الاعجاز الغيبى والتاريخى فى القران والسنه النبويه

ياسر المنياوى

شخصية هامة
[FONT=me_quranR3HOQ]
الاعجاز الغيبى والتاريخى


نجاة فرعون ببدنه وجثة فرعون اليوم
كشف الدكتور موريس بوكاي [1] في كتابه القرآن والعلم الحديث عن تطابق ما ورد في القرآن الكريم بشـأن مصير فرعون موسى بعد إغراقه في اليم مع الواقع المتمثل في وجود جثته إلى يومنا هذا آيةً للعالمين حيث قال تعالى: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾(يونس:92). يقول الدكتور بوكاي : "إن رواية التوراة بشأن خروج اليهود مع موسى عليه السلام من مصر تؤيد بقوة الفرضية القائلة بأن منفتاحMineptahخليفة رمسيس الثاني هو فرعون مصر في زمن موسى عليه السلام ، وإن الدراسة الطبية لمومياء منفتاحMineptah قدمت لنا معلومات مفيدة أخرى بشأن الأسباب المحتملة لوفاة هذا الفرعون. إن التوراة تذكر أن الجثة ابتلعها البحر ولكنها لا تعطي تفصيلاً بشأن ما حدث لها لاحقاً. أما القرآن فيذكر أن جثة الفرعون الملعون سوف تنقذ من الماء كما جاء في الآية السابقة، وقد أظهر الفحص الطبي لهذه المومياء أن الجثة لم تظل في الماء مدة طويلة ، إذ أنها لم تظهر أية علامات للتلف التام بسبب المكوث الطويل في الماء."[2] .
و لقد ذكر موريس بوكاي ما نصه و جاءت نتائج التحقيقات الطبية لتدعم الفرضية السابقة، ففي عام 1975جرى في القاهرة انتزاع خزعة صغيرة من النسيج العضلي ،بفضل المساعدة القيمة التي أسداها ألأستاذ Michfl Durigon . وأظهر الفحص الدقيق بالميكروسكوب حالة الحفظ التامة لأصغر الأجزاء التشريحية للعضلات، و تشير إلى أن مثل هذا الحفظ التام لم يكون ممكناً لو أن الجسد بقي في الماء بعض الوقت، أو حتى لو أن البقاء خارج الماء كان طويلاً قبل أن يخضع لأولى عمليات التحنيط . وفعلنا أكثر من ذلك و نحن مهتمون بالبحث عن الأسباب الممكنة لموت فرعون
جرت الدراسات الطبية ـ الشرعية للمومياء بمساعدة Ceccaldiمدير مخبر الهوية القضائية في باريس و الأستاذ Durigon وسمحت لنا بالتحقق من وجود سبب لموت سريع كل السرعة بفعل كدمات جمجمية ـ مخية سببت فجوة ذات حجم كبير في مستوى صاقورة القحف مترافقة مع آفة رضية ، و يتضح أن كل هذه التحقيقات متوافقة مع قصص الكتب المقدسة التي تشير إلى أن فرعون مات حين ارتد عليه الموج )[3].
ويبين الدكتور بوكاي وجه الإعجاز في هذه القضية قائلاً : "وفي العصر الذي وصل فيه القرآن للناس عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم، كانت جثث كل الفراعنة الذين شك الناس في العصر الحديث صواباً أو خطاً أن لهم علاقة بالخروج، كانت مدفونة بمقابر وادي الملوك بطيبة على الضفة الأخرى للنيل أمام مدينة الأقصر الحالية . في عصر محمد صلى الله عليه وسلم كان كل شيء مجهولاً عن هذا الأمر ولم تكتشف هذه الجثث إلا في نهاية القرن التاسع عشر[4] وبالتالي فإن جثة فرعون موسى التي مازالت ماثلة للعيان إلى اليوم تعد شهادة مادية في جسد محنط لشخص عرف موسى عليه السلام، وعارض طلباته ، وطارده في هروبه ومات في أثناء تلك المطاردة، وأنقذ الله جثته من التلف التام ليصبح آية للناس كما ذكر القرآن الكريم[5] . وهذه المعلومة التاريخية عن مصير جثة فرعون لم تكن في حيازة أحد من البشر عند نزول القرآن ولا بعد نزوله بقرون عديدة، لكنها بينت في كتاب الله على قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
----------------------
[1] طبيب فرنسي جراح من اشهر أطباء فرنسا ، اعتنق الإسلام بعد دراسة مستفيضة للقرآن الكريم وإعجازه العلمي.[2] القرآن والعلم الحديث / د . موريس بوكاي.[3] كتاب القرآن و العلم المعاصر الدكتور موريس بوكاي ترجمة د. محمد إسماعيل بصل د. محمد خير البقاعي .[4] دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة د . مريس بوكاي ، ص 269 دار المعارف ط 4 / 1977 ، بتصرف .[5] المرجع السابق ..
[/FONT]
 
القرآن وزعم صلب المسيح

[font=me_quranr3hoq] القرآن وزعم صلب المسيح

ومن أنباء الأولين التي ظل الناس في شك من حقيقة أمرها القصة التي تذكر صلب عيسى عليه السلام كما في الأناجيل عند النصارى ، فقد شهد قوم عيسى عليه السلام وكذلك جماهير الرومان حادثة صلب ، ولم يساورهم شك في أن عيسى عليه السلام قتل وصلب، إلا أن الحواريين شاهدوا عيسى عليه السلام بعد حادثة الصلب المزعوم حياً، كما ورد ذلك في إنجيل لوقا1)" وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم. فجزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحاً. فقال لهم ما بالكم مضطربين. ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم. انظروا يديّ ورجليّ إني أنا هو. جسّوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه. وبينما هم غير مصدقين من الفرح ومتعجبون قال لهم أعندكم ههنا طعام ؟ فناولوه جزءاً من سمك مشوي وشيئاً من شهد عسل. فأخذ وأكل قدامهم ". وقد أصبح الجميع في حيرة من حقيقة الأمر، فالناس يقولون : إنه صلب وقد رأوا ذلك رأي العين، والحواريون يقولون : إنهم قابلوه بعد حادثة الصلب المزعوم بجسده وروحه حياً يرزق .ولم يجدوا تفسيراً لهذا التناقض إلا قولهم : إنه صلب ومات ودفن ثم بعث من بين الأموات ، ولكن القرآن الكريم جاء ليكشف عن هذا السر ويزيل ذلك الغموض فقال تعالى: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157)بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(158)﴾ (النساء:157-158). فالحقيقة أن الذي صلب هو الشبه، فالذين قالوا : "رأيناه مصلوباً" أخبروا بما رأوا إذ ظنوا الشبه هو عيسى عليه السلام نفسه ، والذين قالوا : "رأيناه بعد الحادثة" هم على حق، لأنه لم يصلب ، وأتى القرآن الكريم بالعلم الذي يكشف الحقيقة ويخرج الناس من الاختلاف(2) وهذا النوع من الإعجاز يعد من أدلة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن القصة وقعت بعيدة عن زمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصار أهلها في ارتباك وحيرة، ويأتي نبي أمي في أمة أمية بعد قرون يكشف لهم السر ويبين لهم التفسير الحقيقي للمشاهدات التي تبدو متناقضة ، فيرفع عنها التناقض ويزيل الإشكال. وهذا دليل على أن هذا العلم الذي جاء علي يد النبي الأمي لا يمكن أن يكون إلا من عند الله .وبعد اعتناق العدد الكثير من الأحبار والرهبان الإسلام طوال التاريخ إقراراً بصدق ما جاء في القرآن من خبر صادق عن التاريخ الصحيح للرسل وأتباعهم ، والذي جاء على يد نبي أمي ليس في ثقافة قومه شئ من هذه الأخبار .
----------------------
المراجع :
(1) إصحاح 24 فقرة – 36 – 43 .
(2) لقد أورد الأستاذ أحمد ديدات في كتابه " مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء " ثلاثين نقطة استخلصها من أسفار الأناجيل المختلفة من بين أدلة أخرى تفند فرية صلب المسيح عليه السلام وتؤكد ما أقره القرآن الكريم بشأن الحادثة .[/font]
 
اليهود والتحالف مع الأقوى

[font=me_quranr3hoq] اليهود والتحالف مع الأقوى

قال تعالى : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (آل عمران:112) .
ضربت عليهم الذلة أي اليهود ، أينما ثقفوا أي أينما وجدوا ، إلا بحبل من الله وحبل من الناس ، أكثر المفسرين فسرها بعهد الله وعهد الناس .
أخرج ابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم من طريقين عن ابن عباس وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ قال: بعهد من الله وعهد من الناس .
ومن معاني الحبل هو العهد والوصل والسبب .
فمعنى الحبل في هذه الآية السبب فاليهود ضربت عليهم الذلة أينما وجودا إلا بسبب من الله وهو إتباعهم الوحي والهدي النبوي عندما اتبعوا سيدنا موسى عليه السلام فأعزهم الله بعدما كانوا أذلة، أو بسبب من الناس من خلال تملق الأقوياء والتحالف معهم وجعلهم أداة ووسيلة تحقيق أهدافهم .
وهذا ما يصدقه الواقع والتاريخ فاليهود قوم انتهازيين وصوليين ، يتملقون الأقوياء ويتحالفون معهم من أجل خدمة أهدافهم .
فحين ظهر قورش الفارسي في بلاد فارس ، وأصبح قوة جبارة، ساعده اليهود واعتبروه مخلصاً ربانياً لهم ، بل وصفوه بالمسيح المنتظر ، وجاء في سفر أشعيا
(هكذا يقول الرب لمسيحه ، لقورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمماً ، وأحل أحزمة ملوك ، لأفتح أمامه المصراعين ، فلا تغلق الأبواب ، إنني أمشي أمامك ، وأمهد الهضاب ، وأحطم مصراعي النحاس ، وأكسر مزاليج الحديد ، وأعطيك مكنونات الكنوز وذخائر المخابئ ، حتى تعرف أني أنا الرب الذي يدعوك باسمك ، لقبتك وأنت لا تعرفني).
و قد قدم قورش هذا وعداً لليهود بالعودة إلى فلسطين ، على نفس الطريقة التي صدر بها وعد بلفور .
و عندما كانت العلاقات بين الكلدانيين والمصريين متوترة ، ومرشحة للاصطدام ، قدر اليهود أن النصر سيكون حليف المصريين ، لذلك سارعوا للتحالف معهم ، وخالفهم في ذلك النبي " أرميا الكاهن " فقد كان أعتقاده أن النصر سكون من نصيب بختنصر وجيشه.
و لما انتصر جيش بختنصر ، اقتحم بختنصر القدس وساق اليهود أسرى إلى بابل ، وقَدَر للنبي " أرميا " موقفه فترك له الحرية في البقاء أو الهجرة .
وحين برز المسلمون كقوة عالمية سارع اليهود للتحالف معهم وكسب ودهم، بل راحوا يتجسسون لهم على الروم وغيرهم .
وفي الأندلس استقبلوا المسلمين ، فلما خرجوا منها كانوا معهم ، واستقروا في أقطار المغرب وتركيا ، فلما أفل نجم المسلمين، راحوا يتجسسون عليهم لمصلحة الاستعمار الغربي ، بل راحوا يغرونه بالغزو.
وحين سطع نجم هولاكوا في المشرق كاتبه يهود بغداد وحالفوه وقدموا له المال والمشورة، قبل أن يصل إلى بغداد، فلما دخلها وقتل الخليفة ومليوناً من المسلمين سلم اليهود ، فلم يقتل منهم أحد ، كما سلمت أموالهم من النهب والسلب وفي العصر الحديث ابتدأ رهانهم على فرنسا فحالفوها ، وراحوا يتعلمون الفرنسية ، ويعلمون في خدمة النفوذ الفرنسي، فلما برزت إنكلترا قوة جديدة ، تحولوا إليها وربطوا مصيرهم بها ، وراحوا يغرون الإنكليز باستعمار فلسطين وغيرها ، واتخذوا من " لندن " مقراً لحركتهم ونشاطهم ، فلما توحدت ألمانيا وبرزت قوة سياسية ، تركوا لندن ، توجهوا إلى برلين ، وقام بعضهم بترجمة التوراة للألمانية ، كما راحوا يتعلمون الألمانية ، ويعقدون المؤتمرات هناك ، ويكتبون بالألمانية كافة القرارات ، وبقي الحال هكذا حتى بعد ظهور هتلر ، حيث ظلوا على صلة به ، يحاولون استثمار كرهه للمساعدة في الهجرة إلى فلسطين .
في كتاب الصهيونية في زمن الدكتاتورية " لكاتبه اليهودي ليني برينر " والذي قام بترجمته والتقديم له د. محجوب عمر وأصدرته :" مؤسسة البحوث العربية " قد كشف المؤلف عن وثيقة باسم " أنقرة " وفيها أدلة على اتصال الإرهابي " شتيرن " صاحب العصابة التي حملت اسمه ، وقد قام بالاتصال أولاً بالفاشيين الإيطاليين ثم جانبهم ، بشرط المساعدة على قيام دولة إسرائيل ، وكان هذا عام 1940 حين كان نجم " المحور " في صعود وانتصاراتهم تدوي في العالم ، وخسارتهم للحرب تبدوا بعيدة جداً .
ففي عام 1940 م جرى اتصال بيهودي يعمل مع الشرطة البريطانية في القدس وكان عميلاً " لموسليني " ، وكان الاتفاق يقضي بأن يعترف ( موسليني ) بدولة عبرية في فلسطين ، وفي مقابل ذلك يحارب اليهود إلي جانب المحور .
و لم يكتف " شتيرن " بهذا الاتصال ، فأراد أن يكون مع الألمان وبشكل مباشر ، لذا أرسل " نفتالي لونستيك " إلى بيروت ( وكانت بحكم حكومة " فيشي" التي أقامها المحور في فرنسا ) .
و في كانون الثاني 1941 م قابل " لونستيك" الألماني " رودلف روزين وأوتوفرن " الذي كان مسؤلاً عن الإدارة الشرقية في الخارجية الألمانية . إن تاريخ الوثيقة هو 11كانون الثاني 1941 م ، وكانت جماعة " شتيرن " لا يزالون يعتبرون أنفسهم " الأرجون الحقيقي" .
ولم يتبنوا اسم " المقاتلين من أجل الحرية " إلا فيما بعد ، ( حيث حصل الانشقاق ) وفي الوثيقة قالت مجموعة " شتيرن " للنازيين : (إن جلاء اليهود عن أوروبا هو شرط مسبق لحل المسألة اليهودية ، وهذا لا يمكن إلا من خلال إقامة الدولة اليهودية وفي حدودها التاريخية ، وإن المصالح المشتركة يمكن أن تكون في إقامة نظام جديد في أوروبا، متسق مع المفهوم الألماني والطموحات القومية للشعب اليهودي ، كما تجسدها المنظمة العسكرية القومية ، وإن التعاون بين ألمانيا الجديدة وبين عبرانية شعبية متجددة ممكن ، كما أن إقامة الدولة اليهودية التاريخية على أسس قومية شمولية ، ومرتبط بمعادة مع الريخ الألمانية ، ستكون في مصلحة الحفاظ على موقع نفوذ ألماني مستقبلي في الشرق الأوسط وتقويته . وانطلاقاً من هذه الطموحات القومية المذكورة والخاصة بحركة الحرية الإسرائيلية من جانب الرايخ الثالث ( هتلر) ، تعرض أن تشارك بنشاط في الحرب إلى جانب ألمانيا ) .
و الغريب أن " شتيرن " ويشاركه آخرون يشعرون بأن الصهاينة هم الذي خانوا المحور وليس العكس .
و يوم أن قام هتلر بإغلاق النوادي اليهودية ، ومصادرة صحفها ، استثنى الصحف الصهيونية ، حيث استمرت على الكتابة والنشر ، وهذه الصلة صارت البحث فيها ، من المحرمات ومن يبحث فلن يجد داراً تنشر له ، لأن سيف الإرهاب الصهيوني مسلط فوق الرؤوس في الغرب .
ثم تحولوا بعد ذلك إلى لندن وحالفوا الإنكليز .
وبعد الحرب العالمية الثانية أدركوا أن مركز القوة قد تحول إلى أمريكا ، فتوجهوا إلى هناك، رامين بثقلهم المالي والإعلامي والتنظيمي .
و غداً إذا ما شعروا بان روسيا أو الصين مرشحة للصعود
المصدر :
اليهود والتحالف مع الأقوى تأليف نعمان عبد الرزاق السامرائي


.[/font]
 
أهم الإشارات الطبية والعلمية لقصة أصحاب الكهف



[FONT=me_quranR3HOQ] أهم الإشارات الطبية والعلمية لقصة أصحاب الكهف
بقلم الدكتور محمد جميل الحبال
المقدمة والهدف من القصة:
إن القران الكريم كتاب عقيدة ومنهاج حياة لاقامة وتكوين الإنسان الصالح والمجتمع الفاضل على هدى من الإيمان بالله سبحانه وتعالى وباليوم الآخر وبقية أركان الإيمان الأخرى قال تعالى (إنَّ هذا القُرْان يَهدِي للتي هِي أقوم ويُبشرُ الْمُؤمنينَ الذينَ يَعْمَلون الصَّالِحَاتِ إنَّ لهم آجْراً كبيراً) الإسراء /9.وقد وردت في كتاب الله عز وكثير من الآيات التي فيها إشارات علمية في مختلف التخصصات الطبيعية ومن هذا المنطلق فان ذكر القران الكريم لقصة آهل الكهف تهدف في جوهرها إلى .
1- توضيح عقيدة التوحيد (الربوبية والألوهية ) بقولة تعالى على لسان الفتية المؤمنين :(وَرَبطْنَا عَلى قُلوبِهمْ إذْ قَامُوا فَقَالوا ربُّنا رَبُّ السَّموات والأرض لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونهِ إلهاً لقَدْ قلنا إذاً شَطَطاً)
الكهف /14
2- إظهار وبرهان عقيدة البعث والنشور والإيمان باليوم الأخر في قولة عز وجل (وكّذلكَ أعثرنا عَليْهِمْ لِيَعْلمُوا أنَّ وَعْدَ اللهِ حقٌّ وأنَّ السَّاعة لارَيْبَ فيها )الكهف/21.أما الإشارات العلمية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها الوارد في سياق هذه القصة الهامة في ثانوية أمام بيان الحقيقتين أعلاه .ونحن في هذا البحث سنذكر أهم الإشارات العلمية والطبية المستنبطة من قصتهم اظهاراً للإعجاز والسبق العلمي في القران الكريم في عصر العلم والمعرفة حيث بدأت حقائق العلم ونواميس الكون المكتشفة تفسر لنا كثيرا من إشارات القران الكونية وتكشف لنا عن كنوزه وتخدمنا في فهم معانية وبيان صدقة وان كلام الله عز وجل الذي أحاط بكل شي علما قال تعالى :(قل انزل الذي يعلم السر في السموات والأرض انه كان غفورا رحيما )الفرقان /6.
أهم الإشارات الطبية والعلمية المستنبطة من قصة آهل الكهف
أولاً:الإشارات العلمية العامة
1- الأسلوب العلمي البليغ في بيان ملخص القصة أولاً ثم التفاصيل ثانيا :
ان الآيات الأربع الأولى من السورة (9-12)والتي تبدأ بها القصة ذكرت مجمل وخلاصة الأحداث "الموجز"ثم ذكرت التفاصيل في الآيات الأربع عشر التالية (13-26)بدلي ذكر مدة رقودهم في الموجز بقوله تعالى:(فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا)الكهف/11،ثم بين هذه المدة بعد ذلك بالتفصيل في قوله تعالى :(ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً) الكهف/25
2- إظهار آيات الله وعجائبه في مخلوقاته:
فالله تعالى آمر في التفكير بها حيث إنها لا تقل عجبا عن آيات أصحاب الكهف والرقيم بالرغم من كونها خارقة لقوله تعالى (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا )الكهف /9 فان من صفحات هذا الكون من العجائب ما يفوق قصتهم وقد ذكر ابن كثير في تفسيره لهذه الآية ما نصه:أي ليس أمرهم عجيبا في قدرتنا وسلطاننا فان خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار وتسخير القمر والكواكب وغير ذلك من الآيات العظيمة الدالة على قدرة الله تعالى وانه على ما يشاء قادر ولا يعجزه شي اعجب من أخبار أصحاب الكهف (ابن كثير،تفسير القران العظيم ،ج71/3-72دار الجيل –بيروت 1988)
ثانيا :الإشارات الطبية
حتى ينام أصحاب الكهف بصورة هادئة وصحيحة هذه المدة الطويلة من دون تعرضهم للأذى
والضرر وحتى لا يكون هذا المكان موحشا ويصبح مناسبا لمعيشتهم فقد وفر لهم الباري عز وجل
الأسباب التالية :
1-تعطيل حاسة السمع :حيث إن الصوت الخارجي يوقظ النائم وذلك في قوله تعالى
(فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا)الكهف/11 والضرب هنا التعطيل والمنع أي عطلنا
حاسة السمع عندهم مؤقتا والموجودة في الأذن والمرتبطة بالعصب القحفي الثامن .ذلك إن حاسة
السمع في الإذن هي الحاسة الوحيدة التي تعمل بصورة مستمرة في كافة الظروف وتربط الإنسان
بمحيطة الخارجي .
2-تعطيل الجهاز المنشط الشبكي (ascending reticular activating system ) :-
الموجود في الجذع الدماغ والذي يرتبط بالعصب القحفي الثامن أيضا (فرع التوازن)حيث إن هذا العصب له قسمان :الأول مسؤول عن السمع والثاني مسؤول عن التوازن في الجسم داخليا وخارجيا ولذلك قال الباري عز وجل (فضربنا على آذانهم)ولم يقل (فضربنا على سمعهم )أي إن التعطيل حصل للقسمين معا وهذا الجهاز الهام مسؤول أيضا عن حالة اليقظة والوعي وتنشيط فعاليات أجهزة الجسم المختلفة والإحساس بالمحفزات جميعا وفي حالة تعطيلية أو تخديره يدخل الإنسان في النوم العميق وتقل جميع فعالياته الحيويه وحرارة جسمه كما في حالة السبات والانقطاع عن العالم الخارجي قال تعالى (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً ) النبأ/8 والسبات هو النوم والراحه (والمسبوت)هو الميت أو المغشى عليه (راجع مختار الصحاح ص 214).فنتج عن ذلك ما يلي :
أ-المحافظة على أجهزتهم حية تعمل في الحد الأدنى من استهلاك الطاقة فتوقفت عقارب الزمن بالنسبة لهم داخل كهفهم إلا إنها بقيت دائرة خارجه (كالخلايا والانسجه التي تحافظ في درجات حرارة واطئة فتتوقف عن النمو وهي حية ).
ب-تعطيل المحفزات الداخلية التي توقظ النائم عادة بواسطة الجهاز المذكور اعلاه كالشعور بالألم أو الجوع أو العطش أو الأحلام المزعجة (الكوابيس).
3 -المحافظة على أجسامهم سليمة طبيا وصحيا وحمياتها داخليا وخارجيا والتي منها :
أ-التقليب المستمر لهم أثناء نومهم كما في قولة تعالى :-
(وَتَحْسَبُهُمْ أيقاظاً وَهُمْ رُقودٌ وَنُقلّبُهُمْ ذاتَ اليْمَين وذاتَ الشّمَالِ )الكهف/18 لئلا تآكل الأرض أجسادهم بحدوث تقرحات الفراش في جلودهم والجلطات في الأوعية الدموية والرئتين وهذا ما يوصي به الطب ألتأهيلي حديثا في معالجة المرضى فاقدي الوعي أو الذين لا يستطيعون الحركة بسبب الشلل وغيرة .
ب-تعرض أجسادهم وفناء الكهف لضياء الشمس بصورة متوازنة ومعتدلة في أول النهار وآخرة للمحافظة عليها منعاً من حصول الرطوبة والتعفن داخل الكهف في حالة كونه معتما وذلك في قولة تعالى (وَتَرَى الشَّمس إذا طَلَعتْ تَزاورُ عن كهْفِهمَ ذاتَ الْيَمين وإذا غرَبتْ تَفْرضُهُمْ ذاتَ الشِّمال )الكهف/17 والشمس ضرورية كما هو معلوم طبيا للتطهير أولا ولتقوية عظام الإنسان وأنسجته بتكوين فيتامين د(vitamin d) عن طريق الجلد ثانيا وغيرها من الفوائد ثالثا .
يقول القرطبي في تفسيره :وقيل( إذا غربت فتقرضهم ) أي يصيبهم يسير منها من قراضة الذهب والفضة أي تعطيهم الشمس اليسير من شعاعها إصلاحا لأجسادهم فالآية في ذلك بان الله تعالى آواهم إلى الكهف هذه صفته لأعلى كهف آخر يتأذون فيه بانبساط الشمس عليهم في معظم النهار والمقصود بيان حفظهم عن تطرق البلاء وتغير الأبدان والألوان إليهم والتأذي بحر أو برد (القرطبي ،الجامع لأحكام القران ،ج1 ص 369،دار الكتاب العربي –القاهرة 1967).
ج. وجود فتحة في سقف الكهف تصل فناءه بالخارج تساعد على تعريض الكهف إلى جو مثالي من التهوية ولإضاءة عن طريق تلك الفتحة ووجود الفجوة (وهي المتسع في المكان )في الكهف في قولة تعالى (وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فهُوَ الْمُهتْدى وَمَنْ يُضْلِلْ فلَنْ تَجِدْ لَهُ ولياَ مُرْشداً ) الكهف /17.
د. الحماية الخارجية بإلقاء الرهبة منهم وجعلهم في حالة غريبة جدا غير مألوفة لا هم بالموتى ولا بالإحياء (إذ يرهم الناظر كالأيقاظ يتقلبون ولا يستيقظون )بحيث إن من يطلع عليهم يهرب هلعا من مشهدهم وكان لوجود الكلب في باب فناء الكهف دور في حمايتهم لقولة تعالى (وَكلْبُهُمْ باسِط ذِراعِيْهِ بالْوَصيدِ لَوْ اطَّلعْتَ عَلْيَهمْ لَوَلَيتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلمُلِئْتَ مِنْهُمً رُعْباَ )الكهف / 18. إضافة إلى تعطيل حاسة السمع لديهم كما ذكرنا أعلاه كحماية من الأصوات الخارجية .
هـ .حمايته تعالى لأعينهم و إلقاء الرهبة منها ففي قولة تعالى (وتحسبهم أيقاظ وهم رقود )
الكهف /18،فيه إشارات علمية دقيقة جدا فقد ثبت طبياً :
1- إن العين في حالة كونها مفتوحة على الدوام ولأسباب مرضية متعددة تتعرض للمؤثرات الخارجية فتدخلها الجراثيم والأجسام الغريبة مما يؤدي إلى حدوث تقرحات القرنية (مقدمة العين)وعتمتها(corneal opacity) وبالتالي فقدان حاسة البصر .
2-والعين في حالة كونها منغلقة على الدوم يؤدي ذلك إلى ضمور العصب البصري بعدم
تعرضه للضوء الذي يمنع العين من قيامها بوظيفتها حيث إن من المعروف في علم وظائف
الأعضاء (علم الفسلجة ) إن أي عضو من الأعضاء الإنسان أو أجهزته يصاب بالضمور
والموت التدريجي آن لم تهيا له الأسباب للقيام بوظيفته (disuse atrophy) ودليل ذلك إن
المسجونين لفترات طويلة في الأماكن المظلمة يصابون بالعمى .
3-أما في حالة الطبيعية (اليقظة)فان أجفان الإنسان ترمش وتتحرك بصورة دورية لا إرادية على مقلة العين تعينها الغدد الدمعية التي تفرز السائل الدمعي النقي الذي يغسل العين ويحافظ عليها من المؤثرات الخارجية الضارة ،فهذه العملية المركبة تحافظ على سلامة العين فالله سبحانه وتعالى الذي حافظ على أجسادهم وجلودهم من التلف بالتقلب المستمر مع التعرض المناسب لضوء الشمس هو نفسه الذي حفظ عيونهم بهذه الطريقة العلمية من العمى حيث قال في محكم كتابه
(وتحسبهم أيقاظا وهم رقود)ولم يقل(وتحسبهم أمواتا وهم رقود) لان إحدى علامات اليقظة هي حركة رمش أجفانهم وقد يكون في هذا أيضا والله اعلم السر في إلقاء الرهبة في منظرهم .
في قوله تعالى :(لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعبا ) الكهف/18،فهذا الوضع الغريب والغير مألوف حيال كونهم ليسوا موتى ولا بمستيقظين ولا بنائمين نومة طبيعية (لان النائم لا ترمش عينه)هذه الهيئة جعلت الناظر إليهم يهرب فزعا ويمتلئ قلبه رعبا من منظرهم .
وخلاصة القول: إن الله تعالى هيّأ أسباب الحماية الطبيعية والطبية، فقد جعل الشمس تدخل كهفهم بصورة متوازنة وكأنها حانية عليهم ترعاهم في الصباح والمساء وقلب أجسادهم فحفظها من التلف وعطل حواسهم عن التأثر بالمحفزات الداخلية والخارجية وجعل أعينهم ترمش فحافظ عليها من العمى وجعل فوق الكهف فتحة لتغيير هواء الكهف بصورة متواصلة وحماهم كذلك من دخول أحد عليهم وغير مما لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد يكشف عنه العلم مستقبلاً.
4 ـ الكلب حيوان تجريبي :
حيث جرت عليه نفس أحوال أصحاب الكهف، وفي ذلك إشارة إلى أنه يصلح لإجراء التجارب العلمية عليه كأنموذج تجريبي في حالة القيام بأبحاث طبية مستقبلاً (كالتجارب على الجهاز المنشط الشبكي في الدماغ مثلاً) .
ثالثاً : الإشارات الفلكية :
السنة الشمسية والقمرية:
كانت مدة رقودهم في الكهف (300) سنة شمسية وتعادل (309) سنين قمرية حيث إن الفرق بينهما (11) يوماً للسنة الواحدة ولمدة (300) سنة شمسية يتراكم الفرق ليكون (9) سنوات فتصبح (309) سنوات قمرية، وذلك في قوله تعالى : (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً )" الكهف/25".
وفي هذه إشارة إلى التقويمين الشمس والقمري (الميلادي والهجري) كما ذكره معظم المفسرين قديماً وحديثاً .


