روايه بعد الغياااب


الجزء السادس والسبعون




في بغداد
في فندق فلسطين..
في غرفة عبدالله تحديدا..

عبدالله كل شوي يحط يده على كتف عبدالعزيز كأنه يبي يتاكد أنه موجود..



اليوم الفجر كان عبدالله على أعصابه..
خايف أن عملية التسليم يصير أي شيء يعرقلها..
وكل شوي كان يبي يفتح الباب وينزل..
في الأخير كان بيسويها وينزل.. لولا أن فاضل فتح الباب الخلفي وركب فيه اثنين بسرعة..

في الوقت اللي فاضل ركب بسرعة وقال بحزم: بدون أي انفعالات، خلونا نطلع من هاي المنطقة أولا..

ألتزموا الصمت للحظات حتى طلعوا لطريق الرضوانية الرئيسي..

عبدالله كان أول من تكلم بلهفة وهو يلتفت ورا: عبدالعزيز؟؟

عبدالعزيز انصدم وبعنف، أخر شخص توقع أنه يكون على الكرسي الأمامي... بصدمة: عبدالله!!!

عبدالله بود كبير بلا حدود وهو يمد يده للخلف عشان يحضن يد عبدالعزيز: الحمدلله على سلامتك يا بو منصور..

عبدالعزيز بفرح وهو يحضن كف عبدالله بود أخوي متسع: ماقلت لك يانصار.. ماقلت لك.. عبدالله بيسويها..

عبدالله بود: أنا ماسويت شيء.. كله بفضل الله ثم فضل فاضل..

فاضل بذات الود: أنا ماسويت شي.. أنتو ناس طيبين على مود هيج.. الله سهلها





عبدالعزيز بود وهو يشوف عبدالله كل شوي يلمس كتفه: والله أني طيب ياعبدالله.. مانقص مني يد ولا رجل..

عبدالله بود مخلوط بالعيارة: أختك كلت كبدي.. لازم أشيك عليك كامل نتأكد لا يكون ناقص شيء..

عبدالعزيز بحنان: فديتها أم عزوز.. القلب الاطيب في كل الدنيا.. أشلونها؟؟ طمني عنها؟؟

عبدالله بحب: تمام.. مشتاقة لك .. أنت اللي ناقصها وبس..

عبدالعزيز بهدوء: ومتى بنرجع إن شاء الله؟؟

عبدالله: أنا كنت حاجز على بعد بكرة.. كنت خايف إن الشغلة تطول.. لكن بما أنه أحنا خلصنا
طلبت من فاضل يشوف لنا حجز أبكر.. بكرة إن شاء الله نكون راجعين الدوحة..



*********************



دلال تراجعت بحدة لكن الحائط خلفها حجزها وثبتها..

في الوقت اللي ماجد تقدم منها وهو يسند يديه على الحائط ويحبسها في الفراغ الضيق بين ذراعيه..


دلال توترها تزايد .. في الوقت اللي ماجد قرب منها أكثر.. لدرجة أنها أصبحت تشعر بأنفاسه حارة لافحة على وجهها..
وهي تشعر بمشاعر دافئة جديدة عليها..

لكن توترها البالغ وخجلها العارم دعاها للهرب من أسر هذه المشاعر الجميل العميق..

نزلت جسدها شوي.. ثم انحنت وطلعت من تحت ذراعه..

ماجد نظر لها بتسلية وهو مبتسم وهي تطلع أكواب من الدولاب بارتباك
وقال لها بنبرة مرحة عميقة: على فكرة أنا فلتج بكيفي.. وانتي منتي بعيدة عن يدي.. حطي هالشيء في بالج

ماجد طالع من المطبخ وهو يقول لها: أنا بأطلع أخذ لي شاور.. وياريت تجهزين لي جوازج عشان أبي أقدم على الفيزا وأحجز لنا..

دلال بخجل: جوازي منتهي من سنين.. وماله داعي أنا أصلا ماأبي أسافر..

ماجد مصدوم: منتهي من سنين.. وليه ماجددتوه؟؟

دلال وطت عيونها بخجل..

وماجد يحس إن غضبه على زوجها الراحل بدأ يخنقه.. وبعنف


*****************
 
اليوم موعد طلوع دانة وسالم من المستشفى


دانة ينتظرها خبر سيشطر قلبها نصفين..


وسالم تنتظره حياته الجديدة كرجل متزوج يبدأ حياته الزوجية في ظلام رؤيته المعتم


******************



فاطمة كانت مستغرقة في النوم.. بين دباديبها وشراشفها الوردية.. رن موبايلها..
رن المرة الأولى وسفهته.. الثانية وسفهته..

الثالثة : " لحول.. مافيه حد لحوح ومزعج كذا إلا مها"

لقطت الموبايل حتى بدون ماتشوف الاسم: نعم يالدبة يالمزعجة؟؟

صوت مها المرح: مافيه دبة غيرش.. نعنبو دارش راقدة للظهر.. قومي على حيلش.. أبي أقول لش شيء

فاطمة تطالع الساعة وتقول بنعاس: فارقيني.. باقي على الآذان شوي.. أبي أنام..

مها بلعانة: مافيه ترقدين.. قومي صحصحي.. أبي أكلمش.. خلاص وش أسوي.. مناري ماعاد تسأل .. دوبها دوب ذا المستشفى.. وسالم اللي هي خنقته بغثاها..

فاطمة ضحكت بنعومة: سبحان مغير الأحوال.. اللي يشوف دعاويها عليه.. مايشوفها وهي لاصقة فيه جذيه وهو اللي يشوت فيها..

مها باستفسار: تظنين منيرة تقدر عليه؟؟

فاطمة بابتسامة: وعلى أبوه بعد..

مها بود: أشرايش نروح لها اليوم في بيتها الجديد؟؟ اليوم سالم بيطلع من المستشفى..

فاطمة بود: واي نوت..

مها بحماس: زين تجين نروح الحين السوق نشتري لها هدية معتبرة .. وعقب ورد وشيكولت.. ونروح لها دايركت عقب

فاطمة نطت من السرير: أصلي الظهر ونمشي...

مها بعيارة: وين اللي كانت من دقيقة بتموت على روحها من النعاس..

فاطمة بنفس عيارتها: وخري عاد.. هاي السوق.. السوق.. وعقب منيرة


***********************



دانة في غرفتها في بيت أهلها..
قررت تقعد عندهم يومين ترتاح وعقب ترجع بيتها..
عقب ما استأذنت سعود اللي أذن لها..

بعد صلاة الظهر بشوي.. رن موبايلها.. كان سعود
ردت بحب: هلا سعود

(كان متأمل للحظة الأخيرة إنها ممكن تقول له هلا حبيبي)

رد عليها بهدوء: هلا حبيبتي.. أنا تحت وأبي أشوفش.. ممكن؟؟

دانة برقة: أكيد ممكن... دقايق بس.. مزنة بتنزل لك.. وتطلعك توريك مكان غرفتي..

دانة أشرت لمزنة اللي راحت تلبس عبايتها.. ونزلت وطلعت سعود اللي كانت عينه في الأرض لحد ماوصل غرفة دانة..

مزنة خلته قدام الباب وانسحبت..

خذ نفس عميق.. وفتح الباب..

مع دخلته أشرق وجه دانة.. لكنها شعرت بانقباض وهي ترى وجه سعود البالغ الجدية..

سعود قرب منها وجلس جنبها على السرير.. وطبع قبلة على جبينها.. وعقب مسك يدها بدفء وأحتفظ بها بين يديه: الحمدلله على سلامتش حبيبتي..

دانة بتوتر لاتعرف سببه: الله يسلمك..

سعود بهدوء: باركي لي..

دانة بود وترقب: على شنو؟؟

سعود بذات النبرة الهادئة: علقت النجمة الثالثة..

دانة سحبت يدها من يده.. وحاوطت رقبته بيدها وهي تحضنه بقوة ورقة وتقول بفرح غامر: مبرووووك.. ألف مبروك.. ماشاء الله تبارك الله.. بس مو كنك صغير على حضرة النقيب ياحضرة النقيب؟؟

سعود بهدوء: الترقية كانت استثنائية ومفاجئة حتى لي..

(وجات في وقتها عشان تضبط سالفتي)


سعود فلت دانة بالراحة ثم طلع من جيبه ظرف.. وحطه على الكوميدينو جنب سريرها..

دانة بحذر: وش هذا؟؟

سعود بهدوء: فلوس..

دانة بحذر أكبر: ومن قال لك أني أبي فلوس...
مهري تقريبا ما أنصرف منه شيء.. من غير أني اصلا عندي فلوس.. الحمدلله الخير واجد..
لأيش ذا الفلوس؟؟

سعود بهدوء: زيادة الخير خيرين.. أنا مسافر وما أبي شيء يقصرش في غيابي..

دانة بحذر حزين: وين مسافر؟؟

سعود بذات هدوءه: بأنضم للقوات القطرية اللي في قوة حفظ السلام (اليونيفيل) اللي في جنوب لبنان..
وعلى فكرة ماحد راح يدري أنا وين بروح غيرش أنتي ومحمد..

دانة حست الخبر مثل طعنة خنجر حاد تخترق إحشائها لأبعد مدى.. وكأن روحها تبصق دما وألما مبرحا..

لكنها تماسكت وشيء معين يخطر ببالها..
سألت سعود بهدوء: وهل هذا الالتحاق باليونيفيل تكليف وإلا تطوع؟؟

سعود ارتبك من سؤالها الذكي.. وماخطر بباله انه ممكن يخطر ببالها.. رد عليها بهدوء: تكليف جاء مع الترقية الجديدة..

دانة هنا حست إنها انطعنت طعنة أعنف وأقسى وأحد
لكنها تماسكت أكثر وهي تقول بهدوء ميت: سعود ممكن أعرف السبب اللي يخليك تهرب مني؟؟ أنت تعاقبني على الجنين اللي راح؟؟

سعود بحدة: وش هالكلام يادانة؟؟ أنتي مجنونة؟؟

دانة بحزن ونبرة متماسكة: سعود أنا ماني بغبية..
أنا أعرف أن القوات القطرية اللي في اليونيفيل كلهم من قوات الأمن الخاصة (لخويا) ..
ومافيهم حد من القوات الأميرية المسلحة إلا لو كانوا متطوعين أو أصحاب تخصصات خاصة..
ومعنى كذا أنك أنت اللي تطوعت.. واتخذت الترقية حجة..

أنا ماعندي مانع أنك تتطوع.. وأكون سعيدة بتطوعك حتى لو كان شوقي بيذبحني لك..
لكن لما تروح تتطوع.. وتكذب علي عشان تروح .. وأنا في ظرفي الصحي هذا.. أفهم بوضوح أنك تبي تعاقبني..

سعود كان مذهول وهو يستمع لكلام دانة القوي المنفعل المنساب من بين شفايفها بحزن عميق..

وخلاص مايقدر يكذب عليها.. رد عليها بهدوء: ايه أنا اللي طلبت الالتحاق باليونيفيل..
لكن مهوب للسبب الغريب اللي في رأسش..
أنتي مالش ذنب في نزول الجنين عشان أعاقبش على قضاء الله وقدره..

دانة سحبت نفس عميق وتنهدت بحزن: طيب ممكن أعرف السبب..

سعود بحزم يائس: أنتي..
 

الجزء السابع والسبعون




دانة سحبت نفس عميق وتنهدت بحزن: طيب ممكن أعرف السبب..

سعود بحزم يائس: أنتي..

دانة باستنكار: أنا؟؟

سعود بهدوء حزين: أحس العلاقة بيننا متوترة ومن قبل ماتسقطين..
عدا أن... (وسكت)

دانة بنفاذ صبر: أيش ياسعود؟؟

سعود قرر يصارحها.. عشان خلاص مايترك لنفسه او لها عذر..

سعود بعمق: أحس إن مشاعرنا غير متبادلة على ذات المستوى من القوة...

دانة باستفسار: والمعنى؟؟

سعود بحزن: كم صار لنا متزوجين؟؟

دانة بترقب: حوالي شهر ونص

سعود بذات الحزن: كم مرة قلت لش حبيبتي وأحبش وأعشقش وأهواش.. وكل مصطلحات الغرام المعروفة وغير المعروفة..؟؟

دانة بتوجس: كثير..

سعود بحزن أعمق: وأنتي كم مرة قلتيها لي؟؟

دانة سحبت نفس عميق: ولا مرة..

لحظتها سعود وقف بقوة وهو يقول بحزم رقيق: وصلتي للسبب اللي خلاني أبي أهرب منش ومن لهفتي على كلمة
انتي مستخسرتها فيني..
أو مابعد حسيتي فيها..
خليني أعطيش فرصة يمكن تشوفين أني أستحقها
أو تخليش أيام البعد تحسين فيني وفيها..

دانة أعتصمت بصمت موجع ..

سعود طبع قبلة حانية على رأسها وانسحب.. كانت هي صامتة جامدة وكفيها متشابكين في حضنها

وهو يفتح الباب.. كان متمسك بالأمل للحظة الأخيرة
قال لدانة وظهره لها ووجهه ناحية الباب بصوت يقطر حزن وترقب ووجع: دانة.. خلي بالش من نفسش

بس دانة ماردت عليه بكلمة.. سعود تنهد بألم وسكر الباب وراه

في ذات الوقت اللي دانة اللي كانت متماسكة
انهار كل تماسكها.. وانهارت تبكي بكل عنف وهي تقول: غبي.. غبي.. طول عمرك غبي..


*********************



جواهر سلمت من صلاة الظهر..

وهي تصلي سمعت الموبايل يرن.. والحين قامت تبي تشوف من.. عشان ترجع تتصل عليه..
مع وصولها للموبايل..
كان الموبايل يرن مرة ثانية.. كان عبدالله هو المتصل..

جواهر لقطت الموبايل بلهفة وردت بلهفة موجعة: هاه حبيبي بشرني عنكم...

