روايه بعد الغياااب

الجزء السادس والثمانون




جواهر في غرفتها بعد مارجعت من بيت أخوها عبدالعزيز
نادت عيالها..

كانت مقررة تقول لهم عن اختفاء أبوهم..
فكرت في كلام كثير.. كثير.. ومقدمات أكثر

لكن الحين وهي تشوف وجوههم العذبة قدامها
متعلقة في وجهها بترقب متخوف..
حست كل الكلمات تتبخر..

حاولت استعادة تماسكها.. عشانهم.. وعشان عبدالله اللي وعدته إنها تكون قوية..

أول من تكلم كان عبدالعزيز اللي قال بهدوء وثقة: يمه.. أنتي قلتي أنج تبغينا في موضوع مهم.. شنو هالموضوع؟؟ احنا قاعدين ننطرج..

جواهر بهدوء وحنان: أنا عمري كذبت عليكم في شيء؟؟؟

نوف وعزوز مع بعض باستنكار: حاشاج..

جواهر بنفس النبرة الهادئة الحنونة: يعني لو قلت لكم أنه أبوكم مهما طال غيابه بيرجع.. تصدقوني؟؟

نوف بتوتر: يمه أبوي مسافر في شغل..
صحيح تأخر يوم زيادة عن الـ3 أيام اللي هو قال.. بس ما أعتقد أنه بيطول أكثر كذا بعد..

جواهر برقة: ماجاوبتم على سؤالي..

عزوز بهدوء: أكيد يمه نصدقج..

جواهر بحنان وهي تلتفت على نوف: وانتي يانوف.. ماتصدقين أمج؟؟

نوف بتوتر: حاشاج يمه.. أكيد أصدقج..

جواهر بهدوء: وأنا أقول لكم واأكد لكم أن أبوكم بيرجع..

عزوز والقلق بدأ يلتهم تفكيره بعنف: يرجع من وين يمه؟؟

جواهر بتخوف غلفته بأكبر قدر من الهدوء ولهجة المساندة: أبوكم مفقود في العراق..


********************



مضى أسبوع على الأحداث الأخيرة...

عيال عبدالله بعد خبر اختفاء أبوهم.. أصيبوا بحالة حزن حادة..

عبدالعزيز ساعدته قوة شخصيته وهدوءه على التوازن.. وخصوصا مع إحساسه المتزايد بالمسئولية
وأنه هو رجل البيت في غياب أبوه..
دفن حزنه في صدره من أجل نوف على وجه الخصوص..

نوف أصيبت بانهيار عصبي حاد.. وبقيت في المستشفى لمدة يومين.. بدأت بالتماسك وهي عاجزة عن تخيل حياة بدون وجود والدها
كان الحزن في قلبها الصغير الغض أكبر من احتمالها..
لكن حنان أمها اللامحدود كان يدعمها ويطمن قلبها.. وخصوصا إن جواهر كانت تأكد لها بشكل دائم إن عبدالله بيرجع..
نوف فاتتها عدة أيام من بداية الدراسة في الجامعة.. وأصرت عليها أمها تداوم..
وخصوصا إن جواهر نفسها عادت لطالباتها ومحاضراتها.. رغم إحساسها المر بخواء روحها وحياتها في غياب عبدالله..
ولولا وجود عيالها في حياتها الله العالم أيش كان ممكن يصير لها..


نورة وعبدالعزيز كناري الحب الجديد..
نورة أدخلت روح جديدة في حياة عبدالعزيز.. بمرحها وجنونها وانطلاقها وامتلائها بالحياة
وعبدالعزيز أرضى قلبها المتعطش للحنان.. بحنانه المتدفق وروحه الشفافة..


سالم ومنيرة مازال الحال على ماهو عليه بين مد وجزر..
ولكن الأثنين أصبحوا يستمتعون جدا بصحبة بعض..
بينهم حديث مشترك ودي..
أحيانا يحتد سالم على منيرة ويعصب
لكنها تمتص غضبه بسرعة

ماجد ودلال مازالو يستمتعون بشهر عسلهم
ماجد مايعرف باللي صار لعبدالله
كان يتصل على عبدالله ويلقى تلفونه مقفول
بس كان يعتقد انه سوء الاتصالات او أن عبدالله مسافر
ماخطر بباله نهائيا أنه يكون عبدالله صار له شيء

خالد ومحمد خلصوا امتحاناتهم .. أثنينهم نجحوا..

محمد تخرج أخيرا وبدأ بإنجاز معاملات التخرج..

خالد بعد نجاحه.. نفذ مع دانة مخططها اللي ماكان يعلم بإبعاده الحقيقية..
كان يكفي خالد أن تأمره دانة أخته الكبيرة الغالية اللي هو يصدقها في كل شيء تقوله عشان ينفذ وبس..
وخصوصا إن قصتها كانت محبوكة... وجانبها الرئيسي كان حقيقي فعلا..


******************
 
في غرفة مها والجازي...

مها تعد أوراق عمل مطلوبة منها.. والجازي تتصفح مجلة

عقب الجازي نطت عند مها لمكتبها وهي تقول برجاء: تكفين خلينا نروح لدانة شوي.. اشتقت لها.. فديتها.. وفديت ريحة سعود فيها..

مها وهي تكتب: أنتي راقدة على روحش.. هذا وأنتي تحبينها ذا الحب كله ماتعرفين أخبارها.. وإلا كالعادة أخر من يعلم..

الجازي بحذر قلق: ليه دانة صاير عليها شيء؟؟

مها بنبرة عادية: دانة سافرت عندها دورة أو شغل برا..

الجازي باستفسار: وين؟؟

مها هزت كتوفها: ما أدري.. ماقالت لي مزنة وين..


*****************


سعود في سكن المعسكر.. اليوم عنده أوف..

ومع كذا ماطلع مع بقية الشباب اللي راحوا لبيروت..
ونادرا ماكان يطلع معهم إلا لو ألحوا عليه بشكل محرج

كان قاعد في صالة السكن يتفرج على الأخبار في التلفزيون

دخل عليه واحد من زملائه في السكن.. وسلم وقعد قريب من سعود..

سعود بمودة أخويه: وش فيك نايف ماطلعت مع الشباب..؟؟

نايف بود: حشوة سني طاحت.. رحت عشان أسوي حشوة بدالها.. في المستوصف التابع للأمم المتحدة اللي جنبنا..

سعود بذات الأخوة: وعسى ضبطوه لك؟؟

نايف بعيارة: ضبطوا لي سني.. وسرقوا قلبي..

سعود بابتسامة: ياكثر ما ينسرق قلبك.. مابقى حد ماسرقه.. ذا المرة مجندة أمريكية وإلا صومالية؟؟؟

نايف بعيارة: لا والله إلا دكتورة قطرية!!

سعود باستغراب: دكتورة قطرية هنا..!!

نايف بهدوء: أنا مثلك استغربت يوم شفت الدكتورة اللي لابسة نقاب في المستوصف.. ولبسة النقاب لبسة قطرية أشمها عن بعد..
قربت شوي منها شفت فعلا شعار قطر عليها واسمها..
سألت عنها قالوا لي طبيبة أسنان
قلت تكفون حشوة سني ماطاحت إلا عشانها.. مايعالجني إلا هي..
بس الاستقبال قالوا لي: إنها شارطة ماتعالج إلا حريم وأطفال..
قلت لهم عمري 7 سنين بس ماصدقوني..
آه ياسعود ذبحتني عيونها في النقاب
ياحي الدوحة واللي في الدوحة..

سعود حس برعشة مرة تجتاحه وهو يتذكر دانة اللي أصلا ماتغيب عن باله.. لكن ذكر طبيبة الاسنان القطرية خلاها تحضر بكل العنف والحدة والتجسد..

سعود رد عليه بحدة: أحشم بنات ديرتك وغير بنات ديرتك من المستورات يا نايف..

نايف وهو يضحك ويقوم يبي يروح ينام: محشومين كلهم.. ولو تدري بعد أنها من قبيلتك وفخيذتك.. كان كليتنا بقشورنا يعني..؟؟

سعود نط برعب
واحتمال مرعب قاتل مدمر ينط لمخيلته
وهو يمسك يد نايف بعنف: شأسم الدكتورة ذي؟؟

نايف بألم: سعود تكفي يأخوي بتكسر يدي..

سعود وهو يعصر يد نايف أكثر: أقول لك شأسمها؟؟

نايف بألم أكبر: دانة هادي الــ


**********************



جواهر في مكتبها في الجامعة..

نجلاء تمدها بصحن في بسكويت..

جواهر تحط يدها على فمها وأنفها: لا تكفين نجلاء.. لا تقربينه مني ريحته تلوع الكبد..

نجلاء باستغراب: شنو ريحته تلوع الكبد ذي؟؟ أنتي أصلا تحبين هالبسكويت..

جواهر بتعب: أحبه أول موب الحين..

نجلاء نطت لدرجة أنها كانت بتركب على مكتب جواهر وهي تصيح بفرح هستيري: حامل.. حامل.. صح؟؟

جواهر بتعب وحزن: إيه حامل..

نجلاء بغضب مصطنع: ياخاينة العشرة والصحبة.. يوم حملت بحمودي كنتي أول حد خبرته.. قبل جاسم حتى..

جواهر بود: أنتي عارفة ظروفي نجلاء.. وأنا توني سويت التست أمس..
رغم اني تعبانة صار لي كم يوم..وكنت تقريبا متأكدة من الحمل لأن الدورة لها أسبوعين متأخرة

نجلاء حزن رقيق: شنو جواهر؟؟ منتي بفرحانة بالحمل؟؟؟

جواهر بصدق: بالعكس.. فرحانة وفرحانة وايد والله العظيم.. اللهم لك الحمد والشكر..

نجلاء بود: زين ليش نظرة الحزن في العيون الحلوة؟؟

جواهر بحزن عميق: عبدالله يانجلاء.. عبدالله..
كان بيموت يبي طفل.. كان شفقان وايد على بيبي..
فوق ما تتخيلين كانت شفقته ولهفته..
ويوم أدري أني حامل.. مايكون جنبي أبشره..

نجلاء قربت من جواهر اللي كانت جالسة وحضنتها بحنان وقالت لها بحزن ومساندة: إن شاء الله بيرجع.. وبتبشرينه
وبيكون جنبج في الولادة.. مثل ماكان جنبج في ولادة نوف وعزوز..

جواهر وهي تشد على حضن نجلاء وتقول بأمل حزين: إن شاء الله يانجلاء إن شاء الله..


**********************


سالم ومنيرة قاعدين في الصالة.. يلفهم صمت لطيف
وأجواء الترقب المشحونة التي أصبحت تحضر بينهم كثيرا هذه الأيام تعبق حولهم..
إنذارا أما بالهدوء قبل العاصفة.. أو انهيار الحواجز

سالم قطع الصمت بتساؤل: منيرة.. الجامعة مهيب بدت؟؟

منيرة بتردد: بلى بدت..

سالم باستغراب: وانتي ليش ماداوامتي للحين؟؟

منيرة سحبت نفس عميق وقالت بهدوء: لأني انسحبت من الفصل الدراسي الحالي..


******************



سعود يقتحم مستوصف الأمم المتحدة.. وهو يسأل موظفة الاستقبال بصوت مقطوع الانفاس نتيجة لقطعه المسافة بين سكن القوات والمستوصف ركض: وين الدكتورة دانة هادي؟؟

الموظفة بحذر وهي تشوف شكل سعود المرعب المتغير من الغضب: وممكن أعرِف شو بدك فيا؟؟

سعود وهو يسحب نفس عميق ويحاول يتماسك: أنا زوجها.. وين هي؟؟ أبي أشوفها..

الموظفة بأدب: بغدون مسيو.. بس ياللي باعرفه أنو الحكيمة دانا بيجي خيا بياخدا.. وماسمعت انو زوجا هون...

سعود خلاص ماله مخ ياخذ ويعطي معها.. دخل على المستوصف وهو يفتح كل الأبواب..
في الوقت اللي موظفة الاستقبال اتصلت بدانة اللي كانت وقتها خلصت مرضاها وبتطلع..
وبلغتها الموظفة أنه فيه واحد معصب يقول إنه زوجها يدور عليها..

دانة حست قلبها طاح برجولها.. ونبضات قلبها كطبول الحرب المجنونة
أشلون عرف سعود إنها هنا...
ماخططت أنه اللقاء يكون كذا.. جية سعود وهو معصب كذا بتخرب كل مخططاتها..
الحين أشلون بتفهمه سبب جيتها وراه هنا..
أكيد الحين معصب بجنون.. وماراح يسمح لها تشرح أو تتكلم..

مع كذا دانة خذت نفس عميق.. وهي مقررة إنها تحاول تسيطر على الامور..

فتحت الباب وهي بنقابها وبالطوها الأبيض اللي تلبسه على العباية المسكرة عشان تشوف وين سعود..

عشان تتفاجأ

بسعود

واقف قدامها..
 

الجزء السابع والثمانون




دانة حست قلبها طاح برجولها.. ونبضات قلبها كطبول الحرب المجنونة
أشلون عرف سعود إنها هنا...
ماخططت أنه اللقاء يكون كذا.. جية سعود وهو معصب كذا بتخرب كل مخططاتها..
الحين أشلون بتفهمه سبب جيتها وراه هنا..
أكيد الحين معصب بجنون.. وماراح يسمح لها تشرح أو تتكلم..

مع كذا دانة خذت نفس عميق.. وهي مقررة إنها تحاول تسيطر على الامور..

فتحت الباب وهي بنقابها وبالطوها الأبيض اللي تلبسه على العباية المسكرة عشان تشوف وين سعود..

عشان تتفاجأ

بسعود

واقف قدامها..


سعود رغم قوة شخصيته.. إلا أن دانة بالذات.. كانت من تقلب كيانه فوق تحت.. وتخرجه خارج حدود أي سيطرة على تفكيره ومشاعره..وكأنه شخص آخر..



دانة نط قلبها من مكانه وهي تشوفه واقف بحزم غاضب ببنطلونه الجينز الأزرق الباهت..
البلوفر الصوفي الكحلي بخطوطه السماوية وفتحته المثلثة اللي يبرز خلالها مثلثي جيب القميص السماوي الداخلي المفتوح
في أناقة على الطريقة البريطانية الارستقراطية العتيدة
شعره القصير المرتب دائما.. عارضه الخفيف المحدد باستقامة كاستقامة المسطرة..

شكله الانيق الرايق كان أبعد مايكون عن تصرفه وغضبه الناري وجنونه..

سعود دفها من صدرها لداخل الغرفة اللي هي طلعت منها وقفل الباب وراه..

سعود بغضب مدمر كاسح: وصلت بش المواصيل أنش تطلعين من الدوحة من غير ما أدري..
ومن غير أذني
كأني طرطور.. ولا لي حكم عليش..

لولا أني وعدتش أني ما أمد يدي عليش مرة ثانية..
وإلا والله العظيم اللي رفع السما بدون عمد.. كان شفتي شيء عمرش في حياتش كلها ماشفتيه..

دانة بتوتر ورجاء: سعود خلني أشرح لك.. ماراح تفهم أسبابي وأنت معصب كذا..

سعود مسك عضود دانة وهو يهزها بعنف
وغضبه يتزايد لدرجة أنه ماعاد يشوف شيء قدامه: وش أفهم؟؟ وش أفهم..؟؟
أنش تبين تقهريني وتهينني..؟؟؟
ماكفاش أنش مشيتي شورش علي في الدوحة.. ورحتي للشغل هناك وأنا ماني براضي...
جايه وراي هنا عشان توريني أنش تمشين شورش في كل مكان...
أنتي مافي وجهش حيا.. ولاعندش ذرة احترام للرجّال اللي اسمه رجّالش..
ماراح أقول مافي قلبش ذرة حب.. لأن هذا شيء أنا غسلت يدي منه وأنا في الدوحة
لكني كنت أظن أن الاحترام مستمر بيننا.. وانش محافظة على احترامي كزوج لش..

دانة كانت تستمتع لرشاش الكلمات القاتل المنساب من بين شفتي سعود.. وكل كلمة تذبحها ألف مرة (والله أنك فاهم غلط ياسعود.. عطني فرصة أشرح لك.. تكفى.. بس فرصة)

سعود كان مستمر بكلامه المنثال بذات الغضب الأعمى اللي حركه في داخله خليط مدمر من المشاعر..
الغيرة الهادرة.. والقهر المر.. وإحساس الحب الضائع.. والاحساس بالاهانة المزعومة:

لكن اليوم هنا أنتي كشفتي لي أنه حتى احترامش لي معدوم بعد ما أثبتي لي في الدوحة أنه حبش لي معدوم..

زواج بدون حب واحترام.. مستحيل يستمر..

سعود بنفس الغضب المدمر المر:

أنتي طالق يادانة

استمتعي بشغلش اللي أنتي بديتيه على احترامش لي
واستمتعي بقلبش اللي أنتي استخسرتيه فيني..

وبما أنش خلاص وصلتي للي تبينه.. ترجعين للدوحة الليلة فورا وبدون نقاش
وحساب خالد بيكون معي لما أرجع الدوحة..

