روايه بعد الغياااب


عائشة كانت تنتظر بنتها ديمة تنزل عليها.. عشان توديها لموعدها عند طبيب الاسنان..

عائشة كانت مستغربة من تأخر ديمة عليها..
بالعادة تكون قبل امها تحت.. واحيانا تنتظر في السيارة.. وتعطي أمها محاضرة عن أهمية دقة المواعيد..

بس هذا ليس بالشيء المستغرب الوحيد.. كل شيء صار غير مستبعد بعد ما أرسل لها عزوز اليوم مع السواق ملف ديمة..
في الوقت اللي عائشة بعدها مو مصدقة بعد إن ديمة وافقت أصلا.. ووصول الملف أكد لها..

عائشة اللي رفعت عينها تفاجأت بشدة من منظر ديمة المختلف 180 درجة..

كانت ديمة تنزل الدرج بتردد وهي لابسة عباية مسكرة، وشيلة مثبتة على رأسها... وبدون نظارة..

ديمة مرت من جنب عائشة اللي فاتحة فمها مذهولة وهي تقول بخجل: يمه بلا تعليق بليز.. وإلا بأرجع أفسخهم ..

عائشة ابتسمت ابتسامة واسعة صافية وهي تقول: قدامي على السيارة يا أم المواعيد الدقيقة..


*******************



سعود بعد ماوصّل دانة للبيت
ماقال لها ولا كلمة.. كأنها غير موجودة في الغرفة..
تحمم.. بدل ملابسه.. ولبس لبسه العسكري
وطلع لدوامه اللي راح يكون يومين متصلين.. يعني ماراح يرجع إلا بعد بكرة في نفس الوقت..

دانة اللي كانت تشوف حركته المتوترة في الغرفة.. أعتصمت بصمت مدروس.. وهي تقلب في كتاب بيدها تدعي الاستغراق به..

لين طلع وسكر الباب بهدوء وراه
عقبها تنهدت دانة بعمق.. رمت الكتاب من يدها
وسندت رأسها على الكنبة بهم كبير


سعود قبل يطلع.. مر على غرفة محمد.. اللي ماطلع من غرفته من يوم أمس.. إلا للمسجد ويرجع.. حتى الأكل مارضى يأكل شيء..

دق الباب دقة واحدة..
فتحه ودخل..
كانت الغرفة غارقة في ظلام ولدته الستاير الثقيلة على الشباك..

سعود قرب من الستاير وفتحها.. عشان يسمح لأضواء العصر الناعمة بالدخول..

محمد بصوت مكتوم من تحت الغطاء: مها.. سكري الستاير وأطلعي..

سعود قرب من سرير محمد وجلس عليه، وهو يسحب الغطاء من رأس محمد..

سعود انفجع وحس قلبه شظايا متفجرة... وهو يشوف وجه محمد المتورم من البكاء..

نط سعود واقف من قوة الانفعال وهو يقول: أنا ولد أبي!!!!!.. تبكي يا أخيك؟؟ أفا ياذا العلم..

محمد جلس على سريره وهو يمسح وجهه: خلاص يا سعود باح سدي.. ماعاد فيني قدرة أكتم أكثر من كذا.. سالم استعمى من سبتي.. سالم استعمى من سبتي

سعود قعد جنبه وهو يحضنه بقوة: أفا عليك يامحمد.. استغفر ربك... اللي صار لسالم مكتوب له قبل مايولد حتى.. ما انت اللي بترد قضاء الله المكتوب..

محمد بصوته المبحوح: ونعم بالله.. بس الله عز وجل يسبب الأسباب.. وانا كنت السبب


**********************




 

عبدالله وجواهر صاروا في شاليه عبدالله بالخور..

عبدالله متوتر كيف يوصل خبر سفره للعراق لجواهر
هو قرر مايقول لأحد نهائي إلا لجواهر.. مايقدر يخبي عليها موضوع مثل هذا..
لكنه أجل أخبارها لحد بكرة.. لما يرجعون للدوحة..


جواهر طلعت تبي تصلي المغرب..
في الوقت اللي عبدالله خلص صلاته وطلع للشاطى..
جلس على الكرسي الطويل المبطن وتمدد وهو يتامل في البحر والدنيا اللي بدت تعتم شوي شوي..

جواهر طلعت تدور عبدالله
كان الجو بارد... تهب خلاله نسمات البحر المحملة بنسائم باردة..
عبدالله متمدد وعيونه مسكرة.. طالعته جواهر للحظات بحب كبير..
رجعت داخل..
جابت بطانية وغطت فيها عبدالله..
وجات تبي ترجع في الوقت اللي حست بيد باردة قوية تمسك بيدها
عبدالله اللي عيونه بعدها مسكرة يقول لها بعمق: تعالي جنبي حبيبتي..

جواهر قربت منه.. جلست على الكرسي
حطت رأسها على صدره
و تمددت جنبه بعد ماوسع لها
وحضنها بقوة وهو يغطيها معه ببطانيته..

لفهم صمت مهيب ساحر لعدة دقائق.. وكل منهما يستمتع بقرب الآخر لدرجة العجز عن إيجاد كلمات تناسب جلال الموقف..

عبدالله اول من كسر الصمت وهو يقول بعمق مهيب: جواهر أعرف أنه أحنا من أول زواجنا تجنبنا التكلم في الموضوع..
بس أعتقد أنه لازم نتكلم حتى نصفي كل شيء بيننا.........
جواهر ياترى سامحيتني بالكامل.. أو قلبج بعده فيه شيء علي؟؟

عبدالله حس بجسد جواهر وهو يتصلب في حضنه..
لكنه كمل بذات العمق: جواهر لا تعتقدين أن أي إجابة أنتي بتقولينها..
مهما كانت قاسية أو غريبة إنها راح تأثر على عمق مشاعري ناحيتج
أنا يكفيني أني صرت أعرف وش كثر تحبيني.. وأي شيء ثاني ممكن نتجاوزه سوا..

جواهر جسدها يرجع يستكين في حضن عبدالله.. وذراعها تشد احتضانها لخصر عبدالله وتقول بعمق مذهل:
عبدالله سمعت قصيدة نزار قباني (ما أحلى الرجوع إليه) اللي غنتها نجاة الصغيرة... هذي القصيدة هي أفضل تعبير عن حقيقة مشاعري.. مادام التعبير يخونني


حمل الزهور إليّ.. كيف أرده؟
وصباي مرسوم على شفتيه

ماعدت أذكر والحرائق في دمي
كيف التجأت أنا إلى زنديه

خبأت رأسي عنده وكأنني
طفل أعادوه إلى أبويه

حتى فساتيني التي أهملتُها
فرحتْ به ..رقصتْ على قدميه

سامحتُه وسألتُ عن أخباره
وبكيت ساعات على كتفيه

وبدون أن أدري تركت له يدي
لتنام كالعصفور بين يديه

ونسيت حقدي كله في لحظة
من قال إني قد حقدت عليه؟

كم قلت إني غير عائدة له؟
ورجعتُ..ما أحلى الرجوع إليه



عبدالله أحس بالانفعالات تجتاحه بعنف
وهو يستمع للشعر المنساب كرقرقة مياة الجداول وزقزقة العصافير من بين شفتي جواهر بنبرة صوتها الساحرة المؤثرة العميقة..
زاد من احتضانه لها وهي تكمل بذات العذوبة: عبدالله أنت كنت ومازلت وبتظل الرجل الوحيد في حياتي..
عقبك ماملا حد عيني.. لحد مارجعت أنت ومليتها مرة ثانية..
حتى وانا أكرهك.. كنت أقارن كل رجل فيك.. وأجدهم كلهم خسرانين مقارنة عمرها ماكانت في صالحهم من البداية..

عبدالله حس أنه فعلا الكلمات تخونه..
وهو يحس بعظم كرم الله عليه..
اللي رجع جواهر لحياته عقب مرور هالسنين..
رفع وجهها له بحنان ذايب..
وطبع قبلة عميقة على شفايفها في الوقت اللي كانت رائحة أنفاسه المعطرة أبدا تخترق رئتي جواهر إلى أقصى حويصلاتها الهوائية..
وهو يقول لها بشجن عميق: أنا أعشقك..
ولو فيه شيء فوق العشق والهيام والغرام والوله والحب.. أكيد أنه حبي لج..


****************



منيرة تدخل على سالم في غرفته.. بعد ماطلع من العناية لغرفة عادية..
كان عنده علي بروحه.. بعد ماتعب محمد وجاء سعود وشاله للبيت من يوم أمس

منيرة دخلت على علي.. وأشرت له يجي عندها.. وعقب همست له: أبي أكلم سالم بروحه..

سالم كان قاعد السرير
والسرير مرفوع لوضعية الجلوس..
يد سعود اليسار المكسورة كانت معلقة في رقبته.. شكله متعب.. شعره ولحيته محتاجين ترتيب..

بصوت حزين: علي أنا سمعت الباب انفتح.. من اللي جا؟؟

بس علي مارد عليه..
سالم يحاول يدقق السمع.. لحد الحين مازال يحاول تقوية حاسة السمع التي تصبح أهم حواس الضرير..

سالم بتوتر: من اللي هنا..

منيرة قربت بتوتر.. وحالة سالم قلبت حالها من النقيض للنقيض.. حتى أصبح من الصعب توقع تصرفاتها..

جذبت الكرسي وجلست جنب يد سالم اليمين.. حطت يدها بهدوء على يد سالم اللي كانت ترتاح جنبه..

سالم أنتفض لما حس بملمس اليد الناعمة.. وسحب يده بقوة..: من؟؟

منيرة بهدوء رغم أنها كانت تذوب من التوتر والخجل والانفعال: أنا.. منيرة.. ليه فيه وحدة غيري ممكن تسمح لنفسها بالتعدي على شيء لي..

سالم توتر من جرأتها الأقرب للوقاحة..: هلا منيرة.. أشلونس؟؟

منيرة بود: إذا أنت طيب أنا طيبة

سالم بحزن: طيب إن شاء الله..

منيرة بتردد وهي تقرر تطرق الحديد وهو ساخن: سالم ممكن أعرف معنى الكلام اللي قلته لأبوي.. أنت تبي تطلقني؟؟

سالم بهدوء: أشوف أن هذا هو الحل الأنسب لنا كلنا..

منيرة بذات هدوءه: إذا هو الأنسب لك فهو مهوب الأنسب لي..

سالم بقسوة: أخر ما تحتاجينه أنتي أنس تكونين خدامة لأعمى..
وأنا بأجيب لي خادم يخدمني.. يوديني ويجيبني مثل كل العميان اللي أشوفهم..

منيرة انجرحت بعمق.. تنهدت: مالك حق تقرر نيابة عني..
أنا مستحيل أخليك..
لمعلوماتك أنا قلت لأبوي يقول لكل الناس أنه خلاص أنا صرت زوجتك من الحين..
وبنرجع لبيتك عقب ما تطلع من المستشفى بالسلامة..
بس أبوي ينتظر أنك تأكد على كلامي عشان يتمم..

سالم المصدوم: أنتي أكيد مجنونة...

منيرة بهدوء: أنا مجنونة لو خليتك تطلقني..

سالم بغضب: يا بنت الحلال.. أنتي ما تفهمين .. أقول لس ما أبغيس.. ما أبغيس..
وعقب كمل بسخرية مريرة:
وبعدين مهوب أنتي اللي كنتي تبين الطلاق.. علي قال لي ببراءة: يا سبحان الله اللي يشوف خوف منيرة عليك..
مايقول إنها كانت تبكي دم قبل أسبوعين تبغي الطلاق منك..

منيرة شهقت وفي نفسها (الله يخسك يا عليان ما أطول لسانك)

وسالم يكمل بغضب: يعني قبل لما كنت رجّال كامل.. ما كنت عاجبس..
والحين وأنا نص رجّال.. حليت في عينس..
أنا ما أبي شفقة حد.. خلي شفقتس لرجالس اللي بتاخذينه

والطلاق بأطلقس.. أصلا موافقتس غير ضرورية.. أنا يومين باطلع للمستشفى.. واول مشوار قبل أروح بيتي بيكون للمحكمة عشان أطلقس

منيرة خذت نفس عميق واستجمعت كل شجاعتها وقالت: وانا ماراح أسمح لك تطلقني..

سالم بثورة: واشلون بتغصبيني؟؟ أعتقد أنه حتى لو كنت أعمى.. الطلاق في يدي مهوب في يدس..يعني مخي مافيه شيء عشان تحجرين على قراراتي..

منيرة بهدوء: لا تجبرني ياسالم أسوي شيء يجبرك.. ويخليك توافق تتمم زواجنا غصبا عنك..

يتبع

 
الجزء السابع والستون






سالم بثورة: واشلون بتغصبيني؟؟ أعتقد أنه حتى لو كنت أعمى.. الطلاق في يدي مهوب في يدس..يعني مخي مافيه شيء عشان تحجرين على قراراتي..

منيرة بهدوء: لا تجبرني ياسالم أسوي شيء يجبرك.. ويخليك توافق تتمم زواجنا غصبا عنك..

سالم ضحك ضحكة قصيرة: تدرين ضحكتيني وأنا مالي خاطر أضحك... قومي يا بنت الحلال لبيتس.. وانتظري ورقة طلاقس..

منيرة بثقة: أتحداك تسويها..

سالم توتر من ثقتها بنفسها
أخر شيء يبغيه أنه يجبر وحدة تكرهه على العيش معه بسبب شفقتها عليه: ممكن أعرف سبب ثقتس اللي تبط الكبد ذي..

منيرة بهدوء: تدري وش بأقول لابوي ولعليان.. أول ما أطلع من الغرفة..
لو أنت ما ناديت أبوي وقلت له أنك أنت اللي تبي انه احنا خلاص نتمم زواجنا..

سالم بحذر وهو يشعر بمصيبة جاية له: وش بتقولين؟؟

منيرة بخجل حاولت تغليفه باكبر قدر من الثقة: باقول لهم أنك جيت للبيت مرة مافيه إلا أنا.. وانت عارف الباقي

وأنك الحين تبي تخون فيني.. وتخليني.. وأنه الحين مستحيل حد يرضى فيني عقب اللي أنت سويته فيني..

سالم المصدوم: أنتي أكيد مجنونة.. فيه بنت عاقلة تقول كذا على نفسها..

منيرة بهدوء: أنا قلت لك أنا مجنونة لو خليتك تطلقني..

سالم بغضب: بأطلب يسون لس فحص.. عشان يثبتون براءتي

منيرة بثقة: ماراح تسويها.. لأنك عارف أن مجرد إجراء فحص لي هو فضيحة بحد ذاته..
وانت ماترضاها لزوجتك وبنت عمك.. وخصوصا أنك عارف أن الدوحة صغيرة وما أسرع ما تنتشر الفضايح والاشاعات..

وعقب كملت : هاه أنادي أبوي تقول له أنك موافق.. أو أطلع له واحكي له الفيلم الهندي اللي أنا ألفته..

سالم بقهر: ناديه..
بس والله يامنور أن ذنبس على جنبس..
ولا تقولين أني ماحذرتس.. بأسود عيشتس.. لين أنتي بروحس تقولين طلقني..

منيرة بفرح: كيفك إن شاء الله تذبحني

ونطت تنادي أبوها لسالم اللي كان مولع من فرض منيرة لقرارها عليه..