جاءها الصوت الدافئ الحنون: أنا أنفع بشارة..

جواهر صرخت بفرح مجنون يكاد يمزق صدرها: عبدالعزيز.. ياروح أختك

كانت تريد أن تبكي.. وكانت ستفعلها
لولا أنها تذكرت وعدها لعبدالله فتماسكت
وصوتها يرن بفرح خاص محلق عميق جدا: حبيبي طمني عنك.. أشلون صحتك.. أنت سليم مافيك شيء؟؟

عبدالعزيز بحنان: والله العظيم أني طيب وزين وصحتي على خير حال.. أنتي اللي أشلونج؟؟ واشلون العيال؟؟

جواهر بحنان أكبر: كلنا طيبين.. موب ناقصنا إلا شوفتكم..
حلفتك بالله: أنت طيب ومافيك ولا شيء؟؟

عبدالعزيز بود: والله العظيم أني طيب يا بنت الحلال.......... زين أبو عبدالعزيز حاسدنا في الشوي اللي كلمناج فيها.. يبيج كلج له بروحه.. خذيه كلميه..

جواهر تنهدت بعمق
في الوقت اللي سمعت عبدالله يسأل عبدالعزيز: بكت؟؟
وعبدالعزيز يرد عليه: لا ..وغريبة صراحة..

جواهر ابتسمت.. وأول ماقال لها عبدالله : ألو..
ردت عليه بابتسامة: عشان تعرف أني عند وعدي..

عبدالله بحب: كفو يا أم عزوز.. قرت عينج بسلامة عبدالعزيز...

جواهر بود كبير: وعينك..

عبدالله طلع للبكونة وقفل الباب وراه..
في الوقت اللي عبدالعزيز كان يبتسم..

عبدالله جلس على الكرسي اللي في البلكونة وهو يقول بلهفة وعمق: اشتقت لج..

جواهر بذات اللهفة العميقة: وأنا أكثر..

عبدالله بتساؤل حنون: أشلون نومج البارحة؟؟

جواهر بعيارة: نمت بعمق لأول مرة من شهر كامل.. بدون إزعاج الناس اللي كانوا طول الليل يتحركشون فيني ويزعجوني بتحرشاتهم الدائمة

عبدالله بنبرته العميقة الخاصة اللي تذبحها وخصوصا لما يهمس فيها بخفوت مثل ماهو يسوي الحين: كذابة..

مرت لحظة صمت وقلب جواهر يذوب من صوت أنفاسه على الطرف الآخر..ردت بصوت ناعم: خف علي عبدالله.. حرام عليك

عبدالله بعمق مذهل: أول خفي علي أنتي.. جننتيني..
البارحة كل شوي أقوم من النوم مثل المجنون أدور عليج..
مشتاق.. مشتاق... مشتاق.. مشتااااااااااااق
الله يصبرني لبكرة بس..

جواهر بلهفة: جايين بكرة؟؟؟

عبدالله بحب: ولو حصلت طيارة اليوم كنت جيت اليوم..
خلاص مافيني صبر..

زين حبيبتي عبدالعزيز يأشر لي.. تبين شيء ياقلبي؟؟

جواهر بعشق: سلامتك حبيبي..

عبدالله بوله: أحبج.. تذكري على طول..

جواهر بذات الحب: وأنا احبك أكثر..


*******************
 

سالم وعائلة عمه أبو علي تصل كاملة لبيت سالم..

منيرة حاسة بتوتر بالغ.. وابوها مثلها
الأثنين كارهين دخلة البيت هذا
وغصبا عنهم يدخلونه..

سارة وعلي هم الوحيدين اللي يدلون في البيت
لانهم اللي كانوا يزورون سالم فيه..

سالم وعلي وأبو علي دخلوا المجلس.. كان فيه غداء على سلامة سالم.. وبيجيهم رياجيل كثير..
في الوقت اللي أم علي وبناتها دخلوا داخل..

منيرة كانت تقدم رجل وتؤخر الثانية.. وحاسة بشيء ثقيل كاتم على روحها..

سارة مسكت منيرة من يدها بحنان: تعالي منيرة أوريج غرفتج..

منيرة كانت تفر عينها في البيت بأثاثه الراقي.. وعينها تحاول تتجنب الدرج اللي يطلع للدور الثاني..

لحد مادخلتها سارة لغرفة باين عليها التجديد الكامل.. من الصبغ للسقف للستاير للغرفة الفخمة.. والجلسة الناعمة في طرفها..

منيرة ابتسمت: ذوقس.. أشم ريحته عن بعد..

سارة تضحك: تقدرين تقولين ذوق مشترك.. أنا وسالم..

وعقب كملت سارة وهي تفتح الدواليب: أنا رتبت ملابسس هنا.. وملابس سالم نزلتهم من فوق.. ورتبتهم هنا..

منيرة في غاية التوتر.. عندها رغبة حادة في البكاء لكنها كتمتها في نفسها



******************


سعود خلص ترتيب شنطته..
شالها وتوجه أول شيء لغرفة البنات..

كانو مها والجازي قاعدين جنب بعض على سرير الجازي يتفرجون على كتالوج أزياء..

أول مادخل نطوا الثنتين باحترام وحطوا الكتالوج وراهم..

سعود بهدوء: بنات تعالو..

لما قربوا منه باس كل وحدة منهم على رأسها
وقال بحنان أبوي حازم: أنا مسافر.. ما أوصيكم في أنفسكم وفي أمكم..
أنا بأخلي فلوس مع أمي ومع محمد.. أي شيء تبغونه أطلبوه منهم..


البنات حسوا قلوبهم طاحت في رجولهم من التوصيات اللي أول مرة يقولها لهم..
رغم أنها مو أول مرة يسافر.. بس عمره ماطول في سفر أكثر من 10 أيام..

مها بتردد: وش ذا التنبيهات..؟؟ شكلك مطول..؟؟

سعود بهدوء: شهرين أو ثلاثة..

الجازي سمعت شهرين أو ثلاثة.. رجعت رمت نفسها على سريرها وقعدت عليه ودفنت وجهها بين إيديها وهي تبكي بهستيرية مريرة..

سعود قلبه انخلع وهو يشوفها تبكي بذا الطريقة..
رجع عليها وجلس جنبها وطبطب على كتفها وهو يقول بحنان: أفا.. ليش تبكين كذا؟؟

الجازي رمت نفسها على صدره وهي تشهق
سعود حضنها بحنان وقوة وهو يحس قلبه يذوب من بكاها..
الجازي بالذات ماعرفت لها أب غيره..
أبوها مات وهي عمرها سنة..
وسعود كان أبوها الوحيد اللي هي عرفت..

سعود حس بتقصيره في حقها..
صحيح إن حبه لها كبير كبير كبير..
لكن عمره ماحسسها بمدى ذا الحب..
لكن الجازي ماكانت محتاجة إنه يحسسها لأنها كانت حاسة بحنانه حتى في قسوته..

مها اللي كانت تراقب المشهد.. بدت دموعها تنسكب بصمت..

الجازي بين شهقاتها: حرام عليك سعود.. شهرين واجد تقول 3 بعد.. حرام عليك..

سعود وخر وجهها بحنان ومسح دموعها برقة: أنا طالع في مهمة.. والايام بتمر بسرعة.. وشوي وتلاقيني عندش..

الجازي وهي بعدها تشهق وتمسح وجهها بأكمامها: انا كبرت ماعادني ببزر.. تضحك علي..

سعود رجع يحضنها وهو يقول بحنان: فديت اللي صارت كبيرة..
والكبيرة خلاص تفهم وتقدر ظروف شغل أخيها
وتقول له تروح وترجع بالسلامة.. صح وإلا لا؟؟


الجازي سكتت وهي تقول بحزن: تروح وترجع بالسلامة..

سعود وقف وشاف مها البطل الصامت بدموعها الصامتة،
حضنها بحنان وهو يقول: شكلش أنتي وأختش سهرانين البارحة على فيلم هندي.. حبيتوا تطبقونه اليوم...

مها وهي تطبع قبلة على خده: الله يردك لنا سالم ياسعود.. حنا من غيرك ولا شيء.. تذكر ذا الشيء

سعود بذات الحنان المغلف بمشاعره المنطلقة بتدفق اليوم: محمد موجود وأمي.. ما أنا ماني بمتأخر عليكم..

مها بتساءل متردد: قلت لدانة؟؟

سعود حس بكهرباء تجتاحه لمجرد سماع اسمها، لكنه رد بهدوء: قلت لها..

مها بتساءل حذر: وأشلون ردة فعلها؟؟
 

الجزء الثامن والسبعون






مها بتساءل متردد: قلت لدانة؟؟

سعود حس بكهرباء تجتاحه لمجرد سماع اسمها، لكنه رد بهدوء: قلت لها..

مها بتساءل حذر: وأشلون ردة فعلها؟؟

سعود بهدوءه المعتاد: عادي...

مها باستغراب: أنت متأكد أنه عادي..

سعود بنفس هدوءه: عادي..

ثم طلع من غرفتهم بعد ماحضن كل وحدة منهم ووصاهم من جديد في أنفسهم وفي أمهم..

توجه بعدها لغرفة محمد لكن محمد كان على الغداء في بيت سالم.. أتصل فيه.. وطلب منه يرجع بسرعة..

خلال أقل من 10 دقايق كان محمد واصل جايبه خالد..

وطلع لسعود اللي ينتظره في غرفته وهو يقول برعب: عسى ماشر ياسعود؟؟

سعود كان في غاية الفرح وهو يشوف محمد طلع من قوقعته ويرجع محمد القديم..
وأحسن شيء في الأزمة اللي مر عليها من ناحية تفكير سعود أنه حلق الشعر اللي كان سعود معترض عليه

سعود بابتسامة: ليه يعني؟؟ ما أطلبك إلا وراي شر ؟؟


محمد بنفي: محشوم يابوسعيد.. بس روعتني..

سعود بمودة: بغيت أسلم عليك قدام أسافر..

محمد بمودة: وين بتروح؟؟

سعود بجدية: عندي انتداب في اليونيفيل في جنوب لبنان.. شهرين وإلا 3 وبأرجع.. بس مافيه داعي حد يدري أنا وين رايح.. اللي يسأل عني قل مسافر مع المعسكر وبس..

محمد باستغراب: وماقدرت تأجل سفرك شوي.. مرتك توها مسقطة أمس.. مهيب زينة تروح وتخليها وهي تعبانة..

سعود بهدوء: ظروف شغلي منعتني..

محمد بتردد: تروح وترجع بالسلامة..

سعود عطاه ظرف فيه فلوس.. وعطاه مفتاح سيارته عشان يستخدمها لما يفك الجبس..

سعود بود: إذا رجعت إن شاء الله اشتريت لك سيارة جديدة.. بس تكون خلصت الامتحانين الباقية ونجحت..

محمد حضنه وهو يقول: إن شاء الله

المحطة الأخيرة كانت أم سعود اللي قطعت قلب سعود بالبكاء رغم أنه ماقال لها وينه بيروح..

عطاها الفلوس.. ووصاها في البنات والبيت ومحمد.. ووصاها كثير في دانة..



***********************



ماجد ودلال كانوا يتغدون في مطعم برا..

ماجد حب أنهم يطلعون من البيت.. من بعد تهوره اليوم في المطبخ.. وهو حاس أنه خلاص مافيه صبر

بس هو مايبي يخوف دلال منه.. فقال خلنا نطلع شوي
وجودنا بين الناس بيحميها مني..

رن تلفون ماجد.. طالع الاسم.. وابتسم
- حيا الله الغالي..
- الله يحي عريسنا.. صباحية مباركة ياعريسنا على قولت العجايز..
- الله يبارك فيك طال عمرك..
- مبسوط يابو فيصل في القفص؟؟ ( عبدالله بعيارة)
- والله لو أدري ذي حلات القفص.. كان قلت أحبسوني من زمان.. (ماجد يضحك)
- الله يونسك بالعافية.. ويطول عمرك في الطاعة..
- متى جاي؟؟
- بكرة إن شاء الله.. بس تراني ما أبي أشوف وجهك ولا أسمع صوتك إلا عقب أسبوعين على الأقل
- ومن قال لك أني أصلا أبي أطل في وجهك وإلا أسمع صوتك.. خلاص راحت عليك طال عمرك.. أنت الحين سكند هاند..
- لنا الله (عبدالله يضحك) يالله رخص لنا الله يحفظك.. مع السلامة..
- مع السلامة..

ماجد ابتسم وهو مقدر بعمق أخوي غامر اتصال عبدالله فيه.. رغم انه مسافر في شغل.. وما لهاه شغله عنه..

(وليتك تدري يا ماجد وين شغل عبدالله؟؟؟)


************************
 

دانة من لما طلع سعود من عندها وهي موتت روحها من البكاء.. والنحيب والشهيق.. بكل الأنواع والمستويات..

ومزنة تحاول تهدي فيها لحد ماهدت شوي.. وقالت لمزنة: مزنة أنا ما أبي حد يدري بحالة البكاء هذي..

مزنة بحنان: إن شاء الله.. بس أنتي أرحمي نفسش شوي.. البكاء مهوب زين لش.. توش سقطتي أمس..

وهي تتكلم مع مزنة رن موبايلها رنة مسج..

" أنا طالع الطيارة بعد شوي
أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
خلي بالك من نفسك
وياليت تطلين على أمي وخواتي"

دانة حست برغبة عارمة في البكاء..
لكن خلاص تعبت من البكاء
الحين آوان الفعل..

(تبي تهرب مني سعود.. زين..
بس وين بتروح مني؟؟ وين)

دانة يرتسم في رأسها موال مجنون ردا على موال سعود..


*******************



ماجد ودلال راجعين من بعد ماتغدوا برا..

وماكان يبي يرجع للبيت.. لولا إنها قالت إنها تعبانة وتبي ترتاح شوي.. وفعلا هي كانت قايمة بدري واشتغلت كثير اليوم..