سعود قال كلمته أو سوى جريمته وطلع..
هو يترك قلبه ينزف وراه طوفان دم
وروحه تغادره مع كلمة (أنتي طالق)..
سعود خرج وهو جسد بدون روح بكل معنى الكلمة..

بينما دانة تتحول لمخلوق هلامي بلا كيان.. لا جسد.. ولا روح


******************


سالم قطع الصمت بتساؤل: منيرة.. الجامعة مهيب بدت؟؟

منيرة بتردد: بلى بدت..

سالم باستغراب: وانتي ليش ماداوامتي للحين؟؟

منيرة سحبت نفس عميق وقالت بهدوء: لأني انسحبت من الفصل الدراسي الحالي..

سالم نط واقف وهو يهتف بغضب: وليش انسحبتي؟؟

منيرة بلعت ريقها: ماأبي أدرس الفصل هذا.. أبي أريح شوي.. تعبت من الدراسة..

سالم بألم: تعبتي من الدراسة وإلا عشان تقعدين مع الأعمى؟؟

منيرة بألم حاد: حبيبي تكفى لا تقول كذا..


سالم رجع يجلس على الكنبة اللي كان جالس عليها وهو يقول بهدوء مغلف بنبرة حزن غامرة: إذا حبيبس مثل ماتقولين.. تروحين تداومين في جامعتس..

لأول مرة يكون متقبل قولتها له حبيبي.. منيرة قامت من مكانها وجلست عند رجوله على الأرض
وحطت رأسها على فخذه وهي تقول بحنان: خلاص حبيبي
الانسحاب صديقتي قدمته من زمان.. ووافقوا عليه خلاص..
بارجع الفصل الجاي.. مهوب رايح شيء علي..

سالم مسح على شعرها بحنان: أنا آسف حبيبتي.. آسف.. لخبطت حياتس.. ودراستس.. حتى الآسف مايعبر عن اللي أبي أقوله..

لأول مرة يقول حبيبتي.. وهو قاصدها وبهذي الرقة والحنان
لأول مرة!!!!

حست منيرة بألم دافئ عذب جميل يغزو قلبها اللي أثقله الهجران والصد..
سالم خلاص تعب من صدها والقسوة عليها.. بينما قلبه يذوب فيها وعليها..

منيرة رفعت رأسها من فخذ سالم.. وقفت على ركبها..
قربت من سالم..
وطبعت قبلة عذبة ناعمة على ذقنه.. أودعتها كل مشاعرها المتدفقة بعنف

أنفاسها الدافئة القريبة وملمس شفايفها الناعمة على بشرته..
وتّر سالم بشدة.. ومشاعرة الرجولية العنيفة اللي تعب من كبتها ترتفع للحد الأقصى..
لكنه قال لمنيرة بصوت حنون ومتعب وهو يبعدها برقة عنه: منيرة تكفين.. تكفين.. لا تعيدينها..
أنا تعبان من قربس ومن لهفتي.. ومافيني أي قوة أقاومس..

منيرة برقة وخجل: وليش سالم تبي تحرمني منك.. وتحرم نفسك مني؟؟

سالم بألم: لأنس عندي شيء يتجاوز الجسد بمراحل..
في كل مرة حلمت فيها فيس.. كان استمتاعي بشوفة لمعة عيونس وارتعاش شفايفس هو متعتي الأكبر..
أي علاقة بيننا في وضعي الحالي.. بيكون اعتمادها على تنفيس شهوة جسدية عمرها ماكانت حلمي معس..
أنا عندي أمل كبير في الله سبحانه أنه يشفيني.. محمد بعث تقاريري لعدة بلدان.. وأنتظر رد بإمكانية علاج حالتي..

انتظري علي.. عشان أقدر أحقق حلمي معس مثل ما تمنيته طول عمري
أنا فعلا خلاص كل مقاومتي انهارت.. فأنتي ساعديني على نفسي..

منيرة ردت بخجل وصدق: إن شاء الله حبيبي.. أوعدك
رغم أن بداخلها ذات مشاعر سالم..
لوعة هادرة..
وشوق قاتل مكبوت..


********************
 
دانة قاعدة جنب خالد في التكسي اللي بيرجعهم للفندق..

دانة تعتصم بصمت مر..

دانة قررت أنها لن تبكي
ولن تطلق أسر دمعة واحدة حتى..
لأنها تعلم أنها لو سمحت لنفسها بالبكاء ستنهار انهيارا تاما نهائيا.. انهيارا لا تراجع بعده ولاعودة..

حزنها كان أكبر من البكاء .. أكبر من الألم..
أكبر من من الحزن ذاته..
أكبر من أي شعور يمكن تخيله لامتدادات الألم والوجع والجرح والوحدة وانسكاب الروح

كانت مجروحة بعمق.. مطعونة في عمق روحها النبيلة
مذبوحة من أقصاها إلى أقصاها

(وهنت عليك ياسعود؟؟!!
هانت عليك دانة؟!!
وهان عليك تقولها؟؟!!
هان عليك تقطع كل اللي بيننا
بكلمة..
هان عليك تذبحني
وتستمتع بشوفة دمي يسيل مع روحي قدامك)

خالد بقلق: دانة حبيبتي.. وش فيش؟؟ من طلعتنا من المستوصف وأنتي ساكتة بشكل يخوف...

دانة في جملة واحدة قاطعة حادة كنصل سكين مشحوذ: سعود طلقني..


**********************



الوقت بعد صلاة العشاء في بيت عبدالله..

جواهر وعيالها قاعدين مع بعض في الصالة اللي تحت في تجمعهم المسائي قبل العشاء..

جواهر بحنان : نوف..عبدالعزيز.. عندي لكم خبر..

عبدالعزيز بود: خير يمه؟؟

في الوقت اللي نوف رفعت عيونها المطفية لأمها بصمت..
نوف من بعد اختفاء أبوها.. ولمعة عيونها المرحة بهتت..
أحاسيسها مشوشة.. والناظر لها يحس كأنه في شيء فاقدته وهي قاعدة تدور له..

جواهر برقة وحب: بعد حوالي سبع شهور ونصف بيكون عندكم أخ أو أخت صغار..

عبدالعزيز قام بثقة وقبل رأس أمه ويدها وهو يقول بفرح: الله يتممه يمه.. وأخيرا بيكون عندنا طفل في البيت.. حالنا حال العالم..

في الوقت اللي نوف نطت وحضنت أمها بعنف.. وهي تبكي بهستيرية: سميه عبدالله يمه.. سميه عبدالله تكفين..

جواهر برعب قاتل وهي تحضن نوف: بسم الله على عبدالله.. لا تفاولين على أبوج.. أبوج بيرجع وهو اللي بيسميه..

(عندنا في عاداتنا.. ما يسمى الولد باسم أبوه إلا لو كان هذا الولد قد ولد بعد وفاة والده)

نوف مستمرة في بكاءها الهستيري: آه يبه.. آه.. وينك؟؟ لو أنت صدق عايش... وينك؟؟ وينك؟؟ وينك؟؟

جواهر وهي تشدد من احتضانها لنوف: هدي حبيبتي هدي.. أبوج بيرجع.. صدقيني بيرجع..
وهو لو يدري انج قاعدة تسوين في نفسج كذا بيزعل عليج.. وانتي عارفة..

عبدالعزيز كان معتصم بالصمت.. في الوقت اللي عبرة حادة تخنق روحه الشفافة..


***********************



بعد حوالي 5 أيام على طلاق سعود ودانة..

سعود ما أتصل إطلاقا بالدوحة خلال هذه الفترة.. رغم أنه كان يتصل خلال الفترة السابقة بشكل يومي بأمه ومحمد وخواته
ولكنه ما أتصل أطلاقا بدانة ولامرة عشان كذا ماعرف بسفرها..

أما خلال الأيام الخمسة الماضية فهو ما أتصل مطلقا بأي حد من أهله في الدوحة
ظنا منه أن دانة أكيد رجعت للدوحة..
والجميع أكيد عرف بخبر الطلاق..
وهو نفسيته في الحضيض ومو مستعد يسمع أي كلمة عتب أو لوم من أي أحد..
لأن ماحد منهم حاس بالنار الحارقة المستعرة في جوفه..

وعشان ماينشغل بالهم عليه من عدم اتصاله بعث مسج لمحمد أنه عنده في المعسكر شغل يمنعه من الاتصال..
كان يبي صدمتهم الأولى بخبرالطلاق تخف.. وعقب هو يتصل فيهم..


سعود كان راجع من المعسكر بعد ماخلص مناوبته للسكن
كان يخلع جزمته عند الباب..
ويسمع بوضوح أصوات الشباب يسولفون في الصالة..

عبدالرحمن بمرح: نايف أنت وش عندك في المستوصف؟؟ صاير تداوم هناك أكثر من دوامك في المعسكر..

نايف بعيارة: خلعت ضروسي كلها.. على أمل أنها تحن علي وتعالجني..لكنها حتى نظرة ماعطتني..
لا وأزيدك من الشعر بيت.. اليوم عطتني كف محترم..
نايف وهو يحط يده على خده: جعل خدي فداها.. بس ليتها تحن علي..

ونايف يتكلم ما أنتبه لقدوم الأعصار اللي أقتلعه من الكرسي اللي هو كان قاعد عليه..
ويرفعه عالي ويلصقه في الطوفة..
 

الجزء الثامن والثمانون



ونايف يتكلم ما أنتبه لقدوم الأعصار اللي أقتلعه من الكرسي اللي هو كان قاعد عليه..
ويرفعه عالي ويلصقه في الطوفة..

سعود مسك نايف من جيبه وانتزعه من الكرسي بعنف وهو يرفعه بيد وحدة ويثبته على الطوفة.. ويقول بصوت مرعب:

والله ثم والله لو فكرت في ذا الدكتورة حتى لو في أحلامك
ياأمك نفسها ماتعرف وجهك..
وهلك يشوفونك مقبل مايدرون هذا وجهك وإلا مقفاك..
وأظنك يانويف عرفتني من الأيام اللي طافت
وعرفت أني لا أهدد ولا أبربر ولا أخاف
وأن قلت فعلت.. والتحذير وصلك..
وذنبك على جنبك.

ثم رماه سعود على الارض بعنف.. ونايف مستغرب وخايف من اللي سعود سواه.. لكنه مايقدر يقول شيء
وخصوصا أن رتبة سعود أعلى من رتبته..
وحس أن الموضوع أكيد في شيء
(يمكن سعود زعل عشان الدكتورة ذي من جماعته؟!!..)



بعد دقايق كان سعود في المستوصف..
وما أحتاج يسأل حد عن مكان دانة لأنه حفظه من المرة اللي فاتت..
اقتحم الغرفة على دانة اللي كان عندها مريضة توها خلصتها..
دانة كانت منزلة كمامها عند ذقنها..
أول ماشافت سعود دخل.. رجعت الكمام على وجهها..
ولفت ظهرها تتناول نقابها.. ولبسته.. وخلعت الكمام..

سعود واقف وأنفاسه تعلو وتهبط ووجهه محمر.. وغضبه اللي دانة حفظته مرتسم على وجهه..
وكان هذه المرة واقف بلباسه العسكري اللي أول مرة تشوفه عليه
لأنه لبس قوات الأمم المتحدة بلونه الأزرق والرمادي المعروف..

دانة كانت تتكلم مع مريضتها وتعطيها شوي نصائح.. لحد ماطلعت المريضة وقفلت الباب وراها..

دانة تجاوزت سعود وفتحت الباب.. خلته مفتوح
ورجعت وجلست على مكتبها..

وهي تقول بهدوء: أنا ماني بحلال لك.. عشان ينقفل علينا باب.. هذا أولا..
وثانيا : أنت منت بحلال لي عشان تدرعم وتفتح الباب وتدخل علي وانت عارف أني يمكن أكون كاشفة وجهي..

الجملة (أنا ماني بحلال لك..أنت منت بحلال لي) اللي تكررت في كلام دانة مرتين.. نحرت سعود نحر وهي تجرد الحقيقة المرة للطلاق قدام سعود..

(دانة مهيب حلالي.. دانة مهيب لي.. وش سويت في روحي؟؟)

سعود مسك أعصابه بقدرته المذهلة..
رجعت له حالة تمثيل البرود اللي أتقنها لفترة متطاولة من الزمن: بس أعتقد أني ولد عمش يادكتورة.. وهذي حقيقة ماتغيرت..

دانة ببرود قلبها يتمزق تحت هذا البرود من لما شافته فتح الباب ودخل: وولد عمي المبجل وش يبي مني؟؟

سعود بنفس البرود الواثق: ليه مارجعتي الدوحة؟؟ أنا ماقلت لش أرجعي من هذاك اليوم..

دانة بهدوء: يظهر أنك صار عندك لبس في ترتيب الأوامر..
أنت طلقتني أولا.. ثم أمرتني أرجع الدوحة..
بينما بعد ماطلقتني.. أنت رجّال غريب عليّ ومالك عليّ حق الطاعة..
لو أمرتني أرجع أولا.. ثم طلقتني لما أصير في الدوحة
كان مخططك مشى تمام..
بس غضبك المعتاد منعك من التفكير المنطقي..

سعود ببرود: من غير فلسفة فاضية يابنت عمي.. ترجعين الدوحة فورا.. وإلا والله مايصير لش طيب..

دانة بنفس بروده: وش بتسوي لي أكثر.. طلاق وطلقتني.. الشيء الوحيد اللي كان مخلي لك سيطرة علي.. أنت تخليت عنه بنفسك..

وعلى العموم ياولد عمي.. ريح روحك
أنا مدة وجودي هنا بتنتهي بكرة.. لأني في فترة تبادل خبرات مدتها 10 أيام بس.. وتنتهي بكرة..
بكرة بأسلم تقريري وأستلم تقريرهم وارجع للدوحة..

سعود حس بألم بالغ.. أشلون قريبة منه.. واشلون صارت بعيدة
تكلمه من ورا نقابها.. ورا مكتبها.. صارت غريبة عليه
ماله حق يمسك يدها.. يحضنها
يطبع قبلاته على شفايفها.. على نحرها.. بين أصابعها
يذيب روحه في روحها
ماعاد له حق في أي شيء في دانة!!!

سعود في نفسه (خلاص ياسعود لا تعذب نفسك..
دانة عمرها ماحبتك..
والعلاقة غير المتكافئة في الحب بينكم.. خلت روحك تتآكل شوي شوي..
مهما كان الطلاق صعب عليك..
بيكون أهون من استجداء الحب من دانة)


سعود وقف..وقال بهدوءه البارد: مادمتي راجعة بكرة.. خلاص
سلمي على عمي.. وحقوقش كلها محفوظة..
بس خليني لين أرجع الدوحة..

دانة بمرارة: ما أبي منك شيء ياسعود.. وش حقوقه اللي تتكلم عنها..
أنا لي عندك حق.. ما تقدر تدفع ثمن له ولا بكل فلوس الدنيا..

سعود باستغراب حذر: أي حق..؟؟

دانة بهدوء هي تكاد تتلاشى خلف هذا الهدوء من إحساسها بالألم: بكرة تدري..
وعقب كملت بنبرة محايدة: والحين أسمح لي عندي مرضى


سعود طلع من عندها..
واثنينهم قلوبهم تنزف ألم خرافي حاد لا حدود له..


******************



ماجد ودلال راجعين من السفر..

دلال تبي تدخل..

ماجد يقول لها بمرح: لا لا أنتظري.. طول عمري وأنا خاطري أسوي نفس رشدي أباظه

ماجد شال دلال ودخلها داخل البيت .. دلال تضحك: خلاص ماجد نزلني..

ماجد بمرح صافي: لا لا بأوصلج فوق..

دلال برقة: لا حبيبي كفاية عليك كذا..

ماجد بعيارة: إيه كفاية علي.. أنت شكلج زايدة 20 كيلو.. على أكل استراليا.. كسرتي ظهري..

قالها وهو ينزلها..

دلال بمرح عذب: حرام عليك.. هو عقب أكلك أكل.. باقي تأكل الاستراليين.. وكل الكانغروا اللي عندهم والكوالا وحتى الهنود الحمر..

ماجد بتصنع الزعل: أفا الدعوة خاربة..
وإلا خلاص عشان صرتي في الدوحة عند عمتج أم جاسم مارجريت تاتشر الدوحة نفشتي ريشج على أبو فيصل اليتيم..

دلال تميل عليه وهي تقرص خده بحنان: فديت اليتيم.. أنا أمه وأبوه..

ماجد يضرب رأسه ويتذكر: على طاري أمه وابوه.. خلني أكلم بنت أمي وأبوي.. فديتها أشتقت لها.. واشتقت لحمودي..

دلال ابتسمت وطلعت فوق وهي تشعر بسعادة لا متناهية..

في الوقت اللي ماجد كان يكلم نجلاء يبلغها بوصولهم وأنه يبي يجي يشوفها الحين يسلم عليها..


********************
 
جواهر في غرفتها تراجع محاضرات طالباتها بكرة..

دخلت عليها نوف اللي من بعد معرفتها بحمل أمها ونفسيتها أحسن بكثير..

إحساسها بوجود مخلوق جديد في أحشاء أمها.. رائحة جديدة لأبوها وكأن روح أبوها المختفي تنبض في قلب الجنين.. خلى مشاعرها المضطربة تسكن شوي..
وهي تلاقي شيء تشغل بالها فيه..
وخصوصا أنها بدت تخطط تشتري السوق كله للمولود الجديد..