في الوقت اللي منيرة كانت تحمد ربها لنجاح مخططها.. لأنها أصلا كان مستحيل تقول لأبوها وأخوها الكلام الوقح اللي قالته لسالم...

لكنها أعتمدت على انها تتكلم بثقة قدام سالم وتقنعه أنها ممكن تسويها..

ولو أنه كان أصر على الطلاق وقال لها تقول لأهلها اللي هي تبي.. ماكان قدرت منيرة تسوي شيء من أساسه أو حتى تقول لهم حرف.. وكان سالم طلقها..


*********************


في الليل في غرفة دانة وسعود..

دانة مع هواجسها وحزنها من تغير أحوال سعود اللي هي مو عارفة سببها..... ليس مجرد تغير بل هو انقلاب جذري.. ليش ياربي كذا؟؟

لها يومين ماشافت سعود إلا مرتين وفي كل مرة يكون معصب..
وماراح يرجع إلا بعد بكرة..

قضت الليل وهي تفكر..وتفكر.. وتعيد ترتيب ملابس سعود بدقة وحنان.. في محاولة للتغلب على شوقها القاتل له..


**********************



ثاني يوم

عبدالله وجواهر في شاليه عبدالله في الخور

عبدالله بعده نايم من عقب ماصلى الفجر..
جواهر قامت قبله لبست.. وسوت الفطور.. ورجعت له..

تمددت جنبه وهي جالسة نص جلسة.. ميلت عليه.. ونفخت بنعومة على وجهه..

عبدالله يحرك يده قدام وجهه كأنه يبي يهش اللي ينفخ عليه..

جواهر ابتسمت ورجعت تنفخ هالمرة على خصلات شعره المتطايرة على جبينه: عبدالله هالمرة أنت اللي كسلان.. قوم حبيبي عشان تفطر..

عبدالله فتح عيونه وهو مبتسم.. يطالعها بفستانها البحري الحرير اللي كان لايق على لون بشرتها الناعمة
مد يديه ودخل أصابعه بحنان في شعرها.. ونثره على أكتافها وهو يقول بكسل: شعرج يأخذ العقل... بس ياليت ماتقصينه.. أنا أبيه طويل..

جواهر بود وهي تأخذ تمسك بيده المتخلله شعرها وتحضنها بحنان: زين قلت لي.. لأني كنت ناوية أقصه..

عبدالله بذات النبرة الكسولة المحببة: لا تكفين لا تقصينه.. بس تدرين جواهر وش في خاطري؟؟

جواهر وهي تميل تقبل جبينه وتقول: شنو حبيبي؟؟

عبدالله بابتسامة ناعسة مثيرة: الأخضر هذاك بعده في خاطري.. الله يلعن يباس الرأس بس.. كل ما أتذكر شكلج فيه.. أحس النمل يمشي بجسمي كله..

جواهر بود مغلف بالخجل: صدق أنك ماتستحي أنت ونملك..
وعقب كملت بود: بس ولا يهمك اليوم لما أرجع.. أوديه اللاندري وبكرة ألبسه لك..

عبدالله تنهد وهو يتذكر أنه بكرة بيكون في مكان ثاني بعيد عن حضن جواهر..
حضنها بعنف حاني مستميت: لا حبيبتي الأخضر هذاك مثل ماكان له ذكرى خاصة ليلة زواجنا..
أبيج تلبسينه في ذكرى مرور سنة على زواجنا إن شاء الله ..عشان فعلا يظل خاص..

جواهر بحب: ولا يهمك.. إن شاء الله.. إن الله كتب لنا عمر

تنهد عبدالله: إن الله كتب لنا عمر


*********************
 
دانة مع صديقتها الدكتورة تهاني وقت استراحة الأطباء..
الدكتورة تهاني قدمت انتداب للصحة المدرسية عشان تروح مع دانة ..

تهاني بمودة وعيارة: عشان تعرفين غلاج.. باروح انتداب وراج.. وبكرة كلنا بنداوم هناك..

دانة بتحسر: انتداب شهرين وترجعين.. وأنا باقعد هناك بروحي.

تهاني بعيارة: المهم حبيب القلب راضي..

دانة بحب: فديت روحه.. رضاه عندي بالدنيا كلها..
آه... اشتقت له، من أمس في الدوام وبيقعد لين بكرة.. وش بيصبرني لبكرة؟؟
وعقب كملت بتوتر: ولو أنه ذا الأيام مزودها شوي علي..

تهاني بالفضول الانثوي: ليه وش صاير دندون؟؟

دانة بتوتر: أحس أنه صاير يتصيد لي أي خطأ.. يبي يقعدني في البيت..
تدرين هذي مشكلة الرجّال لاعرف غلاه..
عشانه صار يعرف أنا وش كثر أحبه.. وما أقدر على زعله.. صار يتقعد لي على الوحدة..

وأنا والله خايفة نتزاعل تهاني... أنتي تعرفيني.. وحدة عنيدة..وكله ولا شغلي
وانا أحس أن سعود بدأ يختبر صبري.. يعني هو قاعد يشد وأنا أرخي.. مع أن هذا مهوب طبعي..

(وكملت بابتسامة) بس يضرب الحب شو بيزل.. على قولت كاظم..

تهاني برقة: وه...فديت اللي يحب بس.. انتي حاولي تكسبينه بالسياسة.. ودام هو يحبك.. ماراح تكون مشكلة..

دانة تنتهد: المشكلة تهاني انا حاسة انه فيه شيء موتره من فترة..
يعني احيانا قاعد معي ونكون نسولف مبسوطين..
احس نفسيته انقلبت.. صار فيه قلق وتوتر وترقب غير مفهوم..
احس ان هذا القلق هو اللي مأثر على نفسيته ومخليه عصبي بزيادة ذا اليومين..

انا صرت متخوفة وقت الرجعة من الدوام لا يكون موجود.. لاني اخاف يقلبها ساحة حرب.

لا واللي زاد.. انا بعد متوترة ونفسيتي تعبانة صار لي كم يوم ما اعرف ليه..
حتى دورتي الشهرية تلخبطت من سبة التوتر.. مع انها كانت منتظمة مثل الساعة..

تهاني عيونها لمعت ببريق عجيب: متى كانت أخر دورة جاتك..

دانة بلهجة عادية: قبل زواجي بكم يوم

تهاني نطت مثل المفزوعة لشنطتها
ورجعت وهي شايلة علبة مستطيلة نحيلة وهي تقول بجدية مخلوطة بالعيارة: تدرين أنج أغبى طبيبة في تاريخ البشرية.. وش خليتي للجهلاء..؟؟
قال من التوتر تلخبطت دورتها.. قومي أخذي وفزي للحمام..

دانة باستغراب: وش ذا؟؟

تهاني بسخرية: اختبار حمل ياحظي.. خبرج ما أتحرك من البيت من غيره..
عقب ما انلسعت أربع عيال في أربع سنين.. كل مارحت أبي أركب لولب قالوا لي حامل..
لحد ماصارت عندي حالة رعب مستمرة الله يحفظ عيالي لي... ولايعاقبني على كلامي
وعقب كملت وهي ترقص حواجبها بخبث: خبرج أبو العيال طاقة طبيعية خلاقة..

دانة مدت يدها وخذت الاختبار وتهاني مازالت تتكلم..

و توترت بفرح خيالي متسع بلا حدود.. وهي تتخيل أنها ممكن تكون حامل
طفل يهدي الوضع بينها وبين سعود ويقربهم أكثر من بعض..
طفل من حبيبها سعود
سعود صغير
ومع وصول تهاني لجملتها الأخيرة حمر وجه دانة : استحي تهاني.. بعدين ما تخافين تطسين أبو تركي عين....

تهاني بلعانة: شنو استحي بعد؟؟ وأقص يدي لو ما كنتي حامل..
وبعدين أنا شفت سعودوه البارح وهو واقف ينطرج.. شكله أبو الطاقة الخلاقة وأمها..

دانة غطت وجهها من وقاحة تهاني وهي تقول: الله أكبر عليش.. الله أكبر عليش.. لاحول ولاقوة إلا بالله

وتركتها وهي شايلة الاختبار ورايحة الحمام..
في الوقت اللي تهاني عند باب الحمام واقفة تتحرقص


*******************


نجلاء في بيت دلال..

دلال استقبلتها بمودة كبيرة.. وكانوا جالسين كلهم.. نجلاء وأم جاسم وبناتها الثنتين.. ودلال.. وكان باين على أم جاسم وبناتها الترقب..

بعد القهوة والسوالف...

نجلاء طلعت الظرف من شنطتها بمودة: وعطته لدلال: وقالت تفضلي دلال هذا مهرج من عند ماجد..

دلال صُعقت والكلمات جمدت على شفايفها (أي مهر؟؟)

في الوقت اللي بنات عمتها.. نطوا من أماكنهم يبوسون فيها.. ويقولون: ألف مبروك دلول تستاهلين والله..
وكملوا بعيارة: ياحظج واحد استخدام أول.. لا مطلق ولا أرمل..

دلال لحد الحين مو مستوعبة اللي يصير..
ونجلاء اللي كانت متوترة انبسطت لما شافت بنات عمتها يباركون كأنه كان عندهم خبر في الموضوع
( وأنا اللي ظلمت مجودي المسكين حسبته ألف سالفة موافقة دلال)

واللي نجلاء ماتعرفه وكلهم مايعرفونه..
أن ماجد استخدمهم كلهم في مخطط دقيق كل وحدة منهم لها دور فيه..
مخطط اعتمد على توقع ردود الافعال بدقة..
ولو أن ردود الافعال اختلفت.. كان مخططه كله فشل

أولا اتصل بدلال وأربكها بعقد مقارنة بينه وبين زوجها.. خلى أفكارها تتشوش..

ثانيا: أتصل في أم جاسم وقال لها إن دلال بلغته بمسج تلفون عن موافقتها.. بس لأنها خجولة.. رجعت غيرت رأيها.. وعقب رجعت بعثت له مسج و وافقت..
وقال لأم جاسم أنه مايبي يعطيها مجال ترفض بعد ماوافقت..
وإن نجلاء راح تجيهم بكرة بمهر دلال..
فياليت تكون موجودة هي وبناتها ومايقولون لدلال شيء لين تعطيها نجلاء المهر.. عشان مايحرجونها..

وطبعا أم جاسم ماخطر ببالها إنه ممكن يكون اختلق وألف الحكاية هذي كلها.. فسوت اللي هو قال بحسن نية..

عقبته الوحيدة كانت نجلاء لأن نجلاء كانت ذكية في إطار مخطط لم يكن بالذكاء الكافي..
فكانت أخر من اتصل فيه.. وخلا الكذبة بسيطة عليها.. وهي طبعا مستحيل تكذب أخوها الكبير..

فكرة ماجد فعلا ماكانت ذكية.. بل هي للغباء أقرب..وهو كان عارف هذا... لكنه كان مستعجل للوصول لدلال..

وأعتمد على أن خجل دلال.. وحسن نية أم جاسم.. وثقة نجلاء فيه هم ماسيتكفل بباقي المهمة

وفعلا دلال انخرست وهو تشوف المهر بحضنها والناس يباركون لها.. وهي ما تقدر تقول شيء.. وبداخلها غضب عارم على ماجد وعلى خجلها اللي منعها من الصراخ:

ما أبي أتزوج ياناس..
 
الجزء الثامن والستون




عبدالله وجواهر رجعوا للدوحة من الخور..
عبدالله يستعد لأخبار أولاده والناس كلهم أنه مسافر في رحلة عمل
ولأخبار جواهر بوجهته الحقيقية: العراق


ماجد حصل على موافقة دلال بالحيلة..
وأم جاسم قررت تكون الملكة في أسرع وقت..
وماجد قرر أنها تكون ثاني يوم الصبح عشان عبدالله يشهد على عقد زواجه قبل يسافر..


سعود مازال في دوامه وماراح يرجع قبل بكرة..
ما أتصل حتى في دانة اللي جرحها بعمق تجاهله لها..
رغم أنها ماسوت أي شيء يستاهل عصبيته وغضبه المتزايد..

وكم في هذا الغد من أحداث...
سفر عبدالله
زواج ماجد
رجعة سعود




سالم في غرفته بالمستشفى عنده منيرة بعد ماقرر علي يرجع للبيت يتحمم ويرجع..
وهي تظل عنده لين يرجع علي.. وخصوصا أنها أصبحت زوجته بشكل رسمي..

سالم بفوران غضب عالي: ممكن أعرف وش اللي مقعدس هنا..؟؟؟ ليش ماتروحين تذلفين لبيتس..؟؟

منيرة بهدوء: أنا مثل جحا، جحا قالوا له وين بيتك يا جحا؟؟
قال لهم: بيتي اللي فيه مرتي..
وأنا أقول بيتي اللي فيه سالم رجّالي حبيبي..

سالم بغضب: حبتس قرادة يا شيخة.. أنا مثل ملاغتس وقلة حياس ما شفت..

منيرة خلاص حطت أعصابها في ثلاجة... وقررت انها ماتزعل نهائي من أي شي يقوله.. وتكون مستعدة لأي كلام مهما كان قاسي وجارح..
ومن ناحية ثانية.. قررت أنها ما تعامله كرجل عاجز يحتاج للمساعدة والشفقة.. لكن تعامله كند.. حتى تمحي من رأسه فكرة الشفقة (حتى وإن كانت هي السبب الحقيقي اللي خلاها تسوي ذا كله)

منيرة قالت بابتسامة: توني دريت أنك قرادة.. لأني ما أرضى حد يحبني غيرك..

سالم قرب ينفجر منها (هذا وإحنا أول يوم) سالم ما تعود يكون لئيم أو قاسي.. بس منيرة حدته على هالتصرفات الغير نابعة من شخصيته الهادية اللطيفة: أنتي يا بنت الناس تبين تجلطيني.. ريقي نشف والله العظيم..

قالها وهو يمد يده يدور زجاجة الماي اللي جنبه..
منيرة قربتها منه بدون مايحس..
عشان يلاقيها بنفسه بدون مايحس إنها هي اللي عطتها إياها..

شرب شوي وعقب قال: علي متى بيجي؟؟

منيرة بعيارة: أفا حبيبي مل من قعدتي..

سالم بعصبية: كلمة حبيبي ذي ما أبي أسمعها على لسانس

منيرة : والله أنا أقول اللي على كيفي.. أنت بعد تبي تتدخل حتى رجّالي حبيبي أشلون أناديه..

سالم في نفسه (اللهم طولك ياروح)


******************


على العشاء في بيت عبدالله..

عبدالله بمرح هادئ: هدوء.. إعلان هام

الوجوه الثلاثة على المائدة ركزت نظرها على وجه عبدالله بترقب: أنا بكرة مسافر رحلة عمل.. 3 أيام وراجع إن شاء الله..

الخبر اعتيادي جدا... بالنسبة لعبدالعزيز ونوف اللي قالوا بمودة واحترام: تروح وترجع بالسلامة إن شاء الله

لكن جواهر شعرت بالتوتر: يعني ماقلت لي قبل.. وبالنسبة للموضوع اللي أنت قلت لي أنك بتخلصه خلال هذا الأسبوع.. أيش راح يصير عليه؟؟

عبدالله بثقة: مثل ماوعدتج..

