رسالة صغيرة الحجم عظيمة النفع في علوم القرآن

المنسي

الاعضاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




رسالة صغيرة الحجم عظيمة النفع في علوم القرآن



فقد كتب كثير من أهل العلم في علم التفسير وطرقه ، وكيفية التعامل مع كتب الله تعالى على الوجه الصحيح ، وقد جعل كثير من العلماء الكلام في علم التفسير مقدمات للتفسير ، فمن من مختصر ، ومن موجز ، ومن سلك منهم مسلك التفصيل . ولقد رأيت رسالة صغيرة الحجم أعجبتني ، وهي كبيرة النفع ، عظيمة المكانة . وقد قمت بترتيبها وتخريج آياتها حتى يسهل حفظها وتتبع مواضيعها فأسأل الله تعالى التوفيق والسداد
والرسالة بعنوان :

(مقدمة في التفسير)
للشيخ عبد الرحمن بن قاسم الحنبلي النجدي رحمه الله
أسأل الله تعالى أن ينفع بها .
فمن حفظها كانت له مصباحا في هذا المجال العظيم . ومفتاحا لتفسير القرآن وحفظ معانيه وتدبره على وجهه الصحيح

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
[ مقدمة ]
الحمدُ للهِ الذي أنزَلَ الكتابَ : تِبياناً لِكُلِّ شَيءٍ وهُدى .
وأَشهدُ أن لا إِلهَ إلاَّ الله الحَقّ الْمُبين .
وأَشهدُ أنَّ محمداً عَبدُهُ ورَسولُهُ ، الصَّادقُ الأَمينُ ؛ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلِهِ وأَصحابِهِ والتَّابعينَ ، وسَلَّمَ تَسليماً كَثيراً .
أَمَّا بَعدُ : فَهذهِ مُقدِّمَةٌ في التَّفسيرِ : تُعينُ على فَهمِ القُرآنِ العَظيمِ الجديرِ بأنْ تُصرَفَ لَهُ الهِمَمَ ، ففيهِ الهُدى والنُّورُ ، ومَن أَخَذَ بِهِ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ .
البابُ الأَوَّلُ : تَنزيلُ القُرآنِ
[ الفَصلُ الأَوَّلُ : مَذهَبُ السَّلَفِ ]
أَجمَعوا على أنَّ القُرآنَ :
1ـ كلامُ اللهِ حَقيقَةً .
2ـ مُنَزَّلٌ غَيرُ مَخلوقٍ .
3ـ سَمِعَهُ جِبريلٌ مِن اللهِ ، وَسَمِعَهُ مُحمَّدٌ مِن جِبريلَ ، وسَمِعَهُ الصَّحابَةُ مِن مُحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلِّم .
4ـ وَهُوَ الذي نَتلُوهُ بِأَلسِنَتِنا ، وفِيما بَينَ الدَّفتَينِ ، وما في الصَّدورِ ؛ مَسموعاً ومَكتوباً ومَحفوظاً .
5ـ وكُلُّ حَرفٍ مِنهُ - كالباءِ والتَّاءِ - : كلامُ اللهِ غيرُ مَخلوقٍ ؛ مِنهُ بَدَأَ وإليهِ يَعودُ .
6ـ وهُو كلامُ اللهِ : حُروفُهُ ومَعانيهِ ؛ ليسَ الحروفُ دونَ الْمَعاني ، وَلا الْمَعانِي دُونَ الحروفِ .
[ الفَصلُ الثَّانِي : مَذهَبُ الخَلَفِ ]
• وبَدَّعوا مَن قالَ :
1ـ إنَّ القُرآنَ فاضَ على نَفسِ النَّبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلِّم مِنَ العَقلِ الفَعَّالِ أو غَيرِهِ ؛ كالفَلاسِفَةِ والصَّابِئِيَّةِ .
2ـ أَوْ : أنَّهُ مَخلوقٌ في جِسمٍ مِنَ الأَجسامِ ؛ كالْمُعتَزِلَةِ والجَهمِيَّةِ .
3ـ [ أَوْ : أنَّهُ مَخلوقٌ ] في جِبريلَ أو مُحمّدٍ أو جِسمٍ آخرَ غيرِهِما ؛ كالكُلاَّبِيَّةِ والأَشعَرِيَّةِ .
4ـ أَو : أنَّهُ حُروفٌ وأَصواتٌ قَديمةٌ أَزَلِيَّةٌ ؛ كَالكَلاميَّةِ .
5ـ أَو : أنَّهُ : حادِثٌ قائِمٌ بِذاتِ اللهِ مُمتَنِعٌ في الأَزَلِ ؛ كالهاشِميَّةِ والكَرَّامِيَّةِ .
• ومَن قالَ :
1ـ ( لَفظِي بِالقُرآنِ مَخلوقٌ ) فَجَهمِيٌّ .
2ـ أَو : ( غَيرُ مَخلوقٍ ) فَمُبتَدِعٌ .
البابُ الثَّانِي : مَواضِعُ نُزولِ القُرآنِ
1ـ أَجمَعوا على أنَّ القُرآنَ : مِئَةٌ وأربَعَ عَشَرَةَ سُورَةً .
2ـ والْمَشهورُ : سَبعٌ وعُشرونَ مَدَنِيٌّ ، وباقيهِ مَكِّيٌّ ؛ واُستُثنِيَ آياتٌ .
3ـ ومِنهُ : النَّهارِيُّ والليلِيُّ ، والصَّيفِيُّ والشِّتائِيُّ .
4ـ وأَوَّل ما أُنزِلَ : ( اقْرَأ ) ، ثُمَّ : (الْمُدَّثِّرْ) .
وآخِرُهُ : الْمائِدَةُ ، وَبَراءَةٌ ، والفَتحُ ، وآَيَةُ : الكَلالَةِ ، والرِّبا ، والدَّينِ .
البابُ الثَّالِث : إِنْزَالُ القُرآنِ
1ـ [ وَقتُ نُزولِهِ ] :
أُنزِلَ القُرآن : جُملةً في لَيلَةِ القَدرِ ؛ إلى : بيتِ العِزَّةِ في السَّماءِ الدّنيا .
وأُنزِلَ مُنَجَّماً ؛ بِحَسَبِ الوقائِعِ .
2ـ [ طُرُقُ تَلَقِّيه ] :
يُلقيهِ جِبريلُ إلى النَّبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلِّم فِي مِثلِ :
( أ ) صَلصَلَةِ الجَرَسِ : وهُو أَشدُّ عليهِ .
( ب ) ويأتيهِ في مِثلِ صُورَةِ الرَّجُلِ يُكَلِّمُهُ .
3ـ [ الحُروفُ السَّبعَةُ ] :

