روايه بعد الغياااب

الجزء الثامن والتسعون




الحين خالد صحا من النوم
ومشتهي له فنجال قهوة

ونازل على الدرج


الكل طبعا كان تركيزه مع الجازي ودانة وماحد منتبه صوب الدرج..

خالد اللي نازل بشويش.. لما وصل لنص الدرج
لفت انتباهه أنه دانة حاضنة حد ووجهه غير واضح.. وقف
مو عارف وش السالفة

لما خلصت دانة قرايتها.. الجازي رفعت رأسها
وخالد تراجع بعنف وحياء لما عرف الجازي
وحس بطعنة مؤلمة لذيذة في عمق قلبه الشفاف
كان شكلها اليوم ورقة طلتها أكثر من عذاب بالنسبة له
أكثر من العذاب بكثير
رجع خالد لغرفته قبل ماحد ينتبه لك

لكن في كل مرة يشوف الجازي
يكون خالد قبل شوفة الجازي.. غير خالد بعد شوفة الجازي
خالد الآن هائم.. سرحان.. ذائب.. مسحور..مشدود.. مذهول..................يحب


أ يكون هذا قدر ابناء أبوخالد؟؟
أن يذيب ابناء أبو سعود قلوبهم الشفافة؟؟

خالد كان جالس على سريره وهو يحس أن رجوله ماتشيله.. وطبول الحرب تعلن صراخها الأبدي في قلبه بنبضاته المجنونة..

(أنا ابي أعرف الجويزي البزر ذي أشلون قدرت تقلب كياني كذا.. أشلون؟!!.. أشلون؟!!)

خالد حاس بألم حقيقي يجتاحه بحده.. وهو يشعر بمدى تجذر إحساسه بالجازي في عمق أعماقه..
يكره مشاعره المتدفقة بعنف ناحية الجازي..
ويتمنى لو يستطيع أن يوقف طوفانها الهادر اللي كان يسحبه بعمق..
قبله دانة حاولت أن توقف طوفان مشاعرها ناحية سعود.. وفشلت..

فياترى بينجح خالد في اللي فشلت فيه أخته؟!!!!!


*******************



دلال قاعدة تشوف التلفزيون.. وهي مالها خلق شي
الوحم كان ذابحها..
ماجد داخل بشويش
دلال وحمها صار بماجد.. ماتطيقه يجي جنبها ولا تطيق ريحته..
(من قد ماهي تحبه.. يُقال اللي تموت بزوجها يجي وحمها فيه!!!!)

وماجد ميت من شوقه لها..
له أكثر من أسبوعين حتى يدها مامسكها..
كل ماحاول بس يقعد جنبها.. نطت للحمام ترجع..

ماجد في نفسه(كيفها... هي أصلا مرجعه مرجعه!!)

ماجد جاء من وراها بشويش.. ومع أن دلال بدت تشم الريحة.. بس قبل ما تنتبه كان يحضنها من وراها ويطبع قبلته الدافية المشتاقة على خدها
ومع أن دلال بدت تصرخ وهي تحاول تخلص نفسها من يدين ماجد..
بس ماجد مافلتها إلا لما طاب خاطره، ثم قال بعيارة : خلاص روحي رجعي الحين..

دلال نطت للحمام ترجع.. ماجد خذ كاس ماي ووقف لها عند الباب..

دلال طلعت .. خذت منه الكأس وراحت جلست بعيد عنه..
وهي تقول بتعب: حرام عليك حبيبي.. لا عاد تقرب مني فديتك.. خلني لين أخلص وحامي بس حرام عليك..

ماجد بمرح: ومتى ذا الوحم بيخلص.. عقب ماتطلع روحي..

دلال بتردد: أبي لي شهر بعد يمكن..

ماجد باستنكار: شهر بعد.. أنتي اللي حرام عليج.. اتقي الله فيني..

دلال بعذوبة: خلاص حبيبي وش رأيك أرجع لبيتي.. وتجي عمتي عندي لين اخلص وحم..

ماجد برفض قاطع: لا لا ياقلبي مستحيل.. أنا ممكن أستحمل أي شيء وأنتي قدامي.. بس أني ما أشوفج بعد هذي ما أقدر استحملها..

وعقب كمل بعيارة: كله من عين أختي.. أمحق أخت.. كل ماتشوفني تقول أمي داعية لك.. تجي تشوفني الحين وأنتي تشوتيني..

دلال برقة: غصبا عني حبيبي.. كلها شوي ويخلص الوحم..

ماجد بمرح: زين بس أقعد جنبج.. ماراح أسوي شيء..

دلال برعب: لا ماجد تكفى خلك بعيد.. تعبت من كثر الترجيع..


******************
 

الجازي رجعت لبيتهم بعد ماتعشت في بيت عمها
محمد اللي جاء يأخذها..
بعد ما أتصل عليه سعود يروح يجيبها..
سعود قرر أن يقلل روحاته لبيت عمه قد مايقدر
احساسه بوجوده قرب دانة.. أكثر من مؤلم بالنسبة له
وفوق احتماله وطاقته وقلبه المتيم فيها


خالد ماطلع من غرفته نهائي..
الرجّال اللي خذ سيارته
جاء ووقفها في مظلة بيتهم وعطا المفتاح لسواقهم وراح.. عقب ماكلم خالد..

محمد لما جاء يأخذ أخته.. شاف سيارة خالد اتصل عليه ينزل عليه..

خالد نزل على محمد والبنات كانوا انتقلوا لمجلس الحريم..
وقف عند محمد الجالس في سيارته وهو يسولف معه..
وقلبه مشغول بالمخلوقة اللي بتطلع بعد شوي
وكان يبي يدخل قبل هي تطلع
مايبي يشوفها.. شوفتها تعذيب له بكل معنى الكلمة

بس وهو بعده يسولف مع محمد اللي كان يقول له عن سفرته لدبي مع سالم

طلعت الجازي اللي حومت كبدها لما شافت خالد واقف
(وع.. أبي اعرف محمد وش عاجبه في ولد عمه المعفن ذا؟!)

الجازي ركبت جنب محمد..
وخالد حس أنه من الذوق أنه يسلم فقال لها بأدب : مساش الله بالخير يا بنت سعيد

الجازي في نفسها (ياشين التميلح) وردت عليه بدون نفس: مساك الله بالنور

خالد (وش فيها كني ذابح أمها وإلا أبيها؟!) : أشلونش وأشلون الوالدة؟؟

الجازي ماردت عليه متقصدة

محمد يحسبها ماسمعت.. قال بطريقته المرحة: هيه الجويزي عمش خالد يقول: أشلونش؟؟

الجازي ببرود وقح: ماعندي عم غير عمي هادي.. وترانا تاخرنا واجد يامحمد..خلنا نمشي

محمد يضحك وقال وهو متقصد: أخس ياذي.. تنافخ بعد وجه البومة..

خالد ضحك.. حس محمد يبي ينتقم له من وقاحتها..
والجازي ولعت على محمد وعبرتها نطت بحلقها
وسكتت

محمد كمل عليها للآخر: لحول الحين الليلة بيغرق بيتنا دموع.. دلوعتنا انجرحت مشاعرها
تكفى ياخالد لا تنسون الامدادت العاجلة وقوارب النجاة..

خلاص الجازي قفلت.. فتحت الباب ونزلت..

محمد بعصبية: وين بتروحين؟؟

الجازي بصوت مخنوق وهي تحاول ماتبكي عشان ماتشمت خالد فيها: ما أبي أروح معك.. بأكلم سعود يجيني..

محمد ولع: اركبي قدام أقطع العقال على ظهرش ياقليلة الحيا..

الجازي مشت تبي تدخل داخل.. في الوقت اللي محمد نزل معصب..
محمد كان مستحيل يضربها لأنه يشوف الجازي طفلة بكل معنى الكلمة..
لكنه عصب عليها لأخر حد..
أولا قلت أدبها على ولد عمها..
ثانيا: فشلت محمد وصغرته قدام خالد

خلاص محمد صار واصل الجازي وهي مرعوبة منه
وحاسة بغلطتها اللي هي سوتها
مادرت وين تروح كان أقرب حد لها خالد اللي لحق محمد يبي يمسكه

خالد انصدم بل انصعق بل انسحق
وهو يشوف الجازي تتوجه ناحيته
لا ووتخبى ورا ظهره وهي تقول وهي تبكي:

تكفى خالد تكفى لا تخليه يضربني هنا.. خلاص بأرجع معه..خله يضربني في البيت..

وهي تقول كلمتها وتمسك في عضود خالد من وراه
وهي متخبية وراه من محمد

لنا أن نتخيل إذا كان ملمس شعر الجازي فعل بخالد شيء لايمكن وصفه بالكلمات.. فكيف بملمس كفيها الناعمين على عضديه الصلبين؟!!!!

الجازي الطفلة بتهورها الأهوج أولا وأخيرا.. لم تعرف ماذا فعلت بقلب هذا المتيم..
كانت لمستها له بالنسبة لها غير مقصودة.. ولم تثر في داخلها أكثر من رغبتها البريئة الطفولية في الاحتماء
شيء لم يتجاوز هذا مطلقا إلى عمق مشاعرها

بينما لمستها صهرت قلب خالد صهرا.. أذابته
أشعلت مشاعره المهتاجة بعنف مرير أصلا
نسفت كل وعوده الفاترة أنه سينساها أو يتنساها
لكنه حاول كتم طوفان مشاعره الهادر الكاسح وهو يمسك بيد محمد ويقول بأخوية:
طالبك محمد خلاص.. الجازي في وجهي وزبينتي
وأنا طالبك ماتسوي لها شيء في البيت..

محمد بغضب: ماني بمسوي لها شيء..
بس دواها عند سعود...

الجازي سمعت اسم سعود بكت بهستيرية: تكفى ياخالد قل له لايقول لسعود شيء..
خلاص انا اسفة.. والله ما أتعودها
كله ولا سعود.. تكفى ياخالد..تكفى.. خله هو يضربني بس لايقول لسعود شيء

خالد خلاص ماعاد مستحمل أصلا.. يبيهم يروحون ينهار
ماسكة فيه
وتقول له تكفى
لا وتبكي بعد
وحدة من هذي الثلاثة كافية تذيب قلبه.. فكيف بها كلها مجتمعة؟!!!
خلاص قلبه ماعاد مستحمل.. ثلاث ضربات في الرأس تقتل

خالد بصوت شبه منهار: محمد تكفى طالبك يا أخيك طلبة تنسى ذا الموضوع وماتقوله لأحد
الموضوع كله مايستاهل

محمد اللي هدأ شوي: خلاص عشان خاطرك أنت بس ياخالد.. وانتي يالجويزي قدامي

محمد لحد الحين يشوف أخته الجازي طفلة.. عشان كذا ماقدر يعتب عليها على حركتها.. ولا على طريقة استنجادها بخالد الشبيهه بطرق الأطفال

الجازي فلتت عضود خالد.. ورجعت لسيارة محمد وركبت وهي بعدها تبكي بصوت مرتفع..

خالد تماسك لحد ماطلعت سيارة محمد برا البيت

وانهار جالس على عتبة باب البيت..
وتيارات مشاعر عنيفة متوحشة حادة وعميقة تمزق قلبه الرقيق لشظايا متطايرة..


**************


عبدالعزيز يعود لبيته بعد صلاة العشاء مباشرة..

كانت نورة تتكلم في التلفون مع أمها بعد ماخلصت الشاور اللي هي خذته بعد جهد التنظيف اللي اليوم..
أول ماشافته دخل
أستأذنت أمها وقفلت..

عبدالعزيز سلم.. وجلس بارهاق جنب نورة.. وهو يخلع غترته ويحطها جنبها.. ويسند رأسه على كتف نورة..

نورة بحنان وهي تنظر لعينيه المغلقتين تحضنه برقة وتمسح على شعره بحنان: وش فيك حبيبي كنت طالع من عندي للصلاة مافيك شيء؟؟ تعبان؟؟

عبدالعزيز بخفوت: شوي ياقلبي..

نورة بحب: موضوع عبدالله بعد؟؟

عبدالعزيز بتحسر: وفيه غيره.. تو فاضل مكلمني.. أملي بالله كبير.. لكن كل يوم يمر يحسرني أكثر..
واللي ذابحني جواهر.. جواهر يانورة..

نورة برقة: فديتها جواهر ماشاء الله عليها متصبرة وشايلة هم الناس كلهم..

عبدالعزيز بحسرة: بالكم ماحد فاهمها قدي.. أنا اللي حاس فيها.. في النار اللي بقلبها.. مثل ماكانت تخبي وجيعتها في عيالها.. وتنطر الليل يجي عشان تفضي قلبها
الحين حتى البكاء حرمت نفسها منه عشان عبدالله.. أنا أحس بروحها وهي تذوب شوي شوي..
خايف عليها يانورة خايف عليها..

نورة بحب: لا تحاتي فديتك.. هذا عيالها عندها ملهينها.. وبكرة بعد تجيب بيبي صغير يأخذ كل وقتها.. ويلهيها عن التفكير

عبدالعزيز بتعب وهو يشد على خصر نورة ويحضنها: أتمنى.. أتمنى


*********************



في بيت أبو خالد الليلة قلبان ذائبان..
منهاران من بعد خروج الجازي من بيتهم
وكل منهما معتكف في غرفته المغلقة عليه
ولكل منهما سبب لانهياره
خالد سبب انهياره هو الجازي ذاتها
الطفلة الطائشة التي اذابت قلبه الشفاف وهي لا تعلم ولا تقصد..

ودانة سبب انهيارها هو ما أحضرته الجازي معها
دفترها الوردي الضخم


دانة لما تركت دفترها عند سعود كانت الصفحات العشر الأخيرة بيضاء فارغة..

لكنها الآن ممتلئة..
بخط سعود المشابه له في أناقته واستقامته..

دانة شعرت بصدمة حقيقية وهي ترى صفحاتها المغزوة بمشاعر سعود وانفعالاته

أخذت نفسا عميقا وبدأت تقرأ وهي ترتجف كورقة يابسة وحيدة معلقة في غصن.. تنتظر هزة الريح الأخيرة لتسقط..

وأناملها الطويلة الناعمة تلامس بارتعاش هادر أوراقها
التي احتضنت خطا غير خطها.. ومشاعرا غير مشاعرها
ولم يكن خط أيا كان ومشاعره
بل كان خط سعود ومشاعره..
 
الجزء التاسع والتسعون




دانة شعرت بصدمة حقيقية وهي ترى صفحاتها المغزوة بمشاعر سعود وانفعالاته

أخذت نفسا عميقا وبدأت تقرأ وهي ترتجف..
وأناملها الطويلة الناعمة تلامس بارتعاش هادر أوراقها
التي احتضنت خطا غير خطها.. ومشاعرا غير مشاعرها
ولم يكن خط أيا كان ومشاعره
بل كان خط سعود ومشاعره..

كانت الصفحات العشر تحتوي تاريخ كل يوم خلال الأشهر الماضية..

وبجانب كل تاريخ سطر أو سطران بذات المحتوى المتكرر مع اختلاف العبارات..

" أنا ندمان.. عدد شعر رأسي ندمان.. كل يوم أحرق نفسي بالحسايف..
دانة راحت.. ومابقى لي إلا الحسرة..
مستحيل أطلب سماحها لاني مستحيل أسامح نفسي أو أسمح لها تسامحني.. لأني ما أستحقها..
لكني
أعشقك يادانة أعشقك
كل نبضة بقلبي تهتف باسمك
كل نفس يتردد في صدري يطلع ويدخل عشانك
أحبك لاخر قطرة في دمي أحبك
أحبك لأخر نفس في حياتي أحبك"

(سعود كان ليليا يسهر مع دفتر دانة اللي أعاد قراءته عدة مرات.... وبعد كل قراءة وقبل ينام يفتح الصفحة الاخيرة ويسجل التاريخ.. ويسجل شعوره في لحظتها)

دانة أنهت العشر صفحات
شعرت أن أعماقها تنزف وتنزف وتنزف..
تنزف ألم.. وحب..ووجع.. وشوق..
تنزف قهر..وخذلان..
تنزف يأس.. ووحدة.. ووحشة..

" تعبت ياربي.. والله تعبت..
هذا الحزن ماله آخر..
ماله أخر..
لو أقدر أحرق قلبي عشان أطلع حبه منه كان سويتها..
كان أحرقته ونثرت رماده..
هو يحبني
وأنا أحبه..
فليه لذا الدرجة كان صعب علينا نكمل مع بعض
مع كل الحب الكبير اللي جمعنا؟؟
ليه؟؟
ليه؟؟؟؟؟؟
ليه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"


*****************


بعد 3 أيام...

سالم أصبح في دبي...
بعد أن ودعته منيرة بدموعها الصامتة التي ألهبت قلبه
وهو يشعر بها تبلل وجهه
وهي تلصق خدها بخده مودعة...
سالم ماطلع من بيته لين جاء علي وخذ منيرة
عشان يروح وهو متطمن عليها..

محمد حجز لهم في كيمبنسكي كنوع من التغيير وعشان يكونون ملاصقين لنجم دبي الجديد (مول الإمارات)
بعد ماتعودوا كل مرة أنهم ينزلون في وسط دبي في الماريوت أو الانتركونتنتال..

لكن أي مكان ماكان يفرق عند سالم..
كل الأماكن عنده سواسية..
محمد حاس بضيقة سالم..
وخصوصا أن سالم بعد ماكان تعود في بيته أنه يدل كل شيء
هنا هو محتاج مساعدة محمد في كل شيء..
من لما طلعوا من المطار وذراعه في ذراع محمد مافلته..

سالم من لما وصلوا البارحة في الليل متأخر وهو حاس بصداع أليم.. مانفع معاه بنادول ولا بروفين ولاغيره..
محمد لزّم يوديه الطبيب
لكن سالم رافض، يقول: شوي صداع وبيروح..

سالم كان نايم...
محمد صحا قبله.. ونزل يبي يشتري شامبو ويرجع..
سالم كان حاس بالصداع حتى وهو نايم حاس في رأسه دوامات ألم.. واحلام غريبة..

بعد طلعة محمد بدقايق..
سالم فتح عينه..

"بسم الله الرحمن الرحيم"

رجع يسكرهم

فتحهم..

"بسم الله الرحمن الرحيم"

سكرهم مرة ثانية

"الله أكبر.. الله أكبر.....الله أكبر.."




ضوء..

ضوء....

ضوء.........


شعاع ضوء خافت كان يعبر أمام عينيه التي اعتادت الظلام
شعاع ضوء بدد وحشة روحه المرة..
شعاع ضوء بعث في أوصاله رعشة أشبه بلسعات نار لاهبة
كان سعيدا لدرجة الألم والحرقة والوجع
سعيدا لدرجة العجز عن البكاء
سعيدا لدرجة الانهيار..


سالم نط جالس وهو يصرخ بهستيرية: محمد.. محمد.. محمد..

بس محمد اللي مابعد رجع... مارد عليه

ماكان يشوف بمعنى الشوف..

لكنه كان يبصر خيالات.. والأهم ضوء.. ضوء.. ضوء

سالم رجع يصرخ وهو حاس قلبه بيوقف من الفرحة.. من المفاجأة.. من الخوف بل من الرعب: محمد... محمد... محمد...

انبح صوته وهو ينادي محمد بهستيرية..

بس بلا رد

وظل يصارخ لحد مافضا طاقة الانفعال الاولى اللي عنده

وبعد السكرة جاءت الفكرة..
وتفكير معين يسيطر على سالم..

سالم قرر مايقول لمحمد شيء... هو لحد الحين مايشوف بمعنى الشوف...
ومايبي يعطي نفسه او يعطي محمد أمل
يمكن يكون اللي هو شافه شيء مؤقت..
يمكن يظل بس يشوف خيالات..

آلاف الأفكار المحبطة بدأت تتوارد لذهن سالم
قرر أنه مايتفاءل كثير عشان ماينصدم لو سارت الأحداث عكس آماله

محمد يدخل..
لقى سالم جالس على السرير وعيونه مبققة..

محمد بصوته المرح: صبحك الله بالخير يابو مبارك..

سالم بهدوء وهو يحاول يركز بصره على محمد اللي قاعد يشوف خياله قدامه: صبحك الله بالنور..

محمد بود: أنا نزلت أشتري شامبو.. متى صحيت؟؟

سالم بذات الهدوء الجامد: توني صحيت..

محمد: خلني اتسبح.. وعقبه ننزل نفطر..

سالم بنبرة خاصة: ماعليه يامحمد يا أخوك..أنا أبيك توديني دكتور عيون.. أسأل عن أحسن دكتور هنا وخلنا نروح له عقب الفطور على طول..

محمد برعب: ليه عسى ماشر؟؟

سالم بهدوء: مافيه شيء بس أنا خايف أنه الصداع اللي معي يكون سببه من عيوني..


********************
 

سالم جالس عند الدكتور بعد ماحكا له كل شيء بالتفصيل الممل..

سالم مارضى أنه محمد يدخل معاه...
الشيء اللي حز في خاطر محمد كثير لكنه ماقال شيء..