[/FONT]

 
ظهور نار الحجاز من علامات الساعة

[font=me_quranr3hoq] ظهور نار الحجاز من علامات الساعة

عن أبي ذر، قال : " أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأينا ذا الحُليقة، فتعجل رجالٌ إلى المدينة، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم وبتنا معه، فلما أصبح سأل عنهم، فقالوا إلى المدينة، فقال : تعجلوا إلى المدينة والنساء، أما إنهم سيدعونها أحسن ما كانت "[1].
ووراه ابن شبة من غير ذكر : " بأرض اليمن "، ولفظه : " ليتركنها أحسن ما كانت، ليت متى تخرج نار من جبل الوراق تضيء لها أعناق الإبل ببصرى بروكاً كضوء النهار " [2].
و أخرج الطبراني، في آخر حديث لحذيفة بن أسيد : وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تقوم الساعة حتى تخرج نارٌ من رومان أو ركوبة (و هي ثنية بين مكة والمدينة ) تضيء منها أعناق الإبل ببصرى "[3]قلت : وركوبة ـ كما ـ سيأتي ـ ثنية قريبة من ورقان، ولعله المراد بجبل الوراق .
قال الحافظ ابن حجر : ورمان لم يذكرها البكري، ولعل المراد : رومة، البئر المعروفة بالمدينة[4]. وهذه النار مذكورة في الصحيحين، في حديث : " لا تقوم الساعة حتى تظهر نار بالحجاز " [5].
و لفظ البخاري : " تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى "[6].
و روى الطبراني، بسند ضعيف، عن عاصم بن عدي الأنصاري، قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثان ما قدم، فقال : أين جئت ؟ فقال : من حبس سيل، فدعوت بنعلي، فانحدرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله، سألتنا عن حبس سيل فقلنا : لا علم لنا به، وإنه مرَّ بي هذا الرجل فسألته فزعم أنَّ به أهله، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين أهلك ؟ فقلا : بحبس سيل، فقال : أخرج أهلك منها، فإنه يوشك أن تخرج منها نار تضيء أعناق الإبل ببصرى " [7].
و روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " يوشك نار تخرج من حبس سيل، تسير سير بيطيئة الإبل، تسير النهار وتقيم الليل " [8].
و ظهور النار المذكورة بالمدينة الشريفة قد اشتهر اشتهاراً بلغ حدَّ التواتر عند أهل الأخبار، وكان ظهورها لإنذار العباد بما حدث بعدها، فلهذا ظهرت على قرب مرحلةٍ من بلد النذير صلوات الله وسلامه عليه، وتقدمها زلازل مهولة، وقد قال تعالى : (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) (الاسراء:59)
، وقال تعالى : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) (الزمر:16)
ظهور النار :
و لما ظهرت النار العظيمة الآتية وصفها، وأشفق منها أهل المدينة غاية الإشفاق، التجأوا إلى نبيهم المبعوث بالرحمة، فصرفت عنهم ذات الشمال وزاحت عنهم الأوجال، وظهرت بركة تربته صلى الله عليه وسلم في أمته، ولعل الحكمة في تخصيصها بهذا المحل ـ مع ما قدمناه من كونه حضرة النذير ـ الرحمة لهذه الأمة فإنها إن ظهرت بغيره، وسلطان القهر والعظمة التي هي من آثاره قائمٌ لربما استولت على ذلك القطر ولم تجد صارفاً، فيعظم ضررها على الأمة، فظهرت بهذا المحل الشريف لحكمة الإنذار، فإذا تمت قابلتها الرحمة فجعلتها برداً وسلاماً، إلى غير ذلك من الأسرار .
و كان ابتداء الزلزلة بالمدينة الشريفة مستهل جمادى الآخرة، أو آخر جمادى الآخر، أو آخر جمادى الأول سنة أربعة وخمسين وست مئة، لكنها كانت خفيفة لم يدركها بعضهم مع تكررها بعد ذلك، واشتدت في يوم الثلاثاء على ما حكاه القطب القسطلاني . وظهرت ظهوراً عظيماً، اشترك في إدراكه العام والخاص، ثم لما كان ليلة الأربع ثالث الشهر أو رابعه، في الثلث الأخير من الليل حدث بالمدينة زلزلة عظيمة أشفق الناس منها، وانزعجت القلوب لهيبتها، واستمرت تزلزل بقية الليل، واستمرت إلى يوم الجمعة ولها دوي أعظم من الرعد، فتموج الأرض وتتحرك الجدران، حتى وقع في يوم واحد دون ليلة ثماني عشرة حركة، على ما حكاه القسطلاني .
و قال القرطبي : قد خرجت نار الحجاز بالمدينة، وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة، الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وست مئة، واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت، وظهرت بقريظة، بطرف الحرة ترى في صفة البلد العظيم، لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته، ويخرج من مجموعه ذلك مثل النهر أحمر وأزرق، له دوي كدوي الرعد، يأخذ الصخور بين يديه، وينتهي إلى محط الركب العراقي، واجتمع من ذلك ردمٌ صار كالجبل العظيم، فانتهت النار إلى قرب المدينة، ومع ذلك فكان يأتي المدينة نسيم ٌ باردٌ، وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر .
و قال لي بعض أصحابنا : رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام، وسمعت أنها رؤيت من مكة ومن جبال بصرى أهـ
و قال النووي : تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام .
و نقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب الشريف سنان قاضي المدينة الشريفة وغيره أنَّ في ليلة الأربعاء ثالثة جمادى الآخرة حدث بالمدينة في الثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة أشفقنا منها، وباتت في تلك الليلة تزلزل، ثم استمرت تزلزل كل يوم وليلة مقدار عشر مرات .
قال : والله لقد زلزلت مرة ونحن حول الحجرة فاضطرب لها المنبر إلى أن سمعنا منه صوتاً للحديد الذي فيه واضطربت قناديل الحرم الشريف (1).
زاد القاشاني : ثم في اليوم الثالث ـ وهو يوم الجمعة ـ زلزلت الأرض زلزلة عظيمة، إلى أن اضطربت منائر المسجد، وسمع لسقف المسجد صرير عظيم (2) .
قال القطب القسطلاني : فما كان يوم الجمعة نصف النهار ظهرت تلك النار، فثار من محل ظهورها في الجو دخان متراكم غشى الأفق سواده، فلما تراكمت الظلمات وأقبل الليل سطع شعاع النار، وظهرت مثل المدينة العظيمة في جهة الشرق .
قال القاضي سنان : وطلعت إلى الأمير ـ وكان عز الدين منيف بن شيحة وقلت له : قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله، فأعتق كل مماليكه، وردَّ على الناس مظالمهم زاد القاشاني : وأبطل المكس .
ثم هبط الأمير للنبي صلى الله عليه وسلم وبات في المسجد ليلة الجمعة وليلة السبت، ومعه جميع أهل المدينة حتى النساء والصغار، ولم يبق أحد في النخل إلا جاء إلى الحرم الشريف وبات الناس يتضرعون ويبكون، وأحاطوا بالحجرة الشريفة كاشفين رؤوسهم مُقرين بذنوبهم مبتهلين مستجيرين بنبهم صلى الله عليه وسلم .
و قال القطب : ولما عاين أمير المدينة ذلك أقلع عن المخالفة واعتبر، ورجع عما كان عليه من المظالم وانزجر، وأظهر التوبة والإنابة، وأعتق جميع مماليكه، وشرع في ردِّ المظالم وعزم أهل المدينة على الإقلاع عن الإصرار وارتكاب الأوزار، وفزعوا إلى التضرع والاستغفار، وهبط أميرهم من القلعة مع قاضيهم الشريف سنان وأعيان البلد، والتجأوا إلى الحجرة الشريفة، وباتوا
بالمسجد الشريف بأجمعهم حتى النساء والأطفال، فصرف الله تعالى تلك النار العظيمة ذات الشمال، ونجوا من الأهوال، فسارت تلك النار من مخرجها وسالت ببحر عظيم من النار، وأخذت في وادي أُحيليين وأهل المدينة يشاهدونها من دورهم كأنها عندهم ومالت من مخرجها إلى جهة الشمال، واستمرت مدة ثلاثة أشهر على ما ذكره المؤرخون . وذكر القطب القسطلاني في كتاب أفرده لهذه النار، وهو ممن أدركها لكنه كان بمكة فلم يشاهدها: إن ابتداءها يوم الجمعة السادس من شهر جمادى الآخرة، وأنها دامت إلى يوم الأحد السابع والعشرين من رجب، ثم خمدت ـ فجملة ما أقدمت اثنين وخمسين يوماً، لكنه ذكر بعد ذلك أنها أقامت منطفئة أياماً ثم ظهرت، قال: وهي كذلك تسكن مرة وتظهر أخرى، فهي لا يؤمن عودها وإن طفيء وقودها أهـ.
فكأن ما ذكره المؤرخون من المدة باعتبار انقطاعها بالكلية، وطالت مدتها ليشتهر أمرها فينزجر بها عامة الخلق ويشهدوا من عظمها عنوان النار التي أنذرهم بها حبيب الحق صلى الله عليه وسلم.
و ذكر القسطلاني عن من يثق به : أن أمير المدينة أرسل عدة من الفرسان إلى هذه النار للإتيان بخبرها، فلم تجسر الخيل على القرب منها، فترجل أصحابها وقربوا منها فذروا أنها ترمي بشرر كالقصر، ولم يظفروا بجلية أمرهم، فجرد عزمه للإحاطة بخبرها، فذكر أن ه وسل منها إلى قدر غلوتين بالحجر ولم يستطع أن يجاوز موقفه من حرارة الأرض وأحجار كالمسامير تحتها نار سارية ومقابلة ما يتصاعد من اللهب، فعاين ناراً كالجبال الراسيات، والتلال المجتمعة السائدات، تقذف بزبد الأحجار كالبحار المتلاطمة الأمواج، وعقد لهيبها في الأفق قتاماُ حتى ظن الظان أن الشمس والقمر كسفاً إذ سلبا بهجة الإشراق في الأفاق، ولولا كفاية الله كفتها لأكلت ما تقدم عليه من الحيوان والنبات والحجر، أهـ .
قلت : وذكر القسطلاني : إن هذه النار لم تزل مارةً على سيلها حتى اتصلت بالحرة ووادي الشظاة، وهي تسحق ما والاها، وتذيب ما لاقاها من الشجر الأخضر والحصى من قوة اللظى، وأن طرفها الشرقي أخذ بين الجبال فحالت دونه ثم وقفت، وأن طرفها الشامي وهو الذي يلي الحرم ـ اتصل بجبل يقال له : وعيرة، على قرب من شرقي جبل أحد، ومضت في الشظاة الذي في طرفه وادي حمزة رضي الله عنه، ثم استمرت حتى استقرت تجاه حرم النبي صلى الله عليه وسلم فطفئت .
و قال القسطلاني : إن ضوءها استوى على ما بطن من القيعان وظهر من التلال، حتى كأن الحرم النبوي عليه الشمس مشرقة، وجملة أماكن المدينة بأنوارها محدقة، ودام على ذلك لهبها حتى تأثرت له النيران، صار نور الشمس على الأرض تعتريه صفرة، ولونها من تصاعد الالتهاب يعتريه حمرة، والقمر كأنه قد كسف من اضمحلال نوره .
قال : وأخبرني جمع ممن توجه للزيارة على طريق المشيان أنهم شاهدوا ضوءها على ثلاثة مراحل للمجدِّ وآخرون : أنهم شاهدوا من جبال سارية .
قلت :نقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب الشريف سنان قاضي المدينة : أن هذه النار رؤيت من مكة ومن الفلاة جميعها، ورآها أهل ينبع .
قال أبو شامة : وأخبرني بعض من أثق به ممن شاهدها بالمدينة أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب .
قال أبو شامة : وظهر عندنا بدمشق أثر ذلك الكسوف من ضعف النور على الحيطان، وكنا حيارى من سبب ذلك، إلى أن بلغنا الخبر عن هذه النار .
و كل من ذكر هذه النار يقول في آخر كلامه : وعجائب هذه النار وعظمتها يكل عن وصفها البيان والأقلام، وتجل عن أن يحيط بشرحها البيان والكلام، فظهر بظهورها معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم لوقوع ما أخبر به وهي هذه النار، إذ لم تظهر من زمنه صلى الله عليه وسلم قبلها ولا بعدها نار مثلها . قلت : قد تقدم عن القرطبي أنه بلغه أنها رؤيت من جبال بصرى .
و صرح الشيخ عماد الدين ابن كثير بما يقضي أنه أضاءت من هذه النار أعناق الإبل ببصرى، فقال : أخبرني قاضي القضاة صدر الدين الحنفي قال : أخبرني والدي الشيخ صفي الدين مدرس مدرسة بصرى أنه أخبره غير واحد من الأعراب صبيحة الليلة التي ظهرت فيها هذه النار ممن كان بحاضرة بلد بصرى أنهم رأوا صفحات أعناق إبلهم في ضوء تلك النار، فقد تحقق بذلك أنها الموعودة بها، والحكمة في إنارتها بالأماكن البعيدة من هذا المظهر الشريف حصول الإنذار، ليتم به الإنزجار .
المصدر :
عن كتاب وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى تأليف نور الدين بن عبد الله السمهودي ج 2 .

[1] مسند أحمد 5/189 برجالٍ ثقات.
[2] [ تاريخ المدينة 1/280].
[3] نقلاً عن فتح الباري 80/23.
[4] [ نقلاً عن فتح الباري80/13] .
[5] [ المعجم المفهرس 3/523، البخاري : كتاب الفتن، ومسلم كتاب الفن ومسند أحمد ] .
[6] .[ فتح الباري : 13/78].
[7] [ النهاية في غريب الحديث 1/320 ].
[8] [مورد الظمآن إلى زوائد ابن حبان للهيثمي 467] وأخرج هذا الحديث أحمد بن حنبل، وأبو يعلى، من رواية رافع بن بشر السلمي عن أبيه، وقال الحافظ الهيثمي : رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح ،غير رافع، وهو ثقة، أنتهي .


[/font]

 
قصة سراقة مع النبي عند الهجرة

[font=me_quranr3hoq] قصة سراقة مع النبي عند الهجرة
لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هو و صاحبه أبو بكر في قصة الهجرة المشهورة و تبعتهم قريش بفرسانها ، أدكهم سراقة بن مالك المدلجي و كاد يمسك بهم ، فلما رآه سيدنا أبي بكر قال أُتينا يا رسول الله فقال : له النبي صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على سراقة فساخت يدا فرسه في الرمل فقال سراقة : إني أراكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا له النبي صلى الله عليه وفي رواية أن النبي صلى عليه وسلم قال لسراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى وتاجه. فلما فتحت فارس و المدائن و غنم المسلمون كنوز كسرى أتى أصحاب رسول الله بها بين يدي عمر بن الخطاب ، فأمر عمر بأن يأتوا له بسراقة و قد كان وقتها شيخاً كبيراً قد جاوز الثماني من العمر ، و كان قد مضى على وعد رسول الله له أكثر من خمسة عشر سنة فألبسه سواري كسرى و تاجه و كان رجلاً أزب أي كثير شعر الساعدين فقال له أرفع يديك وقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة الأعرابي، وقد روى ذلك عنه بن أخيه عبد الرحمن بن مالك بن جعشم وروى عنه بن عباس وجابر وسعيد بن المسيب وطاوس .
ولقد مات سراقة في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وقيل بعد عثمان .
فمن أخبر محمداً بن عبد الله هذا الإنسان الهارب من القتل بأن الله سوف يغنم أمته كنوز كيسرى وتاجه و لبسها سراقة الأعرابي .
المصدر : صحيح البخاري كتاب المناقب ـ باب علامات النبوة 3419 كنز العمال .35752.


[/font]

 
ذكر كلمة الملك في سورة يوسف

[font=me_quranr3hoq] ذكر كلمة الملك في سورة يوسف
عندما يذكر القرآن حكام مصر القدامى لا يذكرهم إلا بلقب (فرعون) وذلك في حوالي ستين آية كريمة إلا في سورة واحدة ذكر فيها حاكم مصر بلقب (ملك) وذلك في سورة يوسف ، قال تعالى : ) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ((1)، وقوله تعالى: )وقـال الـملك ائتـوني به ((2) . إنها سورة يوسف … لم يذكر فيها لقب فرعون مع أن يوسف عليه السلام عـاش في مصر … وذكرت السورة في ثلاث آيات هي ( 43 و 50 و 54 ) أن حاكم مصر كان لقبه ملكاً وليس فرعوناً فكيف هذا ؟.. بقيت هذه الآيات الثلاث إعجازاً قرآنياً، حتى فكك ( شامبليون ) حجر رشيد وتعرف على الكتابة الهيرروغلوفية في أواخر القرن التاسع عشر، فتعرف العالم على تاريخ مصر في مطلع القرن الحالي بشكل دقيق فظهرت المعجزة.
إن حياة يوسف عليه السلام في مصر كانت أيام ( الملوك الرعاة : الهكسوس ) الذين تغلبوا على جيوش الفراعنة ، وظلوا في مصر من 1730 ق.م إلى 1580 ق.م حتى أخرجهم أحمس الأول وشكل الدولة الحديثة (الإمبراطورية) .
لذلك كان القرآن العظيم دقيقاً جداً في كلماته لم يقل : قال فرعون ائتوني به ، ولم يقل : وقال فرعون إني أرى سبع بقرات سمان ، بل قال : ) وقال الملك( .
لأن يوسف عليه السلام عاش في مصر أيام ( الملوك الرعاة ) حيث تربع على مصر ملوك بدل الفراعنة الذين انحسر حكمهم إلى الصعيد وجعلوا عاصمتهم طيبة .
أليس هذه معجزة قرآنية تاريخية تشهد بدقته وصحته… وتشهد بالتـالي بنبـوة محمد بن عبدالله ؟!(3)".
ـــــــــــ
(1) سورة يوسف : الآية (43).
(2) سورة يوسف : الآيات (50) و (54).
(3) الإنسان بين العلم والدين : د. شوقي أبو خليل ، ص112.


