :


عن أبي ميسرة أن رسول كان إذا برز سمع مناديا يناديه

: يا محمد فإذا سمع

الصوت انطلق هاربا فقال له ورقة بن نوفل : إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع


ما يقول لك قال : فلما برز سمع النداء يا محمد فقال

:لبيك قال : قل أشهد

أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله ثم قال


قل :الحمد لله رب


العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين حتى فرغ من فاتحة الكتاب وهذا قول


علي بن أبي طالب .


فضل السورة :


رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ أَنَّ أُبـَيَّ بْنَ كَعْبٍ


قَرَأَ عَلَي الرسول أُمَّ القُرآنِ الكَرِيمِ


فَقَالَ رَسُولُ الَّلهِ :


" وَالَّذِي نـَفْسِي بـِيَدِهِ مَا أُنـْزِلَ في التـَّوْرَاةِ وَلاَ في الإِنـْجِيلِ وَلاَ في الزَّبـُورِ وَلاَ في الفُرقـَانِ مِثْلُهَا ،

هِيَ

السَّبـْعُ المَثَانـِي وَالقـُرآنَ العَظِيمَ الَّذِي أُوتـِيتـُه "


فَهَذَا الحَدِيثُ يُشِيرُ إِلى قَوْلِ الَّلهِ تَعَالى في سُورَةِ


الحِجْرِ ( وَلَقَدْ آتـَيـْنَاكَ سَبْعَاً مِنَ المَثَانـِي وَالقُرآنَ العَظِيمَ )


يتبع إن شاء الله
 



علي مائدة القرآن

نلقي الضوء علي سوره


لنعرف المزيد عنها



أضواء على كتاب الله !!!
أضواء على كتاب الله !!!
أضواء على كتاب الله !!!



واليوم موعدنا مع...................... سورة البقرة


سبب التسمية :

سُميت ‏السورة ‏الكريمة ‏‏" ‏سورة ‏البقرة ‏‏"

‏إحياء ‏لذكرى ‏تلك ‏المعجزة ‏الباهرة ‏التي ‏ظهرت ‏في ‏زمن ‏موسى ‏الكليم ‏حيث

قُتِلَ ‏شخص ‏من ‏بني ‏إسرائيل ‏ولم ‏يعرفوا ‏قاتله ‏فعرضوا ‏الأمر ‏على ‏موسى ‏لعله ‏يعرف ‏القاتل ‏

فأوحى ‏الله ‏إليه ‏أن ‏يأمرهم ‏بذبح ‏بقرة ‏وأن ‏يضربوا ‏الميت ‏بجزء ‏منها

‏فيحيا ‏بإذن ‏الله ‏ويخبرهم ‏عن ‏القاتل ‏وتكون ‏برهانا ‏على ‏قدرة ‏الله ‏جل ‏وعلا


أضواء على كتاب الله !!!
أضواء على كتاب الله !!!
أضواء على كتاب الله !!!


التعريف بالسورة :

1) هي سورة مدنية

2) من السور الطول

3) عدد آياتها 286 آية

4) السورة الثانية من حيث الترتيب في المصحف

5) وهي أول سورة نزلت بالمدينة

6
) تبدأ بحروف مقطعة " الم " ، ذكر فيها لفظ الجلالة أكثر من 100 مرة ،


بها أطول آية في القرآن وهي آية الدين رقم 282 ،



7) الجزء " 1،2،3" الحزب " 1،2،3،4،5" . الربع " 1 : 19 " .



أضواء على كتاب الله !!!
أضواء على كتاب الله !!!
أضواء على كتاب الله !!!


محور مواضيع السورة :



سورة البقرة من أطول سورة القرآن على الإطلاق وهي من السور المدنية التي تعني بجانب


التشريع شأنها كشأن سائر السور المدنية التي تعالج النظم والقوانين التشريعية التي يحتاج إليها


المسلمون في حياتهم الاجتماعية .

أضواء على كتاب الله !!!
أضواء على كتاب الله !!!
أضواء على كتاب الله !!!



سبب نزول السورة :


1) " الم ذلك الكتاب " . عن مجاهد قال : أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين


وآيتان بعدها نزلتا في الكافرين وثلاث عشرة بعدها نزلت في المنافقين .


2) " إن الذين كفروا " قال الضحاك :نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته


وقال الكلبي: يعني اليهود .


أضواء على كتاب الله !!!
أضواء على كتاب الله !!!
أضواء على كتاب الله !!!




3) "وإذا لقوا الذين آمنوا " قال الكلبي :عن أبي صالح عن ابن عباس نزلت

هذه الآية في عبد الله بن أُبيّ وأصحابه وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب

رسول الله فقال :عبد الله بن أُبي فقال : مرحبا بالصدّيق سيد بني تيم وشيخ الإسلام وثاني رسول

الله في الغار الباذل نفسه وماله ثم أخذ بيد عمر فقال :مرحبا بسيد بني عدي بن كعب الفاروق

القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله ثم أخذ بيد على فقال :مرحبا بابن عم رسول ال

له وختنه سيد بني هاشم ما خلا رسول الله ثم افترقوا فقال عبد الله :لأصحابه كيف رأيتموني فعلت

فاذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فأثنوا عليه خيرا فرجع المسلمون


إلى رسول الله بذلك فأنزل الله هذه الآية

‏في ‏إحياء ‏الخلق ‏بعد ‏الموت‎ .


 
علي مائدة القرآن
*

سورة آل عمران
*
سبب التسمية :

سُميت ‏السورة ‏بـ ‏‏" ‏آل ‏عمران ‏‏" ‏لورود ‏ذكر ‏قصة ‏تلك ‏الأسرة ‏الفاضلة ‏‏" ‏آل ‏عمران ‏‏"

‏والد ‏مريم ‏آم ‏عيسى ‏وما ‏تجلى ‏فيها ‏من ‏مظاهر ‏القدرة ‏الإلهية ‏بولادة ‏مريم ‏البتول

وابنها ‏عيسى ‏عليهما ‏السلام ‏‏.

التعريف بالسورة :

1) هي سورة مدنية

2) من سور الطول

3) عدد آياتها 200 آية

4) هي السورة الثالثة من حيث الترتيب في المصحف

5) نزلت بعد سورة " الأنفال"

6) تبدأ السورة بحروف مقطعة " الم "

7) جزء " 4" الحزب "6،7،8 " ، الربع " 1،2،3،4،5،6 ".

محور مواضيع السورة :

سورة آل عمران من السور المدنية الطويلة وقد اشتملت هذه السورة الكريمة


على ركنين هامين من أركان الدين هما


، الأول : ركن العقيدة وإقامة الأدلة والبراهين على وحدانية الله جل وعلا ،


والثاني : التشريع وبخاصة فيما يتعلق بالمغازي والجهاد في سبيل الله .


سبب نزول السورة :

قال المفسرون : قَدِمَ وفد نجران وكانوا ستين راكبا على رسول الله وفيهم أربعة عشر رجلا من

أشرافهم وفي الأربعة عشر ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم فالعاقب امير القوم وصاحب مشورتهم

الذي لا يصدرون إلا عن رأيه واسمه عبد المسيح والسيد إمامهم وصاحب رحلهم واسمه الأيهم

. وأبو حارثة بن علقمة أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم وكان قد شرف فيهم ودرس

كتبهم حتى حسن علمه في دينهم وكانت ملوك الروم قد شرفوه ومولوه وبنوا له الكنائس لعلمه

واجتهاده فقدموا على رسول الله ودخلوا مسجده حين العصر عليهم ثياب الحبرات

جبابا وأردية في جمال رجال الحارث بن كعب يقول بعض من رآهم من أصحاب

رسول الله ما رأينا وفدا هم فقاموا فصلوا في مسجد رسول الله :

دعوهم فصلوا إلى المشرق فكلم السيد والعاقب رسول الله :أسلما فقالا :

قد أسلمنا قبلك قال : كذبتما منعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا وعبادتكما الصليب وأكلكما

الخنزير قالا : إن لم يكن عيسى ولد الله فمن أبوه في عيسى فقال لهما النبي

: ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا ويشبه أباه قالوا : بلى قال : ألستم تعلمون أن ربنا قيم

على كل شئ يحفظه ويرزقه

قالوا : بلى قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئا قالوا : لا قال

: فإن ربنا صَوَّرَ عيسى في الرحم كيف شاء وربنا لا يأكل ولا يشرب ولا يحدث قالوا

: بلى قال : ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة

ولدها ثم غذى كما يغذى الصبي ثم كان يطعم ويشرب


ويحدث قالوا : بلى قال : فكيف يكون هذا

كما زعمتم فسكتوا فأنزل الله عز وجل فيهم سورة ال عمران إلى بضعة وثمانين آية منها


وإلي لقاء جديد وسورة جديدة لنلقي الضوء عليها
 


علي مائدة القرآن

سورة النِّسَاء 4 /14

سبب التسمية :

سُميت ‏سورة ‏النساء ‏لكثرة ‏ما ‏ورد ‏فيها ‏من ‏الأحكام ‏التي ‏تتعلق ‏بهن ‏بدرجة ‏لم

‏توجد ‏في ‏غيرها ‏من ‏السور ‏ولذلك أُطلِقَ ‏عليها ‏‏" ‏سورة ‏النساء ‏الكبرى ‏‏" ‏ ‏مقابلة

‏سورة ‏النساء ‏الصغرى ‏التي ‏عرفت ‏في ‏القرآن ‏بسورة ‏الطلاق ‏‏.

التعريف بالسورة :

1) سورة مكية

2) من سور الطول

3) عدد آياتها 176 آية

4) هي السورة الرابعة من حيث الترتيب في المصحف ،

5) نزلت بعد سورة الممتحنة ،

6) تبدأ السورة بأحد أساليب النداء " ياأيها الناس " ، تحدثت السورة

عن أحكام المواريث ، تختم السورة أيضا بأحد أحكام المواريث ،

7) الجزء 5 ، الحزب 8، 9، 10 ،10 الربع " 1،2،3،4،5،6،7،8 " .

محور مواضيع السورة :

سورة النساء إحدى السور المدنية الطويلة وهي سورة مليئة بالأحكام

التشريعية التي تنظم الشئون الداخلية والخارجية للمسلمين وهي تعني

بجانب التشريع كما هو الحال في السور المدنية وقد تحدثت السورة

الكريمة عن أمور هامة تتعلق بالمرأة والبيت والأسرة والدولة والمجتمع

ولكن معظم الأحكام التي وردت فيها كانت تبحث حول موضوع النساء

ولهذا سميت " سورة النساء " .

سبب نزول السورة :

1) قال تعالى " وآتوا اليتامى أموالهم " الآية . قال مقاتل والكلبي : نزلت

في رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ طلب المال

فمنعه عمه فترافعا إلى النبي في قوله تعالى "وِإنْ خِفْتُم ألا تٌقْسِطُوا " الآية

قالت : أنزلت هذه في الرجل يكون له اليتيمة وهو وليها ولها مال وليس لها

أحد يخاصم دونها فلا ينكحها حبا لمالها ويضربها ويسئ صحبتها فقال

الله تعالى : "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم

من النساء "يقول ما أحللت لك ودع هذه . رواه مسلم .

3) قال تعالى " وابتلوا اليتامى " الآية نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه

وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتا وهو صغير فأتى عم ثابت إلى النبي

فقال إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله ومتى أدفع إليه ماله

فأنزل الله تعالى هذه الآية

من وحي سورة النساء




سورة النساء سورة مدنية تبلغ آياتها 176 آية، و سبب تسميتها بالنساء ورود أحكام النساء فيها بكثرة كما أنها نزلت بعد سورة الممتحنة التي تضمنت مسالة بيعة النساء لرسول الله صلى الله عليه و سلم بأمر من الله عز و جل.
تبدأ سورة النساء بخطاب موجه إلى كل النساء رغم أنها مدنية النزول و رغم اشتمالها على قضايا التشريع و ذلك بحسب الخلق الإنساني اذ كله من نفس واحدة ثم أكد سبحانه على سواسية الرجال و النساء في الأحكام الشيء الذي كان منعدما عند الكفار و أهل الجاهلية.و تتضمن سورة النساء أيضا إعلاء من شان المرأة ابتداء من العناية بها باليتيمة منها خاصة، و تطرقت إلى زواجها و صداقها الذي يحترم و لا يمس بسوء فوضعيتها بجانب شقيقها الرجل في الإرث على حسب مكانتها من الهالك تبعا لقواعد الإرث في الشريعة.
و تشمل سورة النساء أيضا حسب الأستاذ محمد المهدي بوزيد مسالة تهذيب المرأة الاجتماعي بالتشديد عليها في مسالة الفاحشـة و التوبة منها تم التشديد على الرجل في مسالة معاملته لزوجته بين الترغيب و الترهيب و بعد ذلك تطرق الموضوع إلي تنظيم الزواج بدءا بالنساء المحرمات منتقلا إلى بيان أحكام التشريع في قضايا الزواج معتمدا التخفيف و التيسير على العباد و إبعادهم عن المشقة و المضايقة حتى يستطيع هذا الإنسان الانسجام مع ضعفه عن مقاومة الشهوات الذي خلق بها. و تستعرض سورة النساء أيضا كيفية تنظيم الإسلام لطريقة التعامل مع الآخرين و الحفاظ على الأموال بغير اعتداء كما أيقظ النفوس من سباتها و أمر بتطهيرها مما تنطوي عليه من صفات قبيحة كالحسد و الحقد و البغضاء و تمني اخذ ما لدى الآخرين من نعم و ثروات و ما فضل الله به بعض الناس على بعض من الجاه و المال. و تتطرق السورة أيضا إلى تنظيم الحياة الاجتماعية العامة من تنظيم حياة الأسرة إلى وضع مبادئ العلاقات مع كل فئات المجتمع، فبعد الحسم في أمر الحياة الزوجية كان التنبيه إلى الاهتمام بالوالدين و بذي القربى و اليتامى و المساكين.
كما تشير الآيات من 43 إلى الاية70 إلى تنظيم المنهاج العام للمسلمين و هو عبارة عن توجيه في مجال العبادات ثم المعاملات مركزا على وجوب الطاعة لرسول الله صلى الله عليه و سلم في كل ما جاء به بغير تردد و إن كانت أوامره عسيرة و إلا فان التولي عنه من شان المنافقين أو المشركين، أما المشركون فان الله لا يغفر لهم و أما المنافقون فتحدثت عنهم السورة في الأواخر لتوضح أنهم في الدرك الأسفل من النار.و فيها الأمر بالاستعداد الدائم لمكافحة العدو الطارئ مع اخذ الحذر من أعداء الداخل و لعلهم المنافقون مع وضع قواعد المعاملات بين المسلمين و غيرهم محذرة من ضلالات أهل الكتاب و موقفهم من الرسل عليهم السلام لينتهي الكلام ببيان ظلال النصارى بشان المسيح عليه السلام و إبعاد الغلو الحاصل في شان أمه. و هذا المقطع من السورة يتخلله بعض التذكير بالأوضاع الاجتماعية و المالية و غيرها و بذلك ختمت هذه السورة ابتداء من قوله تعالى:(يا أيها الذين امنوا خذوا حذركم) إلى قوله سبحانه:(يبين الله لكم ان تضلوا و الله بكل شيء عليم