الدكتور باللهجة الطبية المعتادة: بص ياابني.. زي مائالوا لك ئبل كده..
إزا كان العمى سببه ضرر في مركز الإبصار.. فمعنى كده إن الضرر اللي عندك كان مؤقت.. وأنه بدأ يستعيد نشاطه..
لكن مدى استعادة النشاط دي غير معروفة..
يعني ممكن أنه أنتا تستمر تشوف خيالات بس.. وممكن تستعيد بصرك كلو..
وممكن تستعيد قزء ويكون عندك ضعف نظر تحتاج نظارة معاه..

سالم بقلق: أنا اللي هامني.. هل من الممكن أنه حالة العمى ترجع لي.. يعني حتى الخيالات اللي أشوفها الحين ما أقدر أشوفها وأرجع للظلام مرة ثانية..؟؟

الدكتور بلهجة مطمئنة: كلو بأيد ربنا.. لكن لأ مش هترجع لك حالة العمى.. لأنه المركز بدأ يتنشط.. الشك بس في مدى التطور الإبصاري..

سالم بفرح غامر: مشكور يادكتور مشكور.. طيب فيه علاج معين ممكن أستخدمه؟؟

الدكتور بحنان طبي: لأ مفيش.. الحاجة اللي ممكن أنصحك فيها
أنك تحاول تنشط البصر عندك بتركيزك على أشياء معينة مبدئيا لفترة ئصيرة.. تزداد تدريقيا..

سالم شكر الدكتور مرة ثانية وطلع لمحمد..

وطبعا الأثنين سووا فيلم هندي طويل من الحلف والحلف المضاد مين يدفع فاتورة الدكتور..

وهم في التاكسي.. محمد يسأل سالم بود أخوي: وين تبينا نروح؟؟

سالم بتفكير عميق: أبي أروح خور دبي..

محمد بود: بس الخور حلاته بعد المغرب.. الحين إحنا الظهر والجو حر موووت..
خل نروح نتغدى الحين.. والخور نروح له بعد المغرب

سالم بنفس الود المغلف اليوم بفرحته الخاصة جدا والعميقة: مثل ماتبي..


******************


بعد صلاة العشاء.. في الدوحة..

كان عبدالعزيز وزوجته نورة معزومين على العشاء عند جواهر..

وهم وصلوهم بعد صلاة المغرب على طول...

جواهر ونوف ونوف قاعدين مع بعض..

عبدالعزيز وعبدالعزيز.. قاعدين في المجلس الخارجي..

عبدالعزيز الصغير كان في قلبه حزن عميق إن مجلس أبوه انهجر عقب ماكان عامر..
ماكان حد يزور عبدالعزيز إلا خاله وماجد وخال ابوه ثاني.. وربعه هو.. وأحيانا عيال خال أمه...
وأكثر الأحيان كانوا يستخدمون مجلس عبدالله الداخلي..
والمجلس الخارجي غارق في الوحشة ينتظر رجعة راعيه..


لما أذن العشاء عبدالعزيز الكبير والصغير راحو مع بعض للصلاة في المسجد القريب مشي..

لما خلصوا صلاة وكانوا بيطلعون سوا..
عبدالعزيز الكبير واجه واحد من ربع عبدالله.. فجلس يسأل عبدالعزيز عن تطورات اختفاء عبدالله وهل هناك أي أخبار عنه؟!!

عزوز استأذن لأنه كان موعد حصته والمدرس على وصول..

عبدالعزيز الكبير خلص بسرعة الإجابات اللي تعب من تكرارها لكل معارف عبدالله اللي ما ينتهون..
رجع لبيت أخته..

وهو قريب من شارع البيت..

سمع صرخة جمدت الدم في عروقه..
صرخة خلعت قلبه من مكانه بكل الرعب والهلع والخوف الممكن تصورهم

كانت

صرخة عزوز..
 

الجزء المئة




عبدالعزيز الكبير خلص بسرعة الإجابات اللي تعب من تكرارها لكل معارف عبدالله اللي ما ينتهون..
رجع لبيت أخته..

وهو قريب من شارع البيت..

سمع صرخة جمدت الدم في عروقه..
صرخة خلعت قلبه من مكانه بكل الرعب والهلع

كانت

صرخة عزوز..

عبدالعزيز صار يركض بدون إحساس..

لحد ماوصل للمنظر اللي فجعه..

كان فيه واحد ولد لابس تريننغ رياضة وبيده عصا بيسبول
وعبدالعزيز كان مرمي على الأرض

ورافع العصا يبي يهوي فيها على رأس عبدالعزيز

الولد صار له زمان مراقب عزوز.. وصار يعرف مواعيد طلعاته وخرجاته..

وشارع بيت عبدالله ماكان فيه غير بيت عبدالله الضخم..
عشان كذا غالبا ماحد يمر فيه إلا لو كان يبي بيت عبدالله..
ومن بعد اختفاء عبدالله وزوار عبدالله الكثار قلوا او بمعنى أصح انقطعوا مرتجين عودة عبدالله بالسلامة..

فالولد بعد شهور من التخطيط.. قرر أن ينفذ عمليته اليوم
يضرب عزوز.. يكسر له عظم أو عظمين.. يفتح له راسه..
لكن القتل ماخطر بباله..

وقرر أنه ينتظره على لفة بيتهم بعد رجعته من صلاة العشاء
وهو متخبي.. أول مايشوفه يستغل عنصر المفاجأة ويضربه على رجله...
وإذا وقع على الأرض يكمل عليه..

لكنه ماعمل حساب العناية الألهية.. اللي خلت خاله موجود معه الليلة..

عبدالعزيز بكل سرعته ركض ناحيتهم.. الولد كان كل تركيزه مع عزوز.. فما أنتبه للي جاه من وراه وكتفه بكل قوة وانتزع العصا من يده ورماها على الأرض..

عبدالعزيز صرخ على عزوز اللي كان مرمي على الأرض ويئن من ألم رجله : أتصل على الشرطة بسرعة..

عزوز بهدوء وألم: مافيه داعي ياخالي..

عبدالعزيز بغضب هادر: شنو مافيه داعي.. لو أني ماجيت كان قتلك.. هذا شروع في قتل..

الولد اللي بدأ يبكي: والله ياعمي أني ماكنت أبي أقتله.. بس كنت أبي أضربه..

عبدالعزيز بنفس لهجة الغضب الحادة: شنو تضربه؟!!.. جايب معك ذا العصا كلها وتقول أنك ماتبي تقتله..!!

عزوز وهو يقعد على حيله.. بس ماوقف على رجله.. اللي يبدو أنها مكسورة. ويقول بنفس هدوءه المتألم: خلاص خالي تكفى: هذا زميلي في المدرسة.. والسنة هذي أخر سنة عنده والامتحانات ماباقي عليها شيء..
خلاص كان بيننا خلاف.. وهذا احنا تصافينا

عبدالعزيز اللي مازال ماسك الولد من وراه ويقول بنفس غضبه: شنو خلاف؟؟ وتصافينا؟؟ شغل عصابات ذا موب طلاب مدارس.. أقول لك اتصل على الشرطة بسرعة..

عزوز كان شاغله الأول ديمه.. مايبي السالفة توصل الشرطة يجي اسمها في السالفة، قال لخاله برجاء حاد: تكفى ياخالي..تكفى.. إذا لأمي غلا عندك أنك تفكه.. هذا أنت عرفته.. وباعطيك اسمه بالكامل.. ولو صار لي شيء تقدر تطلعه..
مافيه داعي تسوي لي أنا وياه شوشرة وشرطة.. واحنا خلاص على وجه امتحانات انا وياه..

عبدالعزيز مع أنه كان مفول فك الولد ..
لكنه لفه ناحيته وعطاه كفين بأقوى ماعنده وهو يقول بحدة: هذي تربية لك كان أبوك مارباك.. ووالله ثم والله اللي ما حلفت به باطل.. أنك لو تعرضت لعبدالعزيز مرة ثانية وإلا حتى لمست شعرة منه
أنه مايصير لك طيب.. وتتمنى أن أبوك ماجابك..

الولد بخوف: إن شاء الله إن شاء الله..
وراح يركض لسيارته اللي كانت واقفة في الزاوية..

عبدالعزيز الكبير وطى على عزوز بقلق هادر وهو يقول: وش حاس فيه..؟؟

عزوز وهو يتجلد: الظاهر أنه رجلي مكسورة

عبدالعزيز بغضب: يعني كسر رجلك.. وخليتيني أهده..

عزوز برجاء: تكفى ياخالي ماتجيب سيرته.. قل للناس كلهم أني عثرت وأحنا في الطريق وانكسرت رجلي...

عبدالعزيز بقلق حاد: عزوز الولد ذا وشو ماسك عليك مخليك خايف كذا..؟؟

عزوز بثقة وهو يتألم: والله العظيم ياخالي أني ماسويت شيء أخاف منه..
بس فيه شيء أحب أني أحتفظ فيه لنفسي لأنه فيه سمعة ناس..
تكفى ياخالي ما تسألني أكثر.. وكان لي معزة عندك.. تسوي مثل ما أبي..
وأنا أحلف لك برب الكعبة أني والله ماسويت شيء غلط..

عبدالعزيز هدأ وألم حاد يخنق روحه على عزوز وعلى جواهر اللي مو ناقصة ألم وتوجع

عبدالعزيز أتصل بمحي الدين يطلع لهم برا البيت.. عشان يودي عزوز المستشفى..
وأتصل بجواهر يقول لها أنه هو وعبدالعزيز مشتهين يطلعون يسهرون برا.. وبيرجعون عليهم متاخر شوي..
وأتصل في مدرس عبدالعزيز اللي كان على وصول أنه مايجي..


*********************
 

سالم ومحمد جالسين في مقهى من المقاهي اللي على خور دبي...
الجو كان رطب وحر شوي.. لكن هذا مايمنع أن نسمات الخور الخاصة الرقيقة كانت تهب عليهم..

سالم محلق في أجوائه الخاصة.. وعلى شفتيه ابتسامة من زمان ماشافها محمد..
وبعثت في قلب محمد الحنون سعادة بالغة..

محمد بعيارة: اللي ماخذ عقلك يتهنأ به..

سالم بابتسامته الدافئة وهو يحاول يدقق في وجه محمد اللي ماكان يشوف إلا خياله بدون وضوح: ماحد ماخذ عقلي
بس جلستنا هنا.. ذكرتني بأيام مضت..

محمد بابتسامة: بس ليت الجو مثل أخر جينا هنا
أخر مرة جينا السنة اللي فاتت شهر 2 كان الجو خيال..

سالم بود: ولا يهمك نرجع هنا شهر 11 وإلا 12.. الجو حلو بعد..

محمد وهو يفاتح سالم في موضوع شاغله من الصبح وماعاد قادر يكتم: سالم أنت عيونك توجعك؟؟

سالم بهدوء: لا .. ليش تقول كذا؟؟

محمد بقلق: من الصبح وأنا شايفك شوي تفتحتهم لأقصى حد.. وشوي تصرهم.. واليوم بعد مارضيت أني أدخل معك للدكتور..

سالم اللي حاس بمشاعر محمد الأخوية الدافئة ماقدر يكتم على محمد أكثر: محمد قلت القمصان والألوان يوم أنك لابس تيشرت أحمر..

محمد وهو يضحك: الله يفضحك نتابع الموضـ ............

محمد قطع كلامه ونط من كرسيه واللي على الخور كلهم يسمعون صراخه: أنت شايفني؟؟ شايفني؟؟؟؟
أنت تشوف؟؟ أنت تشوف؟؟

سالم وهو يقول بسعادة: فضحتنا.. قصر حسك.. أشوف طشاش.. يالله أني شايف لون التيشرت.. بس أحمر ما ينتخبأ لو لون ثاني يمكن ماكان عرفته..

محمد انتزع سالم من كرسيه وهو يحضنه بعنف والعبرة خانقته: مبروك ياسالم مبروك.. المهم أنك بديت تشوف.. وإن شاء الله ربي مهوب مخيبك..
وعقب كمل محمد بابتسامة : إلا من متى وانت تشوف يالخاين؟؟

سالم بود: توني يوم صحيت الصبح.. ومابغيت أقول لك لين أتاكد من الدكتور.. بس أنا ما أبي حد يدري يامحمد ولا حد..


*******************


الساعة صارت وحدة بعد نص الليل..
وعبدالعزيز وعزوز مارجعوا بعد
جواهر جننتهم اتصالات وهم يقولون أنهم بيرجعون
اللي طمنها أن الاثنين كلموها.. بس تأخيرهم شغل قلبها..

و نورة انشغل بالها كثير وحست أعصابها تحترق لأنه عبدالعزيز بطبعه ينام بدري عشان يصحى لصلاة التهجد..
وماتعود يسهر كذا.. حست أنه فيه شيء غير طبيعي..

بعد دقايق عبدالعزيز أرسل مسج لنورة: ألبسي عباتج أنا وعزوز داخلين الحين.. وبنمشي..

نورة نطت تلبس عباتها وهي تقول: كاهم واصلين

جواهر ونوف نطوا بعد.. لأنهم كلهم كانوا حاسين بقلق عارم..

دخل عبدالعزيز وهو يسند عزوز.. اللي كان يسحب رجله المجبسة..

جواهر شافت المنظر قدامها حست أنها ماتقدر تمشي ورجولها ما تشيلها فرجعت تجلس على الكنبة وجسدها منهار.. وأعصابها فالتة منها

نوف نطت عندهم وعبرتها بحلقها وهي تقول: عزوز وش فيك..؟؟

عزوز بلهجة هادئة: مجرد كسر بسيط ، عثرت وأنا طالع من المسجد..

عبدالعزيز قرر يلتزم الصمت، ويخلي عزوز يقول اللي يبيه

عزوز وعبدالعزيز توجهوا ناحية جواهر اللي كانت صامتة مانطقت بكلمة
عزوز جلس جنب أمه.. وباس رأسها وهو يقول: والله أني طيب يمه..

جواهر حضنته بعنف وهو تقول بحنان مؤلم متألم: الله يخليك لي يمه.. يا أمك قلبي ماعاد مستحمل خلاص.. حافظ على نفسك لو مو عشانك.. عشاني ياقلبي عشاني..

عزوز شال يدها وقبلها بحب واحترام: إن شاء الله يمه إن شاء الله..


********************


ثاني يوم..

في دبي.. سالم يصحا من النوم .. كان خايف يفتح عيونه.. بل مرعوب.. يلاقي ان الأضواء اللي شافها أمس كانت مجرد حلم
وأنه لو فتح عينه بيلاقي نفس الظلام اللي هو شايفه الحين وعينه مسكرة..

أكثر من نص ساعة وهو صاحي وعيونه مسكرة..
وهو يناجي ربه بعمق ويدعوه بوجع بألم بإيمان كبير.. أنه مايرده خائب عن بابه..
أنه مايحرمه من هذا الضوء
حتى لو مارجع له بصره كامل.. هو شاكر فضل ربه اللي من عليه برؤية هذا الضوء.. بعد ماخنق الظلام روحه..
هو مكتفي بهذا الضوء.. ومايطلب أكثر..

بسم الله الرحمن الرحيم.. بسم الله الرحمن الرحيم
وفتح عينه..

سالم نط عن سريره بعنف فجأة..
وفرحة عميقة تغتاله لأبعد حد..
فرحة لا يمكن التعبير عنها أو وصفها
فرحة خيالية محلقة..
فرحة عجز قلبه وأعصابه عن احتماله..
فرحة بحجم شهور القهر والحزن واليأس اللي هو عاشها وانذبح في كل يوم منها ألف مرة

ألتفت على محمد اللي كان نايم على سريره جنب سرير سالم..
وهو يهزه بعنف.. محمد نط جالس: بسم الله الرحمن الرحيم... عسى ماشر ياسالم؟؟

سالم حضنه بعنف أخوي وهو يقول بفرح عميق: اللهم لك الحمد والشكر.. اللهم لك الحمد والشكر..

محمد بقلق فرح وهو مو فاهم وش السالفة: سالم وش فيك؟؟

سالم بود وفرح وسعادة: محمد أنت من متى طلعت لك عارض؟؟ أخبرك حالقها على الأخر..
بس تدري.. حلو عليك.. مخليك رزة.. مع أنك في صوب والرزة في صوب..

محمد ماقدر يتكلم وهو حاس أنه لو تكلم اكيد بيبكي..
وهو يشوف سالم اللي كان يطالعه بتحديد وتركيز كأنه يبي يشوف كل شيء فاته في ملامح محمد خلال الشهور اللي فاتت..
يشوف عيونه اللي تلمع ببريق مبهر بعد شهور من انطفاء بريقها الحنون

محمد ظل صامت وهو يقول في نفسه (ألف شكر وحمد لك يارب.. اللهم لك الحمد والشكر)

سالم عقبها نط..
وفتح البلكونة وهو يبي يشوف الدنيا كلها
يبي يلتهم الكون بعيونه..
والكلمة اللي ماتغيب عن لسانه: اللهم لك الحمد والشكر..

محمد لحقه ووقفوا جنب بعض يطالعون العالم.. وانفعالهم أكبر من كل تعبير..
 
الجزء المئة وواحد




في الدوحة...
عائشة عرفت بكسر رجل عبدالعزيز.. لكنها طبعا ماقالت لديمة تروح معها..

لانه ديمة من بعد طلتها البناتية مارضت نهائي تروح لبيت عبدالله.. ولها شهور مادخلت بيتهم..
فعائشة عارفة أنها ماراح تروح معها.. فقررت ماتقول لها شيء..

ديمة كانوا صديقاتها طالعين من عندها.. وكانت لابسة عبايتها لانها أصرت توصلهم إلى برا..

شافت أمها لابسة بتطلع: وين بتروحين يمه؟؟

عائشة باستعجال وهي تحط موبايلها في شنطتها: بأروح أشوف عزوز وأتحمد لجواهر سلامته..

ديمة نط قلبها في حلقها: ليه وش فيه عزوز؟؟

عائشة وهي مستعجلة: طاح وهو طالع من المسجد البارحة، وانكسرت رجله..

ديمة برعب: شنهو؟؟ زين يمه دقيقة.. أبدل وأروح معج..

عائشة بنفاذ صبر وجدية: شنو تبدلين هذي أنتي لابسة.. وانا تاخرت.. تبين تروحين أمشي الحين.. تبين تبدلين ماراح أنطرج.. أوديج بكرة..

ديمة وهي مو راضية: خلاص نمشي..

ديمة ماكانت تبي عزوز يشوفها وشكلها كذا..
لأنها كانت متأنقة لصديقاتها.. وعبايتها وشيلتها اللي هي طالعة فيها معهم كان فيها تطريز انثوي ناعم..

كانت تبي تفسخ الشيلة وتلبس حجاب..وتمسح الميكب اللي هي حاطته.. مع أنه كل اللي هي حاطته غلوس وردي وماسكرا خفيفة..

ماتبي عزوز يحس أنه أنتصر عليها.. أو يشوفها وهي أنثى حتى.. وهو اللي تعود عليها ولد مثلها مثله..


**************


سالم طلب من محمد أنهم يرجعون الدوحة الليلة
خلاص مافيه صبر يبي يرجع لمنيرة
يبي يشوف منيرة..
بيموت ويشوفها..
محمد حصل لهم حجز..

وسالم أتصل في منيرة وقال لها أنه بيرجع الليلة.. بس طبعا ماقال لها شيء ثاني

منيرة رجعت لبيتها .. وعلي بيقعد عندها لين يرجع سالم..


*****************



عائشة وبنتها يوصلون لبيت عبدالله..
عزوز كان قاعد مع أمه وأخته في الصالة الرئيسية ورجله ممدة قدامه.. وفي يده كتاب يدرس فيه

كان عندهم خبر أن عائشة جاية.. بس ما حد ظن أن ديمة اللي لهم شهور ماشافوها بتجي معاها..

عائشة دخلت بطريقتها المرحة اللطيفة الحنونة: السلام عليكم.. خطاك الشر يمه عزوز.. ماتعرف الركادة يا أمك..

البال والترحيب كان مع عائشة.. فماحد أنتبه للمخلوق الصغير الناعم المختلف اللي كان يمشي وراها بخجل وتردد..

لا يوجد إنسان قد يتغير 180 درجة خلال أشهر..
ولكن تغير الروح كفيل بعكس تغيير بالغ على الشكل..
وهكذا كانت ديمة..
بعد سنوات طويلة من تمترسها خلف الروح الصبيانية والنظارة الضخمة.. والتصرفات الذكورية..
هاهي تعود بطبيعية بريئة غير مصطنعة لعوالمها الأنثوية.. العوالم التي تناسبها بتلائم مذهل..
فمن يعرف ديمة قبل أشهر.. يستحيل أن يصدق أنها هي ذاتها هذه المخلوقة الصغيرة التي تكاد تذوب رقة وعذوبة..

