روايه بعد الغياااب

دانة لها يومين مانامت
صارت خلاص على وشك الانهيار..

القلق ينهشها مثل ذئب مسعور.. يستمتع بطعم لحمها.. كل ما ينهش.. كل ما يحس بإزدياد السعار عنده.. فيعود للنهش الموجع دون رحمة..

صاح موبايلها، لقطته بكل لهفة الارض المؤلمة
كان رقم سعودي غريب عليها، لكنه ردت بسرعة ولهفة: سعود

على الطرف الآخر جاها صوت سعود المرهق: دانة..

دانة لما سمعت صوته.. خلاص انهارت القوة اللي كانت متسلحة فيها اليومين اللي فاتو.. وانخرطت في بكاء حاد..

سعود بحنان حمله لها صوته المتعب: حبيبتي ليش تبكين؟؟

دانة من بين شهقاتها: سعود تكفى طمني عليك.. وعلى محمد وخالد..

سعود بهدوء: كلنا بخير..

دانة بصوتها الباكي: ماني بمصدقتك أحلف لي..

سعود بهدوء متعب بالفعل: والله العظيم كلنا بخير.. اشلونش وأشلون أمي وخواتي؟؟

دانة وهي تحاول تتماسك: كلنا طيبين.. مانبي إلا شوفتكم..

سعود بهدوء: قريب ان شاء الله.. انا اتصلت ابي اطمنش وهذا تلفون رجال لازم ارجعه له..

دانة بلهفة: وتلفونك ليش مسكر على طول..

سعود: مافيه شحن، اول ما اشحنه باتصل لش..

سعود سوا اتصالاته بوزارة الصحة القطرية.. ومستشفى حمد عشان يرسلون طيارة طبية تشيل محمد وربعه...

لكن وضع سالم اللي كان في غيبوبة و كان مصاب بكسور متعددة وارتجاج حاد بالمخ منعهم لخطر الحركة عليه..

في الوقت اللي أصر محمد وخالد وجبر اللي رجعوا لوعيهم الكامل.. أنه ماحد منهم يتحرك من المستشفى لحد مايرجع سالم معهم..

سعود بعد ماشد حيله خذ شاحن من الممرضين وشحن تلفونه
وقرر يتصل في عمه.. وعم سالم.. وابو جبر.. عشان يبلغهم عن عيالهم اللي أكيد أنهم بيجنون عليهم الحين..



ابو علي كان خلاص قرب يستخف من القلق على سالم.. اللي تلفونه يعطي مغلق على طول..

في الوقت اللي منيرة جننته تسأل عن رجعة سالم عشان يطلقها..

قال لها ابوها عشان يسكتها: إن سالم بيطول شوي في السعودية.. واول مايجي بيطلقها..

أبو علي كان قاعد في مجلسه، القلق بيقتله..
وهو يحاول للمرة المليون يدق على موبايل سالم المغلق...

رن تلفونه، رد بهم: هلا..

صوت هادئ على الطرف الآخر: صبحك الله بالخير يابو علي..

ابو علي بقلق: صباحك أخير..

سعود بتوتر أخفاه تحت قناع هدوءه: أنا سعود بن سعيد الـ .. عرفتني طال عمرك؟؟

أبوعلي حس بمثل الطعنة في قلبه: بلى عرفتك مهوب انت اللي أخوك محمد رفيق سالم..
سالم وش فيه؟؟ هو كان متخاوي هو ويا أخوك للنعيرية؟؟ أدري أنه صار عليهم شيء..
قل لي بس سالم حي وإلا لا..؟؟
تكفى يا ولدي لا تفجعني..
 
الجزء الثامن والخمسون



منيرة تدرس
في الوقت اللي سارة تدور في الغرفة وتحاول تتصل بسالم اللي له يومين ماكلمها.. وموبايله مسكر

منيرة ببرود: أنتي أطلعي برا.. انا أبي أدرس.. وانتي ازعجتني..

سارة بقلق موجع: سالم مايرد على تلفونه له يومين.. باموت من الخوف عليه..

منيرة وعينها في كتابها: إن شاء الله مايرد طول عمره..