نوف برقة: يمه ابي لي أغراض من المكتبة.. ممكن توديني؟؟

جواهر بحنان: إن شاء الله حبيبتي.. خليني أتصل في أفضل.. وأوديج

نوف بنفاذ صبر: بس عمي أبو محمد في بيته وبيتأخر علينا..

جواهر برقة: حبيبتي محيي الدين تعبان اليوم.. وأنتي ماقلتي لي قبل عشان أعطي أفضل خبر..

(محي الدين سواق جواهر الخاص.. اللي كان عبدالله جابه لها من المؤسسة عشان يسوق سيارتها اللي هو اهداها عليها)

نوف بدلال: زين أنتي وديني.. المكتبة قريبة ورانا بشارعين بس.. تكفين يمه أنا مستعجلة.. أبي أرجع أسوي شغلي..

جواهر بألم.. بحنين.. بشوق.. باحترام: لا حبيبتي.. مستحيل.. شيء نهاني منه عبدالله.. مستحيل أسويه في غيابه..
أنا مستحيل أرجع أسوق سيارة
وأنا عارفة أن عبدالله رافض..

نوف حست بالتأثر حضنت أمها وهي تقول برقة وحزن: الله يرجعه لنا سالم..

جواهر باست رأس نوف وهي تقول: آمين.. وخلاص دامج خايفة أفضل يتأخر
بأكلم خالج عبدالعزيز يوديج.. ومنها أني ما أضطر أروح معاج.. خالج بيوديج بروحه..

نوف بمرح: إيه يمه خليه يجي.. وقولي له يجيب نورة معه..
اشتقت لهم اثنينهم

جواهر بحب: إن شاء الله ياقلبي..


**********************


في مجلس الحريم في بيت نجلاء
ماجد قاعد مذهول.. في قلبه حزن وقهر وألم لا يمكن وصفهم

سأل نجلاء بتحسر: متى صار؟؟

نجلاء بهدوء: من أسبوعين..

ماجد وقف فجأة وهو يقول بجدية وثقة: حطوا بالكم على دلال.. أنا طالع أحجز على أول طيارة طالعة لبغداد..

نجلاء نطت برعب وهي تمسك في يده بقوة: أنت أكيد مجنون...
عبدالعزيز توه راجع من العراق.. وكلف ناس هناك بالبحث.. عدا عن الشرطة وشركة أمن خاصة.. وش بتسوي انت أكثر..
أتق الله فيني وفي مرتك اللي مالكم أسبوعين متزوجين..

ماجد بحسرة: يعني أقعد هنا مثل النسوان.. وأنا ما أدري عبدالله حي وإلا ميت..

نجلاء بعقلانية: ماجد خلك منطقي... وروحتك وش بتسوي أو تفيد.. لا أنت تعرف حد هناك.. ولا تدل أي شيء..
لو الله كاتب انه عبدالله يرجع.. بيرجع.. وموب روحتك هناك هي اللي بترجعه


*************************


ثاني يوم..
سعود نايم في السكن.. اليوم وبكرة عنده أوف...
البارحة من لما رجع من عند دانة وهو معتكف في غرفته
يطلع للصلاة بس ويرجع
وفي الليل ماقدر يسكر عينه من الحزن والهم واليأس والقهر والغضب
اللي أحرق قلبه ومشاعره وخلاياه..
لحد ما أنهار من التعب عقب ماصلى الفجر..

الحين قبل صلاة الظهر بشوي..

واحد من زملائه صحاه من النوم: سعود..
سعود بطبيعته اليقظة قام على طول وهو يقول بثقة: سم يوسف..

يوسف باحترام: سم الله عدوك.. أولا الظهر بيأذن
ثانيا: الأغراض هذي وصلتك من بريد المعسكر
وأنا أستلمتها بعد أذنك.. ماحبيت ازعج نومك.. وأنا عارف أنك مانمت إلا بعد ماصليت الفجر..

سعود قعد على حيله..
وكل حواسه تتيقظ للحد الأقصى..
وهو يمسك بالطرد المستطيل الملفوف بالورق البني
المكتوب عليه بخط دانة
اللي مستحيل يخفى عليه



إلى حضرة النقيب : سعود سعيد الــ
الفيلق القطري
قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل)
جنوب لبنان

(خاص وسري)
 
الجزء التاسع والثمانون

#أنفاس_قطر#


سعود قعد على حيله..
وكل حواسه تتيقظ للحد الأقصى..
وهو يمسك بالطرد المستطيل
المكتوب عليه بخط دانة
اللي مستحيل يخفى عليه



إلى حضرة النقيب : سعود سعيد الــ
الفيلق القطري
قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل)
جنوب لبنان

(خاص وسري)


سعود حس بتوتر بالغ.. قاتل.. مرعب..
كأنه يمسك بقنبلة موقوتة ستنفجر فور فتحه لها..
لتمزقه إلى أشلاء متناثرة..

(أيش اللي ممكن دانة ترسله لي؟؟!!!!!!!)

سعود قرر يصلي الأول..
وعقب يفتح الطرد..

بعد ماخلص سعود صلاته
رجع لطرد دانة وتوتره يتزايد..
مايدري ليش قلبه ناغزه من هذا المختبي خلف الغلاف البني..

سعود سمى بسم الله
ومزق طرف الطرد بتردد

وأخرج مابداخله..

كان دفتر بناتي وردي ضخم شكله قديم ومتهالك من كثرة الاستخدام..

سعود انلسع بعنف..
عرف أن الدفتر مكتوب فيه شيء دانة تبغيه يعرفه..
وكان مرعوب بوحشية من هذا المكتوب..


فتح سعود أول صفحة من الصفحات المتراصة بالكتابة وجه وخلف


خط طفولي والصفحة مليئة بالتشطيبات :


اليوم عمي سعيد مات...

خالتي أم سعود نايمة على الأرض.. والنسوان مغطينها
كانت مريضة واجد وتبكي..

أنا بكيت واجد واجد لاني شفت أمي والنسوان كلهم يبكون..
حتى أبي شفته يبكي..

بس سعود مابكى.. كان بس شايل الجازي طول اليوم
ومايرضى حد يأخذها منه
الجازي تبكي تبكي تبكي.. جيت أبي أخذها منه
دزني على الأرض..
مع أني كنت أبي أخذ الجازي منه لأنه شكله تعبان
والجويزي أكيد جوعانة تبي حليب وماحد عطاها..


صفحة أخرى:


اليوم سعود ضربني..
قال لي: لاعاد أشوفش تلعبين مع عيال الجيران.. ذبحتش..

لازم كل يوم يلاقي له سبب عشان يهادني أو يلاغيني

بس اليوم ماعلي منه..

لما ضربني.. خذت حيدة وضربته فيها..

ياويلي منه.. أنا ضربته.. وطقيت..

أنا خايفة أكون وجعته.. أو صب منه دم..

أبي أروح أشوفه.. بس أخاف يشوفني يذبحني..



صفحة أخرى:


اليوم كنت جاية من المدرسة.. نازلة من الباص..
كان سعود واقف مع عيال برا..

العيال شافوني.. راحوا..
بس سعود لحقني.. ومسكني من أذني اللي تحت الحجاب..

وقال لي وهو معصب: ياويلش لو مشيتي مرة ثانية قريب من رياجيل أو وقفتي جنبهم..
وياويلش لو طلعتي مرة ثانية من البيت.. وانتي منتي بمغطية وجهش..

بس أنا قلت له: مالك دخل.. أنت منت بأبي ولا أخي الكبير..

بس هو مسك يدي وعصرها وقال: أنتي أعصي كلامي وشوفي اللي بيصير لش.. باكسر راسش..

هربت داخل وانا أقول له: ماني بمغطية وجهي.. وأنت اضرب رأسك في الطوفة

بس ماجاء العصر إلا وأنا جاية عند أمي أقول لها : يمه دوري لي عندش نقاب جديد كشخة.. أنا أبي أغطي وجهي خلاص..

أمي استغربت وفي نفس الوقت استانست
أنه عمري 13 وأبي أغطي وجهي.. مادرت أني أسوي كذا عشان سعود
مع أني ما أبيه يدري أني تغطيت عشانه
ولو شفته هو واقف.. بأفسخ النقاب وأحطه بجيبي
خله يموت حرة..

(للتذكر: سعود أكبر من دانة بسنتين)


عشرات الصفحات تحتضن عشرات الذكريات الطفولية التي نسي سعود كثير منها..
وعاد لتذكرها بكل الزخم مع سيل الذكريات المنهمر في هذه الصفحات
التي لم تخلو صفحة واحدة منها من اسمه
كان هو محور كل الأحداث..
كل شيء كانت دانة الطفلة ثم المراهقة الصغيرة
تفعله من أجل سعود.. ولكنها تغلفه بالعند خوفا من سعود وقسوة سعود..
عشرات المشاجرات التي تم وصفها بدقة
والتي تنتهي بضرب سعود لدانة
ودانة تطلق سيلا طويلا من الشتائم لسعود
من حينها أطلقت دانة على سعود لقب "المتوحش"
وأطلق سعود على دانة لقب " المعقدة"




صفحة أخرى.. تتغير اللهجة لتصبح أكثر إتزانا.. والخط ليصبح أكثر جمالا وترتيبا.. التغيير الذي كان يحدث بالتدريج مع امتداد الصفحات..
وبدأت الصفحات تحضى بتواريخ.. كان لكل صفحة تاريخ بل وتحديد للساعة الذي كان دائما ليلا:

اليوم أمرتني أمي أن أغطي وجهي عن سعود
وأن أتوقف عن مشاجراتي التي لا تنتهي معه
لأني قد أصبحت امرأة
هل عمر 15 سنة تعني أني أصبحت امرأة.. ؟!!
لا أريد أن أصبح امرأة.. إذا كان هذا سيعني أن أتوقف عن الحديث مع سعود..
أشعر من اليوم أن حياتي ستصبح فارغة وسخيفة وبدون طعم بدون رؤية سعود ومشاجراتي مع سعود



صفحة أخرى..

عدائي مع سعود أصبح قضية مشهورة لا يريد أحد نسيانها..
الكل يذكرني بها حتى أمي..
ماأن يأتي سعود لزيارة والدي
حتى تأتي مزنة راكضة لتخبرني: سعود المتوحش هنا..

فأضطر أن أقول : "وع.. وع يا كبدي.. ما أستحمل وجوده ولا ريحته في الجو.. بأروح أقفل على نفسي في غرفتي"

ومايحدث هو أنني أسكن وأتمركز عند شباك غرفتي.. علني ألمحه وهو خارج لسيارته الواقفة في الحوش..

السيارة التي أحدثت عندي قلق قاتل منذ أن علمت أن أبي اشتراها له..
شاب في السابعة عشرة كيف يسمحون له أن يقود سيارة؟؟

منذ أن رأيته على هذه السيارة وأنا أحلم بكوابيس تفزع نومي حول حادث سيارة يحدث لسعود على سيارته الجديدة

كنت كلما فزعت من النوم.. توضئت وصليت.. ودعيت ربي طويلا أن يحفظه من كل شر..



سعود بدأ يرتعش بعنف.. وأعصابه تخونه.. رغم أنه مازال في البداية.. وبقي الكثير ليقرأه..



صفحة أخرى:

لقد أنهيت امتحاناتي اليوم..
كان أدائي للامتحانات ممتازا..
وأتوقع أن أحرز نتيجة رائعة..
والسنة القادمة إن شاء الله سأنتسب للتخصص العلمي
كما فعل سعود..

ولكن نتيجتي لا تهمني.. كما أنا مشغولة بامتحانات سعود في الثانوية العامة التي ستبدأ غدا..

تقتلني اللهفة أن أسأل عنه وعن سير مذاكرته..
ولكن يستحيل أن أسال عنه..
الكل يعلم أنه لا أحد منا يطيق الآخر فكيف أسأل عنه؟!!
وفي ذات الوقت سأموت لأطمئن عن أخباره..

أمي ستذهب لزيارة خالتي أم سعود.. سأذهب معها



صفحة أخرى:

اليوم ذهبت مع أمي لبيت عمي سعيد..

ذهبت أطوف في البيت..

أردت فقط أن ألمح سعود من بعيد..
أراه هل هو يدرس.. أو مشغول بشيء أخر..

لم أرى أحدا في الطابق العلوي
وأنا يستحيل أن أفتح الأبواب..
قررت أن انزل..
فإذا بصوت يناديني: دوينه..

شعرت أن قلبي يدق ويدق ويدق بعنف.. لا أعرف لماذا..
ولأول مرة أصاب بهذه الحالة من الدقات المجنونة
قلبي يكاد ان يخرج خارج صدري من الدقات العنيفة السريعة

تأكدت بخجل أن نقابي على وجهي: نعم.. وش تبي؟ هذا أولا..
ثانيا: أعتقد أن اسمي دانة.. مهوب دوينه..

سعود جاء ووقف قريب مني
نزلت عيني بخجل غصبا عني
وانا اقول في نفسي : (متى لحق يطول ذا الطول كله؟!)

عدت لأسرق النظرات الخجولة إلى ملامح وجهه..
لا أعلم لما شعرت أنه الشاب الأروع على وجه الأرض..
يستحيل أن يكون هناك من هو أكثر وسامة من سعود..

لذا لم أكن مطلقا كما كل البنات في عمري المعجبات بالمطربين أو الشعراء أو اللاعبين أو الممثلين الهنود

كان إعجابي بسعود يجعلني أرى كل الرجال باهتين مظلمين بجانب نوره اللامع..

سعود سألني بقسوة: وش اللي مطلعش هنا؟؟

شعرت بحرج بالغ ومع هذا رددت عليه بتحدي: مهوب شغلك..
وعيني على الكتاب الذي في يده وأشعرني بالراحة أنه يدرس..

سعود بنفس اللهجة القاسية: طول عمرش قليلة أدب ولسانش طويل..
لو عمي هادي يوليني عليش شوي كان أدبتش..

شعرت برغبة كبيرة بالبكاء..
لكني لم أفعلها حتى لا أشمت سعود فيّ..
لا أعلم ماذا يستفيد سعود من تجريحي كلما رآني.. أشعر أنه يستمتع بتجريحي..
أعلم أنه يكرهني.. ولكن ألا يستطيع اخفاء هذه الكراهية حفاظا على مشاعري الذائبة من أجله..؟!!

أكملت طريقي في اتجاه النزول..
في الوقت الذي سعود أوقفني بصوته الحاد: دانة.. عيب عليش تمشين وأنا أكلمش.. هيه يالمعقدة..يا اللي ماتستحين..

لم أرد عليه.. اكملت طريقي نزولا..
وطلبت من أمي أن نعود للبيت..
حتى أختلي بنفسي في غرفتي
وأطلق العنان لدموعي الحبيسة..
 
الجزء التسعون




مازالت ذكريات دانة وأحرفها تنثال بصدق موجع شفاف يشبه دانة


صفحة أخرى:

اليوم أعلان نتيجة الثانوية العامة في الإذاعة وغدا في الجرائد
لم أستطع النوم من التوتر.. قلقا على نتيجة سعود

والدي ووالدتي معهم أختي مزنة وخالد..
كانوا مجتمعين كلهم عند الراديو في الأسفل

أنا هززت أكتافي وقلت لهم: نجح أو ما نجح شيء مايهمني.. ماعاد باقي إلا المتوحش عشان أنا أنتظر نتيجته.. بأروح أنام أحسن..

بينما أنا أغلقت على نفسي في غرفتي..
وأنا أحتضن جهاز الراديو الصغير الخاص بي
وأضعه عند أذني حتى لا يسمعه حد.. ويكتشفني..

والتوتر والقلق يقتلني..

ما أن سمعت اسم سعود ونتيجته حتى قفزت من الفرحة ووقع مني الراديو وانكسر..

نتيجة سعود كانت رائعة وفوق المتوقع..

عندما كان صغارا كان دائما يقول انه سيكون طبيب أسنان العائلة.. حتى يخلع أضراسنا كلنا..

الآن يستطيع تحقيق حلمه..
أن يدرس الطب.. تخصص أسنان قد يكون الأسهل والأسرع
ولكن لما لا يكون قلب أو عظام أو أعصاب؟؟

سعود شاطر ويسويها




صفحة أخرى:


سعود قرر الالتحاق بالكلية العسكرية

رغم أن نسبته كانت ستدخله أي تخصص يختاره..

أنا أعلم سبب اختيار سعود للكلية العسكرية..

يريد أن يبقى قريبا من أمه وأخوته..

لا بأس سعود.. لا بأس..

أنا سأحقق لك حلمك.. سأكون طبيبة العائلة..
وسأخلع أسنانهم نيابة عنك.. (رُسم بجانب الكلام وجه مبتسم على خده دمعة)





صفحة أخرى:

مازلت مريضة من آثار ضربة الشمس
ولكني اليوم أحسن

أمس سمعت أبي يقول أن أن سعود سيأتي لزيارته بعد أول إجازة من الكلية..

منذ دخول سعود للكلية وأنا أتلهف لرؤيته باللبس العسكري..