صدمة ماحدث لديمة ومحاولة اغتصابها..
وتعنيف عبدالعزيز الحاد لها.. كلها كان لها دور في إعادة التوازن لروحها
أنها لم تكن يوما ولدا ولن تكون...
وخصوصا أن هذا كله جاء في وقت بدأت عائشة فيه بالانتباه لابنتها أكثر.. وهي تقلل عددعملياتها لأقل عدد.. وتركز عملها وقت دوام ديمة في المدرسة
لتقضي أطول وقت معها... وبالفعل بدأت الأم وابنتها في قضاء وقت مطول مع بعضهما

أما لجانب ديمة الآخر (التهكير) فبدأت تغتاله تغيرات خطيرة
فحينما يحصل التوازن النفسي لشخص ما
فهذا التوازن يبدأ بالتأثير على كل جوانب هذا الانسان
وهذا ماحدث لديمة
هاهي تعود لطبيعتها الأنثوية
وتعود لحضن أمها

 
لم تعد تجد الكثير من وقت الفراغ بين مدرستها وأمها ومذاكرتها وصديقاتها الجدد اللي عائشة دققت فيهم بشدة قبل تسمح لهم بتبادل الزيارات..
لكن التهكير كنوع من الأدمان صعب التخلص منه
لذا بدأت تحويله لاتجاهات أخرى تناسب توازنها النفسي
أغلقت تماما حسابها في الكاريبي قبل فترة قريبة..
وتوقفت عن قبول أي عمليات مدفوعة..
وأغلقت كل إيميلاتها السابقة
وأنهت علاقاتها بكل الهكرز لكن بطريقة تدريجية ذكية جدا استمرت لعدة شهور
لأن مثل هؤلاء كسب عدائهم أكبر مصيبة..

وبدأت بممارسة التهكير كنوع من الواجب الانساني والديني
فكانت تتسلى بتخريب أو أغلاق المواقع غير الأخلاقية.. أو المواقع التي فيها تطاول على الدين الإسلامي أوالرسول صلي الله عليه وسلم..

وبهذا كانت تستغل موهبتها وترضي إدمانها التهكيري بطريقة متوازنة مع نفسيتها المطمئنة الجديدة..


واليوم هاهي في بيت عبدالله.. ديمة الجديدة قلبا وقالبا..

جواهر ونوف وقفوا يرحبون بعائشة..
في الوقت اللي عبدالعزيز ابتسم وهو يشوفها..
لكن ابتسامته اغتالها شعور حاد غامض مفاجئ عنيف
وهو يشوف اللي وراها..

كانت ديمة تتقدم بخجل بطلتها اللطيفة الناعمة.. لما شافتها جواهر وديمة تفاجأوا بشدة ورحبوا فيها بشدة بينما عبدالعزيز ظل صامت

جواهر بعذوبة حضنت ديمة وهي تقول بحنان: ماشاء الله تبارك الله.. الحين صدق نقول هذي بنتنا الحلوة.. أشلونج حبيبتي؟؟ وينج ياقلبي من زمان ماشفناج؟؟ كذا تقاطعينا..

ديمة بخجلها لكن بدون ماتختفي شخصيتها الواثقة: سامحيني خالتي.. بس غيرت مدرستي.. وانشغلت.. وكنت دائم أسأل عنكم أمي..
أدري مالي عذر.. بس ياليت تسامحيني
وعقب كملت بصدق بريء عذب: وبصراحة كرهت أدخل البيت وولد خالتي أبو عبدالعزيز موب فيه.. الله يرده سالم

كلمتها اللطيفة هزت قلوبهم كلهم.. جواهر رجعت تحضنها من جديد وهي تقول : آمين ياقلبي آمين..

أشرت لهم جواهر يجلسون.. بينما هي تجهز حاستها السادسة وعيونها لمراقبة ردات فعل عزوز..

ديمة جلست جنب جواهر..
بينما عائشة توجهت لعزوز وجلست جنبه.. وهي تحضنه برقة وتبوس خده.. وتقول بحنان أمومي كبير: سلامتك يالغالي ياريحة الغالي.. خطاك الشر

عبدالعزيز بهدوء وعينه بحضنه: الله يسلمج خالتي..

أغتاله بعنف الصوت الرقيق الذي اقتحم هدوءه: سلامتك عبدالعزيز
كانت ديمة توجه كلامها له.. وهي تنظر له بشكل مباشر بنظرة تشبهها/ خجولة لكن واثقة...

عزوز رفع عينه وهو ينظر لديمة.. أشلون تغيرت وأشلون هي نفسها بدون تغيير..
أشلون تغيرت شكلا..
لكن تأثيرها الكاسح في روحه ومشاعره ما تغير..

جواهر قلبها ونظرتها مع عبدالعزيز... نط قلبها في حلقها
(مستحيل تخطي النظرة مستحيل..
نفس نظرة عبدالله لها.. نفس النظرة الخاصة اللي ما تكرر..
نفس نظرة عبدالله العاشقة الحنونة المليانة رجولة وحرص)

جواهر حست بألم وقلق وحنين في عمق روحها..
لكنها مازالت معتصمة بقرارها السابق..
(مشاعر عبدالعزيز حق له.. مادام مايغلط في حق أحد بمشاعره ذي.. ولا يترجمها لتصرفات ممكن تضره أو تضر ديمة)

عبدالعزيز تنحنح وقال بهدوء: الله يسلمك..

سألته ديمه بلطف: أشلون دراستك؟؟ أمي قالت لي أنك بتقدم البكلوريا..

عزوز بنفس الهدوء: الحمدلله أدرس باجتهاد.. وانتي وش أخبارج في مدرستج الجديدة؟؟

عائشة قاطعت كلامهم وهي تفاجئهم هي بعد بالخبر غير المتوقع: بعد أسبوعين أنا وديمة مسافرين للندن.. ديمة بتمتحن البكلوريا الدولية بعد..

ديمة حطت عينها بحضنها بخجل.. لأنها ماكانت تبي حد يعرف بالاختبار لين تخلصه..
والسبب الأهم انها ماكانت تبي عزوز يتوتر لما يعرف أنها داخلة الامتحان قبل مايدخله هو..

جواهر باستغراب: توها صغيرة ياعائشة..

عائشة بفخر: ديمة خلصت كل الامتحانات التجريبية هنا وماشاء الله تجاوزتها بتفوق..
ومدرسينها بأنفسهم في مدرستها القديمة.. كانوا يقولون لي أنه مافيه داعي أضيع عليها السنتين الجاية في الدراسة..
لأنه مستواها فوق مستوى الطلاب اللي معها بمراحل.. فأنا من زمان قدمت لها على الاختبار

نوف نطت جنب ديمة وهي تحضنها بفرح: ماشاء الله بتتجاوزيني..
أنا كنت أقول أقول أنا اصغر طالبة جامعية في محيطنا الأسري
الحين جيتي وصكيتي علي.. ماشاء الله بتكونين 16 سنة وسنة أولى جامعة.. وعلى الـ20 تكونين خلصتي..
مع أني ماشاء الله أتوقع تخلصين الجامعة في 3 سنين مو4 ..

ديمة بخجل: يا بنت الحلال مابعد خلصت.. "لا تقول بر لين تصر"..

نوف بمرح: أما أنتي وذا الامثال الغريبة ما أدري من وين تجيبينها...

عزوز كان فعلا فرحان لديمة لانه يعرف أنها عبقرية وحتى لو كانت قدمت البكلوريا السنة اللي فاتت كان جابتها فقال بحنان: بتنجحين ياديمة أنا واثق..

ديمة برقة: بس أرجع إن شاء الله بأبعث لك كل أوراقي ونماذج الامتحانات..

عبدالعزيز بهدوء وهو يقرب عكازه ويقوم: شكرا مقدما.. وإن شاء الله أنا بعد أنجح..

عائشة بحنان: وين بتروح يمه؟؟

عبدالعزيز بود: بأروح أدرس.. اسمحوا لي..

كان هذا عذر عزوز..
لكن سببه الحقيقي.. إحساسه بالخجل والحرج من وجود ديمة.. ومشاعره النقية تغلبه ناحيتها
لكن عزوز كان مصمم على التحكم في تصرفاته..

جواهر ابتسمت براحة وهي تشوف تصرف ولدها اللي هي فهمت سببه.. واللي بعث راحة عميقة فيها


**************


حوالي الساعة 10 ليلا

سالم يوصل بيته..
سعود استقبلهم في المطار..
وصّل سالم لبيته..
وعقب راح هو ومحمد لبيتهم..

سالم واقف قدام بيته
يطالعه بحنان .. مضى حوالي 5 شهور على أخر مرة شافه فيها

كان يطالع كل شيء بحنان أحجار السور، الحديقة.. الابواب..
أشتاق لكل شيء.. لكل شيء

لكن شوقه الأكبر
شوقه الكاسح
شوقه المميت
شوقه الموجع
شوقه اللي كان يحز في كل خلية من خلاياه بألم عذب لذيذ بهي

كان

للمخلوقة اللي تنتظره داخل البيت
 

الجزء المئة واثنان




حوالي الساعة 10 ليلا

سالم يوصل بيته..
سعود استقبلهم في المطار..
وصّل سالم لبيته..
وعقب راح هو ومحمد لبيتهم..

سالم واقف قدام بيته
يطالعه بحنان .. مضى حوالي 5 شهور على أخر مرة شافه فيها

كان يطالع كل شيء بحنان أحجار السور، الحديقة.. الابواب..
أشتاق لكل شيء.. لكل شيء

لكن شوقه الأكبر
شوقه الكاسح
شوقه المميت
شوقه الموجع
شوقه اللي كان يحز في كل خلية من خلاياه بألم عذب لذيذ بهي

كان

للمخلوقة اللي تنتظره داخل البيت


سالم دخل بهدوء وهو يحاول بكل جهد وبراعة أنه مايبين أنه رجع يشوف..

دخل لقى علي قاعد في الصالة يشوف مباراة..
كان سالم في أعماقه ميت من الضحك على شكل علي..
اللي كان واقف من الحماس ومغطي عيونه
علي ما تغير هو وعشقه لريال مدريد اللي ماتغير من يوم علي طفل عمره سبع سنين.. وسالم يشتري له كل تيشرت جديد ينزل للريال..

سالم سلّم بصوت عالي: ياناس ياللي هنا.. السلام عليكم..

علي بود وترحيب توجه للسلام على سالم وهو يقول بعيارة: هذا اللي قال بيغيب أسبوع.. يومين إلاَّ أنت راجع
لا يكون هذا كله شوق للحولاء أختي؟؟

سالم بعيارة مشابهة: ليه عندك مانع؟؟

علي بمرح: ايه عندي.. شغال دريول عندك أنت وياها.. تعال خذها.. تعال ودني..
الأخت من يوم درت أنك بترجع.. وهي كلت كبدي قوم ودني قوم ودني..
منت بهين يا سلوم جبت رأس البنية.. عقب نبي نستفيد من مهاراتك..

سالم بعيارة: أول خل شنبك يخط.. وعقب فكر بذا السوالف..

علي يبرم شنباته وهو يقول وهو يضحك: شنبات أبو عنتر ذي ماهيب تارسة عينك..
وعقب علي سكت وهو متحسف.. وقال بخجل لطيف: سامحني سالم ما أقصد..

سالم بيموت وهو كاتم ضحكته..
يبي يضحك على شكل علي الخجلان المتحسف: عادي يا ابن الحلال.. متذكرهم شنبات أبو عنتر.. أخاف يصيرون شنبات شوشو بس
(اللي مايعرف شوشو هذا ممثل لبناني قديم.. شنباته كثيفة جدا الله يرحمه)

علي ومرحه يرجع مع رد سالم: أفا عليك الخطة الخمسية المقبلة نخليهم شنبات شوشو..

سالم بتساءل حاول يغلفه بهدوء رغم قلبه اللي يرقع: إلاَّ منيرة وينها؟؟

علي بود: من يوم جينا وهي في المطبخ ما أدري وش تسوي
وقبل شوي دخلت تتسبح..
وانا اسمحوا لي انتهت مهمتي.. بأروح الحق على الشوط الثاني مع ربعي..

علي طلع..
في الوقت اللي سالم سحب نفس عميق وهو متوجه لغرفته ورعشة هائلة تجتاح مشاعره باكتساح
ولكنها لم تظهر على جسده اللي حاول سالم أنه يسيطر عليه لأقصى حد..


منيرة ما أنتبهت لدخلته..
كانت جالسة على الكرسي قدام التسريحة
بعدها بروبها وتستشور شعرها..

سالم وقف عند الباب
وهو حاس أن قلبه مو قادر يحتمل شوفتها..
ماكان يهمه شكلها أشلون أبدا
إن شاء الله تكون أكثر نساء العالم قبحا على المستوى الجمالي
هي في قلبه قبل عينه أحلى مخلوقة خلقها ربي..
المهم يشوف وجهها.. عيونها.. ابتسامتها.. حركة أناملها
يشوف زولها بس..
بس زولها

كان يحس بألم حاد كل مايتخيل أشلون تحملته الشهور اللي فاتت
بدون ما تشتكي ولا مرة وحدة..
أشلون استحملت قسوته وجنونه
وكانت تحتويه بحنانها ورقتها وأمومتها
نعم أمومتها



وجود منيرة بجانبه وحنانها عليه
أعاد له بعنف ذكرى أمه وحنانها المختلف..
وجود منيرة بجانبه طمأن قلبه الخائف من الوحدة والوحشة
وجود منيرة بجانبه أشعره بعد سنين متطاولة من الإحساس بالضياع والغربة أنه وجد أخيرا سكنا ومأوى وملجأ
رغم حنان جدته أم مبارك المتعاظم عليه إلا أن قلبه لم يستقر ولم يشعر بالراحة يوما
كان دائما ينتظر بيأس انتهاء رحلة الوحدة التي عاشها عمره كله
الوحدة التي جعلته يصر على بقاء غرفة أمه وأبيه على حالها كما كانا فيها أخر مرة
الغرفة التي مثلت الخيط الوحيد الذي يربطه بالحياة مع إحساسه المر بالغربة والوحدة في هذه الدنيا
كان متمسكا بما بقى من رائحتهما لأنه شعر بيأس حاد أنه لو تخلى عنها أنه سيضيع وينتهي ويتوه في عوالم الوحدة القاتلة المسيطرة



سالم تنحنح..
منيرة نطت من مكانها وهي تسمع صوته..
في الوقت اللي سالم بدأ يتحرك داخل الغرفة بنفس طريقته القديمة (يعني أنه مايشوف اللئيم!!!)

شاف وجه منيرة وهو يشرق بفرحة عميقة..
وروح سالم تشرق بفرحة أعمق وأعمق.. لأنه ماحب يبين انفعاله لها
كان حاب أنه يشوف أشلون كان تعاملها معه وهو أعمى..
حس إن قلبه ينتزع من بين إضلاعه ليحط بين كفيها

منيرة قفت على بعد خطوة منه.. قالت برقة: ممكن أحضنك؟؟ أو عندك اعتراض؟؟

كان رده عليها أنه سحبها برقة وحضنها بعنف..
منيرة حست بالفعل أنه سالم مختلف..
عمره ماعبر عن مشاعره بلمساته.. كان كثير يعبر بالكلام
لكن اللمسات كان حريص أنه يحط بينهم حاجز..

منيرة حست بفرح عميق وانفعال أعمق.. انفعال دافئ ومذهل
وهي بين أحضان سالم الحانية..
شعور لذيذ رائع لايمكن أن تعبر عنه أو تصف لذته وروعته..

سالم فلتها بالراحة وهو يسوي نفسه أنه يدور خدها
لحد ماحط يده على خدها وقال بحنان: أشلونس حبيبتي؟؟

منيرة حطت يدها على يده اللي على خدها برقة: طيبة فديتك.. اشتقت لك وبس..

سالم بعذوبة: وانا اشتقت لس أكثر.. ممكن توديني أبي أجلس..

منيرة استغربت..من لما صار يدل بروحه عمره ماطلب منها توصله مكان.. وش فيه اليوم؟؟

منيرة مسكت يده بحنان ووصلته للسرير وجلسته عليه..
سالم خذ غترته وحطها جنبه..
في الوقت اللي منيرة بعدت عنه كعادتهم طوال الشهور اللي فاتت..كان الاقتراب منه من المحظورات

رجعت للتسريحه تمشط شعرها وبعدين رفعته بكلبس.. سالم كان يبي يقول: لها لا لا ترفعينه.. تكفين ماشبعت من شوفته..
لكنه سكت وهو يقول (كل شيء بوقته حلو)

سالم مخططه الجاي كان يبي يشوف هي أشلون كانت تتصرف وهو أعمى.. منيرة خذت بيجامتها ودخلت الحمام..
سالم استغرب أنها مابدلت قدامه.. مع أنه المفروض أنه أعمى ومايشوفها!!!!

لكن اللي مايعرفه أن منيرة كانت تحترم وجوده وكأنه يبصر ويشوف..

منيرة طلعت من الحمام ببيجامتها بلونها الازرق المخلوط بالأبيض الرائق.. سالم كان مركز في كل التفاصيل..
التوب كان بروتيل بخيط نحيف يعلق بالرقبة.. والبنطلون كان بنتاكور تحت الركبة بشوي..
سالم حس بتوتره يتعالى للذروة وشكلها المثير يذيبه
لكنه سيطر على أعصابه.. وهو مستمر بمراقبة منيرة اللي ماخطر ببالها إنها تلتفت صوب سالم وتشوف العيون اللي كانت تلتهم تحركاتها بنهم

منيرة في حركتها الروتينية داخل الغرفة كانت تسأل سالم عن رحلته برقة واهتمام
(وش سويت؟؟ متى وصلت؟؟ وين رحت؟؟ وش أكلت؟؟ عسى ماتعبت)
وسالم يجيبها بطريقة مختصرة
وقلبه بيوقف من عذوبتها وعذوبة حركاتها
أولا منيرة توجهت للدولاب فتحته.. طلعت مخدتها وغطاها.. حطتهم على الكنبة مكان ماهي كانت تنام كل ليلة..

بعدين رجعت تجلس على كرسي التسريحة
وخذت البودي لوشن وبدت تدهن إيديها ورجليها
وهذرتها مستمرة على سالم اللي قلبه ذاب وساح من مراقبة منيرة..
منيرة لبست شبشبها ورجعت تتوجه للدولاب..

طلعت لها كم بلوزة وجلست تطالع فيهم..
وهي مستمرة في هذرتها وتقول له كل شيء سوته من لما راح من عندها..
سالم بنبرة خاصة: حبيبتي شتسوين الحين؟؟

منيرة بحيرة: بكرة فاطمة ومها وسارة بيجون.. ما أعرف وش ألبس حبيبي.. أبي أجهزه الليلة عشان ما أحتاس بكرة..

سالم بخبث: الوردي حلو.. (شكله عجبته حركته في محمد حب يكررها في منيرة!!!)

منيرة وهي ترفع البلوزة الوردية اللي في يدها وتقول بنبرة عادية: ظنك كذا..؟؟ الوردي أحـــ..

منيرة شهقت.. حست بطعنة مؤلمة مؤلمة مؤلمة..
ماقدرت تتحرك من مكانها ولا خطوة..
حست أن رجولها تسمرت في الأرض وفرح موجع حاد يحتاحها بعنف.. البلايز طاحت من يدها..
وعيونها تمتلئ دموع.. مثل بحيرتين فاض ماها

سالم قام من مكانه توجه ناحيتها بثقة..
وطأ وشال البلايز وحطهم على الكرسي.. وألتفت ناحيتها بحب هادر وشوق كاسح..
مسح دموعها برقة..
منيرة تبي تتكلم بس موقادرة من عظم الفرحة اللي ربطت لسانها..
مسكت يده اللي مسحت دموعها وغمرتها بقبلاتها ودموعها وهي تبكي بعنف..

سالم جذبها وحضنها بحنان: ليش تبكين ياقلبي؟؟

منيرة وهي تشدد احتضانها له ومستمرة في بكاها: فرحانة ياقلبي فرحانة..
والله العظيم ماني بعارفة وش أقول من فرحتي.. اللهم لك الحمد والشكر.. اللهم لك الحمد والشكر

سالم سحبها وجلس هو وياها على الكنبة..
ومنيرة حطت راسها على صدره ومستمرة في بكاها..
سالم حاضنها برقة.. بقوة.. بشوق.. بألم: خلاص حبيبتي.. بسس بكاء.. ارفعي رأسس ..خليني أشوف وجهس.. وامتع عيوني اللي تعبت من الظلام ومن شوقها لس..

منيرة رفعت رأسها له وسالم يمسح وجهها بحنان: أنا كنت مستعد أبيع عمري كله وأشوف عيونس بس.. الحمدلله على نعمته..

منيرة رجعت ترمي نفسها على صدره.. وهي تحتضن خصره بعنف..
 

الجزء المئة وثلاثة




مضى على الأحداث الأخيرة عدة شهور..

وأبطالنا تمر على بعضهم الأيام ثقيلة مريرة..
وبعضهم ناعمة رقيقة عذبة..
وبعضهم بين البينين...

انتهت العطلة الصيفية.. وأصبحنا في سنة دراسية جديدة

عبدالله مازال مختفيا.. والبحث لم يتوقف عنه..
ومازال البحث جاريا

جواهر دخلت الشهر التاسع وتنتظر ولادتها في أي وقت..
وأعتذرت عن السنة الدراسية كاملة..

عزوز وديمة نجحوا كلهم في امتحان البكلوريا

طبعا ديمة كانت نتيجتها أحسن بكثير.. لكن المهم أن عزوز نجح..

اثنينهم قدموا على جامعات المدينة التعليمية
عزوز على (جورج تاون) كلية الشئون الدولية.. وشخصية عزوز الواثقة الهادئة يناسبها مثل هذا التخصص الرائق الخطير

وديمة على (فرجينيا كومنولث) كلية فنون التصميم/ تخصص جرافيك اللي طبعا متوقع أنها تبدع فيه مع مهاراتها العالية جدا في الكمبيوتر..
وهذه الكلية أغلب طلابها بنات.. سمح للطلاب مؤخرا بدخولها.. لكنه معروف أن تخصصاتها تخصصات أنثوية وعُرفت إنها جامعة البنات..