[/font]

 
محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والأنجيل باسم " الفارقليط "

[font=me_quranr3hoq] محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والأنجيل باسم " الفارقليط "
بقلم الشيخ عبد المجيد الزنداني
قال الله تعالى : (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) (الصف:6) .
لقد ورد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في كتب النصارى في عدة أماكن ، منها ما جاء في إنجيل يوحنا(11) في قول عيسى عليه السلام وهو يخاطب أصحابه : "لكني أقول لكم إنه من الخير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي (الفارقليط)."(خ) وكلمة "المعزي" أصلها منقول عن الكلمة اليونانية (باراكلي طوس) المحرفة عن الكلمة (بيركلوطوس) التي تعني محمد أو أحمد. "إن التفاوت بين اللفظين يسير جداً ، وإن الحروف اليونانية كانت متشابهة ، وإن تصحيف "بيركلوطوس" إلى "باراكلي طوس" من الكاتب في بعض النسخ قريب من القياس ، ثم رجح أهل التثليث هذه النسخة على النسخ الأخرى."(12) جـ) وهناك إنجيل اسمه إنجيل "برنابا" استبعدته الكنيسة في عهدها القديم عام 492م بأمر من البابا جلاسيوس ، وحرّمت قراءته وصودر من كل مكان، لكن مكتبة البابا كانت تحتوي على هذا الكتاب. وشاء الله أن يظهر هذا الإنجيل على يد راهب لاتيني اسمه "فرامرينو" الذي عثر على رسائل "الإبريانوس" وفيها ذكر إنجيل برنابا يستشهد به، فدفعه حب الاستطلاع إلى البحث عن إنجيل برنابا وتوصل إلى مبتغاه عندما صار أحد المقربين إلى البابا "سكتش الخامس" فوجد في هذا الإنجيل أنه سَيُزعم أن عيسى هو ابن الله وسيبقى ذلك إلى أن يأتي محمد رسول الله فيصحح هذا الخطأ. يقول إنجيل برنابا في الباب "22": " وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله ". وقد اسلم فرامرينو وعمل على نشر هذا الإنجيل الذي حاربته الكنيسة بين الناس .[1]
ويقول مطران الموصل السابق الذي هداه الله للإسلام ، وهو البروفيسور عبد الأحد داود الآشوري (في كتابه : محمد في الكتاب المقدس)(19) : إن العبارة الشائعة عند النصارى : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وبالناس المسرة " لم تكن هكذا ، بل كانت : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض إسلام ، وللناس أحمد " هـ.[2]
وفي إنجيل متى(31) جاء ما يلي: " قال لهم يسوع(32) أما قرأتم قط في الكتب. الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية. من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره ".(ط) وهذا معناه أن الرسالة تنتقل من بني إسرائيل إلى أمة أخرى ، فيكون الرسول المبشر به من غير بني إسرائيل .[3]
____________________
[1] نقلا عن كتاب البشارات للشيخ الزنداني ص12: 14
[2] نقلا عن كتاب البشارات للشيخ الزنداني ص12: 14
[3] نقلا عن كتاب البشارات للشيخ الزنداني ص22 .


[/font]
 
أصحاب الكهف

[FONT=me_quranr3hoq] أصحاب الكهف
تحكى سورة الكهف, و هى السورة الثامنة عشر من القرآن الكريم, عن مجموعة من الفتية لجؤوا إلى أحد الكهوف للإختباء من حاكم أنكر وجود الله و مارس ألواناً من القهر و الظلم على المؤمنين, والآيات التالية توضح ذلك:
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ والرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً * إِذْ أَوَى الفِتْيَةُ إِلَى الكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوآ أَمَداً * نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًىً* وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِم إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونهِ إِلهاً لَّقَدْ قُلْنَآ إِذاً شَطَطاً * هَؤلاءِ قَوْمُنا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّولا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً * وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إلاَّ اللهَ فَأْوُوا إِلى الكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً * وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً * وتَحْسَبُهُمْ أَيقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ ونُقَلِّبُهُم ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً * وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُم قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوآ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلى المَدِينَةِ فَلْيَنْظُر أيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً * إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُم يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ في مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوآ إِذاً أَبَداً * وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوآ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَآ إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْـنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِم قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً * سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُم كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً* وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُل عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً * وَلَبِثُوا في كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً * قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَالَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ في حُكْمِهِ أَحَداً ) (الكهف: 9-26).
ووفقا للاعتقاد السائد فإن أصحاب الكهف, الذين أثنت عليهم المصادر الإسلامية و المسيحية, تعرضوا لطغيان الإمبراطور الرومانى "دقيوس". و فى محاولة من هؤلاء الفتية للتصدى لظلم "دقيوس" و طغيانه, حذروا قومهم مراراً من أن يتركوا دين الله. و لكن أمام إعراض قومهم, و اشتداد ظلم الإمبرطور و توعده لهم بالقتل, ترك الفتية مساكنهم.
تكشف السجلات التاريخية عن عدد من الأباطرة الذين مارسوا سياسة الاضطهاد والإرهاب والتعذيب في حق المؤمنين من المسيحيين الأوائل الذين كانوا متمسكين بالمعتقد المسيحي الأصلي الصافي.
و فى خطاب أرسله الحاكم الرومانى "بيلونيوس" (690-113 ميلادية) ؛ بشمال غرب الأناضول, إلى الإمبراطور "تريانيوس" ,أشار "بيلونيوس" إلى " أصحاب المسيح " الذين أوذوا لرفضهم عبادة تمثال الإمبراطور. و يعد هذا الخطاب أحد الوثائق الهامة التى تتحدث عن الظلم والقهر الذى تعرض له المسيحيون الأوائل آنذاك.
وفى ظل تلك الظروف, رفض هؤلاء الفتية الخضوع لهذا النظام الكافر, و عبادة الإمبراطور إلهاً من دون الله (... فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَّقَد قُلْنَا إِذاً شَطَطاً * هَؤُلآءِ قَومُنا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّولا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً ) (الكهف: 14-15).
أما بالنسبة للمكان الذي كان يعيش فيه أصحاب الكهف, فإن الآراء تتعدد وتتباين, ولكن أكثر هذه الآراء اعتدالاً هو مدينتى "إفسوس" و "طرسوس". ويمن القول أن جميع المصادر المسيحية على وجه التقريب تعتبر مدينة "إفسوس" هى مكان الكهف الذى التجأ إليه هؤلاء الفتية المؤمنين. و يتفق بعض الباحثين المسلمين و مفسريالقرآن الكريم مع المسيحيين على أن "إفسوس" هى المكان, كما أوضح آخرون بشىء من التفصيل أن مكان الكهف ليس "إفسوس" و عليه فقد حاولوا أن يثبتوا أن الحدث وقع فى مدينة "طرسوس." و فى هذا البحث سنتناول كلتا المدينتين بالدراسة و مع هذا, فإن هؤلاء الباحثين و المفسرين جميعهم, بما فيهم المسيحيون, أتفقواأن الحدث وقع فى عهد الإمبراطور الرومانى "دِقيوس", ويقال له ايضاُ "دِقيانوس", و كان ذلك فى حوالى عام 250 ميلادية .
و يعتبر "دقيوس", إلى جانب "نيرو", هو الإمبراطور الرومانى الذى نكل بالمسيحيين تنكيلاً شديداً. و أثناء فترة حكمه القصيرة, أجبر "دِقيوس" كل من يخضع لحكمه أن يقدم القرابين للآلهة , بل و أن يأتى بما يثبت أنه فعل ذلك و يعرضه على كبار الدولة. ومن لم يستجب منهم, كان يأمر بقتله.
تنص المصادر المسيحية على أن الغالبية العظمى من المسيحيين رفضوا ممارسة تلك الأفعال الوثنية , وهموا بالفرار من مدينة إلى أخرى, أو الإختباء فى أماكن نائية. و من المرجح أن أصحاب الكهف كانوا من ضمن هؤلاء المسيحيون الأوائل.
و فى الوقت نفسه لابد هنا من التأكيد على نقطة هامة وهى أن تلك الأحداث نقلها لنا بعض مؤرخى المسلمين و المسيحيين بما يشبه الحكاية , و تحولت بعد ذلك إلى أسطورة نتيجة لما أضيف إليه من أكاذيب و إشاعات , و لكن رغم كل ذلك فإن الحدث يعد واقعة تاريخية .
هل كان أصحاب الكهف فى "إفسوس"؟
[color=**********]و فيما يتعلق بالمدينة التى عاش فيها الفتية و الكهف الذى أووا إليه, فتشير المصادر إلى عدة أماكن . ويرجع ذلك إلى سببين :
الأول:رغبة الناس فى الاعتقاد بأن مثل هؤلاء الفتية الشجعان كانوا يعيشون فى مدينتهم. و الثاني : الشبه الكبير بين الكهوف فى تلك المنطقة ؛حيث أنه فى جميع الأماكن تقريباً, يوجد مكان للعبادة يقال انه بُنى فوق الكهوف.
و كما هو معروف فإن المسيحيون اتفقوا على أن تكون "إفسوس" هى المكان المقدس؛ حيث يوجد في تلك المدينة منزلاً يُقال إنه للسيدة مريم العذراء, وقد أصبح فيما بعد كنيسة. لذلك فإنه من المرجح أن يكون أصحاب الكهف قد أقاموا فى واحد من تلك الأماكن المقدسة . علاوة على ذلك, فإن بعض المصادر المسيحية تؤكد أن "إفسوس"هىالمكان.
و يعد القديس السورى "جيمز" (وُلد452ميلادية) أقدم المصادر فى ذلك الصدد, و استشهد "جيبون" المؤرخ الشهير فى كتابه " تدهور و سقوط الدولة الرومانية" بالكثير من دراسة "جيمز". ووفقاً لما جاء في هذا الكتاب, فإن الإمبراطور الذى عذَب الفتية السبعةالمسيحيين المؤمنين هو "دِقيوس" . و قد حكم "دقيوس" الإمبراطورية الرومانية فى الفترة ما بين 249 و 251 ميلادية .واشتهرت فترة حكمه بألوان العذاب التى مارسها ضد أتباع النبي عيسى عليه السلام.
ويرى المفسرون المسلمون أن المكان الذى وقع فيه الحدث هو إما "أفسوس" أو "أفسُس", فى حين يرى "جيبون" أنه "إفسوس." و لأن تلك المدينة تقع على الساحل الغربى لبلاد الأناضول, فإنها تعد من أكبر موانى ومدن الإمبراطورية الرومانية. و اليوم يُعرف حطام تلك المدينة باسم"مدينة إفسوس العتيقة"
و يرى الباحثون المسلمون أن الإمبراطور الذى كان يحكم البلاد فى الفترة التى قام فيه أصحاب الكهف من رقدتهم اسمه "تيزوسيوس", فى حين يرى "جيبون" أن اسمه "ثيودسيوس الثانى" و قد حكم هذا الإمبراطور البلاد فى الفترة من 408 إلى 450 ميلادية بعدما دانت الإمبراطورية الرومانية بالمسيحية.
و في بعض التفسيرات المتعلقة بالآية التالية, قيل أن باب الكهف كان من نحو الشمال, وعليه فإن ضوء الشمس كان لا يصل إلى الداخل , ولهذا فإن من يمر على الكهف كان لا يستطيع أن يرى ما بداخله, و الآية توضح هذا المعنى :
( وَتَرى الشَّمْسَ إذا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِم ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرشِداً ) (الكهف: 17).

و أشار عالم الآثار دكتور "موسى باران" فى كتابه "إفسوس" إلى مدينة "إفسوس" باعتبارها المكان الذى كان يعيش فيه مجموعة الفتية , و أضاف قائلاً
"فى عام 250 ميلادية, كان يعيش سبعة فتية فى "إفسوس" وقد اختاروا المسيحية ديناً لهم و تركوا عبادة الأوثان, وفيما هم يبحثون عن مكان للهروب بدينهم, عثروا على كهف بالمنحدر الشرقى لجبل "بيون". و قد رأى ذلك جنود الرومان فبنوا حائطاً ليسدوا به مدخل الكهف"[1]
واليوم يشاهد العديد من المباني الدينية وقد بنيت فوق هذه الحجارة والقبور، أظهرت الحفريات التي قام بها المعهد الاسترالي الأثري عام 1926 أن الآثار التي ظهرت على سفح جبل بيون تعود إلى بناء تم تشييده تكريماً لأصحاب الكهف في منتصف القرن السابع (خلال حكم ثيودوسيوس الثاني)[2].
هل أصحاب الكهف فى طرسوس؟

و المكان الثانى الذى أُشير إليه باعتباره المكان الذى عاش فيه أصحاب الكهف هو مدينة "طرسوس." و بالفعل فإن هناك كهفاً شديد الشبه بذلك الذى و صفه القرآن الكريم , و يقع على جبل يُعرف باسم "إنسيلوس" أو "بنسيلوس" بشمال غرب "طرسوس." و فكرة أن تكون مدينة "طرسوس" هى المكان الصحيح كان رأى علماء المسلمين.
و قد حدد "الطبرى" , و هو واحد من أهم مفسرى القرآن الكريم, اسم الجبل الذى يوجد به الكهف على أنه "بينسيلوس" و ذلك فى كتابه "تاريخ الأمم"و أضاف أن الجبل فى "طرسوس, و قال أيضاً "محمد أمين", وهو من أشهر مفسرى القرآن, أن الجبل كان اسمه "بنسيلوس" و أنه فى "طرسوس". و يمكن أن تنطق "بنسيلوس" على أنها "إنسيلوس", و فى رأيه أن الاختلاف بين الكلمتين يرجع إلى اختلاف نطق حرف "الباء", أو لفقدان حرف من الكلمة الأصلية و هو ما يُعرف "بالنحت التاريخى للكلمة".
و أوضح "فخر الدين الرازى"(3), وهو أيضاً من أشهر علماء القرآن الكريم, أنه بالرغم من أن المكان يُطلق عليه "إفسوس", فإن القصد هو "طرسوس" لأن "إفسوس" ما هى إلا مسمى آخر لمدينة "طرسوس." بالإضافة إلى ذلك, فإنه فى شروح كل من: القاضى البيضاوى والناصفى و تفسير الجلالين و التبيان (4)و تفسير العاملي والناصوحى بيلمين وغيرهم من العلماء, تم تحديد المكانعلى أنه "طرسوس." هذا إلى جانب أن كل هؤلاء المفسرين فسروا قوله تعالى: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً * وتَحْسَبُهُمْ أَيقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ ونُقَلِّبُهُم ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً )(الآية 17)بقولهم أن مدخل الكهف كان من نحو الشمال(4) .
وكذلك كان مُقام أصحاب الكهف موضعاً للاهتمام أيام الخلافة العثمانية, وقد أُجريت بعض الأبحاث بهذا الشأن. و تمت بعض المراسلات و تبادل المعلومات حول هذا الموضوع فى مخازن السجلات العثمانية برئاسة الوزراء؛ فعلى سبيل المثال, أشتمل خطاب بعثته إدارة "طرسوس" المحلية إلى رئيس خزانة الدولة العثمانية على طلباً رسمياُ بإعطاء مرتبات لهؤلاء المسؤولين عن تنظيف "الكهف" و الحفاظ عليه. ونص الرد على أنه لكى تُخَصص مرتبات لهؤلاء الأشخاص, لابد من التأكد أن هذا المكان هو بالفعل المكان الذى أقام به أصحاب الكهف. و البحث الذى أُجرى بهذا الصدد قد ساعد كثيراً فى تحديد المكان الحقيقى للكهف. و بعد التحقيقات التى أجراها المجلس القومى تم إعداد تقرير ينص علىالآتى:
"إلى الشمال من مدينة طرسوس, فى بلدة "عَدَنة", يوجد كهفاً على جبل يبعد ساعتين عن المدينة و مدخله يتجه ناحية الشمال كما أخبر القرآن الكريم"
و كثُيراً ما كانت المناظرات حول هوية أصحاب الكهف و أين و متى كانوا يعيشون حافزاً للسلطات لكى تجرى المزيد من البحوث بهذا الشأن. و برغم التعليقات العديدة, فإن أياً من هذه التعليقات لا يعتبر أكيداً؛ ولذلك فإن أسئلة مثل: "فى أى فترة عاش هؤلاء الفتية المؤمنون" و "أين الكهف الذى أخبرنا عنه القرآن الكريم" ظلت دون إجابة واضحة.
المصدر:
Perished nations r . Harun yahyaمترجم عن كتاب
قام بالترجمة من الإنكليزية إلى العربية الأخت الكريمة مي أحمدمن مصر.


المراجع :
1 نقلاً عن كتاب الأمم البائدة للداعية التركي هارون يحيى .
2 موسى باران، إيفس الصفحة 23-24 .
3ماسنيون، أوبرا مينورا، المجلد الثالث، الصفحات 104-108
4تفسير روح المعاني للفخر الرازي .
من تفسير القاضى,و البيضاوى,و الناصفى,و الجلالين,و التبيان

[/FONT]
[FONT=me_quranr3hoq]
[/FONT]
[/color]
 
العداوة بين المسيحيين النصارى في القرآن

[font=me_quranr3hoq] العداوة بين المسيحيين النصارى في القرآن
- محاكم التفتيش
(1) قال الله تبارك وتعالـى : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيـمٍ) (مريـم:37).
(2) قال تبارك وتعالى : (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:14) .