 

سورة المائدة114/5
مدنية وآياتها مائة وعشرون آية

سبب التسمية
سميت هذه السورة باسم «المائدة» من قبيل تسمية الكل باسم الجزء، حيث لم يرد ذكر «المائدة» إلاّ في آيتين، هما قوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ ياعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة:112]. وقوله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأوَّلِنَا وآخِرِنَا وآيَةً مِّنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [المائدة:114]؛ وكان ذلك في سياق الحوار ـ الطلب ـ بين الحواريين والسيِّد المسيح(ع)، حيث طلبوا منه(ع) إنزال مائدة من السماء عليهم، تكون عيداً لأوّلهم وآخرهم، ليعيشوا من خلالها الشعور العميق برضى الله عنهم وتكريمه لهم، فاستجاب لهم المسيح، ودعا الله لينزل عليهم هذه المائدة، فوعده الله بذلك، والله لا يخلف وعده، إلاَّ أنَّه توعّد أصحابها بالعذاب السريع إذا ما انحرفوا وكفروا بعد أن جاءتهم البينة بإنزالها. وهنا اختلف المفسرون: فمنهم من قال بأنَّهم سحبوا طلبهم بعد هذا الوعيد، ومنهم من قال بأنَّهم أصرّوا عليه، ومن هنا نشأ خلاف المفسرين حول إنزال المائدة أو لا.
وقد جاءت تعليقات أهل الكتاب لتثير حول هذه القصة شكوكاً تتلخّص في أنَّ الإنجيل لم يتحدث عنها في قليل أو كثير، كما لم ينقلها أحدٌ في التاريخ النصراني، في الوقت الذي نجده يتعرض لكل كرامةٍ ـ مهما كانت صغيرة ـ لتلاميذ المسيح، فكيف بهذه الكرامة العظيمة التي جعلها القرآن الكريم مناسبة عظيمة، بحيث تعتبر أساساً لعيدٍ جديدٍ يعيشونه في مستقبل حياتهم كمظهر للفرحة بالنعمة الكبيرة... وسنتعرض لبعض هذه التساؤلات في نهاية هذه السورة.
* * *
أغراض هذه السورة
تهدف هذه السورة ـ كغيرها من السور ـ إلى تنمية الواقع الفكري والروحي والعملي للإنسان المسلم، سواء في نطاقه الفردي أو الاجتماعي، وذلك من خلال تصوّره للآفاق العقيدية الّتي يطوف فيها فكره، وتتحرك معها تصوراته عن الله والكون والحياة...، أو من خلال حركة المسؤولية في حياته في علاقاته بالنّاس والأشياء من حوله، بكل ما تشتمل عليه من التزامات ومواثيق يفرضها الله عليه أو يُلزم بها نفسه، أو من خلال الصراع الَّذي يخوضه المسلمون والآخرون من أهل الكتاب والمشركين، حيث يثيرون المشاكل والشبهات والتحديات والمواقف السلبية ضد الإسلام والمسلمين، مبيناً لهم كيف يجب عليهم أن يعيشوا هذه التحديات فكرياً وروحياً من خلال صفاء الفكر ووضوحه، وقوة الحجة وثباتها الّتي يضفيها الإسلام على معتنقيه، حيث يزوّدهم بصلابة الموقف، وحيوية الروح، وسماح الشعور.
وهكذا جاءت هذه السورة لتؤكد الخطوط الإسلامية التشريعية العامة لقواعد التعامل بين النّاس مع بعضهم البعض ومع الله، إضافة إلى التشريعات الخاصة التي تثير قضايا الناس في ما يأكلونه ويعيشونه ويمارسونه من علاقات إنسانية خاصة، ولم تترك أمر العبادة غامضاً مطلقاً، بل عملت على التخطيط لبعض الملامح التشريعية لأعمال الطهارة والصلاة... وتحركت ـ عبر خطوات العقيدة في الفكر والحياة ـ لتناقش أهل الكتاب وغيرهم في كل القضايا التي كانت محلاً للنزاع والخلاف والتساؤل، ولتناديهم والمؤمنين كي يستقيموا في خط التصور والعمل، فتعنف معهم تارة وتلين أخرى، لأنَّ القضية تتعلق بالجانب العميق من قاعدة الحياة، لا بالقضايا الطارئة البسيطة التي تفرض نوعاً من المجاملة في الأسلوب.
وأطلقت ـ بعد ذلك ـ للمؤمنين النداءات التي تحدّد لهم خط الاستقامة في العقيدة والتشريع، لتربطهم بحكم الله كأساس للإيمان والعدل والاعتدال، ولتوحي إليهم بأنَّ الله قد أكمل لهم الدين، فلا مجال بعد ذلك لزيادة أو نقصان، لأنَّ الدين هو الحقيقة، وهو الكلمة الإلهية الفاصلة، وهو المنهج المعصوم الذي {لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42]، فليس هناك فراغٌ ليملأه الآخرون، وليس هناك خطأ ليصححه المتفلسفون، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس:32].
وهكذا نجد في هذه السورة النموذج الإسلامي الحي للخطوط العامة التي يراد من خلالها بناء الفرد والمجتمع والحياة الإسلامية على الأسس الفكرية والمفاهيمية والعقيدية والتشريعية للإسلام، لنلتقي في حركة الحياة بالإنسان الذي يؤمن بالله من خلال الفكر والعقل، ويتحرك في حياته من خلال الوحي، وينطلق في شجاعة الموقف الفكري والعملي، ليدعو الناس إلى الحوار، ويتحدى الأفكار كلها بالحجة والبرهان، ويحمل مسؤولية الكون والحياة على أساس الإسلام الكامل الشامل، الذي يخطط لكل حركة، ويحتوي كل مشكلة، ويفسح المجال أمامه لكل إبداع.
وإن شاء الله نكمل معاً سورة المائدة


 

سورة المائدة

قوله تعالى: ( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) الآية 2.

قال ابن عباس: نـزلت في الحطم - اسمه شريح بن ضُبَيِّعـة الكِندي - أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اليمامة إلى المدينة، فخلّف خيله خارج المدينة ودخل وحده على النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: إلام تدعو الناس؟ قال: "إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة"، فقال: حسن، إلا أن لي أمراء لا أقطع أمرًا دونهم، ولعلي أسلم وآتي بهم، وقد كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: "يدخل عليكم رجل يتكلم بلسان شيطان"، ثم خرج من عنده، فلما خرج قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقبي غادر، وما الرجل بمسلم"، فمرّ بسرح المدينه فاستاقه، فطلبوه فعجزوا عنه، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام القضية سمع تلبية حجاج اليمامة، فقال لأصحابه: "هذا الحُطَم وأصحابه"، وكان قد قلد هديًا من سرح المدينة وأهداه إلى الكعبة، فلما توجهوا في طلبه أنـزل الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) يريد: ما أشعر الله، وإن كان على غير دين الإسلام.

وقال زيد بن أسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه بالحديبية حين صدَّهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمرّ بهم ناس من المشركين يريدون العمرة، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صُدُّ هؤلاء كما صدنا أصحابهم، فأنـزل الله تعالى: ( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) أي ولا تعتدوا على هؤلاء العمار إن صدكم أصحابهم.


قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) الآية 3.

نـزلت هذه الآية يوم الجمعة، وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع سنة عشر، والنبيّ صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته العضباء.

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا جعفر بن عون قال: أخبرني أبو عميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين إنكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نـزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، فقال: أيّ آية هي؟ قال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نـزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والساعة التي نـزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عَشِيَّة يوم عرفة في يوم جمعة. رواه البخاري عن الحسن بن صباح. ورواه مسلم عن عبد بن حميد، كلاهما عن جعفر بن عون.

أخبرنا الحاكم أبو عبد الرحمن الشاذياخي قال: أخبرنا زاهر بن أحمد قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا ابو قتيبة قال: حدثنا حماد عن عمار بن أبي عمار قال: قرأ ابن عباس هذه الآية ومعه يهودي: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا ) فقال اليهودي: لو نـزلت هذه الآية علينا في يوم لاتخذناه عيدًا، فقال ابن عباس: فإنها نـزلت في عيدين اتفقا في يوم واحد يوم جمعة وافق ذلك يوم عرفة.


قوله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ) الآية 4.

أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: حدثنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثني يحيى بن أبي زائدة، عن موسى بن عبيدة، عن أبان بن صالح، عن القعقاع بن حكيم عن سلمى أم رافع، عن أبي رافع قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، فقال الناس: يا رسول الله ما أحل لنا من هذه الأمة التي أمرتَ بقتلها؟ فأنـزل الله تعالى هذه الآية وهي: ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ) رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه، عن أبي بكر بن بالوية، عن محمد بن شاذان، عن يعلى بن منصور، عن ابن أبي زائدة.
وذكر المفسرون شرح هذه القصة قالوا: قال أبو رافع: جاء جبريل عليه السلام إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم واستأذن عليـه، فأَذِنَ لـه فلم يدخل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "قد أذنّا لك يا جبريل"، فقال: "أجل يا رسول الله، ولكنا لا ندخل بيتًا فيه صورة ولا كلب"، فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جَرْو، قال أبو رافع: فأمرني أن لا أدع كلبًا بالمدينة إلا قتلتُهُ حتى بلغتُ العواليَ، فإذا امرأة عندها كلب يحرسها فرحمتها، فتركته فأتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأمرني بقتله، فرجعت إلى الكلب فقتلته، فلما أمر رسول الله بقتل الكلاب جاء ناس فقالوا: يا رسول الله ماذا يحلّ لنا من هذه الأمة التي تقتلها؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله تعالى هذ الآية؛ فلما نـزلت أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اقتناء الكلاب التي يُنتَفَع بها، ونهى عن إمساك ما لا نفع فيه منها، وأمر بقتل الكلب الكَلْبِ والعَقُور، وما يضر ويؤذي ورفع القتل عما سواهما وما لا ضرر فيه.

وقال سعيد بن جبير: نـزلت هذه الآية في عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين وهو زيد الخيل الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زيد الخير"، وذلك أنهما جاءا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، وإنّ كلاب آل ذريح وآل أبي جويرية تأخذ البقر والحمر والظباء والضب، فمنه ما يدرك ذكاته ومنه ما يقتل فلا يدرك ذكاته وقد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها؟ فنـزلت: ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتِ ) يعني الذبائح ( وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ ) يعني: وصيد ما علمتم من الجوارح، وهي الكواسب من الكلاب وسباع الطير.

قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ) الآية
11.

أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر المؤذن قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا أبو لبابة محمد بن المهدي الميهني قال: حدثنا عمار بن الحسن قال: حدثنا سلمة بن الفضل قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن البصري، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أن رجلا من محارب يقال له غورث بن الحارث قال لقومه من غطفان ومحارب: ألا أقتل لكم محمدًا؟ قالوا: نعم، وكيف تقتله؟ قال: أفتك به، قال فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيفه في حجره، فقال: يا محمد أنظر إلى سيفك هذا؟ قال: "نعم"، فأخذه فاستله، ثم جعل يهزه ويهمّ به، فكبته الله عز وجل، ثم قال: يا محمد ما تخافني؟ قال: "لا"، قال: ألا تخافني وفي يدي السيف؟ قال: "يمنعني الله منك"، ثم أغمد السيف ورده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله تعالى:( اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ).

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الثعلبي قال: أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نـزل منـزلا وتفرق الناس في العضاة يستظلون تحتها، فعلق النبيّ صلى الله عليه وسلم سلاحه على شجرة، فجاء أعرابي إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل عليه فقال: من يمنعك مني؟ قال: "الله"، قال ذلك الأعرابي مرتين أو ثلاثًا والنبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: الله، فشام الأعرابي السيف، فدعا النبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه.

وقال مجاهد والكلبي وعكرمة: قتل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من بني سليم، وبين النبيّ صلى الله عليه وسلم وبين قومهما موادعة، فجاء قومهما يطلبون الديه، فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة وعبد الرحمن بن عوف رضوان الله عليهم أجمعين، فدخلوا على كعب بن الأشرف وبني النضير يستعينهم في عقلهما، فقالوا: نعم يا أبا القاسم قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة، اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا، فجلس هو وأصحابه، فخلا بعضهم ببعض وقالوا: إنكم لم تجدوا محمدًا أقرب منه الآن، فمن يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة، فيريحنا منه؟ فقال عمر بن جحاش بن كعب: أنا، فجاء إلى رحا عظيمة ليطرحها عليه، فأمسك الله تعالى يده، وجاء جبريل عليه السلام وأخبره بذلك، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنـزل الله تعالى هذه الآية.



قوله تعالى: ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) 33.

أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المخلدي قال: حدثنا أبو عمرو بن نجيد قال: أخبرنا مسلم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حماد قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن أنس: أن رهطًا من عكل وعرينة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف فاستوخمنا المدينة، فأَمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذَوْدٍ راعٍ وأمرهم أن يخرجوا فيها فليشربوا من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا وكانوا بناحية الحرّة قتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذود، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم فتركوا في الحرة التي ماتوا على حالهم. قال قتادة: ذكر لنا أن هذه الآية نـزلت فيهم: ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَادًا ) إلى آخر الآية. رواه مسلم عن محمد بن المثنى، عن عبد الأعلى، عن سعيد إلى قول قتادة.