ولأن الاثنين يتقنون الانجليزية بطلاقة.. كان تجاوز اختبار القبول والتوفل سهل عليهم..
عزوز لقى شوي صعوبة في تجاوز امتحان (السات) بينما ديمة جابت فيه الدرجة النهائية..
بس المهم انه عزوز بعد نجح في السات.. وحقق حلمه
وأصبح طالب جامعي.. قبل الموعد المقرر بسنة..

نوف صارت في سنة ثانية..
سعيدة جدا لأن حصة انضمت لها.. حصة أصبحت هذه السنة طالبة جامعية..
ومخططات الثنتين ماتوقف.. وخصوصا ان حصة قررت تسجل نفس تخصص نوف..

مها أسعد الناس طبعا.. متعب رجع قبل كم شهر
وتحدد موعد عرسها في عطلة منتصف العام..
وبدأت عندها فجعة السوق والتجهيز وكل يوم وهي ساحبة معها حد.. أحيانا مزنة أحيانا دانة.. أحيانا فاطمة.. أحيانا منيرة..

فاطمة مازالت محلقة في عوالمها.. بين دلع أهلها لها.. وبين صديقاتها وحكاياتهم

منيرة سعيدة جدا جدا..
حياتها مع سالم فوق خيالها من السعادة اللي هي حاسة فيها..
سافرت هي وسالم أكثر من مرة خلال الشهور اللي فاتت
فيه بيبي جاي في الطريق..!!!
سالم من لما عرف بحمل منيرة..
أول شيء سواه أنه جدد الطابق الثاني من البيت بالكامل....
............ حتى الغرفة المحترقة..
خلاص احساسه بالأمان وارتباطه العميق في الحياة اللي مثلته له منيرة والمولود اللي جاي في الطريق.. خلاه يحس أن تمسكه بالغرفة هذي ماعاد له سبب..

الغرفة خلاها مكتب له عشان مايجبر حد يستخدمها غيره..
سالم طبعا رجع لشغله وشركته اللي بدأ في توسيع نشاطها مع احساسه بازدياد نشاطه هو..

طبعا سوى لمنيرة غرفة جديدة فوق هي اللي نقت فرشها بنفسها.. مع غرفة جنبها مفتوحة عليها للبيبي...


نورة مازالت تنتظر البيبي
ورغم ترقبها المؤلم للحمل
إلا أن روحها المرحة ماتغيرت.. وجنونها اللذيذ اللي كان يحسس عبدالعزيز أنه عايش دائما محلق فوق السحاب

عبدالعزيز بين شغله.. وبين توزيع التبرعات اللي كان يضطره يسافر أحيانا
وبين اهتمامه الكبير بجواهر وبيتها وعيالها
كان هو اللي سافر مع عزوز لاختباره ومارضى يخلي جواهر تسافر وهي حامل..
وبين اهتمامه اللي مافتر بالسؤال عن عبدالله..


دلال وماجد..
دلال في الشهر السادس.. بين مدرستها وبين ماجد حبيبها اللي احتل قلبها لاخر نفس وعرق ونبض..
ماجد سعيد جدا وينتظر دلال تولد بلهفة
منتظر الطفل هذا على أحر من الجمر
كانت أسوأ فترة مرت عليه فترة وحم دلال.. كان خلاص قرب يموت من شوقه لها.. وهو أكثر من شهرين مايقدر يقرب منها..

موضوع عبدالله شاغله وبعنف..
كان يتحرك هو بعد على جهات أخرى.. بلغ الصليب الأحمر بعد..
وكان يتابع مع عبدالعزيز مع الناس اللي في العراق..
وكان يتصل بشكل يومي فيهم..


محمد بين شغله وربعه وهله..
بيموت يبي يخطب مزنة.. بس ماله وجه
كان متوقع أنه سعود ممكن يرجع دانة
بس الشهور مضت وسعود محلك سر
رافض أن أي حد يكلمه في موضوع دانة


خالد تخرج مع الفصل الصيفي وينهي إجراءات تخرجه
وفيه عدة جهات طلبته للعمل
لأنه تخصصه كان هندسة حاسب بتقدير جيد جدا
فشغله كان مضمون..
لكن قلبه....؟!!
قلبه كل يوم ذايب أكثر.. مايعرف وش يسوي
الجازي السنة هذي ثالث ثانوي..
موضوع سعود ودانة واقف بينه وبينها من ناحية
ودراستها واقفة بينهم من الناحية الثانية..


الجازي السنة هذي شهادة..
مشاعرها بدأت تتغير ناحية خالد..
لكنها تغيرت تغير اعتيادي..
يعني بعد موقفه الرجولي معها..
تغيرت من الكراهية.. لمشاعر محايدة معتمدة على الاحترام والتقدير...


سعود ودانة .. العقدة اللي حلها سهل منطقيا وصعب جنونيا وعاطفيا
القلبين الذايبين باقتدار
سعود متلهي بشغله وأهله
ودانة متلهية بشغلها وأهلها
بس ماحد منهم لهى لو دقيقة وحدة عن التفكير بالثاني
التفكير الموجع.. والشوق الهادر كان يلتهم أرواحهم التهام النار للهشيم..


*********************


نوف في الجامعة هي وحصة قاعدين في النشاط الطلابي

مرت عليهم أخر حد نوف تبي تشوفه..

هند...

نوف من لما عرفت من أمها بحركتها السخيفة في بيتهم أخر مرة جات عندهم.. وهي متجنبة أنها تقابلها أو تتكلم معها..

لكن الحين هي بنفسها جات وجلست معهم بدون دعوة أو حتى ترحيب..
حصة كانت مستغربة من وقاحة البنت اللي كانت لابسة عباية وحاطة مكياج كانها رايحة لعرس مو لجامعة

هند بمياعة: أشلونج نوف؟؟

نوف بهدوء: زينة الحمدلله..

هند بنفس مياعتها: ماباركتي لي في خطوبتي..
قالتها وهي توريها دبلتها الألماس.. وتكمل: وإلا مادريتي فيها؟؟

نوف بنفس الهدوء وهي مقررة أنها توجع هند شوي: إلا دريت أنج انخطبتي لشيبة على حافة قبره.. مبروك ياقلبي الله يهنيج في زين الشياب قصدي الشباب..!!!

هند انلسعت من رد نوف.. عمر نوف ماكانت حادة في ردودها كذا.. بس قررت أنها ترد لها الكف..

هند بخبث: إلا أبوج عاده مختفي في العراق؟؟ صراحة أمج كانت فال شين عليه.. مسكين مالهم شهر متزوجين إلا هو مفقود في العراق من سبة أخوها..

نوف بنفس الهدوء بدون ماتسمح لهند توترها: إذا أمي فال شين على أبوي وخلته يختفي في العراق
أجل أنتي فال أشين على فايز.. وأكيد وجهج النحس هو اللي دخله السجن في قضية المخدرات إياها.. اللي شكله بيخيس في السجن من وراها

هند خلاص ما استحملت (نعنبو ذي من وين جابت اللسان ذا؟!) نطت واقفة.. وهي تخليهم وهي مفولة..

في الوقت اللي نوف وحصة كل وحدة منهم طقت على يد الثانية في حركة (Give me five ) وهم يضحكون..


*****************
 
جواهر من الصبح وهي تعبانة..

كانت حاسة بالم طلق.. بس ماحبت تستعجل..

بدت ترتب أغراضها.. وشنطتها وشنطة المولود..
وخلتهم على السرير
عشان لما تولد بالسلامة.. نوف تعرف وين مكانهم وتجيبهم..

نوف وعزوز اليوم محاضراتهم تخلص العصر..
جواهر ما تغدت تنتطرهم..

بعد صلاة العصر وصلوا اثنينهم..
طلعوا توضوا وصلوا ونزلوا عليها يتغدون معها..

جواهر ماكلت شيء نهائي..

عزوز بقلق: يمه أشفيج؟؟ ماكلتي شيء؟؟

جواهر بارهاق وحنان: مافيني شيء ياقلبي.. ماني بمشتهية بس..

نوف جاتها حالة القلق هي بعد: يمه وجهج أصفر؟؟ وش فيج؟؟

جواهر بحنان: أنتو تبون تمرضوني غصب

العيال خلصوا غداهم.. وطلعوا يرتاحون شوي

جواهر طلعت وتسبحت..

لكن بعد كذا .. الطلق برد مرة وحدة..
جواهر قررت أنها خلاص تنتظر..
لأنها بعدها في نص التاسع..
ولانزل معها ماي ولا شيء..
يمكن يكون الألم اللي هي حست فيه مجرد أنذار كاذب..


***********************


بعد صلاة المغرب

سعود طالع بلبسه العسكري رايح لدوامه.. ومتوجه لسيارته الواقفة في الحوش.. وركبها
قبل يحرك

شاف محمد يوقف سيارته.. وينزل ووجهه متغير.. وفيه هم..

سعود نادى محمد.. محمد ماكان يبي يواجه سعود
بس مايقدر مايرد عليه..

توجه محمد لسعود وحط يده على دريشته: أمرني يابو سعيد

سعود بقلق أخوي : مايأمر عليك ظالم...وش فيك؟؟

محمد بتوتر ونبرة غامضة: مافيني شيء..

سعود بحزم: إذا قلت لك وش فيك.. تجاوبني على طول

محمد بنبرة فيها غضب: بيت عمي عندهم ناس جايين يخطبون دانة..

سعود مسك يد محمد وعصرها بقسوة: وشو؟؟؟

محمد نفض يد سعود من يده بحدة: لك سبع شهور من طلقتها ولا لك نية تردها.. تبيها تقعد تتناك لمتى؟؟
لو علي.. والله ماكان أخليها
والدانة ماتهون علي تطلع
بس أنت ماخليت لي وجه
قطعت وجهي بسواتك فيها..

سعود مارد على محمد.. قفل شباكه
وحرك بسرعة جنونية
والسيارة تطلق عجلاتها صرير حاد


*****************


قبل صلاة الفجر بشوي..

جواهر صحت وهي تحس بألم أسفل بطنها..

قامت تبي الحمام..

لكنها لقت باب حمامها مسكر..

جواهر تخرعت.. وارتعبت.. سمت بالرحمن..
وحاولت تفتح الباب مرة ثانية
بس كان مسكر

حطت أذنها على الباب
صوت الدوش..

(بسم الله الرحمن الرحيم من اللي يتسبح في حمامي؟؟)

(يمكن نوف ولا عبدالعزيز ؟؟ بس غريبة عمر ماحد منهم سواها)

جواهر رجعت تسمي باسم الله الرحمن الرحيم.. ثم جلست على كنبة الجلسة اللي مقابل غرفة التبديل والحمام
وعينها على باب الحمام.. وهي تسمي بسم الله

بعد دقايق


انفتح الباب..


جواهر عاجزة تتنفس..
عاجزة تسحب نفسها أو تزفر
كانت تشهق بصوت مسموع وكأن كل الأكسجين انسحب من الغرفة..
عاجزة عن التصديق.. بل حتى عن مجرد التخيل
قلبها نط خارج جسدها بعنف هادر كأنه انتزع بيد هائلة القوة
ورعشة متوحشة تجتاح كل شريان ووريد وخلية ونبض في جسدها
والألم هجم بشكل مرعب على اسفل بطنها..


وعينها ضارعة
بألم كاسح.. ووجع مر.. وشوق قاتل.. ولوعة عارمة

للقامة المديدة للجسد اللي تحفظ تضاريسه المذهلة بتناسقه وعضلاته
الجسد اللي خرج من الحمام
ملفوف خصره بفوطة..
وفوطة ثانية تخفي وجهه.. كان ينشف فيها شعره..
 

الجزء المئة وأربعة



قبل صلاة الفجر في معسكر سعود
سعود متمدد على سريره مو قادر ينام

سعود بعد ماطلع من البيت البارحة وهو معصب وتلتهمه نار الغضب والغيرة والحرة

ماكان عارف شنو التصرف الأنسب

يروح لبيت عمه ويخرب كل شيء
بس أشلون؟؟

يحير/ يحجر دانة مرة ثانية..؟؟
ماله وجه يسويها..
وخصوصا أنه مقرر أنه مايخليها تسامحه

(شنو هذا الجنون؟؟ وهذا التناقض؟؟ ياسعود
وهو كيفها يعني!! مستحيل أخليها تتزوج!! مستحيل)

يخلي واحد ثاني يأخذها؟؟ وتكون لرجّال ثاني؟!

(مستحيل.. مستحيل نجوم السما أقرب لأي رجّال من دانة..)

(رجّال يلمس دانة.. أو حتى يكون له حق يحط عينه بعينها!!)

حس أن أفكاره تلهب قلبه ومشاعره بنيران صاخبة محرقة مؤذية.. والغيرة تلتهمه بوحشة..

(والعمل؟؟ والعمل؟؟)


سعود قرر ينتظر لثاني يوم ويشوف رد دانة أشلون..
لأنه أتصل في محمد
ومحمد بلغه أنهم طلبوا مهلة للتفكير
وبيردون عليهم بكرة

كان يبي يشوف هل دانة فعلا عندها استعداد أنها تبدأ حياة مع رجّال ثاني...

(على كل الأحوال : دانة مستحيل تتزوج..
خلنا ننتظر لبكرة ونشوف..
ولو وافقت عليه
ياويلها ويا سواد ليلها!!)


******************


جواهر رجعت تسمي باسم الله الرحمن الرحيم.. ثم جلست على الكنبة اللي مقابل غرفة التبديل والحمام
وعينها على باب الحمام.. وهي تسمي بسم الله

بعد دقايق

انفتح الباب..


جواهر عاجزة تتنفس..
عاجزة تسحب نفسها أو تزفر
كانت تشهق بصوت مسموع وكأن كل الأكسجين انسحب من الغرفة..
عاجزة عن التصديق.. بل عن مجرد التخيل
قلبها نط خارج جسدها بعنف هادر كأنه انتزع بيد هائلة القوة
رعشة متوحشة تجتاح كل شريان ووريد وخلية ونبض في جسدها
والألم هجم بشكل مرعب على اسفل بطنها..


وعينها ضارعة بألم كاسح.. ووجع مر.. وشوق قاتل.. ولوعة عارمة..
للقامة المديدة للجسد اللي تحفظ تضاريسه المذهلة بتناسقه وعضلاته
الجسد اللي خرج من الحمام
ملفوف خصره بفوطة..
وفوطة ثانية تخفي وجهه ينشف فيها شعره..


عبدالله نزل الفوطة من وجهه.. حطها على كتوفه..
عشان عينه تطيح على المخلوقة المرتعشة
في غلاله شيفون قميص نومها الأبيض بكسراته المتسعة
حمامة بيضاء مثل ما تركها أخر مرة!!
حمامته البيضاء اللي ذبحه شوقه إنها تحط على صدره
جالسة مقابله وعيونها متعلقة به..
وغصبا عنها مليانة دموع..
دموع بعد أكثر من سبع شهور من الكبت المر..
ماقدرت توقف على رجولها.. رجولها ماتشيلها

وعبدالله أصلا ماسمح لها توقف..
لأنه قطع المسافة بينهم في أقل من خطوة
كأنه يقطع بهذه الخطوة حد الوجع والبعد المر الموحش اللي التهم القلبين بوحشية
جلس جنبها بشوقه الهادر واحتوائه الخرافي
وهي تلف ناحيته بوجعها المر وكبت الشهور وقهرها..
تبي تتأكد أنه فعلا عبدالله قدامها

هو

هو

عبدالله

عبدالله ذاته
بملامحه الدقيقة المرسومة بحدة..
بوسامته الفاخرة..
بنظرته المسيطرة..
بحضوره الآسر..

هو

هو

عبدالله


تيارات خرافية كاسحة من المشاعر العميقة المتجذرة عبرت بينهما ووصلت بين نظراتهما وقلبيهما وروحيهما..
مشاعر صاخبة كلجة محيط هادر يموج كبركان على وشك الثورة
على وشك إغراق الأرض بحممه ولهبه واحتوائها في غياهب مشاعر عاجزة هذه الأرض عن احتمال امتدادها وكثافتها


عبدالله مسك وجهها الناعم بين كفيه بحنان ذايب
ما أنتبه لبطنها المتضخم..
كان يبي بس يسبر ملامح وجهها اللي اشتاق بعنف كاسح لكل تفصيل دقيق فيها

بدء من عيونها الواسعة اللي كانت مليانة دموع على وشك الانهمار.. مازالت حباته اللؤلؤلية تتعلق بأمواج الأهداب الطويلة المتشابكة..

أنفها الناعم الرقيق.. الحد السحري الفاصل بين أسطورتي العين والفم..

شفايفها الرقيقة المكتنزة اللي مات الكلام على أطرافها الشهية


الكلام ماله معنى..
ماله معنى
ماله معنى
والعيون بينها حديث طويل طويل..

حديث يختصر شهور الوجع والشوق والألم واللوعة والفقد في نظرة..
يختصر الحنين الخرافي الشاسع في نظرة
يختصر قصة حب امتدادها قبل كل البدايات ولا توجد لها حدود أو نهايات في نظرة
يختصر حكاية روحين متمازجتين إلى حد الذوبان والتماهي التام في نظرة
يختصر الأسطورتين الضاربتين في عمق التاريخ في نظرة


نظرة

لكنها ليست أي نظرة..!!!

إنها

نظرة عبدالله لجواهر

ونظرة جواهر لعبدالله..


عبدالله قرب وجه جواهر منه باشتياق هادر
لثم شفايفها بعنف حاني..
وكأنه يبي يعوض كل أيام الغياب
في قبلة واحدة عميقة طويلة مختلفة
جواهر خذت نفس عميق..
تبي تتأكد أنها ما تحلم..
تبي تتأكد أنه فعلا شفايفها تغفو بين شفايف عبدالله..
وروحها تذوب في روحه

(ما أحلم!! ما أحلم!!)

أنفاسه المعطرة تخترقها بعذوبة وتنساب في عمق روحها
الأنفاس اللي ذبحها الوجع والاشتياق لها..
الأنفاس اللي سهرت ليالي طويلة وهي تحلم فيها..
الأنفاس اللي أعادت السكون والطمأنينة والأمان لروحها القلقة المهتاجة لوعة وشوق ورعب موجع..


عبدالله رفع شفايفه عن شفايفها بوله..
وأعاد نظره بشوق مكتسح لعينيها الدامعتين بشفافية..
ماقدر يبعد أو يعبر.. والأثنين عاجزين عن الكلام
رجع يطبع على شفايفها قبلة أطول واعمق..
يمكن تعبر عن بعض وجع روحه الهائمة..


ظل محتفظ بعذوبة واشتياق بشفايفها بين شفايفه حتى شعر أنه عاجز عن التنفس
حينها رفع شفايفه عن فمها
ونقلها لأذنها وهو يقول بهمس آسر
بصوته الرجولي الخاص العميق: اشتقت لج..

جواهر تنهدت بعمق وصوته الهامس يذوب في أذنها
صوته اللي كان دائما له مفعول السحر في إذابة قلبها الهائم

حينها جواهر رمت نفسها على صدر عبدالله العاري الصلب بعضلاته النافرة بشدة من قوة انفعاله.. وهي تبكي بعنف..

عبدالله بوله وهو يحضنها بحنان ذايب حنانه اللي يشبهه هو: بس حبيبتي تكفين لا تبكين..

جواهر وهي تشهق: أنت اللي تكفى حبيبي.. خلني أفضي شوي.. 7 شهور و13 يوم بالضبط وأنا كاتمة في صدري..
كنت بأموت ياعبدالله.. باموت..
شنو كنت.. صدقني أني في غيابك متت.. متت وألف مرة متت في كل يوم..
روحي رجعت الحين..رجعت لما شفتك قدامي
آه ياعبدالله.. آآآه.. ماني مصدقة أني أناديك.. وأنك هنا جنبي
ذبحني شوقي ولهفتي..
ذبحني غيابك.. ذبحتني مرارة الأيام من غيرك

عبدالله اجتاحه التأثر بعمق.. تركها تبكي.. وهو حاضنها برقة.. وينثر قبلاته على شعرها وجبينها بحنان..

جواهر رفعت رأسها عن صدره
تكفكف دموعها وهي تنقل بصرها لجسده..
كانت تتحسس بحنان وجهه وصدره وعضوده وخصره بيديها وهي تقول بألم: أنت طيب عبدالله؟؟ مافيك شيء؟

عبدالله مسك يديها بحنان ورفعها لشفايفه وهو يطبع على ظهرها وباطنها عشرات القبلات وهو يقول بثقة حنونة: والله أني طيب مافيني شيء..

جواهر تغير وجهها وندت عنها آهة ألم حادة..

عبدالله انتفض برعب وهو يسمع آهتها.. و يقول بخوف: أشفيج ياقلبي؟؟

جواهر بألم مخلوط بالمرح: حبيبي أنت نظرك صار ضعيف أو شيء؟؟

عبدالله باستغراب: لا.. ليش؟؟

جواهر تمسح على بطنها بحنان عشان تصدمه صدمة عمره وهي تقول: يعني موب شايف ذا البطن كله؟!!!