وثَبَتَ أنَّهُ أُنزِلَ على سَبعَة أَحرفٍ .
قيلَ : الْمَعانِي الْمُتَّفِقَة بِأَلفاظٍ مُختَلِفَةٍ ؛ كـ(هَلُمَّ) و(أَقْبِلْ) .
4ـ [ كِتابَتُهُ وَجمعُهُ ] :
وكُتِبَ فِي الرِّقاعِ والِّلخافِ والعُسُب والأَضلاعِ ؛ في عَهدِ النّبوَّةِ .
ثُمَّ : في الصُّحُفِ ؛ في عَهدِ أَبي بَكرٍ .
ثُمَّ : جُمَعَ عُثمانَ النَّاسَ على مُصحَفٍ واحِدٍ . والجُمهورُ : أَنَّهُ مُشتَمِلٌ على ما يَحتَمِلُهُ رَسْمُها ، ومُتَضَمِّنَتُها العَرضَةُ الآخيرَةُ .
5ـ [ تَرتيبهُ ] :
وتَرتيبُ :
1 : الآياتِ بالنَّصِّ .
2 : والسُّوَرِ بالاجتِهادِ .
البابُ الرَّابِعُ : أَسبابُ نُزولِ القُرآنِ
مَعرِفَةُ سَبَبِ نُزولِ القُرآنِ يُعينُ على : فَهمِ الآيةِ ؛ فَقَد يَكونُ اللَّفظُ عامّاً والسَّبَبُ خاصّاً .
ومِنهُ :
قَولُهُ تَعَاْلَى ( وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ ) [ الطَّلاقُ : 4 ] .
وَقَولُهُ تَعَاْلَى : (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهُ )[البَقَرة : 115 ]
البابُ الخامِسُ : عامُّ القُرآنِ وخاصُّهُ
العامُّ أَقْسامٌ :
( أ ) مِنهُ : الباقِي على عُمُومِهِ ؛ كَقولِهِ تَعَاْلَى : ( حُرِّمَت عليكُم أُمَّهاتُكُم ) .[النساء : 23]
( ب ) والعامُّ المُرادُ بهِ الخُصوصُ ؛ كَقولِهِ تَعَاْلَى : ( الذينَ قَالَ لَهُم النَّاسُ ) [آل عمران : 173].
( ج ) العامُّ الْمَخصوصُ - وهُو كَثيرٌ ؛ إِذْ ما مِن عامٍّ إِلاَّ وَقَدْ خُصَّ - .
2ـ الْمُخَصِّصُ :
( أ ) إِمَّا مُتَّصلٌ : وهُو خَمسَهٌ ؛ الاسْتِثناءُ ، والوَصفُ ، والشَّرطُ ، والغايَةُ ، وَبدَلُ البَعضِ مِنَ الكُلِّ .
( ب ) وإمَّا ْمُنفَصِلٌ : كَآيَةٍ أُخرى ، أَو : حديثٍ ، أَو : إجماعٍ .
3ـ وَمِن خاصِّ القُرآنِ :