سارة اللي أصلا معصبة زادت عصبيتها: منور وعمى يعميس
كله ولا سالم..أنا ما اسمح لس تدعين على سالم..
سالم ماله ذنب في شيء.. الذنب كله ذنبي..
أنا اللي ماقلت له إنس ماتبغينه، وأنا اللي ماقلت لس عن موعد العرس..
حسبت اني كذا اربط احب اثنين على قلبي ببعضهم..
وخلاص سالم إذا رجع بيطلقس ويخلص منس..
ومافيه خسران إلا أنتي.. لأن سالم كنز أنتي ماعرفتي قيمته.. وسالم بأزوجه شيختس..
وأنتي قدرس واحد يدفن وجهس في التراب..

منيرة اللي عصبت وقامت من مكتبها: سويرة احترمي نفسس..

سارة بغضب هادر: أنا سكتت على فعايلس اللي سويتيها فيني اليومين اللي فاتوا.. بس كله ولا أنس تدعين على سالم..

منيرة وهي تبي تقهر سارة: الله يوريني فيه يوم .. جعلس ماتشوفينه واقف على رجوله..

سارة ألتفتت على منيرة بكل حدة، رفعت كفها وعطت منيرة أقوى كف هي قدرت عليه وبكل قوتها وحرتها ووجيعتها..

منيرة طاحت على الأرض مذهولة صارت تشهق وتقول بصياح بين شهقاتها لسارة اللي كانت تبي تطلع من الغرفة: اكرهس واكره سالم .. اكرهكم كلكم.. الله يحرق قلبس عليه مثل ماحرقتوا قلبي.. الله يحرق قلبس عليه..

سارة المتألمة من الحال اللي وصل له الوضع بينها وبين اختها.. طلعت وهي تحاول تسد أذونها عشان ماتسمع كلام منيرة.. اللي كان يقطع قلبها..


*****************


جواهر صحت من النوم على حركة ناعمة فوق جفونها مثل رفة أجنحة الفراشات..

كان عبدالله يقبل جفونها قبلات سريعه خفيفة متلاحقة وهو يقول لها بحب: قومي يالكسلانة الظهر بيأذن..

جواهر فتحت عيونها بالراحة وهي تملأ عيونها من ملامح وجهه: الظهر بيأذن؟؟ وليش ماصحتيني قبل؟؟ وأنت من متى صاحي؟

عبدالله بلهجة غامضة مرحة: كان لازم أخلص أولا من سالفة صاحب المسجات.. اصلا من الحرة عليه ماقدرت انام..

جواهر جلست وهي تقول بقلق وتوتر: عبدالله أنا فعلا أسفة.. لو الموضوع ضايقك..

عبدالله بود: هو من ناحية ضايقني فهو ضايقني فوق ماتتخيلين.. لكن بصراحة لازم أشكره.. وأشكره بعمق لأنه هو اللي خلانا نكسر الحاجز اللي بيننا..

جواهر ابتسمت بخجل في نفس الوقت اللي عبدالله مال جنبها.. وقبل كتفها العاري وهو يقول بعد ماحط رأسه على كتفها وحضن خصرها بقوة:

طلعت اسم صاحب التلفون طلع هندي..
مع أني كنت عارف أنه هذا اللي بيصير.. دقيت وايد على الرقم بس ماحد رد..
من الحرة اللي فيني بعثت لصاحب الرقم عشرين مسج حست فيهم أبوه وجده وطوايفه..
لو فيه خير خليه يرجع يبعث لج مسج واحد عقب..

عبدالله فلت جواهر بحنان هو ما يبي يفلتها
بس قام وهو مستعجل يبي يتوضأ قبل أذان الظهر
مع قومته رن موبايل جواهر رنة مسج..
جواهر فتحت المسج وهي تبتسم لعبدالله اللي كان واقف..
لكن لما قرت المسج تغير وجهها..
عبدالله رجع لها وخذ الموبايل من يدها بحزم وقرأ المسج:

" الشيخ عبدالله
يعتقد أنه بيخوفني كذا
قولي له يلعب بعيد
لأنه أنتي داخلة مزاجي
وبقوة
وأنا مافيه شيء يدخل مزاجي
وأخليه قبل أطوله"

عبدالله تغير لون وجهه
وعيونه صارت تطق شرار مرعب
وصاح بغضب ناري مخيف وهو يضرب الموبايل بالأرض ويدوسه برجله رغم أنه تكسر عشرين قطعة: ما أكون ولد أبوي إذا ما طلعت ولد الكلب هذا..

عبدالله قال كلمته ودخل الحمام وصفق باب الحمام بدوي مرعب وراه..