لم أعلم متى سيأتي.. لذا بقيت متسمرة عند الشباك منذ عودتي من المدرسة.. حتى العصر حينها كنت قد فقدت إحساسي بالأشياء
فالشمس كانت حامية جدا وشعرت أنها أذابت مخي وحرقت وجهي..

ولكن قبل أن افقد وعيي......... رأيته
رأيته

كان .. كان.. كان

أعجز عن إيجاد وصف

كان عظيما.. رائعا.. وسيما.. طويلا.. جليلا.. مبهرا


كان حبيبي أنا...


ثم فقدت وعيي..


سعود حين وصل إلى هذا المقطع..
حس بشعور كلسع كهرباء مؤلم جارح متوحش يجتاح خلاياه وروحه ودمه وتفكيره بكل القسوة والعنفوان..

( "كان حبيبي أنا"...!!!!
من ذاك الوقت يادانة من ذاك الوقت...!!!
ليه سويتي فيني كذا.. ليه؟؟؟؟)




صفحة أخرى:


أريد صورة لسعود باللبس العسكري.. لا أعلم من أين
ولكني قد أموت إن لم أحصل له على صورة..

حتى لا يهم باللبس العسكري..
أي صورة.. حتى لو كان بلبس البيت..
حتى لو كانت صورة غير واضحة..
المهم أن يكون ظل سعود فيها..

أريد صورة معي طوال الوقت
تبرد بعضا من النار المحرقة المشتعلة في صدري..

أحبك ياسعود..


سعود هنا شعر أنه عاجز عن التنفس.. ولسعات الكهرباء تضربه بعنف أكبر ووحشية أشد دموية
"أحبك ياسعود"
"أحبك ياسعود"
"أحبك ياسعود"

هذه الجملة ختمت كل صفحة من صفحات دانة اللي جاءت تاليا..
تكررت مئات المرات في مئات الصفحات
وكل جملة منها تجلد سعود بقسوة بسياط الألم الموجع المبرح
الذي ترك آثاره غائرة في روح سعود
التي أثقلها إحساس مر بالغربة والوحدة والوحشة..

(تحبني أنا.. وكنت أنا من البداية..
وليه ماقلتيها لي يادانة.. ليه خلتيني على عماي)

(أنت قلتها بنفسك ياسعود.. كنت أعمى
حبها لك واضح مثل الشمس في لهفتها
في اشتياقها.. في لمساتها
لكن أنا كنت أعمى.. أعمى)



صفحة أخرى:

اليوم أنا سعيدة جدا جدا
لسببين:
السبب الأول: أني خلصت امتحانات الثانوية العامة اليوم
إن شاء الله متوقعة نتيجة طيبة.. لا أضاع الله تعبي وسهري..

السبب الثاني: أني رأيت سعود بعد حرمان من طلته لمدة شهرين و3 أيام..
كنت على وشك أن أجن من شوقي به..
ولم تكن مجرد رؤية عابرة بل رأيته بتمعن واستمتعت برؤيته لأكثر من نص ساعة وهو يتكلم في هاتفه المحمول
ويدور في حوش بيتنا..

ولكن بعدها أصابتني حالة جنون غريبة، شعرت بنار تستعر في قلبي وتفكيري مازالت مستمرة للآن..

من الذي كان يكلمه طوال هذا الوقت؟؟ ومنحه صوته واهتمامه وأجمل ابتساماته؟؟ أ تكون فتاة؟؟

ما أن وصل تفكيري لهذا الحد.. حتى شعرت أنني قد أنزل لسعود في الحوش.. وانتزع المحمول من يده وأرميه على الارض ليتكسر لشظايا متعددة..

ماهذا الشعور المر الموجع؟؟

أ يكون مايسمونه "الغيرة" ؟؟

تصبح على خير حبيبي
أحبك ياسعود



(لو تدرين يادانة.. لو تدرين..
كنت أكلم جابر..
وأدور في الحوش
على أمل أني ألمحش لو لمحة
كنت عارف أنش خلصتي امتحاناتش اليوم
وسمعت أمي تقول أنش تعبتي كثير في المذاكرة
ومرضتي
كنت أبي أشوفش.. واتطمن عليش)




صفحة أخرى:


اليوم طلعت نتيجتي
أنا سعيدة جدا جدا جدا..

اللهم لك الحمد والشكر على ما أنعمت به علي

الكل أتصل بي وبارك لي
حتى ولد عمي محمد
كلمني وبارك لي بمرحه وجنونه المعتاد
وهو يقول: السنة الجاية دوري.. بأجيب نسبة أحسن منكم كلكم..

تمنيت أمنية مجنونة.. تمنيتها من أعمق أعماق قلبي

يكلمني سعود ويقول لي: مبروك

أنتظرت هذا الاتصال.. حتى يأست..

تصبح على خير حبيبي
أحبك ياسعود




صفحة أخرى:


أكتب بعد أن أستطعت أن أتمالك نفسي من البكاء

اليوم بكيت كثيرا..
بكيت حتى تعبت..


بعد أن تمت الموافقة الرسمية
على ابتعاثي لدراسة طب الأسنان في السعودية
وبدأت بالاستعداد للسفر لبيت خالي ناصر
حيث سأبقى مع بناته طيلة فترة دراستي

يأتي سعود ويحاول إقناع والدي بالرفض
بحجة أن البنت لا تترك أهلها وتسكن مع أي كان
وجامعة قطر موجودة.. أستطيع أن أختار أي تخصص فيها
وخصوصا أن تخصص الطب لاينفع لفتاة في وضعي القبلي..

أعلم أن سعود يكرهني..
ولكن لم أتوقع أن كراهيته لي.. وصلت لحد الانتقام
أن يحرمني من الحلم الذي حلمته
وحلمته من أجله هو
هو فقط

سعود رغم كل ماتفعله بي
لا أستطيع إلا أن أقول

أحبك ياسعود




الوقت أصبح بعد صلاة المغرب
سعود يصلي ويعود لدفتر دانة

وكلما قرأ أكثر
كلما شعر بألم أكبر.. شعر أنه لا يمكن أن يتألم أكثر من هذا
لأن ألمه وصل للحد الأقصى
ولكن مع كل صفحة جديدة
يتزايد ألمه.. وتتسع دائرة الألم الأقصى أكثر وأكثر



صفحة أخرى:


سيكون سفري بعد 3 أيام..
يمزقني أن أسافر وأنا أعلم أن سعود غاضب مني
وليس راضيا عن سفري

ولكن متى رضي سعود عليّ؟؟!!
هو الغاضب الأبدي عليّ بسبب أو بدون سبب..

أريد أن أحصل على صورة لسعود
يستحيل أن أسافر من غيرها..
سأجن إن لم يكن معي شيء يصبرني على اشتياقي له..

قررت أن أبحث بين ألبومات والدي
أنتظرت حتى خرج والدي لعمله
وانشغلت والدتي في المنزل
ودخلت غرفتهما وبدأت بالبحث

الحمدلله.. وجدتها
وجدتها

صورة شخصية صغيرة
قديمة قليلا
ولكن لا يهم.. المهم أنها صورة سعود..

منذ أخذتها وهي لم تفارق يدي.. وأنا في غرفتي
أغلقت الباب واعتكفت لتأملها..

شعرت برغبة عارمة لتقبيل الصورة
ولكن شعرت بالخجل يجتاحني
سأكتفي بتأملها

تصبح على خير حبيبي
أحبك ياسعود



(حرام عليش يادانة.. حرام عليش
ذبحتيني
نحرتيني
والله كفاية على قلبي كذا
ما اقدر أستحمل أكثر
ما أقدر )
 
الجزء الحادي والتسعون



بالفعل قلب سعود ماعاد قادرا على الاحتمال
ولا أعصابه
ولا حتى جسده..
بدأت تتخلل عظامه حمى عنيفة
وبدأت درجة حرارته بالارتفاع
وهو بالارتعاش من جراء الحمى الشديدة
ولكنه لم يستطع ترك دفتر دانة
واستمر بالقراءة



صفحة أخرى:


اليوم حفل تخرج سعود..
الحفل سينقل على الهواء مباشرة..
من حسن حظي أن الحفل في الصباح الباكر

بنات خالي كلهم في المدارس والجامعات

وأنا قررت ألا أذهب اليوم للجامعة

اليوم يوم سعود.. ويستحيل أن افوته
أغلقت باب غرفتي أنا وريم علي
وتركزت أمام التلفزيون

قلبي يكاد يتوقف وأنا أسمع أسماء الخريجين
وأراهم يسلمون واحدا واحدا على سمو الأمير
حتى وصل هو
اسمه هو
طلته هو
ووقفته هو

المبهر الأبدي

كاد قلبي يتوقف وأنا أرى مشيته الواثقة وهو يشد على يد سمو الأمير.. ويحيه التحية العسكرية..

انسكبت دموعي الصامتة بغزارة..

ألف مبروك حبيبي.. ألف مبروك

رفعت رأسي اليوم وشرفتني
أقسم أنني أشعر أن رأسي فوق السحاب

"أحبك يا سعود
والله أحبك
مايهمني أنك ما تحبني
ولا أنك مستحيل تحبني في يوم"

مشاعري أصبحت أعمق من أي شيء ومن كل شيء
والمحب الحقيقي لا ينتظر ثمنا لحبه..
يكتفي بالعطاء..




( " المحب الحقيقي لا ينتظر ثمنا لحبه..
يكتفي بالعطاء"

ذبحتيني يادانة ذبحتيني..
طول ذا السنين وأنتي تسكبين ومشاعرش وألمش
وحبش بدون مقابل..
وأنا كنتي قدامي تتدفقين حنان ولهفة واشتياق
ما قدرت استحمل حتى شهرين
لأني ماسمعت كلمة.. كلمة
صرت الحين أحسها قدام طوفان مشاعرش
ولا شيء
ولا شيء)




صفحة أخرى:


بنات خالي وزميلاتي في الجامعة
مستغربات من شدة خجلي وتباعدي عن الجنس الآخر بشكل مرضي

في الجامعة
أقف أبعد واحدة عن الدكتور في الدرس العملي

في الأسواق مع بنات خالي
أقف بعيدا عن البائع وعن أي رجل قد يحاول الاقتراب مني

لا أنكر أن احترامي لأهلي
ورغبتي في الحفاظ على ثقتهم فيّ
هي السبب

ولكن السبب الأهم هو سعود
وحرمة سعود
ومكانة سعود
وكلمة سعود

سعود طالما نهاني منذ طفولتي
أن أسمح لأي رجل بالاقتراب مني
ويستحيل أن أعصيه أو أخون ثقته
بعد مرور كل هذه السنوات


تصبح على خير حبيبي
أحبك ياسعود




صفحة أخرى:

مازلت في كل إجازة أقضيها في الدوحة
أفعل كما كنت أفعل في مراهقتي
أسكن في الشباك
حين أعلم بحضور سعود
علني ألمحه.. أسكن نار شوقي برؤيته
وفي كل مرة كنت أراه أعظم مهابة
وأكثر وسامة

صرت أسمع كثيرا
أن أم سعود تريد تزويج سعود
فهو أصبح في الخامسة والعشرين
ومضى عليه 3 سنوات منذ تخرجه
ويُقال أنه سيعلق النجمة الثانية قريبا..
أي كل الظروف مهيأة لزواجه

الكل يتكلم
دون مراعاة لمشاعري
وكأنهم يطعنون في حائط أمامهم
وليس قلبا نازفا ممزقا..

يسألونني: ما رأيكِ دانة؟؟ هل هناك من ترشحينها لسعود؟

كأنهم يسألونني: نريد أن نذبحك يادانة.. فهل تريدين أن نطعنك بسكين أو نطلق عليكِ الرصاص؟؟

أعتدت أن اكون ماهرة في التمثيل حين يكون سعود محور الحديث.. كنت أجيبهم: "بأدور عن أكثر واحدة أكرهها.. وٍارشحها لسعود المتوحش.. عشان تستخف.."

اليوم لا أريد أن أحبك يا سعود
لا اريد..
أنا أتعذب يا سعود
أتعذب.. ولا أحد يعلم بعذابي..
تعبت..تعبت..
أكاد أن أتحول لحطام إنسان

ليتني أستطيع انتزاع حبك من قلبي.. ليتني..

ولكن القلوب تهدى.. وأنا أهديتك قلبي منذ بدء الخليقة
فكيف أستعيده الآن؟؟

أحبك يا سعود..




سعود حالته تزداد سوءا .. والمرض والحمى تشتد عليه..
زملائه كانوا ينادونه للغداء ثم للعشاء وكان يرفض
الوقت أصبح بعد أن صلى سعود العشاء بساعتين
ومازال سعود مستمر في القراءة..




صفحة أخرى:

وأخيرا تخرجت..
وأخيرا في الدوحة..
وأخيرا بالقرب من سعود ومن أنفاس سعود..

اشتقت لك حبيبي..
اشتقت لك..
مضى على أخر مرة رأيتك فيها من شباكي المسحور
أكثر من أربعة أشهر
أشعر كأنهم 4 قرون..
لولا صورتك التي مافارقتني
والتي بهتت من تعرق يدي التي لا تفلتها
كنت سأجن بالتأكيد..

يالا الحب ياسعود..
وعظمة الحب..
الحب يجعلك المخلوق الأعظم على وجه الأرض
بحبك أشعر أنني أمسك أطراف الأرض بأناملي العارية
وأنني أزاحم السحاب بمناكبي
أحبك سعود
أحبك.. وأعشقك.. واتنفس هواك..
حبك كان ومازال وسيبقى طاقتي التي تدفع الحياة في عروقي
عروقي حيث تجري أنت مجرى الدم

أحبك يا سعود
أحبك.. أحبك
ألف مرة أحبك
أريد أن أقولها حتى أتعب
أنتهي وأموت



سعود خلاص على وشك الانهيار
(حرام عليش دانة
والله حرام عليش
أنا ما أستاهل منش كل هذا الحب
ما أستاهل..
ما أستاهل..
أنا واحد غبي.. غبي..
عشت غبي.. وبأموت غبي)




صفحة أخرى:


اليوم لم أستطع النوم بعد صلاة الفجر
دوامي في المستشفى الساعة 10

لذا قررت أن أكتب مبكرا اليوم
لأقول لك: صباح الخير حبيبي

سعود هل استطيع أن أطلب منك طلبا؟؟


أعلم أنك لن تكون لي يوما..
ولكن أرجوك سعود.. أرجوك
لا تكن لغيري..
لا تكن لغيري..

استطيع أن أتعايش طوال عمري
مع كراهيتك لي.. وأنا أعلم أن قلبك خالٍ

ولكن أن يصبح قلبك لأخرى
بينما قلبي يحترق لك ومن أجلك
فهذا الشيء الذي يستحيل أن أحتمله..
هذا هو الشيء الذي سيقتلني وينهيني ويفنيني..

أحبك ياسعود





صفحة أخرى:


اليوم استطعت أن أتماسك
بعد أن قضيت اليومين الماضيين في بكاء عنيف مستمر
أجفاني أصبحت منتفخة بشكل مرعب
ويستحيل أن أخفيهما
كل من رآني ارتعب.. أهلي .. تهاني.. الممرضات
الكل أجبتهم أنها حساسية أصابت عيني..
والكل صدقني..

أشعر برغبة مستمرة في البكاء
ولكني تعبت..تعبت من الدموع المسفوحة بغير فائدة
قررت أن اكتب
علني أنفس بعضا من الحزن المدمر الكاتم على قلبي

سعود سيتزوج

هكذا ببساطة..

وما نحرني تماما..
ومزق بكل وحشية أوردتي وشراييني وخلاياي
أنه هو من أختارها بنفسه..
اختارها بنفسه.. لم تكن ترشيحا من أمه ولا من أخواته
بل هو من أصر عليها

أعرف الفتاة.. أعرفها.. فاطمة
رأيتها عند مها عدة مرات

بالتأكيد هو رأها
لذا أصر عليها كما ذكرت مها لمزنة

أيكون يحبها؟؟

(يحبها)

يالاوقع هذه الكلمة المسموم الجارح
كطعنة رمح مسموم
اخترقت قلبي
لتنثر سمها القاتل في كل أرجاء جسدي المنهك
الذي أنهكه حب سعود حتى النخاع

أنا أحبه
وهو يحبها

أنا أحبه
وهو يحبها

أهكذا تكون العدالة؟؟ أم هكذا يكون الظلم؟؟

كنت أعلم أن هذا اليوم سيأتي.. ولكني كنت أكذب نفسي

كنت أطلب من سعود أن يعيش ناسكا في محراب من يكرهها

لأن من يكرهها عاشت طوال عمرها ناسكة في محراب حبه

آه ياسعود آه..

أعلم أن لا حق لي عليك..

ولكن أ ليس للقلب المدله النابض بحبك حق؟!!

أ ليس لسهر الليالي الطويلة وانت سميري فيها حق؟!

أ ليس لذكراك التي رافقتي في كل لحظة من حياتي حق؟!

أليس لأطنان الدموع المسفوحة لك ومن أجلك حق؟!

أ ليس لطاعتي لك وحفاظي عليك وعلى حرمة وجودك وغيابك حق؟!!

أ ليس لهذا الدفتر المنكوب بين يدي وهو يشهد على آلاف الليالي التي ماشغلني فيها سواك حق؟!