بس مر ماجد أول جاب شغالتها من بيتها..
وعقب رجعوا لبيته..

طلعتهم مع بعض كانت لطيفة وممتعة وفرصة لفتح باب للحوار وإذابة الثلج بينهم..
ماجد كان يستدرج دلال بذكاء إنها تتكلم..
تكلمت كثير عن أبوها الله يرحمه.. وتكلمت عن مدرستها وطالباتها.. وتشعب الحديث لمواضيع مختلفة

بعد مارجعوا..

دلال دخلت تأخذ شاور بعد ماصلوا العصر.. في الوقت اللي ماجد قعد يشوف التلفزيون..

دلال كانت تعبانة موت تبي تنام
لبست بيجامتها الحرير القرمزية.. وفوطتها بعدها على رأسها..
وتوجهت للسرير مباشرة..

لولا أن توجهها المباشر قطعه جسد صلب وقف في طريقها فاصتدمت فيه..
دلال بلعت ريقها وهي تشوف ماجد واقف قدامها
(هذا متى لحق وصل هنا؟)

ماجد بصوت عميق: ليش مستعجلة؟؟

دلال وهي تنزل رأسها عشان ماتجي عينها بعينه: أبي أنام..

ماجد سحب فوطتها من شعرها.. وتناثر شعرها المبلول على وجهها وظهرها

ماجد قرب منها وسحب نفس عميق من رائحة شعرها المبلول

دلال بخجل: ماجد تكفى وخر عني..

ماجد بعمق مرح: في فن المفاوضات قدم شيء للحصول على شيء..
يعني تبيني أخليج تنامين قدمي لي مقابل..
وانا ما أبي إلا شيء بسيط جدا..

دلال بحذر: وشنهو هالشيء؟؟

ماجد بخبث: بوسة.. بس بوسة وحدة.. شفتيني أشلون قنوع!!

دلال تراجعت بعنف وهي تقول بخجل بالغ: بوسة؟؟ أنا؟؟

ماجد باستغراب: دلال أنتي على هالخجل المرضي اللي عندج.. متأكدة أنج تزوجتي قبل؟؟



****************



سالم وصله الخادم اللي كان أصلا عنده البيت..
لحد باب البيت الداخلي من المجلس الخارجي..

سالم وقف على الباب وهو يحس انه تعبان يبي حد يتسند عليه لين يوصل لغرفته يرتاح..

نادى بصوت عالي: سارة.. سارة..

منيرة كانت في غرفتها ترتب شوي والباب مفتوح..
أول ماسمعت صوته..نطت تركض له

لقته واقف متسند على الطاولة اللي عند الباب.. وشكله تعبان..

منيرة جات بسرعة ومسكت يده اليمين وهي تقول : لبيك..

سالم نفض يده من يدها وهو يقول بقسوة: أعتقد أني قلت سارة ماقلت منيرة..

منيرة تراجعت بهدوء وهي تقول: سارة راحت البيت وبترجع بعد المغرب عشان تقابل صديقاتي اللي بيجون يباركون لي..
إذا أنت تبي تنتظرها للمغرب براحتك..

سالم مارد عليها وحاول أنه يدخل بنفسه بس ماقدر يتسند على رجوله اللي بعدها ماتعودت على الحركة..

منيرة حست أن قلبها يتكسر من شكله
بس ردت عليه بصوت هادئ: إذا انت ماتبي تتعنز علي.. تبي أنادي العامل الهندي اللي عندك؟؟

سالم بغيرة حاول يخبيها بس ماقدر: وأخليه يدخل عندس في البيت.. لا خلاص أنتي تعالي عنزي لي..

منيرة قربت منه وحطت يده اليمين على كتفها..بينما يدها اليسار تحتضن ظهره

شعور القرب الأول كان ملبس.. لذيذ.. ومؤلم لكل منهما

إحساسه بنعومة كتفيها.. وإحساسها بصلابة صدره..

سالم بصوت خافت حاول يخبيء فيه انفعاله من إحساسه بقربها: أنتي على رشاقتس الزايدة ذي تبين حد يعنز لس

منيرة برقة: ماعليك رشاقة بس مغلفة بالعضلات..

سالم كان نفسه يرد عليها رد رقيق نابع من طبيعته، لكنه ماحب يعطيها مجال: ياشين الملاغة.. وصليني وأذلفي..

منيرة بنفس النبرة الرقيقة كأنه كان يغازلها مو يسبها: إن شاء الله حبيبي..

حست بجسده يتصلب وهو يقول بغضب: أنا كم مرة قلت لس حبيبي ذي لاعاد أسمعها منس..

منيرة بنفس هدوءها وهي خلاص توصله للسرير: وأنا قلت لك ردي.. بأقول حبيبي على كيفي..

سالم بنفس نبرة الغضب: ياقو وجهس.. وجهس هذا مغسول بمرق.. مافيه حيا..

منيرة ماردت عليه.. جلسته بالراحة على السرير.. ثم نزلت وجلست على الارض عشان تخلع الجزمة والجوارب..

سالم حس بحركتها عند رجله.. وقفها بحركة عنيفة من يده: وش تسوين؟؟

منيرة بهدوء: أبي أخلع جوتيك..

سالم بغضب: أنا أعمى بس ماني بمكسح..

منيرة بذات الهدوء: أنا عارفة.. بس أنت الحين يدك اليسار معلقة برقبتك.. ويد وحدة ماهيب مساعدتك..
خلني أساعد الحين لين تفك الجبس.. وعقب ماني بجاية جنبك..

سالم بنفس الحدة: ولو.. دام أنا ماطلبت منس شيء.. لا تجين جنبي ولا تلمسيني..

منيرة تراجعت رغم أنها بتموت تبي تخلع جزمته وثوبه عشان يرتاح.. وخصوصا أن هذا أول يوم له برا المستشفى..
لكنها تركته براحته..

سالم بدأ محاولاته المؤلمة لخلع جزمته..

منيرة عشان ماتحرجه .. قالت: أنا بأروح المطبخ.. تبي شيء؟؟

سالم بحدة: يكون أحسن إذا ذلفتي وقعدتي في المطبخ على طول

منيرة ماطلعت تراجعت لاقصى الغرفة قريب من الباب
ووقفت.. عشان مايحس بصوت تنفسها..

سالم عانى وهو يخلع جزمته بيد وحده.. الأمر كان يمكن يكون سهل لولا أن رجوله أصلا تؤلمه.. وصعب عليه يرفعها..
في نفس الوقت اللي صعب عليه ينحني مع الجبس اللي في يده اليسار..

حاول لوقت طويل لحد ماخلعها..
وعقب رماها من الحرة والقهر اللي فيه بكل كل قوته..

لتضرب بشكل مباشر وعنيف جدا جبين وطرف عين منيرة اللي كانت واقفة عند الباب..
 
الجزء التاسع والسبعون




سالم عانى وهو يخلع جزمته بيد وحده.. الأمر كان يمكن يكون سهل لولا أن رجوله أصلا تؤلمه.. وصعب عليه يرفعها..
في نفس الوقت اللي صعب عليه ينحني مع الجبس اللي في يده اليسار..

حاول لوقت طويل لحد ماخلعها.. وعقب رماها من الحرة والقهر اللي فيه بكل قوته..

لتضرب بشكل مباشر وعنيف جدا جبين منيرة اللي كانت واقفة عند الباب وطرف عينها..

منيرة أطلقت صرخة مكتومة..

سالم نط واقف: منيرة وش فيس؟؟

منيرة وهي تحاول تقول بصوت متماسك: خوش استقبال سلوم.. أنا داخلة جاية من المطبخ.. لقيت جوتيك طاير صوب وجهي..

سالم حاول يمشيء صوبها وهويقول لها بتوتر: أنتي بخير..

منيرة وهي تحاول تمسك وعيها: سالم الله يهداك..مافيني شيء.. الضربة بسيطــــ

لكن الضربة ماكانت بسيطة..
جزمة رجالية رسمية بكعب قاسي.. الكعب ضربها بشكل مباشر في وجهها.. والضربة كانت قوية جدا.. ومنيرة بعد لها يومين ماكلت شيء تقريبا..

فحاصل جمع كل الاحداثيات السابقة

أغمي عليها..

سالم بنفس النبرة المتوترة القلقة: منيرة وش فيس سكتي؟؟

بس منيرة ماردت عليه..

سالم وقلقه يتزايد: منيرة.. منيرة.. منيرة..

سالم إحساسه بالاتجاهات مازال ضعيف.. حاول أنه يمشي لناحية الباب.. لانها كانت جاية من المطبخ (مثل ماهي تقول)

سالم كان يمشي بشويش ويتحامل على رجوله اللي تصرخ ألم.. وهو متوجه للباب..
حتى حس أنه تعثر بشيء لين عند أقدامه.. انحنى بشويش وهو يتحسس..
كان جسد منيرة

سالم حس قلبه نط في بلعومه من الرعب والخوف عليها..

صار يحسس عليها بالراحة وهو يناديها بصوت موجوع..

رحلة اللمس عنده بدأت من بطنها.. لكن بما أنها فقدت وعيها
فأكيد الضربة كانت في رأسها..
ظلت يده اليمين المرتعشة بتزايد مع تلمسه لجسدها تصعد شوي شوي.. حتى وصل وجهها وهو يتحسس بالراحة..
حتى احس بملمس أشبه ببيضة ضخمة في جبينها المنطقة الملاصقة للعين..

سالم حس بالقهر المر.. والعجز القاتل.. لأنه مايقدر يسوي شيء..
حتى الموبايل مايعرف وينه عشان يدق على أي حد..

إحساسه بالعجز مزق روحه ألف مره في كل ثانية..
وهو يحاول يدعك مكان الضربة.. وينادي منيرة بحنان

منيرة صدر عنها آهة ألم وهي تحسس جبهتها لتتلاقى يدها مع يد سالم في نفس المكان..وتنتفض اليدان..
منيرة قالت بمرح متعب: سالم خلي بيضتي في حالها لا تفقشها علي..

سالم بقلق بالغ حاول تغليفه بالهدوء: أنتي بخير..؟؟

منيرة بهدوء متألم: بخير والله أني بخير.. قلت لك الضربة بسيطة

سالم بألم: كل هذي وبسيطة!!.. أنا أسف.. مادريت أنس جايه ولا وين الجوتي رايح..

منيرة بهدوء: عادي يا بن الحلال والله ماصار إلا الخير

سالم بغضب: لا مهوب الخير.. أنا ما أبيس يا بنت الحلال تقعدين عندي.. فارقيني لبيت هلس.. واللي يرحم والديس..

منيرة بلعانة رغم ألم رأسها المدمر: ويوم الناس يشوفوني راجعة بيت هلي من أول يوم.. وش بيقولون علي؟؟ وش بيقولون على عمك فالح؟؟ نهون عليك ياسلومي..

سالم وقف وهو يقول بحدة: أنا وش سويت في حياتي عشان ربي يعاقبني فيس.. مهوب كفاية علي العمى.. تجين أنتي فوقه..

منيرة بهدوء وهي تقوم متحاملة على نفسها: تبيني أوصلك سريرك؟؟



**************



ماجد باستغراب: دلال أنتي على هالخجل المرضي اللي عندج.. متأكدة أنج تزوجتي قبل؟؟

دلال بحرج قاتل: تزوجت.. بس.. بس

بس

ما انلمست..

ماجد تراجع بعنف وبصدمة: وش تقصدين؟؟

دلال ميلت وشالت فوطتها من الأرض.. كحركة لنزع التوتر.. حطتها على جنب..
ورجعت تجلس على السرير وهي تقول بخجل مميت: ماجد أنا ما قصدت أقصر في حقك..
بس اللمسة الرجولية الرقيقة والمختلفة غريبة علي..
أنا ست سنين ماعرفت من اللمسات الله يرحمه إلا الضرب..
أنت عارف أنك أول حد يبوس يدي أمس..
عمره في حياته ماباسني ولا بأي صورة.. ولاقرب مني بأي شكل..

ماجد حس بانفعال جارف عميق مفرح إلى درجة الوجع
يجتاحه بعنف كطوفان هادر وهو يشكر بألم موجع الله سبحانه اللي حافظ عليها من أجله..
كلها له..كلها له كما شعر من البداية
هو الرجل الأول في كل شيء..
جسدها الطاهر كان ينتظره هو..
ليكون هو من يحضى بالقبلة الاولى
واللمسة الأولى
والأنفعال الأول
الآن علم لما شعر بعنف انها ملكه.. ولابد أن يحضى بها
ولما خطط على إجبارها من الزواج منه..
لأنه هو رجلها الأول والوحيد.. في ذات الوقت الذي كانت هي أنثاه الاولى والوحيدة..
للمرة الأولى يحس أنه راضي عن زوجها وغصبه ناحيته يتلاشى
(كفاية أنها ماجاء جنبها وتركها كلها لي
ماقدر يلمسها لأنها لي أنا
وحتى وهي عنده.. كانت لي
وتنتظرني.. أنا وبس)


ماجد جلس جنبها.. وحضنها بعنف حاني عميق هادر مختلف
وهو ينثر قبلاته المشتاقة على وجهها..
بكثافة.. بحنان.. برغبة..

دلال بعد ماصارحته بكل شيء حست إن الحاجز اللي بينهم انهار..
حاجتها لماجد كانت اكبر من حاجته لها..
كانت محتاجة وبشدة لرجل بمعنى الكلمة.. بعد عاشت ست سنين في قهر موجع.. بالقرب من مسمى رجل

أستكانت دلال على صدر ماجد وهي تشعر براحة نفسية عميقة وامان ماشعرت بمثله طوال عمرها



*****************
 

عبدالله وعبدالعزيز ونصار وفاضل في مقهى على على نهر دجلة..
الجو كان شديد البرودة.. والشمس في أضعف حالاتها..
شمس الأصيل.. بعد العصر وقبل المغرب

كلهم كانوا يلبسون ملابس ثقيلة وجاكيتات.. عدا عبدالله اللي كان مكتفي بثوبه الشتوي..