قوله تعالى: ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) 38.

قال الكلبي: نـزلت في طعمة بن أبيرق سارق الدرع وقد مضت قصته
قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ) الآيات 41-47.

حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري إملاء قال: أخبرنا أبو محمد حاجب ابن أحمد الطوسي قال: حدثنا محمد بن حماد الأبيوردي قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيهودي محممًا مجلودًا، فدعاهم فقال: "أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم" قالوا: نعم، قال: فدعا رجلا من علمائهم فقال: "أنشدك الله الذي أنـزل التوراة على موسى عليه السلام، هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟" قال: لا ولولا أنك نشدتني لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذ أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه"، فأمر به فرجم، فأنـزل الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ) إلى قوله ( إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ ) يقولون ائتوا محمدًا فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوا به، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، إلى قوله تعالى: ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنـزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) قال: في اليهود، إلى قوله ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنـزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) قال: في النصارى إلى قوله: ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنـزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) قال: في الكفار كلها. رواه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية.
وأخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق قال: أخبرنا أبو الهيثم أاحمد بن محمد بن غوث الكندي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجم يهوديًّا ويهودية، ثم قال: ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنـزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنـزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنـزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) قال: نـزلت كلها في الكفار. رواه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة.




قوله تعالى: ( إِنَّا أَنـزلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ) 44.

أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري قاد: حدثني رجل من مزينة ونحن عند سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: زنى رجل من اليهود وامرأة، قال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي مبعوث للتخفيف، فإذا أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله، وقلنا: فُتيا نبيّ من أنبيائك، فأتوا النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد مع أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في رجل وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهم حتى أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب فقال: "أنشدكم بالله الذي أنـزل التوارة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أُحصِن؟" قالوا: يحمَّم وجهه ويجبَّه ويجلد، - والتجبية: أن يُحمَل الزانيان على الحمار ويُقابَل أقفيتهما ويُطاف بهما - قال: وسكت شاب منهم، فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم سكت ألظَّ به في النشدة، فقال: اللهم إذا أنشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "فما أول ما أرخصتم أمر الله عز وجل؟" قال: زنى رجل ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه فحال قومه دونه، فقالوا: لا ترجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبكم فترجمه، فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "فإني أحكم بما في التوراة"، فأمر بهما فرجما.


قال الزهري: فبلغنا أن هذه الآية نـزلت فيهم: ( إِنَّا أَنـزلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ) وكان النبي صلى الله عليه وسلم منهم.

قال معمر: أخبرني الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر برجمهما، فلما رجما رأيته يَجْنَأْ بيده عنها ليقيها الحجارة.

قوله عز وجل: ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنـزلَ اللَّهُ ) الآية 49.

قال ابن عباس: إن جماعة من اليهود منهم كعب بن أسد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس قال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فأتوه فقال: يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم، وأنا إن اتبعناك اتبعنا اليهود ولن يخالفونا، وإن بيننا وبين قوم خصومة ونحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم ونحن نؤمن بـك ونصدقـك، فـأبى ذلـك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله تعالى فيهم: ( وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنـزلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ).

قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ) 51.

قال عطية العوفي: جاء عبادة بن الصامت فقال: يا رسول الله إن لي موالي من اليهود كثير عددهم حاضر نصرهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية اليهود، وآوي إلى الله ورسوله، فقال عبد الله بن أُبيّ: إني رجل أخاف الدوائر ولا أبرأ من ولاية اليهود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا الحباب ما بخلت به من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه"، فقال: قد قبلت، فأنـزل الله تعالى فيهما: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) إلى قوله تعالى: ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) يعني عبد الله بن أبي ( يُسَارِعُونَ فِيهِمْ ) في ولايتهم ( يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ) الآية.




قوله تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) 55.

قال جابر بن عبد الله: جاء عبد الله بن سلام إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن قومًا من قريظة والنضير قد هاجرونا وفارقونا وأقسموا أن لا يجالسونا، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل، وشكى ما يلقى من اليهود، فنـزلت هذه الآية، فقرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء.

ونحو هذا قال الكلبي وزاد: أن آخر الآية نـزل في علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، لأنه أعطى خاتمه سائلا وهو راكع في الصلاة.


أخبرنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا الحسين بن محمد بن أبي هريرة قـال: حدثنا عبد الله ابن عبد الوهاب قال: حدثنا محمد بن الأسود، عن محمد بن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه قد آمنوا، فقالوا: يا رسول الله إن منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدث، وإن قومنا لما رأونا آمنا بالله ورسوله وصدقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا، فشقّ ذلك علينا، فقال لهم النبي عليه الصلاة والسلام: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) الآية. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع، فنظر سائلا فقال: "هل أعطاك أحد شيئا؟" قال: نعم خاتم من ذهب، قال: "من أعطاكه؟" قال: ذلك القائم، وأومأ بيده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: "على أي حال أعطاك؟" قال: أعطاني وهو راكع، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قرأ:( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ )



 
قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا ) 57.

قال ابن عباس: كان رفاعة بن زيد وسويد بن الحارث قد أظهر الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادّونها، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.

قوله تعالى: ( وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ) 58.



قال الكلبي: كان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نادي إلى الصلاة، فقام المسلمون إليها، قالت اليهود: قاموا لا قاموا، صلُّوا لا صلُّوا، ركعوا لا ركعوا. على طريق الاستهزاء والضحك فأنـزل الله تعالى هذه الآية.

قال السدي: نـزلت في رجل من نصارى المدينة كان إذا سمع المؤذن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله قال: حرق الكاذب. فدخل خادمه بنار ذات ليلة وهو نائم وأهله نيام، فطارت منها شرارة في البيت فاحترق هو وأهله.

وقـال آخرون: إن الكفار لما سمعوا الآذان حسدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين على ذلك، فدخلوا على رسول الله وقالوا: يا محمد لقد أبدعت شيئًا لم نسمع به فيما مضى من الأمم الخالية، فإن كنت تدّعي النبوة فقد خالفت فيما أحدثت من هذا الآذان الأنبياء من قبلك، ولو كان في هذا الأمر خير كان أولى الناس به الأنبياء والرسل من قبلك، فمن أين لك صياح كصياح العير؟ فما أقبح من صوت ولا أسمج من كفر! فأنـزل الله تعالى هذه الآية وأنـزل: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ) الآية. ]فصلت: 33].

قوله تعالى: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ ) الآية 59.

قال ابن عباس: أتى نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عمن يؤمن به من الرسل، فقال: أُومن ( بِاللَّهِ وَمَا أُنـزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنـزلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ) إلى قوله: ( وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) ]البقرة: 136] فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا: والله ما نعلم أهل دين أقلّ حظًّا في الدنيا والآخرة منكم، ولا دينًا شرًّا من دينكم، فأنـزل الله تعالى: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ ) إلى قوله: ( فَاسِقُونَ ).


قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنـزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) 67.

قال الحسن: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لما بعثني الله تعالى برسالتي ضقت بها ذرعًا وعرفت أن من الناس من يكذبني" ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهاب قريشًا واليهود والنصارى، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.

أخبرنا أبو سعيد محمد بن عليّ الصفار قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي قال: أخبرنا محمد بن حمدون بن خالد قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الحَلْواني قال: حدثنا الحسن بن حماد سجادة قال: حدثنا علي بن عابس، عن الأعمش وأبي الحجَّاب، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: نـزلت هذه الآية: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنـزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) يوم غدير خمّ، في عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.

قوله تعالى: ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) 67.

قالت عائشة رضي الله عنها: سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقلت: يا رسول الله ما شأنك؟ قال: "ألا رجل صالح يحرُسنا الليلة"؟ فقالت: بينما نحن في ذلك سمعت صوت السلاح، فقال: "من هذا؟" قال: سعد وحذيفة، جئنا نحرسك. فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غَطِيطة، ونـزلت هذه الآية، فأنـزل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من قُبَّة أَدَم وقال: "انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله".

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: حدثنا إسماعيل بن نجيد قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الخليل حدثنا محمد بن العلاء قـال: حدثنا الحماني قال: حدثنا النضر، عن عكرمة عن ابن عباس قـال: كـان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس وكـان يرسل معه أبو طالب رجالا من بني هـاشم يحرسونه حتى نـزلت عليه هذه الآية: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنـزلَ إِلَيْكَ ) إلى قوله: ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) قال: فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه، فقال: "يا عَمّ، إنّ الله قد عصمني من الجن والإنس".


قوله تعالى: ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ ) الآيات 82-86.

إلى قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا ) نـزلت في النجاشي وأصحابه. قال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة يخاف على أصحابه من المشركين، فبعث جعفر بن أبي طالب وابن مسعود في رهط من أصحابه إلى النجاشي وقال إنه ملك صالح لا يظلم ولا يظلم عنده أحد، فاخرجوا إليه حتى يجعل الله للمسلمين فرجًا، فلما وردوا عليه أكرمهم وقال لهم: تعرفون شيئًا مما أنـزل عليكم؟ قالوا: نعم، قال: اقرءوا. فقرءوا وحوله القسيسون والرهبان، فكلما قرءوا آية انحدرت دموعهم مما عرفوا من الحق، قال الله تعالى: ( بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنـزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ) الآية.


أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن حمدون بن الفضل قـال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو صالح كاتب الليث قال: حدثني الليث قال: حدثني يونس عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، وعن عروة بن الزبير وغيرهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضَّمري بكتاب معه إلى النجاشي فقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه، فأرسل إلى الرهبان والقسيسين فجمعهم، ثم أمر جعفر أن يقرأ عليهم القرآن فقرأ سورة "مريم" عليها السلام فـآمنوا بالقرآن وفاضت أعينهم من الدمع، وهم الذين أنـزل فيهم:( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ) إلى قوله: ( فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ).

وقال آخرون: قدم جعفر بن أبي طالب من الحبشة هو وأصحابه ومعهم سبعون رجلا بعثهم النجاشي وفدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثياب الصوف، اثنان وستون من الحبشة، وثمانية من أهل الشام، وهم بحيرا الراهب وأبرهة وإدريس وأشرف وتمام وقثيم ودريد وأيمن، فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة "يس" إلى آخرها، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينـزل على عيسى، فأنـزل الله تعالى فيهم هذه الآيات.

أخبرنا أحمد بن محمد العدل قال: حدثنا زاهر بن أحمد قـال: حدثنا أبو القاسم قال: حدثنا البغوي قال: حدثنا عليّ بن الجعد قال: حدثنا شريك عن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: ( ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا ) قال: بعث النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيار أصحابه ثلاثين رجلا فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة "يس" فبكوا، فنـزلت هذه الآية.



قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ) 87.

أخبرنا أبو عثمان بن أبي عمرو المؤذن قال: حدثنا محمـد بن أحمد بن حمدان قـال: حدثنـا الحسين بن نصر بن سفيـان قـال: أخبـرنا إسحاق بن منصور قال: أخبرنا أبو عاصم عن عثمان بن سعد قال: أخبرني عكرمة، عن ابن عباس: أن رجلا أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم وقال: إني إذا أكلت هذا اللحم انتشرتُ إلى النساء، وإني حرمت عليَّ اللحم، فنـزلت: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ) ونـزلت ( وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا ) الآية.

قال المفسرون: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فذكر الناس ووصف القيامة ولم يزدهم على التخويف؛ فرقّ الناس وبكـوا، فاجتمع عشرة من الصحابة في بيت عثمان بن مظعون الجمحي وهم أبو بكر الصديق وعليّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وأبو ذرّ الغفاري وسالم مولى أبي حُذيفة والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي ومعقل بن مقرن، واتفقوا على أن يصوموا النهار، ويقوموا الليل، ولا يناموا على الفرش، ولا يأكلوا اللحم ولا الودك ولا يقربوا النساء والطيب، ويلبسوا المسوح ويرفضوا الدنيا ويسيحوا في الأرض ويترهبوا، ويجبّوا المذاكير؛ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمعهم فقال: "ألم أنبَّأ أنكم اتفقتم على كـذا وكذا؟" فقالوا: بلى يا رسول الله، وما أردنا إلا الخير، فقال لهم: "إني لم أومر بذلك، إن لأنفسكم عليكم حقا، فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا، فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم، ومن رغب عن سنتي فليس مني" ، ثم خرج إلى الناس وخطبهم فقال: "ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا، أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ولا رهبانًا، فإنه ليس في ديني ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع، وإن سياحة أمتي الصوم ورهبانيتها الجهاد، واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وحجوا واعتمروا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا رمضان، فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد، شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم، فأولئك بقاياهم في الديارات والصوامع"، فأنـزل الله تعالى هذه الآية، فقالوا: يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها، وكانوا حلفوا على ما عليه اتفقوا، فأنـزل الله تعالى: ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) الآية .


 
قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ ) الآية 90.

أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر المطوعي قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: حدثنا أحمد بن علي الموصلي قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الحسن أبو موسى قال: حدثنا زهير قال: حدثنا سماك بن حرب قال: حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أتيت على نفر من المهاجرين والأنصار فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرًا، وذلك قبل أن يحرم الخمر، فأتيتهم في حشٍّ، والحش: البستان، وإذا رأس جزور مشوي عندهم ودنّ من خمر، فأكلت وشربت معهم، وذكـرت الأنصار والمهاجـرين، فقلت: المهاجرون خير من الأنصار، فأخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به، فجذع أنفي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأنـزل الله فيّ - يعني نفسه - شأن الخمر ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) الآية. رواه مسلم عن أبي خيثمة.

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنـا أحمد بن جعفر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا خلف بن الوليد قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عمر بن الخطاب قال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا فنـزلت الآية التي في البقرة: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) فدعى عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانا شافيا، فنـزلت الآية في النساء: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ) فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة ينادي لا يقربنّ الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنـزلت هذه الآية:( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) فدعي عمر فقرئت عليه، فلما بلغ ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) قال عمر: انتهينا انتهينا .