العيال مهوب فاهمين حكي الألغاز هذا... وجواهر تصاعد توترها...


بعد أقل من نص ساعة.. في غرفة عبدالله وجواهر

جواهر بتوتر وقلق عارم: عبدالله شنو سالفة هالسفرة؟؟ وعبدالعزيز نسيته؟؟ أنت مو عدتني أنه إن شاء الله راجع هالأسبوع..

عبدالله بثقة: وأنا عند كلامي..

جواهر بتوتر: أشلون وانت مسافر؟؟

عبدالله بهدوء: حبيبتي أنتي عارفة أكيد أنه الوضع في العراق صار أحسن بكثير.. والأمن وضعه أحسن.. حتى الحين فيه شركات كثيرة صارت تسوي بيزنس هناك..

جواهر بنفس التوتر: عبدالله أنا متابعة الأخبار.. واعرف هذا كله.. بس أنت ليش تقوله لي..

عبدالله بثقة مغلفة بالحنان: يعني موب لازم أنه أي حد بيسافر العراق لازم أنه بيصير له شيء.... عبدالعزيز كان حالة شاذة وليس قاعدة..

جواهر بذكائها.. ما أحتاجت أكثر من كذا..
عشان تحس بألم مبرح
يخترقها مثل رمح أخترق صدرها بوحشية
لينفذ من كامل جسدها ساحبا معه روحها المفجوعة وأنفاسها المستهلكة ليقذف بهما إلى بعد سرمدي لا ملامح له

عبدالله أنت مسافر العراق؟؟؟


********************
 
في بيت أبو فهد..

أم فهد وبنتها موزة اللي توها واصلة من برا قاعدين في مجلس الحريم...

موزة بحزن: يمه نورة أشلونها اليوم؟؟

أم فهد بحزن أكبر: على حالها..

موزة بألم: يعني لا تكلمت ولا كلت.. ولا حتى بكت..

أم فهد بصوت متغرغر بالدموع: ياحي بنتي... ما كنها بنورة نفسها.. كنها وحدة ثانية ما أعرفها..
نورة اللي كان ضحكها طول اليوم تارس البيت.. الحين حتى الحرف مايطلع من ثمها..
طول اليوم قاعدة في غرفتها.. بس تصلي الفرض وتقرأ قرآن.. ثم ترجع تجلس مثلها مثل الكرسي اللي هي قاعدة عليه..
لاترد على أحد.. ولا تكلم أحد..

موزة تصبر امها بيأس: لا تخافين عليها يمه.. إن شاء الله عبدالعزيز يرجع.. وترجع نورة الأولية.. هذا من صدمتها بس..

أمها بحزن: يا خوفي عبدالعزيز ما يرجع.. والبنية تستخف..


*****************


عبدالله حاضن جواهر اللي بكت بانهيار موجع مفجع على صدره.. ويقول لها بحنان: حبيبتي أنتي البكاء عندج هواية..؟؟

جواهر بين شهقاتها: وش أسوي إذا أغلى الناس على قلبي مايهون عليهم إلا يذبحوني.. حرام عليك عبدالله تسوي فيني كذا..

عبدالله وهو يشدد من أحتضانه لجواهر ويطبع قبلة حانية على شعرها: حبيبتي 3 ايام بس وأرجع أنا وعبدالعزيز..

جواهر برعب: ياخوفي أنه ماحد منكم يرجع..

عبدالله بحنان: إن شاء الله بنرجع كلنا.. حبيبتي أنا أبيج قوية عشان نوف وعبدالعزيز.. ما أبيهم يحسون بشيء..
واللي صبرت على عذاب 17 سنة.. ماتقدر على 3 أيام..

جواهر بحزن حاد جارح: ماعاد القلب نفس القلب يا عبدالله.. ولا قوة التحمل نفسها..
وجود عيالي في حياتي.. ووجودك جنبي بقوتك وحبك..
أعفاني من التسلح بالقوة اللي ادعيتها طول حياتي..

عبدالله بحب: اعرف انج ماينخاف عليج يأم عزوز.. ومعدنج الذهب هو اللي بيحكمج في النهاية..
أبي أسافر وأنا مرتاح بالي عليكم..

جواهر وهي تتنهد: خل بالك يرتاح وتطمن علينا ولا تشيل هم..بس أنت أوعدني ترجع حبيبي.. كله بيد الله بس أوعدني لو مهما صار أنك ترجع لي..

عبدالله بحب وهو يحضنها أكثر وأكثر: أوعدج ياقلب عبدالله..



*****************


جبر قلقه متزايد على محمد هذي الأيام..
محمد أنقلب 180 درجة.. كأنه محمد ثاني.. وبعد خبر عمى سالم.. نفسيته أصبحت في الحضيض..

جبر يتصل في موبايله.. موبايله مسكر على طول..
راح يزور سالم يتطمن عليه
ويشوف محمد اللي كان على طول معسكر عنده.. مالقى عنده إلا علي (عقب مارجعت منيرة للبيت)..

سلّم وقعد شوي وتطمن على نفسية سالم اللي كان مؤمن حقيقي ومتقبل قضاء الله وقدره.. الشيء اللي ريح جبر من ناحية سالم..

(بس محمد متى بيرتاح بالي من ناحيته؟؟)

رجع يتصل على موبايله لقاه مسكر

عقب أتصل على خالد اللي قال له أن محمد مسكر على روحه في غرفته.. ومقاطع العالم..

جبر بقلق: زين أنا بكره باروح له في بيته.. تجي معاي؟؟

خالد بود: إن شاء الله.. نتقابل في مجلسهم بكرة


**********************



في الليل متأخر.. دانة نايمة

وسعود وصل من شغله.. بعد ما أستأذن.. لأنه حس أنه بينفجر مو قادر يكمل..

كان بيموت بيموت شوق ..يبي يشوف دانة.. من أمس ماشافها ولا سمع صوتها..

وطالع من عندها وهي زعلانة عليه.. الشيء اللي خلاه كأنه قاعد على مقلاة من التوتر والحزن..
وخصوصا أنه هو نفسه حاس بزعل عليها.. من ناحية
عشان شغلها..

والناحية الأخرى هي الأهم الأهم الاهم.. واللي لو أنها انحلت.. كان انحل كل موضوع حتى شغل دانة...

يسمع منها كلمة وحدة تأكد له إن في داخلها نفس مشاعره المتوهجة الملتهبة .. لأن إحساسه إنها يمكن ماتبادله مشاعره بدأ يأكل من روحه وأعصابه وتماسكه النفسي شيئا فشيئا

أشلون أراضيها الحين؟؟
وأشلون أرضى عليها؟؟

دخل سعود على دانة بشويش..اللي كانت نايمة باستغراق كبير
كالعادة هي آسرته الأبدية.. كل مرة يشوفها كأنها أول مرة
لهفة وشوق ووجع..

قرب منها بحنان يبي يتمعن في ملامحها..

شاف الشيء اللي خلاه يحس كأن روحه ماتت.. انذبحت.. كأنه طُعن في أعمق أعماق روحه بسكين مسمومة..

دمعة

دمعة مازالت تسكن محجر عينها..

(تبكين حتى وأنتي نايمة ياقلبي!!!
وش سويت فيش يادانة؟؟
وش سويت؟؟)


سعود مسك دانة من عضودها وهي نايمة، قعدها بقوة..
وحضنها بقوة أكبر ويديه حولها بحنان ورقة مذهلة.. وهو يقول سامحيني حبيبتي.. سامحيني

دانة تفاجأت إنها تصحى من النوم تلاقي وجهها مدفون في صدر سعود اللي بعده ببدلته العسكرية..

شهقت بعنف.. فرح ووجع وحب وامل ولهفة..
وحاوطت رقبته بكل قوة.. وهي تقول: أخيرا جيت.. قلبي ذاب وأنا أنتظرك..
كل مرة أموت من شوقي في انتظارك..
بس هالمرة أنتظاري كان غير غير.. موجع وحاد وقاسي ومتلهف..

سعود بحب وهو يبعدها شوي ويطالع في وجهها بهيام..:
بسم الله على قلبك يا قلبي.. وليش يعني هالمرة انتظارش غير؟؟

دانة بحب كبير : عشان عندي خبر لك
غـــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــــــر ...
 
الجزء التاسع والستون




سعود بحب وهو يبعدها شوي ويطالع في وجهها بهيام..:
بسم الله على قلبك يا قلبي.. وليش يعني هالمرة انتظارش غير؟؟

دانة بحب كبير : عشان عندي خبر لك
غـــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــــــر ...


سعود بتساءل: خير إن شاء الله...

دانة رجعت شوي ورا وهي تتسند على رأس السرير بنصف تمدد وتقول بحنان: تعال سعود حط أذنك هنا..
وأشرت على بطنها..

سعود اللي مابعد استوعب تمام، لكنه حس..
قرب منها بالراحة وحط أذنه على بطنها وهو يقول وقلبه بدأ يرقع: وش فيه حبيبتي؟؟

دانة باستغراب مصطنع عذب: ما سمعت حد يقول بابا؟؟

سعود حس أنه عاجز عن مجرد التنفس من شدة الانفعال والفرحة المحلقة ..
حس كأن كل الأكسجين اللي في العالم أخترق مسامات جسده لأبعد مدى من اتساع السعادة التي شعر بها..

(دانة حامل.. ولدي أنا ينمو في أحشائها.. ثمرة حبي لها)

سعود ماعرف وش يسوي..
أو أيش يقول..
أو كيف يعبر عن فرحته..
كانت فرحته أكبر من تعبير..

شال دانة اللي تفاجأت بخفة.. وصار يدور بها في الغرفة وهو يصرخ بفرح مجنون: بأصير أب.. بأصير أب..

ودانة تصرخ بخوف: سعود تكفى نزلني.. نزلني.. يمه... خلاص.. حرام عليك..

بس هو ظل يدور بها لحد ماحس انه ممكن يتماسك ويتكلم

فنزلها بالراحة على السرير عشان يحضنها بقوة بعنف بحنان، بحب لا نهائي
ويقول لها: أنا أحبش... واحبش.. وأحبش..
ولاخر يوم في عمري أحبش.. الله لا يحرمني منش ولا من عيالنا..
ومن الحين أقول لش.. ياويلهم عيالش لو سووا مثل عيال ذا الأيام وقالوا (بابا)
بأقطع العقال على ظهورهم
خلهم يصطلبون ويقولون يبه.. وإلا أبو سعيد.. عادي تمشي الحال..

دانة تطالعه بحب كبير وتطبع قبلة رقيقة على خده
وعقب تترك يدها ترتاح على خده وهي تقول: حرام عليك من الحين بتشتغل لهم شغل تخويف..

سعود بحنان وهو يشيل يدها من خده ويطبع في باطنها قبلة عميقة جدا: فديتهم.. هم بس خلهم يجون.. وانتي لا تتدخلين بيننا..

دانة برقة: خلاص طلعت من بينكم..


*******************


عبدالله صحى بدري شوي.. عشان عنده كم شغلة لازم يسويها...
قبل موعد ملكة ماجد الساعة 10 ونص..
وقبل موعد طيارته اللي راح تكون الساعة 4 العصر..

كان يتحرك في الغرفة بشويش عشان مايصحي جواهر.. بس جواهر صحت.. وقعدت على حيلها..
وكانت تراقب عبدالله.. اللي كان قدامه أوراق يرتبها ويفرزها

كانت دموع جواهر الصامتة تنساب على خدها..
وهي تراقب عبدالله بحب مؤلم.. وألم محب..
بتفتقده..
ماتقدر تقول غير إنها بتفتقده بوجع حاد منغرز في صدرها وروحها ووجدانها..
وستفتقد كل شيء فيه..كل شيء

حركته.. كلامه.. حضوره..صمته.. حتى مجرد أنفاسه وهو نايم جنبها..

عبدالله رفع عينه شاف جواهر جالسة.. اجتاحته مشاعر فياضة.. عميقة..رائعة ومؤلمة
وخيط متصل بين نظراتهم يتصل بإحكام..
والصمت يستحكم بينهم..
لأن مشاعرهم أصبحت أكبر وأعمق وأنضج من كل كلام وتعبير..

استمر الصمت واتصال النظرات الحانية المستعرة متصل لعدة دقائق..
قبل أن يقطعها عبدالله بوقفته بقامته المديدة وتوجهه ناحية جواهر بخطوات واثقة..

عبدالله وصلها وجلس جنبها
قال لها بحنان مصفى: نفسي احضنج.. بس أرجوج لا تبكين..

جواهر رمت نفسها بحضنه..
وعبدالله حضنها بقوة.. بحنان.. برقة.. بعذوبة..
حضن مختلف لظرف مختلف..

عبدالله يهمس لجواهر: حبيبتي أوعديني..

جواهر ودموعها الصامتة مستمرة بالانهمار: بشنو حبيبي؟؟

عبدالله بحنان: أنه لو أنتي تحبيني فعلا.. ماعاد تبكين..
ولا تسمحين لذا الدموع الغالية إنها تنزل مرة ثانية..
خلاص حبيبتي أنتي جاج من الدموع ماكفاج..
تكفين أوعديني أنه ماعاد تبكين لو مهما صار..
الحزن بالقلب..
عمر الدموع ماكانت هي اللي بتخفف الحزن..
أوعديني تكون هذي أخر مرة تبكين..
أنا أبيج قوية عشاني..

جواهر وهي تمسح دموعها بكفوفها في حركة عذبة تشبه حركات الأطفال وتقول بثقة: أوعدك عبدالله.. اوعدك..
أنا عشانك مستعدة أضحي بروحي وأبيع عيوني..
فكيف بشوي دموع..؟!!

عبدالله حس بالتأثر يجتاحه بعنف
مهما قال أنها رائعة ومذهلة ونادرة الوجود..
وأنه مافيه مجال أكثر لروعتها.. لانها وصلت للحد الأقصى..
يكتشف كل يوم أشياء جديدة تعمق انبهاره فيها..
وتعمق من حبه الخرافي الأسطوري لها..

رجع يحضنها من جديد وهو يقول بعشق حقيقي: أحبج.. والله العظيم أحبج..
وتاكدي انه حبج بيظل محفوظ في أعمق مكان في روحي وقلبي ووجداني..


*****************
 
سعود صحا من النوم على صوت حركة دانة وهي تلبس

سعود رفع رأسه وتسند على ذراعه وهو يقول بنعاس: وين بتروحين حبيبتي؟؟

دانة تلتفت عليه بود: باروح الشغل سعود.. اليوم يوم مباشرتي في الصحة المدرسية..

سعود نط واقف وهو يقول بصوت حاول أنه يكون هادئ: أنتي ناوية تداومين وأنتي حامل؟؟

دانة بحنان: وش فيها سعود؟؟

سعود بحنان: تعب عليش يا قلبي.. أنتي مهوب محتاجة لذا الشغل .. الخير واجد..

دانة بتوتر: وليه ياسعود أنت مفكرني أشتغل عشان محتاجة..
الحمدلله الخير واجد عندك وعند أبي من قبل..
الشغل هذا حاجة نفسية مهوب مادية..

سعود بهدوء: قدمي على إجازة لين تولدين.. ويصير عمر الولد وإلا البنت على الأقل سنة..