جواهر بتوتر حزين (وذا الزفت وش جابه الحين؟؟ ماصدقت الوضع يروق بيني وبين عبدالله)


*******************
 
أبوعلي متوجه للأحساء
بدون مايقول لاحد عن السبب الحقيقي ولا حتى لعلي اللي كان في فترة امتحانات هو وخواته..

قال لهم إن سالم يمدح الجو هناك.. وإنه بيروح يقعد معه يومين وعقب يرجعون كلهم..

نفس الشي سواه أبو خالد وأبو جبر.. وتقريبا الشيبان الثلاثة وصلوا المستشفى في نفس الوقت..

صرنا في اليوم الثالث بعد الحادث
خالد وجبر ومحمد كلهم تحسنت حالتهم..
خالد وجبر كان فيهم شوي رضوض بس كانت شديدة شوي..
خالد عنده مناطق في جلده تدحست..
وجبر انكسرت ثناياه..
محمد رجله مسكورة..
لكن بشكل عام الثلاثة وضعهم متحسن جدا
وممكن يطلعون لبيوتهم..

عشان كذا أبو خالد وأبو جبر
كل واحد منهم قرر يأخذ ولده ويرجع فيه..
وخصوصا إن أبو خالد مايقدر يترك بناته وبنات أخوه عقب مادرى أنهم لحالهم هم بعد..

خالد وجبر كانوا رافضين الرجعة..
بس الشيبان حلفوا عليهم وخذوهم غصبا عنهم..
بعد ماسدحوهم على الأسيات الخلفية لسياراتهم..
وتوجهوا بهم للدوحة..

محمد وسعود قرروا يقعدون مع أبو خالد.. اللي انهار بالمرة لما شاف سالم..


*****************


أم جاسم صار لها يومين قاعدة عند دلال..

تلفونها يرن، ترد بدون ماتطالع الرقم أو الشاشة لأنها مثل غالبية عجايزنا الكبار: ماتعرف تقرأ: ألو..

........................

أم جاسم بحرج وهي تطالع دلال بنظرة خاصة: هلا يمه ماجد..

دلال من سمعت اسم الخاطب، حست بتوتر غاضب وقررت تقوم تروح المطبخ، تسوي لها شيء هي وعمتها..

أم جاسم لما تأكدت أن دلال غابت عن عينها: خلاص يا امك.. أنا أدري أنك خطبت دلال عشان أختك..
بس خلاص مافيه داعي.. دلال ماتبي تتزوج أبد.. لا انت ولاجاسم ولاغيركم..
وأنا خلاص قررت أجي أقعد عندها.. وجاسم بيطل علينا كل يوم..

ماجد في نفسه( وأنا الله مايبلاني إلا في اللي مايبون يتزوجون) قال بثقة لأم جاسم: بس أنا أبيها من جدي يا أم جاسم..

أم جاسم بجدية: والله أني حاولت يا أمك..
بس هي موب راضية ورأسها يابس مع أنه موب عوايدها ذا العند كله..
بس رجلها الله يرحمه كرهها في الرياجيل والعرس من فعايله الشينة..

ماجد بحزم: وأنا مصمم عليها..

أم جاسم بحزم أكبر: وأنا أقول لك مالك نصيب عندنا ياولدي
 

عبدالله وجواهر وعيالهم قاعدين على الغدا..
عبدالله مزاجه معتفس لاخر حد..
حاس بما يشبه دخان الحرائق يتسرب من روحه..
عروقه بتنفجر من الحرة والغضب على صاحب المسجات اللي ماقدر يطلعه..
الهندي اللي الرقم باسمه مبعد ابعاد نهائي عن الدوحة.. حتى عنوانه في الهند حاول يطلعه بس مالقاه..

(لعبها صح.. ابن الكلب.. يامن يخليني أطول رقبته بس.. والله مايفكه من يدي شيء)

نوف اللي خلصت غداها، قامت بمرح وراحت وقفت ورا عبدالله اللي كان سرحان في أفكاره النارية الدموية..

حاوطت رقبته بيديها وحطت خدها على خده: عبودي ليش زعلان كذا؟؟

عبدالله فر جسمه صوبها وهو يقول بحب : ومن قال لج إني زعلان؟؟

نوف تمرر أصبعها على المنطقة المقطبة بعنف بين حواجبه، وتقول بمرح: هذي تقول أنك موب زعلان بس، إلا خذت وكالة الزعل كلها؟؟

عبدالله مايقدر على نوف، ابتسم وانفرجت تقطيبة حواجبه: والحين زين؟؟

نوف لفت وباسته بقوة بين حواجبه: أبو الزين
وكملت بسرعة: ويالله اسمحوا لي.. أنتوا ناس فاضين وانا ووحدة مشغولة وعندي دراسة.. دعواتكم..