فاضل بود: مايصير هيج بوعبدالعزيز.. برد دجلة هوايا
مضر..

عبدالله بنفس الود: بالعكس أنا شايف إن الجو منعش ولطيف..

عبدالعزيز وهو يرتعش: وش منعش ياعبدالله.. أنا قربت أصير قالب ثلج

الثلاثة المتمترسون خلف جاكيتاتهم استمر بينهم الحوار

بينما عبدالله أعتصم بالصمت وهو يعبث بموبايله..

كان يبعث مسج لجواهر كعادته المتكررة كلما غلبه شوقه لها:


"أتذكر كل شيء فيكِ بألم موجع
مبرح.. سرمدي..
همس صوتكِ الذائب في حناياي
سحر عينيكِ وأهدابكِ المتماوجة الذي أغتال قلبي
رائحتكِ التي سكنت خلاياي
طعم شفتيكِ الغافي بين شفتي
ملمس بشرتكِ الساكن بين أصابعي

كل هذا الذي يذكرني بكِ
يصبرني عن فراقكِ مرة
ولكنه يعود
ليقتلني ألف مرة

أحبك"



*********************



ماجد يصحي دلال بحنان.. يهز ذراعها برقة: حبيبتي المغرب أذن قومي تسبحي عشان تلحقين الصلاة..
أنا تسبحت خلاص.. وبأروح المسجد..

دلال كانت تنظر له برقة.. في الوقت اللي هو كان ينظر لكفه الغافية على ذراعها العاري ويقول بمرح: الحين عرفت ليش دايما يقولون حليب بالشيكولاته.. هذا انا وانتي..

دلال بعذوبة: لا ماجد حرام عليك انت أصلا موب أسمر عشان تقول كذا..

ماجد بعيارة: أنتي بلونج الفارق فيني.. خليتني أبو السمار وامه..

دلال برقة: إذا كذا.. خلاص سمارك يجنن..

ماجد بخبث لطيف: يمة منكم يالحريم.. الحين الصبح خايفة مني.. المغرب تغازليني..



*******************



بعد المغرب في بيت سالم..

سالم متمدد في غرفته..

في الوقت اللي منيرة وسارة ومها وفاطمة في مجلس الحريم..

طبعا الكل استلم منيرة على البيضة المتضخمة في جبينها واللي أثرت على عينها وخلت عينها متسكرة بالمرة..

منيرة قالت لهم أنها طاحت في الحمام على زاوية المغسلة..

سارة كانت تبي توديها للمستشفى بس هي مارضت.. قالت بعند: رضة بسيطة وبتفش..


عقب سارة أستأذنت منهم عشان تشوف سالم

مها وفاطمة بنفس واحد أول ماطلعت سارة: ها منور وش مسوية مع سويلم؟؟

منيرة بخجل: زين..

مها بعيارة: عاده يشوتش..

البنات طبعا عارفين بمخطط منيرة بالتفصيل الممل..

منيرة بعيارة: أبو التشويت وأمه.. بس والله ما أخليه..أسبوعين بالكثير واخليه يستوي..

فاطمة بخبث: منتي بهينة يامناري..

منيرة برقة: لا والله مهوب أنا اللي ماني بهينة.. لكن سالم هو اللي طيب زيادة عن اللزوم

مها حطت يدها على قلبها وهي تقول باللهجة المصرية المتقنة: يالهوي.. يالهوي.. مش ئادرة.. أمسكيني يابت يافَطنه.. الست منيرة هتشجينا دلوئتي..

فينك ياست سومه (وهل رأى الحب سكارى مثلنا)؟؟
عظمة ياست!!
بس خلاص الست منيرة بت فالح هتئفل السوق عالكل

منيرة خذت الكوشية اللي جنبها ورمتها على مها.. لكنها وقعت في فاطمة..

فاطمة تضحك: ماعليج شرهه يالحولاء.. تبين تضربينها تجي فيني..

الحوار المرح الودي المعتاد يدور بين الصديقات الثلاث


في الوقت اللي سارة دخلت على سالم.. اللي كان متمدد بس ماكان نايم..

سارة كلمته بشويش: سالم..

سالم رد بهدوء: هلا سويره..

سارة بحنان: أشلونك فديتك؟؟

سالم بحزن: طيب لو أن أختس تفارقني..
 
الجزء الثمانون




سارة بحنان: أشلونك فديتك؟؟

سالم بحزن: طيب لو أن أختس تفارقني..

سارة برعب: منيرة مضايقتك في شي..

سالم بنفي: بالعكس أنا اللي مضايقها.. تكفين سارة خليها تروح معس..

سارة بود: حتى لو قلت لها ما أعتقد إنها بتوافق..

سالم بحزن: شفتي جبهتها.. أشلون وضعها؟؟

سارة بتأثر: صحيح الضربة قوية ومأثرة على عينها بس هي مارضت تخليني أوديها للمستشفى

سالم برعب: مأثرة على عينها؟؟ أشلون؟؟

سارة بتوتر: عينها متسكرة.. بس أنا بعد أعتقد أن هذا من أثر الرضة.. وبكرة بيروح.. الطيحة على زاوية المغسلة مهيب هينة..

سالم بصدمة: هي قالت لكم أنها طاحت على زاوية المغسلة؟؟


سارة باستغراب: إيه..

سالم بحزن: بس هذا مهوب سبب الرضة..

سارة باستغراب أكبر: عجل وش السبب؟؟

سالم بحزن: أنا ضربتها..

سارة نطت وقالت برعب وغضب: أنت ياسالم ضربتها بذا الوحشية..؟؟ كنت بتروح عين البنية.... والله.................

سالم قاطعها بهدوء: اسكتي أقول لس.. عشان تعرفين أن قعاد منيرة معي ضرها جسديا وضرني نفسيا

سالم حكى لسارة.. سارة ماتت من الضحك وهي تتخيل الجزمة الطايرة لوجه منيرة (تأثيرات بوش وحذاء منتظر اليزيدي)

لكنها قالت بحنان: فديتها مناري والله ماتستاهل..

سالم بحرة: يعني أنا أسولف لس.. وأنتي ميتة على روحس من الضحك..
يابنت الحلال تكفين أخذي أختس معس وأنتي رايحة بيتكم..

سارة بجدية: صدقني سالم مهيب موافقة.. اللي خلاها توافق تدخل بيتك وهي مرعوبة منه مستحيل يخليها تطلع منه..
هي بس مو مرعوبة هي ميتة من الرعب..
ومع كذا هذي هي هنا
يعني مهما أنا حاولت فيها صدقني مهيب سامعة لي

سالم تذكر إن سارة قالت له إن منيرة متخوفة من البيت عشان الغرفة اللي فوق..
بس ماقالت له مرعوبة.. لا وميتة من الرعب بعد!!!!

(زين يامنور... يعني مرعوبة؟؟
إذا ماخليتس تهجين من البيت الليلة
ما أكون ولد مبارك)



*****************



جواهر كانت تعيد ترتيب غرفة ولدها عبدالعزيز وملابسه

كانت تبي شيء تفرغ فيه طاقة الفرح اللي هي حاسة فيها
بسبب رجعة عبدالله وعبدالعزيز بكرة
الرجعة اللي قررت ماتقول لأحد عنها لحد مايرجعون
عشان تكون مفاجأة رائعة للكل..

عبدالعزيز طالع مع ربعه..
وجواهر أصرت على نوف ترتب معها..
نوف تحلطم: يعني هو يطلع مع ربعه يستانس.. وأنا أقعد أرتب غرفته.. في أي قانون الظلم هذا؟؟

جواهر بحزم: في قانوني أنا.. وما أبي أسمع كلمة..

نوف بدلال: خلاص جيجي لا تحمقين..

موبايل جواهر رن.. وكان لنوف أقرب وجواهر لاهية ترتب الكتب في المكتبة..

جواهر لنوف: ردي حبيبتي.. شوفي من؟؟و وش يبي؟؟

نوف لقطت الموبايل، كان رقم بدون اسم: آلو..

الصوت الرجولي العميق اللي يتكلم بنبرة احترام بالغة: مساج الله بالخير يا أم عبدالعزيز..

نوف بأدب: هلا.. من؟؟

الصوت الرجولي: أنا راشد .. ماعرفتيني طال عمرج في الطاعة..

نوف باستفسار: أي راشد؟؟

راشد استغرب الصوت: أنا أسف على الازعاج.. هذا رقم أم عبدالعزيز ؟؟

نوف بادب: نعم .. تبيها؟؟

راشد وهو يتذكر الصوت لمن وسالفة (صف أولى جامعة ياعمي) تعود لمخيلته بكل حرج: إذا ممكن أكلمها؟؟

نوف وخرت الموبايل عنها وهي تقول بنبرتها المحببة المعتادة بدلعها الطبيعي: مامي .. واحد اسمه راشد يبيج..

جواهر كان كل بالها مع أشياء لقتها في وسط أغراض عبدالعزيز.. خبتها بسرعة قبل تنتبه لها نوف..
وهي تقول بجدية : إذا كان راشد الـ رفيق خالج.. قولي له بأكلمه أنا بعد دقيقة ..

نوف رجعت الموبايل لأذنها وهي تقول بأدب لطيف: أنت راشد الـ رفيق خالي...؟؟

راشد بأدب أكثر وحرج أكبر وأكبر: أيه نعم..

نوف تذكرت مثل اللي انضربت على رأسها..
أنه هذا هو اللي كان السبب في اصرار أمها على أنها تلبس النقاب
تذكرت السالفة وحست بحرج كبير: زين أمي تقول أنها بتكلمك بنفسها بعد دقيقة..
سكتت نوف ثواني وقالت بخجل كبير: وأنا أقول لك أنا أسفة على اللي صار في فيلاجيو قبل شهر.. ماكان قصدي أحرجك

وسكرت نوف الخط فورا..
لكن بعد ماتركت أثر غائر في نفس راشد النقية.. كمل على الأثر السابق يوم اللقاء في فيلاجيو


***************
 

دانة ومزنة يتحاورون..


دانة كانت هادئة جدا
في نفس الوقت اللي مزنة معصبة وغاضبة ومستثارة لأبعد حد: دانة أنتي أكيد مجنونة.. هذي أفكار مجانين..
يعني عشان سعود سافر في مهمة .. تسوين الجنون هذا..

(دانة ماقالت لأحد سعود وين راح تنفيذا لطلبه منها)

دانة بهدوء: مزنة على فكرة أنا أبلغش بقراري ما أخذ رأيش..
وإلا يعني عشان تخرجتي من الجامعة.. صار لش حق تطولين لسانش على أختش الكبيرة..

مزنة بعصبية: يابرودش.. والله لو يدري سعود باللي أنتي ناوية تسوينه أنه يقصبش مثل الذبيحة..


*****************



جواهر طلبت من نوف تروح تجيب لها كأس شاي من تحت
عشان تشغلها لحد ماتخلص التدقيق في الأغراض اللي لقتها بين أغراض عبدالعزيز
وفاجأتها..

نوف نزلت..
جواهر قررت أولا تتصل براشد قبل تنسى..

راشد كان يبي بس يتطمن على أخبار عبدالعزيز
جواهر ماقالت له شيء لكنها طمنته.. وقالت له قريب بتسمع أخبار بتسرك جدا..

بعدها رجعت للأغراض اللي كانت خبتهم..
وطلعتهم..


**************


الليل أتى..

والليلة ليلة مختلفة.. تحمل صدىً لمشاعر مختلفة متباينة

الليلة الثانية لجواهر وعبدالله وكلاهما يعاني الشوق القاتل

الليلة الأولى لعبدالعزيز بعد الحرية من الأسر..

الليلة الأولى لسعود خارج قطر حيث أنفاس دانة تعبق

الليلة الأولى لدانة وإحساس الفقد الموجع

الليلة الأولى لشهر عسل لذيذ لماجد ودلال

الليلة الأولى لسالم ومنيرة في حياتهما الجديدة

الليلة الأولى والثانية لقلوب رجالية شابة أذابها التلامس الأول مع الوجود الأنثوي الناعم..
الأولى لراشد والثانية لخالد..
في الوقت الذي لم يكن لمشاعرها أي صدى مشابه لدى الطرف الآخر: نوف والجازي
اللتان تجاوزتا الموقفين ببساطة.. واعتبرتاه موقفا عابرا..

بينما اعتبره الشابان موقفا حادا ترك أثره الحاد في قلوب لم تعرف الحب بعد

(راشد وخالد كلاهما في الثانية والعشرين..
راشد كان الفصل المنصرم أخر فصل له في الجامعة وينهي إجراءات تخرجه

خالد بعد أن ينهي امتحاناته المتاخرة.. يكون تبقى عليه الفصل القادم ومادة واحدة في فصل الصيف ويتخرج

كلاهما يتمتعان بمستوى طيب خلال دراستهما الجامعية
راشد تخرج بتقدير جيد جدا
وخالد يتوقع أن يتخرج بجيد جدا أو جيد مرتفع

خلافا لمحمد الذي أطال في الجامعة وسيتخرج إن شاء الله بتقدير جيد
وهو يرفع أكف الشكر لله سبحانه الذي نجاه من الجامعة)



الليلة أيضا ليلة اكتشاف جواهر النسبي لسر عبدالعزيز الصغير ..


بعد أن أنهت جواهر اتصالها براشد.. عادت للأغراض المخبأة في ظرف تحت ملابس عبدالعزيز..

كانت مجموعة من الصور لطلاب مدرسة عبدالعزيز..

الصور تبدو كما لو كانت في تجمع طلابي ما..

ويبدو أن عبدالعزيز هو من كان يصور لأنه لا يظهر في أي صورة

حتى الآن الموضوع اعتيادي..
فما الذي أثار قلق جواهر بشأن هذه الصور؟؟
 

الجزء الحادي والثمانون..