دانة برفض: لا ما اقدر.. وارجوك افهمني ولا تعصب علي..
أول شيء غصبتني أطلع من شغلي وأطلب نقل.. وافقت عشان أرضيك
والحين يوم مباشرتي في شغلي الجديد... بدل ما أباشر عندهم.. أروح أقدم على طلب إجازة
كلامك غير معقول ..
ماأني أول وحدة حامل تشتغل.. خلني سعود فديتك أشتغل كم شهر.. عشان لو احتجت إجازة عقب يكون لي وجه أطلبها..
وبعدين ماشاء الله أمي وأمك كلهم بصحتهم الله يخليهم لنا... يعني بيساعدوني على البيبي وخصوصا أنه أول حفيد للثنتين.. مايحتاج سالفة الإجازة ذي...

سعود اللي كان قاعد يستمع لها بهدوء
قال لها بذات الهدوء: طبيعة شغلش نفسها متعبة...
وقفة طول اليوم.. ومدنقة على المرضى..
يعني ضغط عليش..

دانة باستجداء: زين أنت خلني أجرب.. وانا أوعدك أني لو تعبت أني أقدم على إجازة..

سعود بتعب: أنا تعبت واجد من النقرة اللي صارت بيننا الأيام اللي طافت.. خلاص براحتش..
بس أبيش تعرفين أني ماني براضي بشغلش وانتي حامل..

دانة برعب: لا سعود تكفى.. لاتقولها كذا..
أشلون تبيني أروح وأنت تقول أنك مهوب راضي..
تكفى طالبتك.. رخص لي..

سعود غصبا عنه عشان خاطرها: خلاص روحي.. بس توعديني لو تعبتي أنش تقدمين إجازة..

دانة نطت بفرح تحضنه: أوعدك.. أوعدك..


****************


سارة ومنيرة يستعدون يلبسون عشان يروحون لسالم في المستشفى..

سارة اللي كانت تطلع لها ملابس من الدولاب لفت على منيرة اللي كانت جالسة على السرير تلبس جزمتها: منيرة

منيرة بود: هلا سارة..

سارة بتردد: أنا عارفة أني قسيت عليس الأيام اللي فاتت واجد..
في خاطرس شيء علي؟؟

منيرة وقفت وتوجهت ناحية سارة وحضنتها من ظهرها: أنا ماجاني منس إلا أقل من جزاي.. أنتي اللي في خاطرس شيء علي؟؟

سارة لفت وجهها لمنيرة وحضنتها وقالت لها بحب: لا فديتس.. مافي خاطري شيء

منيرة بعيارة : زين خلاص لاتسوين فيلم هندي ونقعد نبكي الحين.. استعجلي تأخرنا على سالم..

سارة بحنان: أنا بأقعد معس شوي عند سالم وعقب بأرجع لبيت سالم.. عشان أشوف وش قاصره.. وارتبه أنا والخدامات..
وأشوف غرفتكم الجديدة... لأنه سالم كان توه خلصها قبل سفره بيوم.. واشوف اللي قاصرها.. ثم أنقل ملابسس هناك..
لأنه سالم بيطلع من المستشفى بكرة إن شاء الله

منيرة حست بتوتر كبير وهي تشوف أن حياتها الحقيقية مع سالم وفي بيته خلاص قربت..

بس سارة اللي كانت فاهمتها قربت من بشويش وحطت يدها على كتفها: لا تخافين منيرة..
أنا أعرف أنس سويتي ذا كله.. إحساس بالذنب وشفقة على سالم..
ولو أني ماني بعارفة أنه مشاعرس هذي كلها بتتغير إذا عاشرتي سالم وعرفتيه.. وبتصير حب حقيقي
ما كان سمحت لس أصلا أنك تسوين كذا..

منيرة بود: خلاص ولا يهمس..
بأحب الغالي على قلبس إلى شوشتي.. بس خلصينا..


******************


عبدالله أنهى ترتيب أوراقه.. نادى جواهر لجلسة الكمبيوتر.. فتح دولاب فيها.. يخبي خزنة وراه..

عبدالله بجدية: تعالي حبيبتي..
شوفي الخزنة هذي فيها كل أوراقي المهمة..
صكوك العقارات.. وأوراق المؤسسة.. وشهادات ميلاد العيال وجوازات سفرهم..
وفيها بعد أخر كشف لحسابي في البنك.. واخر كشف لعدد الأسهم اللي عندي وعند العيال..
بأعطيج رقمها وأحفظيه عدل..
والأحسن تسيفينه في تلفونج بأسم شخص لحد ما تحفظينه..
وعلى العموم أفضل يعرف كل شيء يخص العقارات واماكنها.. ومديرين شركات المؤسسة..

جواهر حست قلبها نزل في رجولها: عبدالله الله يهداك ليش هذا كله..

عبدالله بحب وهو يقبل رأسها: حبيبتي الأمر عادي..
أنا أصلا من زمان أبي أقول لج على الخزنة بس ماجات فرصة.. لا تصيرين حساسة..

جواهر لفت وجلست على الكنبة لأنها حست أن رجولها خلاص ماتقدر تشيلها..
عبدالله جلس جنبها بقلق: وش فيج حبيبتي؟؟

جواهر رفعت رأسها بابتسامة مصنوعة: مافيني شيء يومي قبل يومك..

وسندت رأسها على صدر عبدالله اللي حضنها بكل قوته وحنانه وعنفوانه..وهو يقول: والله بأرجع.. بإذن الله بأرجع..


*******************



سعود كان في الجبرة (السوق المركزي في الدوحة اللي ينباع فيه السمك والفواكة والخضروات)

كان يشتري أغراض للبيت.. في الوقت رن موبايله طالع الشاشة كان اسم دانة يتالق على الشاشة
رد سعود بحب: هلا حبيبتي..

صوت أنثوي غريب يرد عليه بحرج وقلق: السلام عليكم..

سعود حس بتوتر غير طبيعي: وعليكم السلام.. وين صاحبة التلفون؟؟

الصوت الأنثوي بقلق كبير: أنا صديقة دانة أم تركي.. ياليت تجي الحين احنا موجودين في مستشفى النساء والولادة..

سعود برعب متوحش: دانة وش فيها؟؟

تهاني بتوتر: مافيها إلا العافية.. إذا وصلت دق علي.. موبايل دانة معي.. عشان أقول لك وين احنا..

سعود سكر الموبايل.. وهو يحس بقلق قاتل.. وخوف موجع على دانة..
وقلبه بينفجر من تصاعد وتيرة دقاته المرعب..

(وش فيها؟؟
الصبح كانت طالعة مافيها شيء)





 
الجزء السبعون




في بيت جاسم في مجلس الرياجيل..

الملكة تمت على خير..

دلال كانت متوترة..
لكنها صلت صلاة الاستخارة أكثر من مرة من لما وصلها المهر أمس وماقدرت تعترض عليه
قالت في نفسها.. يمكن الله يكون باغي لي الخير عشان كذا ما قدرت أعترض وانخرست..

وكانت بعد كل صلاة استخارة.. تحس براحة نفسية أكبر..
توكلت على الله.. وقالت: إن شاء الله ربي مايخيبني


ماجد في المجلس يتلقى تهاني عبدالله وجاسم اللي كانوا شهود العقد..

ماجد كان محلق من السعادة..
وعبدالله جالس جنبه ويقول له بود كبير: أخيرا يابو فيصل دخلت القفص برجولك..

ماجد بعيارة: مابغينا ندخل هالقفص..
ماعاد باقي إلا أبكي تحت رجول السجان وأقول دخلني القفص تكفى..

عبدالله وقف وأستاذن
ماجد بعزم: وين بتروح مسوي غداء في بيتي ..

عبدالله بتوقير: جعله عامر.. بس أنت عارف أنه وراي سفر العصر..

ماجد بجدية: العصر تو الناس.. تغدى وعقبه روح المطار..

عبدالله بعيارة: يا أخي أنت عريس اليوم.. بس أنا بعد عريس مالي كم أسبوع.. خلني أروح لأم عزوز..

ماجد باحترام ومودة وهو يحضن عبدالله: الله لا يغير عليكم.. وتروح وترجع بالسلامة..


بعد ماراح عبدالله.. ماجد اتصل بنجلاء وقال لها بلهفة: أبي أشوف دلال..

نجلاء بعيارة: يمه مافيك صبر.. العشاء الليلة.. وبتشوفها..

ماجد بنفاذ صبر: مافيني صبر.. أبي أشوفها الحين..

نجلاء ميلت على دلال اللي كانت ميتة من الخجل والكل يبارك لها..: ماجد يبي يشوفج...

دلال برعب: لا نجلاء تكفين.. خلاص الليلة يشوفني مرة واحدة..

ماجد أصلا سمع رد دلال من التلفون المفتوح بيد نجلاء.. : هاه ماجد سمعت..

ماجد بطفش: اللهم طولك ياروح.. اللي صبرني 40 سنة بدون مره.. يصبرني كم ساعة..


بعدها نجلاء ميلت على أذن دلال: بعد أذنج.. أنا بس أبي أعزم صديقة وحدة لي..

دلال بود وخجل: على راحتج نجلاء.. أنتي ما تستأذنين أحد.. احنا اللي نستأذنج..

نجلاء بابتسامة واسعة: أمي أكيد أنها دعت لمجود ليلة القدر عشان حظه يجيبج..

ماردت عليها دلال بغير ابتسامة خجولة..


***********************



سعود أعصابه متوترة والشوارع زحمة.. يبي يوصل بسرعة..
يحس إن كل دقيقة تمر تاكل من روحه شوي..
بيموت يبي يتطمن.. بس مستحي يتصل في المره اللي معها موبايل دانة..
يبي لين يوصل ويكلمها مرة وحدة..
ماصدق أن المشوار يخلص
وقف سيارته قدام باب المستشفى ونط وخلى السيارة واقفة..

السيكورتي وراه: يا الأخو.. وقفتك ذي ماتصير..

سعود عطاه مفتاح سيارتك: تكفى خذ المفتاح ووقفها وين ماتبي وخل المفتاح عند مركز الأمن..

السيكورتي حس فعلا أن سعود وراه مصيبة، خذ منه المفتاح تفاعلا مع سعود وتعاطفا مع حالته المتوترة..

في الوقت الي سعود اتصل على موبايل دانة
وردت عليه تهاني هالمرة ماكان بتوتر لكن بحزن عميق: أنا موجودة قدام غرفة الولادة..

سعود قلبه وقف..

(أي غرفة ولادة ودانة مالها شهر ونص حامل..)

في دقايق كان واقف قدام تهاني اللي عرفها من البالطو الأبيض اللي هي لابسته مع نقابها..

تهاني مالحقت تلبس عبايتها.. وطلعت مع دانة في سيارة الأسعاف بالبالطو..

سعود الكلمات ميتة على لسانه: دانة وش فيها؟؟

تهاني بحزن: الله يعوض عليكم.. دانة سقطت..

سعود اللي حس بحزن عميق: المهم دانة أشلونها.. وإلا الحمل الله جاب.. والله خذ.. والله عليه العوض..

تهاني بذات الحزن: دانة زينة.. دخلت عليها من شوي.
. بس موتت روحها من البكاء على الجنين اللي راح..
ياقلبي المسكينة مالحقت تفرح فيه..
توها عرفت أمس أنها حامل.. سقطت اليوم
عطوها مهدئ عشان البكاء موب زين لها.. والحين نايمة..

سعود بحزن مخلوط بفرح: الحمدلله على سلامتها.. دانة عندي بألف ولد..

وعقب كمل باستفسار: إلا هي أشلون تعبت؟؟

تهاني بتحسر: كان عندها مريض طفل عمره 5 سنين.. الولد الله يهداه كان شيطاني زيادة عن اللزوم..
أول ماحطته أمه على الكرسي.. وشاف دانة قربت منه..
رفس دانة في بطنها.. المسكينة جات تبي ترجع..
بس الاستاند اللي عليه الأدوات.. كان مسحوب وراها.. فالولد رفس في بطنها لحد ماقال يا بس..
أمه هي اللي قالت لي.. كانت هنا توها راحت وبترجع..

سعود حس بألم يطعن روحه من كل ناحية..
وهو يتخيل ألم دانة وخوفها ورعبها على الجنين اللي في بطنها.. والولد يرفسها في بطنها..

(يعني كأنها شافت ولدها ينذبح قدامها.. وهي مهيب قادرة تنقذه..)

سعود قرر يتصل بأمه يبلغها.. ياسبحان الله كان ناوي اليوم يبلغها بحمل دانة لمايرجع البيت.. يبلغها الحين بتسقيطها..

وأتصل على خالد عشان يبلغ هله بعد..

أم سعود وخالد كان تأثرهم بالغ وكبير
أم سعود حزنت على حفيدها اللي ماكمل..
وخالد حزن على أخته الكبيرة الغالية..


*******************
 
دلال بعدها في بيت جاسم متوترة.. وقلقة

نجلاء ميلت عليها وقالت بهمس: أشرايج دلال نروح لبيتج ترتبين أغراضج في الشنط
وعقب نروح السوق نشتري لج شوي أغراض..
وبعدين نرجع البيت على وقت جية الكوافيرة..
أنتي تتعدلين وأنا اروح بيت ماجد أرتب أغراضج..
البيت أنا رتبته أمس
وكملت بخبث: وحطيت لج شوي شغلات في الدولاب اشتريتهم البارحة
لو ماجد شافهم يكون ماجاه نوم البارحة..

دلال كحت بحرج، وعقب قالت بصوت واطي: بيتي ممكن نروح نجيب أغراضي..
بس السوق مافيه داعي..
لانه أصلا كل ملابسي جديدة وحتى الشنط والجزم والعبايات والملابس الداخلية أنا اشتريتها بعد مافكيت الحداد..
كل ملابسي القديمة تصدقت بها..
حبيت أنسى أي شيء ممكن يذكرني فيه الله يرحمه..

نجلاء بابتسامة: يعني عروس جاهزة ماشاء الله..
ما أقول لج مجود أمي داعية له..
بس بعد لازم نروح السوق على الأقل تشترين فستان لليلة..

دلال بحرج: أي فستان؟؟

نجلاء برقة: ماعليه دلال حبيبتي لو كان كلامي بيضايقج شوي..
بس ماجد هذي أول مرة يتزوج.. نفسي أنه يشوف عروسته بفستان أبيض..
هو طبعا ماراح يكون فستان عرس بمعنى الكلمة..
بعد أذنج طبعا، ممكن نختار فستان ناعم وراقي يكون لونه أبيض..

دلال حاسة بفرحة نجلاء بأخوها وماحبت تكسر خاطرها: خلاص قومي نروح للسوق أول وعقب نرجع لبيتي.. أصلا شنطي جاهزة.. بس نشيلها..


*********************



الساعة 2 الظهر..
عبدالله يستعد لمغادرة بيته..
بس ينتظر عبدالعزيز اللي على وصول من المدرسة..
عشان يسلم عليه ويروح للمطار..
أفضل ينتظره برا..

وجواهر ونوف جالسين معه تحت في صالة البيت الرئيسية..

عبدالله يجلس بين جواهر ونوف..

عبدالله طالع بثوبه وغترته.. لأنه عارف أنه كثير من أهل العراق هذا لبسهم.. ففضل أنه يظل بثوبه وغترته..