جواهر اللي كانت متوترة من لما طلع عبدالله للصلاة، ورجعته وهو ساكت ومعصب وعافس وجهه..
انفرجت أسرايرها وحست بشوي راحة، وهي تشوف أن نوف قدرت تغير مزاج أبوها للأفضل..

في الوقت اللي كان عزوز حس بجو التوتر بحاسته السادسة المعتادة
كان الحين جالس ساكت مبتسم ومستمتع..


****************


عبدالله قاعد على كمبيوتره..بعد الغدا
ينفذ شوي تحركات مالية في حسابه عن طريق النت..
جواهر بخطوات مترددة شوي..جات وقفت جنبه وحطت يدها على كتفه..

عبدالله مسك يدها بحنان.. قبلها بعمق كبير وعينه مركزة على شاشة الكمبيوتر..

جواهر بعد ما أسترجعت يدها.. وكل يد ماسكة الثانية بحزم، قالت بود: عبدالله واللي يخليك.. انسى لي سالفة المسجات هذي..هذا واحد حقود يبي يخرب علينا..و هذا أنت كسرت الموبايل..
طلع لي رقم جديد..
ولا تخلي موضوع مثل هذا يوتر علاقتنا اللي توها بدت تتحسن..
العيال عندهم امتحانات.. وهم على طول يلاحظون أي توتر..

وبعدين كملت بمرح: ولو أن الأرقام موب مسيفة عندي على موبايلي القديم.. كان سويت لك سالفة أصلا..

عبدالله لف كرسيه الدوار ناحية جواهر، سحبها من يدها برقة، وجلسها على حجره، وهو ماسكها بيديه الثنتين من خصرها.. وقال بحنان: أنا أسف حبيبتي.. أدري مالج ذنب.. بس أنا شايب مخرف على قولت خالتي عائشة..وتدرين احنا الشيبان ماعندنا تفاهم..
وعقب كمل بنبرة عصبية: وابن الكلب والله حرق أعصابي...........

جواهر حطت اصبعها على شفايف عبدالله بنعومة: أششششش، خلاص خل ننسى الموضوع..


*****************


 

العصر في بيت عبدالله

جواهر قاعدة تتعدل قدام التسريحة بعد مالبست..

فوجئت بعبدالله راجع بعد ماصلى العصر

جواهر ألتفتت عليه وقالت بود: غريبة منت برايح للمؤسسة؟؟

عبدالله بود اكبر مغلف ببعض توتر: لا.. عبدالعزيز أخوج جاي الحين.. وأبي أواجهه..

جواهر باستغراب: عادي عبدالعزيز كل يوم يجي.. وش معنى اليوم تبي تنطره؟؟

عبدالله تلقى اتصال من عبدالعزيز وهو طالع من المسجد
هذا الاتصال خلاه يغير اتجاهه من المؤسسة للبيت..

بعد حوالي ربع ساعة
جواهر تحت تنطر عبدالعزيز.. وعقلها بدأ يودي ويجيب وبعنف وحشي..
لما شافت اصرار عبدالله أنه نوف وعبدالعزيز
يكونون في استقبال خالهم..

كلهم كانوا قاعدين ينطرون عبدالعزيز اللي دخل عليهم بطلته المحببة اللي الواحد ما يشبع من النظر لبهائها
وكأن نقاء عبدالعزيز ينعكس من داخله على خارجه..فيعكس مظهره الخارجي صورته النقية الداخلية..

جواهر أول ماشافته، نطت عبرتها ببلعومها
عبدالعزيز مايحتاج يتكلم عشان جواهر تفهمه..
حست في وجهه شيء كبير..
وحست في داخلها ألم أكبر..

عبدالعزيز بابتسامته الودودة، سلم
وقال لهم كلهم: أنا مستعجل.. أنا طالع للمطار..بأسافر للأردن..
فيه تبرعات نبي نوصلها لفلسطين وللعراق وبنسلمها هناك..

وكمل بحنان غامر: وقبل ماتسوين لي ياجواهر الفيلم اللي أنا عارفة..(وليش ماقلت لي قبل)..
بأقول لج أنا ماحبيت أشغلج..
وادري أنج بتجنيني من كثر الأغراض اللي بتحطينها في شنطتي..