وكـانت تحـدث أشياء لرسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب شرب الخمر قبل تحريمها، منها قصة عليّ بن أبي طالب مع حمزة رضي الله عنهما، وهي ما أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي خالد قال: أخبرنا يوسف، عن ابن شهاب قال: أخبرني عليّ بن الحسين، أن حسين بن عليّ أخبره أن عليّ بن أبي طالب قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفًا من الخمس، ولما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعدت رجلا صواغًا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذْخَر أردت أن أبيعه من الصوّاغين فأستعين به في وليمة عرسي، فبينما أنا أجمع لشارفي متاعًا من الأقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناختان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار، فإذا أنا بشارفي قد أجبت أسنمتهما، وبُقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما، فلم أملك عينيَّ حين رأيت ذلك المنظر، قلت: من فعل هذا؟ فقالوا فعله حمـزة بن عبد المطلب وهو في البيت في شرب من الأنصار غنت قينة، فقالت في غنائها:

ألا يــا حــمز للشــرف النــواء وهـــنَّ معقـــلات بـالفنـــاء

ضــع السـكين فـي اللبـات منهـا فضرجـــهن حـــمزة بالدمــاء

فــأطعم مــن شــرائحها كبـابـا ملهوجــة عــلى رهــج الصـلاء

فــأنت أبــا عمـــارة المرجـى لكشـف الضــرّ عنــا والبـــلاء

فوثب إلى السيف، فاجتب أسمنتهما وبقر خواصرهما وأخذ من أكبادهما قال علي عليه السلام: فانطلقت حتى أدخل على النبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة، قال: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لقيت، فقال: "ما لك؟" فقلت: يا رسول الله ما رأيت كاليوم عدا حمزة على ناقتيّ وجب أسنمتهما وبقر خواصرها هو ذا في بيت معه شرب، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه، ثم انطق يمشي فاتبعت أثره أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي هو فيه، فاستأذن فأذن له، فإذا هم شرب، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صعد النظر فنظر إلى ركبته ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه ثم قال: وهل أنتم إلا عبيد أبي؟ فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل، فنكص على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا، رواه البخاري عن أحمد بن صالح، وكانت هذه القصة من الأسباب الموجبة لنـزول تحريم الخمر.



قوله تعالى: ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ) الآية 93.

أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المطوعي قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: أخبرنا أبو يعلى قال: أخبرنا أبو الربيع سليمان بن داود العتكي، عن حماد، عن أنس قال: كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة، وما شرابهم إلا الفضيخ والبسر والتمر، وإذا مناد ينادي: ألا إن الخمر قـد حرّمت، قال: فحرت في سكك المدينة، فقال أبو طلحة: اخرج فأرقها، قال: فأرقتها، فقال بعضهم: قتل فلان وقتل فلان وهي في بطونهم، قـال: فأنـزل الله تعالى: ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ) الآية. رواه مسلم، عن أبي الربيع ورواه البخاري. عن أبي نعمان، كلاهما عن حماد.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكى قال: حدثنا أبو عمرو بن مطر قال: حدثنا أبو خليفة قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق عن البراء بن عازب قال: مات من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وهم يشربون الخمر فلما حرمت قال أناس: كيف لأصحابنا ماتوا وهم يشربونها؟ فنـزلت هذه الآية: ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ) الآية.


قوله تعالى: ( قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ) الآية 100.

أخبرنا الحاكم أبو عبد الرحمن الشاذْياخي قال: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبيد الله البيّع قال: أخبرنا محمد بن القاسم المؤدب قال: حدثنا محمد بن يعقوب الرازي حدثنا إدريس بن علي الرازي قال: حدثنا يحيى بن الضريس قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل حرم عليكم عبادة الأوثان وشرب الخمر والطعن في الأنساب، إلا أن الخمر لعن شاربها وعاصرها وساقيها وبائعها وآكل ثمنها"، فقام إليه أعرابي فقال: يا رسول الله إن كنت رجلا كانت هذه تجارتي، فاعتقبت من بيع الخمر مالا فهل ينفعني ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أنفقته في حج أو جهاد أو صدقة لم يعدل عند الله جناح بعوضة، إن الله لا يقبل إلا الطيب"، فأنـزل الله تعالى تصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: ( قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ) فالخبيث: الحرام.





قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) الآية 101.

أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المزكى قال: حدثنا محمد بن مكي قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا الفضل بن سهل قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا أبو جويرية عن ابن عباس قال: كان قوم يسألون النبيّ صلى الله عليه وسلم استهزاءً، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فأنـزل الله تعالى فيهم هذه الآية: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) حتى فرغ من الآيات كلها.

أخبرنا أبو سعيد النَّصْرُوِييّ قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا منصور بن وردان الأسدي قال: حدثنا عليّ بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن أبي البختري، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما نـزلت هذه الآية: ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) قالوا: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فسكت، ثم قالوا: أفي كل عام؟ فسكت، ثم قال في الرابعة: "لا ولو قلت: نعم لوجبت"، فأنـزل الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ).

قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) الآية 105.

قال الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل هجر وعليهم منذر بن ساوى يدعوهم إلى الإسلام، فإن أبوأ فليؤدوا الجزية، فلما أتاه الكتاب عرضه على من عنده من العرب واليهود والنصارى والصابِئين والمجوس، فأقروا بالجزية وكرهوا الإسلام، وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما العرب فلا تقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وأما أهل الكتاب والمجوس فأقبل منهم الجزية"، فلما قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت العرب، وأما أهل الكتاب والمجوس فأعطوا الجزية، فقال منافقوا العرب: عجبًا من محمد يزعم أن الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب، فلا نراه إلا قبل من مشركي أهل هجر ما رد على مشركي العرب، فأنـزل الله تعالى: ( عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) يعني من ضل من أهل الكتاب.

قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ) الآية 106.

أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر الغازي قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا الحارث بن شريح قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثنا محمد بن القاسم، عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس قال: كان تميم الداري وعديّ بن بداء يختلفان إلى مكـة، فصحبهما رجلٌ من قريش من بني سهم، فمات بأرض ليس بها أحد من المسلمين، فأوصى إليهما بتركته، فلما قدما دفعاها إلى أهله وكتما جامًا كان معه من فضة كان مخوَّصًا بالذهب فقالا لم نره فأُتي بهما إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فاستحلفهما بالله ما كتما ولا اطلعا وخلى سبيلهما؛ ثم إن الجام وجد عند قوم من أهل مكة، فقالوا: ابتعناه من تميم الداري وعدي بن بداء، فقام أولياء السهمي فأخذوا الجام وحلف رجلان منهم بالله إن هذا الجام جام صاحبنا، وشهادتنا أحقّ من شهادتهما وما اعتدينا، فنـزلت هاتان الآيتان: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ) إلى آخرها.
 


مع سورة الأنعام

سورة الأَنْعَام 6/114


سبب التسمية :

سُميت ‏بـ ‏‏" ‏سورة ‏الأنعام ‏‏" ‏لورود ‏ذكر ‏الأنعام ‏فيها ‏‏" ‏َوَجعلوا ‏لله ‏مما ‏ذرأ ‏من ‏الحرث ‏والأنعام ‏نصيبا ‏‏"

‏ولأن ‏اكثر ‏أحكامها ‏الموضحة ‏لجهالات ‏المشركين ‏تقربا ‏بها ‏إلى ‏أصنامهم ‏مذكورة

‏فيها ‏ومن ‏خصائصها ‏ما ‏روى ‏عن ‏ابن ‏عباس ‏أنه ‏قال ‏‏" ‏نزلت ‏سورة ‏الأنعام ‏بمكة ‏ليلا

‏جملة ‏واحدة ‏حولها ‏سبعون ‏ألف ‏ملك ‏يجأرون ‏بالتسبيح" ‏‏.


أضواء على كتاب الله !!!





التعريف بالسورة :

1)
سورة مكية ماعدا الآيات " 20،23،91،93،114،141،151،152،153 " فمدنية .

2) من السور الطول .

3) عدد آياتها165 آية .

4) هي السورة السادسة في ترتيب المصحف .

5) نزلت بعد سورة " الحجر" .

6) تبدأ السورة بأحد أساليب الثناء وهو " الحمد لله " .

7) الجزء "8" ، الحزب " 13،14، 15" ، الربع " 1،2،3،4 " .


أضواء على كتاب الله !!!




محور مواضيع السورة :

سورة الأنعام إحدى السور المكية الطويلة التي يدور محورها حول " العقيدة وأصول الإيمان "

وهي تختلف في أهدافها ومقاصدها عن السور المدنية التي سبق الحديث عنها كالبقرة وال عمران

والنساء والمائدة فهي لم تعرض لشئ من الأحكام التنظيمية لجماعة المسلمين كالصوم والحج

والعقوبات وأحكام الأسرة ولم تذكر أمور القتال ومحاربة الخارجين على دعوة الاسلام

كما لم تتحدث عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى ولا على المنافقين وإنما تناولت

القضايا الكبرى الاساسية لأصول العقيدة والإيمان وهذه القضايا يمكن تلخيصها فيما يلى :

1 ـ قضية الألوهية .

2 ـ قضية الوحي والرسالة .

3 ـ قضية البعث والجزاء .

أضواء على كتاب الله !!!





سبب نزول السورة :

قال المشركون : يا محمد خبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها قال : الله قتلها قالوا

: فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال وما قتل الكلب والصقر حلال وما قتله الله حرام

، فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال عكرمة : إن المجوس من أهل فارس

لما أنزل الله تعالى تحريم الميتة كتبوا إلى مشركي قريش وكانوا أولياءهم

في الجاهلية وكانت بينهم مكاتبة أن محمدا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر

الله ثم يزعمون أن ما ذبحوا فهو حلال وما ذبح الله فهو حرام فوقع في أنفس ناس من

المسلمين من ذلك شئ فأنزل الله تعالى هذه الآية .

2) قال ابن عباس يريد حمزة بن عبد المطلب وأبا جهل وذلك أن أبا جهل رمى

رسول الله بفرث وحمزة لم يؤمن بعد فأُخبِر حمزة بما فعل أبو جهل وهو راجع

من قنصه وبيده قوس فأقبل غضبان حتى علا أبا جهل بالقوس وهو يتضرع إليه ويقول :

يا أبا يعلي أما ترى ما جاء به سفه عقولنا وسب آلهتنا وخال

: ومن أسفه منكم تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لا اله الا الله لا شريك له

وأن محمدا عبده ورسوله فأنزل الله تعالى هذه الآية . جاء به سفه عقولنا وسب

آلهتنا وخالف اباءنا قال حمزة : ومن أسفه منكم تعبدون الحجارة من دون الله

أشهد أن لا اله الا الله لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فأنزل الله تعالى هذه الآية .

3) عن عكرمة في قوله " قَدْ خَسِرَ الذينَ قَتَلوا أَولادَهُم سَفَهًا بِغيرِ عِلمٍ " قال نزلت فيمن كان يئد البنات من مضر

وربيعة كان الرجل يشترط على امرأته أنك تئدين جارية وتستحيين أخرى فاذا كانت الجارية التي توأد غدا من عند

أهله أو راح وقال أنت علي كأمي إن رجعت اليك لم تئديها فترسل إلى نسوتها فيحفرن لها حفرة فيتداولنها بينهن فإذا

بصرن به مقبلا دسسنها في حفرتها وسوين عليها التراب .



أضواء على كتاب الله !!!




فضل السورة :

1) عن ابن عباس قال: أنزلت سورة الأنعام بمكة معها موكب

من الملائكة يشيعونها قد طبقوا ما بين السماء والارض

لهم زجل بالتسبيح حتى كادت الارض أن ترتج من زجلهم بالتسبيح ارتجاجا فلما سمع

النبي صلى الله عليه وسلم زجلهم بالتسبيح رعب من ذلك
 
سورة الأَعْرَاف 7/114

أضواء على كتاب الله !!!



سبب التسمية :

سُميت ‏هذه ‏السورة ‏بسورة ‏الأعراف ‏لورود ‏ذكر ‏اسم ‏الأعراف ‏فيها ‏وهو ‏سور

‏مضروب ‏بين ‏الجنة ‏والنار ‏يحول ‏بين ‏أهلهما ‏روى ‏ابن ‏جرير ‏عن ‏حذيفة ‏أنه ‏سئل

‏عن ‏أصحاب ‏الأعراف ‏فقال ‏ :هم ‏قوم ‏استوت ‏حسناتهم ‏وسيئاتهم ‏فقعدت ‏بهم

‏سيئاتهم ‏عن ‏دخول ‏الجنة ‏وتخلفت ‏بهم ‏حسناتهم ‏عن ‏دخول ‏النار ‏فوقفوا ‏هنالك

‏على ‏السور ‏حتى ‏يقضي ‏الله ‏بينهم ‏‏.



أضواء على كتاب الله !!!




التعريف بالسورة :

1) سورة مكية ماعدا الآيات من " 163 : 170 " فمدنية ،

2) هي من سوره الطول .

3) عدد آياتها .206 آية ،

4) هي السورة السابعة في ترتيب المصحف ،

5) نزلت بعد سورة " ص " ،

6) تبدأ السورة بحروف مقطعة " المص " ،الآية 206 من السورة بها سجدة . ،

7) الجزء "9" ، الحزب " 16،17 ،18 " ، الربع " 1،2،3،4،5،6 " .
أضواء على كتاب الله !!!




محور مواضيع السورة :

سورة الأعراف من أطول السور المكية وهي أول سورة عرضت للتفصيل في

قصص الأنبياء ومهمتها كمهمة السورة المكية تقرير أصول الدعوة الإسلامية

من توحيد الله جل وعلا وتقرير البعث والجزاء وتقرير الوحي والرسالة .


أضواء على كتاب الله !!!




سبب نزول السورة :

1) عن ابن عباس قال : كان ناس من الأعراب يطوفون بالبيت عراة حتى إن

كانت المرأة لتطوف بالبيت وهي عريانة فتعلق على سفلاها سيورا مثل هذه

السيور التي تكون على وجوه الحمُرِ من الذباب وهي تقول : " اليوم يبدو بعضه

أو كله وما بدا له منه فلا أُحِلّه " فأنزل الله تعالى على نبيه " يا بني آدم خذوا

زينتكم عند كل مسجد " فأُمِروا بلبس الثياب .