التفـسـيـر :
تبين الآية الأولى أن المسيحيين انقسموا أحزاباً . بعض هذه الأحزاب على حق وبعضها الآخر على ضلال .
و تبين الآية الثانية شيئين :
أولهما : أن فريقاً من المسيحيين قد نسي كثيراً من تعاليم دينهم مما كان سبباً في أن أصبح بعضهم لبعض عدواً .
و ثانيها : أن هذه العداوة لن تزول ولكنها ستستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
تطابق الحقائق :
ولكي ترى عظمة هاتين الآيتين في مجال حقائق التاريخ يجب علينا أن نتتبع سيرة المسيحية من بدء ظهورها حتى الآن وسنجد حينئذ أن هذا التاريخ لم يحِد يوماً عن منطوق هاتين الآيتين بل سار على نهجهما وتَرَسَم خطاهما فقد بدأت النصرانية في فلسطين واحتكت أول الأمر باليهودية التي اضطهدت دعاتها فرحل بعضهم إلى الإسكندرية ورحل آخرون إلى روما ؟
وقد أخذت المسيحية تنتشر في الإمبراطورية الرومانية انتشاراً سريعاً وأخذ الأباطرة في بادئ الأمر يضطهدون معتنقيها لأنها بدعوتها إلى عبادة الله كانت تحرم الرق الذي كان عماد النظام الاقتصادي الروماني، وكذلك كانت تدعو إلى المساواة في مجتمع ساده نظام الطبقات والإغريق في طلب الثروة والجاه، ولكن الاضطهاد لم يزد المسيحية إلا انتشاراً وقوة حتى أصبح عدد المسيحيين أكثر من الوثنيين فجعلها ( قسطنطين ) دين الدولة الرسمي.
ولما تولى( ثيودوسيوس ) أخذ يحارب الوثنية فأغلق معابدها وجعل الناس يُعَمَدّون قسراً، ومع ذلك فلم يلبث المسيحيون أن انقسموا فرقاً اشتد الخلاف بينها اشتداداً صحبه اضطراب في الأمن مما اضطر الأباطرة إلى التدخل بينها ومناصرة بعضها عل البعض الآخر وانقسموا إلى ثلاثة فرق : الملكانية والنسطورية واليعاقبة .
و الملكانيون هم اتباع أريوس الذي قال بأن المسيح مخلوق وليس مولوداً من الأب ولذا لا يساويه في الجوهر .
أما النسطوريون وهم أتباع نسطور فقد قالوا إن للمسيح طبيعتين إحدهما إلهية والثانية بشرية، فهو بالأولى ابن الله وبالثانية ابن مريم.
وإلى ذلك يشير القرآن بقوله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (التوبة:30)، ويعني القرآن الكريم بهذا أنهم قلدوا الديانات الوثنية القديمة في هذه العقيدة مثل( الزردشتية والبراهمية والهندستانية والبوذية والرومانية والمصرية ).
فقد كان المصريين يعتقدون أن ( حوريس ) ولد من الإله الأعظم ( أوزوريس ) والعذراء ( ايزس ) . كما أن الرومان كانوا يعتقدون أن الإله ( جوبيتر) أنجب( بريسيوس ) من العذراء ( داناي ) وأنجب ( ديونيسيس ) من العذراء ( سيميل ) وأنجب (هرقل ) من العذراء ( ألكمين ) . أما في الهند فقد ولد كيرشنا في كهف بينما كانت أمه العذراء وخطيبها هاربين من غضب الملك .
و قد بلغ من تأثر المسيحية بالديانات المجوسية في هذه العقيدة أن تاريخ ولادة المسيح غُير مراراً إلى إن استقر يوم 25 ديسمبر وهو اليوم الذي كان المصريون يحتفلون فيه بمولد مخلصهم (حورس )، وهو نفس اليوم الذي كان الفرس يحتفلون فيه بميلاد (متزا)، كما كان هذا اليوم أحد الأعياد الدينية المماثلة في الدولة الرومانية وتخالف الكنيسة الشرقية الكنيسة الغربية في ذلك فتجعل يوم ميلاد المسيح اليوم السابع من يناير .
أما الحزب الثالث وهو حزب اليعاقبة فيعتقدون أن المسيح هو الله نزل إلى الأرض، وإلى ذلك يشير القرآن الكريم في سورة المائدة بالآية التاسعة عشرة التي تقول :
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ
وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ
إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72) .
وليت الأمر اقتصر على هذا الانقسام، بل أن الخلاف أخذ يزداد اتساعا ًوتعدداً كلما تقدمت الأيام، ففي القرن الحادي عشر انقسمت الكنيسة إلى فرعين : الكنيسة الغربية والكنيسة الشرقية ثم أخذ الخلاف يتسع ويتشعب وأخذت الفرق تتوالد فتنشأ منها فرق جديدة وأحزاب جديدة رغماً من الجهود العديدة التي بذلت لتوحيد الكنيسة .
أسباب الانقسام
بنيت المسيحية على دعائم أربع :
1. الإيمان بالله .
2 . الزهد .
3 . الحب والتراحم .
4 . التسامح المطلق وعدم الاعتداء حتى حين يكون دفعاً لشر .
هذه هي المبادئ الأربعة التي جاءت بها المسيحية، فقد جاءت بوحدانية خالصة وإيمان مطلق حتى كان المسيح عليه السلام إذا دعا لمريض بالشفاء قال له بعد أن يبرأ :
( شقاك إيمانك ) .
غير أن اختلاط المسيحية بالوثنية أدخل فيها مبدأ تقديس الأشخاص والأشياء، فوجد من بين المسيحيين من ينادي بألوهية المسيح، وأباح الكاثوليك منهم عبادة القديسين والصور ويشير القرآن الكريم إلى ذلك في سوري التوبة إذ يقول:
(اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31).
وما صكوك الغفران التي يمنحها البابا للعصاة فتغفر ذنوبهم إلا أثر من آثار هذا التقديس الذي ورثته المسيحية عن الوثنية .
وبذلك يكون قد اختل أول ركن من أركان المسيحية من أساسه وهو إيمانهم بالله .
أما الزهد في المسيحية فحدث عنه ولا حرج، إذ كان يفترش الغبراء ويلتحف السماء ويتخذ القمر له مصباحاً، ومع ذلك كان يقول : من أغنى مني ؟
لم يكن له مسكن يأوي إليه، ويظهر ذلك من رده على شخص قال له :
(يا سيد أتبك أين تمضي )
فقال له :
(للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار وأما ابن الإنسان فليس له مكان يسند رأسه ).
كما أنه ضرب المثل الأعلى في الصوم فواصل الصوم أربعين يوماً لم يذق فيها طعاماً .
كان يشترط فيمن يتبعه أن يتجرد من الدنيا كتجرده فيترك كل شيء وراءه، ويظهر ذلك من قوله لأحد من تقدم غليه :
( إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني .) .
و أقوال عيسى عليه السلام في السلام وفي الحث على الزهد كثيرة أهمها ما ورد في صلاة المسيحيين الرئيسية: ( خبزنا كفافنا أعطنا كل يوم )
ويحذر الناس من الاكتناز بقوله : ( لا تكتنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون بل اكتنزوا لكم كنوزاً في السماء). ويحذرهم من المال بقوله : ( لا بقدر أحدكم أن يخدم سيدين . لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحقر الآخر . لا تقدرون أن تخدموا الله والمال لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون ) .
ويبغضهم في الغنى بقوله : (الحق أقول لكم أنه يعسر أن يدخل غني ملكوت السماوات، وأقول لكم إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله ).
هذه نظرة المسيحية في الحياة نظرة احتقار للمادة وبعد عن النعيم والترف وتحذر من المال لأنه العدو الأكبر للإنسان، ولكن هذا الركن من أركان المسيحية ما لبث أن انهار هو أيضاً فقد انصرف دعاة المسيحية عن الشؤون الدينية وانغمسوا في أعمال السياسة والحرب وتناسوا أقوال المسيح عليه السلام
( أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله )
فنازعوا الملوك ممالكهم وسيادتهم وتحايلوا على اصطياد المال بكل طريق وما كانت تحصل عليه من أملاكها الواسعة كان الباباوات يجمعون المال بأساليب شتى كبيع الوظائف الدينية وحل عقود الزواج وبيع صكوك الغفران . يشير القرآن إلى ذلك حيث يقول في سورة التوبة
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة:34) .
وقد أخذ الجزء الأكبر من إيراد الكنيسة يتسرب إلى جيوب الأساقفة ورؤساء الأديرة الذين ألقوا عبء القيام بأعمالهم الدينية على عاتق صغار القساوسة نظير أجور بخسة وقد تأثرت الكنيسة بأسرها مساوئ رعاتها حتى أن الأديرة التي نشأت فيما مضى لقمع الشهوة الدنيوية ونشر الهدى والصلاح قد تحولت إلى بؤرٍ للفساد والجهل وانتقل الفساد من رجال الدين على المجتمع بصورة أعم .
أما المبدأ الثالث الذي امتازت به دعوة المسيحية وهو الحب والتراحم الذي يتمثل في أعلى درجاته في قول المسيح عليه السلام :
( أحبوا أعداءكم . باركوا لاعنيكم . أحسنوا إلى من أساء إليكم )
فقد تلاشى كذلك نتيجة لتعلقهم بالمادة وتكالبهم عليها وانعدام الصلة بينهم وبين الله.
وكذلك نسي المسيحيون ما دعا إليه المسيح عليه السلام من عدم الاعتداء والتسامح المطلق بقوله : ( من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر ومن سلبك قميصك فأعطه رداءك ) .
نسوه لأنهم كلما انغمسوا في المادة باعدت بينهم وبين الله فتعلقوا باللذات وغمرتهم الشهوات وكثرت بينهم الإحن وقادهم التكالب على الدنيا إلى الحروب والاعتداءات.
العداوة بينهم وازديادها على مر الأيام :
اختلف المسيحيون أول ما اختلفوا على شخصية المسيح فنشأت بينهم أحزاب مختلفة لم يقتصر الخلاف بينها على خلاف في النظريات والعقائد والطقوس بل تعداه إلى فتن دموية قامت بين تلك الطوائف، ومن أمثال تلك الفظائع التي تقشعر منها الأبدان ما ارتكبه الرومان مع أقباط مصر، فقد كان الرومان على المذهب الملكاني والمصريون معظمهم من اليعاقبة وعقب استرداد هرقل لمصر من الفرس حاول أن يوفق بين المذهبين فأبى القبط ذلك فلجأ الرومان إلى القوة وكان جزاء من يرفض تغيير عقيدته أن يجلد أو يضرب أو يلقى في السجن حتى يلقى حتفه وكان القساوسة من القبط يقتلون أو يشردون .
أما بطرقهم بنيامين فقد اختفى وطلبه الرومان فلم يعثرا له على أثر . وقد استمر هذا الإرهاب عشر سنين فتن فيها الناس عن عقيدتهم وأخذ الباقون يظهرون غير ما يبطنون تفادياً للعقاب ونستطيع أن نتصور ما كان في قلوب الفريقين من حقد إذا نحن تأملنا قليلاً هذه الحادثة التي يرويها التاريخ فقد ذكر المؤرخون أن الروم حينما اتفقوا مع المسلمين على تسليم حصن بابليون أعطاهم المسلمون مهلة ثلاثة أيام لإخلاء الحصن وكان آخر أيامهم في ذلك اليوم هو يوم عيد الفصح ولكن نكبتهم هذه وحرمة ذلك اليوم لم تمنعهم من إرواء غليلهم والتنكيل بأسرى الأقباط الذين سجنوهم من قبل في الحصن فسحبوهم من سجونهم وضربوهم بالسياط وقطَّع الجند أيدهم ؟
فأي فظاعة أشد من هذه الفظاعة وأي قسوة أبلغ من هذه القسوة وهل ذلك كان نتيجة أتباع دين نبي كان يدعوا إلى الحب والتراحم والتسامح ؟ .
و ليت الأمر اقتصر على مصر فقط ، بل إن أباطرة الدولة الرومانية الشرقية اضطهدوا النسطوريين أيضاً في آسيا الصغرى والشام وفلسطين مما كان سبباً في التجاء علمائهم إلى العراق وفارس .
و تظهر البغضاء الكامنة في قلوب المسيحيين بعضهم لبعض بوضوح في أيام الحروب الصليبية فعلى الرغم من وحدة غرضهم وهو القضاء على المسلمين وعلى الرغم من موجة التحمس الديني التي سادت أوروبا في ذلك الوقت فان سيرتها من أولها إلى آجرها تدل على انعدام الإخلاص وأول مظهر يدل على ذلك هو تغرير إمبراطور القسطنطينية بحملة بطرس الناسك وعمله على التخلص منها لما كانت تتطلبه من تموينات وما كان سيلازم بقاء ثلاثمائة ألف محارب من اختلال في الأمن في عاصمة ملكه فسهل لهم العبور إلى الضفة الأخرى من البسفور فكانوا لقمة سائغة ابتلعها السلجوقيون بدون مشقة إذ أبادوا الحملة عن آخرها . فبما نفسر عمل الإمبراطور الذي أخذ يستغيث بمسيحيي أوربا لإنقاذه من السلاجقة حتى إذا هبوا لنجدته عمل إلى التخلص منهم.
و من أظهر الأمثلة على انعدام الإخلاص بين المسيحيين بعضهم مع بعض قصة الحروب الصليبية الثالثة فقد أدى الخلاف بين ريتشارد قلب السد ملك إنجلترا وبين فيليب أغسطس ملك فرنسا إلى عودة ملك فرنسا إلى بلاده وترك ريتشارد وحيداً ليحارب صلاح الدين وزاد الطين بلة أن فيليب اخذ يدس الدسائس لريتشارد بالاستعانة ببعض ملوك أوربا كما أخذ أخوا ريتشارد في إنجلترا يعمل على اغتصاب العرش منه وكان من جراء ذلك أن حرم ريتشارد ثمن انتصاراته واضطر إلى العودة وإلى عقد صلح مع صلاح الدين .
وليت الأمر اقتصر على هذا فان هذا الفارس الصليبي المغوار الذي أحرز انتصارات عظيمة في الشرق لقي من المسيحيين جزاء سنمار . فبدلاً من أن يحتفلوا به ويكرموه كبطل من أبطالهم قبضوا عليه وسجنوه .
و لقد كانت حركة الإصلاح الديني فيما بين القرن الخامس عشر والسابع عشر أعنف حركة دينية شهدها التاريخ فقد أدت الخلافات الدينية إلى مشاحنات ومطاحنات واضطهادات كانت أشد ما عرف من نوعها في تاريخ الأديان ولكي نرى مبلغ ما أثاره من عداوة يجب أن نستعرض أهم مظاهرها وهي :
(1) حرب الثلاثين عاماً وقد استمرت من 1618 على 1648 وكان تأثيرها في ألمانيا تأثيراً سيئاً إذ ظلت ميداناً للحرب فريسة للنهب مدة ثلاثين سنة هلك فيها نصف سكانها تقريباً واندثرت فيها معالم الصناعة والتجارة والفنون .
(2) اضطهاد هيجونوت فرنسا :
كان بروتستانت فرنسا يدعون الهيجونوت وكانوا أقلية ضئيلة في وسط أغلبية كاثوليكية عظيمة ولذلك كان تاريخهم فيها حافلاً بالاضطهادات والحروب والمذابح التي من أشهرها ( سان برثلميوا) في 24 أغسطس سنة 1572 إذ بينما كان (كوليني ) زعيم الهيحونوت وأحد وزراء الملك شارل التاسع في ذلك الوقت ماراً أطلق عليه رجل الرصاص فأصابه إصابة غير قاتلة فعزم الملك على الانتقام فخاف الكاثوليك عاقبة التحقيق وانفضاح أمرهم فبيتوا يوم ( عيد القديس _ ثلميو) مذبحة هائلة ووضعوا علامات على بيوت الهيجونوت وانتقل الخبر من باريس إلى الأقاليم فقلدوها وكانت النتيجة أن قتل من الهيجونوت ألفا نفس في باريس وثمانية آلاف في الأقاليم وحينما تولى رشيليو مقاليد الأمور في فرنسا عمل على إخضاع الهيجوند وكانوا إذ ذاك يقيمون في مدن محصنة فاستلزم إخضاعهم حروباً طويلة الأمد.
(3) محاكم التفتيش :
و هي محاكم لم ير التاريخ لها مثيلاً كان شعارها القسوة التي لا رحمة فيها والاضطهاد الذي لا هوادة فيه لأعداء الكاثوليك وكانت تستمد سلطتها من البابا مباشرة ولا دخل للحكومات في تصرفاتها اللهم إلا القيام بتنفيذ أحكامها . كانت جسامتها سرية وكانت تتجسس بكل الطرق وتقبض على من تشاء وتعذب المقبوض عليهم بما تراه حتى تكرهم على الاعتراف بإلحاد وحينئذ توقع عليهم عقوبة الإحراق أو السجن المؤبد ومصادرة الأملاك حتى التائبون منهم يسجنون طول حياتهم تطهيراً لهم من جريمة الإلحاد وكانت هذه المحاكم تراقب المطبوعات وتحرق ما لا يتفق منها مع المذهب الكاثوليكي . ويذكر التاريخ هذه المحاكم كأعظم نقطة سوداء في تاريخ المسيحية لما أجرته على الشعوب البريئة من الويلات .
(4) مجلس الدم :
لما كثر في سكان الأرض المنخفضة مذهب كلفن أشتد شارل في معاملتهم وأقام محاكم التفتيش بها فأحرقت عدداً من البروتستانت ولما خلفه ابنه فليب الثاني ملك أسبانيا استمر في سياسة الاضطهاد وأخذت الجنود تتحرش بالأهالي فقامت الثورة وأنقض الناس على الكنائس الكاثوليكية وكسروا ما فيها من تماثيل وصور فما كان من فليب إلا أن أرسل (دوق الفا ) على رأس جيش عظيم من الأسبان لمعاقبة الثور فكون المجلس المعروف بمجلس الدم لكثرة ما اهرقه من الدماء وقد اقترف ( الفا ) من الفظائع ما يندر وجود مثله في التاريخ .
القرن الماضي من هذا القرن حدثت في أوربا وحدها الحروب التالية :
(1) الحرب العالمية الأولى .
(2) الحرب الأسبانية الأهلية .
(3) الحرب اليونانية الإيطالية .
(4) الحرب العالمية الثانية .
(5) الحرب الروسية الفنلندية .
أما الحروب التي حدثت بين المسيحيين في غير أوربا فأهما الحروب التي كانت تنشب من حين لآخر بين جمهوريات أمريكا الجنوبية وأهمها :
(1) الحرب بين البرازيل والأرجنتين 1851 1852م.
(2) الحرب بين باراجوي وبولفيا 1922 1925م.
(3) الحرب بين باراجواي والبرازيل وأرجواى 1864 1870 م
(4) الحرب بين شيلي من جهة وبين بوليفيا وبيرو1879 1883 م .
(5) الحرب بين بيرو وكولومبيا 1932 1934 م .
(6) الحرب بين جواتمالا من جهة والسلفادور وهندوراس وكوستاركا من جهة أخرى 1906م.
(7) الحرب بين نيكارجوا وهوندوراس 1907م .
كذلك الحرب بين أمريكا والمكسيك 1846م 1848م .
و لو أنك أردت أن تتخذ القرن التاسع مقياساً نقيس به مقدار ما يكنه المسيحيون بعضهم لبعض من عداوة كما دل عليه القرآن الكريم لوجدت فيه من الحروب والثورات ما يصعب تتبعه وحصره وأبرز حروب هذا القرن الحروب النابليونية التي شملت أوربا كلها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى شمال أوربا كلها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب ولو أمك رجعت إلى ما سبقه من القرون لوجدت أن تاريخ معظم المسيحيين مخضب بالدماء لا أثر للسلم أو التسامح فيه ومن حروبهم المشهورة حرب السنين السبع التي امتدت من سنة 1756 إلى سنة 1763 م هي حرب من سلسلة الحروب التي كثرت في القرن الثامن عشر ومما يستحق الإشارة إليه أيضاً من تلك الحروب حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا التي ابتدأت سنة 1338 واستمرت مستعرة ما يزيد على قرن من الزمان .
المصدر:
كتاب القرآن والعلم تأليف أحمد محمد سليمان دار العودة بيروت .


[/font]
 
المصائب التي حلت بفرعون وقومه

[FONT=me_quranR3HOQ] المصائب التي حلت بفرعون وقومه
قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )[سورة الأعراف : 13].
وقال الله تعالى : (وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ {132} فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ)[سورة الأعراف].
لقد أرسل الله سبحانه وتعالى نبي الله موسى عليه السلام إلى فرعون وقومه فكان ردهم الاستهزاء قال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {46} فَلَمَّا جَاءهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ {47} ) [سورة الزخرف ].
وقال الله تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ {103})[سورة الأعراف].
وقال الله تعالى : (وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ {132})[سورة الأعراف ].
وبسبب موقف بني فرعون وقومه المتكبر " المتغطرس " أرسل الله عليهم البلاء الذي وصف بالآية
(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ)[سورة الأعراف].

بشكل واضح ودقيق لكي يعاقبهم بسبب تكبرهم وأول هذه العقوبات كان القحط لقد كان كنتيجة لذلك محل في المحاصيل كما دلت الآية القرآنية .
(وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )[سورة الأعراف : 13].
الإعجاز الغيبي :
لقد أخبر القرآن الكريم عن كوارث حلت بمصر في حقبة من تاريخ من تاريخ البشرية في زمن المملكة الوسطى في مصر وعن أسباب هذه الكوارث بشيء من التفصيل قبل أكثر من 1400سنة فقد كانت الحضارة الفرعونية مندثرة ومدفونة تحت طبقات من الرمان الصحراوية في وادي الملوك بمصر عند مبعثه صلى الله عليه وسلم ولم تسمع بها قريش ولا حتى أهل مصر أنفسهم، لم يكونوا يعرفوا شيئاً عن تفاصيلها إلا بعض الأساطير والأخبار المغلوطة وبعض الإشارات الغامضة في التوراة والتي كان الكثير منها مليئاً الأخطاء التاريخية، ولم تتمكن البشرية من اكتشاف أسرار الحضارة الفرعون إلا في مطلع القرن الثامن عشر عند وصول الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون والذي أصطحب معه عالم الآثار الشهير شامبليون الذي أكتشف حجر رشيد والذي تم من خلاله فك رموز الكتابة الفرعونية .
أما الكوارث التي حلت بمصر لم تكتشف إلا في عام 1909 عندما عثر علماء الآثار على كتاب من ورق البردي دون عليه أحد رجال قصر فرعون النكبات التي حلت بمصر في عصر المملكة الوسطى ولقد تم الاحتفاظ بهذا المخطوط الهام في متحف " ليدن " في هولندا ولقد قام بترجمه الباحث والخبير في تاريخ مصر القديمة أ. هـ كاردنير (A.H.Gardiner).

وإليكم بعض عبارات من لوح البردي بعد ترجمته:
الوباء في كل أنحاء الأرض، الدم في كل مكان (205)
النهر هو كالدم (1)
نتيجة للهلاك الذي حل البارحة لقد استلقى الناس متعبين مثل الكتان المقطع (2)
إن مصر الدنيا تبكي، القصر بكامله دون موارده التي كان ترده من القمح والشعير والأوز والسمك (3)
المغفرة لقد هلكت البذور في كل جانب (4)
إن الارتباك والضجة المخيفة امتدت في كل الأرض لم يكن هناك خروج من القصر ولم يستطع أحد رؤية وجه رفيقه لمدة تسعة أيام لقد تدمرت البلدان بالمد المحتوم لقد عانت مصر العليا من الخراب .. الدم في كل مكان وكان ينتشر الطاعون في جميع أنحاء البلاد لا أحد حقاً سيبحر إلى بيبلوس اليوم ماذا سنفعل من أجل الأوز من أجل موميائنا ؟ لقد نضب الذهب (5)
لقد عاد الرجال مشمئزين من تذوق الكائنات الحية وهم متعطشين للماء (6)
ذلك هو ماءنا وتلك هي سعادتنا ماذا ستنفل بالنسبة لذلك ؟ كل شيء تدمر (7) .
لقد تدمرت البلدان وأصبحت مصر العليا قاحلة (8)
لقد انقلبت المساكن بلحظة (9)
إن سلسلة الكوارث التي حلت بشعب مصر بحسب هذه الوثيقة ( البردي) تتوافق تماماً مع وصف القرآن لهذه المحنة (10)
وورق البردي الذي وصف الكوارث التي حلت بمصر في عصر المملكة الوسطى لهو شاهد أن القرآن الكريم هو كتاب رب العالمين المنزل على قلب نبيه محمد عليه الصلاة والسلام ..
فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم راعي الغنم قبل 1400 سنة عن هذه الأخبار التي يتوصل العلم الحديث إليها إلا في مطلع القرآن التاسع عشر إنه رب العالمين ..
وصدق رب العالمين حين قال :( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) [سورة ص].
________________
تم اقتباس فكرة البحث من بعض أبحاث هارون يحيى
[/FONT]
 
البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم ج1

[FONT=me_quranR3HOQ] البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم

بقلم الشيخ عبد المجيد الزنداني
لقد أخذ الله تعالى الميثاق على الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وينصروه إذا بعث وهم أحياء، وأن يبلغوا أقوامهم بذلك ليشيع خبره بين جميع الأمم .قال تعالى:﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾(آل عمران:81).وذلك لأن الرسل كانوا يبعثون في أقوامهم خاصة ، وبعث محمد صلى الله عليه وسلم للناس كافة،فبشر به جميع الأنبياء، وكان مما قاله عيسى عليه السلام لقومه كما ذكر الله تعالى عنه﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾(الصف:6)(2) .والبشارات في الكتب السابقة(3) هي تلك الأنباء والأوصاف التي وردت عن مقدم محمد صلى الله عليه وسلم مبينة اسمه وصفاته البدنية والمعنوية ونسبه ومكان بعثته، وصفة أصحابه وصفة أعدائه ، ومعالم الدين الذي يدعو إليه، والحوادث التي تواجهه، والزمن الذي يبعث فيه، ليكون ذلك دليلاً على صدقه عند ظهوره بانطباق تلك الأوصاف عليه ، وهي أوصاف وبشارات تلقاها أهل تلك الأديان نقلاً عن رهبانهم وأحبارهم وكهنتهم قبل ولادة محمد صلى الله عليه وسلم بقرون كثيرة. وقد أشار القرآن الكريم إلى تلك البشارات، ودلل بها على صدق محمد صلى الله عليه وسلم . فقال تعالى﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾(الرعد:43).وقال تعالى﴿ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ ءَايَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾(الشعراء:197).وقال تعالى﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴾(الشعراء:196).وقال تعالى عن محمد صلى الله عليه وسلم :﴿الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾(البقرة:146).وهذا يعني أن انطباق البشارات على محمد صلى الله عليه وسلم يدل على أنه المقصود بها ، وأنه الرسول الذي أخبر الله بمقدمه ، ومن هذه البشارات ما يأتي:
1- النبي الأمي:
لقد أشار القرآن الكريم إلى أمية الرسول صلى الله عليه وسلم وأنها مذكورة عند أهل التوراة والإنجيل.قال تعالى ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾(الأعراف:157). إن أمية النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية بدء الوحي إليه لأول مرة موجود عند أهل الكتاب إلى يومنا هذا .فقد جاء في سفر أشعيا: " ويدفع الكتاب للأمي ويقال له : اقرأ هذا أرجوك فيقول: أنا أمي " (4) أي لست بقارئ . (أ) وهذا ترجمة للنص الذي ورد في نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس المعتمدة عند النصارى وهي أوثق النسخ للتوراة والإنجيل عندهم(5) . وفي النسخة المسماة Bible Good Newsورد ما ترجمته كالآتي:
" إذا تعطيه إلى شخص لا يستطيع القراءة وتطلب إليه أن يقرأه عليك سيجيب بأنه لا يعرف كيف ." (ب) وبينما نجد هذا النص الواضح في الطبعات الإنجليزية نرى أن القسس العرب قد حرفوا هذا النص في نسخته العربية فجعلوا العبارة كالآتي :
"أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له: اقرأ هذا فيقول : لا أعرف الكتابة" (6).(ت) فانظر كيف حرفوا النص ! فالسائل يطلب القراءة والنبي ينفي عن نفسه معرفة الكتابة ! وهذا التحريف مقصود لئلا تتطابق الحادثة المذكورة في النص السابق مع قصة نزول جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ومطالبته له بالقراءة فنفى النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه القدرة على القراءة. قال الحافظ ابن حجر : وقد وقع في مرسل عبيد بن عمير عند ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أتاني جبريل بنمط من ديباج فيه كتاب قال : اقرأ ، قلت : ما أنا بقارئ" (7) .وكم من الزمن قد مر بعد عيسى عليه السلام ، وما نزل وحي على نبي أمي إلا على النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يجدون أميته مكتوبةً عندهم حتى يومنا هذا .
2- اسم النبي:
أ - لا تزال نسخ التوراة باللغة العبرية تحمل اسم محمد جلياً واضحاً إلى يومنا هذا. ففي نشيد الأنشاد من التوراة في الاصحاح الخامس الفقرة السادسة عشر وردت هذه الكلمات: حِكو مَمْتَكيم فِكلّو محمديم زيه دُودي فَزيه ريعي.(ث) ومعنى هذا : "كلامه أحلى الكلام إنه محمد العظيم هذا حبيبي وهذا خليلي". فالفظ العبري يذكر اسم محمد جلياً واضحاً ويلحقه بـيم التي تستعمل في العبرية للتعظيم. واسم محمد مذكور أيضاً في المعجم المفهرس للتوراة8))(ث) عند بيانه هذا اللفظ المتعلق بالنص السابق "محمد يم"(9) . لكن يد التحريف عند اليهود والنصارى تأبى التسليم بأن لفظ "محمد" هو اسم النبي وتصر على أنه صفة للنبي وليس اسماً له . فيقولون إن معنى لفظ "محمد يم" هو "المتصف بالصفات الحميدة" كما جاء في نسخة الملك جيمس المعتمدة عند النصارى .(ج) وعليه فيكون المعنى لهذه الإشارة عندهم "كلامه أحلى الكلام(10)إنه صاحب الصفات الحميدة ". (ح)
فمن هو ، يا أهل الكتاب ، غير "محمد يم" محمد العظيم الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كلامه أحسن الكلام وهو المحمود في صفاته كلها ، وهو حبيب الله وخليله كما جاء ذلك في نفس النشيد عقب ذكر اسمه . "هذا هو حبيبي وهذا هو خليلي".(ج،ح)
ب- وأما ما جاء عن اسمه عند النصارى ، فقد ورد في عدة أماكن، منها ما جاء في إنجيل يوحنا(11) في قول عيسى عليه السلام وهو يخاطب أصحابه : "لكني أقول لكم إنه من الخير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي الفارقليط."(خ)
وكلمة "المعزي" أصلها منقول عن الكلمة اليونانية باراكلي طوس المحرفة عن الكلمة بيركلوطوس التي تعني محمد أو أحمد. "إن التفاوت بين اللفظين يسير جداً ، وإن الحروف اليونانية كانت متشابهة ، وإن تصحيف "بيركلوطوس" إلى "باراكلي طوس" من الكاتب في بعض النسخ قريب من القياس ، ثم رجح أهل التثليث هذه النسخة على النسخ الأخرى."(12)
جـ وهناك إنجيل اسمه إنجيل "برنابا" استبعدته الكنيسة في عهدها القديم عام 492م بأمر من الباباجلاسيوس ، وحرّمت قراءته وصودر من كل مكان، لكن مكتبة البابا كانت تحتوي على هذا الكتاب. وشاء الله أن يظهر هذا الإنجيل على يد راهب لاتيني اسمه "فرامرينو" الذي عثر على رسائل "الإبريانوس" وفيها ذكر إنجيل برنابا يستشهد به، فدفعه حب الاستطلاع إلى البحث عن إنجيل برنابا وتوصل إلى مبتغاه عندما صار أحد المقربين إلى البابا "سكتش الخامس" فوجد في هذا الإنجيل أنه سَيُزعم أن عيسى هو ابن الله وسيبقى ذلك إلى أن يأتي محمد رسول الله فيصحح هذا الخطأ. يقول إنجيل برنابا في الباب "22":" وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله".وقد اسلم فرامرينو وعمل على نشر هذا الإنجيل الذي حاربته الكنيسة بين الناس(13) .
د- هذا وقد كان اسم النبي صلى الله عليه وسلم موجوداً بجلاء في كتب اليهود والنصارى عبر التاريخ ، وكان علماء المسلمين يحاجون الأحبار والرهبان بما هو موجود من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم،قال تعالى :
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (لأعراف:157)
ومن ذلك:
• جاء في سفر أشعيا :" إني جعلت اسمك محمداً ، يا محمد يا قدوس الرب ، اسمك موجود من الأبد " ذكر هذه الفقرة علي بن ربّن الطبري الذي كان نصرانياً فهداه الله للإسلام في كتابه : الدين والدولة ، وقد توفي عام 247هـ(14) .
• وجاء في سفر أشعيا أيضاً :" سمعنا من أطراف الأرض صوت محمد "(15)
• وجاء في سفر حبقوق :" إن الله جاء من التيمان ، والقدوس من جبل فاران ، لقد أضاءت السماء من بهاء محمد ، وامتلأت الأرض من حمده " ذكره علي بن ربن الطبري في كتابه الدين والدولة(16) وذكره إبراهيم خليل احمد ، الذي كان قساً نصرانياً فاسلم في عصرنا ونشر العبارة السابقة في كتاب له عام 1409هـ .
• وجاء في سفر أشعيا أيضاً : "وما أعطيه لا أعطيه لغيره ، أحمد يحمد الله حمداً حديثاً ، يأتي من أفضل الأرض ، فتفرح به البَرّية وسكانها ، ويوحدون الله على كل شرف ، ويعظمونه على كل رابية"(17) . وذكره عبد الله الترجمان الذي كان اسمه : انسلم تورميدا ، وكان قساً من أسبانيا فأسلم وتوفي عام 832هـ . ولقد روى جبير بن مطعم قال : سمعت رسول الله eيقول : إِنَّ لِي أَسْمَاءً ، أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي،وَأَنَا الْعَاقِبُ(18) .قال الله تعالى:
﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِين﴾(الصف:6).
• ويقول مطران الموصل السابق الذي هداه الله للإسلام ، وهو البروفيسور عبد الأحد داود الآشوري في كتابه : محمد في الكتاب المقدس(19) : إن العبارة الشائعة عند النصارى : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وبالناس المسرة " لم تكن هكذا ، بل كانت: " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض إسلام ، وللناس أحمد "
هـ و لقد جاء ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب المقدسة عند الهندوس فقد جاء في كتاب "السامافيدا"(20)ما نصه " أحمد تلقى الشريعة من ربه وهي مملوءة بالحكمة وقد قبست من النور كما يقبس من الشمس ".. (د)
و- وجاء في كتاب أدروافيدم أدهروويدم وهو كتاب مقدس عند الهندوس(21) " أيها الناس اسمعوا وعوا يبعث المحمد بين أظهر الناس ... وعظمته تحمد حتى في الجنة ويجعلها خاضعة له وهو المحامد"(22) . (ذ)
ز- وجاء في كتاب هندوسي آخر هو بفوشيا برانم "بهوشى بهوشى برانم"(23): " في ذلك الحين يبعث أجنبي مع أصحابه باسم محامد الملقب بأستاذ العالم(24) ، والملك يطهره بالخمس المطهرات" . (ر) وفي قوله الخمس المطهرات إشارة إلى الصلوات الخمس التي يتطهر بها المسلم من ذنوبه كل يوم(25)
3- نسبه صلى الله عليه وسلم
لقد دعا سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام الله وهما بمكة أن يجعل من ذريتهما أمة مسلمة له ، وأن يبعث فيهم رسولاً منهم ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى دعاءهما في قوله تعالى﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ128رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ129﴾(البقرة:128-129).
أ- وقد جاء في التوراة ذكر للوعد الإلهي لإبراهيم أن يجعل من ذرية إسماعيل أمة هداية عظيمة ، فقد ورد في سفر التكوين(26) مايأتي:" وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه، هاأنا أباركه وأثمّره وأكثّره كثيراً جداً. اثنى عشر رئيساً يلد ، واجعله أمة كبيرة ." (ز)
ب- وورد فيه أيضاً: "وابن الجارية أيضاً سأجعله أمة لأنه نسلك"(27).(س) ولم تكن هناك أمة هداية من نسل إسماعيل إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي قال الله عنها :﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾(آل عمران:110).
ج- وقد جاء في التوراة في سفر التثنية(28)على لسان موسى عليه السلام :" قال لي الرب : قد أحسنوا فيما تكلموا. أقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه. "(ش)والمقصود باخوتهم أبناء إسماعيل عليه السلام لأنه أخو إسحاق عليه السلام الذي ينسب إليه بنو إسرائيل، حيث هما ابنا إبراهيم الخليل عليه السلام، ومحمد صلى الله عليه و سلم من ذرية إسماعيل ولو كانت البشارة تخص أحداً من بني إسرائيل لقالت: "منهم"(29) . فمحمد صلى الله عليه وسلم هو من وسط أخوتهم ، وهو مثل موسى عليه السلام نبي ورسول وصاحب شريعة جديدة ، وحارب المشركين وتزوج وكان راعي غنم ، ولا تنطبق هذه البشارة على يوشع كما يزعم اليهود لأن يوشع لم يوح إليه بكتاب ، كما جاء في سفر التثنية : " ولم يقم بعُد نبي في إسرائيل مثل موسى. "(30) (ض) كما أن البشارة لا تنطبق على عيسى عليه السلام كما يزعم النصارى، إذ لم يكن مثل موسى عليه السلام من وجوه ، فقد ولد من غيرأب وتكلم في المهد ولم تكن له شريعة كما لموسى عليه السلام ، ولم يمت بل رفعه الله تعالى إليه .
د- وفي إنجيل متى(31)جاء ما يلي:" قال لهم يسوع(32)أما قرأتم قط في الكتب.الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية.من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا.لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره ".(ط)وهذا معناه أن الرسالة تنتقل من بني إسرائيل إلى أمة أخرى ، فيكون الرسول المبشر به من غير بني إسرائيل .
4- مكان بعثته صلى الله عليه وسلم :
أ- تذكر التوراة المكان الذي نشأ فيه إسماعيل عليه السلام، فقد جاء في سفر التكوين(33):"وفتح الله عينيها(34)فأبصرت بئرماء(35)فذهبت وملأت القربة ماءً وسقت الغلام(36)وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس. وسكن في برية فاران"(ظ)وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن إسماعيل عليه السلام كان رامياً، فقد مر على نفر من قبيلة أسلم يرمون بالسهام فقال لهم:( ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا )(37).
ب- كما جاء في التوراة في سفر أشعيا(38): " وحي من جهة بلاد العرب " (ع) وهذا إعلان عن المكان والأمة التي سيخرج منها الرسول حاملاً الوحي من الله إلى الناس .
ج- ويأتي تحديد آخر للمكان الذي سترتفع فيه الدعوة الجديدة بشعاراتها الجديدة التي ترفع من رؤوس الجبال ويهتف بها الناس، فتقول التوراة في سفر أشعيا(39):" غنوا للرب أغنية جديدة ، تسبيحهُ من أقصى الأرض ، أيها المنحدرون في البحر وملؤه، والجزائر وسكانها ، لترفع البرّية ومدنها صوتها(40)الديار التي سكنها قيدار(41). لتترنم سكان سالع(42)من رؤوس الجبال ليهتفوا(43)"(غ) والأغنية عندهم هي الهتاف بذكر الله الذي يرفع به الصوت من رؤوس الجبال ، وهذا لا ينطبق إلا على الأذان عند المسلمين ، كما أن سكان سالع ، والديار التي سكنها قيدار هي أماكن في جزيرة العرب،وكل ذلك يدل على أن مكان الرسالة الجديدة والرسول المبشر به هو جزيرة العرب.
د- وجاء في التوراة في سفر التثنية(44):"جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من ساعير وتلالأ من جبل فاران".(ف)
ويرى بعض شراح التوراة ممن أسلم أن هذه العبارة الموجودة في التوراة تشير إلى أماكن نزول الهدى الإلهي إلى الأرض
فمجيئه من سيناء : إعطاؤه التوراة لموسى عليه السلام . وإشراقه من ساعير : إعطاؤه الإنجيل للمسيح عيسى عليه السلام. وساعير : سلسلة جبال ممتدة في الجهة الشرقية من وادي عربة في فلسطين وهي الأرض التي عاش فيها عيسى عليه السلام .وتلألؤه من جبل فاران : إنزاله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم . وفاران هو الاسم القديم لأرض مكة التي سكنها إسماعيل عليه السلام .
هـ وجاء في التوراة أن داود عليه السلام يترنم ببيت الله ويتمنى أن يكون فيه ، ويعلل ذلك بمضاعفة الأجر هناك(45)
وتقول التوراة نقلاً عنه(46): " ما أسعد أولئك الذين يتلقون قوتهم منك، الذين يتوقون لأداء الحج إلى جبل المجتمع الديني الذي خَلُصَ لعبادة الله(47)وهم يمرون عبر وادي بكه الجاف فيصبح مكاناً للينابيع"(48).(ق) وفي نسخة أخرى : " فيصيرونه بئراً(49)أو ينبوعاً(50)" ووادي بكة قد ورد ذكره في القرآن الكريم وأنه هو الذي فيه البيت الحرام قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ96فِيهِ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ97﴾ (آل عمران:96-97). وقد ذكر الله جفاف هذا الوادي بقوله سبحانه وهو يذكر دعاء إبراهيم عليه السلام:﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ …﴾ (إبراهيم:37).ومعلوم أن هذا الوادي الجاف قد جعل الله فيه بئر زمزم عندما سكنت هاجر فيه مع ابنها إسماعيل عليه السلام .
وقد أُحرج النصارى العرب بالنص على وادي بكة ! فحرفوه كما في الكتاب المقدس عندهم في الطبعة العربية فقالوا :
" عابرين في وادي البكاء "(ل) وحذفوا أيضاً لفظ "الحجاج" الذي ورد في النص الإنجليزي المذكورة ترجمته سابقاً . ولا توجد صلة بين وادي بكة والبكاء ، وقد ورد اسم "بكة" في النص الإنجليزي مبتدئاً بحرف كبير مما يدل على أنه علم غير قابل للترجمة Baca. و كما جاء في الكتب الزرادشتية(51)بشارات تشير إلى المكان الذي تظهر فيه دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك : "إن أمة زرادشت حين ينبذون دينهم يتضعضعون وينهض رجل في بلاد العرب يهزم أتباعه فارس ويخضع الفرس المتكبرين، وبعد عبادة النار في هياكلهم يولون وجوههم نحو كعبة إبراهيم التي تطهرت من الأصنام "(52) (ن)
5- صفاته صلى الله عليه وسلم :
من صفاته صلى الله عليه وسلم أنه أمي ، وقد سبق بيانه .
أ- كما وصف في سفر أشعيا(53) بأنه راكب الجمل وفي هذا إشارة إلى أنه من الصحراء وهكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم .
ب- ووصف في المزامير(54)بـأن : " ملوك شبا وسبأ يقدمون هدية "(هـ)، وقد انتهى ملوك اليمن ولم يظهر نبي دان له ملوك اليمن إلا محمد صلى الله عليه وسلم .
جـ ووصف فيها أيضاً(55)بأنه " يصلى عليه ويبارك عليه كل وقت" وهكذا شأن محمد صلى الله عليه وسلم فالمسلمون يباركون عليه كل يوم عدة مرات في صلاتهم .
د- ووصف فيها أيضاً(56)بأنه "متقلد سيفاً" ، وفيها أيضاً(57)مايلي: " وأنه يرمي بالنبل " .
هـ وجاء في إنجيل متى(58) وصفه بأنه الحجر الذي أتم بناء النبوة ، ففيه : " قال لهم يسوع(59)أما قرأتم قط في الكتب. الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية. من قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره "(ط) وأمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة أمية ، لم يكن لها شأن بين الأمم ، وكان من العجيب أن يكون الرسول الذي يخرج منها هو رأس الزاوية في بناء النبوة. وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ )(60)وتذكر هذه البشارة على لسان عيسى عليه السلام أن صاحب هذا الوصف ليس من بني إسرائيل ، وأن النبوة ستنزع من بني إسرائيل وتعطى لأمة أخرى "تعمل أثماره" أي تحقق ثماره، فكانت هذه الأمة التي كانت مزدراة في أعين الناس هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم ،وهي الأمة الجديدة التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس
يتبع

[/FONT]

 
البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم ج2

[font=me_quranr3hoq] و- وجاء في سفر أشعيا(61): "وحي من جهة بلاد العرب. في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين(62). هاتوا ماءً لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه. فإنهم من أمام السيوف قد هربوا. من أمام السيف المسلول ومن أمام القوس المشدودة ومن أمام شدة الحرب. فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار وبقية عدد قِسِيّ أبطال بني قيدار تقل، لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم ".(ع) تفيد هذه البشارة أن الله أوحى إلى أشعيا :" لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم " بأن وحياً سيأتي من جهة بلاد العرب : " وحي من جهة بلاد العرب " وأن تلك الجهة من بلاد العرب هي الوعر التي تبيت فيها قوافل الددانيين ، وددان قرب المدينة النبوية المنورة كما تدل على ذلك الخرائط الكنسية القديمة . ويأمر الوحي الذي تلقاه أشعيا أهل تيماء أن يقدموا الشراب والطعام لهارب يهرب من أمام السيوف ، ومجيئ الأمر بعد الإخبار عن الوحي الذي يكون من جهة بلاد العرب قرينة بأن الهارب هو صاحب ذلك الوحي الذي يأمر الله أهل تيماء بمناصرته : " هاتوا ماءً لملاقاة العطشان ، يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه " وأرض تيماء منطقة من أعمال المدينة ، وفيها يهود تيماء الذين انتقل معظمهم إلى يثرب. ويذكر المؤرخون الإخباريون العرب نقلا عن اليهود في الجزيرة العربية أن أول قدوم اليهود إلى الحجاز كان في زمن موسى عليه السلام عندما أرسلهم في حملة ضد العماليق في تيماء، وبعد قضائهم على العالميق وعودتهم إلى الشام بعد موت موسى منعوا من دخول الشام بحجة مخالفتهم لشريعة موسى لاستبقائهم إبناً لملك العماليق. فاضطروا للعودة إلى الحجاز والاستقرار في تيماء(63)ثم انتقل معظمهم إلى يثرب(64). فأهل يثرب من اليهود هم من أهل تيماء المخاطبين في النص. وكان تاريخ مخاطبة اشعياء لاهل تيماء في هذا الاصحاح هو النصف الأخير من القرن الثامن قبل الميلاد. ويفيد الوحي إلى أشعيا أن الهارب هرب ومعه آخرون:"فإنهم من أمام السيوف قد هربوا".ثم يذكر الوحي الخراب الذي يحل بمجد قيدار بعد سنة من هذه الحادثة ، مما يدل على أن الهروب كان منهم ، وأن عقابهم كان بسبب تلك الحادثة : " فإنه هكذا قال لي السيد الله : في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار ، وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل " وتنطبق هذه البشارة على محمد صلى الله عليه وسلم وهجرته تمام الانطباق ، فقد نزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم في بلاد العرب ، وفي الوعر من بلاد العرب، في مكة والمدينة. وهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة من أرض بني قيدار(65)قريش الذين كانوا قد عينوا من كل بطن من بطونهم شاباً جلداً ليجتمعوا لقتل محمد صلى الله عليه وسلم ليلة هجرته ، فجاء الشباب ومعهم أسلحتهم فخرج الرسول مهاجراً هارباً ، فتعقبته قريش بسيوفها وقسيها كما تذكر العبارة : " فإنهم من أمام السيوف قد هربوا ، من أمام السيف المسلول ، ومن أمام القوس المشدودة ". ثم عاقب الله قريشاً أبناء قيدار بعد سنة ونيف من هجرته صلى الله عليه وسلم بما حدث في غزوة بدر من هزيمة نكراء أذهبت مجد قريش ، وقتلت عدداً من أبطالهم : " كما قال لي السيد الله : في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار ، وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل " .وتؤكد العبارة أن هذا الإخبار وأن هذا التبشير بنزول الوحي في بلاد العرب ، وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وما يجري له من هجرة ونصر هو بوحي من الله : " لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم " إن ما حملته هذه البشارة من معانٍ لابد أن يكون قد وقع ، لأنه يقع في عصرٍ آلة الحرب فيه السيف والنبل ، وقد انتهى عصر الحرب بالسيف والنبل .‍‍‍‍
• فهل نزل وحي في بلاد العرب غير القرآن ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
•‍‍‍ و هناك نبي هاجر من مكة إلى المدينة واستقبله أهل تيماء غير محمد صلى الله عليه وسلم ؟!
• وهل هناك هزيمة لقريش بعد عام من الهجرة إلا على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر ؟! إن هذه البشارة تدل على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنها إعلان إلهي عن مقدمه ينقلها أحد أنبياء بني إسرائيل أشعيا(66) ، وبقي هذا النص إلى يومنا هذا على الرغم من حرص كفرة أهل الكتاب على التحريف والتبديل .
ز- وجاء في صفته في المزامير(67):" انسكبت النعمة على شفتيك،لذلك باركك الله إلى الأبد تقلد سيفك " (و)
ح- وجاء في التوراة في سفر أشعيا(68)في وصفه: " هو ذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي ، وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم. لا يصيح ولا يرفع ولا يُسمع في الشارع صوته " (ي) وهذا يتطابق مع ما نقله الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو رضي الله عنه من التوراة التي قرأها في زمنه ، فقد قال عطاء بن يسار له : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي،سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ(69)فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ،وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا:لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا(70).
ط- وجاء في صفة الدين الذي يأتي به ما يأتي :
أولاً : الأذان للصلاة كما سبق بيانه .
ثانياً : الصلاة كتفاً إلى كتف : فقد جاء في التوراة في سفر صفنيا(71)ما يأتي:
"لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شَفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة"(أً)
وبالإسلام توحدت لغة العبادة لله ، فيقرأ القرآن في الصلاة بلغة واحدة هي العربية، ويصفون كتفاً إلى كتف .
ثالثاً : تحويل القبلة : فقد جاء في إنجيل يوحنا(72)ما يأتي : إن امرأة سامرية تقول لعيسى عليه السلام : " آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون إن في أورشليم(73)الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه ، قال لها يسوع(74)يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون " (بً) وهذا إعلان بأن القبلة ستتحول من بيت المقدس. ولا يكون ذلك إلا على يد رسول، كما حدث على يد النبي صلى الله عليه وسلم وفقاً لأمر الله القائل﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ (البقرة:144).
رابعاً : الهداية إلى جميع الدين الحق : فقد جاء في إنجيل يوحنا(75)ما يأتي: يقول عيسى عليه السلام :" إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتيه " (تً) قال الله تعالى:﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ (النحل:89). وقال تعالى﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى3إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى4﴾(النجم:3-4).
خامساً : ذكر بعض شعائر دينه صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة :فقد جاء في كتاب: بفوشيا برانم(76)وصف لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم: "هم الذين يختتنون ، ولا يربون القزع، ويربون اللحى ،وهم مجاهدون وينادون الناس للدعاء(77)بصوت عال، ويأكلون أكثر الحيوانات إلا الخنزير، ولا يستعملون الدرباء(78)للتطهير بل الشهداء هم المتطهرون ، ويسمون"بمسلي"(79)بسبب أنهم يقاتلون من يلبس الحق بالباطل ، ودينهم هذا يخرج منا وأنا الخالق".(ثً) وجاء في كتاب "محمد في الأسفار العالمية" ما ترجمه الأستاذ عبد الحق من كتب الزرادشتية بشأن محمد وأصحابه" إن أمة زرادشت حين ينبذون دينهم يتضعضعون، وينهض رجل في بلاد العرب يهزم أتباعه فارس، ويخضع الفرس المتكبرين، وبعد عبادة النارفي هياكلهم يولون وجوههم نحو كعبة إبراهيم التي تطهرت من الأصنام،ويومئذ يصبحون هم أتباع النبي رحمة للعالمين،وسادة لفارس ومديان وطوس وبلخ. (80)وإن نبيهم ليكونن فصيحاً يتحدث بالمعجزات" (81). (ن)
[/font]
 