وعقب ابتسم: أول مرة أسافر بشنطة خفيفة.. كل مرة تخليني أسحب وراي أكبر شنطة في الدوحة..

جواهر الكلمات ميتة على شفايفها، مو أول مرة يسافر، ليش حاسة انه هالمرة غير.. غـيــــــــــــــــــر

بس عقب استجمعت شجاعتها وحاولت إن صوتها يخرج طبيعي، بس خرج مبحوح فيه رنة بكاء واضحة: وعرسك اللي عقب 5 أسابيع..؟؟

عبدالعزيز حضنها بقوة، فخلاص انهارت تبكي: ياحبج للبكي يا أم عزوز.. أنا مسافر أسبوعين وراجع.. والعرس عقب 5 أسابيع.. إلا لو نورة بتغير رايها وما تبيني.. هذا شيء ثاني

عبدالعزيز سلم عليهم كلهم، في الوقت اللي عبدالله طلع معاه، وقال له: باوصلك أنا للمطار..

عبدالعزيز بود: مافيه داعي، راشد أصلا ينطرني تحت وهو اللي بيوصلني.. بس أنت تعال معي فيه شيء أبي أقوله لك..

عبدالله نزل معه تحت وسلم على راشد اللي كان قاعد ينطر في السيارة..

عبدالعزيز بحزم: عبدالله أنا بأقول لك شيء بس أمنتك الله ماتقول لجواهر شيء..

عبدالله حس بقلق كبير: أفا عليك عبدالعزيز.. وش السالفة؟؟

عبدالعزيز وهو يلقي الخبر القنبلة:

أنا رايح العراق..
 
الجزء التاسع والخمسون





عبدالعزيز وهو يلقي الخبر القنبلة:

أنا رايح العراق..

عبدالله مثل اللي صابته صاعقة: شنهو؟؟ العراق؟؟

عبدالعزيز بابتسامة صافية: وش فيك تخرعت كذا؟؟
يا ابن الحلال لا تخاف والله ماني برايح أفجر نفسي هناك.. لاهذي أفكاري.. ولاهذا ديني..

عبدالله بعصبية: ما أعتقد أن العراق في وضعها الحالي..رغم التحسن الأمني، مكان الواحد يروح له إلا لو كان مضطر..

عبدالعزيز تنهد وقال بهدوء: يا ابن الحلال.. السالفة ومافيها
إن بيت الزكاة يبي يوصل تبرعات للعراق..
والقنوات اللي كنت نوصل فيها التبرعات.. أحيان كثيرة ماتوصل التبرعات وفق للمخطط الموضوع..

والحين فيه مبلغ كبير نبي نوديه.. بينحط في حساب هنا..
وانا باسحبه على دفعات وأسلمه للهيئات الخيرية المختلفة وفق المخطط المرسوم.. اسبوعين وأكون راجع..
ولو أنت شاك، رئيسي في الشغل قال لي أنه من ربعك.. اتصل فيه أسأله..

عبدالله بقلق: ومافيه حد غيرك يقوم بذا المهمة، حد من اهل البلد نفسها؟؟

عبدالعزيز بجدية وتفاني: أنا اللي تطوعت للمهمة..
المهمة صار لها مدة معلقة.. فأنا حبيت أخلصها بسرعة قبل موعد عرسي..

عبدالله ماعرف وش يقول، قال بود وقلق: الله يحفظك يابو منصور.. أتصل فيني أول ماتوصل وطمني..
وأنا لي أصدقاء عراقيين هنا وهناك.. لو احتجت شيء كلمني على طول..



******************



عبدالله رجع داخل
مالقى حد تحت..
طلع لغرفته والهم ماليه.. والخوف على عبدالعزيز خانقه..

لقى جواهر قاعدة على الكنبة..
دافنة وجهها بين إيديها..
وتبكي بصوت مكتوم..

قعد جنبها بهدوء، حاوط أكتافه بذراعه وقال بلهجة تقطر حنان: حبيبتي ليش هالبكاء كله؟؟ عبدالعزيز رايح في شغل.. وكلها أسبوعين وراجع..

جواهر كأنها كانت تنتظر هالكلمة عشان تنهار من البكاء.. رمت نفسها في حضن عبدالله وبكت بحرقة..