2) عن أبي بكر الهذلي قال : لما نزلت " ورحمتي وسعت كل شئ " قال إبليس:

يا رب وانا من الشىء فنزلت " فسأكتبها للذين يتقون " الآية فنزعها الله من إبليس .

3) قال ابن مسعود : نزلت في بلعم بن باعورا رجل من بني إسرائيل وقال ابن

عباس وغيره من المفسرين : هو بلعم بن باعورا وقال الوالبي : هو رجل من مدينة

الجبارين يقال له بلعم وكان يعلم اسم الله الأعظم فلما نزل بهم موسى أتاه بنو عمه

وقومه وقالوا إن موسى رجل حديد ومعه جنود كثيرة وإنه إن يظهر علينا يهلكنا

فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه قال إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن

معه ذهبت دنياي وآخرتي فلم يزالوا به حتى دعا عليهم فسلخه مما كان عليه فذلك

قوله فانسلخ منها .

4) وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وزيد بن أسلم: نزلت في أمية بن أبي الصلت

الثقفي وكان قد قرأ الكتب وعلم أن الله مُرسِلُ رسولا في ذلك الوقت ورجا أن

يكون هو ذلك الرسول فلما أُرسِلَ محمدحسده وكفر به وروى عكرمة عن ابن

عباس في هذه الآية قال : هو رجل أُعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيها وكانت له

امرأة يقال لها البسوس وكان له منها ولد وكانت له محبة فقالت اجعل لي منها

دعوة واحدة قال لك واحدة فماذا تأمرين قالت ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة

في بني اسرائيل فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه وأرادت شيئا أخر فدعا

الله عليها أن يجعلها كلبة نبآية فذهبت فيها دعوتان وجاء بنوها فقالوا ليس لنا

على هذا قرار قد صارت امنا كلبة نبآية يعيرنا بها الناس فادع الله ان يردها إلى

الحال التي كانت عليها فدعا الله فعادت كما كانت وذهبت الدعوات الثلاث وهي

البسوس وبها يضرب المثل في الشؤم فيقال أشام من البسوس .

5) قال ابن عباس: قال جهل بن أبي قشير وشموال بن زيد وهما من اليهود:

يا محمد أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا ؟ فإنّا نعلم متى هي ؛ فأنزل

الله تعالى هذه الآية وقال قتادة : قالت قريش لمحمد : إن بيننا وبينك قرابة

فَاسِرّ الينا متى تكون الساعة؟ فأنزل الله تعالى " يسألونك عن الساعة ".

أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر الوراق قال أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان

قال حدثنا أبو يعلى قال حدثنا عقبة بن مكرم قال حدثنا يونس قال حدثنا

عبد الغفار بن القاسم عن ابان بن لقيط عن قرظة بن حسان قال سمعت ابا موسى

في يوم جمعة على منبر الصلاة يقول : سئل رسول الله عن الساعة وأنا شاهد

فقال: لا يعلمها إلا الله لا يجليها لوقتها إلا هو ولكن سأحدثكم بأشراطها وما بين

يديها إن بين يديها ردما من الفتن وهرجا ، فقيل : وما الهرج يا رسول الله ؟ قال :

هو بلسان الحبشة القتل وأن تحصر قلوب الناس وأن يلقى بينهم التناكر فلا يكاد

أحد يعرف أحدا ويرفع ذوو الحجى وتبقى رجاجة من الناس لا تعرف معروفا

ولا تنكر منكرا .


أضواء على كتاب الله !!!



فضل السورة :

2) عن أبي أيوب وزيد بن ثابت " أن النبي قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين جميعا ".
 


سورة الأَنْفَال 8/114




أضواء على كتاب الله !!!



‎‎‏ التعريف بالسورة :

1) مدنية ماعدا الآيات من 30 إلى 36 فمكة .

2) هي من سور المثاني ،.

3) عدد آياتها .75 آية.

4) هي السورة الثامنة في ترتيب المصحف ،

5) نزلت بعد سورة البقرة ،

6) تبدأ السورة بفعل ماضي ، اهتمت السورة بأحكام الأسرى

والغنائم ونزلت بعد غزوة بدر ،

7) الجزء " 10 " الحزب " 19 " الربع " 1،2 " .



أضواء على كتاب الله !!!



محور مواضيع السورة :

سورة الأنفال إحدى السور المدنية التي عنيت بجانب التشريع وبخاصة

فيما يتعلق بالغزوات والجهاد في سبيل الله فقد عالجت بعض النواحي

الحربية التي ظهرت عقب بعض الغزوات وتضمنت كثيرا من التشريعات

الحربية والإرشادات الالهية التي يجب على المؤمنين إتباعها في قتالهم

لأعداء الله وتناولت جانب السلم والحرب وأحكام الأسر والغنائم .

أضواء على كتاب الله !!!




سبب نزول السورة :

1) عن ابن عباس قال: لما شاور النبي في لقاء العدو وقال له سعد بن

عبادة ما قال وذلك يوم بدر أمر الناس فتعبوا للقتال وأمرهم بالشوكة

فكره ذلك أهل الإيمان فأنزل الله " كما أخرجكَ رَبُّكَ من بيتِكَ بِالحَقِّ

" إلى قوله تعالى " وَهُمْ يَنْظُرُونَ " أي كراهية لقاء العدو .

2) عن ابن شهاب قال : دخل جبريل على رسول الله فقال : قد وضعت

السلاح وما زلنا في طلب القوم فاخرج فإن الله قد أذن لك في قريظة

وأنزل فيهم " وإمَّا تَخَافَنَّ من قَومٍ خِيانَةً " الآية .

3) عن ابن عباس قال أسلم مع رسول الله بقوله تعالى " يَاأَيُّهَا النَّبيُّ

حَسبُكَ اللَّهُ وَمَنْ إتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنينَ ".

4) عن سعد بن جبير في قوله " إِن يَكُنْ مِنْكُم عِشْرُونَ ...." قال : كان

يوم بدر جعل الله على المسلمين أن يقاتل الرجل الواحد منهم عشرة من

المشركين لقطع دابرهم فلما هزم الله المشركين وقطع دابرهم خفف على

المسلمين بعد ذلك فنزلت " الآن خَفَّفَ اللهُ عنكم " يعني بعد قتال بدر

 


أضواء على كتاب الله !!!


سورة التَّوبَة


سبب التسمية :


سميت ‏هذه ‏السورة ‏‏" ‏سورة ‏التوبة " ‏ِلمَا ‏فيها ‏من ‏توبة ‏الله ‏على


التعريف بالسورة :


1) مدنية ما عدا الآيتان 128 ، 129 فمكيتان .

2) هي من سور المئين وهي الوحيدة في السور المدنية.

3) عدد آياتها 129 آية .

4) السورة التاسعة في ترتيب المصحف .

5) نزلت بعد سورة " المائدة " .

6) السورة لم تبدأ بالبسم الله و يطلق عليها سورة براءة وقد نزلت عام 9هـ ونزلت بعد غزوة تبوك .

7) الجزء " 11 " ، الحزب " 19،20،21 " الربع " 1،2،3 " .


أضواء على كتاب الله !!!



محور مواضيع السورة :

هذه السورة الكريمة من السور المدنية التي تعني بجانب التشريع وهي من

أواخر ما نزل على رسول الله فقد روى البخاري عن البراء بن عازب : أن آخر

سورة نزلت سورة براءة وروى الحافظ ابن كثير أن أول هذه السورة نزلت على

رسول الله عند مَرْجِعِهِ من غزوة تبوك وبعث أبا بكر الصديق أميرا على

الحج تلك السنة ليقيم للناس مناسكهم فلما قفل أتبعه بعلي بن أبي طالب

ليكون مُبَلِّغَا عن رسول الله ما فيها من الأحكام نزلت في السنة التاسعة

من الهجرة وهي السنة التي خرج فيها رسول الله لغزو الروم واشتهرت بين

الغزوات النبوية بـ " غزوة تبوك " وكانت في حر شديد وسفر بعيد حين طابت

الثمار وأخلد الناس إلى نعيم الحياة فكانت ابتلاء لإيمان المؤمنين

وامتحانا لصدقهم وإخلاصهم لدين الله وتمييزا بينهم وبين المنافقين ولهذه

السورة الكريمة هدفان أساسيان إلى جانب الأحكام الأخرى هما

أولا : بيان القانون الإسلامي في معاملة المشركين وأهل الكتاب .

ثانيا : إظهار ما كانت عليه النفوس حينما استنفرهم الرسول لغزو الروم

أضواء على كتاب الله !!!





سبب نزول السورة :


1) عن الزهري : " فَسِيحُوا فِي الأَرضِ أَرْبَعَة أَشْهُر " قال: نزلت في

شوال فهي الأربعة أشهر شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم .

2) قال ابن عباس في رواية ابن الوالبي : نزلت في قوم كانوا قد تخلَّفوا عن

رسول الله في غزوة تبوك ثم ندموا على ذلك وقالوا : نكون في الكن والظلال

مع النساء ورسول الله وأصحابه في الجهاد والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا

نطلقها حتى يكون الرسول هو يطلقها ويعذرنا وأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد

فلما رجع رسول الله مرَّ بهم فرآهم فقال : من هؤلاء قالوا هؤلاء تخلفوا

عنك فعاهدوا الله أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم وترضى

عنهم فقال النبي : وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى أؤمر

بإطالقهم رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين، فأنزل الله تعالى هذه

الآية فلما نزلت أرسل إليهم النبي وأطلقهم وعذرهم فلما أطلقهم قالوا : يا

رسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق عنا وطهرنا واستغفر لنا ؛

فقال : ما أُمرت أن آخذ من أموالكم شيئا فأنزل الله عز وجل " خُذْ مِن


أمْوَالِهِم صَدقةً تُطَهِّرَهُم " الآية وقال ابن عباس : كانوا عشرة رهط
.

أضواء على كتاب الله !!!





3) قال المفسرون : لما أُسِرَ العباس يوم بدر أقبل عليه المسلمون فعيروه

بكفره بالله وقطيعة الرحم وأغلظ عليّ له القول فقال العباس ما لكم تذكرون

مساوئنا ولا تذكرون محاسننا فقال له علي: ألكم محاسن قال: نعم إنا لنعمر

المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحاج ونفك العاني فأنزل الله عز وجل

ردا على العباس "مَا كَانَ لِلمُشْرِكِينَ أنْ يَعْمُرُوا " الآية .

4) نزلت في كعب بن مالك ومرارة بن الربيع أحد بني عمرو بن عوف و
هلال بن

أمية من بني واقف
تخلفوا عن غزوة تبوك وهم الذين ذكروا في قوله تعالى "

وَعَلَى الثَلاثةِ الذينَ خُلِّفُوا " الآية .



أضواء على كتاب الله !!!




فضل السورة :

1) عن ابن عباس قال : سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه لِمَ لَمْ تكتب


في براءة بسم الله الرحمن الرحيم ؟ قال :لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان

وبراءة نزلت بالسيف .

2) عن محمد بن اسحاق قال : كانت براءة تسمى في زمان النبي المعبرة لما كشفت من سرائر الناس .

أضواء على كتاب الله !!!

 
أضواء على كتاب الله !!!




اليوم موعدنا مع


سورة هُود

سبب التسمية

سُميت ‏السورة ‏الكريمة ‏بسورة ‏‏" ‏هود ‏‏" ‏تخليدا ‏لجهود ‏نبي ‏الله
‏هود ‏في ‏

الدعوة ‏إلى ‏الله ‏فقد ‏أرسله ‏الله ‏تعالى ‏إلى ‏قوم ‏‏" ‏عاد
‏‏" ‏العتاة ‏المتجبرين

‏الذين ‏اغتروا ‏بقوة ‏أجسامهم ‏وقالوا ‏من ‏أشد
‏منا ‏قوة ‏فأهلكهم ‏الله ‏بالريح ‏

الصرصر ‏العاتية‎ .‎‏

التعريف بالسورة :

1) مكية ماعدا الآيات 12 ، 17 ، 114 " فمدنية .

2) من المئين.

3) عدد آياتها . " 123 " .

4) ترتيبها الحادية عشرة بين سور المصحف .

5) نزلت بعد سورة " يونس " .

6) الجزء " 12 " ، بدأت بحروف مقطعة " الر "


ختمت السورة ببيان الحكمة لقصص الأنبياء .



محور مواضيع السورة


سورة هود مكية وهي تعني بأصول العقيدة الاسلامية التوحيد والرسالة

والبعث

والجزاء وقد عرضت لقصص الانبياء بالتفصيل تسلية للنبي على

ما يلقاه من أذى

المشركين لاسيما بعد تلك الفترة العصيبة التي مرَّتْ

عليه بعد وفاة عمه

أبي طالب وزوجه خديجة فكانت الآيات تتنزل عليه

وهي تقص عليه ما حدث

لإخوانه الرسل من أنواع الابتلاء ليتأسي

بهم في الصبر والثبات .

سبب نزول السورة :

1) نزلت في الأخنس بن شريق وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر

يلقى رسول

الله بما يحب ويطوي بقلبه ما يكره وقال الكلبي كان يجالس

النبي يظهر له

أمرا يُسِرّهُ ويُضْمِر في قلبه خِلافَ مَا يُظْهِر فَأنزلَ اللهُ

تَعَالى

: "ألا إنَّهُم يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ يقول يُكِنَّونَِ مَا فِي

صُدُورِهِم مِن

العَدَاوةِ لمحمد .

2) عن عبد الله قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله إني عالجت

امرأة

في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن آتيها وأنا هذا

فاقض في ما شئت

قال فقال عمر لقد سترك الله لو سترت نفسك فلم يرد

عليه النبي فانطلق الرجل

فاتبعه رجلا ودعاه فتلا عليه هذه الآية فقال

رجل يا رسول الله هذا له خاصة

قال لا بل للناس كافة رواه مسلم عن

يحيي ورواه البخاري من طريق يزيد بن
زريع .