عبدالله نط واقف وهو يقول بنبرة متقطعة مهتاجة منفعلة: حـ ـا مــ ل؟؟

جواهر وهي تتألم: حامل... وشكلي بأولد الحين..

عبدالله مو عارف وين أولوية التصرف
أنه يعبر عن الفرحة اللي اخترقته بعنف كاسح وهو يدقق بحنان وحب هادر في منظر جواهر ببطنها المتكور ..
أو يوديها للمستشفى..

لكنه كعادته المسيطرة قال بثقة: لا تتحركين من مكانج.. بألبس واجيب لج عباتج.. نروح المستشفى

جواهر بحزم وهي تتألم: ماراح أتحرك من هنا.. لين تقول لي كل شيء .. وين اختفيت ذا الشهور كلها..؟؟ واشلون رجعت..؟؟ وبالتفصيل؟؟

عبدالله بحنان ومرح وثقة: جواهر حبيبتي خلي عناد الحريم بعدين.. والله بأقول لج كل شيء..
لا وبأحاسبج بعد أنج حملتي ما أنتظرتيني..
أقول لج أبي بيبي أترقبه أنا وياج.. تترقبينه بروحج.. وأنا هناك
ابتسم وهو يقول: ولو أني متاخر يوم بعد ..كان جيت لقيتج والدة بعد.. خوش والله
اصبري شوي مثل ماصبرت أنا!!
من أول مادخلت البيت وأنا أدور مثل المجنون
وأنا أبي أسحبج أنتي وعيالج من أسرتكم سحب.. بس خفت أخرعكم واصدمكم
قلت أتسبح أهدي أعصابي المحترقة شوي.. وأقصر الوقت لين صلاة الفجر لا أستخف..

عبدالله قال كلامه بسرعة ورجع لغرفة التبديل ولبس بسرعة هائلة..
رجع لقى جواهر واقفة بعبايتها..

عبدالله بغضب حنون: أنا ماقلت لج لا تتحركين أنا بجيب عباتج..

جواهر بألم: حبيبي لا تزودها.. بعد فيه وقت.. التقلصات مابعد تقاربت..

عبدالله يسأل جواهر بنفاذ صبر: وين مفتاح سيارتي؟؟

جواهر بارهاق: لا عبدالله سيارتك عالية علي.. أنا كلمت محيي الدين خلاص.. وقلت له يقرب سيارتي من الباب..

عبدالله قرب من جواهر و شالها بين ذراعيه بخفة وحنان..

جواهر بخجل: عبدالله تكفى نزلني.. أقدر أمشي الله يهداك..

عبدالله مارد عليها وهو طالع فيها وينزل الدرج بثبات وسرعة: ما تبين أصحي نوف؟؟

جواهر وهي ميتة من الخجل وعبدالله شايلها: لا حبيبي حرام أوترها.. ما تستحمل.. هي بروحها ميتة من الشفقة على البيبي..

عبدالله اللي وصل عند الباب ونزل جواهر ويقول بفضول قاتل: إلا البيبي شنو جنسه؟؟

جواهر بود متعب: بسم الله الرحمن الرحيم.. مالك ساعة واصل صرت تبي تعرف جنس المولود..
خلاص كلها كم ساعة وتعرف..إن شاء الله

عبدالله بحنان: المهم سلامتج ياقلبي..

عبدالله وهو يطلع برا.. ويشوف وجه محي الدين اللي كان بيبكي من الفرح وهو يشوف عبدالله قدامه..
صافح محيي الدين بقوة وهو يقول بود: تكفى يا محي الدين.. ماني بمتفرغ لعاطفيتك الزايدة.. جواهر تولد..

محي الدين وخر عن السيارة وعبدالله يركب جواهر من قدام.. ويركب مكان السايق..

عبدالله حرك بسرعة.. وهو يحط يده بحنان على بطن جواهر: شأخبارج حبيبتي؟؟

جواهر حطت يدها على يده اللي على بطنها وقالت بحب هادر رغم ألمها: شايفتك قدامي.. وش تبي تكون أخباري.. أسألي عن أخباري قبل ما أشوفك..

عبدالله مسك يدها بحنان ومؤازرة وهو يقول: الله يقومج بالسلامة ياقلبي..

جواهر طلعت موبايلها تتصل بنجلاء.. وطلبت منها تجيها في المستشفى

عبدالله بحنان: ليه أنا ما أكفي..

جواهر بحب كاسح مصفى: أنت تكفيني عن العالم كله.. بس أنا أبي نجلاء تدخل معي غرفة الولادة.. لأنهم ماراح يخلونك تدخل..

عبدالله بغضب: شنو مايخلوني أدخل ذي.. بأقلب المستشفى على رووسهم..

جواهر بتعب: عبدالله فديتك ريلاكس.. لا تفضحنا هناك..

جواهر طول الطريق وهي ماسكة يد عبدالله
كانها خايفة أنه يهرب منها
أو تكتشف أن وجود عبدالله جنبها ليس أكثر من حلم عذب صوره لها كيانها المشتاق بوجع
كانت ماسكة في يده كانه تتمسك بالباقي من حياتها وروحها
وكأنها تضع حياتها وكل الثقل والهم اللي كان على ظهرها في يده القوية الواثقة الحانية.. لتصبح محلقة خالية من الهم

كانت كل ما تألمت.. شدت من قبضتها على يده
وكل ماشدت كل ما انتفض قلب عبدالله بعنف.. وزود سرعة السيارة

 
الجزء المئة وستة




عبدالله واقف وقفته الواثقة الاعتيادية لكن قلبه كان يذوي ويذوب بعنف

عبدالله كان يهتف في أعماقه بوجع مرير
(يالله أني طالبك ما تفجعني فيها
ياربي أنت اللي عارف ومطلع على السر
ياربي لا تفجعني
لا تفجعني
مثل ما نجيتني من اللي كنت فيه
تمم نعمتك علي.. لا تحرمني منها..

ليتني مارجعت.. ليتني مارجعت
لو ثمن رجعتي بيكون جواهر
ياربي خذ من عمري ومد في عمرها
خذ عمري كله
وخلها هي تعيش)


*******************


بعد العصر بشوي
في بيت أبو سعود

مزنة كانت جاية تأخذ مها اللي تبي تسوي بروفة فستانها اليوم..
مزنة هي اللي جاية مع سواقهم وشغالتهم لأن سواق بيت مها مأخذ إجازة اليوم..

مها قالت لها تطلع لها فوق.. لأنه مابعد كوت عبايتها.. وماتبيها تنطرها في السيارة

مزنة طلعت لها شوي.. وعقب قالت لها: أنا تركت شنطتي وفيها فلوسي وموبايلي في السيارة.. عجلي علي وانا أنتظرش تحت في السيارة..

مها بعيارة: نعنبو عجوز مافيها صبر.. زين أذلفي... دقايق وأجيش ياجدتي..

مزنة كانت نازلة بسرعة وفتحت الباب الواصل بين الصالتين الداخلية والخارجية بسرعة وعبرت بدون ماتنتبه للشخص اللي كان يبي يدخل..

خبطت فيه بعنف..
مزنة انتفضت وتراجعت بحدة
وهي تشوف محمد قدامها..
وهي بتموت في ثيابها من الخجل من خبطتها في جسم رجال غريب..

محمد تراجع وابتسامته تتسع وهو يعرفها
حتى بالنقاب.. حتى لو هي متغطية من ساسها لرأسها
مستحيل مايعرفها..

(حيا الله بنت هادي.. وانا أقول وش في بيتنا منور بزيادة وانا داخل) محمد بنبرة دافية تتلاعب الابتسامة على أطرافها

مزنة كانت تبي تطلع بس هو ساد الدرب.. ردت بحرج: الله يحيك.. ممكن امر لو سمحت..

بس محمد ماتحرك (مابغيت أشوفش وتبيني أتحرك مهوب حولي) رد عليها بنفس النبرة الدافية كأنه ماسمع طلبها: مبروك التخرج.. ماصارت فرصة أبارك لش قبل..

مزنة بتوتر وهي خايفة حد يشوفها واقفة معه وتسولف بعد: الله يبارك فيك... وخلني أمر لو سمحت..

محمد ماكأنه يسمع: وأنا يعني مافيه مبروك التخرج ولا الوظيفة..

مزنة العبرة خنقتها من الاحراج: مبروك.. وخلني أمر تكفى.. وش تقول أمك لو شافتني واقفة معك كذا.. مافي وجهي حيا..

محمد انتفض وانلسع من كلامها ومن ريحة البكاء في صوتها.. قال بحرج: أسف مزنة ماقصدي أحرجش..

وخر عن دربها وهو يقول: تفضلي..

مزنة مرت من جنبه بسرعة بدون ماتطالع فيه وهي متوجهه بسرعة للسيارة..
وهي تهتف في نفسها بغضب حاد(صدق مايعرف السحا..
أشلون هذا أخو سعود ما أدري!!
سعود مايرفع عينه في المرة..
وهذا مايستحي يقزني عيني عينك وأنا بنت عمه وفي بيته.
. صدق أنه مهوب رجّال ولا فيه من الرجولة شعرة)

مها نازلة لقت محمد واقف مذهول.. سلمت مارد عليها
مها بعيارة: هيه محيميد.. تراني أسلم..

محمد بصوت مضطرب: هاه وشو؟؟

مها بعيارة: خلاص فهمت.. مزنة مرت من هنا.. وهذي حالة مابعد انحسار مد مزنة.. خلني أروح لها

محمد وهو بعده متضايق من اللي صار ماتخيل أنها بتنحرج كذا لدرجة أنها تبكي: روحي لها لا تتأخرين عليها..

مها لقتها فرصة تتشفى في محمد اللي يحرجها دايم: ياقلبي تحاتي قعدتها بروحها.. مهوب ماكلها العوا لا تخاف عليها..

محمد مارد عليها وطلع السلم لغرفته..

مها هزت كتوفها مستغربة (مهوب عوايده يعني!!) وطلعت لمزنة اللي كان كان على رأسها الطير..
صامتة بشكل مر.. وإحساسها بالخجل يلفها بعنف..


*************


كانت تفتح عيونها بشويش..
رأسها مصدع..
وألم حاد قاتل في أسفل بطنها..

لكنها تناست كل شيء وهي تهتف بحنين موجع مر:

عبدالله.. عبدالله.. عبدالله

كانت تظن إن كل اللي هي مرت فيه مجرد حلم
معقولة كل هذا كان حلم
لمسات عبدالله وأنفاسه وهمساته
معقولة؟!!
معقولة؟!!

لكن روحها سكنت بهدوء عذب لذيذ

وهي تسمع صوته العميق الحنون يهمس

"جنبج حبيبتي"

فتحت عيونها كلها وهي تحس بملمس شفايفه الدافية على جبينها البارد ويقول بحنان هامس: الحمدلله على سلامتج ياقلبي

"حبيبي طمني عن المولود" نبرة قلق موجع مجللة بالبكاء

وجه عبدالله أشرق إشراقة رائعة حنونة وهو يمسك يدها بحنان ورقة : ماشاء الله تبارك الله.. ماجد ذيب من ظهر ذيب.. يجنن ياجواهر يجنن..وصحته ممتازة
وعقب كمل بابتسامته اللي اشتاقت لها جواهر: تدرين استخسرت أسميه على ماجد الشين..
بس قلت خلاص طارت الطيور بأرزاقها..
ما تتخيلين أشلون ماجد انبسط.. جاء بنفسه هنا..
ماخلا مكان يدورني جعلني ماخلا منه.. لين عرف من أم حمد أني هنا
وانبسط أكثر بالولد ما تتخيلين!!..
حط كل اللي في بوكه في لفة ماجد الصغير كان باقي يحط بطاقاته الفيزا والجوال والقلم والكبكات ويطلع مفسخ..

جواهر كانت تبتسم بإرهاق وهي ماتبي عبدالله يوقف كلام

يالله!!! وش كثر اشتاقت له.. ولعبق رجولته وخصوصية مرحه وهو يتكلم.. !!

كان يكمل كلامه وهو يقول بمرح: بس الخاين يقول لي أنه مرته حامل بس موب مسمي علي.. يقول أول شيء بيسمي فيصل.. عقب يفكر يسمي علي أو لا..

جواهر بحنان متعب: حبيبي خلهم يجيبون لي ولدي تكفى..

عبدالله بحنان مصفى وهو يمسح على شعرها: حبيبتي أنتي بعدج في العناية.. والولد في الحضانة..
كلها كم ساعة ويودونج غرفتج.. ويجيبونه عندج..

جواهر باستجداء: تكفى عبدالله بأموت أبي أشوفه..

عبدالله رجع يطبع قبلة حنونة على جبينها وهو يقول: إن شاء الله ياقلبي إن شاء الله..


**************


ثاني يوم.. بعد صلاة العشاء
جناح جواهر في الطابق الخامس من مستشفى الولادة
الغرفتين والممر كامل مليانين بباقات وورد وسلال شيكولت ضخمة..
من أهلهم ومعارفهم وزميلات جواهر في الجامعة
والأهم معارف عبدالله اللي عرفوا برجعته وإن زوجته ولدت في نفس اليوم فحبوا يعبرون عن فرحتهم ومجاملتهم بالمناسبتين..
ومعارف عبدالله كلهم من الوزن الثقيل
فكانت باقاتهم بحجمهم..
كان هناك باقات وسلات شيكولت تكاد تصل للسقف من ضخامتها..

جواهر جالسة على سريرها ترتدي روبها الخمري الحرير الفخم بشغل الدانتيل الناعم فيه..

كان عندها نوف بس..
بعد ماراحوا كل الحريم اللي كانوا عندها
وخلت الخدامتين اللي كانوا عندها يخدمون على سيل الزائرات اللي ما انقطع من الصبح يرجعون مع محي الدين للبيت..

بكى ماجد الصغير.. جواهر تتعدل في جلستها رغم الالم اللي هي حست فيه مكان الجراحة..وقالت وهي ترص على اسنانها: نوف حبيبتي عطيني أخوج..

نوف قربت منه بالراحة وهي تقول بحنان ذايب: ياناس يجنن يجنن.. بأكله بأكله والله ينوكل أكل..

جواهر بحنان: الحين عطيني إياه أرضعه وعقب أكليه براحتج..

جواهر خذت مجود برقة وحنان كأنها خايفة تكسره
باست جبينه..وهي تتأمل ملامح وجهه الرقيقة الضئيلة بوله أمومي شفاف..
طلعت ثديها..وحاولت ترضعه..
ماكان متقبل صدرها بالمرة..
لأنه أمس كله لحد اليوم الصبح وهم يعطونه رضاعة في الحضانة..
ومن الصبح وهي تحاول فيه يرضع مو راضي..

نوف اللي واقفة جنب أمها سألت باهتمام: بعده مايبي يرضع..؟؟

جواهر وألم جراحتها ذابحها.. ومتضايقة إنه الولد مايبي يرضع: مايبي..أخاف صدري ينشف حليبه كذا..

نوف بحنان: خلاص يمه فديتج لا تضايقين عمرج.. أنتي بروحج تعبانة وايد.. عطيني إياه بأسوي له رضعة..

جواهر بحنان: مايصير نوف كذا صار له يومين على الرضاعات.. ماراح يرجع يتقبل صدري كذا

نوف بنفس حنان أمها: بس يمه أنتي شايفة.. صار لج الحين أكثر من ربع ساعة تحاولين فيه وهو موب راضي ويبكي..

نوف سوت لمجود رضعة ثم جات شالته .. وجلست على جنب.. ترضعه..

رن موبايل جواهر.. تناولته من جنبها بتعب..
حست برعشة ناعمة عميقة تغزو قلبها وهي تشوف اسم عبدالله يضيء على الشاشة لأول مرة بعد غياب أكثر من سبع شهور..

أفضل راح طلع لعبدالله شريحة جديدة بنفس رقمه القديم.. وتوه عطاه إياها تحت..
وكانت جواهر أول رقم يتصل عليه..ردت عليه بهمس: هلا حبيبي

عبدالله بخفوت وعمق: يابعد طوايفي ذا الصوت.. اشتقت لج ولصوتج اللي يذبحني ويحيني..

ابتسمت جواهر بارهاق: رحت عيار ورجعت عيار..

عبدالله يبتسم: أنا عيار !! تبين أجي اوريج العيار وش كثر مشتاق..

جواهر بابتسامة وهي مفكرته في مكان بعيد: لو جيت خلال دقيقة.. ورني..

عبدالله بخبث: ومن اللي عندكم..

جواهر: ماحد..

تفاجأت جواهر إن رده عليها كان أنه فتح الباب عليهم ودخل ويقول بنبرة خاصة: هاه أم عزوز.. على الوعد اللي بعد دقيقة..

جواهر طالعت عبدالله بوله خرافي
وحضوره يملأ الغرفة باشعاعه الخاص..
كان في غاية أناقته.. ورجولته المتدفقة تغمرها
كأن الأشهر الماضية ماخذت منه شيء
لكنها عمقت سحره وتأثيره العجيب على من حوله

جواهر ابتسمت وهي تقول: يمه نوف عطي ماجد أبوه يسلم عليه وعقب حطيه في سريره..

(يعني معناته احشم وجود بنتك)

عبدالله كان في يده كيس محل مجوهرات شهير نزل الكيس على الكرسي اللي جنب جواهر
وابتسم وهو يشيل مجود بحنان ويطبع على وجهه قبلات كثيرة..

جواهر بحنان: عبدالله الله يهداك توه صغير على البوس الكثير اللي كذا..

عبدالله قرب من أذن جواهر وهو شايل ماجد وهمس وهو يقرب من أذنها لحد مالمس شحمة إذنها بشفايفه: كفاية أنتي ممنوع الاقتراب.. بعد بتمنعيني أحب ولدي..

جواهر كحت من الحرج (الرجّال ذا متى بيعرف السحا؟!!)

عبدالله ابتسم ورجع لنوف اللي كانت مشغولة تغسل زجاجة الحليب اللي توها رضعت ماجد منها: يبه نوف تعالي خذي أخوج حطيه في سريره..

نوف تنشف يدها: إن شاء الله يبه.. الحين جاية..

بعد ماخذت نوف مجود..
عبدالله رجع وشال الكيس وجلس مكانه وقرب الكرسي لحد مالصقه في سرير جواهر

نوف حست انه من الذوق إنها تنسحب..: أنا داخلة الحمام أتوضأ مابعد صليت العشاء..

عبدالله مد الكيس لجواهر وقال برقة وحب: الحمدلله على سلامتج حبيبتي..

جواهر باستفسار رقيق: شنو هذا؟؟

عبدالله بنبرة عميقة: افتحيه وشوفيه..

قبل تفتح جواهر العلبة كان في الكيس ورقة تشبه الشهادة طلعتها جواهر
كانت شهادة باللغة الانجليزية من محل مجوهرات عالمي برقم التصميم وأنه تصميم حصري خاص بحرم السيد عبدالله محمد.. والتاريخ يرجع لحوالي 6 شهور فاتت..

عمر جواهر ما اهتمت لهذي الأشياء
لكنها لهذا المختبئ بداخل العلبة الفخمة كانت تشعر بترقب دافئ: صار له ست شهور؟؟

عبدالله بنفس نبرته العميقة: كنت طلبته قبل أسافر العراق.. وياسبحان الله يكون النصيب انه يكون هدية ولادتج..
صار له في المحل 6 شهور..
ولأن صاحب المحل من ربعي.. قال للعاملين تحتفظون فيه ولا تتصرفون فيه لو حتى يقعد عندنا 20 سنة..

جواهر حست بانفعال جارف يجتاحها.. شنو اللي ممكن عبدالله يطلبه يتصمم لها حصريا...

فتحت بأنامل مرتجفة..
شهقت بنعومة: واو حبيبي.. يجنن.. يجنن

عبدالله قرب خده منها وهو يقول: واو كذا ماتكفي..

جواهر حطت يدها على خده الثاني وقربت وجهه شوي وطبعت قبلة شفافة على خده.. وهي تهمس: شكرا حبيبي شكرا.. ما تتخيل سعادتي فيه

عبدالله بحنان وهو يتحسس مكان قبلتها على خده: والله العظيم موب حتى قدر خطوتج على الأرض عندي
وكمل بخبث: طيب ممكن ألبسج إياه.. ابي الناس كلهم يشوفونه عليج..

جواهر برقة: أكيد..

عبدالله وقف.. وجواهر ميلت شوي قدام.. لحد مالبسها عبدالله السلسلة عبدالله همس في أذنها بعد ماخلص: بأيش يذكرك هالموقف؟؟

جواهر ابتسمت وتفكيرها يرجع لحوالي 9 شهور فاتت: بأنك الرجل الأكثر وقاحة في العالم..

عبدالله باس رأسها ورجع جلس: شفتيني مؤدب حبيت رأسج..
مع أني ما أداني ذا الحبة.. كأني أحب جدتي الله يرحمها..

جواهر تبتسم: انت ماتقول لي متى بتعرف السحا شوي..؟!!

عبدالله بعيارة: والله أني رجّال حياوي وتكانة.. بس من أشوفج أختبص وتخبط عندي المكينه.. وأقط خيط وخيط..