جواهر تنظر له بثوبه الشتوي الداكن.. وغترته البيضاء..


كان طوال عمره استثنائيا.. وسيظل دائما في قلبها وعينيها وعقلها رهان الاستثنائية والعظمة التي لا تخسر..

كانت تنظر له بوله.. عشق.. احترام..دفق مشاعر لانهائي وغير محدود
كانت تريد أن تحفر صورته الأخيرة في قلبها ومشاعرها.. لتحتفظ بهذه الصورة تصبرها عن غيابه الأيام القادمة

عبدالله ينظر لها في تايورها الأبيض الناصع المكون من بنطلون وجاكيت ضيق
يظهر بجاذبية بالغة طولها ورشاقتها..
يهمس في أذنها: بأتذكر أني تركت وراي حمامة بيضاء بأموت من شوقي لسكونها على صدري..

تبتسم له جواهر ابتسامة أشبه بالبكاء..
في ذات الوقت الذي أنزل عبدالله شفتيه الهامستين من أذنها..
لتحط على دفء عنقها..
ويطبع عليه قبلة عميقة لاهبة
وهو يستنشق بعمق رائحة جسدها الطبيعية..
وكأنه يريد أن يملأ رئتيه وصدره وكل خلاياه بهذه الرائحة..

قبلة عبدالله طالت طويلا..
في الوقت الذي جواهر لم تعد تشعر بشيء سوى ملمس شفتي عبدالله على عنقها..
وقلبها يذوب ويذوب..ويذووووب

ولكنها استعادت إدراكها بخجل
وهي تتذكر وجود نوف..
حين بدأت تستمع بوضوح إلى صوت تنفس عبدالله العالي المتقطع من شدة انفعاله..
لكنها فوجئت أن نوف غير موجودة..
نوف انسحبت من بداية القبلة إلى مطبخ التقديم الداخلي..

عبدالله فقد إحساسه بأي شيء سوي ملمس عنق جواهر الناعم ورائحتها الدافئة المثيرة..
وكأنه أنفصل عن كل العالم..إلى عالمها هي ..
هي فقط..

في الوقت الذي جواهر تعود باستسلام حاني مؤلم إلى عوالم رجولة عبدالله الآسرة..
وقبلته الدافئة المستمرة التي تمنت إلا تنتهي أبدا..

ولكن ككل شيء جميل لابد له من نهاية..
رفع عبدالله شفتيه عن عنق جواهر..
وانفاسه ترتفع وتنخفض بصوت مسموع..
ووجيب قلبه يجاوبه وجيب قلب جواهر بدقاتهما المستعرة..

لم يكن للكلمات معنى وهما يتبادلان النظرات اللاهبة العاشقة المشتاقة..
وكل منهما يعرف تماما ما الذي يستعر في قلب الآخر..
لأنه يدرك أن هذا الشعور العميق الموجع
هو شعور متبادل بكل آلمه وروعته واختلافه.. واسطوريته..

قطع عليهما جوهما الخاص الاسطوري..
دخول عبدالعزيز عليهم وهو يلهث ويقول: سامحني.. تأخرت عليك يبه؟؟

عبدالله كح بنعومة وهو يحاول إخراج نفسه من عوالم وجود جواهر المسيطر عليه ويعدل وضع غترته على رأسه: لا يا أبوك.. بأطلع الحين المطار..
روح ناد أختك أسلم عليها..

في لحظتها نوف دخلت عليهم
وهي تقول بعيارة: مافيه داعي حد يناديني.. أنا رحت بروحي ورجعت بروحي..
بس مو كأنه (الهوت هوت موفيThe hot hot movie) طوّل شوي؟؟؟

جواهر وطت عينها وهي بتموت من الخجل..

في الوقت اللي عبدالله وقف وقرص نوف من أذنها وهو يقول بعيارة ودودة وجرأة: وأنتي ليش تشوفين الهوت موفي ياللي ماتستحين؟؟

نوف فركت أذنها وهي تضحك: الهوت موفي جاء عندي أنا مارحت له..

في الوقت اللي عبدالعزيز ميل على أذن نوف وهمس: شالسالفة؟؟

نوف ردت عليه بصوت واطي: أقول لك بعدين..

عبدالله سلم على عياله بحنان كبير وخصوصا نوف اللي طولت وهي حاضنته..
لكن سلام جواهر عليه كان مختلف..
عياله مفكرينه رايح شغل.. كان وضع عادي هم متعودين عليه..
لكن جواهر تعرف أنه رايح مكان يمكن مايرجع منه..

جواهر حضنته بعنف وعبدالله يهمس في أذنها: أنتي وعدتيني ماتبكين..

جواهر تهمس له بحب آسر: وأنا عند وعدي..

عزوز بود وهو مستمتع بقوة العلاقة بين امه وابوه: بسج يمه خنقتي أبوي.. كلها 3 أيام وراجع لج..

جواهر فلتت عبدالله بالراحة لكنها ماقدرت وهي ترفع عيونها لتسكن في لمعة حنان نظرته..
رجعت ترمي نفسها على صدره من جديد وهي تشدد أحتضانها له وتهمس له: أرجع لي ياعبدالله..
لا تطول الغيبة علي.. أرجع لي أنت وعبدالعزيز.. أنا ما أقدر أعيش من غيركم أنت وياه..

عبدالله بثقة: إن شاء الله بنرجع.. بنرجع


******************



حوالي الساعة 2 و20 دقيقة..

في غرفة دانة بالمستشفى..توها وصلت لغرفتها
أختها مزنة عندها..أم سعود وأم خالد طلوا عليها في غرفة الاستراحة من العمليات تحت.. وراحوا على أساس يرجعون العصر..

سعود مابعد شافها.. وقاعد يتحرقص لهفة وألم برا..

يتبع
 
الجزء الحادي والسبعون




في غرفة دانة بالمستشفى..توها وصلت لغرفتها

أختها مزنة عندها..أم سعود وأم خالد طلوا عليها في غرفة الاستراحة من العمليات تحت.. وراحوا على أساس يرجعون العصر..

سعود مابعد شافها.. وقاعد يتحرقص لهفة وألم برا

أتصل على موبايل دانة اللي ردت عليه مزنة
مزنة سكرت..
وقالت لدانة بحنان: سعود برا يبي يدخل..

دانة من سمعت اسم سعود بدت دموعها تنسكب بصمت..
وهي تقول بحزن قاتل: وش أقول له..؟؟ أني ماقدرت أحافظ على ولدنا...!!

مزنة رجعت تحضن دانة وهي تقول بحزن: حبيبتي وش ذا الكلام؟؟..
انتي وسعود توكم صغار.. والله بيرزقكم بالعيال والبنات إن شاء الله..

مزنة كانت عبايتها ونقابها عليها أصلا.. فطلعت نادت سعود.. وظلت هي واقفة برا..

سعود دخل بلهفة قاتلة موجعة
وتوجه مباشرة لدانة عشان يحضنها بعمق.. بعمق بعمق مذهل: الحمدلله على سلامتش حبيبتي..

دانة انخرطت في بكاء حاد: سامحني سعود.. سامحني.. أنا ماقدرت أحافظ عليه..

سعود اللي كان جالس جنبها على السرير وحاضنها
مسح على شعرها بحنان وقال بحنان كبير: حبيبتي المهم سلامتش..
والجنين إن شاء الله بيعوضنا.. لا تضايقين نفسش..
المهم أنه أنا وانتي سوا..
وعقب كمل بنبرة تقطر حنان وحب:
أنا أحبش دانة.. وأعشقش.. واذوب في هواش.. أقدر أعيش من غير عيال طول عمري.. بس ما أقدر أعيش من غير وجودش في حياتي لو يوم واحد..

كان ردها إنها شددت احتضانها له ودموعها تنسكب بغزاره وهي تقبل كتفه برقة..

لكن الكلمات.. مانطقت بحرف..
دانة أعتصمت بصمت جرح سعود لأبعد حد..

سعود حس أنه سكب مشاعره وكرامته قدامها بدون أي مقابل منها..
حس أنه مايقدر يستحمل أكثر من كذا..
قرر يطلع ورأسه فيه موال ثوري.. وغريب

وخر دانة من حضنه برقة، قبل رأسها وقال لها: تبين شيء دانة؟؟
أنا رايح الدوام وراجع بكرة إن شاء الله...

دانة باستغراب: بس أنت اليوم ماكان عندك دوام..

سعود بهدوء وتفكير غريب يجتاح عقله: صار فيه تغيير في الشفتات.. واتصلوا فيني..

دانة بحزن لأنه ما فكر يعتذر من الشغل
وهو عارف إنها تعبانة في المستشفى ومحتاجة وجوده جنبها أكثر من أي وقت ثاني: لا سعود سلامتك.. ما أبي شيء..


******************



عبدالله مع أفضل في السيارة..

وقربوا على المطار..

عبدالله بود: ما أوصيك يابو محمد في أم عبدالعزيز والعيال..

أفضل بحنان: لاتوصي هريص يابو ئبدالئزيز.. تروح وترجء بالسلامة..

عبدالله بهدوء: أفضل أنت عارف أنه أنا وأنت أخوان.. وأكثر من أخوان بعد..

أفضل بتأثر: أكيد يائبدالله وش لازمة هازا الكلام..؟؟

عبدالله فتح شنطته الهاند باق وطلع منها ظرف، مده لأفضل المستغرب: شنو هازا ئبدالله؟؟

عبدالله بود: هذي أوراق فيها كشف بأسهم شريتها لعيالك من لما فتحوا باب المضاربة للأجانب..
وفيه كشف بحساب باسمك فيه مبلغ مهما كان كبير في نظرك ..بيكون أقل من قدرك عندي..

أفضل برعب رجع الظرف على عبدالله: وش هازا الكلام بو ئبدالئزيز..
أنا وئيالي ئايشين في كيركم من زمان..
كفاية أنه إهنا ئايشين في بيت ملك أنت شريته لنا..
وانت ئارف ئبدالله أنه حتى شغل ما أحتاج لشغل من كيرك ئلي.. بس أنا اللي حاب أكدمكم..
تجي الهين تبي تئطيني زيادة.. والله مايجيني شيء..

عبدالله بهدوء: استغفر ربك.. والله أن تأخذها.. أنا أبي أروح وأنا متطمن عليك..

أفضل برعب أكبر: ليه ئبدالله تقول كزا؟؟

عبدالله بابتسامة: والله مافيه إلا الخير.. بس أنا حبيت أتطمن عليك ليس إلا..


***************
 
بعد صلاة العصر جبر وصل مجلس سعود الخارجي..

لقى خالد ينتظره داخل.. مع أن خالد مزاجه معفوس من تسقيط دانة.. وكان يبي يروح لها في المستشفى..
بس ماقدر يخلف وعده مع جبر..

الشباب قاعدين في المجلس.. يتصلون على محمد اللي تلفونه مقفول..

عقب خالد اتصل على سعود
سعود قال لهم أنه راح للدوام.. وأن البيت فاضي لأن أم سعود والبنات راحوا لدانة في المستشفى..

وعقب سعود قال بهدوء: روح أنت لمحمد وطلعه من الغرفة.. وطالبك تكفى ماتخلونه اليوم.. طلعوه أي مكان.. قرب يخيس من الحبسة..

خالد طلع من المجلس الخارجي
متوجه للبيت بثقة وفتح الباب وعبر الصالة الخارجية للصالة الداخلية اللي درج البيت فيها..
كان متأكد أن البيت فاضي..
لكنه فوجيء بالكائن الغريب الموجود في الصالة..

كانت الجازي قاعدة في الصالة ببيجامتها اللي عليها ميكي ماوس باللونين الأحمر والأسود..
ورجولها ممدة على الطاولة قدامها وهي لابسة شوز فرو احمر ضخم عليه رأس ميكي ماوس الضخم..
وشعرها المتوسط الطول المصبوغ باللون الأشقر الداكن فيه كلبس ميكي ماوس باللون الأحمر..

خالد لما شاف شكلها ماقدر يمسك نفسه من الضحك..
الجازي توها تغطت منه من سنتين..
وشكلها ماتغير عدا شعرها اللي صار أشقر..
ويعتبرها طفلة لحد الحين..
(قلنا طفلة بس مهوب دعلة)

الجازي لما شافت الرجال اللي واقف قريب منها ويضحك
وهي كانت مركزة في مسلسل على mbc3

نطت وتخبت ورا أقرب باب وهي تصيح: خويلد أنت ماتستحي.. مدرعم كأنك مدرعم على بيتكم..

خالد اللي كان يحاول يتماسك من الضحك: أسفين ياميكي ماوس.. سعود قال لي البيت فاضي.. أنا بأروح للمجلس..
وأنتي اطلعي قومي محمد..
وحاذري على المسكين لا تروعينه بكشتش اللي كنه شاب فيها حريقة
وعقب أرجعي للرسوم اللي تشوفينها ياالبزر
وبعدين لاعاد أسمعش تدعيني خويلد قصيت لسانش..
ماعاد باقي البزارين..

الجازي وهي ورا الباب: تخسى تقص لساني..
ماحد له حق علي إلا سعود بن سعيد.. أنت روح قص لسان غالية عشان تأكلك بقشورك..

خالد اللي عصب عليها: والله وطلع لش لسان يالجويزي.. أنا أقص لسانش أنتي وغالية..
ولا يكثر حكيش يا قليلة الأدب روحي قومي محمد.. قولي له فيه رياجيل يبونه في المجلس..

الجازي اللي عصبت عليه: بأقول له فيه رياجيل ومعهم خالد..
ما اقدر أكذب عليه وأقول اللي في المجلس كلهم رياجيل..
وأنا ماني بقليلة أدب..
قليل الأدب اللي يدخل على بيوت الناس ومحارمهم بدون أستئذان..

خالد اللي كان طالع ومتوجه للباب
رجع لما سمع كلام الجازي..اللي خلاه يولع ويتنافض من العصبية والغضب
بينما الجازي أعتقدت أنه راح للمجلس لما مارد عليها

لكنها فوجئت بيد تدخل عليها من ورا الباب..
واليد تشد شعرها بقوة من ورا الباب الموارب..
خالد اللي كان مفول ومعصب ومايشوف قدامه..
أول مادخل يده في شعرها بدون مايشوفها صدم يده ملمس نعومة شعرها الحريري..
لكنه ماخلا هذا الاحساس يأثر عليه..

شد شعرها بقسوة من ورا الباب...
وكان حريص في نفس الوقت أن الباب ماينفتح..
لأنها مسك شعرها بيساره ومسك الباب بيمينه لا ينفتح : أسمعيني يا أم لسانين..
ذا المرة شديت شعرش بس..
بس والله ثم والله لا تطولين صوتش علي مرة ثانية..
يالعقال أن أقطعه على ظهرش ياقليلة الأدب..
وروحي أدعي محمد بسرعة

وعقب هد شعرها..
وهي طاحت على الأرض وهي تبكي..
وصوت بكاها واصل خالد اللي طلع من البيت..

وفي قلبه احساس جديد لذيذ بالجازي اللي ذكرته تصرفاتها وعنفوانها بأخته الدانة..


*******************



عبدالعزيز الصغير يحاول يفتح إيميله اللي كل مره يعطيه وجود خطأ في الاسم أو الباسورد..

(غريبة!!! شالسالفة؟!!!)