طوفان نوح عليه السلام

[font=me_quranr3hoq] طوفان نوح عليه السلام
لقد تحدث القرآن الكريم عن الأمم السابقة البائدة وكيف كانت مواقفهم تجاه رسل الله تعالى ومن القصص التي وردت في القرآن الكريم قصة نوح عليه السلام والطوفان قال تعالى :
{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ {105} إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ {106}إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ {107} فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ {108} وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ {109} فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ {110} قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ {111}قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {112} إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ {113} وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ {114} إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِين {115} قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ {116} قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ {117} فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {118} فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ{119} ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ {120} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَان أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {121} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }.[الشعراء : 105،121].
قال تعالى في سورة نوح : (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {1} قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ {2}.
الإعجاز الغيبي:
لعل هذه القصة من أعظم صور الإعجاز الغيبي في القرآن الكريم والتي صدقتها المكتشفات الأثرية الحديث :
قصة الطوفان عند الحضارات القديمة :
من المعروف منذ زمن طويل أن قصص الطوفان تنتشر انتشاراً واسعاً في جميع أنحاء العالم، فهناك قصص عن الطوفان في بعض مجتمعات الشرق الأدنى القديم، وفي الهند وبورما والصين والملايو واستراليا وجزر المحيط الهادي، وفي جميع مجتمعات الهنود الحمر .
و لعل أهم هذه القصص قصة الطوفان السومرية، وقصة الطوفان البابلية، وقصة إن أقدم ما تبقى من هذه الحضارة هو مدينة أور المعروفة اليوم (بتل المكيار ) والتي يعود تاريخها إلى عام 7000 قبل الميلاد إن مدينة أور فقد كان سكنها حضارات متعاقبة سادت ثم بادت ومن خلال المكتشفات الأثرية لمدينة أور تبين بأن تلك الحضارة ضربها طوفان رهيب وأن حضارات نشأت مكانها تدريجياً .
لقد قاد عالم الآثار (سير ليونارد وولي) حملة تنقيب من قبل المتحف البريطاني وجامعة (بنسلفانيا )عام عام 1928م في المنطقة الصحراوية بين بغداد وخليج فارس ولقد وصف (ورينر كيلر) عالم الآثار الألماني تنقيبات (سير ليونارد وولي) كالتالي:
" عندما قدمت حملة علماء الآثار إلى تل المكيار التي ارتفاعها 50 قدم جنوب المعبد وبعد التنقيب وجدوا صف طويل من القبور فوق بعضها وقناطر حجرية رائعة وخزائن الكنوز التي كانت ممتلئة بـ أقداح ثمينة، وجرار رائعة ومزهريات وطاولات وبرونزيات وفسيفساء وفضة تحيط بهذه الأشياء التي يغطيها الغبار وبعد عدة أيام الحفر والتنقيب نادى أحد العمال الذين مع (وولي ) وقال : نحن على مستوى الأرض ووضع نفسه في النفق ليقنع نفسه . ظن (وولي) إن هذا كل شيء، إنه رمل نقي (غريد) وهو نوع من الرمل ينحل بالماء فقط.
لقد قرروا أن يواصلوا الحفر ويجعلوا الحفر أعمق، أعمق وأعمق ذهبت الحملة إلى داخل الأرض ثلاثة أقدام، ستة أقدام لا يزال طين عشرة أقدام ....
فجأة وعلى عمق عشرة أقدام توصلوا إلى دليل واضح على مساكن بشرية.
وينقل (ماكس مالوان ) عن سير ليونارد وولي " الطوفان هو الدليل الوحيد الممكن لهذا الطمي الهائل الذي توضع تحت التلة في مدينة أور، الذي فصل بين حضارتين بين مدينة أور السومرية ومدينة العبيد الأشورية " (1)
ولقد دلت التحليلات المجهرية لهذا الطمي أو الغريد الهائل الذي توضع تحت التلة في أور تكدس هنا نتيجة الطوفان.
مدينة كيش:
وكذلك الأمر تم الكشف عن آثار للطوفان في مدينة أخرى من مدن بلاد الرافدين وهي كيش السومرية المعروفة اليوم بـ تل الأحيمر ويصف تاريخ السومريون القدماء هذه المدينة بـ ( الموقع الأول للأسرة الحاكمة ) (2)
مدينة شورباك:
المدينة الجنوبية في بلاد الرافدين (شوربا ) المعروفة اليوم بـ تل الفرح ، تحمل أيضاً دليلاً واضحاً على الطوفان من خلال الأبحاث الأثرية التي قام بها (أريش سكمرت ) من جامعة بنسلفاينا في هذه المدينة من عام 1920ـ1930 كشفت هذه التنقيبات الأثرية النقاب عن ثلاثة طبقات من المساكن التي امتدت في عصر ما قبل التاريخ إلى الأسرة الحاكمة الثالثة كمدينة أور (2112ـ 2004) قبل الميلاد . وكانت الاكتشافات المميزة بيوتاً مبنية بشكل رائع مترافقة مع كتابة مسمارية وقوائم من الكلمات تدل على التطور الراقي الذي كان موجوداً
في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد (3)
وكذلك كانت هناك آثار للطوفان في مدينة أريش الأثرية.
اكتشاف شواهد الحياة قبل الطوفان:
واشنطن-ناسا: عثر مستكشفون أميركيون على عمق مئات الأمتار تحت سطح البحر الأسود على بقايا منطقة سكانية في بقعة وقعت فيها سيول مدمرة قبل 7500 عام تعادل في أهميتها اكتشاف أطلال بومبي المدينة الرومانية القديمة التي دمرها بركان فيزوف قبل عدة قرون.
وذكرت رويترز في تحقيق لها بهذا الشأن أن روبرتبا لارد أحد المستكشفين أوضح أن فريقه من جمعية ناشيونال جيوغرافيك عثر على هيكل مستطيل قد يكون لبناء على عمق نحو 310 أمتار تحت سطح البحر مما يشير إلى أن أناساً كانوا يعيشون هناك قبل إغراق طوفان هائل للمنطقة الأمر الذي يعتبر شواهد على مستوطنات بشرية. وقال بالارد في حديث هاتفي من سفينة الأبحاث نورذرنهور ايزون على مسافة 20 كيلومتراً قبالة الساحل التركي أن الاكتشاف هائل ويرجع المعمار والقطع الفنية فيه إلى العصر البرونزي الحديث الذي كانت بدايته قبل نحو 7000 عام كما أنه يضم كمية كبيرة من الأطلال تحت سطح الماء مما يشير إلى أن عدداً كبيراً من الناس كانوا يعيشون فيها واعتبر هذا الاكتشاف يفوق في أهميته اكتشاف حطام التايتانيك في عام 1985.
وأضاف أن فريقه توصل إلى هذا الاكتشاف قبل ثلاثة أيام في الأسبوع الثاني من بعثة تستغرق خمسة أسابيع ويأمل أعضاء الفريق في التوصل إلى اكتشافات أخرى وسيقومون بعمليات تجفيف وتصوير وثائقي دقيق قبل إحضار أي شيء إلى السطح. وتم التعرف على القطع المكتشفة بمجسات ضوئية "سونار" وتم تصويرها بواسطة عربة متنقلة اسمها ازجوس في حجم الغسالة الكهربائية متصلة بباخرة الأبحاث بكابلات من الألياف الزجاجية وتبلغ مساحة الهيكل المستطيل الذي تم اكتشافه أربعة أمتار عرضاً و 15 متراً طولاً.
[/font]
 
انتصار الروم البيزنطيين

[FONT=me_quranR3HOQ] انتصار الروم البيزنطيين
غلبت الروم في أدنى الأرض
قال الله تعالى في كتابه العزيز: :( الم {1} غُلِبَتِ الرُّومُ {2} فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ {3} فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ {4} بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {5} وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {6}(سورة الروم).
تمهيد:
كانت الإمبراطورية الفارسية تقع شرقي الجزيرة العربية، على الساحل الآخر للخليج العربي، على حين كانت الإمبراطورية الرومانية تمتد عن غربي الجزيرة على ساحل البحر الأحمر إلى ما فوق البحر الأسود.
وقد سميت الأولى ـ أيضاً ـ بالإمبراطورية الساسانية، والأخرى بالبيزنطية.
وكانت حدود الإمبراطوريتين تصل إلى الفرات ودجلة، في شمال الجزيرة العربية. وكانتا أقوى حكومتين شهدهما ذلك العصر.
ويبدأ تاريخ الإمبراطورية الرومانية ـ كما يرى المؤرخ " جبن " ـ في القرن الثاني بعد الميلاد، وكانت تتمتع حينئذ بمكانتها كأرقى دولة حضارية في العالم.
وقد شغل المؤرخين تاريخ زوال الروم، كما لم يشغلهم زوال أية حضارة أخرى(1).
وليس يغني كتاب من الكتب التي ألفت حول هذا الموضوع عن الكتب الأخرى، ولكن يمكن اعتبار كتاب المؤرخ " أدوارد جبن"، " تاريخ سقوط وانحداد الإمبراطورية الرومانية" (2)أكثرهم تفصيلاً وثقة، وقد ذكر المؤرخ في الجزء الخامس من كتابه الوقائع المتعلقة ببحثنا هنا.
اعتنق الملك " قسطنطين " الدين المسيحي عام 325م، وجعله ديانة البلاد الرسمية، فآمنت بها أكثرية رعايا الروم. وعلى الجانب الآخر، رفض الفرس ـ عباد الشمس ـ هذه الدعوة.
وكان الملك الذي تولى زمام الإمبراطورية الرومانية في أواخر القرن السابع الميلادي هو "موريس"، وكان ملكاً غافلاً عن شؤون البلاد والسياسة، ولذلك قاد جيشه ثورة ضده، بقيادة " فوكاس Phocas"" .
وأصبح فوكاس ملك الروم، بعد نجاح الثورة، والقضاء على العائلة الملكية بطريقة وحشية، وأرسل سفيراً له إلى إمبراطور إيران " كسرى أبرويز الثاني " وهو ابن " أنوشيروان " العادل.
وكان " كسرى " هذا مخلصاً للملك " موريس"، إذ كان قد لجأ إليه عام 590ـ 591م، بسبب مؤامرة داخلية في الأمبراطورية الفارسية، وقد عاونه " موريس" بجنوده لإستعادة العرش. ومما يروى أيضاً أن " كسرى " تزوج بنت " موريس"، أثناء إقامته ببلاد الروم، ولذلك كان يدعوه " بالأب" .
ولما عرف بأخبار انقلاب الروم، غضب غضباً شديداً، وأمر بسجن السفير الرومي، وأعلن عدم اعترافه بشرعية حكومة الروم الجديدة.
وأغار " كسرى أبرويز" على بلاد الروم، وزحفت جحافله عابرة نهر الفرات إلى الشام. ولم يتمكن " فوكاس" من مقاومة جيوش الفرس التي استولت على مدينتي " انطاكية والقدس"، فاتسعت حدود الإمبراطورية كالنسطورية، واليعقوبية ـ حاقدة على النظام الجديد في روما، فناصرت الفاتحين الجدد، وتبعها اليهود، مما سهل غلبة الفرس.
وأرسل بعض أعيان الروم رسالة سرية إلى الحاكم الرومي في المستعمرات الإفريقية يناشدونه إنقاذ الإمبراطورية، فأرسل الحاكم جيشاً كبيراً بقيادة ابنه الشاب " هرقل " فسار بجيشه في الطريق البحرية، بسرية تامة .. حتى إن " فوكاس" لم يدر بمجيئهم إلا عندما شاهد الأساطيل وهي تقترب من السواحل الرومانية، واستطاع هرقل ـ دون مقاومة تذكر أن يستولي على الإمبراطورية، وقتل " فوكاس" الخائن.
بيد أن هرقل لم يتمكن، برغم استيلائه على الإمبراطورية، وقتله " فوكاس" من إيقاف طوفان الفرس.. فضاع من الروم كل ما ملكوا من البلاد في شرقي العاصمة، وجنوبيها. لم يعد العلم الصليبي يرفرف على العراق، والشام، وفلسطين، ومصر، وآسيا الصغرى، بل علتها راية الفرس: " درفش كاوياني " !!!
وتقلصت الإمبراطورية الرومانية في عاصمتها، وسدت جميع الطرق في حصار اقتصادي قاس، وعم القحط، وفشت الأمراض الوبائية، ولم يبق من الإمبراطورية، غير جذور شجرها العملاق. وكان الشعب في العاصمة خائفاً يترقب ضرب الفرس للعاصمة، ودخولهم فيها، وترتب على ذلك أن أغلقت جميع الأسواق، وكسدت التجارة، وتحولت معاهد العلم، والثقافة إلى مقابر موحشة مهجورة .
وبدأ عباد النار يستبدون بالرعايا الروم للقضاء على المسيحية..
فبدأوا يسخرون علانية من الشعائر الدينية المقدسة، ودمروا الكنائس، وأراقوا دماء ما يقرب من 100.000من المسيحيين المسالمين. وأقاموا بيوت عبادة النار في كل مكان، وأرغموا الناس على عبادة الشمس والنار، واغتصبوا الصليب المقدس، وأرسلوه إلى " المدائن" .
ويقول المؤرخ " جبن" في المجلد الخامس من كتابه:
" ولو كانت نوايا " كسرى " طيبة في حقيقة الأمر، لكان اصطلح مع الروم بعد قتلهم "فوكاس"، ولاستقبل " هرقل " كخير صديق أخذ بثأر حليفه، وصاحب نعمته " موريس"، بأحسن طريقة، ولكنه أبان عن نواياه الحقيقة عندما قرر مواصلة الحرب " (3).
ويمكن قياس الهوة الكبرى التي حدثت بين الروم والفرس من خطاب وجهه " كسرى" إلى " هرقل" من بيت المقدس، قائلاً :
" من لدن الإله كسرى، الذي هو أكبر الآلهة، وملك الأرض كلها، إلى عبده اللئيم الغافل هرقل: إنك تقول: إنك تثق في إلهك! فلماذا لا ينقذ إلهك القدس من يدي!؟
واستبد اليأس، والقنوط بهرقل من هذه الأحوال السيئة، وقرر العودة إلى قصره الواقع في " قرطاجنة" على الساحل الإفريقي.. فلم يعد يهمه أن يدافع عن الإمبراطورية، بل كان شغله الشاغل إنقاذ نفسه.. وأرسلت السفن الملكية إلى البحر، وخرج " هرقل" في طريقه ليستقل إحدى هذه السفن إلى منفاه الاختياري.
وفي هذه الساعة الحرجة تحايل كبير الأساقفة الروم باسم الدين والمسيح، ونجح في إقناع " هرقل" بالبقاء، وذهب " هرقل" مع الأسقف إلى قربان" سانت صوفيا " يعاهد الله تعالى على أنه لن يعيش أو يموت إلا مع الشعب الذي أختاره الله له .
وبإشارة من الجنرال الإيراني سين (Sain) أرسل (هرقل) سفيراً إلى " كسرى " طالباً منه الصلح، ولكن لم يكد القاصد الرومي يصل إلى القصر، حتى صاح "كسرى" في غضب شديد: " لا أريد هذا القاصد! حتى يهجر إلهه، الصليبي، ويعبد الشمس ألهتنا " (4).
وبعد مضي ستة أعوام على الحرب، رضي الإمبراطور الفارسي أن يصالح هرقل على شروط معينة هي أن يدفع ملك الروم " ألف تالنت (5)من الذهب، وألف تالنت من الفضة، وألف ثوب (6)من الحرير، وألف جواد، وألف فتاة عذاراء" .
ويصف " جبن " هذه الشروط بأنها " مخزية" دون شك، وكان من الممكن أن يقبلها " هرقل" لولا المدة القصيرة التي أتيحت له لدفعها من المملكة المنهوبة، والمحدودة الأرجاء، ولذلك آثر أن يستعمل هذه الثورة كمحاولة أخيرة، ضد أعدائه.
وبينما سيطرت على العاصمتين الفارسية، والرومية هذه الأحداث، فقد سيطرت على شعب العاصمة المركزية في شبه الجزيرة العربية ـ وهي " مكة " المكرمة ـ مشكلة مماثلة : كان الفرس مجوساً من عباد الشمس والنار، وكان الروم من المؤمنين بالمسيح، وبالوحي، وبالرسالة، وبالله تعالى. وكان المسلمون مع الروم ـ نفسياً ـ يرجون غلبهم على الكفار، والمشركين، كما كان كفار مكة مع الفرس، لكونهم من عباد المظاهر المادية. وأصبح الصراع بين الفرس، والروم رمزاً خارجياً للصراع الذي كان يدور بين أهل الإسلام وأهل الشرك في " مكة" وبطريقة نفسية كانت كل من الجماعتين تشعر بأن نتيجة هذا الصراع الخارجي هي نفس مآل صراعهما الداخلي. فلما انتصر الفرس على الروم قرب البحر الميت عام 616م، واستولوا على جميع المناطق الشرقية من دولة الروم، انتهزها المشركون فرصة للسخرية من المسلمين، قائلين: لقد غلب إخواننا على إخوانكم، وكذلك سوف نقضي عليكم، إذا لم تصطلحوا معنا تاركين دينكم الجديد!! وكان المسلمون بمكة في أضعفن وأسوأ أحوالهم المادية، وفي تلك الحالة البائسة، صدرت كلمات من لسان الرسول صلى ا لله عليه وسلم :
بسم الله الرحمن الرحيم : : ( الم {1} غُلِبَتِ الرُّومُ {2} فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ {3} فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ {4} بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {5} وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {6}(سورة الروم).
وتعليقاً على هذه النبوة يكتب " جبن" :
" في ذلك الوقت، حين تنبأ القرآن بهذه النبوة، لم تكن أية نبوءة أبعد منها وقوعاً، لأن السنين الإثنتي عشرة الأولى من حكومة " هرقل " كانت تؤذن بانتهاء الإمبراطورية الرومانية " (7).
ولكن من المعلوم أن هذه النبوة جاءت من لدن من هو مهيمن على كل الوسائل : والأحوال، ومن بيده قلوب الناس، وأقدارهم، ولم يكد يبشر بهذه البشرى، حتى أخذ انقلاب يظهر على شاشة الإمبراطورية الرومانية.
ويرويه " جبن " على النحو التالي :
" إنها من أبرز البطولات التاريخية، تلك التي نراها في " هرقل" فقد ظهر هذا الإمبراطور غاية في الكسل، والتمتع بالملذات، وعبادة الأوهام في السنين الأولى، والأخيرة من حكومته، كان يبدو كما لو كان متفرجاً أبله، استسلم لمصائب شعبه، ولكن الضباب الذي يسود السماء ساعتي الصباح، والمساء، يغيب حيناً من الوقت لشدة الشمس الظهيرة، وهذا هو ما حدث بالنسبة إلى هرقل، فقد تحول " أرقاديوس(8) القصور" إلى " قيصر ميدان الحرب (9)"فجأة، واستطاع أن يستعيد مجد الروم خلال ست حروب شجاعة شنها ضد الفرس وكان من واجب المؤرخين الروم أين يزيحوا الستار عن الحقيقة، تبياناً لأسرار هذه اليقظة، والنوم. وبعد هذه القرون التي مضت يمكننا الحكم بأنه لم تكن هناك دوافع سياسية وراء هذه البطولة، بل كانت نتيجة غريزة هرقل الذاتية، فقد انقطع عن كافة الملذات، حتى أنه هجر ابنة أخته " مارتينا " التي تزوجها لشدة هيامه بها، رغم أنها كانت محرمة عليه " (10).
هرقل ذلك الغافل الفاقد العزيمة ـ وضع خطة عظيمة لقهر الفرس، وبدأ في تجهيز العدة، والعتاد، ولكن رغم ذلك كله، عندما خرج هرقل مع جنوده بدا لكثيرين من سكان "القسطنطينية" أنهم يرون آخر جيش في تاريخ الإمبراطورية البيزنطية.
وكان هرقل يعرف أن قوة الفرس البحرية ضعيفة، ولذلك أعد بحريته للإغارة على الفرس من الخلف. وسار بجيوشه عن طريق البحر الأسود إلى " أرمينيا "، وشن على الفرس هجوماً مفاجئاً في نفس الميدان الذي هزم فيه الإسكندر جيوش الفرس، لما زحف على أراضي مصر والشام، ولم يستطع الفرس مقاومة هذه الغارة المفاجئة، فلاذوا بالفرار.
وكان الفرس يملكون جيشاً كبيراً في " آسيا الصغرى"، ولكن " هرقل" فاجأهم بأساطيله مرة أخرى، وأنزل بهم هزيمة فادحة، بعد إحراز هذا النصر الكبير عاد " هرقل" إلى عاصمته " القسطنطينية " عن طريق البحر، وعقد معاهدة مع الأفاريين (Avars)، واستطاع بنصرتهم أن يسد سيل الفرس عند عاصمتهم.
وبعد الحربين اللتين مر ذكرهما شن هرقل ثلاث حروب أخرى ضد الفرس في سنوات 623، 624، 625م. واستطاع أن ينفذ إلى أراضي العراق القديم(ميسو بوتانيا) عن طريق البحر الأسود، وأضطر الفرس إلى الانسحاب من جميع الأراضي الرومية، نتيجة هذه الحروبن وأصبح " هرقل " في مركز يسمح له بالتوغل في قلب الإمبراطورية الفارسية، وكانت آخر هذه الحروب المصيرية ـ تلك الحروب التي خاضها الفريقان في " نينوا" على ضفاف " دجلة " في ديسمبر عام 627م.
ولما لم يستطيع " كسرى أبرويز" مقاومة سيل الروم، حاول الفرار من قصره الحبيب "دستكرد" ولكن ثورة داخلية نشبت في الإمبراطورية، واعتقله ابنه " شيرويه"، وزج به في سجن داخل القصر الملكي، حيث لقي حتفه، لسوء الأحوال في اليوم الخامس من اعتقاله، وقد قتل ابنه " شيرويه " ثماني عشرة من أبناء أبيه " كسرى" أمام عينيه .
ولكن " شيرويه" هو الآخر لم يستطع أن يجلس على العرش أكثر من ثمانية أشهر، حيث قتله أحد أشقائه، وهكذا بدأ القتال داخل البيت الملكي، وتولى تسعة ملوك زمام ملوك الحكم في غضون أربعة أعوام. ولم يكن من الممكن، أو المعقول في هذه الأحوال السيئة، أن يواصل الفرس حربهم ضد الروم...
فأرسل " قباد الثاني" ابن كسرى أبرويز الثاني يرجو الصلح، وأعلن تنازله عن الأراضي الرومية، كما أعاد الصليب المقدس، ورجع " هرقل" إلى عاصمته " القسطنطينية " في مارس عام 628م، في احتفال رائع، حيث كان يجر مركبته أربعة أفيال، وأستقبله آلاف مؤلفة من الجماهير، خارج العاصمة، وفي أيديهم المشاعل، وأغصان الزيتون(11)!!
وهكذا صدق ما تنبأ به القرآن الكريم عن غلبة الروم في مدته المقررة، أي في أقل من عشر سنين، كما هو المراد في لغة العرب من كلمة : " بضع " !
وقد أبدى " جبن " حيرته، وإعجابه بهذه النبوءة، ولكنه كي يقلل من أهميتها ربطها برسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى " كسرى" .
يقول جبن :
" وعندما أتم الإمبراطور الفارسي نصره على الروم، وصلته رسالة من مواطن خامل الذكر من "مكة" دعاه إلى الإيمان بمحمد، رسول الله، ولكنه رفض هذه الدعوة، ومزق الرسالة..
وعندما بلغ هذا الخبر رسول العرب، قال : سوف يمزق الله دولته تمزيقاً، وسوف يقضي على قوته".
" ومحمد الذي جلس في الشرق على حاشية الإمبراطوريتين العظيمتين، طار فرحاً، مما سمع عن تصارع الإمبراطوريتين وقتالهما، وجرؤ في إبّان الفتوحات الفارسية وبلوغها القمة أن يتنبأ بأن الغلبة تكون لراية الروم بعد بضع سنين، وفي ذلك الوقت، حين ساق الرجل هذه النبوءة، لم تكون أية نبوءة أبعد منها وقوعاً، لأن الأعوام الإثني عشر الأولى من حكومة هرقل كانت تشي بنهاية الإمبراطورية الرومانية " (12).
بيد أن جميع مؤرخي الإسلام يعرفون معرفة تامة أن هذه النبوءة لا علاقة لها بالرسالة التي وجهها النبي إلى " كسرى أبرويز"، لأن تلك الرسالة إنما أرسلت في العام السابع من الهجرة، بعد صلح الحديبية، أي عام 628م، في حين أن آية النبوءة المذكورة نزلت بمكة عام 616م، أي قبل الهجرة بوقت طويل، فين الحدثين فاصل يبلغ اثني عشر عاماً (13).
أما وجه الإعجاز: تنبأ القرآن بهزيمة الفرس على أيدي الروم في بضع سنين وقد كان.
كما أنه هناك وجه إعجازي آخر في هذه الآيات، وهي أنها تقرر حقيقة جغرافية لم تكن معروفة عند أحد في ذلك الوقت.
فالآية الثالثة من سورة الروم خسروا المعركة في أدنى الأرض قال تعالى غُلِبَتِ الرُّومُ {2} فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ {3} فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ).
و تعبير " أدنى الأرض" في العربية يعني حسب بعض التفاسير مكاناً قريباً، ولكن هذا التفسير مجازي، لأن كلمة أدنى لم تأتي في هذه الآية بهذا المعنى فكلمة أدنى باللغة العربية مشتقة من دنا يدنو بمعنى القريبة، وتأتي بمعنى المنخفض، والأرض تعني العالم. و لذلك فإن أدنى الأرض معناها أكثر الأمكنة انخفاضاً في العالم .
و المثير للاهتمام أن أهم مراحل الحرب التي كانت بين الروم والفرس وأسفرت عن هزيمة الروم وخسارتهم للقدس، حصلت في أكثر مناطق العالم انخفاضاً في حوض البحر الميت الذي يقع في منطقة تتقاطع فيها كل من سوريا و الأردن و فلسطين و يبلغ مستوى سطح الأرض هنا 395 متراً تحت سطح البحر ، مما يجعل هذه المنطقة فعلاً أدنى منطقة من الأرض .
و أهم ما في الأمر أن ارتفاع البحر الميت لم يكن ليقاس في غياب تقنيات القياس الحديثة، ولذلك كان من المستحيل أن يعرف أي شخص في ذلك الوقت أن هذه المنطقة أكثر المناطق انخفاضاً في العالم، ومع ذلك فإن هذه الحقيقة ذكرت في القرآن و هذا يؤكد مرة أخرى على أن القرآن هو وحي إلهي .
تنبيه :
تم نقل القسم الأول من المقالة عن كتاب شبهات حول القرآن وتفنيدها تأليف الدكتور غازي عناية ولكن بتصرف.
القسم الثاني عن كتاب هارون يحيى معجزة القرآن .
[/FONT]
 
اكتشاف مساكن قوم عاد

[FONT=me_quranR3HOQ] اكتشاف مساكن قوم عاد

قد ذكر الله تعالى قوم عاد في سياق حديثه عن نبيه هود عليه السلام قال تعالى :
(وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ)(هود:50) .
ولقد حدد القرآن مكان قوم عاد في الأحقاف والأحقاف جمع حقف وهي الرمال، ولم يعيين القرآن موقعها، إلا أن الإخباريين كانوا يقولون إن موقعها بين اليمن وعُمان ..
قال تعالى :(وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (الاحقاف:21) .
ولقد أخبر القرآن الكريم أن قوم عاد بنوا مدينة اسمها ( إرم ) ووصفها القرآن بأنها كانت مدينة عظيمة لا نظير لها في تلك البلاد قال تعالى :(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ{6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ {7} الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ {8}(سورة الفجر ).
وقد ذكر المؤرخون أن عاداً عبدوا أصناماً ثلاثة يقال لأحدها : صداء وللأخر : صمود ، وللثالث : الهباء وذلك نقلاً عن تاريخ الطبري.
ولقد دعا هود قومه إلى عبادة الله تعالى وحده وترك عبادة الأصنام لأن ذلك سبيل لاتقاء العذاب يوم القيامة .
ولكن ماذا كان تأثير هذه الدعوة على قبيلة ( عاد ) ؟
لقد احتقروا هوداً ووصفوه بالسفه والطيش والكذب ، ولكن هوداً نفى هذه الصفات عن نفسه مؤكداً لهم أنه رسول من رب العالمين لا يريد لهم غير النصح .
قال تعالى : (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ).(لأعراف:66).