عقب كمل بإعجاب: كنت شايفه حلو في علبته.. بس الحين وهو على صدرج شيء فوق الخيال

كانت سلسلة ناعمة من الألماس.. القلب عبارة حرفي aوj متعانقين بشكل خيالي محترف..
ثم يتناثر الحرفين بأحجام صغيرة مختلفة وخطوط مختلفة على كامل السلسلة..

نوف خلصت وضيها الطويل وطلعت وهي تقول بعيارة: لو ماخلصتوا قضية الشرق الأوسط موب شغلي.. لأني خست في الحمام

بعد دقايق اتصل عبدالعزيز وعزوز يبون يجون..

واجتمعت العائلة الكريمة كلها...

مجود كان ينتقل من يد أخوه لخاله لأبوه.. وكل واحد يبوس فيه شوي..

نوف بقلق عذب رقيق: حرام عليكم.. ذبحتوه..

عزوز بابتسامة: أنتي تبينه لج لحالج؟؟

نوف بعيارة: إيه لي لحالي.. وحتى أمي تقوله.. صح ماماتي..؟؟
قالتها وألتفت على أمها اللي جالسة على سريرها
والباقين جالسين على الجلسة

جواهر بحنان: صح ياقلبي..

نوف برقة: معناتها هاتو ولدي خلوه ينام..

نوف شالت ماجد وحطته في سريره

في الوقت اللي جواهر ألتفتت على عبدالله وقالت بجدية رقيقة: بما أنه احنا كلنا مجتمعين.. أعتقد أنه من حقنا كلنا نعرف اللي صار لك خلال السبع شهور ونص اللي فاتت

عبدالله ابتسم: خلاص المهم أني صرت هنا..

عبدالعزيز باهتمام: ويهمنا نعرف شاللي صار لك وغيبك كل هالمدة..

عبدالله اتسعت ابتسامته: حاضرين.. أحكي لكم قصة عبدالله البصري.. أو البصراوي مثل ما هم (يتحجون) هناك
 
الجزء المئة وسبعة




بغداد قبل حوالي تسعة أشهر..

عبدالله نزل من فندق فلسطين لشارع السعدون اللي الفندق فيه

كان تارك محفظته عند عبدالعزيز.. ومعه موبايله وشوي فلوس في جيبه بس..

وقف تاكسي وطلب منه يأخذه للشورجة (منطقة الأسواق الشعبية في بغداد)

كان مقرر ياخذ له لفة سريعة.. ويمر مقهى القدوري الشهير مقهى المقامات العراقية
ويشتري شغلات تراثية خفيفة
ويرجع خلال ساعة على الأكثر..

في السوق كان منبهر بالأجواء القديمة الحميمة.. وكان يستفسر من الحرفيين اللي هو شافهم عن كثير من الأشياء..
شاف العبابجي.. والمغازجي.. والكندرجي..والأطرقجي.. وغيرهم..
أشياء كان يسمع عنها من راوي اللي كان محتفظ ببقايا ذكرياته عن بغداد مثل حلم شفاف مرتبط بشباب مهدور..
أشياء عشقها وتمنى يشوفها من قد ماشوقه راوي لها..


بعد شوي مر عليه جماعات متراصة من الرجّال اللي كانوا يمشون مع بعض وكلهم لابسين ثياب وغتر مثله

سأل عنهم.. قالوا له البياعين انه هذولاء من العشائر اللي من منطقة الهوير قريب البصرة..
وأنهم جايين عشان يجتمعون مع شيوخ عشائر ثانية هنا في بغداد.. يتفقون على من يرشحون يخوض انتخابات مجلس النواب..

عبدالله كان يمشي جنبهم وهو يستفسر عن مقهى القدوري يبي يعرف من وين ممكن يطلع له..


وصار التفجير الانتحاري وقتها..

وتصوب عبدالله.. وتحطم موبايله..

التفجير كان بسيط.. والمصابين كانوا 13 ومو 10 مثل ماعبدالعزيز كان يظن..

3 كانوا من رجال العشيرة اللي أمر شيخهم إنه لو اصاباتهم بسيطة..
أنهم يشيلونهم معهم على الباص الكبير اللي هم جايين عليه ويرجعون فورا للبصرة..

ووفي الربكة والاضطراب الهادر اللي بعد الانفجار..
رجال العشيرة شالوا مصابينهم الثلاثة ورجعوا فيهم للبصرة..
لأنهم شافوا إن الاصابات كانت بسيطة
وماتستلزم أنهم يدخلون مستشفيات بغداد
ويعنّون أهلهم عشانهم..
الاحسن يرجعونهم لمستشفيات البصرة عشان يكونون قريب من اهلهم في الهوير..

ولأن عددهم كان كبير.. وماكانوا يعرفون بعض بشكل كامل.. فهم حملوا الثلاثة اللي كانوا ملاصقين لهم ولابسين ثياب نفسهم..

اثنين من المصابين كانت اصابتهم جرح في اليد والثاني في الوجه...

أما الثالث كان مغمى عليه اغماء عادي مثل ماهم يظنون..

بينما طريقة حملهم غير الاحترافية والطريق الطويل بإرتجاجه الدائم وهو ممدد على أرضية الباص
أدى لتدهور حالته اللي كانت ارتجاج في المخ أدى لذهابه في غيبوبة لعدم تلقيه العلاج بالسرعة المطلوبة...

وصلوا العشيرة للمستشفى العسكري الحكومي شمال البصرة..

ودخلوا مصابينهم.. الأثنين الأولين كانت إصاباتهم طفيفة احتاجت مجرد ضمادات..
الثالث راح في غيبوبة عميقة.. رغم انه كان خالي من أي إصابات..
العشيرة تجمعوا حوله.. وهم يسألون هذا ولد من؟؟
لكن ماحد عرفه..

وأكتشفوا الخطأ الكبير اللي هم سووه..!!


أنهم خذوا لهم واحد من أهل بغداد بالخطأ...!!!

بلغوا إدارة المستشفى بخطأهم..
وإنه هذا المصاب جايبينه من بغداد بالخطأ..

المستشفى العسكري في البصرة من أسوأ مستشفيات البصرة
لايوجد أسوأ منه إلا مستشفى ابن غزوان للنساء والأطفال الموجود بمنطقة الرابع عشر من تموز..

المستشفى العسكري تأخروا في إبلاغ عن مصاب محضر من بغداد بدون أوراق ثبوتية..

وبعدها لهوا من كثر المرضى والداخل والخارج.. وهم يأجلون التبليغ كل يوم.. لكنهم مانسوا التبليغ.. فقط كانت الفكرة مؤجلة لحد مايتفرغون من ضغط مشاعلهم..



بعد أسبوع ونص بدأ عبدالله يستعيد وعيه..
حاول يتكلم بس ماقدر.. لأن أنبوب الإطعام مع ادخاله لفمه واخراجه جرح البلعوم عنده
فكان بلعومه مجروح بشدة وصوته مايطلع..

عبدالله كان شايف بنفسه.. أنه الممرضين والممرضات مايقدرون يحكون رووسهم من الانشغال وكثرة المرضى..
فماحب يشغل حد بمشكلته

وخصوصا أنه ماكان عارف الوضع أشلون..؟؟ أو أيش اللي جابه هنا؟؟ أو كم صار له هنا؟؟

فقرر أنه يكون حذر.. وأنه يصبر لحد مايقدر يطلع.. أو صوته يطلع ويتصل في فاضل ..

بعد كم يوم استعاد نشاطه.. وكان قادر أنه يمشي.. وبنيته القوية ساعدته على استعادة عافيته بسرعة..

كتب للممرضة على ورقة انه يبي يطلع ويشوف حد ممكن يوصله لبغداد..
سألته: أنته عارف أهلك وين؟؟..

كتب: نعم.. بس عطوني ملابس..

الممرضة جابت له ملابسه اللي كانت عليه لما وصل..
بس قالت له بتحذير: لا تطلع هسه...
وماقالت له السبب..


عبدالله التعيس الحظ ما اهتم من تحذيرها
لأنه ماكان عارف الأخبار عن الاضطراب الهائل اللي كان يموج في البصرة وقتها

كان الوقت الأسبوع الأخير من شهر مارس/ آذار 2008

حملة نوري المالكي المسماة (صولة الفرسان) ضد ميليشيات جيش المهدي..

وكان فيه حظر تجول عام في كل المدينة..

بس عبدالله قاده حظه العاثر للاصتدام مع قوات الأمن اللي استغربت خرقه لحظر التجول..
دفعوه على الارض وحاولوا تثبيته.. فتعارك عبدالله معهم.. اللي كان عاجز عن إخراج صوته بشكل واضح..

فانتهى به حظه العاثر في المعتقل..
ولم يكن أي معتقل..


كان معتقل "الجدر"!!!!


وهكذا هي الأحكام العرفية حين تسود وقت الاضطرابات
يؤخذ البريء بذنب المسيء
الأحكام العرفية التي ماعرفها غير بلدان العالم الثالث في أزماتهم المتلاحقة..
بينما في أي بلد من بلدان العالم الأول والثاني يعتبر إقرار الأحكام العرفية من أخطر القرارات التي قد تتخذها حكومة ما.. والتي قد تؤدي إلى اسقاطها..


***************


الساعة 9 مساء

دانة في غرفتها..متمددة على سريرها
الهم يملأها حتى الثمالة
ويحز في عروقها حتى النخاع
وهي تقرأ مسج سعود للمرة الألف

"ريحتي قلبي الملتاع
من البارحة ماجاني نوم
كأني أشوى على أسياخ حديد محمي"

(زين ياسعود.. وارتاح قلبك الملتاع
وأنا قلبي متى بيرتاح؟؟
متى بيرتاح؟؟
متى بيرتاح؟؟)

انتفضت برعب على رنة موبايلها.. اللي أخرجها من عوالم حزنها الآسر..وكآبتها المسيطرة اللي تخفيها عن الكل
وتكتوي هي بنارها وحيدة في وحشتها وغربة روحها..

تماسكت وهي ترد بصوت هادئ: هلا تهاني.

تهاني بغضب: أنتي مجنونة... فيه وحدة ترفض الدكتور سعد..

(للتذكر: د سعد كان رئيس قسم دانة لما كانت تشتغل في الرميلة)

دانة بهدوء وهي تتنهد: الزواج قسمة نصيب.. وأنا جربت قسمتي خلاص..

تهاني وهي تحاول تتماسك: يادندون يا حبيبتي.. بدون حساسيات أنتي الحين مرة مطلقة.. مين بيخطب المطلقة إلا مطلق وإلا أرمل وعندهم بزران بعد..
بينما دكتور سعد رجّال عزابي.. صحيح أكبر منج بأكثر من 13 سنة.. بس بعده في عز رجولته ولا تزوج قبل.. معاه دكتوراه.. ووضعه المادي والاجتماعي ممتاز..
يعني مستحيل يجي لج أحسن من كذا..
هذا البنات مايحلمون فيه.. أشلون مرة مطلقة!!!


(تهاني قررت توجعها شوي أو تفوقها على رأيها..
لأن سعد اللي يقرب لزوج تهاني من بعيد.. طلب منها تحاول تقنع دانة وهو بيرجع يخطبها مرة ثانية)


دانة بنفس الهدوء ووجع مر في داخلها: أنا عقب سعود مستحيل أتزوج..

تهاني بعصبية: أنا أبي أعرف سعودوه وش فيه زود.. فر مخك عن الكل..

دانة وهي تسرح وكأنها تشاهد شيء غير مرئي أستولى على بصرها وهمست بصدق شفاف مؤلم: فيه أنه خذ القلب والعقل وحبسهم في يديه وحناياه..
أشلون أكون عند رجّال وقلبي وعقلي عند غيره..
أنا من عقب ماسعود طلقني.. وأنا حاسة أني عايشة مجرد جسد بدون روح.. والله ياتهاني.. جسد بدون روح..

تهاني شهقت: تحبينه ليما الحين؟؟

دانة بهمس: ولين أموت..


*******************


الساعة 9 وربع في غرفة جواهر...

جواهر شهقت برعب مؤلم: المعتقل؟؟!!

ونوف بدت دموعها تنسكب بصمت وغزارة وحرارة..


عبدالله ونظرة غامضة ترتسم على وجهه.. وعبدالعزيز وعزوز مشاعرهم وأفكارهم كلها وعيونهم مع عبدالله:

وماكان أي معتقل كان "الجدر" أو القدر على قولتنا..

في البصرة فيه 3 معتقلات..
واحد للقوات الأمريكية في صحراء أم قصر جنوب البصرة اسمه "بوكا"
والثاني هو سجن "المطار" للقوات البريطانية
والثالث هو سجن "المعقل" لقوات الأمن العراقية..
الثلاث معتقلات يمكن فيها 20 ألف معتقل..

وأنا رماني حظي في "الجدر" أو "جدر موحان" اللي كان شيء ثاني.. ثاني..
ماكان فيه إلا 200 معتقل صار حظي أني منهم..
سموه جدر موحان على اسم "موحان حافظ" اللي كان قائد العمليات وقتها..

وفعلا كان "الجدر" قدر.. بس قدر مفتوح على فوق بدون غطاء..

عزوز بتوتر: أشلون؟؟

عبدالله بهدوء عميق فيه نبرة حزن واضح: كان عبارة عن حوطة اسمنت مكشوفة.. كان المطر يضربنا.. والشمس تصقع في روسنا..
ومافيه إلا دورة مياه وحدة...
أكثر المعتقلين صابتهم الأمراض والأوبئة..

عبدالعزيز بتوتر بالغ: وأنت ليش ماقلت أنك موجود هناك بالغلط.. وأنك مواطن قطري..

عبدالله تنهد: أنا لين قدرت أتكلم عدل.. كان صار لي أسبوع في المعتقل.. ومتخانق مع الحراس كلهم..
مين اللي بيسمع لي يعني؟!!


جواهر وبنتها كانوا عاجزين عن الكلام.. والحزن والعبرات خانقتهم بمرارة وألم محرق غائر في القلب..

عزوز بحدة متوترة: وانت ليش تتخانق مع الحراس..؟؟ ماسمعت المقولة اللي تقول: ياغريب كن أديب..

عبدالله خذ نفس عميق وكمل: يا أبوك القضية ماكانت قضيتي بروحي..
معاي العشرات.. ناس صابتهم الأمراض وناس ضعاف..
ومو أنا بروحي اللي كانت أتخانق.. المعتقلين كلهم كانوا في خناق دائم مع الحراس..
وش عندنا غيرهم نفش حرتنا فيهم.. رغم أنهم مجرد عبيد مأمورين..
كنا ننضرب بأعقاب الرشاشات.. نتعذب أحيانا..

رغم أن وجودنا في "الجدر" كان بروحه هو العذاب.. وإحنا مثل حيوانات في زريبة..
حاولت أشرح للحراس أني أبي أكلم في التلفون وأني موجود هنا بالغلط.. بس ماحد عبرني
قالوا لنا أنه وجودنا هنا مؤقت .. لحد ماتنتهي التحقيقات في عملية (صولة الفرسان)..
وقعدت في "الجدر" من أخر شهر 3 لين أخر شهر 8..

عزوز برعب: وأشلون قدرت تستحمل؟؟

عبدالله بإيمان عميق جدا: إن الله مع الصابرين..
كنت أقضي الوقت في الصلاة والدعاء وقراءة اللي أنا حافظة من القرآن.. ومساعدة المعتقلين اللي تدهورت حالتهم الصحية بسبب سوء وضع المعتقل وتعرضهم للاضطرابات الجوية بشكل مباشر..

عبدالعزيز باستفسار مر: وأشلون طلعت زين..؟؟؟
 
الجزء المئة وثمانية




عزوز برعب: وأشلون قدرت تستحمل؟؟

عبدالله بإيمان عميق جدا: إن الله مع الصابرين..
كنت أقضي الوقت في الصلاة والدعاء وقراءة اللي أني حافظه من القرآن.. ومساعدة المعتقلين اللي تدهورت حالتهم الصحية بسبب سوء وضع المعتقل وتعرضهم للاضطرابات الجوية بشكل مباشر..

عبدالعزيز باستفسار مر: وأشلون طلعت زين..


عبدالله بهدوء وعيونه تسرح: مع بداية شهر 8 تسربت أخبار معتقل "الجدر" للاعلام..
وصلت أخبارنا لمجلس النواب..
وجات زارت السجن لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب.. وثاروا جدا على وضعه..
وإنه هل من المعقول إنه يكون فيه معتقل مثل هذا؟!!

بعد كم أسبوع "الجدر" اتسكر..
واحنا توزعنا على المعتقلات الثانية.. ورحت أنا لسجن "المعقل"
وقتها قدرت أتصل على فاضل.. وطلبت منه مايبلغ حد لحد مايجيني..
طلبت منه يجيب جواز سفري.. ثم اتصلت على ثاني عشان يرسل لي فلوس لأني ماكان معي أي فلوس ولا اثباتات..

وعطيته رقم فاضل عشان يبعث الفلوس له..
رغم أن فاضل اللي والله عمري كله ما أقدر أرد جميله.. كان مصر إنه هو اللي يعطيني فلوس.. بس أنا أصريت أطلب من ثاني..

تفاجأت بفاضل جايني ثاني يوم وخالي ثاني معه.. اللي ما أعرف متى لحق يحجز ويجي.. وكانوا جايبين جواز سفري معهم..
ما تتخيلون سعادتي لما شفت وجه ثاني..
يالله وش كثر اشتقت له..
واشتقت لكم واشتقت للدوحة..

خذت كم يوم لين خلصنا.. وافرجوا عني
وبعدين حجزنا أنا وثاني على عمّان في الأردن..
أنا كنت مصمم أسوي فحوص طبية شاملة قبل أرجع للدوحة..
لأني مروا علي مرضى أشكال ألوان الله يشفيهم ويفك ضيقتهم..
قعدت في عمّان أسبوع ونص.. لحد ما تاكدت أني سليم تماما.. وجيتكم أنا وثاني من عمّان للدوحة

نوف وقتها ماستحملت رمت نفسها في حضن أبوها وبدت تبكي..
ودموع جواهر بدت تنزل بصمت..وألم مر قاس يتجذر في أعماقها وهي تتخيل كل الألم والعذاب اللي عاناه عبدالله خلال الشهور اللي فاتت..

بينما عزوز عبرته خانقته وحابسها.. وعبدالعزيز كان متأثر جدا ومتماسك كعادته..

عبدالله حضن نوف بحنان وهو يمسح على شعرها
ويقول بحنان أبوي صافي: قولي الحمدلله يا بنتي على كل حال
ناس كثير ماتوا قدام عيني.. وذقت الحسرة عليهم ألف مرة..
يالله ماأقسى الإنسان على أخيه الإنسان..!!
الله يفرج عنهم ضائقتهم.. ويتمم عليهم نعمة الأمن والأمان..
أنا أشهد أنه فيهم رجّال ومن ظهور رجّال.. الله يكشف غمتهم
ويحرر بلدهم..


****************


حوالي الساعة 11 ليلا
سالم مار على بيت عمه أبو علي..
عشان يأخذ منيرة اللي كانت سهرانة عند أهلها..

منيرة طلعت لسالم في سيارته..

أول ماركبت: مساء الخير يابو مبارك..

سالم يبتسم وهو يحرك بسيارته: مهوب حرام نسمي ولدنا مبارك.. يتعقد من أسماء الشيبان من أولها..

منيرة تبتسم: مالك لوا... وش تبينا نسميه يعني مهند وإلا لؤي؟؟

سالم يضحك: يازينه لؤي بن سالم خوش اسم.. شامي على بدوي.. سلطة عجيبة..

منيرة برقة: على طاري المواليد.. ترخص لي بكرة.. أبي أزور دكتورتي جايبة ولد..

سالم باستفسار: مع من بتروحين... مع رقية وسبيكة أكيد؟؟

منيرة ضحكت: فيه غيرهم يعني.. خاطري أعرف حاط دوبكم دوبهم ليه..

سالم يضحك: أغار منهم حبيبتي.. من أشوفس ماسكة التلفون والضحكة شاقة.. أدري أنس تكلمين وحدة منهم..

منيرة بمرح: الزبدة مرخوصة وإلا لا ياقلبي؟؟

سالم بود: مرخوصة.. بس لا تتأخرين


*****************


الساعة 11 وربع...

عبدالعزيز يدخل بيته...
ويطلع للصالة اللي فوق.. اللي نورة كانت تنتظره فيها

نورة كانت قاعدة على أعصابها... أول ماشافته نطت: عزوز وأشفيك تأخرت.. وكل ما أدق عليك تقول لي بعد شوي... ولا ريحت قلبي...

عبدالعزيز ابتسم ابتسامة مرهقة: ياذي عزوز... غيري بدلي يابنت الحلال.. مافيه عبدالعزيز وإلا ابو منصور من هنا وإلا هناك...

نورة ابتسمت ابتسامتها المعتادة: مافيه تتهرب من السؤال... وماعندي غير عزوز ياعزوزي..

عبدالعزيز بنبرة حزن واضح: كنت عند جواهر..

نورة نط قلبها في حلقها: جواهر فيها شيء؟؟؟

عبدالعزيز باستنكار: بسم الله عليها... ليش تقولين كذا؟؟

نورة بقلق: ماشفت وجهك وأنت تقولها...

عبدالعزيز وهو يدخل غرفته ويحط غترته على السرير ويجلس جنبها: عبدالله يانورة.. هو سبب ضيقتي..