3) عن أبي اليسر بن عمر قال أتتني امرأة وزوجها بعثه النبي في بعث

فقالت
بعني بدرهم تمرا قال فأعجبتني فقلت إن بالبيت تمرا هو أطيب من

هذا
فالحقيني فغمزتها وقبلتها فاتيت النبي فقصصت عليه الأمر فقال

خنت رجلا
غازيا في سبيل الله في أهله وبهذا وأطرق عني فظننت أني

من أهل النار وأن

الله لا يغفر لي أبدا وأنزل الله تعالى " أقِمْ الصلاةَ

طَرَفَي
النَّهَارِ " الآية فأرسل إليَّ النبي فتلاها عليَّ .

فضل السورة :

1) عن أبي بكر الصديق قال : قلت يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب

قال : "
شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس

كورت " .

2) عن أبي علي السري قال " رأيت النبي فقلت يا رسول الله رُوِيَ

عنك أنك
قلت شيبتني هود ؟ قال نعم فقلت :ما الذي شيبك فيه قصص

الانبياء وهلاك

الأمم ؟ قال: لا ولكن قوله " فاستقم كما أُمِرْتَ "

 
أضواء على كتاب الله !!!




اليوم موعدنا مع


سورة يُوسُف ................12/114


أضواء على كتاب الله !!!


سبب التسمية :


سميت ‏بسورة ‏يوسف ‏لأنها ‏ذكرت ‏قصة ‏نبي ‏الله ‏يوسف ‏ ‏كاملة


‏دون
‏غيرها ‏من ‏سور ‏القران ‏الكريم‎ .‎‏



أضواء على كتاب الله !!!



التعريف بالسورة :

1
) مكية . ماعدا الآيات " 1،2،3،7 " فمدنية .

2)من المئين .

3) عدد آياتها .111 آية .

4) هي السورة الثانية عشرة في ترتيب سور المصحف .

5) نزلت بعد سورة " هود ".

6) بدأت السورة بحروف مقطعة " الر " ذكر اسم نبي الله يوسف اكثر من 25 مرة .


7)الجزء " 13 ، الحزب " 24،25 " ، الربع " 1،2،3 " .


أضواء على كتاب الله !!!





محور مواضيع السورة :

سورة يوسف إحدى السور المكية التي تناولت قصص الانبياء وقد

أفردت الحديث عن

قصة نبي الله " يوسف بن يعقوب " وما لاقاه من

أنواع البلاء ومن ضروب المحن

والشدائد من اخوته ومن الآخرين في

بيت عزيز مصر وفي السجن وفي تآمر النسوة


حتى نَجَّاهُ الله من ذلك

الضيق والمقصود بها تسلية النبي بما مر عليه من


الكرب والشدة وما

لاقاه من أذى القريب والبعيد .



أضواء على كتاب الله !!!




سبب نزول السورة :

1
) عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص في قوله عز وجل

" نَحْنُ
نَقُصُّ عَلَيكَ أَحْسَنَ القَصَصِ " قَالَ : أُنْزِلَ القرآن عَلى رسولِ


الله فتلاه عليهم زمانا فقالوا : يا رسول الله لو قصصت فأنزل الله تعالى

"الر تِلكَ آياتُ الكتابِ المبينِ " إلى قوله " نَحْنُ نَقُصُّ عَليكَ
أَحْسَنَ

القَصَصِ " الآية فَتَلاهُ عليهم زمانا فقالوا : يا رسول الله لو
حدثنا فأنزل

الله تعالى " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا
مُتَشَابِهًا " قال كل ذلك ليؤمنوا

بالقرآن .

2) قال عون بن عبد الله ملَّ أصحاب رسول الله فقالوا: يا رسول الله

حدثنا
فأنزل الله تعالى الله " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا"
الآية قال :

ثم أنَّهم مَلُّوا ملة أخرى فقالوا : يا رسول الله فوق الحديث
ودون القرآن

يعنون القصص فأنزل الله تعالى " نَحنُ نَقُصُّ عَليكَ أَحْسَنَ
القَصَصِ "

فأرادوا الحديث فدَلَّهم على أحسن الحديث وأرادوا القصص
فَدلَّهم على

أحسن القصص .


أضواء على كتاب الله !!!




فضل السورة :

1) عن مصعب بن عمير لمَّا قَدِمَ المدينة يُعَلِّم الناس القرآن بعث إليهم


عمرو بن الجموح ما هذا الذي جئتمونا به؟ فقالوا إن شئت جئناك

فأسمعناك
القرآن ، قال :نعم فواعدهم يوما فجاء فقرأ عليه القران " الر

تلك آيات
الكتاب المبين إنَّا أنزلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون " .

2) عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال سمعت عمر عنه يقرأ في الفجر

بسورة يوسف .

3) قال خالد بن معدان : سورة يوسف ومريم مما يتفكه بهما أهل الجنة

في الجنة
.

4) قال عطاء : لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها


وإلي لقاء جديد..............لنلقي الضوء علي سورة جديدة من سور القرآن


 
أضواء على كتاب الله !!!





سورة الرعد
هدف السورة: قوة الحق وضعف الباطل



سورة الرعد من السور المدنية التي تقرر وحدانية الله تعالى والرسالة والبعث والجزاء. وتدور السورة حول محور مهم هو أن الحق واضح بيّن راسخ وثابت والباطل ضعيف زائف خادع مهما ظهر وعلا على الحق ببهرجهه وزيفه. وعلينا أن لا ننخدع ببريق الباطل الزائف لأنه زائل لا محالة وبيقى الحق يسطع بنوره على الكون كله. وعرضت السورة للمتناقضات الموجودة في الكون في آيات عديدة حتى الرعد هو من هذه المتناقضات لذا ورد ذكره في السورة وسميت السورة به.

ولقد سميت السورة (سورة الرعد) لتلك الظاهرة الكونية العجيبة التي تتجلى فيها قدرة الله تعالى وسلطانه وهذا الرعد جمع النقيضين فهو على كونه مخيفاً في ظاهره إلا أنه فيه الخير كله من الماء الذي ينزل من السحاب الذي يحمل الماء والصواعق وفي الماء الإحياء وفي الصواعق الإفناء والهلاك وقد قال القائل:



جمعُ النقيضين من أسرار قدرته هذا السحاب به ماءٌ به نار





وتسير الآيات في السورة على النحو التالي:


الكتاب: تبدأ السورة بقضية الإيمان بوجود الله ووحدانيته ومع سطوع الحق ووضوحه إلا أن المشركين كذبوا بالقرآن وجحدوا وحدانية الرحمن،. (المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ) آية 1



مظاهر الحق في الكون: جاءت الآيات تقرر كمال قدرة الله وعجيب خلقه في الكون كله وكيف يدبر الأمر ويفصل الآيات ويمد الأرض ويغشي الليل النهار فالله هو الحق وقرآنه حق واتّباعه حق وبعد إظهار كل هذا الحق يشكك المشركون بالبعث بعد الموت، فليتفكروا في عظيم خلق الله في الكون. (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ * وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَز* وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الآيات 2 – 3- 4.



المتناقضات الموجودة في الكون: جمعت الآيات 32 متناقضاً في الكون وعلينا أن نفكر أن الذي جمع كل هذه المتناقضات هو الحق ولا يتم ذلك إلا بإرادته سبحانه (اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ) (سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) الآيات 8 – 10 – 12- 15 – 16 – 17 – 39 وحتى الرعد فيه متناقضات أنه موجب وسالب وأنه على ظاهره المخيف يحمل الخير والمطر الذي ينبت الزرع ويسقي الناس والبهائم.



الكون والقرآن: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) آية 31 القرآن هو الوحيد في الكون الذي يمكنه أن يحرك الدنيا ويحرك الأرض والكون من عظمته وقوة الحق فيه ولمّا وعى المسلمون السابقون هذا الأمر وصلت الأمة الإسلامية إلى أوجها وعمت الدنيا.



قوة الحق: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ) آية 14 و(أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ) آية 17 الحق قوي له دعوة والباطل زائف تماماً كالسيل يجرف معه على سطح الماء الأوساخ وأما الذي يبقى وهو الطمي هو المفيد للزرع، وكذلك عندما يصفى الذهب تصعد الشوائب للأعلى ويبقى الذهب الخالص في الأسفل. وهذا إشارة أن الباطل يكون على السطح لأنه ظاهر لكن الحق راسخ وقد يكون غير ظاهر للوهلة الأولى.





ختام السورة تشهد للرسول بالنبوة والرسالة وأنه مرسل من عند الله. (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) آية 43.

 
أضواء على كتاب الله !!!


مفاتيح سورة إبراهيم

أولاً:اسم السورة
لهذه السورة إسم واحد فقط وهو: إبراهيم
وهو اسم أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام .
وقد سميت بهذا الاسم : لتضمنها قصة إسكان إبراهيم عليه اسلام ولده إسماعيل بواد غير زرع عند بيت الله الحرام ، وشكره لله تعالى على ما أنعم عليه من الولدين إسماعيل وإسحق(1) .
كما اشتملت على دعوات لإبراهيم ، عليه السلام ، تمت بهذه الملة 00 كالحج ، وجعل الكعبة قبلة الصلاة ، مع الدلالة على عظمتها ؛ بحيث صارت من المطالب المهمة للمتفق على غاية الكمال إبراهيم عليه السلام ، وعلى نبوة نبينا عليه أكمل التحيات ، وأفضل التسليمات مع غاية كماله .
وهذا : من أعظم مقاصد القرآن .
أفاد ذلك : المهايمىّ .



ثانياً : عدد آيات السورة و كلماتها و حروفها
آياتها : (52) اثنتان وخمسون آية .
كلماتها : (831) ثمانمائة وإحدى وثلاثون كلمة .
حروفها : (6434) ستة آلاف وأربعمائة وأربعة وثلاثون حرفاً .



ثالثاً : ترتيب السورة فى المصحف و فى النزول
أ- فى المصحف .. بعد : سورة "الرعد" ، وقبل : سورة "الحجر" .
ب- فى النزول .. بعد : سورة "نوح" ، وقبل : سورة "الأنبياء" .



رابعاً : سبب نزول السورة
خلال التنقيب عن سبب نزول السورة : لم أجد سوى ما ذكره الإمام القرطبى فى تفسيره عن سبب نزول الآية الأولى من السورة .
قال : روى مقسم عن ابن عباس ، قال : كان قوم آمنوا بعيسى بن مريم ، وقوم كفروا به .
فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم : آمن به الذين كفروا بعيسى . وكفر الذين آمنوا بعيسى .
فنزلت هذه الآية (الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد) .



خامساً : مكية السورة و مدنيتها
روى : أن هذه السورة نزلت بمكة كلها .
وهذا : هو ما عليه الجمهور .
وروى : أنها نزلت بمكة إلا آيتين منها ، فقد نزلنا بالمدينة ، فى قتلى بدر من المشركين ، وهما (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار) [إبراهيم 28 ، 29] .
وقيل : نزلت بمكة ، إلا ثلاث آيالت منها ، نزلت بالمدينة ، فى الذين حاربوا الله ورسوله ، وهى (ألم تر إلى الذين بدلوا ...) إلى قوله تعالى (فإن مصيركم إلى النار) [28 ، 29 ، 30] .
هذا .. وفى تفسير الإمام الآلوسى :
إذا لم يكن فى السورة ما يتصل بالأحكام :
فنزولها بمكة والمدينة سواء ، إذ لا يختلف الغرض فيه إلا أن يكون فيها ناسخ أو منسوخ ؛ فتظهر فائدته .
يعنى : أنه لا يختلف الحال وتظهر ثمرته إلا بما ذكر .
فإن لم يكن ذلك : فليس فيه إلا ضبط زمان النزول ، وكفى به فائدة .



سادساً : فضل السورة




سابعاً : صلة السورة بما قبلها
مناسبة هذه السورة وترابطها مع سورة الرعد قبلها قوى جداً.
ويتضح هذا التناسب والترابط فى النقاط التالية :
1) إذا كان تعالى قد افتتح الرعد بمدح الكتاب العزيز فى قوله تعالى (تلك آيات الكتاب والذى أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) [الرعد 2] .
ومبيناً سبحانه بذلك أنه كاف ومغن عما اقترحوه فى قولهم (لولا أنزل عليه آية من ربه) [الرعد 7] .
فإنه تعالى : قد افتتح هذه السورة بوصف الكتاب العزيز كذلك . بما فيه الإيماء إلى أنه مغن عما يطلبونه من آيات .
وذلك فى قوله تعالى (كتاب أنزل إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد) [إبراهيم 1] .
2) إذا كانت الرعد قد ختمت بقوله تعالى (ومن عنده علم الكتاب) [الرعد 43] والمراد : وهو سبحانه عنده علم الكتاب .
فإن إبراهيم قد افتتحت بقوله تعالى (كتاب أنزلناه إليك) [إبراهيم 1] .
وفى ذلك : من التناسب بين المطلع والخاتمة ما فيه .
3) افتتحت السورتان بحرف الألف ، واختتمتا بحرف الباء .
4) اختتمت السورتان بحرفا الألف والبار
ففى الأولى (ومن عنده علم الكتاب) [الرعد 43] .
وفى هذه (وليذكر أولوا الألباب) [إبراهيم 52] .
5) إذا كان المولى ذكر فى الرعد إنزال القرآن حكماً عربياً ، فى قوله تعالى (وكذلك أنزلناه حكماً عربياً) [الرعد 37] .
وذلك : دون التصريح بحكمة ذلك .
فإنه تعالى : صرح فى إبراهيم بهدف الحكمة فى قوله تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدى من يشاء) [إبراهيم 4] .
6) إذا كان تعالى – بخصوص الآيات التى طلبها المشركون – أخبر فى الرعد – من جهته تعالى – بأنه ما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذنه فى قوله تعالى (وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله) [الرعد 38] .
فإنه تعالى – بخصوص ذلك – أخبر فى إبراهيم ، ولكن من حرمه الرسول أنفسهم بنفس المقالة فى قوله تعالى (وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله) [إبراهيم 11] .
7) إذا كان تعالى فى الرعد أخبر عن قول الحبيب صلى الله عليه وسلم (عليه توكلت) [الرعد 30] .
فإنه تعالى أخبر فى هذه السورة أخبر عن إخوانه من المرسلين قولهم (وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون) [إبراهيم 12] .
إذا كان تعالى فى الرعد : قد ضرب الأمثال للحق والباطل .
يقول تعالى (000 كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض كذلك يضرب الله الأمثال) [الرعد 17] .
فإنه تعالى فى إبراهيم : قد ضرب الأمثال – أيضاً – لذلك .
يقول تعالى (ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء * تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) [إبراهيم 24-26] .
9) إذا كان تعالى فى الرعد : تحدث عن رفع السماوات بغير عمد ، وعن تسخيره الشمس والقمر ، وعن مد الأرض 00 إلى آخر المذكور فى قوله تعالى
(الله الذى السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى 000) [الرعد 2 ، 3 ، 4]
وكان ذلك من باب عرض الدلائل والآيات (إن فى ذلك لآيات) .
فإن تعالى فى إبراهيم : تحدث عن نفس الأشياء تقريباً فى قوله تعالى
(الله الذى خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماءً 000) [إبراهيم 32-34] .
كما كان ذلك من باب عرض : النعم والهات الإلهية (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) [إبراهيم 34] .
10) إذ اكان تعالى قد أشار فى الرعد إلى مكر الكفرة بقوله تعالى (وقد مكر الذين من قبلهم) [الرعد 42] .
فإن تعالى قد تحدث عن ذلك فى إبراهيم بما فيه مزيد الوصف والتوضيح .
اقرأ قوله تعالى (وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) [إبراهيم 46] .
11) قال السيوطى : ذكر الله تعالى فى الرعد (ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم) [الرعد 32] .
وذلك مجمل فى أربعة مواضع: الرسل،والمستهزئين،وصفة الاستهزاء، 000
وقد فصلت هذه فى سورة إبراهيم فى قوله تعالى (ألم يأتكم نبؤ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب .
قالت رسلهم أفى الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى .
قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين .
قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون * وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبربن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون *
وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن فى ملتنا .
فأوحى إليهم ربهم لنهلكم الظالمين * ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامى وخاف وعيد *
واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد * من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد * يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ)(1) [إبراهيم 9-17] .