تعبت ياسعود.. تعبت..
ويبدو أننا نصل إلى نهاية المطاف..
ليس نهاية حبك.. لأن حبك لا نهاية له..
ولكن نهاية سعادتي بحبك..

يبدو أنني سأعيش أجتر حزني وتعاستي
وأنا ألوك حبك بأسى
وأنا أعلم أنك بين أحضانها..

ما أقساني على نفسي!!!
(سعود في أحضان أخرى)
كيف أستطاع عقلي أن يقسو على قلبي إلى هذا الحد
لدرجة فتح باب التفكير في هذه التفاصيل
سأبتعد عن التفاصيل الجارحة التي ستنحرني نحرا!!

ابتعدي كيف تشائين
ولكنك تعلمين أنه سيحضنها.. ويقبلها..
ويرسم تفاصيل جسده على جسدها

كفى
كفى
كفى
كفى
كفى
 

الجزء الثاني والتسعون




سعود عاجز عن سحب أنفاسه وهو يعلم أن دانة علمت بخطبته لفاطمة ويتخيل كيف جرحها الأمر:

(كنتي عارفة يادانة..
عارفة.. وساكتة..
أنا اللي ما أقساني عليش وعلى نفسي
آه يادانة آه
وش العظمة هذي كلها
أنتي مستحيل تكونين مخلوقة بشرية عادية
مستحيل
البشر مايحبون لذا الدرجة
وأنا اللي أعتقدت أنه حبي لش مافوقه شيء
حسستيني بحقارة مشاعري وتفاهتها قدام مشاعرش)




صفحة أخرى:


اليوم أتصلت بي إحدى صديقات الثانوية
أخبرتني أن والدها وأعمامها وشقيقها
سيحضرون غدا على الغداء لخطبتي
أنا كنت أعلم أن والدي عنده ضيوف أغراب على الغداء في الغد
ولكني لم أعلم انهم قادمين من أجلي
أُسقط في يدي
ماذا أفعل؟؟
في كل المرات الماضية.. حينما كان أحدا من صديقاتي أو معارفي يلمحون أنهم يريدون الحضور لخطبتي
كنت أغلق الباب فورا.. ولا أسمح بوصول الكلام لوالدي
ولكن الآن الرجال اتصلوا بوالدي مباشرة

توترت وقلت لصديقتي: "كان أفضل لو قلتي لي عشان أمهد لأبي؟؟"

سألتني بتردد: "ليه فيه أحد متكلم عليش؟؟"

أجبتها: لا ... لكن..

ماذا أقول لها؟؟ ماذا أقول؟؟
أنني قررت أنني لن أتزوج أبدا
لأني نذرت نفسي لرجل يكرهني
وعلى وشك الزواج من أخرى
على وشك أنه يذبحني
ورغم هذا أنا قررت أن اكون وفية لحبه لأخر يوم في عمري
ليتزوج هو .. ليكن سعيدا
أريده أن يكون سعيدا
حتى لو احترقت أنا بنار الغيرة
حتى وإن كانت الفكرة تشعل شراييني وأوردتي لهبا متأججا
ليتزوج هو
لكن أنا يستحيل أن أفعلها
يستحيل أن أسمح لرجل ان يقترب من حدود أي شيء هو لسعود
وأنا نذرت نفسي لسعود جسدا وروحا

أحبك ياسعود



الصفحة التالية مباشرة:

مازلت عاجزة عن تصديق ماحدث
سعود خطبني ووالدي ضربني
حدثان مستحيلان

ضرب والدي لي تجاوزته
لكن خطبة سعود كيف أتجاوزها؟؟؟؟؟

بالأمس كان على وشك خطبة أخرى
اليوم يجد نفسه مجبرا على خطبتي
حفاظا على عادات جاهلية بالية مقيتة

لا وألف لا..
أفضل أن أموت على أن أكون زوجة سعود

أن أصطلي بنار حب سعود وأنا أعلم أنه يكرهني ولكنه بعيد عني

أرحم ألف مرة أن أصطلي بنار حبه وأنا زوجته وأرى الكراهية في عينيه ..
وخصوصا أني سأكون سبب حرمانه ممن يريدها

هذا سيكون هو حكم الإعدام علي..

"أحبك ياسعود
والله العظيم أحبك
لكن يستحيل أتزوجك يستحيل
ومستحيل أخليك تضحي بحبك للي تبيها
مستحيل أخليك تضحي بسعادتك
عشان عادات المفروض تنقرض
كفاية تعيس واحد بيننا
أنا كنت الطرف التعيس في علاقتنا من البداية
وأنا اللي لازم أستمر في دوري
لكنك أنت لازم تكون سعيد.. لازم
أنا ممكن أستحمل تعاستي
لكن مستحيل أستحمل أنك أنت تكون تعيس
مستحيل"




سعود يزفر بحرقة كأنه يزفر نارا مشتعلة من جوفه
( آه يادانة .. آه
وأنا اللي كنت في تيك الفترة
متضايق إني بأتزوجش وأترك فاطمة
آه.. وألف آه
ما أغباني..
وما أحقرني..
وما أتفهني..
كنت طول عمري معتز برجولتي وبشهامتي..
عمر ماشيء ماهزني مثل ماسويتي فيني"




الصفحة التالية مباشرة وبنفس تاريخ نفس اليوم السابق:


" إذا أنتي عايفتني مرة.. أنا عايفش عشرين مرة"
" إذا أنتي عايفتني مرة.. أنا عايفش عشرين مرة"
" إذا أنتي عايفتني مرة.. أنا عايفش عشرين مرة"
" إذا أنتي عايفتني مرة.. أنا عايفش عشرين مرة"

هذا كان رد سعود علي..

لا أعلم كيف فعلتها.. كيف أخذت رقم سعود من هاتف خالد
وكيف اتصلت به.. كان حبي له يسيرني
أردت أن أنقذه من كراهيته لي
وأنقذ حبه لها..

حينما وصلني صوته المتعب المشبع بعبق الرجولة
كدت أن اصاب بسكتة قلبية
أخر مرة سمعت صوته كان من عشر سنوات تماما
على سلم بيتهم وهو يكيل لي الشتائم

الصوت نضج بعمق موجع.. ولكن سيل الشتائم مازال مستمرا
ومعه سيل جديد من التجريح والألم
نحرني صوته
ونحرني بروده أكثر

أ لم نكبر سعود؟؟ أ لم نكبر؟؟

سنوات متطاولة مرت.. ماعرفت منك غير التجريح والقسوة..

يقول غدا سيكون عقد قراننا..
كأنه يقول لي: أن غدا سيكون سجنه وسجني..

أنا سأبدأ مرحلة جديدة من عذاب أعتاده قلبي وخلاياي
ولكنه هو سيبدأ بتذوق العذاب..

كم تمنيت لو كفيتك كل هذا..
كم أتمنى لو أستطعت أن أحمل الهم والألم وحدي
لتكون انت سعيدا

اريدك أن تكون سعيدا
لا ذنب لي بحزنك ياسعود..

كما لاذنب لقلبي الذي سار في طرقات حبك مسيرا لا مخيرا

" إذا أنتي عايفتني مرة.. أنا عايفش عشرين مرة"

وإذا كنت أحبك ألف مرة.. وأعشقك مليون مرة
وأذوب في هواك مليار مرة


أحبك ياسعود
أحبك




 

الصفحة التالية تاريخ يلي التاريخ السابق بعدة أيام:


اشتقت لكِ يا أوراقي
طردت مزنة خارجا.. حتى أختلي بك

عندي لك خبر مذهل يستحيل أن تصدقيه

سعود أصبح زوجي

هل تصدقين يا أوراقي.. يارفيقة دربي.. وكاتمة أسراري وشكواي

هل تصدقين؟؟

أنا مازلت غير مصدقة حتى الآن

يالا الكلمة العذبة: سعود زوج دانة

سعود لي أنا..

أعلم أن هذا الوضع قد لا يستمر..
ولكن الأيام السابقة التي عشت فيها بقرب سعود
ستكفيني زادا لبقية حياتي..

مرت أحداث كثيرة خلال الأيام السابقة

ماعاد يهم منها أي شيء
إلا أنني أصبحت زوجة سعود
رغم أني طلبت الطلاق منه..
لا أعلم أي قوة واتتني.. حتى أتجرأ وأقول له:

سعود ياقلبي أنت بعد أن أصبحت لي
أريد أن أنتزع قلبي من مكانه.. وان أتخلى عنك..

مزنة تسألني عن وضعنا.. أقول لها من خلف قلبي
لن نستمر معنا.. هو عصبي وأنا عنيدة

أحقا لن نستمر معا ياسعود؟؟!!

أنا مشوشة كثيرا
لا أريد أن أظلم سعود معي

أخشى أن يكون مجرد إحساسه بالمسئولية أو ربما الذنب
لأنه أخذني بدون حفل زواج ثم مرضت عنده
هو مايدفعه للتعامل الرقيق معي


آه.. يالاعذوبته ورقته..
كاد قلبي يتوقف من لمساته..
بل ربما هو توقف.. لذا دخلت للعناية المركزة..
جسدي ماعاد قادرا على احتمال دفء قربه ربما..
لذا ارتفعت درجة حراره مخي للدرجة القصوى..
(وجه مبتسم يبرز منه سنان متباعدان)

المخلوق أعلاه محتاج تقويم أسنان، يتم تحديد موعد لاحق في المستشفى

أما المخلوق النابض في جوفي فهو يتكتك
ومع كل تكة
يقول
أحبك ياسعود



لأول مرة يبتسم سعود منذ بدأ بالقراءة
ابتسامة متعبة.. حزينة
ودرجة حرارة سعود تتزايد
والحمى تثقل وطأتها عليه




الصفحة التالية مباشرة.. نفس التاريخ:

بكيت طويلا
مزنة استغربت مني وبشدة..
ما الذي قد يفجع امرأة في قول زوجها لها
أنه يحبها..

لم يقل أنه يحبني فقط بل قال

" وليه ما تقولين
عاشق ولهان
متيم
مغرم
مجنون
يعشق كل شيء فيك
من ريحتك
لابتسامتك
لصدى اسمه على شفايفك

أحبك
والله أحبك
ومن زمان
زمـــــــــان
قبل ما نولد حتى
لأن حبك الأسطوري اخترقني من الوريد للوريد
حبك أعاد تشكيلي
وإطلاق الإنسان في داخلي

هل فيه أمل أنه في يوم
بتستقبلني جنة حبك في أحضانها؟؟؟"


لا أصدق أن سعود هو من يقول لي هذا الكلام
لا أصدق
لا أصدق


أحقا سعود يحبني؟؟
أحقا لم تكن مشاعري طوال عمري مهدورة؟!
أحقا كان يحبني؟!

كيف يحبني وأراد الزواج من أخرى!!

لولا الخاطب الذي جاءني
أو كان سعود تمم خطبته منها

كيف؟؟ كيف؟؟

أ يعقل أن يكون كل هذا الكلام العذب ليس نابعا من قلبه؟!!

أشعر بالتوتر والقلق بل بالرعب

لا أريد أن أعود مع سعود لبيته

لا أريد أن يغلق علينا باب

أشعر بالرعب من مشاعري
وبرعب أكبر من مشاعره..

أحقا يحبني.. أحقا؟؟

آه ياسعود آه

ارحمني.. كن بقلبي رئيفا وشفيقا
فقلبي ماعاد يحتمل

أحبك ياسعود




الصفحة التالية مباشرة:


في حياتي كلها لم أكن سعيدة كما أنا هذه الأيام
بل أنا أشعر بشعور يتجاوز السعادة
إنها السعادة المصفاة

هذا التمازج الجسدي والروحي مع سعود
بعث في أوصالي سعادة ممتدة لا حدود لها..

سعود كله لي: روحا وجسدا ومشاعرا

روعته لاحدود لها
مذهل في كل شيء
في كلامه.. في شخصيته
في حبه.. وفي تعبيره عن هذا الحب
بكلماته.. همساته.. لمساته.. وقبلاته..

أغرقني في طوفان هادر من مشاعره الفياضة
شيء لم أحلم به ولا حتى في أعذب أحلامي

أريد أن أخبره كم أحبه
كم أعشقه
كم أذوب له وفيه ومن أجله
كم أنا سعيدة به وبحبه

ولكن أجدني متخوفة
من التعبير
والكلمات تجف على لساني

شيء في داخلي يمنعني من التعبير
تجربتي الطويلة مع سعود وقسوته وغضبه طوال عمري
تقف حائلا بيني وبين النطق

أخشى أن أسكب مشاعري التي حجزتها طوال عمري
والتي تجمعت طوفان هادر خلف سد ضخم
لو فتحت السد
سيصعب التراجع
ولو قسى علي سعود أو لفظني
لن يبقى شيء أعيش من أجله

ولكن مافائدة الكلمات حبيبي
أمام ماهو أكبر من الكلمات
رعشتي بين يديك
وتعلق عيني بك وهي ضارعة لك
وتمازج دقات قلبي بأنفاسك

أعلم أنك أصبحت تعلم أن حبي لك
يتجاوز حدود الأحرف والكلمات

أحبك ياسعود
 
الجزء الثالث والتسعون





مازال سعود يقرأ.. تبقى وقت قليل على صلاة الفجر
وتبقى القليل ليقرأه

وسعود يستعيد جملتها الأخيرة

" أعلم أنك أصبحت تعلم أن حبي لك
يتجاوز حدود الأحرف والكلمات"


(الله يلعن الأحرف والكلمات
اللي وقفت بيني وبينش
اللي أعماني انتظاري لها
عن رؤية حبك المتدفق
ولكن اشلون يشوف
من كان أعمى وغبي
أعمى وغبي
حتى الأعمى والغبي عندهم إحساس
أشلون ماحسيت فيها


لا تتغابى
أنت حسيت فيها
وحسيت فيها بعمق
لكن طبع الطمع البشري
مع غبائك كان مصيبتك
بل كارثتك "



صفحة أخرى:

اليوم سعود يكمل أسبوع من سفره
أتيت اليوم للسلام على أمي وأبي
لي أكثر من أسبوع لم أغادر بيتي
منذ سفر سعود لم أغادر البيت مطلقا
وصايا سعود لي
كانت قانوني
وأجريت على البنات ووالدتي أم سعود
مايشبه حظر التجول خوفا عليهم
ولكن الآن محمد عاد..
وهو لا يخرج مطلقا من غرفته.. لذا وجدتها فرصة للخروج للسلام على أهلي
بعد أن أستاذنت سعود

آه ياسعود
اشتقت لك ياظالم..
أسبوع وأنت غائب
أشعر أن روحي تذوي في غيابك
لاتطل علي الغياب
عد إلى أحضاني بسرعة
يقتلني الشوق لك.. أقسم أنني أشعر أنني أموت شيئا فشيئا في غيابك

أحبك سعود



سعود حالته أصبحت مزرية.. ورعشة الحمى بدأت تغتال جسده بعنف وهو يرتعش ويهتف بكل حسرة الدنيا:

(آه يادانة آه
ندم الدنيا كله مايعبر عن النار اللي تأكل قلبي بوحشية
ندمان حبيبتي والله ندمان
والله العظيم ندمان
وعدد شعر راسي ندمان
بس مالي وجه أطلب السماح
مستحيل أطلب السماح
لأني ما أستحقه
ومستحيل أسمح لش تسامحيني
لاني ما أستحق السماح
ولا أستحقش
ما أستحقش
ما أستحقش)


الصفحة التالية:

فقدت طفلي بالأمس
وغادرني سعود هاربا مني اليوم

أهنالك عذاب أكثر من ذلك؟؟!!!!
أ هنالك ألم يمزق الروح أكثر من هذا؟؟!!
أ هناك حسرة تحرق القلب والأحشاء فوق هذا؟؟!!

يقول أني لا أحبه
بينما هو الوحيد العاشق المتيم الذي ماوجد لحبه مقابلا..

بالفعل هو يحبني أكثر
لذا كان اثباته لحبه الأكبر هو
أن يتركني في عمق حاجتي لوجوده إلى جواري
يتركني وأنا أتلوى ألما نفسيا وجسديا
حزنا على فقد طفلنا
ويهرب ليعاقبني على أنني لم أقل له كلمة حب واحدة

"غبي ياسعود وطول عمرك غبي"
يحزنني أن أقولها
ولكنها الحقيقة المرة

أ ليس في رأسك عينان ترى لهفتي عليك؟؟
واشتياقي اللانهائي لك؟؟
وتدفق مشاعري ناحيتك؟؟

نعم لم أقل لك أنني أحبك
ترددت أن أقولها
لأني خشيت منك
وكانت خشيتي في محلها
أ من أجل كلمة.. مستعد أنت لهدم حياة؟؟!!

لم أقلها لأنها كانت سدي الأخير في وجه خوفي منك
الخوف الذي انغرز في أعماقي منك منذ طفولتي
احتجت وقتا لتتفكك كل تراكمات هذه السنين
ولهفتها ووجعها
احتجت وقتا لأقولها كما أشعر بها
وأنا كما أشعر بها لا تكفيها كل حدود الكلمات

كنت مطمئنة أنك ستعطيني هذا الوقت
لأني كنت متأكدة أنك تشعر بحبي اللا محدود لك

إذا لم أكن أحبك.. فلماذا أترك عملي من أجلك..؟؟

إذا لم أكن أحبك.. فلما بكيت على صدرك بكل لهفة الأرض اشتياقا لك؟؟

إذا لم أكن أحبك.. فمامعنى مئات المرات التي قلت لك فيها (اشتقت لك، وفديتك، ويومي قبل يومك)؟؟!!