ما كانَ مُخَصِّصاً لِعُمومِ السُّنَّةِ ؛ كَقولِه : ( حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُم صاغِرونَ ) [التوبة : 29] ؛ خُصَّ بِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلِّم : « أُمِرتُ أَن أُقاتِلُ النَّاسَ حتَّى يَقُولُوا : ( لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ ) » .
البابُ السَّادِسُ : ناسِخُ القُرآنِ وَمَنسُوخُهُ
1ـ [ تَعريفُهُ ] :
يَرِدُ النَّسخُ :
بِمَعنَى (الإِزالةِ) : ومِنهُ
( فَيَنسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيطانُ )[الحج : 52].
وبِمَعنَى (التَّبديلِ) : ومِنهُ :
( وإذا بَدَّلنا آيةً مكانَ آيَةٍ ) [النحل : 101].
2ـ [ أَنواعُهُ ] :
وهُو ثَلاثَةٌ :
(1) ما نُسِخَ تِلاوَتُهُ وحُكمُهُ ؛ كََعَشرِ رَضَعاتٍ .
(2) ما نُسِخَ تِلاوَتُهُ دُون حُكمُهُ ؛ كَآيَةِ الرَّجمِ .
(3) ما نُسِخَ حُكمُهُ دُون تِلاوَتُهُ ؛ وقَد صُنِّفَت فيه الكُتُب - وهُوَ قليلٌ - .
[ وقَد سَمَّى بَعضُ السَّلَفِ كُلَّ رَفعٍ نَسخاً ؛ سَواءً كان رَفعَ حُكمٍ أو رَفعَ دِلالة ظاهرة ؛ ولِذلك أكثَر بَعضهم من تَعديدِ الآياتِ الْمَنسوخَةِ ] .
3ـ [ ما يَقَعُ فيه النَّسخُ ] :
وَلا يَقَعُ إِلاَّ في : الأَمرِ والنَّهيِ ؛ ولَو بِلَفظِ الخَبَرِ .
البابُ السَّابِعُ : مُحْكَمُ القُرآنِ وَمُتَشابِهُهُ
1ـ [ تَعريفهُ ] :
• الْمُحْكَمُ : ما يُمَيِّزُ الحَقيقَةَ الْمَقصُودَةَ عَن غَيرِها .
• والْمُتشَابِهُ : [ ما احتَمَل مَعنَيَيْنِ ] فَيُشبِهُ هذا ويُشبِهُ هذا .
2ـ [ حُكمُهُ ] :
قال تعالى : ( فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ) [آل عمران : 7]
( أ ) ( ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ ) لِيَفتِنُوا النَّاسَ ؛ إِذْ وَضَعُوهُ عَلَى غيرِ مَواضِعِهِ .
( ب ) ( وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ) وهُو الحَقيقَةُ التي أَخبَرَ عَنْها ؛ كالقِيامَةِ وَأَشرَاطِها .
( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ ) أي تأويلَ تِلك الحقائِقِ مِن وَقتٍ وصِفَةٍ ( إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا) وَلَم يَنفِ عَنهُم عِلمَ مَعناهُ ، بل قال :
( لِيَدَّبَّروا آياتِهِ ) [ص :29] .
3ـ [ الصِّفاتُ لَيسَت مِنَ الْمُتشابِه ] :
قال شَيخُ الإِسلامِ : ( وثَبَتَ أَنَّ اتِّباعَ الْمُتشابِهِ ليسَ في خُصوصِ الصِّفاتِ ، ولا أَعلَمُ أنَّ أحداً مِنَ السَّلفِ جَعَلَها مِنَ الْمُتَشابِهِ الدَّاخِلِ في هِذهِ الآيَةِ ) اهـ .
• [ مَذهَبُ السَّلَفِ في الصِّفاتِ ] : وعِندَهُم : قِراءَتُها تَفسيرُها ، وتُمَرُّ كَما جاءَت ؛ دَالَّةٌ على ما فِيها مِنْ الْمَعانِي ؛ لا تُحَرَّف وَلا يُلْحَدُ فِيها .
4ـ [ الظَّاهِرُ والْمُجمَلُ ] :
وَكُلُّ ظاهِرٍ : تُرِكَ لِمُعارِضٍ رَاجِحٍ ؛ كَتَخصيصِ العامِّ ، وتَقييدِ الْمُطلَقِ ؛ فَإنَّهُ مُتشابِهٌ لاحتِمالِهِ مَعنَيَينِ .
وكذا الْمُجمَلُ ؛ وإحكامُهُ : رَفعُ ما يُتَوَهَّمُ فيهِ مِن المَعنَى الذي ليسَ بِمرادٍ .
البابُ الثَّامِنُ : التَّأْويلُ
1ـ [ مَذهَبُ السَّلَفِ ] :
• التَّأويلُ فِي القُرآنِ : نَفسُ وُقوعِ الْمُخبَرِ بِهِ .
• وَعِندَ السَّلَفِ : تَفسيرُ الكلامِ وَبيانُ مَعناهُ .
2ـ [ مَذهَبُ الخَلَفِ ] :
• وَعِندَ الْمُتَأَخِّرينَ - مِن الْمُتَكَلِّمَةِ والْمُتَفَقِّهَةِ ونَحوِهِم - : هُوَ صَرفُ اللفظِ عَنِ الْمَعنَى الرَّاجِحِ إِلَى الْمَعنَى الْمَرْجوحِ ؛ لِدليلٍ يَقتَرِنُ بِهِ .
أَوْ : حَمْلُ ظاهِرٍ عَلى مُحتَمَلٍ مَرجوحٍ .
• وما تَأَوَّلَهُ :
القَرامِطَةُ والباطِنِيَّةُ : لِلأَخبارِ والأَوامِرِ …
والفَلاسِفَةُ : للأَخبارِ عَنِ اللهِ واليومِ الآخرِ …
والجَهمِيَّةُ والْمُعتَزِلَةُ وغَيرُهُم : في بَعضِ ما جاء في اليوم الآخِرِ ، وَفي آياتِ القَدَرِ ، وآياتِ الصِّفاتِ …
هُوَ مِن تَحريفِ الكَلِمِ عَن مَواضِعِهِ .
3ـ [ غَلَطُ البَعضِ في مَعنَى (التَّأويلِ) ] :
• قَالَ الشَّيخُ : « وَطَوائِفُ مِن السَّلَفِ أَخطَؤا في مَعنَى (التَّأويلِ) الْمَنفِيِّ ؛ وَفي مَعنَى (التَّأويلِ) الذي أَثْبَتُوهُ .
والتَّأويلُ الْمَردودُ : هُوَ صَرفُ الكَلِمِ عَن ظاهِرِهِ إِلَى ما يُخالِفُ ظاهِرَهُ .
وَلَم يَقُل أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ : ( ظاهِرُ هذا غَيرُ مُرادٍ ) . وَلا قالَ : ( هَذهِ الآيَةُ أَو هَذا الحديثُ مَصروفٌ عَن ظاهِرِهِ ) . مَعَ أنَّهُم قَد قَالُوا مِثلَ ذلكَ في آياتِ الأَحكامِ الْمَصروفَةِ عَن عُمُومِها وظَواهِرِها ، وتَكَلَّمُوا فِيما يُسْتَشْكَلُ مِمَّا قَد يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مُتَناقِضٌ » اهـ .