التذكير بنعم الله :
تابع هود مخاطبة قومه محاولاً إقناعهم بالرجوع إلى الطريق الحق مذكراً إياهم بنعم الله عليهم ، فقال : هل أثار عجبكم واستغرابهم أن يجيئكم إرشاد من ربكم على لسان رجل منكم ينذركم سوء العاقبة بسبب الضلال الذي أنتم عليه ؟ ألا تذكرون أن الله جعلكم وارثين للأرض من بعد قوم نوح الذين أهلكهم الله بذنوبهم ، وزادكم قوة في الأبدان وقوة في السلطان ، وتلك نعمة تقتضي منكم أن تؤمنوا بالله وتشكروه ، لا أن تكفروا به ..
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (لأعراف:69)
ويحدثالقرآن أن قوم هود لم يقوموا بحق الشكر لنعم الله عليهم ، بلانغمسوا في الشهوات، وتكبروا في الأرض ، فقال لهم هود :
(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ {128} وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ {129}وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ {130} فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ {131}وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ {132} أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ {133}وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {134} إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ{135} قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ) الشعراء .
ونلاحظ أن الآيات أشارت إلى أن قوم عاد كانوا مشهورين في بناء الصروح العظيمة والقصور الفارهة. .
ولما عصوا رسولهم أنزل الله تعالى عليهم العذاب وذلك بأن أرسل عليهم ريحاً عاصفة محملة بالغبار والأتربة والتي غمرتهم وقضت عليهم قال تعالى :(وَأَمَّا عَاد فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ) (الحاقة:6) .
أما أهم النقاط التي تطرق القرآن لذكرها في قصة هود :
1.أن قوم هود كانوا يسكنونه في الأحقاف والأحقاف هي الأرض الرملية ولقد حددها المؤرخون بين اليمن وعمان .
2.أنه كان لقوم عاد بساتين وأنعام وينابيع قال تعالى :(وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ {132} أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ {133}وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ )
3.أن قوم عاد بنوا مدينة عظيمة تسمى إرم ذات قصور شاهقة لها أعمدة ضخمة لا نظير لها في تلك البلاد لذلك قال تعالى ( ألم ترى كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد).
4. إنهم كانوا يبنون القصور المترفة والصروح الشاهقة (أتبنون بكل ريع ٍ آية تعبثون، وتتخذونمصانع لعلكم تخلدون).
5.لما كذبوا هوداً أرسل عليهم الله تعالى ريحاً شديدة محملة بالأتربة قضت عليهم وغمرت دولتهم بالرمال .
الاكتشافات الأثرية لمدينة "إرم"
فى بداية عام 1990امتلأت الجرائد العالمية الكبرى بتقاريرصحفية تعلن عن: " اكتشاف مدينة عربية خرافية مفقودة " ," اكتشاف مدينة عربية أسطورية " ," أسطورة الرمال (عبار)", والأمر الذي جعل ذلك الاكتشاف مثيراً للاهتمام هو الإشارة إلى تلك المدينة في القرآن الكريم. ومنذ ذلك الحين, فإن العديد من الناس؛ الذين كانوا يعتقدون أن "عاداً" التي روى عنها القرآن الكريم أسطورة وأنه لا يمكن اكتشاف مكانها، لم يستطيعوا إخفاء دهشتهم أمام ذلك الاكتشاففاكتشاف تلك المدينة التي لم تُذكر إلا على ألسنة البدو قد أثار اهتماماً وفضولاً كبيرين.
نيكولاس كلاب, عالم الآثار الهاوي, هو الذي اكتشف تلك المدينة الأسطورية التي ذُكرت في القرآن الكريم[1].
و لأنه مغرم بكل ما هو عربي مع كونه منتجاًللأفلام الوثائقية الساحرة, فقد عثر على كتاب مثير جداً بينماهو يبحث حول التاريخ العربي, و عنوان ذلك الكتاب "أرابيا فيليكس" لمؤلفه "بيرترام توماس" الباحث الإنجليزي الذي ألفه عام 1932 , و "أرابيا فيليكس" هو الاسم الروماني للجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية و التي تضم اليمن والجزء الأكبر من عمان. أطلق اليونان على تلك المنطقة اسم "العرب السعيد"[2]وأطلق عليها علماء العرب في العصور الوسطي اسم "اليمن السعيدة", وسبب تلك التسميات أن السكان القدامى لتلك المنطقة كانوا أكثر من فى عصرهم حظاً. و السبب في ذلك يرجع إلى موقعهم الاستراتيجي من ناحية؛ حيث أنهم اعتُبروا وسطاء في تجارة التوابل بين بلاد الهند وبلاد شمال شبه الجزيرة العربية, ومن ناحية أخرى فإن سكان تلك المنطقة اشتهروا بإنتاج "اللبان" وهو مادة صمغية عطرية تُستخرَج من نوع نادر من الأشجار. وكان ذلك النبات لا يقل قيمة عن الذهب حيث كانت المجتمعات القديمة تُقبل عليه كثيراً.
و أسهب الباحث الإنجليزي "توماس" في وصف تلك القبائل "السعيدة الحظ"[3], و رغم أنه اكتشف آثاراً لمدينة قديمة أسستها واحدة من تلك القبائلو كانت تلك المدينة هي التي يطلق عليها البدو اسم "عُبار", وفى إحدى رحلاته إلى تلك المنطقة, أراه سكان المنطقة من البدو آثاراً شديدة القدم و قالوا إن تلك الآثار تؤدى إلى مدينة "عُبار" القديمة.
و لكن "توماس" الذي أبدى اهتماماً شديداً بالموضوع, توُفِى قبل أن يتمكن من إكمال بحثه.
و بعد أن راجع "كلاب" ما كتبه الباحث الإنجليزي, اقتنع بوجود تلك المدينة المفقودة التي وصفها الكتاب و دون أن يضيع المزيد من الوقت بدأ بحثه.
استخدم "كلاب" طريقتين لإثبات وجود مدينة "عُبار":
أولاً: أنه عندما وجد أن الآثار التي ذكرها البدو موجودة بالفعل, قدم طلب للالتحاق بوكالة ناسا الفضائية ليتمكن من الحصول على صور لتلك المنطقة بالقمر [4]الصناعي, وبعد عناء طويل, نجح في إقناع السلطات بأن يلتقط صوراً للمنطقة..
ثانياً: قام "كلاب" بدراسة المخطوطات و الخرائط القديمة بمكتبة"هانتينجتون" بولاية كاليفورنيا بهدف الحصول على خريطة للمنطقة. وبعد فترة قصيرة من البحث وجد واحدة, وكانت خريطة رسمها "بطلمى" عام 200 ميلادية , و هو عالم جغرافي يوناني مصري. وتوضح الخريطة مكان مدينة قديمة اكتُشفت بالمنطقة و الطرق التي تؤدى إلى تلك المدينة. و في الوقت نفسه, تلقى أخباراً بالتقاط وكالة ناسا الفضائية للصور التي جعلت بعض آثار القوافل مرئية بعد أن كان من الصعب تمييزها بالعين المجردة و إنما فقط رؤيتها ككل من السماء. و بمقارنة تلك الصور بالخريطة القديمة التي حصل عليها, توصل"كلاب" أخيراً إلى النتيجة التي كان يبحث عنها؛ ألا وهى أن الآثار الموجودة في الخريطة القديمة تتطابق مع تلك الموجودة في الصور التي التقطها القمر الصناعي . وكان المقصد النهائي لتلك القبائل موقعاً شاسعا ً يُفهم أنه كان في وقت من الأوقات مدينة. و أخيراً, تم اكتشاف مكان المدينة الأسطورية التي ظلت طويلاً موضوعاً للقصص التي تناقلتها ألسن البدو. و بعد فترة وجيزة, بدأت عمليات الحفر, و بدأت الرمال تكشف عن آثار المدينة القديمة, ولذلك وُصفت المدينة القديمة بأنها ( أسطورة الرمال "عبار" ).
ولكن ما الدليل على أن تلك المدينة هي مدينة قوم "عاد" التي ذُكرت في القرآن الكريم؟
منذ اللحظة التي بدأت فيها بقايا المدينة في الظهور, كان من الواضح أن تلك المدينة المحطمة تنتمي لقوم "عاد" ولعماد مدينة "إرَم" التي ذُكرت في القرآن الكريم؛ حيث أن الأعمدة الضخمةالتي أشار إليها القرآن بوجه خاص كانت من ضمن الأبنية التي كشفت عنها الرمال.
قال د. زارينزوهو أحد أعضاء فريق البحث و قائد عملية الحفر, إنه بما أن الأعمدة الضخمة تُعد من العلامات المميزة لمدينة "عُبار", وحيث أن مدينة "إرَم" وُصفت في القرآن بأنها ذات العماد أي الأعمدة الضخمة, فإن ذلك يعد خير دليل على أن المدينة التي اكتُشفت هي مدينة "إرَم" التي
ذكرت في القرآن الكريم قال تعالى في سورة الفجر :
" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادْ (6) إِرَمَ ذَاتِ العِمَادْ (7) الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى البِلادْ(8)"
المدينة الأسطورية والتي ذكرت في القرآن باسم إرم Iramوالتي أنشأت لِكي تَكُونَ فريدةَ جداً حيث تبدو مستديرة ويمر بها رواق معمّد دائري، بينما كُلّ المواقع الأخرى في اليمن حتى الآن كَانتْ التي اكتشفت كانت أبنيتها ذات أعمدة مربعة يُقالُ بأن سكان مدينة أرم بَنوا العديد مِنْ الأعمدةِ التي غطيت بالذهبِ أَو صَنعتْ من الفضةِ وكانت هذه الأعمدةِ رائعة المنظر "
هذه الصورة هي لقلعة من قلاع إرم والتي تقع على عمق 10 أمتار تحت طبقات من الرمال الصحراوية والتي تتميز بأعمدتها الضخمة والتي تم تصويرها عبر أحد الأقمار الصناعية الأمريكية المتطورة
قال تعالى على لسان نبي الله هود: )أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) (الشعراء128ـ129).
إن الذي يسافر إلى جزيرة العرب يلاحظ انتشار الصحارى بكثرة في معظم المناطق باستثناء المدن والمناطق التي زرعت لاحقاً.
لكن القرآن الكريم يذكر أنه هذه الصحارى كانت يوماً من الأيام جنات ويعيون.
فقال لهم هود) : أتبنون بكل ريع ٍ آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فأتقوا الله واطيعون. واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم( الشعراء
ولقد كشفت السجلات التاريخية أن هذه المنطقة تعرضت إلى تغيرات مناخية حولتها إلى صحارى، والتي كَانتْ قبل ذلك أراضي خصبة مُنْتِجةَ فقد كانت مساحات واسعة مِنْ المنطقةِ مغطاة بالخضرة كما أُخبر القرآنِ، قبل ألف أربعمائة سنة .
ولقد كَشفَت صور الأقمار الصناعية التي ألتقطها أحد الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا عام 1990 عن نظامَ واسع مِنْ القنواتِ والسدودِ القديمةِ التي استعملت في الرَيِّ في منطقة قوم عاد والتي يقدر أنها كانت قادرة على توفير المياه إلى 200.000 شخصَ [5]كما تم تصوير مجرى لنهرين جافين قرب مساكن قوم عاد أحد الباحثين الذي أجرى أبحاثه في تلك المنطقةقالَ" لقد كانت المناطق التي حول مدنية مأرب خصبة جداً ويعتقد أن المناطق الممتدة بين مأرب وحضرموت كانت كلها مزروعة ."
صورة لمجرى نهرين جافين قرب مساكن قوم عاد صورت عبر الأقمار الصناعية
كما وَصفَ الكاتبُ القديم اليونانيُ Plinyهذه المنطقةِ أنْها كانت ذات أراضي خصبة جداً وكانت جبالها تكسوها الغابات الخضراء وكانت الأنهار تجري من تحتها.
ولقد وجدت بعض النقوشِ في بَعْض المعابدِ القديمةِ قريباً من حضرموت، تصور بعض الحيوانات مثل الأسود التي لا تعيش في المناطق الصحراوية وهذا يدل دلالة قاطعة على أن المنطقة كانت جنات وأنها مصداقاً لقوله تعالى :)واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم( الشعراء.
أما سبب اندثار حضارة عاد فقط فسرته مجلة A m'interesseالفرنسية التي ذكرت أن مدينة إرم أو"عُبار" قد تعرضت إلى عاصفةرملية عنيفة أدت إلى غمر المدينةبطبقاتمن الرمال وصلت سماكتها إلى حوالي 12 متر [6]
وهذا تماماً هو مصداق لقوله تعالى :
(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُم عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ }.
من أخبر محمد بن عبد الله عن قصة عاد ومن أخبره عن مكانهم بالتحديد في منطقة الأحقاف أي أرض الرمال والتي هي الربع الخالي الذي يتميز برماله المتحركة التي تشغل معظم مساحته،من أخبره أن قوم عاد بنوا مدينة عظمة تسمى إرم فيها قصور وقلاع ضخمة تتميز بأعمدة عظيمة ، إنه رب العالمين منزل القرآن على قلب حبيبه محمد بن عبد الله .
قال تعالى في كتابه العزيز :
{ وَإِلَى عَادٍأَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـه غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ {50} يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {51} وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ {52} قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ }[سورة هود:50، 52].
قال تعالى في كتابه العزيز :{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَة عَادٍ وَثَمُودَ {13} إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِن خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَة فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ {14} فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ {15} فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُم عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ }[سورة فصلت:13ـ16].[/FONT]
 
وفاة الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري

[font=me_quranr3hoq] وفاة الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري
وعن إبراهيم بن الأشتر أن أبا ذر لما حضره الموت وهو بالربذة فبكت امرأته فقال: ما يبكيك؟ فقالت: أبكي أنه لا يد لي بنفسك وليس عندي ثوب يسع لك كفناً، قال: لا تبكي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين". قال: فكل من كان مع في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، ولم يبق منهم غيري، وقد أصبحت بالفلاة أموت، فراقبي الطريق فإنك سوف ترين ما أقول، فإني والله ما كَذبت ولا كُذبت، قالت: وأنى ذلك وقد انقطع الحاج، قال: راقبي الطريق، قال: فبينا هي كذلك إذا هي بالقوم تخب بهم رواحلهم كأنهم الرخم، فأقبل القوم حتى وقفوا عليها فقالوا: ما لك؟ فقالت: امرؤ من المسلمين تكفنوه وتؤجرون فيه، قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذر، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ووضعوا سياطهم في محورها يبتدرونه، فقال: أبشروا فأنتم النفر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ما قال، ثم أصبحت اليوم حيث ترون، ولو أن لي ثوباً من أثوابي يسع لأكفن فيه فأنشدكم بالله لا يكفني رجل منكم كان عريفاً أو أميراً أو بريداً فكل القوم قد نال من ذلك شيئاً إلا فتى من الأنصار كان مع القوم، قال: أنا صاحبك، ثوبان في عيبتي من غزل أمي وأحد ثوبي هذين الذين علي، قال: أنت صاحبي فكفنه الأنصاري في النفر الذين شهدوه منهم حجر بن الأدبر ومالك الأشتر في نفر كلهم يمان.[1] وفي رواية أخرى قال أخبرنا أحمد بن محمد بن أيوب قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال حدثني بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن مسعود قال لما نفى عثمان أبا ذر الى الربذة وأصابه بها قدره ولم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني وضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمر بكم فقولوا هذا أبوذر صاحب رسول الله فأعينونا على دفنه فلما مات فعلا ذلك به ثم وضعاه على قارعة الطريق وأقبل عبد الله بن مسعود في رهط من أهل العراق عمارا فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل تطأها فقام إليه الغلام فقال هذا أبو ذر صاحب رسول الله فأعينونا على دفنه فاستهل عبد الله يبكي ويقول صدق رسول الله "تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك " ثم نزل هو وأصحابه فواروه ثم إنصرفوا .
[/font]
 
مخطوطات البحر الميت


[font=me_quranr3hoq] مخطوطات البحر الميت
عثر أخيراً على مخطوطات قديمة في حفرة داخل أوان من الفخار في كهوف بجوار البحر الميت و تملك الأردن هذه المخطوطات التي قال عنها الدكتور ف. البراين و هو عمدة في علم آثار الإنجيل : " إنه لا يوجد أدني شك في العالم حول صحة هذا المخطوطات وسوف تعمل هذه الأوراق ثورة في فكرنا عن المسيحية، و قال عنها القس ( أ. باول ديفنر ) رئيس كل القديسين في واشنطن في كتابه "مخطوطات البحر الميت ( إن مخطوطات البحر الميت وهي من أعظم الاكتشافات أهمية منذ قرون عديدة، قد تغير الفهم التقليدي للإنجيل ) .

و قد جاء في هذه المخطوطات : " إن عيسى كان مسيا المسحيين و إن هناك مسياً آخر ".. أما معنى المسي باللغة الآرامية القديمة فهو الرسول .
المصدر : كتاب توحيد الخالق الشيخ عبد المجيد الزنداني. [/font]