ثامناً : هدف السورة
تهدف هذه السورة إلى ما تهدف إليه السور المكية مما يتصل بترسيخ العقيدة وأصول الدين.
بيد أن هذه السورة تهتم فوق ذلك بإبراز حقائق ثلاث هامة ، فتسلط الأضواء عليها ، ونفلت الأنظار إليها بتركيز شديد ، وهى :
1) وحدة الرسالة التى أرسل بها جميع رسل الله تعالى ، وحدة دعوتهم إلى البشر ، ووقفتهم وقفة واحدة فى مواجهة الجاهلية المكذبة بدين الله على اختلاف الأمكنة والأزمان .
ويبرز سياق السورة هذا الهدف فى معرض فريد فى طريقة الأداء القرآنى.
إذ بعد أن كانت السور السابقة تعرض لصورة توحيد الدعوة والرسالة على لسان كل رسول حينما يقول كلمته لقومه ويمضى 00 !!
تأتى هذه السورة : وتتجمع فيها الأجيال من لدن نوح عليه السلام ، وتتجمع الرسل ، ويتلاشى الزمان والمكان .
وتبرز فيها : الحقيقة الكبرى .
حقيقة الرسالة ؛ وهى واحدة .
واعتراضات الجاهلين عليها ، وهى واحدة .
وحقيقة نصر الله للمؤمنين ، وهى واحدة .
وحقيقة استحلاف الله للصالحين ؛ وهى واحدة .
وحقيقة الخيبة والخذلان للمتجبرين ؛ وهى واحدة .
وحقيقة العذاب الذى ينتظرهم هناك ؛ وهى واحدة .
اقرأ معى قوله تعالى فى السورة لتوضيح هذا الهدف
(ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم
قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله
جاءتهم رسلهم بالبينات
فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب .
قالت رسلهم أفى الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى .
قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين .
قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون .
وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن فى ملتنا
فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامى وخاف وعيد
واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ [إبراهيم 9-17] .
2) بيان نعم الله تعالى على البشر ، .... بادئهاعليهم بالشكر منهم ، ومع ذلك فأكثر الناس يقابلها بالجحود والنكران .
حيث يعود الله تعالى فى السورة نعمه على البشر كافة : مؤمنهم وكافرهم ، صالحهم ، وطالحهم ، برهم وفاجرهم ، طائعهم وعاصيهم .
وإنها لرحمة من الله تعالى وسماحة وفضل : أن يتيح للكافر والفاجر والعاصى نعمه فى هذه الأرض ، كالمؤمن والبار والطائع ، لعلهم يشكرون.
ويعرض هذه النعمة فى :
أ- أضخم .... الكون وأبرزها :
فيقول تعالى (الله الذى خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزق لكم وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار * وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) [إبراهيم 32-34] .
ب- إرسال الرسل للناس .
إذ يقول تعالى (لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد) [إبراهيم 1] .
وإرسال الرسل للناس لهذا الغرض : نعمة تفوق ما ذكر من النعم .
جـ- غفران الله تعالى للذنوب بسبب إجابة دعوة الرسل .
يقول تعالى على السنة الرسل مجتمعين (يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم) [إبراهيم 10] .
والدعوة لأجل الغفران نعمة تعدل نعمة النور ، وهى قريب منه .
د- إلى غير ذلك
3) كشف الظلم والظالمين بالحديث عن عاقبة الظلم وسوء مآل الظالمين ومصيرهم .
فى أكثر من موضع : وبأكثر من أسلوب ، وبذكر العديد من أسماء الظلمة.
وذلك فى مثل قوله تعالى
(ويضل الله الظالمين) [إبراهيم 27] .
و(فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين) [إبراهيم 13] .
و(لا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون) [إبراهيم 42] .
و(وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل) [إبراهيم 44] .
و(ونرى المجرمين يومئذ مقرنين فى الأصفاد * سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار) [إبراهيم 49 ، 50] .
ويوضح ذلك جيداً : أننا نجد السورة تنقسم إلى مقاطع بالآية :
الأول : يتضمن بيان حقيقة الرسالة ، وحقيقة الرسول ، ووحدة دعوة الرسل ... الخ .
الثانى : يتحدث عن نعم الله على البشر ، ثم الإشارة إلى الذين كفروا بهذه النعمة وبطروا ، والذين آمنوا بها وشكروا .. الخ .
الثالث : يتحدث عن الظالمين ، وبيان أحوالهم وسوء مصيرهم ، وسواد عاقبتهم .. الخ .



تاسعاً : تقسيم آيات السورة موضوعيا
هذه السورة تتكون من مقدمة ، و(7) فقرات وخاتمة .
وهذه كلها : تفصل فى موضوع الإخراج من الظلمات إلى النور ، وتلفت النظر إلى كل ما يساعد عليها ، وتضرب مثلاً على أنواع من الخروج من الظلمات إلى النور ، ثم توجه الخارجين من الظلمات إلى النور إلى معان من ظلمات الحياة ، فتخرجهم منها إلى النور .
ويلاحظ : أن كل فقرة توصل إلى التى بعدها ، وكل فقرة لاحقة تتصل بما قبلها .
فالمقدمة : عبارة عن (4) آيات
من الآية الأولى إلى نهاية الآية (4) .
وفيها : بيان أسباب الخروج من الظلمات إلى النور بكل عام .
والفقرة الأولى : وهى عبارة عن (4) آيات
من الآية (5) إلى نهاية الآية (8)


 

وفيها : الحديث عن موسى عليه السلام ، وتكليفه من الله أن يخرج قومه من الظلمات إلى النور ، وكذلك : بعض السنن التى لها علاقة فى هذا الموضوع ؛ مما يفهم منه أن إخراج الناس من الظلمات إلى النور بواسطة الرسول : هو سنة الله فى كل زمان .
وأما الفقرة الثانية : فهى عبارة عن (10) آيات
من الآية (9) حتى نهاية الآية (18)
وفيها : الخطاب لهذه الأمة من أجل إخراجها من الظلمات إلى النور ، عن طريق تذكرها بأيام الله فى المخالفين .
والفقرة الثالثة : عبارة عن (5) آيات
من الآية (19) حتى نهاية الآية (23)
وفيها : عرض لعملية الإخراج من النور إلى الظلمات ، التى يقوم بها الشيطان ، كما عرضها هو وقبيله فى النار .
الفقرة الرابعة : عبارة عن (4) آيات
من الآية (24) حتى نهاية الآية (27)
وفيها : ذكر لطريق من طرق الخروج من الظلمات إلى النور .
والفقرة الخامسة : عبارة عن (14) آية
من الآية (28) إلى نهاية الآية (41)
وفيها : ذكر – كذلك – لوسائل الخروج من الظلمات إلى النور ، ولفظ النظر إلى فعل الكافرين بتبديل نعمة الله .
والفقرة السادسة : عبارة عن (5) آيات
من الآية (42) حتى نهاية الآية (46)
وفيها : نهى للدعاة عن ظن السوء بالله تعالى ، بأن يظنوا غفلة الله تعالى عن عمل الظالمين .
والمؤمن لا يقع فى مثل هذا 00 ولكن عليه أن يتذكر رقابة الله دائماً .
كما تأمر المجموعة بالإنذار باليوم الآخر ، وفى هذا لفت نظر للدعاة أن يكونوا يقظين منذرين .
والفقرة السابعة : عبارة عن (5) آيات من الآية (47) حتى نهاية الآية (51) .
وفيها : توجيه الداعية نحو الثقة المطلقة بوعد الله فى النصرة فى الآ*** وفى الدنيا ، حيث أن الثقة بوعد الله تعالى سمة رئيسية من سمات الداعية ليخرج الناس من الظلمات إلى النور .
وأخيراً الخاتمة : وهى آية واحدة رقم (52) وهى خاتمة آيات السورة ، وفيها : التذكير بأغراض السورة ومحتوياتها .



عاشراً : أبرز موضوعات السورة
تدور موضوعات السورة حول خدمة أهداف السورة المكية .
وتتعدد الموضوعات فيها لتعالج الأغراض المكية للقرآن الكريم .
يبد أننا نلاحظ : أنها تكون شديدة التركيز على بعض الموضوعات أكثر من شدتها على البعض الآخر .
ومن هذه الموضوعات :
1) وجود الله تعالى وتوحيده
فى مثل قوله تعالى (قالت رسلهم أفى الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى) [إبراهيم 10] .
وفى مثل قوله تعالى (وجعلوا لله أنداداً ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار) [إبراهيم 30] .
2) البعث والحساب والجزاء
فى مثل قوله تعالى (وويل للكافرين من عذاب شديد * الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآ*** ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً أولئك فى ضلال بعيد) [إبراهيم 34] .
وفى مثل قوله تعالى (ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) [إبراهيم 41] .
وفى مثل قوله تعالى (إن الظالمين لهم عذاب أليم * وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام) [إبراهيم 22 ، 23] .
3) الوحى والرسالة
يقول تعالى (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد) [إبراهيم 1] .
ويقول تعالى (فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين) [إبراهيم 13] .
4) إرسال الرسل بلغات أقوامهم
فى مثل قوله تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيض الله من يشاء ويهدى من يشاء وهو العزيز الحكيم) [إبراهيم 4] .
5) وظيفة الرسول
فى مثل قوله تعالى (ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد) [إبراهيم 1] .
(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور) .
وفى مثل قوله تعالى (وذكرهم بأيام الله إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور) [إبراهيم 5] .
6) بيان بشرية الرسل
فى مثل قوله تعالى (قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله) [إبراهيم 11] .
7) صبر الرسل على الإيذاء فى سبيل الدعوة
يقول الرسل (ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون) [إبراهيم 2] .
اعتماد الرسل – وتوكلهم – على الله
يقول تعالى على ألسنتهم (وما لنا أن نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا)(3) .
9) تحقق وعد الله للرسل
فى مثل قوله تعالى (فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين * ولنسكننكم الأرض من بعدهم) [إبراهيم 14] .
وقوله تعالى (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) [إبراهيم 15] .
10) بيان حجم ومنزلة أعمال الذين كفروا
يقول تعالى (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح فى يوم عاصف لا يقدرون مما **بوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد) [إبراهيم:1].
11) تخلى المستكبرين عن تابعيهم من الكفار يوم القيامة
(وبرزوا لله جميعاً فقال الضعفاء للذين استكبروا : إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ قالوا : لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) [إبراهيم 21] .
12) موقف الشيطان من أتباعه يوم القيامة
(وقال الشيطان لما قضى الأمر : أن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخى إنى كفرت بما أشركتمونى من قبل) [إبراهيم 22] .
13) بيان مصير الكفار ومصير المؤمنين يوم القيامة
فى قوله تعالى (إن الظالمين لهم عذاب أليم) [إبراهيم 22] .
وفى قوله تعالى (وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام) [إبراهيم 23] .
14) الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
(قل لعبادى الذين آمنوا : يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلال) [إبراهيم 31] .
15) بيان بعض نعم الله على الإنسان وأنها لا يمكن إحصاؤها
(الله الذى خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الأنهار * وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) [إبراهيم 32-34] .
16) دعوات سيدنا إبراهيم
( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبنى وبنىّ أن نعبد الأصنام * رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعنى فإنه منى ومن عصانى فإنك غفور رحيم *ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون .ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله شئ فى الأرض ولا فى السماء .الحمد لله الذى وهب لى على الكبر إسماعيل وإسحق إن ربى لسميع الدعاء
رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتىربنا وتقبل دعاء *ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) [إبراهيم 35-41] .
17) بيان أحوال الظالمين
حيث يقول تعالى (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ..) [إبراهيم 42-51] .