 
البابُ التَّاسِعُ : نَفْيُ الْمَجازِ
1ـ صَرَّحَ بِنَفْيِهِ الْمُحَقِّقونَ ؛ ولَم يُحفَظُ عَن أَحَدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ القَولُ بِهِ .
وإِنَّما حَدَثَ تَقسِيمُ الكَلامِ إِلى حَقيقَةٍ ومَجازٍ بَعدَ القُرونِ الْمُفَضَّلَةِ .
فَتَذَرَّعَ بِهِ الْمُعتَزِلَةُ والجَهْمِيَّةُ إِلَى : الإِلحادِ في الصِّفاتِ .
2ـ قالَ الشَّيخُ : « وَلَم يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِهِ ، ولا رَسُولُهُ ، ولا أَصحابُهُ ، ولا التَّابِعون لَهُم بِإحسانٍ .
ومَن تَكَلَّمَ بهِ مِن أَهلِ اللغَةِ يَقُولُ في بَعضِ الآياتِ : ( هذا مِنْ مَجازِ اللغَةِ ) ومُرادُهُ : أَنَّ هذا مِمَّا يَجوزُ في اللغَةِ ، ولم يُرِدْ هذا التَّقسيمُ الحادثِ ؛ لا سِيَّما وقد قالُوا : ( إنَّ الْمَجازَ يَصِحُّ نَفْيُهُ ) ! فَكَيفَ يَصِحُّ حَملُ الآياتِ القُرآنِيَّةِ على مِثلِ ذلك .
وَلا يَهُولَنَّكَ إِطباقُ الْمُتَأخّرينَ عَليهِ ، فَإنَّهُم أَطبَقُوا على ما هُوَ شَرٌّ مِنهُ » اهـ .
3ـ وَذَكَرَ ابنُ القَيِّمِ خَمسِينَ وَجهاً في بُطلانِ القَولِ بالْمَجازِ .
وكَلامُ اللهِ وكلامُ رَسُولِهِ مُنَزَّهٌ عَنْ ذلكَ .
البابُ العاشِرُ : إعْجازُ القُرآنِ
1ـ تَعريفُهُ :
الْمُعجِزَةُ : أَمرٌ خارِقٌ للعادَةِ ، مَقرونٌ بالتَّحَدِّي ، سَالِمٌ عَنِ الْمُعارَضَةِ .
2ـ والقُرآن مُعجِزٌ أَبداً :
أَعجَزَ الفُصحاءَ مَعَ حِرصِهِم على مُعارَضَتِهِ .
وقَد تَحَدَّهُم تَعالَى على أن يَأتُوا بِحديثٍ مِثلِهِ ، أو عَشرِ سُوَرٍ ، أو سُورَةٌ .
3ـ وُجُوهُ إعجازِهِ :
وَذَكَرَ العُلَماءُ وُجوهاً مِن إعجازِهِ :
مِنها : أُسلُوبُهُ ، وبَلاغَتُهُ ، وبَيانُهُ ، وفَصاحَتُهُ ، وحُسنُ تألِيفِهِ ، وإِخبارُهُ عَنِ الْمُغَيَّباتِ ، والرَّوعَةُ في قُلوبِ سامِعيهِ … وغَيرُ ذلكَ .
حتَّى قالَ الوَليدُ : ( إِنَّ لَهُ لَحَلاوَةٌ ، وإنَّ عَلَيهِ لَطَلاوَةٌ … ) .
ومَن تَأَمَّلَ حُسنَهُ وَبَديعَهُ وبَيانُهُ وَوُجوهَ مُخاطَباتِهِ : عَلِمَ أَنَّهُ مُعْجِزٌ مِن وُجوهٍ كَثيرَةٍ .
البابُ الحادي عَشَر : أَمثالُ القُرآنِ
1ـ أَهِمّيّتهُ :
أَمثالُ القُرآنِ : مِنْ أَعظَمِ عِلمِهِ . عَدَّهُ الشَّافعِيُّ مما يَجِبُ على الْمُجتَهِدِ مَعرِفَتِهِ .
2ـ الحِكمةُ منه :
ضَرَبَها اللهُ : تَذكيراً وَوَعظاً .
3ـ فائِدَتُهُ :
وهِيَ : تُصَوُّرُ الْمَعانِي بِصُورَةِ الأَشخاصِ .
البابُ الثَّانِي عَشَر : إِقْسامُ القُرآنِ
1ـ تَعريفُهُ :
[ القَسَمُ : هُو اليَمينُ ، أَقسَمَ بِهِ ؛ أَي : حَلَفَ بِهِ ] .
2ـ الحِكمةُ منه وبِم يكون :
والقَسَمُ تَحقيقٌ للخَبَرِ وتَوكيدٌ لهُ ، ولا يَكونُ إلاَّ بِمُعَظَّمٍ ؛ وهُوَ : اللهُ تَعَالَى .
3ـ ما يُقسِمُ بِهِ اللهُ : يُقسِمُ :
1 : بِنَفسِهِ الْمُقَدَّسَةِ الْمَوصُوفَةِ بِصِفاتِهِ .
2 : وبِآياتِهِ الْمُستَلزِمةِ لِذاتِهِ .
3 : وَصِفاتِهِ .
4ـ ما يُقسِمُ عليه :
يُقسِمُ تارَةً على : التَّوحيدِ .
وَتارَةً على : أنَّ القُرآنَ حَقٌّ .
وَتارَةً على : أنَّ الرَّسولَ حَقٌّ .
وَتارَةً على : الجَزاءِ وَالوَعدِ والوَعيدِ .
وَتارَةً على : حالِ الإنسانِ .
4ـ أنواعُهُ : والقَسَمُ :
( أ ) إِمَّا ظاهِرٌ .
( ب ) وَإِمَّا مُضمَرٌ ؛ وَهُوَ قِسمان :
1 : قِسمٌ دَلَّت عَلَيهِ اللاَّم ؛ نَحوُ : ( لَتَبْلُوُنَّ ) [آل عمران : 186].
2 : وَقِسمٌ دَلَّ عليهِ الْمَعنَى ؛ نَحوُ : ( وَإِنْ مِنكُمْ إِلاَّ وَارِدُها ) [مريم : 71].
البابُ الثَّالِثُ عَشَر : الْخَبَرُ وَالإِنْشاءُ
• الكَلامُ نَوعانِ : خَبَرٌ ، وَإِنْشاءٌ .
1- الفَرُوقُ بَينَهُما :
• الخَبَرُ : دائِرٌ بَينَ النَّفيِ والإِثباتِ .
وَالإِنشاءُ : أَمرٌ أَو نَهيٌ أَو إِباحَةٌ .
• الخَبَرُ : يَدخُلُهُ التَّصديقُ وَالتَّكذيبُ .
وَالإِنشاءُ : لا .
2- والإخبارُ : إِمَّا إِخبارٌ عَن الخالِقِ ، وإِمّا إخبارٌ عَن الْمَخلوقِ
1 : فالإخبار عَنِ الخالِقِ : هُوَ التَّوحيدُ ؛ وما يَتَضَمَّنُهُ مِن : أسماءِ اللهِ وَصِفاتِهِ .
2 : وَالإخبارُ عَنْ الْمَخلوقِ : هُوَ القَصَصُ ؛ وهُوَ : الخَبَرُ عَمَّا كانَ وما يَكونُ . ويَدخُلُ فيهِ :
( أ ) الخَبَرُ عَن الْرُّسُلِ وَأُمَمِهِم وَمَن كَذَّبَهُم .
( ب ) والإِخبارُ عَن الجَنَّةِ والنَّارِ والثّواب والعِقابِ .
 