 
قوم سبأ وسيل العَرِم

[FONT=me_quranR3HOQ] قوم سبأ وسيل العَرِم
بقلم الكاتب التركي هارون يحيى
قال تعالى في كتابه العزيز : ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِم آيةٌ جَنَّتاَنِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُم واشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْناَهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ) (سبأ: 15-16)
يعتبر مجتمع سبأ واحداً من أكبر أربع حضارات عاشت في جنوبي الجزيرة العربية، ويعتقد أن هؤلاء القوم قد أسسوا مجتمعهم ما بين 1000-750 قبل الميلاد، وانهارت حضارتهم حوالي 550 بعد الميلاد، بسبب الهجمات التي دامت قرنين والتي كانوا يتعرضون لها من جانب الفرس والعرب.
بقي تاريخ نشوء حضارة سبأ موضع خلاف حتى الآن، فالسبئيون لم يشرعوا بكتابة تقاريرهم الحكومية حتى سنة 600 قبل الميلاد، لذلك لا يوجد أي سجلات سابقة لهذا التاريخ.
يعود أقدم المصادر التي تشير إلى قوم سبأ إلى سجلات الملك سيرجون الثاني الآشوري الحربية (722-705 قبل الميلاد)، في تلك السجلات يشير الملك الآشوري في سجلاته التي دون فيها الأمم التي كانت تدفع له الضرائب إلى ملك سبأ "إيت عمارا". هذا أقدم مصدر يشير إلى الحضارة السَّبئية، إلا أنه ليس من الصواب أن نستنتج أن هذه الحضارة قد تم إنشاؤها حوالي 700 قبل الميلاد فقط اعتماداً على هذا المصدر الوحيد ،لأن احتمال تشكل هذه الحضارة قبل ذلك وارد جداً، وهذا يعني أن تاريخ سبأ قد يسبق هذا التاريخ. ورد في نقوش أراد نانار، أحد ملوك مدينة أور المتأخرين، كلمة "سابوم" والتي تعني "مدينة سبأ" [1]، وإذا صح تفسير هذه الكلمة على أنها مدينة سبأ، فهذا يعني أن تاريخ سبأ يعود إلى 2500 قبل الميلاد.
تقول المصادر التاريخية التي تتحدث عن هذه الحضارة: إنها كانت أشبه بالحضارة الفينيقية، أغلب نشاطاتها تجارية، لقد سيطر هؤلاء القوم على الطرق التجارية التي تمر عبر شمالي الجزيرة، كان على التجار السبئيين أن يأخذوا إذناً من الملك الآشوري سيرجون الثاني حاكم المنطقة التي تقع شمالي الجزيرة، إذا ما أرادوا أن يصلوا بتجارتهم إلى غزة والبحر المتوسط، أو أن يدفعوا له ضريبة على تجارتهم، وعندما بدأ هؤلاء التجار بدفع الضرائب للملك الآشوري دُوِّنَ اسمُهُم في السجلات السنوية لتلك المنطقة.
يعرف السبئيون من خلال التاريخ كقوم متحضرين، تظهر كلمات مثل "استرجاع"، "تكريس"، "بناء"، بشكل متكرر في نقوش حكامهم، ويعتبر سد مأرب الذي كان أحد أهم معالم هذه الحضارة، دليلاً واضحاً على المستوى الفني المتقدم الذي وصل إليه هؤلاء القوم؛ إلا أن هذا لا يعني أنهم كانوا ضعفاء عسكرياً، فقد كان الجيش السبئي من أهم العوامل التي ضمنت استمرار هذه الحضارة صامدة لفترة طويلة.
كان الجيش السبئي من أقوى جيوش ذلك الزمان، وقد ضمن لحكامه امتداداً توسعياً جيداً، فقد اجتاحت سبأ منطقة القتبيين، وتمكنت من السيطرة على عدة مناطق في القارة الإفريقية، وفي عام 24 قبل الميلاد وأثناء إحدى الحملات على المغرب، هزم الجيش السبئي جيش ماركوس إيليوس غالوس الروماني الذي كان يحكم مصر كجزء من الإمبراطورية الرومانية التي كانت أعظم قوة في ذلك الزمن دون منازع، يمكن تصوير سبأ على أنها كانت بلاداً معتدلة سياسياً، إلا أنها ما كانت لتتأخر في استخدام القوة عند الضرورة.. لقد كانت سبأ بجيشها وحضارتها المتقدمة من " القوى العظيمة" في ذلك الزمان.
لقد ورد في القرآن ذكر جيش سبأ القوي، وتظهر ثقة هذا الجيش بنفسه من خلال كلام قواد الجيش السبئي مع ملكتهم كما ورد في سورة النمل:
(قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) (النمل: 33).
كانت مأرب هي عاصمة سبأ، وكانت غنية جداً، والفضل يعود إلى موقعها الجغرافي، كانت العاصمة قريبة جداً من نهر الدهنا الذي كانت نقطة التقائه مع جبل بلق مناسبة جداً لبناء سد، استغل السبئيون هذه الميزة وبنوا سداً في تلك المنطقة حيث نشأت حضارتهم، وبدؤوا يمارسون الري والزراعة، وهكذا وصلوا إلى مستوى عال جداً من الازدهار. لقد كانت مأرب العاصمة من أكثر المناطق ازدهاراً في ذلك الزمن. أشار الكاتب الإغريقي بليني
ـ الذي زار المنطقة وأسهب في مدحها ـ إلى وقال أنها أراضي واسعة وخضراء.[2]
نقوش مكتوبة بلغة أهل سبأ
بلغ ارتفاع سد مأرب 16 متراً وعرضه60 متراً وطوله 620 متراً، وهذا يعني حسابياً أنه يمكن أن يروي 9600 هكتاراً من الأراضي، منها 5300 في السهل الجنوبي، والباقي للسهل الشمالي، كان يشار إلى هذين السهلين في النقوش السبئية "مأرب والسهلان"41 و يشير التعبير الدقيق في القرآن: (جَنَّتاَنِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ) إلى وجود حدائق وكروم في هذين الواديين أو السهلين، لقد أصبحت المنطقة أكثر مناطق اليمن غنىً وإنتاجاً بفضل السد ومياهه. أثبت الباحثان: الفرنسي ج. هوفلي والنمساوي غلاسر أن سد مأرب قد أوجد منذ زمن بعيد. وتروي الوثائق المكتوبة بلغة "حِمْـيَر" أن هذا السد قد جعل المنطقة في غاية الخصوبة والعطاء.[3]
لقد تم إصلاح هذا السد خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد، إلا أن هذه الإصلاحات لم تمنع السد من الانهيار عام 542 للميلاد. انهار السد بسبب سَيل العَرِمِ الذي ذكره القرآن الكريم، والذي سَبَّبَ أضراراً بالغة، لقد هلكت كل البساتين والكروم والحدائق ـ التي بقي السبئيون يرعونها لعدة قرون ـ على بَكْرَةِ أبيها، بعد انهيار السد عانى السبئيون من فترة ركود طويلة لم تقم لهم قائمة بعدها... وهذه كانت نهاية القوم التي بدأت مع انهيار السد.
سيل العَرِم الذي أتى على سبأ
إذا ما تأملنا الآيات القرآنية على ضوء المعلومات التاريخية التي أتينا عليها، لوجدنا توافقاً كبيراً.
تثبت كل من المكتشفات الجيولوجية والأثرية ما جاء في القرآن، فكما ذكر القرآن لقد استحق هؤلاء القوم ـ الذين لم يستمعوا لنصح رسولهم وكذبوا بالحق لما جاءهم ولم يؤمنوا به ـ العقاب بِسيلٍ عَرِمٍ، يصف القرآن الكريم هذا السيل في سورة سبأ:
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ في مَسْكَنِهِمْ آيةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُم واشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأرْسَلْنَا عَلَيْهِم سَيْلَ العَرِم وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وشَيْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الكَفُورَ ) (سبأ: 15-17).
لقد كان السبئيون كما تدل الآية الكريمة يعيشون في منطقة مشهورة بجمالها، جنان وكروم، وكانت تقع على طرق التجارة، لقد كانت على مستوى متقدم جداً بالنسبة لغيرها من مدن ذلك الزمان.
كانت ظروف العيش في بلدة كهذه ممتازة، ولم يكن للقوم من جهد يبذلونه سوى ( كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ) كما تقول الآية، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك، بل نسبوا ما يملكونه لأنفسهم، لقد ظنوا أنهم أصحاب هذه البلدة، وأنهم هم الذين أوجدوا مافيها من الرخاء والازدهار، اختاروا الغرور والتكبر على الشكر والتواضع لله، وكما تقول الآية: ( فَأَعْرَضُوا... ).
لأنهم نسبوا كل ما أنعم الله به عليهم لأنفسهم، وأصرُّوا أنه من صنعهم، خسروا كل شيء... لقد أهلك سيلُ العَرِم كلَّ ما صنعت أيديهم.
يذكر القرآن أن العقاب الإلهي كان بإرسال (سَيْلَ العَرِمِ). وهذا التعبير القرآني يخبرنا كيف وقعت الواقعة، فكلمة "عَرِم" تعني الحاجز أو السد. يصف تعبير (سَيْلَ العَرِمِ ) السيل الذي جاء ليدمر هذا الحاجز، لقد حل المفسرون المسلمون موضوع الزمان والمكان على ضوء الألفاظ القرآنية التي وردت في وصف سيل العرم، يقول المودودي في تفسيره:
"كما استخدم في التعبير سيل العرم، فإن كلمة "عَرِم" مشتقة من كلمة "عريمين" المستخدمة في لهجة سكان جنوب الجزيرة، والتي تعني "السد، الحاجز"، وقد عثر على هذه الكلمة في أثناء الحفريات التي نفذت في جنوب اليمن باستعمالات كثيرة تفيد هذا المعنى، على سبيل المثال: استخدمت هذه الكلمة في الكتابات التي كانت تملى من قبل ملك اليمن الحبشي "أبرهة"، بعد تعمير وأصلاح سد مأرب في 542 و543 م لتعني السد "الحاجز" مرة أخرى. أذن فأن (سَيْلَ العَرِم) يعني "كارثة السيل التي حدثت بعد تحطم سد".
( وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ) (سبأ: 16). أي: إن البلدة بكاملها قد غرقت بعد انهيار السد بسبب السيل، لقد تحطمت جميع أقنية الري التي حفرها السبئيون، وكذلك الحائط الذي أنشؤوه ببنائهم حواجز بين الجبال، ولم يعد لنظام الري أي وجود، وهكذا تحولت الجنان إلى أدغال، ولم يبقَ من الثمار شيء، سوى ثمار تشبه الكرز وأشجار قصيرة كثيرة الجذور. [4]
لقد أقر الكاتب وعالم الآثار المسيحي وورنر كيلر Werner Kellerصاحب كتاب "الكتاب المقدس كان صحيحاً" أن سيل العرم قد حدث كما ورد وصفه في القرآن الكريم، وأنه وقع في تلك المنطقة، وأن هلاك المنطقة بكاملها بسبب انهياره، إنما يبرهن على أن المثال الذي ورد في القرآن الكريم عن قوم الجنتين قد وقع فعلاً. [5]
بعد وقوع كارثة السد، بدأت أراضي المنطقة بالتصحر، وفقد قوم سبأ أهم مصادر الدخل لديهم مع اختفاء أراضيهم الزراعية، وهكذا كانت عاقبة القوم الذين أعرضوا عن الله وترفعوا عن شكره، وتفرق القوم بعد هذه الكارثة، وبدأ السبئيون يهجرون أراضيهم مهاجرين إلى شمالي الجزيرة، مكة وسوريا. [6]
يأتُي الحيز الزماني الذي شغلته هذه الكارثة بعد زمن العهد القديم والعهد الجديد، لذلك لم يرد ذكره إلا في القرآن الكريم.
تقف آثار مأرب المهجورة والتي كانت في يوم من الأيام موطناً للسبئيين، كآية من آيات العذاب تنذر أولئك الذين يكررون خطيئة القوم، لم يكن السبئيون هم القوم الوحيدين الذين أهلكهم السيل، ففي سورة الكهف يروي لنا القرآن الكريم قصة صاحب الجنتين، امتلك هذا الرجل جنتين خصبتين جميلتين تشبهان جنان قوم سبأ، إلا أنه ارتكب نفس خطيئتهم: أعرض عن الله، لقد ظن أن هذه النعمة من صنعه هو وهي له دون عن غيره:
(وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعْلنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً * كِلْتَا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَم تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَراً * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاورُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً * وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَآئمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلىَ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْها مُنقَلَباً * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاورُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً * لَّكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي ولآ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً * وَلَولآ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ إنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسى رَبِّي أَن يَؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً * أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنفَقَ فِيهَا وَهيَ خَاويَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ برَبِّي أَحَداً * وَلَم تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً * هُنَالِكَ الوَلايَةُ للهِ الحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً ) (الكهف: 32-44) .
كما نفهم من الآيات لم يكن صاحب الجنة ناكراً لوجود الله، بل على العكس فهو يتصور أنه حتى لو عاد إلى ربه فسيجد خيراً من هذه الجنة، لقد عزا كل ما هو فيه من النعم لما حققه من أعمال ناجحة قام بها وحده.
من الواضح أن هذا يصب تماماً في منحى الشرك بالله: محاولة نسب كل ما يخص الله إلى غيره، وفقدان الخشية من الله مع الاعتقاد بأن هذا الشريك لديه امتياز خاص، و "حظوة" عند الله.
وهذا ما فعله قوم سبأ، فكانت عاقبتهم أن غرقت بلادهم وجنانهم ليفهموا أنهم ليسوا أصحاب القوة، بل أنها نعمة أُسبغت عليهم فحسب...
أصبح السبئيون أصحاب أعظم حضارة قامت على الري بعد بنائهم سد مأرب بأحدث الوسائل التقنية، لقد سمحت لهم أرضهم الخصبة التي امتلكوها وسيطرتهم على الطرق التجارية، أن ينعموا بالرخاء والازدهار الذي طبع أسلوب حياتهم، ومع ذلك "أعرضوا عن الله" الذي يتوجب عليهم أن يكونوا ممتنين، شاكرين له ولأَنْعُمِه، لذلك انهار سدهم وأهلك "سيل العَرِم"كلَّ ما بنوه.
عاد اليوم السد السبئي المشهور مرة أخرى إلى ما كان عليه من إمكانات الري السابقة
يخبرنا القرآن الكريم أن ملكة سبأ وقومها كانوا "يعبدون الشمس مع الله" قبل أن تتّبع سليمان، وتوضح المعلومات التي تحملها هذه النقوش هذه الحقيقة، كما تشير إلى أنهم كانوا يعبدون الشمس والقمر في معابدهم والتي يظهر أحدها في الأعلى.

[1] "سبأ"، الموسوعة الإسلامية: العالم الإسلامي، تاريخ، جغرافية، إنثوغرافيا، وقاموس بيبلوغرافيا، المجلد 10، صفحة 268.
[2] هوميل، المكتشفات في أرض الإنجيل، فيلادلفيا 1903، صفحة 739
[3] "مأرب"، الموسوعة الإسلامية": العالم الإسلامي، تاريخ، جغرافية، إنثوغرافيا، وقاموس بيبلوغرافيا، المجلد 7، الصفحات 323-339.
[4] المودودي، تفهيم القرآن، سيلت 4، استنبول: إنسان ياينلاري، صفحة 517.
[5] وورنر كيلر، الإنجيل كتاريخ، إثبات كتاب الكتب، نيويورك: ويليام مورو، 1964، صفحة 207.
[6] الدليل الحديث للمسافرين إلى اليمن، صفحة 43.

[/FONT]

 
حصار العراق والشام


[font=me_quranr3hoq] حصار العراق والشام
روى مسلم في صحيحه بسنده :
( عن أبي نضرة رضي الله عنه قال : كنا عند جابر بن عبد الله رضي عنه فقال : يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز و لا درهم .
قلنا : من أين ذلك ؟ .
قال : العجم يمنعون ذلك .
ثم قال : يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار و لا مدي .
قلنا : من أين ذاك ؟
قال : من قبل الروم ؟
ثم سكت هُنيهة ، ثم قال : قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه و سلم : يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثياً لا يعده عداً .
قلت لأبي نضرة : أترى أنه عمر بن العزيز؟
قال : لا .

هذا الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه يتضمن ثلاثة أخبار من أنباء الغيب و المستقبل :
الأول : عن حصار العراق .
الثاني : عن حصار الشام .
الثالث : عن خليفة في آخر الزمان يحثي المال حثياً و لا يعده عداً .
الخبر الأول و الخبر الثاني موقوفان على جابر بن عبد الله رضي الله عنهما حيث لم يرفعهما إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .
الخبر الثالث رفعه جابر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .
حيث أن العلماء متفقون على أن الصحابي إذا روى خبراً من أخبار الغيب موقوفاً ، أي لم يرفعه أو ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يكون في حكم المرفوع، إذ لا يحتمل أن لا يحدث الصحابي بخبر من أخبار الغيب، إلا إذا كان قد سمعه من الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم.
و الملاحظة في هذا الحديث أن جابر رضي الله عنه ، قد ذكر الأخبار الثلاثة الأولى ثم الثاني ، ثم سكت هنيهة ، ثم ذكر الخبر الثالث مرفوعاً و هو يتحدث عن الذي يحثي المال حثياً .
و من ثم يمكننا أن نستنبط الحقائق التالية بناء على ما تقدم .
1. يسبق ظهور الخليفة الكريم و تأسيسه للخلافة الإسلامية الأخيرة حدثان : حصار العراق و حصار الشام . و دليل هذا أن هذين الحدثين مذكوران في المتن قبل ظهوره.
2. سكوت جابر رضي الله عنه هنيهة بعد ذكر حصار الشام و قبل ذكر خبر الخليفة يوحي بأن الأخير يحدث بعد الثاني مباشرة . كما يدل على أن ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الأخبار الثلاثة قد فهم منه أنها جميعاً ثلاثة أحداث متتالية في الحدوث ستحدث في آخر الأمة .
3. يؤكد هذا فهم التابعي أبي نضرة الذي نفى أن يكون هذا الخليفة هو عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، بالرغم مما عرف عن عهده من كثرة المال ، و لكن عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله لم يسبقه حصار العراق و لا حصار للشام .
4. حصار العراق الوارد في المتن تضمن منع الطعام و المال عن العراق ، و كنى عن الطعام بالقفيز الذي هو مكيال أهل العراق للحبوب . كذلك ذكر منع جباية المال إلى العراق مع الطعام ، و هذا أمر غريب ، إذ البلد المحاصر قديماً كان يدفع المال في مقابل الطعام ، ولم يكن يتصور منع المال عنه ، لكن دلَّ منع المال عن أهل العراق مع منع الطعام عنهم في نفس الوقت أن مصدر الأموال عندهم من التصدير ، و أن الحصار يمنع عنهم الاستيراد كما يمنع عنهم التصدير .
و دل هذا على أن ما يصدرونه للحصول على الأموال لا يمكن أن يكون إشارة واضحة إلى اعتماد العراق ككل دول البترول على تصديره كمصدر رئيسي و ربما وحيد لميزانية هذه الدول .
5. عبر جابر رضي الله عنه عن الحصار أو ما يسمى في الإعلام المعاصر بالحصار بعبارة أخرى و بلفظ آخر و هو قوله ( يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم ) و هو تعبير دقيق ينطبق على ما يسمى بالحصار العالمي للعراق الذي يعايشه أهل العراق منذ دخول جيشهم إلى الكويت حتى الآن ، و هو أدق وأصوب لغة ومعنى من تعبير الحصار . لأن الحصار يقتضي حصر البلد المحاصر داخل حدود لا يستطيعون الخروج منها كما يمنع غيرهم من دخولها . هكذا كان حصار المدن قديماً ، إذ كان يحيط جيش العدو بأسوارها و أبوابها ، أو حتى بحدودها ، إذا لم يكن لها أسوار ، و يمنعون دخول البضائع إليها بهذه الكيفية القديمة . أما الآن فالأمر مختلف تماماً وإن استخدامنا لفظ الحصار القديم . إذ ليس للعراق الممتدة شرقاً و غرباً و شمالاً و جنوباً ، أسوار وليس لها بوابات و ليس حول حدودها الشاسعة جيوش متراصة كما في القديم . و مع هذا فقد منع عنهم الكيل و الدواء والسلاح والدراهم حيث توقف تصدير البترول . وجاء المنع بقرارٍ من مجلس الأمن بالمقاطعة الاقتصادية و التجارية و العسكرية و بامتثال الدول الخاضعة لهذا المجلس لهذه القرارات .
ونظراً لأن الأيادي الخفية التي تحكم من وراء حجاب من خلال مجلس الأمن وبقوة أعضائه ونظراً لأنها لا تملك أن تخضع كل البشر والدول فإن الحصار أو بالتعبير الصحيح الدقيق المنع ليس كاملاً و تاماً ، حيث هناك التهريب من الحدود فالحصار أو المنع ليس تماماً ولا كاملاً ، لذا جاء التعبير عنه بقوله جابر رضي الله عنه ( ... . يوشك ...) بمعنى يكاد ، و نظراً لأنه منع بقرار و بامتناع أكثر الدول و الشركات العالمية عن البيع و الشراء مع العراق جاء التعبير بقوله ( ألا يجبى إليهم ) .
صحيح أن أكثر العرب يقاطعون العراقيين و يمنعون عنهم الطعام ، و لكن لا يخطر على بال أحد ـ في الزمان السابق المعاصر للصحابة ـ أنه سيأتي يوم على شعوب الأرض جميعاً يخضعون لقرار واحد ، و يستجيبون لهيئة واحدة ، و لذا كان أقرب تعبير عن هذه المقاطعة العالمية للعراق يفهمه أهل ذاك الزمان هو أن العجم أي كل شعوب الأرض من غير العرب هم الذين يمنعون الطعام عن أهل العراق .
و إذا تأملنا النص ، وجدناه مطابقا مع الواقع الفعلي المعاصر ، إذ أن التابعين المتلقين عن جابر سألوه : من أين ذاك ؟.
و هو سؤال عن مصدر المنع و أصل الحصار و ليس عن الذين يمنعون بالتحديد فجاءت الإجابة بأن المصدر هو العالم كله ، أو هو هيئة تمثل دول العالم ، إذ قال جابر رضي الله عنه : العجم يمنعون ذاك ؟.
وعلى هذا يمكن القول أن المنع الحادث عن العراق أعجمي ، لأن كل شعوب الأرض ماعدا العرب " رسمياً" بمقتضى موقف اليمن في مجلس الأمن ـ قد فرضوا هذا الحصار عن رضى و طواعية ، لأن مجلس الأمن يومئذ ، الدائمين فيه و غير الدائمين ماعدا اليمن ، هو مصدر الحصار أو بالتعبير الدقيق مصدر المنع و على هذا فليس أدق من إجابة جابر رضي الله تعالى عنه عن مصدر الحصار أو المنع من قوله :" العجم يمنعون ذاك " .
فهو منع و ليس حصار من ناحية ، و مصدره ، و أساسه كل شعوب و أمم ودول الأرض ماعدا العرب ، فهم إذن العجم .
6. لم يحدث منذ بدء تاريخ الإسلام ومنذ أن أسلم شعب العراق و أصبح جزءاً من الأمة الإسلامية لم يحدث حصار للشعب العراقي مفروض من كل شعوب ودول العالم من قبل.
7. إذا كان هذا الخبر الأول من حديث جابر رضي الله عنه قد حدث و لازال قائماً ، فإنه يقيناً ، خاصة و أن الحديث صحيح ، سيحدث الخبر الثاني وهو حصار الشام.
كذلك سيتلوه في الحديث الثالث و هو الخلافة الصالحة.
ثم قال : (يوشك أهل الشام ألا يُجبى إليهم دينار و لا مُدي ) .
تعبير المنع نفسه، و المدي هو مكيال أهل الشام للطعام ، فهو إذن منع الطعام عن أهل الشام ، وكذلك منع المال عنهم . أي لا استيراد و لا تصدير .
فلما سألوا جابراً رضي الله عنه عن مصدر هذا المنع ( قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل الروم ) .
و الروم في التراث الإسلامي هم أهل أوربا . و في هذه الإجابة الدقيقة من جابر رضي الله عنه دليل واضح على حدوث الزلزلة العظيمة بعد حصار العراق و قبل حصار الشام ، كيف ؟
لأن الروم الآن أو أوروبا متمثلة في مجلس الأمن بشعبين أو دولتين من أكبر دول أوروبا هم إنجلترا و فرنسا ، و أمريكا التي هي أقوى دول العالم المعاصر ، وتقود مجلس الأمن و تحكم العالم من خلاله أيضاً هي من أوروبا في الأصل ، لأن شعب أمريكا أوروبي الأصل فهم الذين تحدثت عنهم السنة باسم بني الأصفر و باسم الروم .
لكن جاء مصدر الحصار العالمي للعراق من كل العالم ، بينما سيأتي المنع على الشام من الروم ، وليس لهذا إلا تفسير واحد لا غير ، و هو أن النظام العالمي الجديد سينهزم و يصبح أثراً بعد عين .
و هذا معناه أنه لن يكون في الأرض مجلس أمن أو هيئة أمم متحدة تفرض ما تقرره على الشعوب و الدول بقوة السلاح .
ستنتهي هذه السلطة العالمية ، و تنمحي حتى أنه عندما سيحدث في الشام أو من أهل الشام ما يهدد مصالح و سيادة الروم في أوروبا فسيأتي المنع من أوروبا أو من الروم ، قد يستجيب للروم حينئذ غيرهم من بعض الدول و الشعوب حرصاً على مصالحهم معهم ، لكن مصدر السلطة التي ستجعل حصاراً على أهل الشام هي أوروبا.
و هذا لا يكون إلا بعد هدم النظام العالمي الجديد و انتهاء مؤسساته التي ظل اليهود سنين عديدة في إعدادها ، بجهود خبيثة خفية باطنية جبارة ، و من ثم سيتغير الصراع الإسلامي الجاهلي يتغير أطراف الصراح ، فيصبح بين العالم الإسلامي العربي و بين أوروبا بعد أن كان بين العالم كله من جهة و بين المسلمين المستضعفين م جهة أخرى .
و مقدمة هذا الصراع ما يحدث بين أوروبا و الشام ، و هكذا تبدو في الأفق بداية تكون ملامح صورة العالم الجديد المؤدية إلى صراع قوتين عظيمتين في الأرض هما أوربا الموحدة المشركة بالله تعالى و الخلافة الإسلامية بقيادة المهدي لينتهي الصراع بين التوحيد و الشرك بدخول المسلمين روما بعد الملحمة العظمى و كل أوروبا و أمريكا . لقد صاحب الحصار العالمي للعراق معركة عالمية عظيمة أطلق عليها البعض بحق : " الحرب العالمية الثالثة " فهي إذن ملحمة ، بل هي أولى الملاحم إذ ستتلوها ملاحم بين المسلمين و الروم تنتهي بآخرها ، أي الملحمة العظمى التي يفتح الله تعالى بها على المسلمين أوروبا .
و خلاصة القول أن تغير مصدر المنع من العجم بالنسبة للعراق إلى الروم بالنسبة للشام يعني أن المصدر الأول و هو مجلس الأمن بقيادة أمريكا و المتضمن لأوروبا أو الروم (إنجلترا و فرنسا ) لن يكون موجوداً عند حصار الشام ، إذ سيكون من الروم أو أوروبا فقط و هذا معناه انعدام مجلس الأمن و أمريكا كقوة سياسية كقوة سياسية عسكرية تحكم الأرض عند حصار الشام ، و هنا إشارة خفية في الحديث السابق إلى أن حصار العراق سيكون أشد من حصار الشام و ذلك أنه صلى الله عليه و سلم ذكر في الشق الذي يتعلق بالعراق أنه يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز و لا درهم ، أما أهل الشام فقال : يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار و لا مدي و من المعلوم أن الدرهم أقل بكثير من الدينار أي أن أهل الشام سوف يمنع عنهم الدينار أما أهل العراق فسوف يمنع عنهم الدرهم و الدرهم كما هو معروف أقل بكثير من الدينار .
قام بكتابة المقالة وتخريج أحاديثها فراس نور الحق
المرجع :زلزال الأرض العظيم تأليف بشير محمد عبد الله .

[/font]

 
الوسوم
الاعجاز السنة العلمي القرءان موسوعه
عودة
أعلى