بعد أن أنهت جواهر اتصالها براشد.. عادت للأغراض المخبأة في ظرف تحت ملابس عبدالعزيز..

كانت مجموعة من الصور لطلاب مدرسة عبدالعزيز..

الصور تبدو كما لو كانت في تجمع طلابي ما..

ويبدو أن عبدالعزيز هو من كان يصور لأنه لا يظهر في أي صورة

حتى الآن الموضوع اعتيادي..
فما الذي أثار قلق جواهر بشأن هذه الصور؟؟


ما أثار قلقها الوجه اللي كان حاضر في غالبية الصور
وفي أحيان كثيرة كانت الصورة مركزة على هذا الوجه بالذات
وكأن البقية مجرد ظل لهذا الوجه..

عدا عن صور أخرى ألتقطت لهذا الشخص في ذات المناسبة وهو لاهي بالحديث مع باقي الطلاب أو الأكل أو حتى الصمت والسرحان..

كان هذا الشخص

هو

ديمة


في حوار جواهر الأخير مع عبدالعزيز حول هذا الموضوع مارسّاها على بر..

قال لها: لو أنا أحمل مشاعر لديمة.. تاكدي إنها بتظل حبيسة صدري وماراح تطلع بأي شكل من الأشكال..

الصور هذي الحين تثبت مشاعر عبدالعزيز الخاصة ناحية ديمة..

جواهر عندها ثقة في عبدالعزيز.. وماتبي تعامله كطفل

ومادام هو وعدها أنه يحافظ على حدود العلاقة بينه وبين ديمة..
فهي ماتبي تتصرف لحد ماتشوف إنه أخل بهذا الوعد..
لأن جواهر بمنطقيتها وعقلانيتها.. تعرف أن المشاعر لا يمكن التحكم فيها..
لكن التصرفات بلى.. يمكن التحكم فيها
وهي ماتقدر تحاكم عبدالعزيز على مشاعره دامها بقلبه.. لكن لو تطورت المشاعر لتصرف.. هنا تكون المحاسبة


عشان كذا جواهر قررت ترجع الصور لمكانها
وماتقول لعبدالعزيز شيء.. لأنه لحد الحين ماكذب عليها في شيء.. هو ما أنكر أنه يحبها لكنه وعد الاحتفاظ بمشاعره لنفسه..
لكن جواهر من ناحية ثانية قررت إنها تشدد رقابتها عليه بدون مايحس..


*********************



البنات كلهم راحوا لبيوتهم..

ومنيرة رجعت لسالم..

كان سالم نايم..

منيرة كانت حزينة أنه نام بدون مايتعشأ..

كانت تبي تصحيه بس خافت يعصب عليها..

وماعرفت أن نوم سالم رحمها من مخططه الشرير لتخويفها
عشان يجبرها على الرجعة لأهلها..

منيرة مادرت وين تنام..

كانت بتموت من التعب وعينها ورأسها بينفجرون من الألم..

كلت حبتين بروفين ولبست بيجامتها وقررت تفرش لها فراش تحت قريب من سالم.. عشان لو صحا في الليل تحس فيه..

ونامت على طول من شدة التعب


**********************



ماجد ودلال راجعين من برا..

دلال دخلت للحمام تبدل...

في الوقت اللي ماجد أتصل على نجلاء.. لأنه لقاها متصلة عليه كم مرة.. وتلفونه كان على الصامت..

أول ماردت نجلاء.. كانت كلمتها الأولى بعيارة: نعنبو دارك نسيت أختك.. عشرين اتصال ماترد علي..

ماجد بنفس عيارتها: وأختي ليش ماتستحي على وجهها.. دقت مرة مرتين عشر.. ماحد رد عليها
المفروض تحترم نفسها وتلقط وجهها وتعرف إنها وحدة أذوة وغير مرغوب فيها...

نجلاء: عدال يامجود.. عدال.. لنا الله.. بس خلك من البربرة.. مبسوط؟؟ مرتاح؟؟

ماجد بعمق: طاير من الوناسة..

نجلاء بسعادة: الله يونسك بالعافية.. أنا أصلا كنت أقول أمي داعية لك اللي طيحك حظك في دلال..

ماجد بغموض: ولو تعرفين.. كان دريتي إنها دعت لي من قلب..

نجلاء بفضول: أعرف شنو؟؟

ماجد بنفس الغموض: بأقول لج بعدين.. الحين أقلبي وجهج ولاعاد تدقين علي ولا أشوفج توطوطين عند مرتي

نجلاء بعيارة: عدال يابو مرة أنت.. صدق روحه ولد أمس..

ماجد باستعجال: إيه ترا احنا مسافرين خلال ذا اليومين..

نجلاء بفضول: وين؟؟

ماجد بمرح: موب شغلج.. بيجيج العلم بعدين..

ماجد سلم جواز دلال عشان يتجدد.. وبيستلمه بكرة الصبح.. وبيسافرون متى ماخلصت الفيزا..

مع إنهاء ماجد لمكالمته كانت دلال تطلع بشكلها ولبسها الناعم المثير والملفت..

وماجد تشتعل كل خلاياه من أجل هذه المخلوقة ولها..


*****************
 
سعود في بيروت..

يقف على المطل على صخرة الروشة..

الطقس شبه متجمد..

وقلبه الملتهب بالمشاعر يعاني تجاهلا صنعه له خياله..

كان يحس بالبرد يلفه.. وذكرى دانة الباردة كما يصفها تغتال مشاعره
(دانة الباردة!!) (ليتك تعلم ياسعود.. ليتك تعلم)

كان يلبس بنطلون جينز بيج.. بلوفر صوف هاي نك مخطط باللونين البيج والبني..
وجاكيت كشميري طويل بني محروق.. مع قفازات جلد بنية..
وطاقية صوفية بيج يرتسم على منتصفها شعار لماركة معروفة جدا..

كان شديد الأناقة كفطرة.. ولكنه في مشاعره المضطربة الضائعة لم يكن يهتم لكل هذا..
كما لم يهتم لعشرات المحاولات للفت انتباهه من بعض عابرات الروشة البريئات والمحترفات..

بيروت كانت محطة وصول..

وغدا سيذهب ليسلم أوراق تطوعه لقائد الفيلق القطري المشارك في قوة اليونيفيل في جنوب لبنان..

عل الانشغال والبعد.. يبعدان تفكيره المرهق عن دانة..
وعل قلبه المتعب يجد فسحة من الراحة..


****************



جواهر كانت مستغرقة في النوم بعد أن مر عليها يومين بدون نوم.. الوقت قبل صلاة الفجر بشوي..

رن موبايلها.. صحت على صوت الرنين
طالعت باستغراب الوقت: من اللي بيتصل هو الوقت؟؟

عقب ابتسمت بشفافية وهي تشوف الاسم المتراقص على الشاشة
ردت وهي على نفس وضعيتها النائمة: هلا حبيبي..

عبدالله بصوت خافت عميق: ياويل قلبي.. أنا عقب هالصوت النعسان اللي نحرني.. شكلي جايكم مشي.. مارح أنطر الطيارة..

جواهر بنفس صوتها النعسان المثير: عبدالله بسك عيارة..

عبدالله بصدق مرح موجع: جواهر تكفين قومي صحصحي.. أشربي لج شيء..
والله العظيم ذبحتيني بصوتج..

جواهر بعذوبة: أنت من جدك عبدالله وإلا شايف دمك خفيف؟؟

عبدالله بعمق: حرام عليج قلبي يامجرمة..
قومي اقعدي على حيلج.. واشربي شيء..
يودي البحة اللي جننتني.. وعفستني.. وضربتني بشوط كهرباء

جواهر قامت قعدت.. وشربت شوي ماي.. وعقب قالت برقة: كذا زين يا العيار؟؟

عبدالله بهيام: بعد يجنن ويطير العقل.. لكن ماعليه ممكن استحمله..
كل شيء ممكن أستحمله إلا بحة صوتج وأنتي نعسانة هذي تذبحني من الوريد للوريد..

وعقب كمل برقة: أزعجتج ياقلبي وصحيتج من النوم.. سامحيني بس والله خلاص مافيني صبر..
الطاقة اللي جمعتها من أخر مكالمة خلصت.. لازم أسوي إعادة شحن..

جواهر برقة: صدق عيار.. وأنت ليش مانمت؟؟

عبدالله بعيارة: وأخوج وشخيره خلاني أنام.. الله يعين بنت خالج عليه..

جواهر باستنكار رقيق: حرام عليك.. عاد في هذي ماصدقت.. عبدالعزيز أهدأ واحد حتى وهو نايم.. لا يتحرك ولا يشخر ........

عبدالله قاطعها بعيارة: ولا يتحرش ولا يتحركش.. مثل بعض ناس..

جواهر تنهدت بحب: فديتهم اللي يتحرشون ويتحركشون.. مكانهم خالي وخالي جدا والله العظيم..

عبدالله خطر بباله سؤال: جواهر أنتي وين نايمة الحين؟؟

جواهر بخجل وهي عارفة قصده من السؤال: أمتنع عن الأجابة..

عبدالله بصوت واطي عميق: ولو قلت عشان خاطري..حبيبتي

جواهر بعذوبة: بأقول أنت عارف وين..

عبدالله بانفعال دافئ عذب: في مكاني.. صح؟؟ نفس يوم لقيتج نايمة في أحلى يوم في حياتي

جواهر بخفوت رقيق: صح..

عبدالله بنبرته الرجولية الخاصة الشديدة العمق: والله العظيم ذبحتيني.. ذبحتيني
مافيني أحبج أكثر من كذا..
وكل شيء فيج يطالبني بعنف بزيادة الحب.. زيادة العشق.. زيادة الغرام..
قلبي ماعاد يتحمل روعتج.. وعذوبتج.. ورقتج.. وجمالج..
أنتي ماتعرفين التوسط في أي شيء..
كل شيء فيج بلغ مداه الأقصى.. الأقصى

جواهر حست قلبها بيوقف من عذوبة كلمات عبدالله وانفعاله ونبرة صوته الآسرة وهو يقولها: بسك عبدالله.. صوت أنفاسك بروحها يصهر قلبي.. فكيف بكلامك؟!!

عبدالله بوله: الله يجيب موعد الطيارة على خير..

جواهر بوله أكبر: وأنا ناطرتك..حبيبي
 
الجزء الثاني والثمانون




سالم صحا بدري.. لأنه نام بدري.. وصحا لما سمع صوت آذان الفجر في المسجد الملاصق لبيته..

سالم نزل بالراحة وهو يحاول يركز مخه على مكان الحمام

وقف ومشى بشويش.. بعد نص خطوة تعثر في جسم طري يسكر الطريق قدامه.. سالم نزل يحسس شنو هذا..

ملمس عضدها العاري لسع يد سالم.. تراجع بعنف وهو يهمس: منيرة هذي أنتي؟؟

منيرة اللي كانت حست فيه من لما خبطت فيها رجله
ردت بصوت نعسان: هلا سالم... تبي تروح الحمام..؟؟

سالم بغضب: ليش راقدة على الأرض كذا..؟؟

منيرة قعدت على حيلها وهي تدور الكلبس جنبها عشان تلم شعرها وردت بحرج: عادي سالم.. عشان أحس فيك إذا نزلت.. لأني عارفة أنك ماراح تصحيني..

سالم حس بألم مزعج.. وقهر مرير..
وهو يشوف منيرة نايمة على الأرض عشانه
حس برغبة عارمة أنه يبكي..لولا إن حس الرجولة المزعوم منعه..

فرغ عن انفعاله الحاد بالصراخ فيها: ثاني مرة لا تنامين على الأرض.. والأحسن لو ماتنامين في البيت كله..
فكيني من شرس.. وفارقي لبيت هلس... حرام عليس اللي تسوينه فيني..

منيرة بهدوء: سالم تبي تروح الحمام؟؟

سالم بغضب هادر: أنا أكلمس أنتي.. ما أكلم الطوفة..
وإلا يمكن الطوفة تحس.. وانتي ما تحسين..

منيرة بدت دموعها تنسكب بغزارة من كلام سالم الجارح
لكنها مابينت شيء.. قربت منه ومسكت يده تبي توديه الحمام..

لكن سالم نفض يده من يدها وهو يقول لها بغضب: قلت لس فارقيني.. ماأبي منس شي..

منيرة تراجعت ووقفت على جنب.. ودموعها تنسكب بغزارة أكثر وأكثر..

في الوقت اللي سالم كان يتحسس طريقه للحمام وهو يتخبط في الأثاث..
ومع كل خبطة كان قلب منيرة ينط في حلقها.. وتنط تبي تروح لها.. لكنها تتذكر كلامه وتتراجع لنفس مكانها..

لحد ماوصل سالم للحمام اخيرا..

منيرة تعرف إن أخوها علي هو اللي كان يدخله الحمام.. حتى أمس المغرب.. والبنات عندها..
دخل عليه في الغرفة ووداه للحمام عشان يتوضأ ويصلي المغرب والعشاء مع بعض..

الحين وش بيسوي بروحه في الحمام؟؟

منيرة راحت ولصقت في باب الحمام.. تخاف أنه يطيح أو يتعثر..

مر أكثر من نص ساعة وهو في الحمام.. حست بالتوتر والقلق تتزايد وتيرته بعنف عندها..

منيرة دقت الباب وقالت بخوف: سالم.. سالم..

صوته جاوبها من الداخل بنبرة محايدة: نعم..

منيرة بهدوء: خلص بسرعة.. لأني أبي أتوضا (منيرة ماقالت له: تبي مساعدة؟؟
مع إن هذا هو اللي كانت تبي تقوله.. لكنها قررت تغير الجملة في اللحظة الأخيرة
عشان ماتحسس سالم إنها تبي تساعده في شيء)

سالم بهدوء: الحين طالع..