فكرة لمعت في رأس عبدالعزيز..
ألتقط موبايله ودق رقم معين..

جاءه صوتها الناعس على الطرف الآخر.. كانت تعاني من أزمة البنات الشهرية المعتادة..وكانت أكلت حبوب مسكنة ونامت : نعم عزوز.. وش هالأزعاج؟؟

عبدالعزيز بهدوء: وش مرقدج ذا الحزة؟؟ قومي صلي..

ديمة بصوت متعب: أنت أكيد ما أتصلت لي عشان تقول لي صلي.. لكن العموم شكرا على الاهتمام خلاص بأقوم أصلي.. ومع السلامة..

عزوز وقفها بحزم: أنا أتصلت.. وأنا أسكر موب أنتي..

ديمة وهي فعلا تعبانة: عزوز أنا ماني بمتفرغة لك.. وش تبي..؟؟

عزوز بجدية: أنتي عارفة وش أبي وخلي حركات الاستعباط..

ديمة توترت ونطت حالسة على سريرها: عزوز.. قول وش تبي بدون مقدمات..

عزوز بهدوء: أولا أنا اسمي عبدالعزيز.. ثانيا إيميلي مثل ماهكرتي عليه... أفتحيه..

ديمة بصدمة: والله العظيم ماجيت جنب ايميلك..

عبدالعزيز يعرف أن ديمة ممكن تهكر على الايميلات.. لكنه كان يعتقد أنها ماتجاوزت هذه المرحلة.. وماكان يعرف هي وين وصلت..

عزوز بنفاذ صبر: ديمة خلصيني أفتحي إيميلي أبي أرسل واجباتي للمدرسين..

ديمة بصدق: أقول لك والله العظيم ماجيت جنبه..

عزوز يعرف إن ديمة ممكن تخبي.. ممكن تعاند..
لكنها ماتكذب: زين.. على العموم افتحيه بنفس باسوردي القديم.. أعرف أنه سهل عليج تفتحينه..

ديمة بخبث: أفتحه كذا لوجه الله؟؟ مايصير

عزوز اللي شم في كلامها ريحة ماعجبته: ليه وش تبين مقابل بعد؟
 
الجزء الثاني والسبعون




في غرفة دانة في مستشفى النساء والولادة..

كان عندها أمها وخواتها.. وأم سعود ومها..

دانة بصوت متعب توجه كلامها لأم سعود: يمه وين الجازي؟؟ خليتوها في البيت بروحها..

أم سعود: محمد عندها في البيت وهي خليناها راقدة... وانا عاجزة من الحنة.. وأني أتناها لين تقوم وتلبس..
خليناها راقدة حتى ماتعرف بدخلتش للمستشفى..

دانة بحنان: الجازي هذي حبيبتي..

غالية نطت: ياسلام هي حبيبتش وانا أخت الشارع.. ماكني أنا اللي بأختش..

دانة تأشر لغالية تعالي.. تقرب منها غالية.. وتحضنها دانة بحنان: غلاكم واحد يالخبلة..

مها بعيارة: تكذب عليش أنتي وياها.. القلب مايأخذه إلا واحد..
خذه حضرة الملازم وراح به معه للمعسكر..

دانة أصبحت تستغرب من شفافية مشاعرها.. الكل أصبح يعلم شدة تولعها بسعود..

" الكل يعلم إلا سعود يادانة.. إلا سعود"

مزنة بعيارة تكلم مها: ليتش بس شفتيها اليوم عقب ماطلع من عندها.. عشانه قال لها أنه رايح الدوام.. تبكي كأنه رايح مهاجر..

مها بمرح: أصلا أنا أنبسط يوم سعود يروح للدوام.. أنط عندها في غرفتها.. لاني متاكدة أنها كالعادة تفل ملابس سعود وترتبهم....
آه ياقلبي.. لو أن الملابس تتكلم كان اشتكت من كثر الترتيب.. تقول ارحميني خليني مبهدلة شوي..

مزنة بلعانة: وإلا لما تجي عندنا تزورنا.. جعل أمحق أخت.. قاعدة وقلبها مع الساعة.. تعد الدقايق متى سعود بيجي يأخذها..

دانة وجهها ورم من الخجل والاحمرار..
في الوقت اللي أم خالد وام سعود.. كل وحدة منهم قبصت بنتها : صدق أنكم بنات ماتستحون.. المرة المتزوجة وجهها صار أحمر
وأنتوا بنات البيت الوحدة منكم وجهها لوحة



********************



الحوار مستمر بين ديمة وعزوز

ديمة بخبث: أفتحه كذا لوجه الله؟؟ مايصير

عزوز اللي شم في كلامها ريحة ماعجبته: ليه وش تبين مقابل بعد؟؟

ديمة بثقة: تعتذر لي.. أنا مازلت أنتظر اعتذار على اللي أنت سويته فيني المرة اللي فاتت..

عزوز ببرود: ياحليلج.. روحي ألعبي بعيد.. أنا ماراح أعتذر لأني ماغلطت.. والايميل بتفتحينه غصبا عنج..

ديمة ببرود: أنت كل شيء عندك غصبا عني..
يعني عشان احترمك من صغري واللي تقوله أسويه.. صدقت روحك
أنت اللي ياحليلك وروح ألعب بعيد
أنت صاحب الحاجة.. والمثل يقول: صاحب الحاجة ذليل

عزوز بنفس البرود: وانا أقول الله يلعن الحاجة اللي بتذلني لج.. بدل الايميل عشرة

ديمة ببرود مثلج: كيفك ياحبيب أمك.. تشاو

عزوز حس أنه مفول عليها.. كان وده إنها قدامه عشان يعطيها طراقين..
لكن عزوز كان مقرر أنه يتجنب الالتقاء بها قد مايقدر...

رجع للكمبيوتر وهو يحاول يفتح إيميله اللي مو راضي ينفتح..

لكن بعد عدة محاولات فتح..
وابتسامة واسعة.. واااااااااسعة.. ترتسم على شفايفه..

لقط موبايله..وبعث مسج لديمة

"شكرا......
وأنا أسف"

مسج ديمة

" العفو ..
والأسف مقبول"


*********************



خالد اللي راح من جبر بوجه رجع عليه بوجه ثاني..
وهو كل شوي يلمس يده اليسار.. كأنه وهو يلمسها يلمس شعر الجازي اللي عانق اصابعه من دقايق..

جبر بعيارة:خالد.. إيدك تعورك؟؟

خالد وهو في عالم ثاني: لا.. مافيها شيء..

جبر بنفس العيارة: عيل ليش ماسكها جذيه جنك خايف إنها تنحاش منك..؟؟

خالد بعيارة وهو يحاول ينفض ذكرى الجازي من رأسه: ياشين اللقافة.. يدك وإلا يدي.. تبيها عطيتك إياها..؟؟

جبر بعيارة: إيه أبيها.. هاتها...

خالد يرجع يده لحضنه وكأنه خايف حد غيره يحس بملمس شعرها الغافي بين أصابعه..

جبر يضحك: المينون جنه صدق..

خالد يضحك: أيه صدقت.. يدي وعندي.. وكل واحد يده عنده..

وهم في حوارهم وضحكهم دخل عليهم محمد اللي انصدم الأثنين لابعد حد من شكله.. بل كانت صدمتهم شيء يتجاوز الصدمة بكثير..


*********************
 
جواهر كانت قدام التسريحة تبدأ بوضع مكياجها.. استعدادا لليلة.. (ليلة زواج ماجد)
قلبها فيه حزن عميق..
وتحس كأن غرفتها قبر من غير إحساسها أن عبدالله ممكن يدخل عليها في أي لحظة..

من غير إحساس الترقب اللذيذ بوقع خطواته التي تحمل لها دائما عبقا مختلفا من المشاعر..
عبق يشبه اختلاف عبدالله في كل شيء
في وسامته..في شخصيته.. في مشاعره.. في جراءته
في قبلاته.. في لمساته.. في حنانه.. في قوته

لكنها وعدت عبدالله أنها لن تبكي..
ولن تبكي..
رفعت رأسها للمرآه وابتسمت ابتسامة رقيقة شفافة..
كأنها تبتسم لعبدالله لذاته..


****************



محمد دخل على الشباب في المجلس.. بوجه متورم.. وغترته على كتفه..
وهو يسحب رجله وراه بدون عكازه..

وشعره الطويل الحريري..اللي كان يعتز فيه كثير

أختفى..

كان شعره محلوق للأخر.. ويبدو في راسه عدة أصابات.. تؤكد أنه من قام بحلاقة رأسه بنفسه..

محمد سلم عليهم بهدوء.. وجلس بهدوء..
ثم أشر للمقهوي : صب قهوة باولد..

نط الشاب الهندي الصغير بدلة القهوة والفناجيل..

في الوقت اللي جبر وخالد قالوا مع بعض: تقهوينا محمد خلاص..

محمد بذات الهدوء وهو ينظر للأرض: متى جايين؟؟

جبر بهدوء: من شوي.. ندق على موبايلك ماترد علينا..

محمد بنبرة حزن: سامحوني.. بس شحنه فضا من زمان ولاعاد شحنته..

جبر بود: فيه واحد موصيني لاجيت عندك.. أتصل عليه..

جبر دق موبايله لما رد عليه الطرف الثاني.. همس له بصوت واطي ماحد ماسمعه: أنا عند محمد و ترا حالته ماتسر عدو ولاصديق..
ويهه شكله وارم من الصياح.. حتى شعره اللي كان أغلى عليه من كل شيء.. حلقه على الصفر..

جبر عطا محمد الموبايل، محمد خذه وهو يظن أنه يمكن يكون أبو جبر أو حد من أخوانه يبي يسلم عليه

رد محمد بصوت ساكن عميق: ألو

جاءه صوت سالم الحازم على الطرف الآخر: أفا عليك محمد ماظنيت هذا قدر صحبتنا عندك..

محمد قلبه وقف يحسب سالم زعلان عليه عشانه فقد بصره بسبب الحادث
لكنه ألتزم الصمت وسالم يكمل: ولا ظنيت أني عقب عشرة ذا السنين كنت مصاحب لي بزر..
مهوب رجّال أشد ظهري فيه..

كذا يامحمد يكون ضعف إيمانك بالله.. الله سبحانه وتعالى قال { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا }

اللي صار لي شيء مقدر مكتوب.. حتى لو أنا قاعد في الدوحة مارحت معكم
كان جاني قدري في أي مكان
وأنا مؤمن بالله وشاكره على ابتلاءه.. وخير إنه يبتليني في الدنيا.. ولايبتليني في الآخرة
والرسول صلى الله عليه وسلم بشر من يفقد عينيه أن يعوضه الله عنهما قصرين في الجنة..

يعني الله سبحانه وتعالى كتب لي ذا الخير كله.. وانت متكاثره علي..

محمد كان مصدوم من كلام سالم اللي كان يزيح الهم عن قلبه شوي شوي..
وسالم مستمر بالكلام: يامحمد .. والله لو عرفت أنك مسكر على روحك.. أو أنك قاعد حزين مكتئب..
أنه هذا أخر مابيني وبينك..
يعني الله خذ بصري
وأنت تبي تأخذ رفيقي مني..
لا أشوفك المرة الجاية إلا وانت جايب محمد معك..
محمد اللي طلعت انا وياه من الدوحة سوا.. ما أبي محمد الثاني..

وأبيك تدرس المادتين الباقية عليك.. أنا عرفت أن امتحاناتك مع بداية الفصل الثاني.. والفصل الثاني باقي عليه أيام بس..

محمد ماقدر يقول شيء من شدة الانفعال.. وهو يحس إن روحه اللي غادرته ترجع له بقوة..


في الوقت اللي منيرة اللي كانت جالسة عند سالم.. دموعها تنسكب بصمت وهي تستمع لكلام سالم اللي يكشف عن معدنه الإنساني النادر..


**********************



عبدالله يصل إلى مطار بغداد
أنهى إجراءاته وطلع لصالة استقبال المسافرين
فتح موبايله.. كان يبي يتصل في جواهر يطمنها عن وصوله..
لقى مسج منها:

" حين تطالع عيناك/نجمتا قلبي
هذه الأحرف
تكون أنت في مكان آخر
ومعك ضيف محلق
أنه قلبي
الذي مااستطاع صبرا
كن به رؤوفا..وعد به معك بسرعة
أحبك..

الحمدلله على سلامتك"

عبدالله تنهد (نعنبو لايمني في حبج)

كتب لها مسج

" وصلت بحمدلله
والضيف معي..ملاصق لنظيره
كلاهما يقتله الشوق لكِ
وللرجوع لحناياكِ وأحضانك
أحبكِ أكثر .. وأكثر"

عبدالله أعاد موبايله لجيبه بحرص بالغ كأنه يعيد قلب جواهر
وهو يتمعن في وجوه المستقبلين..
حتى وجد أحدهم يحمل لوحة بيضاء صغيرة كُتب عليها اسمه..

أقترب منه بود: فاضل؟؟

تبادل كلا من الرجلين نظرة تقييمية للآخر..
كان فاضل للقصر أقرب.. ولكنه قوي البنية.. يلمع في عينيه نظرة قوية واثقة أشبه بنظرة نمر متيقظ..
يرتدي بنطلون جيشي يعتليه بوت طويل.. وجاكيت كاكي ثقيل يدل على برودة الجو.. وقبعة صوفية زيتية..
يوحي مظهره المتحفز بثقة أنه لا يمكن أن يفوته شيء..

فاضل ابتسم ابتسامة ودودة: نعم أني فاضل.. أهلا بيك بوعبدالعزيز..
ثم كمل بمرح: لو راوي كايل لي أنه طولك هيج..
كان خليت أحد غيري يستقبلك
على مود ما أضحك الناس في المطار لما يباوعونا ويا بعض..

رد عليه عبدالله بود: الرجال مخابر موب مناظر..

فاضل شد على يده بترحيب: نورت بغداد.. وإن شاء الله ما تشوف إلا كل أشي يسرك..

عبدالله باحترام: عامرة بأهلها.. بس أنا مستعجل أخلص المهمة اللي أنا جاي عشانها..

فاضل بثقة: ولا يهمك.. الموضوع بسيط هوايا.. وباجر مخلصينه إن شاء الله..

عبدالله طلع مع فاضل من المطار مع قرب أذان العشاء.. متوجهين للفندق اللي عبدالله حجز فيه..


********************



جواهر وصلت لبيت جاسم.. عشان تحضر العشاء المقام لزواج ماجد ودلال...

نجلاء استقبلت جواهر عند الباب وخذت عبايتها منها..
ماكان فيه حضور غير نجلاء وعمتها أم جاسم وبنات أم جاسم الثنتين وجواهر..

والعروس

جواهر سلمت بود على الكل وباركت للعروس وجلست..

جات نجلاء جنبها وجلست وهي تأشر للمضيفة تجيب القهوة: وش هالزين كله يا أم عزوز!!!

جواهر برقة: ماشاء الله ماعقب زين دلال الليلة زين..

نجلاء بعيارة: الله يستر على ماجد بس لا ينجلط..
هذا واحد ماعمره عرف حريم.. وعقب يلاقي وحدة مثل هذي..
ضحكت وكملت: مثل واحد طول عمره محروم من الكيك وعقبه عطوه قدر كيك..