البابُ الرَّابِعُ عَشَر : طُرُقُ تَفسيرُ القُرآنِ
1ـ أَصَحُّ طُرُقُ التَّفسيرِ :
أَنْ يُفَسِّرَ :
1 : القُرآنُ بِالقِرآنِ :
فَما أُجمِلََ فِي مَكانٍ فَإنَّهُ قَد فُسِّرَ فِي مَوضِعٍ آخَرَ .
وَما اُختُصِرَ فِي مَكانٍ فَقَد بُسِطَ في مَوضِعٍ آخَرَ .
2 : فَإنْ لَم تَجِدْهُ فِي القُرآنِ فَبِالسُّنَّةِ :
فَإنَّها شَارِحَةٌ للقُرآنِ وَمُوَضِّحَةٌ لَهُ .
3 : فَإنْ لم تَجِدهُ ؛ فَارجِعْ إِلى أَقوالِ الصَّحابَةِ :
فَإنَّهُم أَدرَى بِذلكَ ؛ لِما شاهَدوهُ ، ولِما لَهُم مِن الفَهمِ التَّامِّ والعِلمِ الصَّحيحِ ؛ لا سِيَّما كُبَراؤُهُم ؛ كـ(الخُلَفاءِ الرَّاشدينَ ، والأَئمَّةُ الْمَهديينَ ؛ كَابنِ مَسعودٍ وابنِ عبَّاسٍ) .
4 : وإِذا لَم تَجِدْهُ فَقَدْ رَجَعَ كَثيرٌ مِن الأَئمَّةِ في ذلكَ إِلى أَقوالِ التّابعينَ : كَمُجاهدٍ ، وسَعيدِ بنِ جُبَيرٍ ، وعِكرِمَةَ ، وعَطاءٍ ، والحَسَنِ ، ومَسروقٍ ، وسَعيدِ بنِ الْمُسَيَّبِ .
وَكَمالكٍ ، والثَّوريِّ ، والأَوزاعيِّ ، والحَمَّادَينِ ، وأَبي حَنيفَةَ … وغَيرِهِم مِنْ تابِعيْ التَّابعينَ .
وكَالشَّافِعي ، وأحمدَ ، وإسحاقَ ، وأبي عُبيدٍ … وأَمثالِهِم مِن أَتباعِ تابِعِي التَّابعينَ .
2ـ ليسَ تباين الألفاظِ من السَّلَفِ اختِلافاً :
قَالَ الشَّيخُ : « وقَد يَقَعُ في عِباراتِهِم تَبايُنٌ في الأَلفاظِ ، يَحسَبُها مَن لا عِلمَ عِندَهُ اختِلافاً ؛ وليسَ كَذلكَ ، فإنَّ مِنهُم :
1 : مَن يُعَبِّر عَن الشَّيءِ بِلازِمِهِ ، أَو : نَظيرِهِ .
2 : ومِنهُم مَن يَنُصُّ عَلى الشَّيءَِ بِعَينِهِ .
ويُرْجَعُ [ فِي تَبايُنِ عِباراتِهِم ] إِلى :
1 : لُغَةِ القُرآنِ .
2 : أَو السَّنَّةِ .
3 : أَو لُغَةِ العَرَبِ .
ومَن تَكَلَّمَ بِما يَعْلَمُ مِن ذلكَ لُغَةً وَشَرعاً : فَلا حرجَ عليهِ . ويَحرُمُ : بِمَُرَّدِ الرَّأيِ » اهـ .
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ : ( التَّفسيرُ على أَربَعَةِ أَوجُهٍ :
1 : وَجهٌ تَعرِفُهُ العَرَبُ مِن كَلامِها .
2 : وتَفسيرٌ لا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجهالَتِهِ .
3 : وتَفسيرٌ يَلَمُهُ العُلماءُ .
4 : وتَفسيرٌ لا يَعلَمُهُ إلاَّ اللهُ ) اهـ .