إذا لم أكن أحبك.. فمامعنى مئات القبلات التي طبعتها على شفتيك
ومع كل قبلة اعطيك جزءا من روحي لأخذ مقابله جزءا من روحك؟؟

تعبت من الكلام حبيبي تعبت
آن أوان الفعل..

هل تريد أن تسمع كلمة (أحبك) ؟؟

حسنا سعود.. ستسمعها وتقرأها بكل الأشكال

إذا كنت أنت أعمى لدرجة أنك لم ترى كل هذا الحب..
فلن أنتظر أن تتفتح عيناك.. لن أنتظر عودتك بعد شهرين أو ثلاثة لأقول لك أحبك..
إذا أنتظرت حتى عودتك قد تعود لتجدني في المقبرة..

سالحق بك هناك..
سأطلب أن أقضي بالقرب منك فترة تبادل الخبرات...
سأخذ هذا الدفتر معي
لتقرأ ماذا فعلت بي أنت وحبك طيلة 16 عاما..
ولن أعود إلا معك..
أما أني سأمدد فترة التبادل حتى نعود معا.. وسأسمح لخالد بالعودة للدوحة..
واما أنك أنت ستختصر فترة التطوع ونعود معا

في كلا الحالتين
يستحيل أن أتركك
يستحيل
لن أسمح لك ان تضيع مني بعد أن أصبحت لي
نعم أنا غاضبة منك
وغاضبة بشدة
أريد أن أضربك بعنف

ولكني أحبك..
أحبك ياسعود..



الصفحة التالية:

لي يومان في لبنان
اليوم استلمت عملي في مستوصف الامم المتحدة
قلبي عاجز عن احتمال الانفعال
سعود قريب مني
قريب
قريب
أريد اقتحام المعسكر من شدة شوقي له..

ولكني أشعر بتوتر بالغ
وغضبي منه مازال ماثلا
أريد أن أهدأ قليلا
وحينها سأرسل الدفتر له..
وسأنتظره


أحبك ياسعود
أحبك
واشتقت لك..
اشتقت لك..



تبقى في الدفتر 10 صفحات فارغة فقط
وصفحة واحدة مكتوبة
هي الصفحة الأخيرة المكتوبة في مجمل الدفتر
كُتب في منتصفها سطران مرتعشان:

ماعاد للكلمات معنى

وماعاد للأحرف نزف

وماعاد للحياة قيمة

وماعدت دانة سعود

سعود طلقني



مع انتهاء الصفحة الأخيرة
كان سعود قد انتهى تماما


كان يوسف يدخل من الصالة حيث قضوا الليل ساهرين
ليوقظ سعود لصلاة الفجر
وجد سعود ملقى على فراشه وهو يهذي
لمس جبينه المتفصد عرقا
ارتعب يوسف من جبين سعود المشتعل
اقترب أكثر
فأصتدمت قدمه بدفتر وردي ضخم مفتوح على الأرض
يبدو أنه سقط من يد سعود
تناوله يوسف بحرص
وأغلقه بإحكام بدون أن ينظر لما بداخله
ثم خبأه بحرص وخفاء بين أغراض سعود

وعاد لسعود الذي كان مستمرا بالهذيان
وهو ينادي اسما واحدا
اسما واحدا فقط
بشكل متكرر
وبكل ألم الدنيا ولهفتها ووجيعتها

دانة
دانة
دانة
دانة

#أنفاس_قطر#
.
.
انتهى البارت.. لكن إذا كان لكم نفس مشاعري
فبالتأكيد ستعيدون القراءة مرة ثانية وثالثة
في هذا البارت استمتعت جدا بنمو مشاعر دانة
وهي تكتشف مشاعرها.. من الاعجاب للحب للغيرة للهيام
في رحلة طويلة استمرت 16 سنة
.
.
قد تستغربون إصابة سعود بالحمى
ولكن هذه الحمى هي فعلا حقيقية
أعرف شخصا حقيقيا هذه ردة فعله..
شخصيته قوية وحادة.. حين يحزن او يتأثر
لأنه لا يستطيع التعبير بأي صورة لا بالكلام ولا الدموع
يصاب بحمى مرعبة لعدة أيام
 
الجزء الرابع والتسعون


مضى على سعود 3 أيام وهو مريض في المستشفى
يعاني من حمى ثقيلة جدا.. ودرجة حرارة لا تكاد تنخفض حتى تعود للارتفاع

الأطباء كانوا مستغربين من درجة الحرارة اللي ماكان لها سبب..
ماعنده التهاب من أي نوع
لكنهم استمرو في إعطاءه المضاد الحيوي في الوريد
حتى بدأت صحته بالتحسن
كانوا زملائه في المعسكر مايخلونه أبد..
كانوا يتبادلون البقاء عنده.. كل واحد حسب دوامه وحسب إجازته..

حتى القائد جاء زاره عشان يتطمن عليه.. وبعد السلامات المعتادة
قال له بود واحترام: ياولدي أنت متطوع .. ترى متى ماحبيت ترجع للدوحة.. تقدر ترجع..
ولو تبي ترجع الحين..

سعود باحترامه العسكري: لا سيدي.. أنا أصلا مقرر أمدد فترة تطوعي شهر زيادة..


سعود قضى الأيام الثلاثة اللي فاتت في ألم نفسي وروحي لا يمكن وصفه بالكلمات
ألم مر موجع حاد انغرز في عمق مشاعره وروحه
معرفته إن دانة كانت تحبه بصمت طول عمرها
وإن مشاعرها ناحيته كانت شيء يتجاوز الحب حتى
شيء نحره بقسوة..

شعر أنه خائن وضعيف ومايستحق حبها..
تركها وهي محتاجة له لسبب كان في رأسه هو.. وماله أي أساس من الصحة..
في الوقت اللي هي قررت تجي وراه عشان تثبت حبها له
فكان رده عليها
إنه طلقها

هكذا بكل سهولة
كانت كلمة الطلاق كلمة سهلة
سمح لنفسه أنه يحطم كل اللي بينه وبين دانة بكلمة
ذبحها وذبح نفسه بكلمة

سعود قرر مايرجع للدوحة إلا بعد انتهاء عدة دانة
لأنه خاف يرجع الدوحة يجبره إحساسه بقربها إنه يرجعها

(كما هو معروف: المرأة في عدة الطلاق.. يستطيع زوجها إرجاعها بدون موافقتها حتى)

(أنا مستحيل أرجع دانة مستحيل
عيني مكسورة منها
أشلون أرجعها وأنا ماأقدر أحط عيني في عينها..
كسرت نفسها وكسرت نفسي
وكسرت الشيء المذهل اللي كان يجمعنا بأحاسيسه

دانة فوق فوق ماأستحق
وأنا أستحق العذاب في بعدها..
وأستحق أني أتعذب ألف مرة بعيد عنها

يمكن عذابي يكفر شوي من ذنبي في حقها طول ذا السنين!!)


*****************


دانة لها 3 أيام في الدوحة..
خالد كان سبق له أنه أتصل في أبوه وبلغه بتطليق سعود لدانة
فلما وصلت دانة كان الكل عارف بالخبر..
والكل عرف أن سعود في لبنان

أبو خالد وأم سعود.. كلهم كان يتصلون في سعود يبون يعاتبونه ويعقلونه ويحاولون يصلحون بينهم..
لكن سعود ماكان يرد على أحد..
ومحمد قال لهم أنه في مهمة.. عشان كذا مايرد

دانة نهائيا ماقالت لأحد أي شيء
الكلمة الوحيدة اللي كانت تكررها لكل من يسألها عن سبب الطلاق: النصيب انقطع بيننا..

دانة أصبحت هادئة جدا.. وقليلة الكلام
كانت مجروحة بعمق..بعمق
وتعتصم بما تبقى من عزة نفسها عشان تصمد..

كل السيناريوهات خطرت ببالها لما سيحدث في رحلة لبنان

إلا السيناريو اللي يقول إنها بتطلع من الدوحة زوجة سعود
وبترجع لها طليقة سعود

ألمها كان شديد العمق والحدة والقسوة على روحها الشفافة..
وعلى قلبها المشبع بحب سعود
دانة ترعرعت ونمت ونضجت وحب سعود يتعمق في روحها وتتشرب به كل خلية من خلاياها حتى الثمالة.. حتى النخاع
لذا كان ألمها المتجذر على نفس مستوى عمق حبها المتجذر..

رجعت لشغلها..
وهي تحاول إنها تنغمس في الشغل بكل تفاني
عشان تلاقي لها شيء يلهيها

تهاني تقول لها بحرة: النذل الجبان طلقج..

دانة بهدوء: ماعليه تهاني لو سمحتي.. أنا ما أسمح حد يسب سعود قدامي..

تهاني بعصبية: صج غبية.. سعودوه طلقج وأنتي حتى الكلام ماتبين حد يتكلم عليه...

دانة بهدوء: هذا نصيب.. والله كاتبه..وسعود ولد عمي قبل وعقب..

تهاني بنفس حرتها: تدرين دانة.. أنتي لازم ترجعين لشغلج في الرميلة.. احرقي قلبه..

دانة باستنكار: لا تهاني.. مستحيل..

تهاني بغضب: لا تجلطيني.. هذا مايستاهل.. خلاص هذا هو ذلف.. قاعد مبسوط في لبنان يطالع في هذي وفي هذي
.. وأنتي تبين تقعدين تنفذين كل كلامه.. حتى عقب ماصار رجل غريب عليج..

دانة بحزن عميق: تهاني حبيبتي.. خلاص الموضوع انتهى.. أنا باقعد هنا في الصحة المدرسية والرميلة خلاص شغلي انتهى عندهم


******************
 

مها وفاطمة في الجامعة
رايحين يسلمون على جواهر في مكتبها لأنهم الفصل هذا ماخذوا مادة عندها..

مها بود: ياحليها مناري.. مكانها بيّن مالت على عدوها.. أشتقت لها ولقعدتها معنا في الجامعة..

فاطمة بعيارة: منيرة اسأليها الحين عن سالم بس.. في كل سالفة لازم تدخل اسم سالم..
وسالم قال.. وسالم سوى.. خنقتنا بسالم كل مانروح لها البيت

مها بنفس العيارة: ربي انتقم لذا الصبي اليتيم.. شلع قلب منور شلع.. استخفت البنية عليه.. عقبال مايرجع متعب وأستخف أنا بعد..

فاطمة بعيارة رقيقة: وأنا مالي نصيب استخف.. خاطري استخف..

مها وهي تضحك: أنتي مكتوب على وجهش وجه عانس.. من اللي بايع روحه يأخذش..

فاطمة تضحك: واحد مثل اللي باع روحه وخذج..

مها: وه.. فديته اللي خذني بس..

فاطمة وهي تحاول تتماسك من الضحك: هذا احنا وصلنا.. خلينا نسلم على عين السيح على قولت مناري..

البنات دقوا الباب

وقتها كانت جواهر تسولف مع نجلاء..والسوالف بدأت قبل طرق الباب بعدة دقائق

نجلاء بحنان: شأخبار الحمل معاج؟؟

جواهر بابتسامة متعبة: اللوعة والترجيع متعبيني شوي.. وغير كذا كل شي تمام.. الحمدلله..

نجلاء بتردد: ماجاتكم أخبار عن عبدالله؟؟

جواهر حست أن المها اللي مايخف ولا يتراجع بل كل يوم يتزايد يحضر بعنف قاتل موجع: مافيه أخبار... عبدالعزيز يوميا يتصل بالعراق.. وكل يومين ثلاثة يروح للخارجية يشوف لو وصلتهم أخبار..

نجلاء بود: إن شاء الله بيرجع..

جواهر بحزن عميق: اشتقت له يانجلاء اشتقت له.. كل ليلة أدور في الغرفة مثل المجنونة.. كأني اشوفه في كل زاوية من زواياها..

نجلاء بحزن: لازم تكونين قوية عشان نوف وعزوز..

جواهر بذات الحزن المصفى: أنا عشان نوف وعبدالعزيز متسلحة بكل القوة اللي أنا أقدر عليها..
الفترة القصيرة اللي أنا عشتها مع عبدالله كنت أحس أني خفيفة ومحلقة.. كنت رامية كل شي عليه..
قوته واحتوائه لكل شيء بثقة كانت موهبة مغروسة فيه
وكان يمارسهم بكل طبيعية بدون مايخل بشيء على حساب شيء

لكن أنا أحس بالتوتر من خوفي على عيالي واهتمامي بتفاصيل كل شيء في البيت
واللي زاد مدراء الشركات اللي يكلموني يسألوني عن أشياء ماعندي خلفية عنها..
وعبدالعزيز أخوي ماعنده خلفية عن شغلهم..
الحين أبي أطلب من أفضل يرشح لي واحد منهم يتسلم إدارة كل شيء لحد مايرجع عبدالله
عشان ما أبي أشغل بالي بموضوعهم..

نجلاء بحنان: الله يعينج ياجيجي الله يعينج

جواهر بألم مر: الله يرجع لي عبدالله سالم.. غير كذا ما أبي والله ما أبي..

وهم يتكلمون انطق الباب..

جواهر وهي تتماسك وتقول بثقة: تفضل


******************


بعد حوالي 3 أشهر ونص


جواهر في منتصف الشهر الخامس.. وضعها الصحي مستقر
انتهت فترة الوحم.. ولم تبدأ فترة الثقل بعد

لكن وضعها النفسي يصبح أكثر سوءا بكثير وبتعمق جارح.. وهي تخفي هذا الوضع عن الكل وتتسلح بقوة بالغة..
مازالت لا تنام إلا على ملابس عبدالله وفي مكانه..

شوقها له وافتقادها له أكثر من مؤلم.. أكثر من موجع.. أكثر من الألم والوجع ذاتهما..

ولكن ثقتها بعودته لم تتغير أو تتزحزح بل كانت تتزايد..


عبدالعزيز يدرس بجدية بالغة لأن جواهر قررت أنه يقدم اختبار البكلوريا الدولية في لندن بعد شهرين..
وفي حالة حصوله على البكلوريا هو غير مضطر لأكمال السنة المتبقية عليه
ويستطيع دخول الجامعة فورا العام المقبل..
جواهر قامت باتصالاتها ومراسلاتها بلندن من بداية زواجها بعبدالله لإدخال عبدالعزيز للامتحان.. ووصلت الموافقة قبل 3 أشهر
ومن يومها وجواهر أعدت له جدول محكم للدراسة.. وبدأت بتدريسه مايتعلق بتخصصها.. والباقي أحضرت له أفضل المدرسين في مجالهم..
جواهر كانت مصممة أن عبدالعزيز على الأقل يختصر سنة

وعبدالعزيز كان أكثر تصميما
وكان مستمرا في الذهاب للمدرسة
وهو غير منتبه للعيون التي مازالت تراقبه بحقد..

نوف اقتربت امتحاناتها الجامعية..
مازالت روحها مثقلة بالحزن لغياب والدها
لكن زيادة ارتباطها ببنات خال أمها حصة ونورة
كان يشغلها ويسليها.. الارتباط الذي كانت جواهر تشجعه
لمعرفتها بأخلاق بنات خالها
ولكن أكثر ماكان يشغل نوف هو حمل أمها
كانت تتصرف كما لو كانت هي أم جواهر
اهتمامها بأكل أمها وتناولها لفيتاميناتها بل كانت تصر أن تذهب معها لكل مواعيدها..
عدا موعد واحد لم تأخذها جواهر معها
كان موعد السونار..
جواهر أصبحت تعرف جنس المولود (بمشيئة الله)
نوف بتجن وجننت جواهر تبي تعرف
بس جواهر مارضت تقول لأحد
الوحيد اللي هي بتقول له بيكون عبدالله بس

نوف باستجداء: يمه تكفين علميني.. بأموت لو مادريت..

جواهر بحنان وهي تحضنها: بسم الله على روحك، كلها 3 شهور وتعرفين..

نوف باستجداء أشد: يمه تكفين أبي أعرف عشان أعرف وش أشتري أزرق وإلا وردي..

جواهر برقة وهي تبتسم وتمسح على شعر نوف: فيه شيء في المحلات اسمه "يونيسكس".. خلج من العيارة
تبين تشترين؟؟
اشتري أبيض وبيج وأخضر وأصفر
هذي كلها ألوان للجنسين..

نوف بدلال: يمه حرام عليج.. عشان خاطري..

جواهر برقة: لغير عبدالله مستحيل أقول..
 
الجزء الخامس والتسعون




استكمالا للاحداث التي جرت خلال الأشهر الثلاثة والنصف الماضية..