جواهر ضحكت: الله يخسج على شبيهاتج اللي ما أدري من وين تجيبينها..

عقب غمزت نجلاء بعينها وكملت بخبث: بعدين مو بس ماجد اللي ملاقي له قدر كيك...
عبدالله طايح في قدر كيك بالكريمة والمكسرات والتوفي والشيكولاته و.....

جواهر بخجل: بس بس ياقليلة الحيا..

نجلاء بعيارة: تزوجتي وأنتي عادج مصرة على فيلم الحيا ذا..
إلا عبدالله أشلون خلاج تطلعين من عنده الليلة..؟؟
لو أنا من عبدالله.. على شكلج الليلة.. والله ما أخليج تطلعين من باب الغرفة..

جواهر تنهدت: عبدالله مسافر في شغل..

نجلاء تبتسم: آه ياقلبي على التنهيدة.. والناس الذايبين
 
الجزء الثالث والسبعون



عشاء الرياجيل في بيت ماجد خلص وراحوا كلهم..
والحريم في بيت جاسم تعشوا وخلصوا بعد..

ماجد متوتر..
دلال متوترة أكثر..

نجلاء أتصلت على ماجد: ماجد منت بجاي تلبس عروسك؟؟

ماجد بتوتر: مافيه داعي نجلاء.. أنتي لبسيها

ماجد اللي كان بيموت الصبح عشان يشوف دلال
لما شاف الليل جاء وإن السالفة فعلا صارت حقيقية.. صابته حالة توتر حقيقية..
40 سنة وهو عايش بحريته.. وله نمط حياة معين..
كان ساكن في بيت كبير بروحه.. معه بس خادم هندي..
أكثر الأحيان البيت يطلع منه الصبح لدوامه..
مايرجع الا اخر الليل عشان ينام
بين المطاعم وبيوت أصحابه أو بيت نجلاء
صحيح حياة فارغة.. وماحد مهتم فيه غير نجلاء..
لكنه تعود عليها..
أشلون بيتعود الحين على الدخيلة الجديدة في حياته
وعلى وجودها الأنثوي في بيت ذكوري

نجلاء حاسة بتوتر أخيها وخافت أنه يفشلها في الحريم.. فقررت تسأل دلال
لو دلال تبيه يجي ويلبسها.. غصبته يجي.. لو هي متنازلة خلاص يكون أحسن

سألت دلال اللي كانت بتموت من خجلها: أحسن نجلاء أنا بعد منحرجة من أنه يلبسني قدام الحريم..

لبستها نجلاء طقمها.. لكنها تركت الدبلة عشان ماجد يلبسها لها في بيتهم..

وعقب أتصلت في ماجد: خلصنا..

ماجد بتوتر كبير: خلاص خليها تطلع علي أنا أنتظرها في الحوش.. وتعالي معنا..

نجلاء بود: لا أنا بأخلي جاسم يجيبني.. عشان هو يرجعني على طول.. ما أبي اكون عزول..

جواهر كانت طلعت على طول بعد تلبيس الطقم.. السواق والخدامة ينطرونها برا.. وماكانت تبي تتاخر على عيالها..

وبنات أم جاسم كانوا ينتظرون يسلمون على دلال قبل تروح..

نجلاء لبست دلال عبايتها وشيلتها على وجهها كانت حريصة أنها ماتخرب شعرها أو مكياجها..

لما طلعوا برا.. كان فيه سيارتين واقفة برا.. سيارة ماجد وسيارة جاسم

دلال شدت على يد نجلاء وهمست: تكفين أركبي معي.. تكفين خليج جنبي على نفس الكرسي

نجلاء ماحبت أنها توتر دلال أكثر.. قالت خلاص اللي تبينه..

ركبوا الثنتين سيارة ماجد من ورا.. وجاسم تبعهم بسيارته..

نجلاء بفرح تكلم ماجد: مبروك ياعريس..

ماجد بتوتر حاول تغليفه بالثقة: الله يبارك فيج.. وعقب كمل برقة: مبروك دلال..

لكن دلال ماردت عليه..

ماجد شاف في خجلها متنفس لتوتره: أنا أقول مبروك دلال..

بس دلال ماردت عليه ...ريقها ناشف ولسانها لصق بحلقها..
وتفرك في أصابعها بعنف متوتر..

دلال بطبعها خجولة جدا.. وزاد عليها حياتها مع زوجها الأول.. اللي كان قاسي عليها جدا..
وخلاها تفضل أنها تعتصم بالصمت طول الوقت.. عشان مايلاقي سبب يضربها عشانه
لكنه مع هذا كان يخترع أي سبب عشان يضربها
وخصوصا لما يكون سكران..
دلال عاشت بالفعل حياة مريرة تعذبت فيها كثير..
لكنها كانت متصبرة ومحتسبة أجرها عند الله..

صحيح أنها صلت استخارة كثير وقلبها مرتاح لماجد.. لكنها اصبحت مرعوبة من جنس الرجال


استمر الصمت مسيطر الباقي من الطريق بين بيت نجلاء وماجد..
لحد ماوصلو البيت.. ماجد نزل وفتح لهم الباب..مد يده لدلال.. لكن دلال بخجلها ظلت يدها بحضنها..
نجلاء بود: دلال مدي يدج.. ماجد ماد يده لج..

دلال بحرج.. عطته يدها ونزلت..

ماجد حس أن توتره كله يذوب
ويحل محله حنان متعاظم ويدها الصغيرة تسكن يده وهو يحس بأناملها الناعمة المثلجة المرتعشة..
وهي تتسند على يده وتنزل من السيارة..

ماجد حس أنه يبي يسوي شيء يعبر عن الانفعال اللي اجتاحه

فرفع يدها لشفايفه وطبع عليها قبلة دافئة..
دلال حست بالرعشة تهزها بعنف وهي تحس بدفء أنفاسه على أناملها الباردة..

نجلاء نزلت وراها وهي تقول لماجد بعيارة: مجود خف على البنية.. البنية موب قدك..

دخلوا نجلاء ودلال للبيت.. في الوقت اللي ماجد توجه لجاسم.. اللي كان قاعد في سيارته ينطر نجلاء..

بعد دقايق طلعت نجلاء..
وتوجهت لماجد وجاسم اللي كانوا يسولفون: مجود خلاص مالك شغل بجاسم.. جاسم أملاكي الحصرية على قولتك..
وأنت روح لأملاكك الحصرية الجديدة..

جاسم ونجلاء حركوا.. في الوقت اللي ماجد ظل واقف في الحوش.. تتنازعه اللهفة والتوتر..

خذ نفس عميق.. وعقب دخل..

كانت دلال جالسة في الصالة.. بعد ما نجلاء فسخت عبايتها وتأكدت من شكلها وتركتها..

كانت عيونها بحضنها.. وتفرك أصابعها بتوتر..

دخل ماجد عليها وقال بهدوء: السلام عليكم

دلال رفعت وجهها بخجل: وعليكم السلام..

ماجد أول ماشاف دلال.. أنصدم واجتاحه شعور غريب

الغضب

كان إحساس متعاظم من الغضب يجتاحه

وبعنف..


******************
 

الشباب كانوا كلهم في عزبة أبو جبر اللي على البحر..

محتفلين بمحمد اللي طلع من حبسته اليوم..

جبر بود وفرح: يا حيا الله أبو سعيد.. تو مانورت عزبتنا..

محمد بعيارة ودودة: جبير أنت وذا التميلح.. كني ماني بحافظ عزبتكم وامترها كل سنة.. يبغي يسوي لنا حاتم الطائي..

جبر بعيارة: لحول.. رجع علينا أبو لسانين.. وين الأدب اللي كان نازل عليك.. ياحي محمد المؤدب..

محمد بعيارة: وخر بس.. جعل عمر أبو مبارك طويل.. لولاه وإلا كان أنتو الحين فاقدين طلتي الذهبية..
بس الله يهداه.. لو مكلمني قدام أتهور وأحلق الغالي..
يقولها وهو ينزل غترته ويمسح على قرعته.. : بس ماعليه فدوة لأبومبارك.. وأنتم يالله تمتعوا بصلعتي اللامعة..

جبر يضحك: وع.. على قولتك: حدبة.. لا وفيها فلوع بعد..

محمد وجبر يضحكون.. وخالد في عالمه الخاص يلفه صمت غريب..

عقب محمد ميل على أذن جبر: أنا لي زمان من خالد..
هو فيه شيء؟؟.. يده توجعه؟؟.. من عصر وأنا شايفه ماسكها.. ومايتكلم إلا بالقطارة..
وصلناه المستشفى وراح زار اخته ونزل علينا وهو ماسكها..

جبر بهمس: حتى أنا سألته.. لو هي تعوره.. بس هو قال لا..

محمد بقلق: شكلها توجعه.. ومايبي يقول لنا..
وعقب رفع صوته: خويلد خويلد..

خالد اللي اخرجه صوت محمد من عالمه الخاص..: هلا محمد

محمد بحزم: قوم نروح للمستشفى..

خالد باستغراب: ليه المستشفى؟؟

محمد بثقة: يكشفون على يدك..

خالد بحرج: يدي مافيها شيء..

محمد بحزم وهو يقوم خالد بقوة: قوم.. يالله قوم.. بدون نقاش..

خالد وهو بيموت في ثيابه من الحرج: والله مافيها شيء..

محمد بدأ يعصب: خويلد والله أن قد تقوم ذا الحين..
قم جعل السلال يضرب بطنك.. يدك موجعتك.. ليه قاعد متصبر على الوجع.. قدامي على المستشفى..

جبر جاء بيقوم معهم.. حلف عليه محمد: والله ماتقوم.. أنا بأروح معه المستشفى.. وعقب بأخليه يرجعني للبيت..

خالد ماقدر يقول شيء.. وهو رايح للمستشفى عشان يده إلا مافيها غير ألم لذيذ اسمه: ملمس شعر الجازي..



*******************



في ثكنة سعود
وقت المبيت وفق المصطلحات العسكرية..

همس يدور بين سعود وجابر اللي سرايرهم جنب بعض..

جابر بمرح: لا يمر القائد علينا ويكشفنا بس..

سعود بثقة: لا تحاتي.. القائد اليوم عنده أوف..

جابر بعيارة: إيه.. خلاص علوم القائد صارت عندك ياحضرة النقيب..

سعود بهدوء: توني ماتعودت عليها.. حضرة النقيب ذي.. تو الترقية من كم ساعة بس.. وبصراحة تفاجأت منها
يعني أنا جاي للمعسكر في يوم غير يوم شغلي عشان أسوي لي شغلة.. لقيت خبر الترقية..

جابر بمودة: تستاهل والله.. ماشاء الله تبارك الله أول نقيب في الـ28 في كل الثكنة.. ترقيتك كانت استثنائية لأنك فعلا كنت أستثنائي..
وعقب كمل بمرح: وعشاء الترقية متى بتسويه لنا..؟؟
لازم تسوي عشاء كبير تعزم كل الثكنة من أصغر عريف للقائد..

سعود بغموض: إنا مسافر بكرة في مهمة بتطول شوي.. إذا رجعت سويت لكم عشاء في الفورسيزونز إن شاء الله..

جابر برعب أخوي: وش مهمته اللي بتطول ذي؟؟
 
الجزء الرابع والسبعون




ماجد أول ماشاف دلال.. أنصدم واجتاحه شعور غريب

الغضب

كان إحساس متعاظم من الغضب يجتاحه

وبعنف..

كان غضب عنيف على زوجها الراحل.. اللي تجرأ ومد يده على ملاك مثلها..

كانت دلال قدامه في فستانها الأبيض أشبه بملاك تنقصه الأجنحة ليطير..

شافت ماجد واقف مذهول.. ماعرفت أيش تسوي فوقفت هي بعد..

ومشاعر ماجد تتلون وتتغير من الغضب إلى الاعجاب إلى الانبهار..

صحيح أنه أنبهر بجواهر لما شافها.. وصحيح إنه جواهر أجمل من دلال بكثير..

لكن إحساسه بدلال كان مختلف.. أعمق وأجمل وأروع.. وأكثر عذوبة..
دلال حلاله وملكه.. له هو..

كانت دلال تقف بفستانها الأبيض الشيفون المتسع على الطريقة الرومانية..
كتف عاري وكتف مغطى.. وناحية الكتف المغطى الفستان يكون أقصر من ناحية وحدة.. فساق مغطاة وساق مكشوفة..

وتسريحة شعرها الكستنائي هي التسريحة الرومانية المرفوعة اللي تنزل منها خصل لوبية بدون ترتيب..

مكياجها كان ناعم جدا وخفيف.. لأنها تركيبة وجهها وبشرتها لا تحتمل ولا تحتاج الكثير من الألوان

الميزة الأبرز في دلال.. واللي تجذب النظر فورا..
بياض لون بشرتها الناصع وصفاءها.. كانت بشرتها اشبه ببشرة طفل في إشراقها ونقاءها وروحها..
كان لها جاذبيتها الخاصة جدا.. وجمالها الناعم..

ماجد قرب منها برقة.. شعر بتوترها وارتعاشها.. طبع قبلة حانية على جبينها..
وقال لها بحنان عشان يكسر حاجز الخوف والتوتر عندها: تحبين أوريج البيت تشوفينه..

دلال بخجل كبير: براحتك..

ماجد بمودة مسك كفها المرتعشة بحنان وقال لها: تعالي معي... وأي شيء تحبين تغيرينه في البيت براحتج.. أنا حاضر.. وأنا عارف أنه أكيد محتاج تغييرات كثيرة

ماجد لف فيها البيت من تحت.. فرجها على الصالات والمطبخ..ومجالس الاستقبال.. ويده بيدها اللي ماوقفت عن الارتعاش..

وعقب طلع بها فوق وهي توترها يتزايد..
البيت كان واسع.. فوق مستخدم غرفة واحدة لماجد بس..
غرفة واسعة في طرفها جلسة صغيرة للتلفزيون..

تحمل ذوق رجالي واضح.. تشبه المكاتب في طريقة ترتيبها.. فخمة بس جامدة..

دلال لما دخلت غرفة ماجد حست قلبها بيوقف من التوتر والخجل..

ماجد بمودة: نجلاء رتبت كل ملابسج في الدواليب..

دلال ماردت..

ماجد بهدوء وهو مقرر مايستعجلها في شيء لأنه لاحظ خجلها الغير طبيعي: لو تحبين تبدلين...
فيه غرفة تبديل ملحقة بالحمام.. ولو تحبين أطلع من الغرفة لين تبدلين.. طلعت..

دلال واقفة ساكتة تفرك إيديها بتوتر..

ماجد تنهد وتوجه للدولاب.. خذ له بيجامة جديدة من البيجامات اللي جابتهم نجلاء له..
مع أنه عمره ماتعود ينام ببيجامة.. كان ينام بالسروال/ البنطلون الأبيض بدون فانيلة حتى..
كان عايش حياته بطريقته الحرة الخاصة..

وجه كلامه لدلال برقة: أنا بأطلع أبدل في غرفة برا..
وأنتي بدلي براحتج ...



******************



محمد وخالد طالعين من المستشفى..
بعد ما أصر محمد أنهم يصورون يد خالد..