البابُ الخامِسُ عَشَر : التَّفاسيرُ
1ـ تَفاسير السَّلَفِ :
أَحسَنُ التَّفاسيرِ ؛ مِثلُ :
1 : تَفسيرُ عَبدِ الرَّزَّاقِ ، وَ وَكيعٍ ، وَعبدٍ بنِ حُميدٍ ، وَ دُحَيمٍ .
2 : وتَفسيرُ أَحمدَ ، وإِسحاقَ ، وبَقِيِّ بنِ مَخلَدٍ ، وابنِ الْمُنذِرِ ، وسُفيانَ بنِ عُيَينَةَ ، وسُنَيدٍ .
3 : وتَفسيرُ ابنِ جَريرٍ ، وابنِ أبي حاتمٍ ، وأَبي سَعيدٍ الأَشجِّ ، وابنِ ماجةَ ، وابنِ مَردَوَيهِ ، والبَغَويِّ ، وابنِ كَثيرٍ .
2ـ تَفاسير الخَلَفِ :
• وَحَدَثَ طَوائِفٌ مِن أَهلِ البِدَعِ : تَأوَّلوا كَلامَ اللهِ على آرائِهِم :
فَتارَةً : يَستَدِلُّونَ بِآياتِ اللهِ على مَذهَبِهِم .
وَتارَةً : يَتَأوَّلونَ ما يُخالِفُ مَذهَبَهُم ؛ كالخوارجِ والرَّافِضةِ والجَهمِيَّةِ والْمُعتَزِلَةِ والْمُرجِئَةِ … وغَيرِهِم . قَال الشَّيخُ : « وأَعظَمُهُم جَدَلاً : الْمُعتَزِلَةُ » اهـ .
• وَقد صَنَّفُوا تَفاسيرَ على أُصولِ مَذهبهِم ؛ مِثلَ : تَفسيرِ ابنِ كَيسانَ الأَصَمِّ ، والجُبَّائِيِّ ، وعَبدُ الجَبَّارِ الهَمَدانِيِّ ، والرُّمَّانِيِّ ، والزَّمَخْشَرِيِّ .
ووافَقَهُم مُتاخِّروا الشِّيعَةِ : كالمفيدِ ، وأبي جَعفَرِ الطُّوسيِّ . اعتقَدوا رَأياً ثُمَّ حَمَلُوا القُرآنَ عليهِ .
ومِنهم حَسَنُ العِبارة يَدُسُّ البِدَعَ في كَلامِهِ ؛ كَصاحبِ الكَشَّافِ ، حتَّى إِنَّهُ يَروجُ على خَلقٍ كَثيرٍ .
وذَكَرَ : أنَّ تَفسيرَ ابنِ عَطِيَّةَ وأَمثالِهِ - وَإن كانَ أَسلَمَ مِن تَفسيرِ الزَّمخشَريِّ - لَكِنَّه يَذكُرُ ما يَزعُمُ أَنَّهُ مِ قَولِ المُحَقِّقينَ ، وإنما يَعني : طائِفةٌ مِن أهلِ الكلامِ الذين قَرَّروا أُصولَهُم بِطُرُقٍ مِن جِنسِ ما قَرَّرت بهِ الْمُعتَزِلَة .
3ـ خطأُ بَعضِ التَّفاسيرِ :
1 : الخَطأُ في الدَّليلِ :
وَذكَرَ : الذين أَخطَؤا في الدَّليلِ ؛ مِثلَ كَثيرٍ مِن الصّوفيَّةِ والوُعَّاظِ والفُقَهاءِ وغيرِهِم ؛ يُفَسِّرون القُرآنَ بِمعانٍ صَحيحةٍ ولكنَّ القُرآن لا يَدلُّ عَلَيها . مِثلَ كثيرٍ مما ذَكَرَهُ أَبو عبدِ الرَّحمن السُّلَميِّ في (حَقائِقِ التَّفسيرِ) .
2 : الخَطَأُ في الدّليلِ والْمَدلولِ :
وَإن كانَ فيما ذَكروهُ ما هو مَعانٍ باطِلَةٍ ؛ فإنَّ ذلكَ يَدخلُ في الخطإِ في الدَّليلِ والمدلولِ جَميعاً ، حيث يكون الْمَعنى الذي قَصَدوه فاسِداً .
• وَبِالجُملَةِ : مَن عَدَلَ عَن مَذاهبِ الصَّحابَةِ وَالتَّابعين وَتَفسيرِهِم إلى ما يُخالِفِ ذلكَ : كان مُخْطِئاً في ذلكَ ، بل مُبتَدِعاً - وإن كانَ مُجتَهِداً مَغفوراً لَهُ خَطَؤُهُ - .
الْمَقصودُ : بيانُ طُرُقِ العِلمِ وَأَدِلَّتِهِ وَطُرُقِ الصَّوابِ .