حادى عشر : بعض الدروس المستفادة
لا ينبغى أن يظن القارئ الكريم أن ما يذكر وتحت هذا العنوان – هنا ، وفى غير هذه السورة كذلك – هو المفيد فقط ، وأن ما عداه ليس بمفيد .
فليس هذا – قصدى . وحاشا لله أن نفهم فى ساحة كلامه من العزيز هذا المعنى .
بل إن ما يذكر هنا هو بعض ما يستفاد من جهة ، ومن جهة أخرى : فهو بعض ما تصل إليه عقولنا القاصرة .
وبعد هذا التوضيح ندلف إلى بعض ما يعين ... على بيانه مما يستفاد من هذه السورة على النحو التالى :
1) خطأ علماء الدين المقارن(1)
ذلك أنهم يقولون : أن الإعتقاد والإيمان بالله ..تطور وترقى من تعدد الآلهية إلى التكنية ، إلى التوحيد ،ومن عبادة الطواطم والأرواح والنجوم والكواكب إلى عبادة الله الواحد
وأنه تطور وترقى كذلك بتطور التجربة البشرية والعلم البشرى وبتطور وترقى الأنظمة السياسية ، وانتهائها إلى الأوضاع الموحدة تحت سلطان واحد .
ويوضح خطأ هذا الفهم : ما تؤكده لنا هذه السورة ، من أن موكب الإيمان منذ فجر التاريخ الإنسانى : موكب واحد موصول ، يقوده رسل الله الكرام ، داعين بحقيقة واحدة ، جاهدين بدعوة واحدة ، سائرين على منهج واحد ... كلهم يدعو إلى ألوهية واحدة ، وربوية واحدة ، وكلهم لا يدعو مع الله أحداً ، ولا يتوكل على أحد غيره ، ولا يلجأ إلى ملجأ سواه ، ولا يعرف له سنداً إلا إياه .
قال تعالى (جاءتهم رسلهم بالبينات) [إبراهيم 9] .
وقال تعالى (قالت رسلهم أفى الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم) [إبراهيم 10] .
 
2) إجابة هذا السؤال : لماذا كانت مواجهة الجاهلية لدعوة الرسل الكرام واحدة .. ؟
وبيان الإجابة :
أنه لما كانت الجاهلية : تقوم إبتداءً على أساس من دينونة العباد للعباد ، ومن تأليه غير الله تعالى ، أو من ربوبية غير الله تعالى .. !!
ولما كانت دعوة الرسل الكرام : إنما تقوم على توحيد الله تعالى ، وتنحية الأرباب الزائفة ، وإخلاص الدين لله ، وإفراده سبجانه وتعالى بالحاكمية والسلطان ..!!
كان لابد أن يحدث الاصطدام بين الجاهلية ودعوة الرسل .
فدعوة الرسل : تصطدم اصطداماً مباشراً بالقاعدة التى تقوم عليها الجاهلية، وتصبح بذاتها خطراً على وجود الجاهلية .
وبخاصة حين تتمثل دعوة الإسلام فى تجمع خاص ، يأخذ أفراده من التجمع الجاهلى ، وينفصل بهم عن الجاهلية من ناحية الاعتقاد ، ومن ناحية القيادة، ومن ناحية الولاء ، الأمر الذى لابد منه للدعوة الإسلامية فى كل مكان وفى كل زمان .
ومن جهة ثانية : عندما يشعر التجمع الجاهلى بالخطر الذى يتهدد قاعدة وجوده من الناحية الإعتقادية .
ومن جهة ثالثة : عندما يشعر بالخطر يتهدد وجوده ذاته ، يتمثل الاعتقاد الإسلامى فى تجمع آخر منفصل عنه ، ومواجهة له .
عندئذ يسفر التجمع الجاهلى عن حقيقة موقفه تجاه دعوة الإسلام .
إذن فهى معركة بين وجودين لا يمكن أن يكون بينهما : تعايش أو سلام.
(وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن فى ملتنا) [إبراهيم 13] .
3) المستضعفون كثرة ، والطواغيت قلة ، فماذا الذى يخضع الكثرة للقلة ..؟
إن الذى يخضع الكثرة للقلة الطاغية التى تستعبدها :
ضعف الروح فيها ، وسقوط الهمة منها ، وقلة النخوة لديها ، والتنازل الداخلى عندها عن الكرامة التى وهبها له لبنى الإنسان .
ومن هنا : فإن الطغاة لا يملكون أن يستدلوا الجماهير إلا برغبة هذه الجماهير ، التى هى – دائماً – قادرة على الوقوف لهم لو أرادت .
كما أن الذل لا ينشأ إلا عن قابلية للذل فى نفوس الأذلاء ، وهذه القابلية هى – وحدها – التى يعتمد عليها الطغاة .
4) ثبوت سؤال الملكين فى القبر .
( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآ*** ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) [إبراهيم 27] .
اقرأ ما يفيد ذلك من مجاورات الدار الآ*** .
(وبرزوا لله جميعاً
فقال الضعفاء للذين استكبروا : إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ) [إبراهيم 21] .
5) هل يحسب الرسول أن الله غافلاً عما يعمل الظالمون .. ؟
كلا ..
فلم هذا الأسلوب .. ؟
قال صاحب "مسائل الرازى" .
يجوز أن يكون هذا نهياً لغير النبى عليه الصلاة والسلام ، ممن يجوز أن يحسبه – تعالى – غافلاً ؛ لجهله بصفاته ، وبسبب ما يراه من تمتع الظالمين ، ثم يسمع بوعيد الله تعالى ، ثم لا يراه واقعاً بهم فى هذه الحياة الدنيا .
فهذه الصيغة : تكشف عن الأجل المضروب لأخذهم الآخذة الأخيرة – التى لا إمهال بعدها ، ولا فكاك منها .
(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون..) [...إبراهيم 42 وما بعدها] .
6) لأهل النار خمس دعوات .
أخرج البيهقى عن محمد بن كعب القرطبى أنه قال :
لأهل النار خمس دعوات : يحببهم الله تعالى فى أربع منها ، فإذا كانت الخامسة : لم يتكلموا بعدها أبداً .
1- يقولون :
(ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا – فهل إلى خروج من سبيل) ؟ [غافر 11] .
(ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وأن يشرك به تؤمنوا ، فالحكم لله العلى الكبير) [غافر 12] .
2- ثم يقولون :
(ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً إنا موقنون) [السجدة 12] .
فجيبهم جل شأنه قائلاً :
(فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون) [السجدة 14] .
3- ثم يقولون :
(ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل) [إبراهيم 44] .
فيجيبهم تبارك وتعالى قائلاً :
(أو لم تكونوا قسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال) [45] .
4- ثم يقولون :
(ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذى كنا نعمل)
فيجيبهم رب العزة قائلاً :
(أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير) [فاطر 37]
5- ثم يقولون :
(ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين ربنا أخرجنا منها فإن دعونا إنا ظالمون)
فيجيبهم جل وعلا قائلاً :
(اخسئوا فيها ولا تكلمون) [المؤمنون 106-108] .
وحينئذ ينقطع رجاؤهم ويقبل بعضهم ينبح فى وجه بعض ، وتطبق عليهم، فلا يتكلمون بعدها أبداً ، ولا يكون إلا زفير وشهيق .
اللهم إنا نعوذ بك من غضبك ، ونلوذ بكنفك من عذابك ، ونسألك التوفيق للعمل الصالح فى يومنا هذا ، والتقرب إليك بما يرضيك عنا قبل أن يخرج الأمر من يدنا . يا رب العالمين .



ثانى عشر : مصادر المفاتيح و هوامش البحث
1- أنظر : السخاوى .. جمال القراء 1/36
الفيروزابادى .. بصائر ذوى التمييز 1/268
القاسمى .. محاسن التأويل (تفسير سورة إبراهيم)
2- أنظر : مكى بن أبى طالب.. التبصرة ص 236
السخاوى .. جمال القراء 1/2.5
الفيروزابادى .. بصائر ذوى التمييز 1/268
نثر المرجان 3/329
الآلوس روح المعانى (تفسير سورة إبراهيم)
3- القرطبى .. الجامع لأحكام القرآن (تفسير سورة إبراهيم)
4- الآلوس .. روح المعانى (تفسير سورة إبراهيم)
5-فى قول الحسن ومجاهد والضحاك .. أنظر : القرطبى (إبراهيم تفسير الآية 43) .
6-أنظر : سيد قطب .. فى ظلال القرآن (تفسير سورة إبراهيم)
7- سعيد حوى .. الأساس فى التفسير (تفسير سورة إبراهيم)
8- د. عبد الحى الفرماوى.. زاد الدعاة 2/33.
9- أنظر : الرازى .. مسائل الرازى وأجوبتهاص 166
سيد قطب فى ظلال القرآن (إبراهيم : تفسير الآية 42]
10- المراغى تفسير المراغى (تفسير سورة إبراهيم
 

سورة الحجر
نبذة عن سورة الحجر : سورة مكية ، آياتها 99
هدف السورة: حفظ الله لدينه
السورة مكية ونزلت في وقت اشتد الأذى على الرسول
أضواء على كتاب الله !!!
والمسلمين في مكة وتعرضوا للإستهزاء والإتهام كحال المسلمين الآن فجاءت هذه السورة وكأنها رسالة قرآنية من الله تعالى ليطمئن رسوله والمسلمين أن هذا الدين محفوظ من الله تعالى وما على المسلمين إلا الإستمرار في الدعوة والتركيز عليها وعدم الإنبهار بقوة اعدائهم او الإستشعار بالضعف والوهن والإنهزامية أمام الأعداء.

الحجر هو مكان سكنت فيه ثمود الذين ابتعدوا عن منهج الله تعالى وكانوا قد نحتوه في الجبال ليختبئوا من الزلازل والصواعق بظنهم أنه مكان آمن لهم يقيهم ويحفظهم (وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ) آية 82 ، لكن الله تعالى أهلكهم بالصيحة التي دخلت آذانهم فتركتهم صرعى ولم ينفعهم كل ما احتاطوا له ومكثهم في الحجر ما منع قضاء الله وعذابه من أن يحلّ بهم (فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) آية 84. وفي هذا دلالة على أن الله تعالى هو الحافظ ولا يتم الحفظ او الحجر بالوسائل المادية وهذا حجر ثمود أكبر دليل على ذلك. ولقد سميت السورة بسورة الحفظ لأن كل آياتها تؤكد أن الله تعالى يحفظ كل شيء، ولذا جاءت فيها آية 9 (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) خاصة دون غيرها من سور القرآن.
بداية السورة ونهايتها تتحدث عن حفظ الله تعالى للكون
(الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ) آية 1 و(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) آية 97،98،99. وكأن الآيات الآخيرة هي الحل والتوجيه حتى يحفظنا الله تعالى.
يحفظ القرآن (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) آية 9
والسموات والأرض (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ) آية 16 و 17
والرزق (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ) آية 21
والمؤمنون وقد تحدثت الآيات عن الشيطان كيف واجه ربه بأنه سيغوي عباد الله إلا الذين حفظهم الله تعالى (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) آية 40 وقال تعالى (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) آية 42
وقد جاءت جزئية قصة إبليس عندما قال لربه (قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) آية 39 في هذه السورة خاصة بمعنى أنه سيحاول أن يخدع المسلمين ويغويهم بالباطل لذا جاءت الآية بعدها (لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) آية 88. فالسورة كلها تؤكد للمسلمين أن الله حافظهم والمؤمنون حقاً هم الذين يحفظهم الله تعالى من الشيطان ونزغه (إلا عبادك منهم المخلصين)

 


سورة الْنَّحْل
سبب التسمية :

سميت ‏هذه ‏السورة ‏الكريمة ‏‏" ‏سورة ‏النحل ‏‏"
‏لاشتمالها ‏على ‏تلك ‏العبرة ‏البليغة ‏التي ‏تشير ‏إلى
‏عجيب ‏صنع ‏الخالق ‏وتدل ‏على ‏الألوهية ‏بهذا ‏الصنع ‏العجيب‎ .‎‏

التعريف بالسورة :

1) مكية .ماعدا من الآية 126إلى الآية 128 " فمدنية .

2) من المئين .

3)آياتها 128 آية .

4) ترتيبها السادسة عشرة .

5) نزلت بعد سورة الكهف .

6) بدأت السورة بفعل ماضي " أتى " ، السورة بها سجدة في الآية رقم 50.

7) الجزء " 14 " ، الحزب " 27 ، 28 " ، الربع " 3،4،5،6،7،8 " .

محور مواضيع السورة :

سورة النحل من السور المكية التي تعالج موضوعات العقيدة الكبرى
الالوهية والوحي والبعث والنشور وإلى جانب ذلك تتحدث عن دلائل القدرة
والوحدانية في ذلك العالم الفسيح في السموات والارض والبحار والجبال
والسهول والوديان والماء الهاطل والنبات النامي والفلك التي تجري
في البحر والنجوم التي يهتدي بها السالكون في ظلمات الليل إلى
آخر تلك المشاهد التي يراها الانسان في حياته ويدركها بسمعه وبصره
وهي صور حية مشاهدة دالة على وحدانية الله جل وعلا
وناطقة بآثار قدرته التي أبدع بها الكائنات .

سبب نزول السورة :

1) قال ابن عباس : لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى " اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ "
قال الكفار : بعضهم لبعض إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكو
ا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن فلما رأوا أنه لا ينزل
شئ قالوا ما نرى شيئا فأنزل الله تعالى " اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ
وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ " فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة فلما
امتدت الايام قالوا : يا محمد ما نرى شيئا مما تُخَوِّفنا به فأنزل الله تعالى
" أَتَى أمرُ اللهِ " فَوَثَبَ النبيُّ ورفع الناس رؤوسهم فنزل "فَلا تَسْتَعْجِلُوه "
فَاطْمَأنوا فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله : بعثت أنا والساعة كهاتين
وأشار بإصبعه إن كادت لتسبقني وقال الآخرون الأمر ها
هنا العذاب بالسيف وهذا جواب للنضر بن الحارث حين
قال اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة
من السماء يستعجل العذاب فأنزل الله تعالى هذه الآية .

2) نزلت الآية في أُبيّ بن خلف الجمحي حين جاء بعظم رميم
إلى رسول الله فقال يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمم نظير
هذه الآية قوله تعالى في سورة "يس" أَو لَمْ يَرَ الإنسانُ أنَّا
خَلَقْنَاهُ مِن نُطْفَةٍ فَإذا هُوَ خَصيمٌ مُبين " إلى أخر السورة نازلة في هذه القصة " .

3) نزلت في اصحاب النبي بمكة بلال وصهيب وخباب
وعامر وجندل بن صهيب أخذهم المشركون بمكة فعذَّبوهم
وآذوهم فبوَّأهم الله تعالى بعد ذلك المدينة
 
الوسوم
أضواء الله على كتاب
عودة
أعلى