خالد بيموت في ثيابه من الحرج ( تقول الجازي دعلة.. والله مافيه دعلة غيرك ياخالد.. خليت الجويزي البزر تلعب بحسبتك.. وتفشلك في الرياجيل)

محمد باستغراب وهم في السيارة: يدك سليمة.. بس يمكن على قولة الدكتور شد عضلي.. لا تنسى تستخدم الكريم اللي هو عطاك..

خالد بحرج وهو يشغل السيارة: إن شاء الله.. ان شاء الله...

محمد بمودة: خلاص وصلني للبيت وعقب روح لبيتكم

خالد حاس إن انفعاله اللي كان فعلا غير طبيعي وحتى هو مستغرب منه كان يمنعه من الرجعه لبيت عمه مكان إحساسه الجديد بالجازي فقال: أنا تعبان.. يدي توجعني .. خل نروح بيتنا .. واخلي السواق يوصلك..


***********************
 
عبدالله وجواهر الليلة الاولى لكل منهما بعيد عن الآخر

بعد حوالي شهر من انصهار وذوبان كل منهما في الآخر روحيا وجسديا..

النوم يبدو حلما بعيدا بعيد المنال..
الافتقاد الموجع يحز في خلايا كل منهما..

كان عبدالله يغفو لثواني لتعبه الشديد..
ولكنه كان يصحو من نومه بإنفعال
وهو يتحسس ذراعه بحثا عن جواهر التي أعتاد كلما صحا أن يداعبها
بلمسة شفافة من أنامله الحانية
أو قبلة دافئة من شفتيه الوالهه..
حتى وإن كانت هي نائمة على ذراعه كالعادة...

جواهر لم تنم مطلقا.. وهي جالسة على السرير تضم ركبتيها لصدرها..
وتحتضن بحنان فانيلة عبدالله التي خلعها اليوم قبل استحمامه..
الملابس التي كانت تلاصق صدره وتشربت بعصارة جسده ورائحته العذبة..

لطالما كانت جواهر هكذا..
حاسة الشم عندها هي الأكثر حضورا.. والاكثر وجعا..
من افتقادها الموجع لأولادها..
حتى اشتياقها المبرح لعبدالله..

كانت تستنشق ملابس عبدالله بعمق.. ورائحته الرجولية العميقة الخاصة تعبق منها بتركيز مؤلم..

ولكن حتى متى ستحتفظ ملابس عبدالله برائحته؟؟!!!!




******************



ماجد رجع لغرفته..

لقى دلال مابعد طلعت من الحمام..

دلال خذت لها شاور..
ولأنها مستحية تطلع بالروب والفوطة..

تأخرت وهي تستشور شعرها عشان ماتطلع وهو مبلول

ثم لبست لها بيجامة حرير بيضاء كمها طويل..

ماجد كان قاعد على السرير وعلبة الدبلة في يده..

أول ماطلعت دلال.. وقف ماجد وهو يستمتع بمنظرها الشفاف..

قال لها برقة: تعالي دلال..

قربت منه بخجل.. ماجد فتح العلبة وطلع منها الدبلة..
وقال لها بنفس الرقة: عطيني يدج اليسار..

دلال مدت يدها له وهي بتموت من خجلها
ماجد لبسها الدبلة بحنان..
ثم رفع يدها وطبع عليها قبلة دافئة..
ثم فتح كفها وطبع في باطنها قبلة أعمق وأدفأ..
ثم سحب كفها وقبل داخل معصمها قبلة أعمق..
وكان يبي يتعمق أكثر..

لولا أن دلال سحبت يدها بقوة وبتوتر..
وابتعدت خطوتين وهي تحس قلبها بيتوقف من الانفعال والخجل..

ماجد توتر من ردة فعلها اللي حس إنها مبالغ فيها شوي..
تراجع وجلس على السرير..
وبعد دقيقة صمت
ماجد جالس على السرير.. ودلال واقفة حاضنة نفسها وترتعش..

قطع ماجد الصمت وهو يقول بعمق: انا اعرف ان زوجج الاول الله يرحمه كان تعامله قاسي جدا معاج
بس أنا غير عنه..
واللي اتمناه منج واحنا في بداية حياتنا سوا
أنج تحاولين تنسين زوجج الاول وتصرفاته معاج
عشان نبدأ حياة جديدة أنتي تحكمين علي فيها من خلال تصرفاتي انا
موب من خلال تصرفاته الله يرحمه

سكت شوي وعقب كمل بنفس النبرة العميقة:
مافيه داعي لكل هذي الحدة والخجل..
خلينا نتعرف على بعض بدون حواجز
وتأكدي أني ماراح استعجلج على شيء

دلال ظلت واقفة في نفس مكانها ساكتة..

ماجد وقف.. مسك يد دلال بحنان.. ثم جلسها جنبه على السرير..

دلال بنفس توترها وخجلها اللي بدأ يعصب بماجد..
لكن ماجد قرر انه يتمالك نفسه للآخر وقال لها برقة: حبيبتي دلال أنا غير والله غير
ومع العشرة بتكتشفين بنفسج..

ماجد قال كلمته ومد يده يبي يحضنها.. لكنه فوجئ بدلال تتراجع بعنف وتنخرط في بكاء هستيري..

ماجد نط واقف من الرعب..
(ماسويت شيء عشان تبكي كذا.. كنت أبي أحضنها بس
وش أقول؟؟ أبي أدعي عليه بس ما أقدر
بأقول الله يجازيه باللي يستحقه
شكله مرعبها من كل ملامسة المتوحش)

ماجد حس بغضبه على زوج دلال المرحوم يتزايد ويتزايد لدرجة الاختناق..
فقرر يطلع للبلكونة يأخذ نفس..

طلع ماجد لبلكونة الغرفة.. وترك دلال اللي كانت منهارة من البكاء..

ماجد حاس بنار تحرقه وهو يتخيل زوج دلال كان يعاشرها بوحشية..
عشان كذا هي مرعوبة من ماجد ومن كل لمسة منه


*********************



سعود ماقدر ينام.. يفكر في بكرة

وأشلون يوصل الخبر لدانة.. ولأمه..

أحيانا يشعر انه استعجل في قراره..

لكن الأحيان الأكثر تؤكد له إن قراره صائب

لأنه خلاص قدرته على الاحتمال انتهت..

والابتعاد عن دانة والشوق لها واللهفة عليها
أهون من قربها واستجداء كلمة حب لا تشعر بها منها



***************



عبدالله في غرفته بالفندق..

ماقدر ينام عدل.. أندق عليه الباب دقات خافتة..

عبدالله نط واقف وطل مع العين السحرية للباب

كان فاضل واقف على الباب بتحفز

فتح عبدالله الباب وهو يقول بود: هلا فاضل..

فاضل بهدوء: صحيتك؟؟

عبدالله: لا والله انا مانمت اصلا..

فاضل بثقة: زين هيج.. ألبس بسرعة.. خلينا ننزل

عبدالله باستغراب: وين؟؟

فاضل بنفس الثقة: نجيب اللي انته جاي للعراق على موده..
 

الجزء الخامس والسبعين




عبدالله باستغراب: وين؟؟

فاضل بنفس الثقة: نجيب اللي انته جاي للعراق على موده..

عبدالله بفرح مخلوط بالاستغراب: بهالسرعة؟؟

فاضل بثقته المعتادة: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد.. واللي خاطفين نسيبك شوية اطفال معاهم سلاح ويريدون فلوس..
ماخذوا في إيدي شوية..
وعقب كمل فاضل باستفسار: الفلوس وياك؟؟

عبدالله يفتح الخزنة اللي في غرفته ويطلع منها الفلوس..

فاضل يقول له بود: جيب نص المبلغ بس.. خليناهم يسوون دسكاونت..

عبدالله بإعجاب: والله ماوفاك راوي حقك.. خلاص النص الثاني لك.. والله العظيم ماتقول شيء..

فاضل باستنكار وغضب: أنته تريد تهينني بوعبدالعزيز؟؟

عبدالله باحترام: محشوم يافاضل.. هذا حقك والحق حق..



*******************



ماجد رجع للغرفة بعد ماهدأ شوي
الغضب هدأ لكن الحرقة في قلبه كانت تتعمق..

كانت دلال هي الأخرى هدت.. وتجلس في نفس مكانها على السرير بصمت..

ماجد فضل أنه مايرجع لها.. لأنه صار يخاف من ردات فعلها
توجه لجلسة التلفزيون وجلس هناك بصمت...

مضى وقت طويل.. والصمت سيد الموقف..
بعدين قرر ماجد يتمدد على الكنبة .. عشان يعطيها فرصة لو كانت تبي تنام..

مر وقت أطول لين قررت دلال تتمدد على السرير ويغلبها النعاس وتنام..

في الوقت اللي ماجد مانام نهائيا لحد أذان الفجر..
لما اذن الفجر قام يتوضأ
كانت أنوار الغرفة كلها مضاءة..
قرر يطفيء بعضها ويترك بعضها لأنه خاف أنها يمكن تكون تخاف من الظلام.. (شيدريني بعد؟)

قرب منها بشويش
(خلني أمتع عيوني بطلتها.. قبل تصحى وتتخرع مني)


(يا سبحان الخالق ملاك نايم..
الله يجازيه زوجها الأولي لولا فعايله فيها
وإلا كان الحين نايمة بحضني)

ماجد كان يبي يروح للمسجد..
لكنه خاف يخليها في البيت بروحها..
لأنه حتى خدامة مامعها في البيت..
هو يعرف أنها عندها خدامة في بيتها..
بكرة بيجيبها.. عشان ماينشغل باله عليها لما يطلع..

قرر يصلي في البيت.. مع أنه ماتعود يفوت الصلاة مع الجماعة وهو صاحي..

لما خلص صلاة.. رجع على دلال.. صحاها بدون مايقرب منها بصوت هادئ: دلال.. دلال قومي صلي الفجر..

دلال فتحت عينها بشويش.. وهي تشوف ماجد واقف بعيد ببيجامته الرمادية.. وشعور غريب دافئ يجتاحها..

كانت هي أول أيام زواجها بزوجها الراحل.. هي اللي تصحيه للصلاة..
لكن رده الدائم عليها كان كفين معتبرين يلونون في خدها الأبيض لثاني يوم..

بعدها توقفت عن إيقاظه للصلاة..
في محاولة لتلافي أن تبدأ يومها بالضرب..
حتى لا يترك ضربه لها في وجهها علامات وهي متوجهة لعملها في المدرسة..
(دلال مدرسة كيمياء في مدرسة ثانوية)

دلال تصبرت طويلا على زوجها على أمل إصلاحه..
وعندما يأست كانت على وشك طلب الطلاق.. لولا أن والدها توفي بعد زواجها بسنة..

وبعدها بدأ زوجها بتهديدها.. أنه سيشوه سمعتها بل وحتى سمعة والدها الراحل.. إذا هي طلبت الطلاق منه..

ولأنها تعرف دناءته وحقارته.. قررت الصبر من أجل ذكرى والدها وخصوصا أنه لا سند لها..
وأن تحتسب عذابها معه عند الله سبحانه
لأنها أعتبرت أنه هذا الزوج ليس أكثر من ابتلاء في الدنيا..

فهل يكون ماجد هو مكافأة الله لها على صبرها؟!!

دلال ردت برقة: إن شاء الله.. بأقوم الحين..

خلصت دلال صلاتها ورجعت تتمدد على السرير.. وماجد متمدد على الكنبة يتقلب.. بعد دقايق ماجد نط قاعد..
وهو يوجهه كلامه لدلال: لو ماعندج مانع أبي أفسخ القميص
أنا ما أقدر أنام كذا.. ولو بيضايقج بأروح أنام في غرفة ثانية..

دلال خافت يخليها بروحها في البيت الغريب عليها.. فقالت له بخجل: على راحتك..

ماجد خلع قميصه ورجع يتمدد


*********************
 

عبدالله وفاضل في مكان التسليم
الوقت قبل الفجر بساعة حسب توقيت بغداد..
والمكان غرب بغداد.. طريق زراعي مهجور بالقرب من الرضوانية..

كانت سيارات الخاطفين الثنتين واقفة على جنب الطريق..
سيارة صغيرة.. وسيارة ميكروباص..

وسيارة فاضل تجاوزت سيارتهم بشوي.. ووقفت..

فاضل طلب من عبدالله ماينزل من السيارة نهائيا..
لحد مايخلص إجراءات التسليم والاستلام ويجيب المخطوفين الثنين ويركبهم السيارة من ورا..
بدون ماينزل عبدالله..
اللي المفروض مايظهر في الصورة مطلقا وقفا لمخطط فاضل..


**********************




دلال صحت بدري من النوم..
الغرفة أصبحت تقريبا مضيئة تماما.. مع نور الشمس المتسلل عبر الشبابيك التي لم تُغلق ستائرها البارحة..

دلال قامت تتسحب ناحية ماجد تشوفه صاحي أو نايم..

صدمها بعنف مظهر جسده العاري..
فرق شاسع بين بنية ماجد الرياضية (وهو اللي أهلكه عبدالله بالركض خلفه على الكورنيش وبين نوادي رفع الأثقال طوال السنوات الخمس السابقة بعد عودة عبدالله من أمريكا)

وبين جسد الراحل الذي عبث الشراب بصحته وكان يعاني هزالا جعل عظامه تكاد تمزق جلده من نحوله..

تراجعت بذات عنف صدمتها.. وهي تشعر بإنفعال بالغ بعثه فيها منظر ماجد الرجولي الغريب عليها..

غسلت وبدلت.. وقررت تنزل تتمشى في البيت.. وتسوي لماجد فطور قبل يصحى.. وتتلهى عن المنظر اللي بدت فيه صباحها..

دلال نهائي ماعجبها ترتيب أغراض المطبخ ولا نظافته.. لقت لها مريلة جديدة.. لبستها وبدت تنظف.. وتعيد ترتيب الأغراض
وتشوف شنو اللي ناقص وتسجله في ورقه
قضت ساعات وهي تشتغل..
كانت منهمكة في الشغل لدرجة أنها ما انتبهت للظل الطويل المنعكس على بلاط المطبخ.. للشخص اللي كان متسند على جانب الباب وله دقايق يراقبها بابتسامة واسعة..

قاطع انهماكها صوت مرح يقول: فيه عروس تبدأ صباحيتها بأشغال شاقة مثل هذي..

دلال ارتبكت.. توجهت للمغسلة وغسلت يدها عدل.. ونشفتها وخلعت المريلة بارتباك وهي تقول: صحيت بدري وحبيت أتسلى..
ونزلت عينها بخجل بالغ وهي تشوف أن ماجد لابس قميص البيجامة بدون مايسكر إزراره..

ماجد كان باله مشغول بطلتها الناعمة ..تنورتها القصيرة لتحت الركبة بشوي والواسعة باللونين الليموني والأخضر.. وبلوزتها الهاي نك الليمونية بدون أكمام..

ماجد قرب منها ومسك يدها برقة وطبع عليها قبلة دافئة وهو يقول: الإيدين الحلوة هذي تنخدم ماتخدم..

دلال انتزعت يدها من يده..و تراجعت بحدة لكن الحائط خلفها حجزها وثبتها..

في الوقت اللي ماجد تقدم منها وهو يسند يديه على الحائط ويحبسها في الفراغ الضيق بين ذراعيه..
 
الوسوم
منتديات. شبكة. العربية. العامة
عودة
أعلى