البابُ السَّادِسُ عَشَر : سَبَبُ الاخْتِلافِ
مِنهُ : ما مُستَنَدُهُ :
1 : النَّقلُ .
2 : أَوِ الاسْتِدلالُ .
[ أَوَّلاً : ما مُستَنَدُهُ النَّقْلُ ]
1ـ والْمَنقُولُ : إِمَّا عَن الْمَعصومِ أَوْ لا .

فالْمَقصودُ : وَإذا جاء عنهُ مِن جِهتين أو جِهاتٍ - مِن غَيرِ تَواطُءٍ - فَصَحيحٌ .
وكَذا الْمَراسيلُ إذا تَعَدَّدَت طُرُقُها .
وخَبَرُ الواحِدِ إذا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بالقَبولِ أوجَبَ العِلمَ .
والْمُعتَبَرُ في قَبولِ الخَبَرِ : إِجماعُ أَهلِ الحديثِ ، ولَهُ أدِلَّةٌ يُعرَفُ بِها أنَّهُ صِدقٌ ، وعليه أدلّةٌ يُعرَفُ بِها أَنَّهُ كَذِبٌ ، كما في تَفسيرِ : الثَّعلَييِّ ، والواحِدِيِّ ، والزَّمَخشَري . وهُو قليلٌ في تَفسيرِ السَّلفِ .
2ـ وما نُقِلَ عَن بَعضِ الصّحابَةِ نَقلاً صَحيحاً : فالنَّفسُ إِليهِ أَسكَنُ مِما نُقِلَ عَن بَعضِ التّابعينَ .
3ـ والإسرائِيلِيّات : تُذكَرُ للإِستِشهادِ لا للاعتمادِ :
1 : وما عُلِمَت صِحَّتُهُ مما شَهِدَ لَهُ الشَّرعُ : فَصَحيحٌ .
2 : وما خالَفَهُ : فَيُعتَقَدُ كَذِبُهُ .
3 : ومَا لَم يُعلَم حُكمُهُ في شَرعِنا : لا يُصَدَّقُ وَلا يُكَذَّبُ ، وَغالِبُهُ لا فائِدَةَ فيهِ .
[ ثَانِياً : ما مُستَنَدُهُ الاسْتِدْلالُ ]
وَالخَطَأُ الواقِعُ في الاستِدلالِ مِن جِهَتَينِ :
1 : [ قِسْمٌ مِمَّن تَقَدَّمَ ذِكرُهُم مِن الْمُبتَدِعَةِ - جاؤا ] بَعدَ تَفسيرِ الصَّحابِةِ والتَّابعينَ وتابِعيهِم - حَمَلُوا أَلفاظَ القُرآنَ عَلَيها .
2 : أَوْ فَسَّرُوهُ بِمُجَرَّدِ ما يَسوغُ أَن يُرِيدُوهُ مِمَّا لا يَدُلُّ على المرادِ مِن كلامِ اللهِ بِحالٍ .
وَتَبِعَهُم كَثيرٌ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ ؛ لِضَعفِ آثارِ النُّبُوَّةِ والعَجزِ والتَّفريطِ حتَّى كانوا يَرْوُونَ ما لا يَعلمونَ صِحَّتَهُ .
3 : وقد يكون الاختِلافُ : لِخَفاءِ الدَّليلِ والذّهولِ عَنهُ .
4 : وَقدْ يكونُ : لِعدَمِ سَماعِهِ .
5 : وَقد يكونُ : للغَلَطِ في فَهمِ النَّصِّ .
6 : وَقَد يَكونُ : لاعِتقادِ مُعارِضٍ راجحٍ .
يتبع إن شاء الله ===
 