وفعلا طلع سالم وملابسه غرقانه ماي لأنه كان يستخدم يد وحدة في الوضوء..
كان سالم بالفنيلة والسروال الأبيض بس

منيرة بتردد: سالم أطلع لك ملابس..؟؟

سالم بهدوء: ما ابي أبدل.. وإذا بغيت.. أعرف أطلع لروحي..
بس وديني عند السجادة لأني ما أعرف وين مكانها..

منيرة حست بفرح غامر أنه طلب منها شيء..مسكت كفه الباردة.. وتوجهت به لمكان السجادة: تبي شيء ثاني؟؟

سالم بهدوء: لا مشكورة.. روحي توضي أنتي


***********************


ثاني يوم
الصباح الباكر
دانة بدأت التحرك السريع لتنفيذ مخططها.. تنتظر فقط أن ينهي خالد الامتحانين غير المكتملين خلال أيام.. لتبدأ التنفيذ الفعلي..


سعود سلم نفسه للفيلق القطري في اليونيفيل..
وبدأ بتنفيذ مهامه العسكرية..
رغم أن الوضع كان هادئ تماما..
لذا فالعمل كان تقريبا معدوم..
بدأ التعرف على زملائه في الفيلق..
في محاولة لصنع شبكة علاقات تلهيه عن التفكير المتواصل




جواهر لم تنم من بعد صلاة الفجر..
كانت تدور في البيت وترتب..
في محاولة لتبديد توتر الانتظار واللهفة للقاء عبدالله وعبدالعزيز..

حوالي الساعة 10 صباحا موبايل جواهر يرن.. لقطت الموبايل بلهفة وحب: هلا حبيبي..

عبدالله بلهفة مشابهة: هلا حبيبتي.. وش بتسوين لنا عشا؟؟

جواهر برقة: يابو بطن.. أنتو تعالوا بالسلامة.. وابشر بسعدك.. بس أشوفكم قدامي أول..

عبدالله بهدوء: خلاص باقي 3 ساعات على الطيارة بس..
تبين شيء من هنا.. عشان أنا بأنزل أشتري لج أنتي والعيال...

جواهر بجدية ناعمة: سلامتك عبدالله لا تجيب شي.. خلاص أطلعوا المطار.. تكفى

عبدالله بحب: الحين طالعين بس أنزل السوق شوي مايصير أكون هنا وما أجيب لكم شيء من تراث البلد..

جواهر بتوتر: عبدالله تكفى.. مانبي شيء.. بس امشوا للمطار..

عبدالله بعذوبة وهو يبي يطمنها بس: خلاص حبيبتي خلاص اللي تبينه.. دعواتج..

جواهر بإيمان كبير: الله يحفظكم ويردكم لنا سالمين..


********************
 
خالد ومحمد قايمين بدري عشان يدرسون المادتين الباقية

الامتحانات راح تكون مع بداية الفصل مباشرة..

محمد في رأسه موال..

مزنة تخرجت خلاص الفصل هذا اللي خلص..
وإذا هو يبي يكون له لسان يخطبها
لازم يتخرج ويشتغل قبل..

خالد بطبعه كان شاطر في الدراسة..
ولا عمره اهتم بالبنات عدا الاهتمام الشبابي العابر..
لكن الحين..
الحين..
الجازي قلبت كيانه..

(الجويزي البزر..!!!
الله يأخذ أبليسك ياسعود من يوم قلتي لي البيت فاضي.. وخليتني أدخل..
وإلا أنا كنت عايش حياتي بالطول والعرض ولاعمره شغل بالي بنت.. غربلتني أنت وأختك)


**********************


قبل صلاة الظهر بشوي

منيرة وسالم ماناموا من بعد صلاة الفجر لأنهم اثنينهم كانوا نايمين بدري..

منيرة ماتركت سالم ولادقيقة.. فطروا سوا..
وعقب مع الشروق طلعته لحديقة البيت.. عشان تخليه يتعرض لشمس الصبح شوي.. بعد الفترة الطويلة اللي قضاها في المستشفى..

ثم رجعوا داخل البيت وقعدوا في الصالة.. ومنيرة تحاول تجذب سالم للحديث.. لكنه كان يتكلم بالقطارة..

ومع كذا استمرت منيرة تهذر عليه.. وتسولف باي شيء يخطر في بالها..

منيرة كانت متفانية لأبعد حد في خدمة سالم.. رغم الصداع اللي كان بيفجر رأسها.. من تأثير الضربة.. ورغم رفض سالم لاي شيء منها لولا اضطراره لقبول مساعدتها

لكن كانت منيرة كل مازادت في التفاني والرقة.. كل مازاد سالم في عيار قسوته..

تذكر سالم مخططه أمس.. اللي نساه اليوم..

قال بلهجة خاصة: منيرة تعالي عنزي لي..

منيرة نطت واقفة بفرحة: إن شاء الله..

قربت منه وشبكت ذراعها في ذراعه برقة: وين تبي تروح حبيبي؟؟

سالم بنفس النبرة الخاصة: وديني فوق..

سالم حس بذراعها وهي تتخشب في ذراعه، وصوتها المبحوح يخرج متقطع الكلمات: فـ و ق......!!


******************


باقي على موعد إقلاع طيارة عبدالله وعبدالعزيز حوالي ساعة...
وجواهر قلبها ناغزها ماتدري ليه..
حاسة بشيء ثقيل كاتم على روحها
وكأنها عاجزة عن مجرد التنفس..
أستعاذت بالله من الشيطان الرجيم..

جواهر اتصلت على عبدالله.. موبايله يعطي مغلق على طول..

(معقولة قفل موبايله من الحين!!)

دقت على أخوها عبدالعزيز اللي رن تلفونه بس مارد عليها..

جواهر بدأت حاستها السادسة تشتغل بعنف..

وتوترها وقلقها يتضاعفون..ويتضاعفون بوحشية..

بعد عدة محاولات من الاتصالات على موبايل عبدالعزيز..
رد أخيرا عليها بصوت متغير قلق مهموم: هلا جواهر..

جواهر بصوت ذايب من القلق: خرعتني عبدالعزيز.. وينكم؟؟ أدق على عبدالله موبايله مقفول..
وأنت مابغيت ترد علي..
أنتو في المطار؟؟

عبدالعزيز بصوت أبعد مايكون عن التماسك: جواهر الرحلة بتتأخر شوي.. يمكن تتأجل لبكرة أو بعد بكرة..
 

الجزء الثالث والثمانون




جواهر بصوت ذايب من القلق: خرعتني عبدالعزيز.. وينكم؟؟ أدق على عبدالله موبايله مقفول..
وأنت مابغيت ترد علي..
أنتو في المطار؟؟

عبدالعزيز بصوت أبعد مايكون عن التماسك: جواهر الرحلة بتتأخر شوي.. يمكن تتأجل لبكرة أو بعد بكرة..

جواهر برعب وقلبها يطيح في رجولها: عبدالعزيز وش فيكم؟؟ تكفى لا تخبي علي شيء..

عبدالعزيز بهدوء فاشل: إن شاء الله مافيه إلا الخير..

جواهر تنهدت بألم جارح حاد قاتل : عبدالعزيز عطني عبدالله أكلمه.. (طلبت الطلب بألم متجذر محرق رغم أنها شاعرة بالإجابة اللي بتذبحها وتنحرها)

عبدالعزيز بألم بالغ: عبدالله الحين موب عندي.. إذا جاء خليته يكلمج..

جواهر تحاول تسحب نفس وتحاول لكنها ماتقدر
تحس كأن كل الأكسجين اللي في الغرفة خلص.. وكأنها تسحب نفس من فراغ مصمت بدون أي هواء..
كأن يد ضخمة هائلة تسد كل منافذ الهواء وتضغط بعنف على فمها وأنفها..

جواهر بصوت مبهور الأنفاس متقطع لاهث موجوع وهي تحاول تتماسك
رغم أن أعماقها تذوب شيئا فشيئا: عبدالعزيز أنا وعدت عبدالله أني ما أبكي..
أخر دمعة نزلتها كانت على كتف عبدالله..
ومستحيل أخلف بوعدي له..
قل لي عبدالله وش صار له؟؟؟


عبدالعزيز بصوت أقرب للبكاء: ما أدري.. ما أدري..
السوق اللي هو نزل له صار فيه تفجير انتحاري..
مافيه حد مات.. فيه حوالي 10 مصابين.. إصاباتهم كلهم خفيفة الحمدلله
لكن عبدالله موب من ضمنهم..
أنا الحين في المستشفى..
وعبدالله مفقود.. وموبايله مغلق

جواهر شعرت كأن روحها تغادر جسدها ..
كأن هذه الروح سُحبت من بين أضلاعها بكل وحشية العالم وساديته ومرارته
وخبر اختفاء عبدالله ينزل على رأسها كأمطار حمضية كبريتية
أذابت جلدها.. لتخترق لحمها.. ثم تصهر عظامها
ألم صِرف صافي.. متجسد بعنف
ألم لا يمكن وصفه بالكلمات
لا يمكن الوصول لمداه بالاحرف والعبارات
وأعماقها تغرق في محيطات هادرة من الدموع
بعد أن منعها وعدها لعبدالله من البكاء


(عبدالله .. لا..لا.. تكفى..
أنت وعدتني ترجع..
وعدتني ترجع..
ألف مرة وعدتني
ألف مرة وعدتني
تكفى ياعبدالله.. تكفى
أنا صدقتك..
وأنت مستحيل تكذب علي)



********************



قال بلهجة خاصة: منيرة تعالي عنزي لي..

منيرة نطت واقفة بفرحة: إن شاء الله..

قربت منه وشبكت ذراعها في ذراعه برقة: وين تبي تروح حبيبي؟؟

سالم بنفس النبرة الخاصة: وديني فوق..

سالم حس بذراعها وهي تتخشب في ذراعه، وصوتها المبحوح يخرج متقطع الكلمات: فـ و ق......!!

سالم بنفس النبرة: إيه فوق..

منيرة بتردد ميت: وش تبي فوق سالم؟؟ أغراضك كلها نزلتها سارة تحت..

سالم بهدوء: منيرة أنا أبي أروح فوق.. توديني .. أو أروح بروحي؟؟

منيرة بهدوء المذبوح: لا... بأوديك أنا

ومشت بسالم ناحية الدرج وهي تحس إن رجولها ماتقدر تشيلها..
تحس إنها ممكن تنهار أو تنجن أو تموت لو طاحت عينها على الغرفة اللي ماتت فيها عايلة عمها محترقة..

ومع كذا قادت سالم للدرج.. وسالم متوقع إنها ممكن تنهار في أي لحظة وترفض تطلع..

لكنه تفاجأ أنها بدت تطلع فيه وهي ماسكة يده بحرص..

منيرة كانت حاسة إن قلبها بيوقف.. ومخيلتها بدت تصور لها إنه فيه ريحة شيء يحترق تقترب منها... منيرة بدأ انفعالها يتزايد.. وبدأ جسدها يرتعش..
الرعشة اللي حس فيها سالم بوضوح.. وآلمته حتى أعمق أعماق روحه..

لكنه كان مقرر يستمر حتى تنهار وتهرب.. وحسب حالة ارتعاشها المتزايدة.. هروبها شكله اقترب جدا..

لكن سألم تفاجأ إنها استمرت تصعد الدرج وارتعاشها يتزايد..

سالم كان يبي يقول لها: خلاص خلينا ننزل..

لكن سالم تعب من التمثيل والتصرف بطبيعة غير طبيعته..
كان يبي منيرة تستسلم خلاص وتخليه يرتاح
من قربها اللي ذبحه.. ومن إحساسه إنه يظلمها بحياتها مع زوج أعمى..

منيرة استمرت تطلع وهي تحس إن روحها بتطلع منها.. ورائحة حريق مرعبة تتسلل لأنفها وروحها.. ارتعاشها يتزايد ويتزايد..

واضطراب سالم يتزايد بالمثل (تكفين منيرة خلاص يابنت الحلال.. هوني وأرجعي)

لكن منيرة استمرت تطلع لحد ماوصلت لصالة الطابق الثاني وهي تحاول بتوتر قاتل أنها ماتحط عينها في شيء.. وخوف مرعب حاد يخنق روحها..

كانت تبي تقول لسالم وين تبينا نتوجه لانها تعرف أنه فوق غرف كثير غير غرفة سالم والغرفة المحترقة
لكن عينها غصبا عنها وقعت على باب محترق..
وقتها حست خلاص برعب وحزن ذبحها لأبعد حد..
رعب وحزن فوق الوصف والتخيل..
ارتعشت بعنف
ثم أغمي عليها


*******************
 

جواهر حاولت إنها تتماسك
وبذلت جهد قاتل حاد مضني مهلك مستنزف للتماسك وهي ترد على عبد العزيز: أنا متأكدة إنه عبدالله عايش..
مثل ما أنا قاعدة أسمعك الحين..
يمكن يكون مصاب.. أو أي شيء ثاني...
بس أكيد أنه حي..
أنا حاسة بأنفاسه.. مثل ماكنت حاسة بأنفاس عيالي قبل..
وعبدالله بالذات اليوم حاسة أنفاسه تتردد في روحي
صدقني أنه عايش..

وعقب كملت بقوة عشان عبدالله.. وعشان تكون في مكان عبدالله
وهي تتسلح بروح عبدالله اللي حاسة إنها تناجيها:

بلغ عنه هناك..دور له.. لو مالقيته خلال يومين.. احجز وأرجع فورا..
إذا عبدالله مفقود.. أنت لازم تكون معنا هنا..

جواهر طول عمرها كانت متسلحة رغما عنها بقوتها لكن اليوم قوتها كانت متجلية باقتدار
عبدالعزيز وهو مستغرب من القوة الغير طبيعية اللي نزلت عليها: إن شاء الله جواهر إن شاء الله...


*****************


سالم حس بجسم منيرة وهي تنهار جنبه ويدها تترك يده..