نورة جلست جنبه وهي تقول: ليه عسى ماشر... وش فيه أبو عبدالعزيز؟؟

عبدالعزيز بحزن عميق: تدرين إنه كان في المعتقل كل هذي الشهور.. وشاف اللي ماينشاف... الله إن شاء الله يجازيه الخير ويجبره على قد ماصبر...

نوف بمساندة عميقة: ياحرام والله إنه مايستاهل... أنا بصراحة عزيته من كثر منت تعزه...

عبدالعزيز بمودة: والله أنه يستاهل من يعزه ويقدره ويحترمه..

نورة وقفت وهي تلبس روبها: زين تعشيت؟؟

عبدالعزيز بهدوء: كلينا فطاير وشربنا كرك وعصير عند جواهر لحد ما انفقعت خلاص...

نورة بحب: فيه العافيه... أنا بأنزل أجيب لي عصير ليمون.. مشتهيته.... تشرب معي؟؟


**************

 

ثاني يوم

بعد صلاة العصر مباشرة

مها وفاطمة ومنيرة اتفقوا يروحون يزورون جواهر في المستشفى
عشان يلحقون يرجعون قبل المغرب..
محمد وصّل مها لبيت منيرة..
وبعدين فاطمة جات لهم مع شغالتهم وسواقهم.. وراحوا كلهم للمستشفى على سيارة فاطمة..
والاتفاق إنهم كلهم يرجعون لبيت فاطمة.. يسولفون ويتعشون عندها وعقب مها يجيها سعود.. ومنيرة يجيها سالم هناك.. ويرجعونهم..


وصلوا مستشفى النساء والولادة حدود الساعة 4 وربع

اشتروا لهم أكبر سلة شيكولت لمولود ولد لقوها في محل لاريسا اللي تحت..
لأنهم كانوا متقاطين فيها ثلاثتهم والكرت باسمهم الثلاثة فكانوا يبون شيء راهي.. على قولتهم..

فاطمة وهي تضحك: شوفوا أنا باكتب حرم سويلم وحرم متيعب والآنسة فاطمة.. عشان يكون كرت معبر عن واقع الحال...

مها بعيارة: عشان أفلع لش ذا الوجه اللي أنتي رازته..

فاطمة تبتسم: أنا أبي أعرف وش حارج في ذي الويه.. لاني حاطة مكياج ولا مبينة شعري.. بس حلوة.. وش أسوي بجمالي؟؟ أحرق روحي يعني؟!!

منيرة بعيارة: ياشين الثقة.. الثقة عليس مثل السرج على البقرة...

فاطمة تضحك بصوت واطي وهم متوجهين للمصاعد: أنا وش مصبرني عليج أنتي وياها ما أدري.. كله تنغزوني

مها بعيارة: المحبة الله يكفيش شرها..

فاطمة : وع منكم ومن المحبة اللي من وراكم يالشيف..

مها وهي تضحك بصوت واطي وهم داخلين المصعد: والله مافيه شيفة غيرش يالعانس..

فاطمة تمسك قلبها وتقول بلهجة حزن مصطنعة: آه جيتي عالقرح اللي قوا ئلبي..

المصعد ماكان فيه حد غير البنات الثلاث..
مها ومنيرة كالعادة عليهم نقاباتهم..
وفاطمة كانت لابسة عباية مسكرة سادة وشيلة فيها تطريز ناعم مشدودة عدل على راسها..
وطبعا الثلاث بدون أي مكياج ولاحتى ماسكرا..

المصعد كان على وشك أنه يتسكر.. لولا أن يد وقفت في طريق الباب ومنعته يتسكر..

كانت يد رجّال.. مسكت الباب بثقة وبان في معصم صاحبها ساعته وكبك الكم اللي كانت كلها من الألماس وفي قمة الفخامة والذوق..

دخل صاحب الكم ليمتلئ المصعد بحضوره وطوله ورائحة عطره الفخمة كان عطر (شيخ) مخلوط برائحة دهن عود فاخر..

ماكان وسيم.. ولكنه كان جذاب وأنيق بطريقة غير معقولة..
يبدو كما لو كان فيه سحر خاص به..
ثقته الواضحة بنفسه تحيط به كغلالة رجولة مشبعة بالألق..

كان في المصعد ومع ذلك كان يلبس نظارته الشمسية السوداء اللي ما تدل وين عيونه ونظراته تروح..
واقف بثقة كأنه يقف في أملاكه الخاصة..

منيرة تهمس للثنتين بصوت واطي جدا ما يسمعه غيرهم بعد سنوات من التعود مع بعض بهذه الطريقة في الحصص والمحاضرات والأماكن العامة: نعنبو هذا جاي مستشفى وإلا رايح عرس.. بيصرع المرضى بريحة عطره..

مها بنفس الصوت: لا وعطر شيخ بعد.. شكله متسبح فيه..

منيرة بنفس الصوت: وأنتي وش عرفس؟؟

مها: عطر سعود أشمه وهو طالع وهو داخل... تدرون أول مرة أشوف واحد ينافس سعود في الكشخة...

فاطمة كانت الوحيدة التي لم تعلق.. لأنها حست أنه كما لو كان يراقبها من خلف نظاراته..
رغم أنه في الحقيقة ماكان يطالع ناحيتها ولا حتى اهتم فيهم..

فاطمة بدون ماتعرف السبب حست كأن المصعد تضيق جدرانه عليها حتى كادت تختنق.. وإنها بتفطس من الحرارة اللي اجتاحت جسدها بعنف..

حست إنها تغرق عرق.. وتمنت لو تأخذ طرف شيلتها وتغطي وجهها فيها.. بس خافت تسوي كذا يعرف إنه عشانه..
يعني موب أول مرة تصدف أنهم يركبون المصعد مع شاب... هذا وش فيه مختلف؟!!

حست أنها فعلا مو قادرة تنتفس وكأن وجوده يسحب كل الأكسجين من غرفة الحديد المربعة الضيقة..

ماصدقت إنهم يوصلون الطابق الخامس حتى تنط تطلع وتأخذ نفس عميق

منيرة بقلق: فاطمة وش فيس؟؟

فاطمة بنبرة متوترة: يمه.. ماشفتيه أشلون يطالع؟؟

مها بعيارة: أنا شفتش أنتي تخزينه والمسكين يتصدد من الاحراج.. باقي تعطينه الرقم..

فاطمة بتوتر: حرام عليج مها..أنا؟؟

مها بقلق: توتي.. أمزح معش.. يعني أنتي ما تعرفيني.. وش معنى خذتيها بحساسية ذا المرة..

فاطمة بنبرة متوترة: خلاص بنات هذا إحنا وصلنا غرفة دكتورة جواهر خلنا ندخل..

مها ومنيرة هزوا اكتافهم وهم يتبادلون النظرات..
دقوا الباب لأنهم كانوا اتصلوا في جواهر وبلغوها بجيتهم

فاطمة وهي تدخل.. طاحت عينها على صاحب النظارات الغامض واقف قريب منهم..
كأنه كان يلاحقهم (صدق مايستحي)..


**********************



الجازي تدخل بيت عمها هادي..
لأنها عندها بعد شوي مدرسة هي وغالية اللي ثنتينهم 3 ثانوي ذا السنة وشادين حيلهم بزيادة..

أم سعود نزلت الجازي وقالت لها: بأروح للجمعية.. أشتري أغراض وعقب بأرجع أتقهوى مع أم خالد لين تخلصين..

الجازي داخلة محملة بملفاتها..
وطلعت فوق لغرفة غالية
وهي خلاص واصلة لفوق شافت خالد طالع من غرفته..
الجازي عادي كملت طريقها تبي تروح لغرفة غالية
وخالد مابعد انتبه وكان طالع
ولو أنه انتبه قبل.. كان رجع لغرفته وقفل على نفسه لحد ماتروح
بس هي خلاص شافته وشافها.. مايبي يحسسها إنه هربان منها...
اللي ماحد يعرفه إنه عاشقنا المتيم كان عارف إنه الجازي وغالية عندهم مدرسة هذا الوقت عشان كذا كان دايما يهرب قبل ماتجي الجازي
ومايرجع إلا لما يدري إنها راحت..
ماكان يبي يشوفها بعد أخر موقف صار بينهم لما استنجدت فيه من محمد.. مرت شهور على ذاك الموقف..
والنار في قلبه تتأجج..
وكان عارف إنه لو شافها معناها نار جديدة تُضاف للنار الحالية.. وهو ماعاد متحمل..

الجازي شافته جاي ناحيتها يبي ينزل مع أنه ماكان يطالع ناحيتها أبد...
وهو يتمنى أنه تروح في حالها وتخليه يروح في حاله..

بس الجازي ببراءتها وقفت وقالت: خويلد.. وينك زمان ماحد شافك؟؟

خالد كح (لحول وش تبي فيني هذي) خالد وقف وبينهم مسافة وهو يحاول مايطالع ناحيته: والله مشاغل... تخرج.. وتوني اشتغلت..

الجازي ببراءة حقيقية: صدق سوري.. ماقلت لك مبروك.. والله منت بهين ياخويلد.. عقبالنا يارب..

خالد حس إن الجو حر وكان وده يهف على روحه شوي.. رد بتوتر: الله يبارك فيش.. وقلنا لش قبل خالد لو سمحتي..

الجازي بعذوبة مرحة: صدق إني غبية.. يعني معطت شعري على سبتها قصدي كشتي المحترقة.. المفروض ما أنسى.. زين أسفين ياخالد..
وعقب كملت بلهجة اعتيادية: يالله رخصنا.. عندنا مدرسة..

خالد ماصدق إنها تروح.. كان ضايق حده.. ومايدري وش يسوي.. يطلع.. وإلا يرجع..
هو أصلا كان طالع عشان مايقابلها وهذا هو قابلها.. يعني ماعاد للطلعة فايدة..

خالد اللي تعب من الكبت والحسرة والقهر قرر يروح لدانة في غرفتها.. يسولف معها شوي
 

الجزء المئة وتسعة




خالد دق باب غرفة دانة بالراحة..

صوت دانة الناعم الهادئ من خلف الباب: تفضل..

كانت دانة فاتحة اللابتوب على منتدى نسائي تشوف الهذرات الجديدة.. لما شافت وجه خالد اللطيف بابتسامته القلقة..
سكرت اللابتوب وابتسمت: تعال حبيبي..

خالد دخل وجلس جنبها على سريرها..
دانة برقة: وش عندك؟؟

خالد بابتسامة متوترة: يعني ماحد يجي عنده أخته الغالية إلا لو عنده شيء.. اشتقت لش..

دانة تبتسم: يالعيار.. أنت اللي توك جايبني من الشغل من ساعتين بس.. لحقت تشتاق..

خالد فعلا كان تعبان ومتضايق: ضايق شوي يا أخيش..

دانة بقلق: تخسى الضيقة يابو هادي.. أفا.. وش مضيق خاطر شيخ الشباب؟؟

خالد بعمق: خليها على الله بس..

دانة قلقها تزايد: تكفى خالد لا توترني.. وش فيك..

خالد بعذوبة وشفافية موجعة: أحب !!

دانة شهقت بعنف كأنها ضُربت على راسها بمطرقة: تحب؟؟

خالد وهو يعبث بمفتاح سيارته ويقول بنبرة هادئة فيها نكهة انكسار: ليه حرام أني أحب؟؟

دانة تأخذ نفس عميق: الحب كمشاعر حق لكل إنسان.. ماحد يقدر يتحكم في قلبه.. وأنا أكثر واحدة عارفة..
بس المهم إن حبك هذا مايكون فيه مخالفة لدين ولا أعراف ولا تقاليد..

خالد بهدوء مؤلم: من هالناحية لا تحاتين.. كاتم في قلبي وساكت... لحد ماقربت أنفجر..

دانة باستفسار بحذر: وممكن أعرف اللي تحبها؟؟

خالد وهو يوقف دلالة على رغبته في إنهاء الكلام: مهوب الحين..

دانة بتفهم (وهي خير من يفهم المحبين ورغبتهم في الكتمان): براحتك فديتك.. بس تأكد إنك متى ماحبيت تتكلم قلبي وأذني مفتوحين لك.. وتأكد إن كلامك وبوحك بيكون في بير عميق..

خالد وهو يوطي ويحب رأسها بحب واحترام: مايحتاج تقولين.. أنا أكثر واحد عارف...
والله إنه سعود مايعرف هو وش كثر خسر!!

دانة انلسعت بعنف: مافيه داعي لذا الكلام ياعيون أختك.. مافيه داعي !!


****************



ماجد يدخل بيته..
عقب ماطلع من صلاة العصر..
مر واحد من جيرانه.. شايبهم كان مريض
وراح يعوده ويتطمن عليه
كعادته كل يوم من يوم مرض الشايب..

دلال كانت في مطبخ التحضير..
تسوي له قهوة العصر..

ماجد بصوت عالي: دلال.. دلال.. دلولتي..

دلال تطل عليه من باب المطبخ: يمه منك.. قصر حسك.. أخر الشارع عرفوا أنك تناديني..

ماجد بمرح: اللي عنده معاش يقطعه.. حد له عندي شيء.. واحد ينادي دلولته... أخر الشارع وش كارهم..

دلال تبتسم: الحكي معك ضايع.. روح إجلس باجيب لك القهوة..

ماجد بحنان وهو يدخل عليها المطبخ: إن شاء الله تبين تجيبينها أنتي.. وخري أنا بأشيلها.. لا تولدين علينا قبل وقتك..

دلال بابتسامة: كل السالفة دلتين وصحن كيك.. يعني موب صحن ذبيحة...

ماجد بعيارة هو يشيل الصينية: أنتوا يابنات ذا الأيام مافيكم فايدة... أقل شيء يولدكم.. وينج يمه ووين أيامج

ماجد ودلال جلسوا..
ماجد بحب وعذوبة: تعالي جنبي..

دلال قامت وجلست جنبه وصبت له فنجان قهوة وحطت له صحن كيك..

ماجد وهو ينزل فنجانه ويمسك يدها: زرتي مرت عبدالله؟؟

دلال بذوق: أكيد .. رحت لها مع نجلاء وعمتي أم جاسم..

ماجد بمرح: وش جبتي لسميي هدية..؟؟

دلال بنبرة حب واضحة:جبت سلة شيكولت..و ياي على سميك يجنن.. ولا يهمك سماوته نزوجه بنتنا..

ماجد بحنان: البنت ماتغلى على عبدالله وولده.. بس الحين أبيج تشترين له أحسن شيء وأغلى شيء في السوق

دلال بعذوبة: حبيبي والله أني ناوية.. بس خل أم عبدالعزيز لين تطلع لبيتها.. وأزورها بهديتها و بهدية ماجد إن شاء الله..


****************
 
في جناح جواهر بالمستشفى

الموجودين عند جواهر: نوف وعائشة وبنتها ديمة.. ومها ومنيرة ونوف...
البنات صار لهم حوالي 10 دقايق...
خلصوا السلامات والتعارف على بعضهم

جواهر بذوق: والله كلفتوا على أنفسكم..

البنات: لا والله مافيه شيء من قدرك يادكتورة جواهر.. قدرك عندنا عالي

جواهر توجه كلامها لمنيرة: منيرة متى عرسج أنتي و.... خليني أنا متذكرة اسمه... إيه.. سالم..

منيرة كحت بحرج... ومها ابتسمت وقالت: منيرة يادكتورة حامل في الشهر الثالث الحين..

منيرة قبصت مها في فخذها بدون ماحد ينتبه غير مها اللي كتمت في نفسها وقالت منيرة بحرج: ماصار عرس يادكتورة.. زوجي صار عنده ظرف صحي.. وانا رحت لبيته بدون عرس..

جواهر باحترام: والله أنج بنت أصل.. الله يتمم عليج يارب

عقب منيرة ابتسمت وقالت بخبث:مشكورة يادكتورة ...وإن شاء الله تحضرين عرس مها عقب 3 شهور إن شاء الله

الحين جاء دور مها تكح من الحرج وتقول بنبرة متقطعة: أول مانطبع الكروت.. أنتي أول وحدة دكتورة..

جواهر برقة: إن شاء الله..

فاطمة كانت تتكلم على القد.. وبحدود..
أبو نظارات الغامض وتّرها بشكل غير معقول.. وبدون سبب منطقي.. (صج وش أبي فيه.. خله يولي!!)
بس عقبها أشرت للبنات خلونا نستأذن..

وفعلا قاموا يستأذنون في الوقت اللي كانت عائشة تخلص مكالمة في موبايلها.. وتهمس لنوف.. اللي قامت تجيب لامها نقابها وجلالها..

البنات طلعوا.. لقوا أبو نظارات واقف برا بنظاراته اللي ماخلعها بوقفته الواثقة أو لنقل المغرورة..

مع طلعتهم .. تحرك ناحيتهم
فاطمة بنبرة غضب وحدة وجهت كلامها له: أنت يأ اخ ماتستحي ولا عندك خوات..

خلع نظاراته بثقة وألتفت ناحيتها وهو يقول بهدوء حاد وهو ياشر بأصبعه باحتقار: أنتي يا أخت أنتي تكلميني أنا..

فاطمة انلسعت من نظرة عينه الحادة القاسية المتجبرة

والبنات متفاجأين من ردة فعل فاطمة..
يعني مو أول مرة يتعرضون لمعاكسات وخصوصا هي..
وكان ردهم دائما التجاهل... من باب المقولة الخالدة (الحقران يقطع المصران) وش معنى ذا المرة قررت تهزئ اللي يعاكس؟؟


فاطمة تماسكت وردت بنفس الحدة: والله مافيه حد غيرك لحقنا في الاسانصير.. ثم هنا.. لا وقاعد تنطرنا بعد... صدق إنك قليل أدب ولا عمرك تربيت..

ابتسم ابتسامة ساخرة والاثنين يتبادلون نظرات حادة عميقة: ياحليلج ياشاطرة... !!
أنتي وش شايفة حالج.. عشان ثاني بن ناصر يتنازل لشكلج ويمشي وراج..
شايفتني بزر وإلا مراهق.. روحي يابنت الله يستر عليج... وألعبي على قدج.. أنا جاي أزور المرة اللي أنتوا طالعين من عندها... وإلا ممنوع بعد؟؟

فاطمة صرت على أسنانها وقالت له: صج وقح وحشرة بعد..

وسحبت نفسها ومشت
والبنات وراها مذهولين من حدة فاطمة الناعمة الرقيقة الغير مسبوقة

في الوقت اللي ثاني اتسعت ابتسامته واستمرت عينه تتابعهم لين أختفوا..

فاطمة كانت تقريبا تركض والبنات وراها.. ومها تقول لها: توتي حبيبتي شوي شوي.. لا تنسين منيرة في شهورها الأولى.. مايصير تسحبينها وراش كذا..

فاطمة حطت شيلتها على وجهها عشان ماحد يشوف دموعها وبدت تمشي شوي ودموعها تنسكب بغزارة

أول ماوصلوا للسيارة... فاطمة بدت تبكي بصوت مسموع ورمت نفسها على فخذ مها

منيرة اللي كانت تجلس جنبها من الناحية الثانية كانت تطبطب عليها وتقول بحنان: فاطمة فديتس.. مافيه داعي لذا كله..

فاطمة وهي تشهق: شنو مافيه داعي... ماشفتي أشلون هانني جني حشرة عنده..

مها وهي تحاول تهديها: وأنتي ماقصرتي فيه.. عطيتيه على رأسه..

فاطمة وهي تشهق أكثر: وهذا حد يقدر يعطيه على رأسه ماشفتيه أشلون يطالع ويتكلم جن الناس عبيد أبوه..
قال ثاني ولد مدري شنو.. يكون التافه ولد الشيخ حمد بن خليفة على غلفة..




قبلها بدقايق

ثاني واقف والابتسامة الواثقة تتسع على وجهه
ثاني تفكيره غريب شوي..
تعود يتعامل مع الجنس الآخر بجفاف وقسوة
من باب إنه كان له تعامل كبير مع موظفاته وموظفات الشركات الأخرى
ويؤمن أنك لو عطيت المره وجه إنها بتزودها وتقط الميانه..
وأنك لازم تحط بينك وبينهم حدود قاطعة عشان يعرفون حدودهم ومايتجاوزنها..

فاطمة اليوم لفتت انتباهه.. وبعمق
يمكن لو كان على موقف المصعد بس.. ماكان اهتم أبدا.. ولاحتى درا عنها..
لكن حدتها وهجومها عليه المتمازج مع عذوبتها ورقتها
ترك في نفسه أثر ما...
مجرد أثر!!!



ثاني يدق باب غرفة جواهر

عائشة فتحت له الباب وهي تحضنه بعنف تقول: يالظالم تروح العراق بدون ماتقول لي.. وحتى اليوم في البيت ماقلت لي..

وبعدها نطوا نوف وديمة كل وحدة منهم تحضنه شوي..وبتاثر بالغ

ثاني بهدوء ومودة: أنا قلت بدل مايصيرون فيلمين هندية واحد قبل وواحد عقب.. خلهم واحد لين رجعت..

عقب وجه كلامه لجواهر اللي كانت جالسة على سريرها لابسة نقابها وجلالها وهو بعده واقف عند الباب المسكر
وهو يقول لها باحترام: الحمدلله على سلامتج يا أم عبدالعزيز ومبروك المولود

جواهر برقي: الله يسلم غاليك.. ويكبر قدرك وخطوتك..