البابُ السَّابِعُ عَشَر : تَفسيرُ القُرآنِ
التَّفسيرُ : كَشفُ مَعانِي القُرآنِ وبَيانُ المرادِ مِنهُ .
قيلَ : (بَعضُهُ) يكون مِن قِبَلِ الألفاظِ الوجيزة وكَشفِ معانيها . و(بَعضُهُ) مِن قِبَلِ ترجيحِ بَعضِ الاحتمالاتِ على بعضٍ .
وأجمَعوا : على أنَّ التَّفسيرَ مِن فُروضِ الكِفاياتِ .
وهُو أجلُّ العلومِ الشَّرعِيَّةِ ، وأَشرَفُ صِناعَةٍ يَتَعاطاها الإنسانُ .
• والْمُعتني بِغريبه لا بُدَّ لَهُ مِن :
1 : مَعرِفَةِ الحروفِ : وأكثَرُ مَن تكلَّمَ فيها النُّحاةُ .
2 : والأَسماءِ والأَفعالِ : وأَكثَرُ مَن تكلَّمَ فيها اللُّغَوِيّونَ .
3 : ومِنهُ : معرفةُ ما وُضِعَ لهُ الضَّميرُ ، وما يَعودُ عليه .
4 : والتَّذكيرِ والتَّأنيثِ .
5 : والتَّعريفِ والتَّنكيرِ .
6 : والخِطابِ بالاسمِ والفِعلِ .
• وأولى ما يُرجَعُ في غريبهِ إلى :
1 : تَفسير ابنِ عبَّاسٍ وغيره من الصَّحابَةِ .
2 : ودواوينِ العربِ .
• ويُبحَثُ عن كونِ الآيةِ [ وكَذا السّورَةِ ] :
1 : مُكمّلةً لِما قبلَها ، أو مُستقلّةً .
2 : وما وجه مُناسَبَتِها لِما قبلَها .
وَعن القراءة (الْمُتواترةِ الْمَشهورَةِ) و(الآحادِ) وكَذا الشَّاذَّةِ ؛ فَإنّها تُفسّر المَشهورةِ وتُبيِّن معانيها ؛ وإن كان لا تَجوزُ القِراءةُ بالشَّاذةِ إجماعاً .

البابُ الثَّامِنُ عَشَر : تِلاوَةُ القُرآنِ
• تُستَحَبُّ : تلاوة القرآن على أكملِ وجهٍ على أكملِ الأحوالِ ، والإكثار منها ، وهو أفضلُ من سائِرِ الذكرِ .
والترتيلُ : أَفضلُ من السُّرعةِ مع تبين الحروفِ وأشدُّ تأثيراً في القلبِ .
وينبغي إعطاء الحروفِ حَقَّها وتَرتيبُها وتلطيفِ النّطقِ بها من غيرِ إسرافٍ ولا تَعسُّفٍ ولا تكلُّفٍ .
• ويُسنُّ : تَحسينُ الصَّوتِ ، والتَّرَنُّمُ بِخشوعٍ وحُضورِ قلبٍ وتَفكّرٍ وتَفهّمٍ .
يُنفِذ اللفظ إلى الأسماعِ والمعاني إلى القلوبِ .
قال الشيخُ في « زَيِّنُوا القُرآنَ بِأَصواتِكُمْ » هو : التَّحسينُ والتَّرَنُّمُ بِخشوعٍ وحُضورُ قلبٍ .
لا صرفُ الهِمَّةِ إلى ما حُجِبَ به أكثرُ التَّاسِ من : الوسوسةِ في خروجِ الحروفِ وترقيقِها وتفخيمِها وإمالتِها والنّطقِ بالمدِّ الطّويلِ والقَصيرِ والمتوسّطِ وشَغلهِ بالوَصلِ والفَصلِ والإضجاعِ والإرجاعِ والتَّطريبِ … وغيرِ ذلكَ مما هو مُفضٍ إلى : تغييرِ كتابِ اللهِ والتَّلاعُبِ بهِ والتَّنطّعِ [ مما يُحيل القلوبِ ويَقطَعُها ] عن فَهمِ مُرادِ الرِّبِّ من كلامِهِ .
ومن تأمَّل هدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلِّم وإقرارَهُ أهل كُلِّ لِسانٍ على قِراءَتِهِم : تبيَّن له أنَّ التنطّعَ بالوَسوسةِ في إخراجِ الحروفِ ليسَ من سُنّتهِ .
• وقال : يُكرَهُ التَّلحين الذي يُشبهُ الغِناءَ .
• واستحبَّ : بَعضُهُم القِراءةَ في المُصحَفِ .
ويُستحبُّ الخَتمُ كُلَّ أُسبوعٍ . والدّعاءُ بَعدَهُ . وتَحسينُ كِتابَةِ المُصحَفِ ، ولا يُخالِفُ خَطَّ مُصحَفِ عُثمانَ في واوٍ أو ياءٍ أو ألفٍ … أو غيرِ ذلكَ .
• ويَحرُمُ على المُحدِثِ :
1 : مَسُّهُ . 2 وسَفَرٌ بهِ لِدارِ حربٍ .
• ويَجب : احترامُهُ .
وصلَّى اللهُ على محمدٍ وآلِهِ وصَحبِهِ وسَلِّم

تمت الرسالة بحمد الله
 
الوسوم
الحجم القرآن النفع رسالة صغيرة عظيمة علوم في
عودة
أعلى