سالم برك جنبها وهو يتحسس لحد ماوصل وجهها ويطبطب على خدها بيده السليمة ويهتف بخوف ورعب وقلق وحنان: منيرة.. منيرة..

منيرة تكفين ردي علي.. منيرة سامحيني.. تكفين سامحيني.. أنا ما أدري أشلون سويت فيس كذا..
منيرة ردي علي..

لكن منيرة طولت وهي مغمى عليها
وسالم مايدري وش يسوي..

يعرف أنه فيه خدامة جات مع منيرة من بيت أهلها..
بس مايعرف اسمها يناديها..
ورجوله مابعد تساعده يركض ينزل بسرعة.. عدا العقبة الأكبر أنه مايشوف شيء
ولا يقدر يترك منيرة هنا بروحها..

للمرة الثانية يحس بالعجز يخنق روحه عشان منيرة..
القهر بيذبحه.. بيذبحه..

رجع يمسح على خد منيرة وشعرها والضربة اللي بعدها متضخمة في رأسها.. كل شيء يؤلمه حتى النخاع.. حتى النخاع..

ناداها بحنان: منيرة.. منيرة.. منيرة..

بدت منيرة تستعيد وعيها ..
أول ماشافت سالم بارك جنبها أنكبت على فخذه تبكي.. ودفنت وجهها في حضنه ماتبي تشوف شيء..

سالم كان يمسح على شعرها بحنان: منيرة..
أنا أسف.. سامحيني..
قومي ننزل تحت..

منيرة قامت من فخذه رمت نفسها على صدره بدون اهتمام بيده المجبسة.. وهي مستمرة في البكاء..
سالم حضنها بيد وحدة وهو يقول: خلاص يا بنت الحلال أنا قلت لس: أنا أسف..

منيرة ماردت عليه بكلمة، مسكت يده وقامت وهي منزلة عينها في الأرض.. وبدت تنزل فيه..

سالم كان يكلمها ويسألها كل شوي: أنتي بخير؟؟

بس هي ماكانت ترد عليه بكلمة..

سالم بدأ يتوتر من صمتها.. الصوت هو الوسيلة الوحيدة للتواصل بينهم وخصوصا أنه مايقدر يشوفها ولا يعرف أشلون حالتها من شكلها..

منيرة وصلت بسالم للصالة اللي تحت.. وجلسته على الكنبة..

سالم يناديها بس هي ماترد عليه..: منيرة حرام عليس.. ردي علي.. خلعتي قلبي..

منيرة حاسة إن الكلمات ميتة على لسانها.. تبي تتكلم لكن الرعب غير المحدود اللي هي حسته وهي فوق
جمد الكلمات على لسانها..
حاولت تتكلم.. وحاولت
وحاولت
وحاولت
بس بدون فايدة..

منيرة جات وجلست جنبه ومسكت كفه..

سالم حضن يدها وهو يقول: وش فيس ماتردين علي؟؟

منيرة مسكت أصابعه بحزن قاتل أغتال روحها
وحطتها على شفايفها.. وسوت بأصابعه حركة الصمت ..

مع ملمس أصابعه لشفايفها..
ووصول ماتريد قوله له.. إنها ماتقدر تتكلم..
حس إن قلبه تحطم
لألف قطعه..
مليون شظية..
مليارات الذرات المتطايرة..

(وش سويت فيها.. وش سويت فيها؟؟!!)

يتبع
 

الجزء الرابع والثمانون




مر يومين اثنين على الأحداث الأخيرة
ونحن الآن في اليوم الثالث


جواهر نفسيتها أشبه بحطام انساني بعد أن كسر نفسها بعنف قاتل مر موجع فقدان عبدالله الغامض..

ولكنها من الخارج تتسلح بقوة مذهلة من أجل أبنائها الذين لم يعلموا بعد باختفاء والدهم..

كانت تتسلح بهذه القوة أكثر وأكثر استعدادا لمعرفتهم بالخبر
الذي تعلم أنه سيكون وقعه مفجع عليهم
وعلى نوف خصوصا..


عبدالعزيز سيصل اليوم.. بعد أن بلغ الشرطة العراقية..وبعد أن بحث مطولا وهو وفاضل ونصّار وعدد كبير من الناس الذين تطوعوا للبحث من أجل فاضل بحثا عن عبدالله اللي أختفى تماما..

فاضل استبعد تماما فرضية الخطف.. بعد أن مر يومين دون ان يتلقوا أي أتصال..

عبدالعزيز ترك جواز سفر عبدالله في الخارجية العراقية على أمل العثور على عبدالله ورغبته في العودة.. بما أنه لا توجد حتى الآن سفارة قطرية في بغداد..
كما أنه كلف شركة أمن عراقية بالبحث.. وطلب من فاضل التنسيق معهم..

وفاضل وعده بمتابعة البحث عن عبدالله وأخباره بأي مستجدات..



منيرة مازالت صامتة..
الأمر الذي أذاب قلب سالم تماما.. وجعله يعتصم بالصمت اغلب الوقت.. وإحساس مر بالذنب يخنق روحه..

سارة أضطرت أن تأتي للاقامة معهم.. فكيف يمكن التواصل بين ضرير وبكماء؟؟

الفصل الدراسي الثاني على وشك البدء .. سالم وسارة يحملون هم دراسة منيرة.. وكيف ستعود للدراسة وهي على هذه الحال..


محمد وخالد على وشك امتحان مافاتهم..


دانة تتلهف لانهاء خالد لامتحاناته حتى تنفذ مخططها..
ويقتلها شوقها لسعود المتباعد في عوالمه القاسية..


ديمة بدأت بالتعود على الأجواء الأنثوية.. والزمالة البناتية.. والتمتع بصحبة البنات وحكاياتهن اللطيفة في مدرستها الجديدة...
في حين بدأت أمها تكثر من البقاء معها في البيت.. وتركز عملياتها ومراجعات مرضاها في الوقت الذي تكون فيه ديمة في المدرسة..


عبدالعزيز يفتقد وجود ديمة بشدة وبصمت.. دون أن ينتبه للعينين اللتين كانتا تراقبانه دائما بكراهية شديدة..


ماجد ودلال سافرا للتو بعد أن تاخرت الفيزا.. يستمتعان بشهر عسلهما في سيدني بأستراليا..
المكان الذي اختاره ماجد لأنه يحضى الآن بصيف جميل
لأن أستراليا في نصف الكرة الجنوبي..
في اختلاف عن جو أوربا الغارق في الصقيع في هذا الوقت من العام..
ولأنه أراد لدلال مكان مختلف عن الأماكن المعتادة التي أعتاد الجميع الذهاب لها..


الجازي تعاني من نفسية سيئة بعد سفر سعود.. دون أن تعلم أو تشعر بالقلب الذائب من أجلها..


مها وفاطمة متأثرتان جدا بما حدث لمنيرة.. زاراها كل يوم خلال الايام الماضية.. حاولا دفعها للكلام.. لكن دون فائدة
منيرة كانت تحاول أن تتكلم.. لكن الكلمات كانت تموت على طرف لسانها..


نورة مازالت معتصمة بصمتها الاختياري حزنا على غياب عبدالعزيز الذي لم تعلم بسلامته بعد..




بعد صلاة العشاء
جواهر جالسة في صالة الاستقبال الرئيسية في بيتها تنتظر وصول عبدالعزيز اللي على وشك الوصول..
أعصابها متوترة.. وقلبها ينزف حزن وألم مر..
اختفاء عبدالله خرب عليها فرحتها برجوع عبدالعزيز..

كانت حابة تستقبل عبدالعزيز بروحها.. بدون عيالها
عشان تفرغ شوي من انفعالها معه.. قبل تناديهم..

بعد دقايق كان عبدالعزيز يدخل
بعد أن وصله راشد اللي فرح كثير لرجعته واستقبله في المطار هو وعدد من أصحابهم المشتركين
وصله لبيت جواهر وراح.. وقلبه يغتاله شعور رقيق
لوجود المخلوقة الرقيقة اللي سبت قلبه قريب منه..


جواهر نطت واقفة.. وهي تتبادل مع توأم روحها نظرات صامتة.. عميقة.. مشبعة بالتأثر..
كالعادة: ماكانوا بحاجة للكلام عشان كل واحد منهم يعرف اللي في قلب الثاني وعقله..

جواهر رمت نفسها على صدر عبدالعزيز اللي حضنها بعنف.. وهو يقول بحزن وألم: سامحيني ياقلبي... سامحيني...
عبدالله جاء ينقذني وأنا ضيعته..

جواهر حطت يدها على فم عبدالعزيز وهي تقول بتأثر: لا تقول كذا فديتك.. أنت عارف أن هذا قدر مكتوب..
وأنا متأكدة أنه ما مثل الله سبحانه أكرمني بشوفتك وأنت داخل مع هذا الباب.. أنه بيكرمني بشوفة عبدالله داخل مع نفس الباب إن شاء الله..

عبدالعزيز بإيمان: إن شاء الله إن شاء الله.. اللهم أني أسألك فرجك عاجلا غير آجل..

جواهر بذات الإيمان: اللهم آمين
وعقب كملت بصوت مرهق: بأروح أنادي لك عبدالعزيز ونوف يسلمون عليك
وعلى فكرة هم مايدورون عن شيء لاعن اللي صار لك ولا عن اختفاء أبوهم.. أبي لين أهيء لهم الخبر..

عبدالعزيز بتعب: مافيه داعي تنادينهم أنا بأطلع لهم.. وعقب بأنام.. ميت من التعب..


*******************
 
سالم أصبحت نفسيته في الحضيض مع انتهاء اليوم الثالث لحالة البكم اللي صابت منيرة..

كل يوم كان يأمل نفسه أنه اليوم بيسمع صوتها..

(يعني انحرمت شوفتها.. والحين حتى صوتها انحرم منه!!)

سارة كانت قاعدة تتفرج على التلفزيون في الصالة..

سالم قاعد على السرير

ومنيرة كانت متمددة على الكنبة تبي تنام..

سالم ناداها بصوت خافت: منيرة

منيرة نطت وجات عنده

سالم بحنان: منيرة أشرايس تروحين لبيت أبوس؟؟ أنتي ماشفتي من وراي إلا المصايب..

منيرة مسكت يديه وحطتها على خدودها وهزت رأسها علامة الرفض.. كانت طريقة غريبة للتواصل لكنها الطريقة اللي هداها بالها لها..

سالم بألم: حبيبتي تكفين.. تكفين لو لي خاطر عندس.. تكفين روحي لبيت أبوس..

حشرجة تلاها صوت أنثوي مبحوح: سالم أنت قلت حبيبتي؟؟

سالم نط واقف وهو يقول بفرحة مجنونة: منيرة أنتي تكلمتي؟؟ تكلمتي..

ثم قعد يصارخ بصوت عالي: سارة.. ياسارة تعالي بسرعة.. منيرة تكلمت..

سارة اقتحمت عليهم الغرفة مثل مدرعة وهي تقول بنفس مقطوع: منيرة تكلمت.. صدق.. صدق..

ونطت جنب منيرة وهي تقول: الحمدلله على سلامتس ياقلبي..

لكن منيرة ماردت عليها.. سارة استغربت
ألتفتت على سالم: سالم أنت متأكد أنها تكلمت..

سالم بجدية: أكيد متأكد..

سارة وجهت كلامها لمنيرة بحنان: حبيبتي أنتي تكلمتي؟؟

منيرة هزت رأسها بعيارة علامة لا..

سارة توجه كلامها لسالم باستغراب: شكلك ياسالم تخيلت أن منيرة تكلمت.. منيرة بروحها تقول إنها ماتكلمت..

سالم بحرة وعصبية: منور خلي حركات البزارين عنس..

سارة بغضب: سالم ما أسمح لك.. البنية جاها ماكفاها.. وأنا لحد الحين ماعاتبتك على الحركة السخيفة اللي أنت سويتها فيها..
زين أنها ما أستخفت بعد..
أقول لك البنية مرعوبة من الطابق الثاني.. تروح تطلعها فوق وانت عارف أنها ميتة خوف
ياقساوة قلبك...

سالم بحزن: أنا ماكنت متوقع أنها بتسويها وتطلع فوق والله العظيم..
أنا كنت أبيها تخاف وتهون وتطلع من عندي وترجع لبيتها..

سارة بغضب: أنا مالي دخل بينك وبين مرتك.. أنتو اثنين مجانين..

سارة قالت كلامها وطلعت من عندهم..

سالم بغضب يوجه كلامه لمنيرة: ممكن أعرف سبب الحركة السخيفة اللي أنتي سويتيها؟؟

منيرة بهدوء: أنا قلت لك أنت وش قلت..ماقلت لك ناد لي سارة..

سالم بحرة: ماقلت شيء..

منيرة سكتت وماردت عليه..

سالم بغضب: منيرة منيرة..

بس بدون رد...

سالم بغضب أكبر: منيرة وصمخ.. ردي علي..

منيرة بذات الهدوء: أنت مهوب تقول روحي لبيت هلس.. اعتبرني رحت لبيت هلي وريحتك مني..

سالم بعصبية قعد على السرير وقال بغضب: أحسن.. أذلفي ولا تسمعيني صوتس.. فكة منس من غثاس...

منيرة توجهت للكنبة وتمددت عليها
وسالم يغلي من الغضب..



*******************



ثاني يوم..

عبدالعزيز وجواهر في بيت خالهم أبو فهد..

أبو فهد وعياله كانوا في استقبال عبدالعزيز

أبوفهد كانت سعادته عميقة برجعة عبدالعزيز..
في ذات الوقت اللي حزن بعمق على اختفاء عبدالله..

عبدالعزيز أستاذن عقب يسلم على أم فهد..
عبدالعزيز يعتبر أم فهد مثل أمه خصوصا عقب ملكته على نوره وحرمة أم فهد عليه..

طلال وصله داخل لعند أم فهد وجواهر اللي كانوا قاعدين بروحهم في الصالة..