راشد اللي مايعرف يلف ويدور
واللي مستحرم مشاعره المتدفقة ناحية نوف
وهي ماتحل له
كلم عبدالعزيز أنه يبي يخطبها..وخصوصا أنه يخاف حد يخطبها قبله..
بس عبدالعزيز طلب منه يأجل الكلام في الموضوع
لأن أبوها مختفي
ومن معرفته لجواهر.. جواهر مستحيل توافق
وعبدالله مفقود.. عدا أن نوف نفسها بعدها صغيرة
لكن في نفس الوقت عبدالعزيز مايبي يضيع راشد على نوف
راشد شاب نادر.. ومثله ينخطب
وعبدالعزيز نفسه يعرف ناس يعرضون على راشد أنهم يزوجونه..

عبدالعزيز بأخوية رد على راشد: أنت واحد ماتنرد..
لكن أنت عارف أن أبو البنية مفقود في العراق..
أنا بصراحة أبيك لبنت أختي.. وأبيها لك.. لأنه كل واحد منكم يستحق الخير كله..
أنا ما أقدر أجبرك أنك تنتظر.. رغم أني أتمنى أنك تنتظر
ونوف تستحق الانتظار..
فهل أنت مستعد تنتظر لين على الأقل نعرف موضوع عبدالله وين بيرسى؟؟

راشد اللي أصبح مستحيل يفكر في أحد غير نوف، رد بثقة: مستعد أنتظر بدل السنة سنتين.. أنا بعدني صغير.. وتوني تخرجت.. بس أنا خفت حد يسبقني عليها.. وهذا أنت عرفت أني ابيها..

عبدالعزيز بثقة رقيقة: وإن شاء الله إنها لك..



سالم ومنيرة حب يتعمق بالتدريج وبقوة.. طبخة كانت تستوي بهدوء..
سالم شال الجبس.. وطابت كل إصاباته.. وفي كامل قوته الجسدية والبدنية..
التقارير اللي محمد بعثها برا رجعت ردودها إنه حالة سالم مثل ماشُخصت أول مرة: ضرر في مركز البصر في المخ
أما أنه مؤقت وسيستعيد بصره بالتدريج مع تحسن المركز
أو أنه دائم وبيظل طول عمره ضرير

محمد ماقال لسالم شيء.. قال أن الردود مابعد وصلت

منيرة تولعها بسالم يزداد كل يوم عن اليوم اللي قبله..
تعاني من حرمانها من سالم..
حتى جلوسها بجواره صار يوتره..
وهي مضطرة للتباعد حتى لا يشعر سالم أنها تحاول ان تغريه..
بينما هو أصلا على وشك الانهيار ورغبته العارمة فيها تذبحه لأبعد حد


ديمة عادت للأجواء الأنثوية برقة وعذوبة..
من يرى أنوثتها المصفاة الرقيقة الآن يستحيل أن يصدق حالها قبل حوالي 5 أشهر..
قصت شعرها قصة أنثوية رقيقة..
بدأت تضع مكياج يناسب سنها: ماسكرا وغلوس
يستحيل أن تطلع من البيت بدون عبايتها وشيلتها المشدودة بأحكام على رأسها..
بدت تكون صداقات قوية مع زميلاتها في المدرسة
ولكنها ماكانت تحب تطلع من البيت لأن عوالم الهكرز مازالت تستغرق وقت فراغها.. ولكن تهكيرها بدأ يتراجع لاتجاهات أخرى
وهي تقلل علاقاتها مع أصدقائها الهكرز
في مخطط طويل الأمد تدريجي لانهاء علاقاتها فيهم..
ديمة مادخلت بيت عبدالله منذ زيارتها الأخيرة للسلام على جواهر
كانت حزينة جدا لغياب ولد خالتها عبدالله..
لذا ما أحد منهم شاف طلتها الجديدة
رغم أنهم عرفوا فيها من عائشة التي كانت تزورهم بشكل متكرر للسؤال عن تطور وضع عبدالله
غياب عبدالله ترك جرح عميق في قلب عائشة
عبدالله ماكان مجرد ابن أختها لكن كان صديقها وصندوق أسرارها طول عمرها..



نورة وعبدالعزيز.. الحياة الهادئة الناعمة بالشخصية العذبة اللي يتمتع فيها كل واحد منهم.. وكأن كل واحد منهم بكمل عذوبة الثاني..
نورة تنتظر بشوق إنها تحمل.. لكن مع مرور كل شهر ترى فيه دورتها الشهرية.. تشعر بالحزن.. رغم انه لم يمض على زواجهم إلا أربعة أشهر

عبدالعزيز مشغول بعبدالله
عبدالله كمل أكثر من 4 شهور منذ اختفائه.. ومع كذا مازال مستمر بالاتصال اليومي بفاضل ونصّار.. وشركة الأمن اللي كلفها بالبحث.. والداخلية العراقية.. والخارجيتان القطرية والعراقية..
وخصوصا أن جواهر لا تنسى مطلقا تذكيره
رغم أنه مايحتاج حد يذكره
(يالله لا تحرمني أني أروح العراق أجيب عبدالله.. مثل ماراح عشان يجيبني)

ماجد من ناحيته كان يتبادل هذا السؤال مع عبدالعزيز..
أيام كثيرة كان هو اللي يروح ويسأل بالتنسيق مع عبدالعزيز
غياب عبدالله حز كثيرا وبعمق في نفس ماجد..
عبدالله صداقة 18 سنة.. وجمعتهم عشرة عميقة مستحيل شيء يهزها..
لدرجة أنه كان يستفسر من عبدالعزيز بطريق غير مباشر عن الناس اللي استقبلوهم في بغداد.. كان يبي يروح بنفسه
لكن عبدالعزيز فهم قصده وحلف عليه.. أنه ولا يفكر يروح.. لأنه روحته مالها داعي.. لو لقوه هم بيتصلون فيهم.. وروحة ماجد لا تقدم ولا توخر



الحمل لم يحن آوانه لنورة.. ولكنه كان نصيب أخرى


دلال حامل..
حامل في شهرين الحين..
الخبر اللي نشر عاصفة من الفرحة الكاسحة
اجتاحت ماجد في المقام الأول
لتصل تياراتها لنجلاء وأم جاسم وبناتها
الكل كان سعيد بحمل دلال لأنهم كانوا خايفين أنه يكون عندها مشاكل تمنعها من الحمل
ولم يعلم أحد أنها كانت عذراء حتى تزوجت ماجد
إلا نجلاء التي اخبرها ماجد
لأنه شعر أنه إذا لم يشرك أحد معه في فرحته
فأنه قد يصيبه سكتة قلبية من شدة الفرحة
الخبر اللي أفرح نجلاء لأبعد حد
وهمست بخبث لماجد: للمرة الثالثة أقولها
والله أني أمي داعية لك يامجود.. شكلك كنت مرضيها من قلب


محمد اشتغل واستلم وظيفته الجديدة..اللي كانت وظيفة ممتازة في مكان ممتاز.. ربي عطاه على قد نيته النقية
اشترى له سيارة جديدة
لأنه كان يبي يشتري سيارة قبل يرجع سعود ويشتريها له

مخططاته مع مزنة مشوشة ومضطربة.. عقب ماطلق سعود دانة وبدون سبب معروف
محمد ماله وجه يخطب مزنة من عمه.. قرر يأجل التفكير في الموضوع شوي.. يشوف أيش اللي ممكن يصير..


العاشق المتيم الصغير: خالد
كانت حالته أسوأ.. تولعه بالجازي كان أكبر بكثير من مشاعر محمد المنطقية ناحية مزنة..
وأخته الغالية هي من وقع عليها الظلم من سعود أخو الجازي
كان يشعر كمن هو بين المطرقة والسندان
كان يشعر بغضب كبير من سعود اللي تجرأ وطلق دانة
(حد يلاقي دانة ويطلقها؟!! لا وحتى بدون مايبلغ أبي.. كنه ماخذها من الشارع مالها والي
وأخته ذي بأخنق قلبي لين ينساها..
اللي يدوس على طرف دانة مستحيل قلبي يصفا له)


مزنة اشتغلت بعد.. وبدت تداوم في مدرستها اللي كانت قريبة من البيت كمدرسة اجتماعيات..


دانة مستمرة في استغراقها في عملها
توقفت تماما عن كتابة أية شيء
اشتاقت لدفترها.. تشعر بوحشة بدونه
بعد أن رافقها 16 عاما
بدأت تكتب فيه وهي في العاشرة
حتى أخر سطر كتبته قبل حوالي 3 أشهر ونص


عدتها انتهت من حوالي أسبوعين
والهارب مازال هاربا


لم تعلم أن الهارب عاد في هذه اللحظة بالذات
في هذه اللحظة بالذات كان ينزل من الطائرة

بعد أن قضى 4 شهور في لبنان


**********************
 
أم سعود وبناتها قاعدين في الصالة
على قهوة العصر
البنات امتحاناتهم قربت
وأم سعود من غياب سعود.. ثم خبر طلاقه
وهي شيء في نفسها مكسور
في الوقت اللي كانت الجازي نفسيتها زفت من نفس الموضوعين
مها كانت الوحيدة المبتسمة.. اللي دائما تواجه الحزن والضيق واليأس بالابتسامة

مها بمرح: يا أم سعود .. الجويزي... وحدوووووووه

أم سعود بهدوء: لا إله إلا الله..

الجازي ساكتة..
مها عطتها كوع: الجويزي وعلة.. لا يكون ميت لش ميت..

الجازي بعصبية: مها بليز.. مالش شغل فيني..

مها شدت أطراف شعر الجازي برقة وهي تضحك وتقول: أبليس يغربلش يا بنت.. وش أبليسه؟؟

الجازي اليوم حاسة بضيقة غير طبيعية
(الضيقة اللي دايم (ن) تالي عصير....وش حيلتي وأردها لا تجيني)

حاسة العبرة خانقتها.. تبي تبكي وهي ماتعرف السبب
بصوت مخنوق ردت على مها: مها أنا ماني بمتفرغة لش.. خليني دام الخاطر وسيع عليش..

مها بخوف مصطنع: يمه خوفتيني.. يالدلوعة
لمعلوماتش: أولا أنا الكبيرة وأنتي الصغيرة.. بيننا فرق 4 سنين مهوب شوي..
ثانيا: أنا الدبة.. وأنتي المسلولة..
يعني أنتي اللي أحشمي روحش وانطقي
لايجيش علمن فوق علمش..

وهم في نقرتهم
مها بمرحها.. والجازي بضيقتها

تفاجأوا بصوت هادئ واثق وقوي يغطي على كل صوت ويسكب حضوره على كل حضور: السلام عليكم ياجماعة..


أول من نط كانت الجازي اللي صارت عيونها قد الفناجيل وامتلت دموع وهي تشوف سعود قدامها..

رمت نفسها على صدره وهي تبكي بعنف.. أم سعود ارتعبت من بكاء الجازي وامتلت عيونها دموع..
بطلنا الصامت: مها.. كالعادة ضحكها عالي.. ودمعها صامت..

سعود بحنان كان يمسح على شعر الجازي اللي غرقت صدره بدموعها : الجازي أنتي ماشبعتي بكاء.. رحت وأنتي تبكين.. ورجعت وأنتي تبكين..

الجازي بين شهقاتها ودموعها وسيولة أنفها: كذا تكذب علي.. وكذا تسوي.. الشهرين صارت أربعة.. لا وتطلق دانة بعد..

سعود اللي كان حاضن الجازي برقة تصلب صدره وذراعيه بعنف والجازي تعيده للحقيقة اللي يبي ينساها (أنه طلق دانة)

لكنه رد عليها بنفس الحنان: التأخير غصبا عني.. والزواج والطلاق كلها قسمة ونصيب..

الجازي تشاهق: بس دانة ماتستاهل كذا..

سعود حط يده بحنان على فم الجازي: خلاص يا أخيش.. حكي في الفايت نقصان في العقل..

ثم ألتفت على أمه وحضنها بعمق وهو يقبل رأسها ثم يدها: كذا يا أمك تسوي في بنت عمك اللي ما مثلها في البنات..كذا.....

سعود قاطعها بهدوء وحزم: يمه تكفين.. ما أبي حد يكلمني في أي شيء..
والكلام للكل.. ما أبي حد يذكر موضوع طلاقي قدامي ولا يعاتبني.. ولا يفتحه قدامي أبد..

ووقتها كان يحتضن مها اللي قالت بتردد: ليش سعود أنت منت بناوي ترجع دانة خلاص؟؟

سعود بنفس هدوءه وبشخصيته الاعتيادية الواثقة: لا ماني بمرجعها.. وقلت خلاص كلام في ذا الموضوع ما أبي..


************************



بعد المغرب.. في غرفة دانة

مزنة متوترة وتروح وتجي..
في الوقت اللي دانة كانت تقرأ مجلة طبية حول تطورات جراحة الأسنان..
دانة وهي مستمرة في القراءة: أنتي يا أبلة مزنة تراش حولتيني.. أقعدي على حيلش.. وش فيش؟؟

مزنة بتوتر: بكرة عندنا غدا لرجّال.. والرجّال هذا على وصول الحين..

دانة تركت المجلة من يدها وهي تنط وتقول بلهفة: فيه حد جاي يخطبش؟؟

مزنة وهي تطل مع الشباك وتقول بتوتر: وش خطبته أنتي بعد..؟؟ تعالي وتعرفين قصدي..

دانة قربت من مزنة وطلت معها من الشباك

حست أن قلبها بيوقف
بل قلبها توقف وعشرات المشاعر الصاخبة تعتصره بعنف

وهي تشوف الفيكسار الذهبي اللي كان يوقف في حوش بيتهم..
 

الجزء السادس والتسعون




دانة قربت من مزنة وطلت معها من الشباك

حست أن قلبها بيوقف
بل قلبها توقف وعشرات المشاعر الصاخبة تعتصره بعنف


وهي تشوف الفيكسار الذهبي اللي كان يوقف في حوش بيتهم..

دانة تسمرت عند الشباك وعيونها تتركز على حركة سواق السيارة..
دانة حست بشعور عذب مر لذيذ جارح وهي تشوفه بعد مرور كل هذا الوقت..

أكثر شيء حز بخاطرها وآلمها لأبعد حد أنه كان نحفان شوي.. بين طوله أكثر مع نحافته الجديدة..
ثوبه الأبيض المنساب باستقامة على جسده ماقدر يخبي هذي النحافة..

سعود كان واقف عند سيارته بعد ماسكرها
كان اول شيء سواه أنه رفع عينه لشباك غرفة دانة غصبا عنه..
الشباك شباك عاكس
في النهار لا يظهر مافي الداخل
ولكن في الليل تظهر الخيالات من خلفه

جات عينه في عينها..
هو ماشاف عيونها لكن دانة شافته بوضوح
حست نظرته الحزينة مثل طعنة غائرة في صدرها

استغربت.. عمر سعود مارفع عينه..
لكنها تذكرت الدفتر..
وحست بخجل عارم يجتاحها وهي تتراجع بعنف في الوقت اللي شفايفه كانت تهمس بشيء.. هذا كله حصل في أجزاء من الثانية..

في الوقت اللي سعود لما رفع عينه
لمح الخيال الملاصق للشباك..
حس بالم عذب..دافئ
مازالت على نفس عادتها اللي ذكرتها في دفترها
همس: اشتقت لش حبيبتي.. والله ميت من شوقي لش..ميت

لكنه شاف الخيال وهو يختفي بسرعة..
حس بعذابه يتجدد

خذ نفس عميق
ودخل لمجلس عمه..


**********************


سالم كان متمدد شوي.. بعد مارجع من المسجد من صلاة المغرب..
من بعد ماتحسنت صحته.. مافوت صلاة في المسجد.. عنده عامل في المجلس الخارجي يوديه ويجيبه.. للمسجد الملاصق للبيت..

صار يقدر يتحرك في كامل البيت بروحه.. ومايحتاج أي مساعدة داخله.. صار يحفظ مكان كل شيء بدقة..

شغله ماعاد قدر يروح له.. وكّل مدير شركته بالتصرف..
بس كان فيه أشياء يستشيرونه فيه عن طريق التلفون..

بشكل عام ماعاد طلع من البيت إلا نادرا..
وبالتالي منيرة ماتطلع من البيت إلا معاه..

لكن ربعه محمد وجبر وخالد وخصوصا محمد كانوا تقريبا يمرون عليه عقب صلاة العشاء غالبية الأيام..

بينما طول اليوم يكون هو ومنيرة بس..

نهائي ماخطر بباله أنه يطلب من منيرة أنها توديه فوق
عقب اللي صار المرة الأخيرة..
كل مايتذكر الأيام اللي كانت ماتتكلم فيها وحالته وهو يرتجي حرف من شفايفها.. يحرّم حتى يذكر لها الطابق العلوي مجرد ذكر..
لكن هذا لا يمنع أنه هو شخصيا صار يحفظ الطريق فوق
ويطلع بنفسه كل يوم..

سمع صوت خطوات منيرة تدخل.. دخلت ساكتة تظنه نايم

سالم بحنان: هلا حبيبتي من وين جاية؟؟

منيرة كان نفسها تميل عليه وتقبل رأسه لكنها توجهت للتسريحة وهي تقول بعذوبة: كنت في المطبخ.. أقول للخدامة وش تجهز
عشان ربعك إذا جاءوا بعد العشاء..

سالم بنفس الحنان: الله لا يحرمني منس.. دايمة مبيضة وجهي..