عائشة بعيارة: وش ذا العطر كله ياثاني... حرام عليك بتذبح جواهر ومجود...

ثاني بهدوء: والله أني متعطر من صبح.. ماتوقعت إنه لحد الحين مبين..
وعقب ألتفت لجواهر وهو يقول بذوق: سامحينا يا أم عبدالعزيز لو ضايقناج.. كنت أبي أسلم على ماجد.. بس دام دكتورة الأعصاب تقول ريحة عطري بتضايقه خلاص..

جواهر باحترام: لاوالله مانردك وأنت عاني لنا...
ووجهت كلامها لنوف: نوف يمه قومي شيلي ماجد وعطيه خالج..

ثاني جلس على الكنبة البعيدة وشال ماجد وهو متخوف: أخاف أعوره وإلا أكسره.. كنه عصفور

نوف وهي تضحك: الله يهداك خالي هذا أنا جنبك.. لاتخاف..

ثاني قرب ماجد منه بحنان وباس جبينه.. وحط ظرف فيه فلوس في لفته وقال بحنان: ماشاء الله تبارك الله مزيون طالع علي..

عائشة بعيارة: إذا مزيون على عبدالله.. إذا شين عليك..

ثاني ابتسم: كالعادة في صف عبدالله ضدي...

عائشة بحب: إذا سمعت كلام أختك الكبيرة وعرست.. ذاك اليوم باقط عبدالله في الزبالة..

جواهر ابتسمت وقالت لعائشة: زين احشميني أنا ونوف.. بتقطين أبونا في الزبالة واحنا نسمع..

عائشة بمرح: أنا كبيرة العائلة.. الحشيمة أولا وأخيرا لي..

ثاني بارك لجواهر مرة ثانية وأستاذن.. وهو عند الباب نادى عائشة: تعالي عائشة أبيج شوي..

عائشة لبست نقابها وطلعت مع ثاني برا: شالسالفة ثاني؟؟

ثاني بلهجة حاول إنها تكون واثقة كعادته: البنات اللي كانوا عندكم قبل أدخل.. من هم؟؟

عائشة استغربت ماعمره سأل عن حريم: طالبات جواهر في الجامعة..

ثاني بنفس الهدوء: واللي منهم كاشفة وجهها شاسمها..

عائشة ابتسمت وقالت بخبث: اهتمام خاص يعني؟؟

ثاني: عائشة جاوبيني من غير حركاتج القرعاء..

عائشة وهي فهمت بس قررت تتغابى ولا تسأل وتشوف اللي ورا ثاني: اسمها فاطمة ومابعد تزوجت..

ثاني بخبث: شفتي ماطاحت حنوكج يوم جاوبتي بدون لعانة..

عائشة بعيارة: ثاني احترمني... بيني وبينك فرق 13 سنة موب شوي.. أمك يالولد العاق..

ثاني مشى بثقة..
وعائشة رجعت للداخل..


عائشة كان لها أخت أكبر منها هي أم عبدالله
وأخين أصغر منها..
حامد الله يرحمه كان في سن عبدالله
توفي قبل حوالي 17 سنة.. في حادث سيارة وقبل يتزوج..

أمها كانت تقعد سنوات طويلة بين كل حمل وحمل..

ثاني جابته أم عائشة على كبر.. وماتت وهو صغير
وعائشة هي اللي ربته.. وكان معها طول فترة دراستها برا ودرس هو كل سنوات دراسته من الابتدائية للجامعة برا

شخصيته كانت استقلالية جدا.. ومستحيل حد يفرض عليه شيء... رجل أعمال ناجح جدا..
لاهي في أشغاله.. عن أفكار الزواج.. رغم أنه مو رافض فكرة الزواج.. لكن مالقى وقت يفكر فيها..
مغرور شويتين أوثلاث أو يمكن أربع
لكنه رجّال بمعنى الكلمة وقلبه طيب..
 
الجزء المئة وعشرة




بعد يومين..

بعد الظهر وقبل العصر..

جواهر ترجع لبيتها..

عبدالله مابعد رجع من البنك.. وجواهر ماحبت تقول له انها بتطلع.. عشانها عارفة انه هو اللي بيلزم انه يجيبها..

رجعت مع أفضل ونوف..

كانت جهزت وحدة من صالات الاستقبال اللي تحت قبل تولد

الصالة كانت عبارة قسمين بينهم باب ضخم متحرك منزلق بالسحب..
حطت في القسم الداخلي اللي معاه حمام غرفة لها
والخارجي جلسة لضيوفها اللي بيجون يسلمون عليها..

كانت بالكاد قادرة تتحرك.. نوف والشغالات دخلوها لحد ماجلسوها على السرير..

أول ماارتاحت على سريرها قالت لنوف بحنان: يمه نوف من بكرة تداومين..

نوف بخيبة أمل: بس يمه..

جواهر بحنان: يا ماما خلاص مايصير.. غبتي 3 أيام قبل الجمعة والسبت..يعني 5 أيام قاعدة عندي.. بكرة الأحد تروحين تداومين بدون نقاش..

نوف بحنان: بس مايصير يمه تقعدين بروحج وأنتي نفاس.

جواهر تحضنها: حبيبتي الصبح بتجي عندي أم فهد وإلا موزة وإلا نورة.. لين تجين.. لا تحاتيني..

صوت رجالي يقاطعهم بمرح: خيانة.. خيانة.. تطلعين بدون ماتقولين لي..

نوف نطت وباست خشم أبوها: زين أنك جيت.. اقعد مع أمي.. ما أبي أخليها بروحها..
أبي أروح اخذ شاور وابدل..

نوف طلعت.. وعبدالله جلس جنب جواهر.. باس جبينها وهو يقول: الحمدلله على رجعتج بيتج بالسلامة..

جواهر بعذوبة: قول الحمدلله على رجعتك أنت لي..

عبدالله وقف وهو يلف ناحية سرير ماجد: وينه الشيطان الصغير.. اشتقت له.. اليوم في البنك كل شوي تتخايل لي خدوده اللي أبي أكلهم..

جواهر حاولت تلف: خلني أشيله أعطيه لك..

عبدالله وقفها بحركة من يده: لا تتحركين حبيبتي أنتي تعبانة.. وبعدين نسيتي أنا خبرة قديمـــــ

الكلمة ماتت على لسان عبدالله.. وهي تعيد له الذكرى القاسية المرة اللي يحاول ينساها..
الذكرى اللي تعمقت قساوتها بعد تجربته في العراق.. التجربة اللي أثبتت له مرارة الحياة بعيد عن الأحبة.. (وأشلون وأنا حرمتها من عيالها 17سنة!!)

عبدالله اللي كان على وشك إنه يشيل ماجد.. تركه وراح جلس على كرسي في الزاوية..

جواهر حست بوحشة موجعة تستولي على قلبها وهي تشوف عبدالله جالس بعيد ومعتصم بصمت مر.. منكس رأسه ويفكر..

اخترق سكون عبدالله صوتها العذب وهو يناديه..رد عليها بهدوء: هلا حبيبتي.. تبين شيء؟؟

جواهر برقة: تعال عبدالله أجلس جنبي.. أبي أقول لك شيء..

عبدالله قرب وجلس جنب جواهر على السرير
جواهر حطت رأسها على كتفه.. وعبدالله حضنها بيد وحدة برقة خوفا أنه يألمها بأي صورة
جواهر مسكت كفه الحرة بيديها الثنتين بحنان بالغ
وقالت له بحزم رقيق: عبدالله أنا وأنت شفنا اللي كفانا في حياتنا..

عبدالله قاطعها بحزن: بس اللي شفتيه أنتي كان أكثر أكثر بكثير..

جواهر بعذوبة وهي ترفع يده لشفايفها وتطبع عليهم قبلات دافئة شفافة: وأنا أشوف أن اللي أنت شفته أكثر بكثير..
واحنا يعني ياعبدالله بنقيس أحزاننا نشوف مين الأكثر..
تكفى عبدالله خلاص.. احنا شفنا ماكفانا.. ماراح أسمح لك تحس بالذنب.. أو تخلي شيء يوقف بيني وبينك..
ماراح اسمح لك تعيش في أوهام ممكن تخرب علينا حياتنا

أنا من لما بديت معك حياتنا الجديدة.. وأنا رميت كل شيء ورا ظهري
أنا وأنت وعيالنا وبس.. مانبي حزن.. ولا هموم تكفى.. أوعدني عبدالله أوعدني..

عبدالله بثقة حنونة وهو يرفع وجهها ناحيته ويقرب وجهه منها: إن شاء الله حبيبتي.. أوعدج ياقلبي

جواهر حطت أصابعها على شفايف عبدالله تمنعه من إكمال اللي في باله وقالت بمرح عذب: أنا مكتفية بالوعد..

عبدالله بعمق: بس أنا موب مكتفي..

جواهر وهي تبعد شوي عنه: الركادة زينة..

عبدالله بمرح: أنتي وحركات العجايز والنفاس.. ماني بمأكلج كلها بوسة وحدة بس..

جواهر بخجل: عيب عليك عبدالله... روح يالله توكل على الله


********************



في نفس اليوم الساعة 9 بالليل

سعود وصل للبيت..
لقى أمه جالسة تتفرج على التلفزيون..
سلم ثم سأل عن البنات

أمه بتخوف: برا..

سعود بغضب: برا وين لذي الحزة؟؟

أم سعود تحاول تهديه: قريب يأمك.. في فيلاجيو وأكيد على وصول..

سعود طلع معصب وركب سيارته..دق رقم على السواق: سيد علي أنت وينك؟؟
.....................
زين ارجع البيت أنا بأجيب البنات خلاص..


اتصل على مها وقال لها تطلع عليه من عند باب كارفور..

مها قلبها رقع وهي تشوف الساعة: يمه بيذبحنا!!

التفت على الجازي ودانة اللي رماها حظها اليوم انها هي اللي تكون مرافقتهم: يالله سعود برا ومعصب.. يقول اطلعوا.. وخلا سيد علي يرجع للبيت...

دانة بارتباك غلفته بهدوء: أنتو روحوا بأكلم خالد يجيني..

مها بتوتر وهي مو حابة تحرج دانة وتجبرها تركب مع سعود: كلميه أول.. خل نشوف وين مكانه

دانة دقت الرقم: هلا خالد وينك؟؟
...................
عزبة أبو جبر في الشمال..زين أنا في فيلاجيو.. تقدر تجيني الحين..
..................
عادي أنتظرك ساعة مهوب مشكلة..

دانة بهدوء:خلاص روحوا خالد جايني..

الجازي بعصبية: أنتي مجنونة.. تبين نخليش ورانا الساعة الحين 9 وثلث.. والمجمع محلاته تسكر 10..
وبعدين احنا اللي جايبينش وانتي ماكان لش حاجة جاية عشاننا..

دانة بنفس الهدوء: كارفور والمطاعم فاتحين للساعة 12.. روحو أنا بأقعد في المصلى لين يجيني خالد..

الجازي ومها حاولوا فيها لحد ماتعبوا وهي معندة..
وسعود جننهم اتصالات عشان يطلعون عليه..

البنات طلعوا لسعود..
ركبوا.. مها قدام والجازي ورا.. وهم باين عليهم الارتباك والقلق..

سعود بعصبية: وش فيكم؟؟ بعد متأخرين لذا الحزة.. وعادكم مسوين روحكم زعلانين..

الجازي بلعت ريقها وقالت بصوت واطي: الدانة داخل ومارضت تطلع معنا.. وحنا نحاتيها..

سعود ألتفت عليها بحدة : وشو؟؟

مها بتوتر: تقول بتتنى خالد.. وخالد في الشمال.. والمجمع محلاته بتسكر عقب نص ساعة..

سعود دق موبايله وقال بلهجته الآمرة: هلا خالد... لا تجي خلاص.. دانة بتطلع مع خواتي وبنوصلها للبيت..
................
أكيد طبعا.. أنت تبي لك ساعة لين توصل بيكون المجمع سكر..
..................
ماعليك منها.. خلك مع ربعك وإزهلها..


سعود دق على دانة وهو يحرك سيارته عشان يأخذ لفة ويرجع..
دانة اللي شافت اسم سعود.. رقع قلبها بعنف حاد.. بس ماردت عليه..
ماعاد قدرت ترجع تلفونها للشنطة وهي ترتعش بعنف..
رن مرة ثانية.. وثالثة.. ولاردت..


رنة مسج:
" ردي أحسن لش"


دانة دخلت لمحل نكست أقرب محل للباب الخارجي.. ووقفت في زاوية..
رن الموبايل..
خذت دانة نفس عميق وردت بصوت مرتعش: ألو..

سعود حس بطعنة عذبة حادة موجعة في عمق قلبه وهو يسمع صوتها لأول مرة بعد طلاقهم..

"يالله وش كثر اشتاق لصوتها ولانسكاب رنينه في أذنه..!!"

تماسك سعود ورد بصوته الواثق: هلا
عشان يرجع لها نفس الطعنة وبنفس القوة..بنفس العذوبة والوجع

دانة حست إنها مو قادرة توقف وهي تسمع صوته.. دورت كرسي قريب مالقت.. تسندت على الطوفة وهي تقول: سم سعود..

سعود بنفس هدوءه: سم الله عدوش.. اطلعي أنا أتناش برا..

دانة بحرج: لا خلاص.. مشكور.. خالد جايني..

سعود بثقة: أنا كلمت خالد وقلت له لا يجي وانش بتروحين معنا..

دانة اللي استفزها تصرفه وخلاه تتماسك أكثر: مالك حق ياسعود تتصرف من رأسك..

سعود بهدوء: من غير كثرة كلام.. اطلعي يادانة قدام أعصب.. وإلا والله العظيم لانزل بنفسي واسحبش قدام العالم..

دانة اللي عارفة سعود إذا عصب وش ممكن يسوي قالت بقهر: زين زين طالعة..

نزلت شيلتها أكثر على عيونها الباينة من خلال فتحات النقاب الضيقة.. وطلعت..
شافت سيارة سعود الفيكسار الذهبية واقفة قدامها مباشرة
مارفعت عينها وهي تحط يدها على القفل تبي تفتح الباب الخلفي..

عشان تتفاجأ بيد قوية تمسك معصمها قبل تفتح الباب
يد عرفتها بقلبها قبل عينها
انبعثت كهرباء لاسعة بدأت من معصمها وانتشرت لكامل يدها لتعبر عبر سلسلة ظهرها بعنف..
وصوته الغاضب كموج بحر هائج يغرق أذنها: دانة وين بتروحين..؟؟

دانة رفعت عينها عشان تغرق في بحر النظرة الحادة الغاضبة المرعوبة..

كانت ثانية وحدة من الزمن.. لكن بالنسبة للاثنين كانت عمر كامل.. وكأن الدنيا بكبرها خلت من كل شيء

عدا شخصين اثنين يحتضنهم المشهد

هو
و
هي

العين في العين
والمعصم في اليد

والقلب يثور كطوفان هادر على وشك إغراق الأرض والحنايا والأضلاع..

دانة كانت أول المتماسكين وهي تقول بارتباك وخجل وهي تحاول تخلص يدها منه بدون فايدة
كان مطبق على معصمها بكل قوته: وين باروح بعد.. بأركب..

سعود ألتفت على سواق السيارة اللي كانت دانة بتركبها وهو يقول بنبرة احترام: سامحنا يالأخو.. نفس سيارتي القديمة والاهل تلخبطوا..

سعود قال كلمته وسحب دانة من يدها لسيارة ورا السيارة الذهبية

دانة من بين أسنانها: سعود فكني مالك حق تمسك يدي..

سعود ماكان سامعها.. من لما شافها تتوجه للسيارة اللي قدامه وكانت بتركبها ..نط من سيارته وترك الباب مفتوح عشان يوقفها.. من دقيقتها وهو حاسس بصداع مؤلم وكأنه ضُرب على رأسه فعلا من خوفه وغيرته عليها..

ظل يسحبها من يدها لحد ما وقفها قدام باب سيارته الخلفي وفتح لها الباب وركبت وهي مستغربة

(وش عرفني يعني أنه اشترى مرسيدس فورويل سوداء..؟!!)

دانة ركبت جنب الجازي..
وسعود رجع لمكانه وحرك..

الدانة كانت ماسكة معصمها مكان يده بالضبط
كأن مسكته تركت في يدها حريق ماكن

الجو في السيارة كان ساكن جدا.. عاصف جدا
وكأنه يدور بينهم شرارات كهربائية مشتعلة..

الكل ساكت..
حتى مها اللي تعودت تقلب كل شيء لمزح
كان ريقها ناشف والكلام جمد في بلعومها
الكل كان حاسس بالتيار الكاسح العابر بعنف بين المقعدين الأمامي والخلفي

دانة ماصدقت توصل لبيتها
عشان تنزل بصمت..

قبل ماتوصل غرفتها

رنة مسج
 
الجزء المئة وأحد عشر





دانة ماصدقت توصل لبيتها
عشان تنزل بصمت..

قبل ماتوصل غرفتها

رنة مسج

"آسف
والله العظيم آسف
على كل شيء ضايقتك فيه
جديد كان وإلا قديم"

دانة تنهدت بحزن غمر كل مشاعرها وأغرق روحها المثقلة.. وهي تحط الموبايل على التسريحة
وتخلع عبايتها


***************


حوالي الساعة 10 ونص في بيت عائشة

ثاني راجع من برا..

عائشة كانت تقرأ في تقارير طبية في يدها..

ثاني قعد جنبها عقب ماسلم

عائشة وعينها على التقارير: آمر..

ثاني بابتسامة: وأنتي وش عرفج أني أبي شيء

عائشة ترفع رأسها وتحط عينها في عينه: ثاني خلص علي.. أنا مربيتك
وعقب كملت بخبث: فاطمة صح؟؟

ثاني بدهشة: يمه منج..

عائشة تضحك: صار لك كم يوم وانت مو على بعضك.. وكل ماتجي تبي تكلمني تغير رأيك وتقوم
وأنا فاهمتك من أولها بس قلت خلك تتأدب شوي..

ثاني ابتسم: زين والزبدة؟؟

عائشة تبتسم: الزبدة أني سألت جواهر عنها.. ومدحتها وايد.. فأنا خذت رقم موبايل البنية
متى ما انت عزمت.. اتصلت فيها وخذت رقم أبوها

ثاني بتصميم: اشرايج تتصلين الحين..

عائشة بمرح: اللي مافينا صبر.. يمكن الوقت موب مناسب
وعقب كملت بهدوء: وممكن أعرف وش اللي غير رأيك؟؟
كنت كل ماكلمتك عن الزواج قلت موب الحين..

ثاني بهدوء: على قولت المصريين (هوا أكل وبحلئة) يعني أنتي وش لج باللي غير رأيي.. المهم رأيي..

عائشة بمودة: يمه منك.. بتاكلني... زين قشرني أول.. لا تأكلني بقشورك

ثاني بثقة ومرح: أنتي أصلا ماتنبلعين مقشرة وإلا بقشرج..
خلصيني ودقي عليها الحين وجيبي لي رقم أبوها ..


ثاني رجل القرارات السريعة
البنية عجبته من ذاك اليوم
فليش التاخير؟؟
اطرق الحديد وهو ساخن..
(وخلني أحط عيني في عينها وهي خطيبتي... واشوف حزتها هي وش يتقول؟؟)


عائشة طلعت الرقم اللي متسيف جديد عندها.. دقت

باحترام: مساء الخير
.........................
انا الدكتورة عائشة.. اللي تقابلنا عند جواهر قبل يومين..
........................
الله يسلمج ياقلبي
.................
الحمدلله
(ثاني بدأ يتوتر رغم أنه محافظ على هدوءه وبروده الاعتيادي)
................
ممكن أخذ رقم أبوج فاطمة لو سمحتي..
...............
أكيد من حقج تعرفين.. موضوع خطبة إن شاء الله
أنا اسمي عائشة بنت ناصر الـ
وأخوي اسمه ثاني وعمـ.....
(مقاطعة)
................
بس يابنتي الكلام أخذ وعطاء.. أنتي حد متكلم عليج؟؟
(ثاني حس بضيقة غير طبيعية تكتم على صدره)
(أنا وحدة تتجرأ وتفكر مجرد تفكير إنها ترفضني)
......................
زين دام ماحد متكلم عليج.. عطونا فرصة نتقدم.. وأسألوا عن الولد براحتكم...
والله العظيم موب عشانه أخوي بس ثاني ما ينتعيب بشيء.. مصلي وحافظ فرضه ومال وشباب وتعليم وشخصيــ..
(مقاطعة)
...............

زين يابنتي خذي مهلة تفكرين.. وانا بأكلمج بعدين
....................
عائشة تنتهد: أنتي شكلج متوترة ومعصبة على ثاني ليش ما أدري... ماراح أخذ بكلامج ذا المرة.. وبأعطيج فرصة تفكرين
..............
مع السلامة..

عائشة تلتفت على ثاني وهي تقول باستفهام: ثاني انت وش مسوي في البنية؟؟ البنية شكلها شايلة عليك من قلب..


*****************
 
الوسوم
منتديات. شبكة. العربية. العامة
عودة
أعلى