وطلع ينط السلالم لغرفة نورة عشان يبشرها..

لقى نورة على نفس جلستها المعتادة : سرحانة وصامتة.. ويدها في حضنها

جاء طلال وقعد قدامها على ركبه.. وحط يده على يديها
وعيونه في عيونها وهي يقولها بحب عميق وفرحة أعمق:
نوارتي.. نوارتي.. عطيني البشارة

لكن نورة ماردت عليه..

طلال بعيارة: ولو قلت لج أن حبيب القلب عزوز أبو تمبة قاعد تحت عند أمج.. تقعدين ساكتة كذا بعد..

نورة أنتزعت ايديها من تحت أيدين طلال وحطتها فوقهم وهي تمسك إيديه بقوة: وهي تقول بانفعال حاد: من جدك؟؟ من جدك؟؟ عبدالعزيز رجع!! عبدالعزيز رجع!!

طلال بانفعال ودمعته في عينه: والله العظيم أنه تحت عند أمي..

نورة نطت وطلعت برا وهي تركض.. وطلال يركض وراها يصيح: يالمجنونة وين بتروحين؟؟
ارجعي يالخبلة لا تفضحينا!!
 

الجزء الخامس والثمانون..




نورة نطت وطلعت برا وهي تركض.. وطلال يركض وراها يصيح: يالمجنونة وين بتروحين؟؟
ارجعي يالخبلة لا تفضحينا!!

وقتها كان عبدالعزيز على وشك أنه يطلع وكانت جواهر واقفة جنبه بعبايتها ونقابها هي وأم فهد

ويسمعون صوت طلال الغاضب يتعالى.. جايهم من فوق بوضوح.. ومخلوق محلق ينزل السلم بسرعة هائلة كأن أقدامه لا تلمس الارض من السرعة...

ماحد من الموجودين أنتبه لشيء لحد ماصارت نورة عندهم وترمي نفسها بعنف على صدر عبدالعزيز وهي تبكي بهستيرية...

عبدالعزيز أنفجع من المره اللي رمت نفسها عليه..
حاول يخلص نفسه... بس ماقدر ونورة لاصقة فيه مثل الكلاليب..

طلال كان يبي يشدها من شعرها لولا إن جواهر أشرت له يتركها..

جواهر ميلت على أذن عبدالعزيز وقالت له بهمس: أحضنها ياعبدالعزيز..
نورة في غيابك كانت بتستخف.. وهذي أول مرة تبكي من غيابك.. كانت كاتمة كل هالدموع لرجعتك.. أحضنها

وقتها عبدالعزيز كان قلبه يذوب من بكاها الهستيري على صدره.. لكن إيديه كانت مثبته بجنوبه من إحساسه بالخجل والحرج..

لما قالت له جواهر (أحضنها) تحررت مشاعره العذبة.. وحضن نورة برقة..
الحركة اللي خلت نورة تبكي بهستيرية أكبر..

نورة لما خلصت طاقة البكاء المخزنة عندها.. رجع لها عقلها
وشافت نفسها في حضن عبدالعزيز..
حست إنها بتموت من الخجل والحرج والفشيلة.. ووجهها يقلب لونه لأحمر دموي..
فلتت عبدالعزيز بخجل قاتل
ورجعت تركض لفوق بنفس السرعة اللي نزلت فيها.. في الوقت اللي كان طلال يبي يطلع وراها..

لولا إن جواهر اللي كانت دايما أختهم الكبيرة حلفت على طلال مايقول لها شيء: طلال يا أخوي.. نورة مرت عبدالعزيز.. وهي ماسوت شيء حرام.. وإحنا كلنا كنا موجودين.. والله العظيم ماتقول لها شيء
كفاية إحساسها بالحرج.. أنا حاسة فيها..

طلال رجع يطلع مع عبدالعزيز اللي كان ميت من الحرج وراحوا للمجلس عند أبو فهد..

في الوقت اللي ام فهد تقول لروحها: (زين يانوير دواج عندي ياقليلة الحيا.. جواهر حلفت على طلال هوب علي)

لما وصلوا الشباب للمجلس..
عبدالعزيز قعد جنب خاله..
وقال له باحترام: يبه طال عمرك في الطاعة.. أنت عارف الظرف اللي احنا فيه.. واختفاء ابو عبدالعزيز اللي ماندري وش صار عليه..
أنا أدري أنه مالي وجه أأجل عرسي.. بس أنت شايف الظروف.. مانقدر نسوي عرس.. وعبدالله ماندري حي وإلا ميت

أبو فهد بنبرته الواثقة المتزنة: اسمعني يا أبوك
أنت صار لك متملك نورة أكثر من سنة ونص
موعد العرس الأول تكنسل يوم توفت أختي الله يغفر لها
والموعد الثاني إن شاء الله نكنسله عشان غيبة عبدالله.. الله يرجعه لنا بالسلامة
لكن ماراح نحدد موعد ثالث لأن نورة الليلة بتروح لبيتك
ماطال مسخ يا أبوك.. ونورة مرتك أول وتالي "

عبدالعزيز أنصدم.. في الوقت اللي طلال ارتاح قلبه
خصوصا عقب المشهد اللي هو شافه قبل شوي..

عبدالعزيز بتردد: بس يبه.. نورة مالها ذنب إنها تنحرم من أنه يسوى لها عرس مثلها مثل كل البنات..

أبو فهد بقوة: خلاص يا أبوك أنا قلت كلمتي.. وإلا أنت تبي تكسر كلمتي..

طلال باحترام: ماعاش من يكسر كلمتك.. عبدالعزيز موافق يبه.. ونورة أنا باروح أبلغها الحين

عقب ميل طلال على أذن عبدالعزيز وهو يقول بعيارة: وش عرسه اللي تبي تنطره.. والبنية توها ناطة في حضنك قبل دقايق..

عبدالعزيز من بين أسنانه بصوت واطي: تحشم ياطلول هذي أختك..

طلال بنفس العيارة: أختي بس خبلة.. والله أن قد تجننك بخبالها..


***********************



أبوفهد حلف أنهم ماحد منهم يسوي شيء
نورة تروح لبيت عبدالعزيز بعد المغرب.. بدون عشاء او غيره
احتراما لغياب عبدالله.. والظرف اللي جواهر تمر فيه..

نورة انفجعت لما عرفت بقرار أبوها
مو لأنها رافضة
لكن لأنها مالها وجه تحط عينها في عين عبدالعزيز عقب عملتها السوداء اليوم

لكن موزة قررت أنه على الأقل من حق نورة أنها تلبس فستانها الابيض اللي كان جاهز عند المصمم وتصور فيه
عشان تحتفظ بالصور وتحس إنها عروس بالفعل

وفعلا موزة قامت بشغل سريع.. حجزت كوشة صغيرة ناعمة.. وحجزت التصوير..
كنسلت كل الحجوزات السابقة اللي للموعد اللي كان بعد حوالي أسبوع ونص..
وضاعت طبعا كل العرابين.. لكن مهما كان العربون يظل مبلغ صغير..

وجات وتركت بناتها عند أمها
وخذت نورة للصالون عشان تلحق تخلص كل شغلها قبل المغرب..
في الوقت اللي حصة خذت ملابس نورة وأغراضها هي وأم فهد عشان يرتبونها في غرفة عبدالعزيز..
وخصوصا أن نورة كانت مجهزة كل أغراضها من قبل خطف عبدالعزيز..

بينما جواهر رجعت لبيتها
اللي أصبح يمثل لها ألم حاد قاسي مضني بذكرى عبدالله في كل زاوية من زواياه..

رجعت عشان تاخذ نوف وتطلع وياها للسوق.. تشتري أغراض كثيرة محتاجها بيت عبدالعزيز..


****************
 

في بيت سالم..

منيرة قالت لسارة أنها تكلمت..
عشان سارة تقدر ترجع لبيت أبوها.. وخصوصا إن الدراسة باقي عليها يومين بس..
وأكيد إنها تبي تتجهز للجامعة وخصوصا أنه فصل التخرج عند سارة..

سالم صار أهدأ.. صار يتقبل مساعدتها له..
لكنه مازال جاف معها في التعامل..
رغم أن قلبه كان يذوب وينصهر كل مامسكت يده.. أو قربت جنبه..
أصبح يفتقد وجودها بعنف حتى لو غابت دقايق عنه..
(الله يصبرني إذا راحت الجامعة بس)

لكنه ماكان يدري إن منيرة طلبت من مها إنها تقدم لها انسحاب عن الفصل الحالي..
لأنها ماتقدر تترك سالم.. وهو مابعد تعود على حياته الجديدة
والتعامل مع وضعه الجديد


*****************


بعد المغرب
في بيت عبدالعزيز
حدث استعصى على التسمية
ليس حفل زواج.. ولا عشاء.. ولا احتفال
ولا أي شيء معروف أو له شبيه

عروس ترتدي فستان أبيض وتبدو كالأميرة..
تحيط بها قلوب ومشاعر مرتبكة..
حصة وموزة ونوف ارتدوا فساتينهم اللي كانوا جهزوها للمناسبة
عشان يصورون مع نورة..

لكن جواهر ماقدرت تلبس أو تحط مكياج وقلبها ينزف على عبدالله.. لكنها في النهاية لبست طقم أنيق.. وحطت مكياج بسيط
عشان ماتخنق فرحة نورة..

نوف كانت مستغربة من قرار خال أمها أنه نورة تروح لبيت عبدالعزيز اللي توه وصل أمس من السفر
رغم أن عرسهم خلاص ماعليه إلا أسبوع ونصف..
عجزت وهي تدور احتمالات..

وأمها ماساعدتها...رغم أنها سألتها عدة مرات.. كانت ترد عليها رد غامض: بأقول لج بعدين..

ماحد يدري باختفاء عبدالله الا ابو فهد وعياله اللي ماقالوا لأحد بعد..
ولا حتى برروا للحريم سبب قرار أبو فهد أنه نورة تروح لبيت عبدالعزيز اليوم..

نورة الليلة كانت فعلا مثل الأميرة.. بفستانها على الطريقة الفيكتورية.. اللي حرصت أنه يكون مستور لأخر حد عشان ماينتقدها عبدالعزيز في شيء من أولها

الأكمام الطويلة كانت دانتيل ماسك.. الصدر دانتيل والرقبة دانتيل عالي على طريقة القرن الثامن عشر مع بروش دائري في منتصفها..
الفستان كان بدون جيبون منفوخ.. كان حرير منساب بقصة ناعمة من الأسفل مع جيبون خفيف بس..
الطرحة دانتيل خفيف طويلة تنحط على الرأس بطريقة الشيلة.. والشعر مرفوع في شينيون ناعم مرتب بدون أي خصل نازلة..

كانت طلة نورة الكلاسيكية الراقية الفخمة ماتناسب مطلقا شخصيتها المنطلقة.. لكنها كانت تناسب جدا ملامح وجهها الرقيقة..

بعد ماخلصوا البنات تصوير مع نورة قرروا ينسحبون لبيت أبو فهد بعد صلاة العشاء على طول..
موزة خذت المصورات معها لأنها عارفة أن عبدالعزيز يرفض التصوير..

في الوقت اللي بقت جواهر وبنتها عشان يسلمون على عبدالعزيز..

وصل عبدالعزيز من صلاة العشاء
كان مرتبك.. بل بيموت من الارتباك..
توه واصل أمس.. ومهموم من غياب عبدالله
يتفاجأ بنورة في بيته!!!!

دخل وسلم بارتباك وهو منزل عينه..
جواهر حضنته بحنان وهي تقول: مبروك ياقلبي.. وليش منزل رأسك كذا؟؟.. نورة مرتك

نوف باست رأسه باحترام وهي تقول: مبروك ياخالي.. ولو انه هذا أغرب عرس في التاريخ..

عبدالعزيز بتوتر: الله يبارك فيكم كلكم..

جواهر سلمت على نورة اللي كانت بتموت من الخجل من دخلة عبدالعزيز عليهم..

وعقب رجعت لعبدالعزيز وحضنته مرة ثانية وهي تقول بحنان: أنا باروح الحين... وصيت زبيدة عليكم وأنا بأرجع لكم بكرة الصبح
(زبيدة خدامة هندية عجوز عند جواهر وأمها من سنين.. كانت ترتب وتطبخ وتغسل لعبدالعزيز وقت مايكون برا البيت.. وكانت تنام في بيت أبو فهد من عقب ماراحت جواهر)

جواهر طلعت
والمعاريس الأغرب يلفهم صمت الخجل العذب اللي كان عبدالعزيز أول من قطعه وهو يقول برقة متحسرة: أنا أسف يانورة.. أنا أسف اللي خربت فرحتج.. وماسويت لج عرس مثل كل البنات...

نورة بخجل بالغ: لا تعتذر عبدالعزيز أرجوك..
وهي تفرك إيديها بتوتر وعينها في الأرض

عبدالعزيز بلطف: وش هالخجل كله؟؟ اللي يشوفج الحين مايشوف اقتحامج الصاروخي اليوم الصبح..

نورة وجهها ولع من الحيا: تكفى عزوز لا تذكرني..

عبدالعزيز ضحك: شنو عزوز هذي؟؟ حتى جواهر ماتقولها لي..

نورة بخجل أكبر (لحول.. هذا وش فيه واقف لي على الوحدة؟) : خلاص عبدالعزيز تكفى..

عبدالعزيز قرب منها وشبك ذراعه في ذراعها الحركة اللي خلت نورة ترتعش بعنف..
عبدالعزيز ضحك مرة ثانية: يابنت الحلال وأشفيج تخرعتي كذا.. والله ما أكلج.. أبي أطلعج فوق..

وعقب كمل برقة وهو يطلع فيها فوق: بس تدرين عمري ماتخيلت أنج صرتي حلوة كذا!!!
 
الوسوم
منتديات. شبكة. العربية. العامة
عودة
أعلى