منيرة وهي واقفة قدام التسريحة وتمشط شعرها وتقول برقة: وجهك دايما ابيض حبيبي..

سالم قعد على حيله وسألها : شتسوين؟؟

منيرة بنبرة اعتيادية: أمشط شعري.. تسبحت وأنت في المسجد.. ومابعد مشطته..

سالم وقف بثقة وتوجه للتسريحة بخطوات واثقة..
منيرة توترت.. سالم من بعد ماصار يدل في البيت ومايحتاج مساعدة.. وهو مايحبها تقرب منه..
يحب يكلمها وهم بينهم مسافة معينة..

سالم وصلها .. حدد مكانها بالضبط من صوت أنفاسها اللي بدأ بالتعالي..
وقف وراها بالضبط بهدوء
رأسها يصل لذقنه..
حط يديه على أكتافها
وهي بدأت بالارتعاش
وأنفاسها بالاضطراب..
وهي تشوف وجه سالم في المرايه..
وملامح وجهه اللي حملت تعبير غامض

سالم بعمق: وشفيس منيرة؟؟ خايفة مني؟؟

منيرة بصوت واطي متوتر: لا طبعا..

سالم بنفس العمق: زين ليش تتنافضين كذا؟؟

منيرة سكتت من الرهبة والخجل..
في الوقت اللي سالم رفع يديه عن أكتافها لشعرها المفكوك وهو يلمه بكفوفه بحنان
ويطبع على شعرها الغافي بين يديه قبلات حانية..

منيرة بدأ قلبها يدق بعنف غير طبيعي..
وهي ماتعرف خطوة سالم القادمة..

لكن سالم مثل ماحضر فجأة.. انسحب فجأة
وهو يفلت شعرها
ويخرج من الغرفة كلها
ومن البيت كامل للمجلس الخارجي..

منيرة لشدة انفعالها جلست على كرسي التسريحة
وانفعالها أكبر منها
ورجولها ماتقدر تشيلها
ماتعودت على هذي اللمسات من سالم


في الوقت اللي سالم
كان يغلبه انفعال أكبر
وحس أنه كان على وشك التهور
لولا أنه قهر نفسه بعنف.. وبقسوة
وقرر يطلع من البيت كامل
سالم حاسس أنه ماعاد قادر يستحمل أكثر من كذا حرمانه من منيرة

عشان كذا كان يفكر يسافر كم يوم
يرتاح شوي من الضغط النفسي اللي يحسه بقرب منيرة
وخصوصا أنه خلاص يشعر بقرب انهياره..
الانهيار اللي بيحرمه من متعة مرته الأولى وهو يتمتع بالنظر إلى وجه منيرة ...


******************
 

سعود قاعد في مجلس عمه..
هو اتصل في عمه أول ماوصل عشان يسلم عليه ويقول له أنه بيمره
عمه حلف عليه يتغدى عنده بكرة.. ويمر عليه عقب المغرب..

عمه سلم عليه بترحيب وحنان ودفء رغم أنه عاتب عليه عشان طلاقه لدانة
لكن أبو خالد كان يعز سعود بالذات أكثر حتى من خالد
ويصعب عليه إنه يجفاه أو يقسى عليه
والزواج مهما كان قسمة ونصيب

خالد سلم على سعود سلام بارد
وقعد على جنب.. وهو يبي يمسك على سعود كلمة
عشان يفضي حرته فيه..

أبوخالد يسأل سعود بود: أشلون كانت أوضاعك في لبنان؟؟
عسى كنت مرتاح؟؟
أنا خبري بلبنان في أواخر السبعينات قبل الحرب الأهلية.. رحت لها أنا وأم خالد عقب ماتزوجنا بكم شهر..

خالد هو اللي رد قبل سعود وهو يقول ببرود: زين يبه أنك ماوديت أمي لبنان ذا الأيام..
وإلا كان رجعتها لنا مطلقة..

سعود اللي فهم قصد خالد من النغزة سكت وماقال شيء

في الوقت اللي أبو خالد ألتفت عليه بحدة وقال: أعتقد أني ما سألتك يا أسود الوجه..

خالد رد بنفس البرود: يبه أنا بس خايف عليك يجيك الحالة اللي لبنان تجيبها للرياجيل المتزوجين.. وتخليهم يطلقون نسوانهم بدون سبب..

سعود اللي خلاص مو قادر يسكت.. قال ببروده الشهير المثير: هذا أنت قلتها: نسوانهم.. يعني أنت مالك شغل..
إذا أنت تزوجت لا تودي مرتك هناك...
ولا تخلي أخيها يجيبها وراك وأنت ماعندك خبر في شيء..!!!

خالد فهم نغزة سعود.. وكان بيرد لولا ان أبو خالد مسك يده بقوة وهو يقول : أذكروا الله ياعيال.. أذكروا الله

سعود قال بهدوء حازم: لا إله إلا الله
وأنا أصلا أستاذن
ربعي منتظريني في مجلسي ومحمد عندهم بأروح لهم..
رخصوا لي..

أبو خالد بود: وهو يسلم على سعود: لا تنسى غداك بكرة عندي

سعود قال بنفس الود:إن شاء الله.. وأنت وخالد لا تنسون بعد بكرة مسوي عشاء في الفورسيزونز عشان ترقيتي..
ولازم تكون معي قدام الرياجيل

أبو خالد بود كبير: إن شاء الله يا أبيك.. إن شاء الله


سعود طلع وركب سيارته..
عينه غصبا عنه اتجهت مباشرة لشباك دانة
كانت ستاير الشيفون منزلة
ولمح خيال يروح ويجي

ووخزات الألم في قلب سعود تتعمق..ببعد غائر

حرك سيارته في الوقت اللي وصلته رنة مسج..

قبل مايفتح المسج
حس بطعنة لا شبيه لها في عذوبتها
في وحشيتها
في انفعالها
وهو يشوف اسم دانة يتصدر المسج
 
الجزء السابع والتسعون



قبل مايفتح المسج
حس بطعنة لا شبيه لها في عذوبتها
في وحشيتها
في انفعالها
وهو يشوف اسم دانة يتصدر المسج


سعود توتر بشدة.. أيش اللي ممكن دانة تكتبه له..؟؟
قرر يطلع من بيت عمه قبل يفتح المسج

حرك بسيارته لشارع خالي ثم وقف سيارته على جنب
خذ نفس عميق.. وفتح المسج

" أبي دفتري
لو سمحت"

سعود رغم حزنه العميق ابتسم

كتب لها

" ومافيه قبلها
الحمدلله على السلامة ياولد عمي"

مسج دانة

" الحمدلله على السلامة
وأبي دفتري"

مسج سعود

" الله يسلمك
ورد طلبك: أنا اسف"

مسج دانة

" شنو آسف هذي؟؟
الدفتر هذا حقي
بأي حق تحتفظ فيه عندك
أصلا أنا غلطانة اللي خليتك تقراه"

مسج سعود

" الدفتر صار حقي أنا
لو عندك اعتراض
اشتكي علي عند الشرطة
وقولي لهم أنك تبغين دفترك"

مسج دانة

"سعود
وحق عشرتنا
لوكان باقي لها عندك حق
ترجع لي الدفتر"

سعود حس بألم قاسي مر يجتاحه بكل العنفوان.. وهو يقول لنفسه
(وحق عشرتنا؟!!
وانا وش ذبحني إلاَّ عشرتنا
كل دقيقة من الأيام اللي عشناها سوا
ذكراها تنحرني نحر
ذكرى همساتك
وبسماتك
ولمساتك
وريحة عبيرك
وحق عشرتنا
وحق عشرتنا؟؟!!!!)

تنهد سعود بكل ألم الدنيا ووجيعته
وكتب لها

" الدفتر بيكون عندك بكرة
لكن لا تلوميني على استخدام الصفحات الأخيرة
ماتوقعت أنك تبين ترجعينه
عقب ماكان أنيسي الوحيد
طيلة الشهور اللي فاتت"

مسج دانة

"إذا كان أنيسك في كم شهر
فهو كان أنيسي لـ16سنة
وشكرا مقدما على إعادته"

مسج سعود

" وليش الشكر مقدما
منتي بناوية تشكريني بكرة إذا رجعته"

مسج دانة بكلمة واحدة حادة

"لا..."


****************
 

عبدالعزيز راجع لبيته من مجلس خاله..
عشان يتوضأ ويروح لصلاة العشاء اللي مابعد أذن..

نورة اليوم جاتها خالة التنظيف الجذري..

كانت لابسة بنطلون جينز..
ورابطة راسها كله بسكارف مغطي شعرها كله ومربوط ورا رقبتها..
وتيشرت علاق..

كانت طالعة على السلم.. وتنظف اللمبات وبين فتحات نقشات الجبس اللي على البوردز والسقف..

عبدالعزيز شافها ما انتبهت له وهي مستغرقة في شغلها
طالعها بحب كبير لدقايق.. ثم تنحنح..

نورة تشهق وتكلمه وهي فوق.. وهو اقف تحت ماسك في السلم: الله يقطع إبليسك عزوز نقزتني... لو أني الحين طحت على رأسي واستخفيت وانت ابتلشت فيني...
وبعدين عزوزي عقلي عليه تحفظات جامدة.. يعني مع أي تأثيرات بسيطة خرعة وإلا طيحة.. سلم على الباقي من عقلي الخفيف..

عبدالعزيز وهو يضحك على خبالها: يسلم لي عقلج الخفيف بس..
وعقب كمل بابتسامة: وبعدين أنا قايل لج قبل أنا ما أحبج تلبسين بنطلون جينز..

نورة وهي تبتسم وتنزل بشويش: شوف عزوزي لازم تكون حذر في اختيار عباراتك مع وحدة مخفة مثلي..
أنت قلت لي ما تحب.. يعني ماقلت لي ممنوع..
وأنا وحدة أحب التملص والبحث عن الأعذار.. والدين يسر عزوزي....
والله لو أني لابسة شيء غير ذا البنطلون مع كل التنظيف اللي سويته كان بدلت 20 مرة..

عبدالعزيز قرب منها وقرص خدها وهو يطبع قبلتين شفافة على كل جفن من أجفانها: فديت النصابة ياناس..


******************


سالم رجع للبيت بعد ماسرى محمد من عنده في وقت متأخر من الليل..

أول مادخل على منيرة اللي كانت قاعدة تنتظره بقلق: وش فيك تاخرت واجد الليلة حبيبي..؟؟

سالم برقة وهو متجه للسرير: أنا ومحمد كنا نتفق على تفاصيل السفر

منيرة نطت عبرتها ببلعومها وقلبها وقف: أي سفر ياسالم؟؟

سالم قعد بثقة وهو يقول بهدوء: أنا ومحمد كنا نبي نسافر دبي من وقت.. بس محمد ماكان يقدر يسافر ويخلي هله وسعود مهوب موجود
الحين سعود رجع.. بعد بكرة عنده عشاء في فندق.. بأحضره أنا ومحمد وبنطلع من العشاء على المطار..
أنا كنت أبي أروح على سيارة.. بس محمد حلف أنه مايسوق فيني سيارة على خط طويل مرة ثانية..

منيرة وعبرتها خانقتها: وش طرى عليك السفر؟؟

سالم بحنان: ضقت من الحبسة ياقلبي.. يعني ما ترخصين لي أروح؟؟

منيرة قربت منه وجلست على الارض.. وحطت رأسها على رجوله.. حركتها المحببة..
سالم كان يمسح على شعرها وهي تقول بصوت مخنوق: تكفى لا تطول علي.. أنا ما أقدر أصبر على غيبتك..

سالم بنبرة مشبعة بالحنان: ماني بمطول إن شاء الله


****************


ثاني يوم
بعد ما خلص غداء الرياجيل عند أبو خالد
الدفتر كان مع سعود في السيارة
بس ماعرف أشلون يوصله لدانة
استحى يعطيه عمه.. وإلا خالد اللي كنه مصقوع على وجهه كفين كل ماشاف سعود..

قرر يعطيه وحدة من خواته ويخليها توصله لها العصر

بعث مسج لدانة وهو طالع لسيارته

" الدفتر معي
بس ماعرفت أشلون أوصله
العصر بأخلي وحدة من خواتي تجيبه"

بس دانة ماردت عليه بشيء..


سعود لما رجع من صلاة العصر
لقى أمه ومها رايحين لبيت خالته أم متعب
ومالقى إلاَّ الجازي بس..

قال لها بحنان: الجازي ما أشتقتي لغالية؟؟

الجازي قالت بعيارة: لا.. شايفتها اليوم في المدرسة..

سعود بنفس الحنان لكن بحزم: زين قومي ألبسي.. فيه شغلة أبيش توصلينها لدانة..

الجازي بحزن غامر: وليش ماترجعها وتعطيها اللي تبي بنفسك..

سعود بقوته المعتادة: الجازي أنا وش قلت!!

الجازي باحترام: عطني خمس دقايق بس أكشخ.. تبي غالية تعلق علي..

سعود قرص خدها وهو يقول: أكشخي براحتش.. أنا أنتظر في السيارة..

العلاقة بين سعود وخواته أصبحت تتجه في اتجاه غاية في الشفافية من قبل سفره للبنان.. وهذه الشفافية تتعمق بعد عودته..

سعود كان يبي يلقي على الدفتر نظرة حنان وشوق أخيرة
قبل يرجعه داخل الظرف البني الكبير ويغلقه بأحكام..




بعد نص ساعة كان سعود يوقف عند بيت عمه
ويعطي الظرف للجازي

الجازي بحذر: اولا خويلد العلة هنا وإلا لا؟؟

سعود بغضب حازم: أولا احشمي ولد عمش.. ولو سمعتش مرة ثانية تقولين كذا وريتش الشغل
ثانيا لا مهوب هنا.. سيارته مهيب هنا
ويالله أنزلي وأنا بأرجع عليش بعد المغرب

الجازي بخجل: خلاص دام ولد عمنا الشيخ خالد مهوب هنا.. خلني لبعد العشاء وأنت اللي بتقول لأمي وتحميني منها عشان ماتلاغيني..

سعود غصبا عنه ابتسم: زين خلاص اللي تبينه.. انزلي بس.. فضيتي رأسي بقرقرتش..



الجازي نزلت واثقة لأنها عارفة بعدم وجود خالد اللي بعدها حاقدة عليه بسبب موقفه أخر مرة معها

البنات كلهم دانة ومزنة وغالية كانوا قاعدين مع امهم على قهوة العصر في صالة البيت الرئيسية

بالعادة لما يجيهم حد يقومون للمجلس.. من الصالة اللي الدرج فيها وهي طريق للرايح والجاي

بس لأن خالد غير موجود فالجازي كان عادي عندها تجلس معهم..

أول مادخلت الجازي وشافوها البنات نطوا كلهم يرحبون فيها

الجازي تحب بنات عمها كلهم.. ولكل وحدة منهم غلاها.. وصحيح غالية خصوصا صديقتها المقربة وزميلتها في المدرسة
لكن غلا الدانة عندها غير.. غلا الدانة عندها صار من غلا سعود

بعد السلام الجازي عطت دانة الظرف بصمت.. ودانة خذته بصمت وحطته ورا ظهرها

الجازي فسخت نقابها وحطت شيلتها على أكتافها
كانت لابسه الطوق الحديدي اللي يفرق خصلات الشعر وعليه كرستالات متفرقة وشعرها مفكوك.. وجالسة بين دانة وغالية

غالية أول ماشافت شعرها.. خبطتها على مؤخرة رأسها بقوة
خلت رأسها يميل قدام..

دانة بغضب: وش فيش عليها.؟؟.. عيب عليش غالية..

الجازي كانت تضحك: خليها تموت حرة.. أنا عارفة وش فيها..

غالية وهي تضحك: الحمارة ذي أنا قايلة لها لاعاد تسوي شعرها كذا.. لأني أموت من الحرة
يعني عشان ربي ماعطاني شعر ناعم مثل شعرها.. تسوي في شعرها حركات تقهرني

أم خالد باستنكار: أذكري الله يابنت.. لا تنظلين بنت عمش..

غالية بمرح: ازهليها.. محصنة ضد النظل.. وإلا كان قد أبطحوها بنات المدرسة وهي تتدلع بذا الشعر..

مزنة باستنكار: الله وأكبر عليكم كلكم.. لاحول ولاقوة إلا بالله.. اذكروا اسم الله

غالية بابتسامة: كلوني عشان بنت عمهم..
ألتفتت على الجازي وهي تفتف عليها: تف تف.. ماشاء الله لاحول ولاقوة إلا بالله..

الجازي بعيارة: غرقتيني بتفالش يالوسخة..

دانة اللي فعلا خافت على الجازي، حضنتها بحنان بيد وحدة وهي حاطها يدها الثانية على شعرها وتقرأ عليها وتحصنها

اللي ماحد يعرفه في البيت
انه خالد لما طلع لصلاة العصر
واجه واحد من ربعه في المسجد قال انه محتاج سيارته
خالد عطاه السيارة ورجع البيت مشي
ولأنه ماكان فيه حد الصالة فماحد شافه
بينما هو طلع لغرفته ونام..

والحين خالد صحا من النوم
ومشتهي له فنجال قهوة

ونازل على الدرج
 
الوسوم
منتديات. شبكة. العربية. العامة
عودة
أعلى