عبدالله ضمها لصدرها بقوة، وسألها برقة: وعبدالعزيز كل مايجي يسافر كنتي تسوين له هالفيلم الهندي؟؟

جواهر بين شهقاتها ووجهها مختفي في كتف عبدالله: لا عبدالله .. لا.. هالمرة غير.. قلبي يقول إنها غير..قلبي ناغزني..
عبدالعزيز لو صار له شيء بعيد الشر، انا أموت والله أموت..

عبدالله كان مذهول من إحساس جواهر بأخوها.. ودعا من قلبه أنه ربي يحفظ عبدالعزيز ولا يشوفون فيه مكروه

وحس قلبه يذوب كقطعة ثلج على صفيح ساخن من بكاء جواهر.. وإحساسه بملمس دموعها اللي بلل كتفه..

عبدالله رفع وجه جواهر ومسح دموعها بكفه..
قبّل أصبعه المبلل بدموعها وكأنه يقبل دموعها ذاتها..
وقال بكل حنان: دموعج غالية ياقلبي.. وعبدالعزيز مافيه إلا الخير.. لا تفاولين عليه.. البكاء فال شين..


**********************
 
ماجد صابته حالة جنون جديدة اسمها (دلال)

يبدو أن ماجد عشق حالة جنونه بجواهر
فحول حالة الجنون لدلال

جواهر جن فيها لأنه شافها، ودلال جن فيها لأنه ماشافها..

ماجد قرر أنه يتزوجها.. يتزوجها.. لو مهما صار انه يتزوجها.. لو حتى غصبا عنها..

ماراح يسمح أنه ينرفض مرتين

واصبح مؤمن بإن دلال هي فرصته الأخيرة
أو ربما كانت هي فرصته الوحيدة..

وإن كل الظروف كانت تهيء دلال أنها تكون له هو..
هو .. وبس..
عشان كذا جواهر رفضته.. وزوج دلال مات..

والدليل عنده: إنه في نفس اليوم اللي جواهر تزوجت فيه.. كانت دلال تفك حدادها..
كأن في الأمر إشارة قدرية له..

(وعشان كذا دلال بتكون لي..برضاها.. غصبا عنها.. بتكون لي)


******************



انتهت فترة الامتحانات في الجامعة والمدارس

عزوز رجع لمدرسته الأجنبية اللي انتهت إجازتها.. هو وديمه طبعا..

أبو خالد رجع الأحساء وخذ محمد ورجعه للدوحة
لأنه أم سعود عرفت بالحادث وانفجعت على محمد..
فحلف عليه سعود يرجع عشان يطمن أمه عليه..
في الوقت اللي سعود أصر أنه يقعد مع سالم وأبو علي..
لين يتحسن وضع سالم، ويقدرون يرجعونه للدوحة..

محمد فاتته امتحاناته كلها.. بس ربعه في الجامعة قدموا له غير مكتمل.. عشان يقدمها مع بداية الفصل..

خالد فاته امتحانين وامتحن ثلاثة.. وقدم هو بعد الاثنين الفايتين غير مكتمل..

بنات المدارس: حصة والجازي وغالية، خلصوا امتحاناتهم..

بنات الجامعة: نوف ومها ومنيرة وفاطمة ومزنة وسارة وحتى هند ، خلصوا امتحاناتهم..

عايلة أبو علي: لحد الحين ماعرفوا باللي صار لسالم.. أبو علي قال لهم.. أنه مبسوط وهو سالم بالجو.. وشكلهم مطولين..
سارة جننت أبوها تبي تكلم سالم ووأبوها يتهرب بالف حجة..
ومنيرة جننت أبوها تبي سالم يطلقها وأبوها يتهرب بنفس الحجج..

دانة ارتاح قلبها لما تطمنت على خالد.. لكنها بتموت من شوقها لسعود اللي طولت غيبته.. رغم أنه بينهم اتصالات تلفونية لا تنقطع..

نجلاء وجاسم مبسوطين مع حمودي بعد انتهاء أزمة دلال..

ماجد مازال يرسم مخططاته للحصول على موافقة دلال.. من خلال خطوة الخطبة رقم 2 اللي يستعد لها بتكنيك استراتيجي مدروس

دلال مع خالتها أم جاسم.. اللي لحد الحين موب مرتاحة لقعدتهم ثنتينهم بدون رجّال معهم.. لكنها تعبت من عناد دلال اللي رافضة فكرة الزواج بالمرة..

فايز استمر يرسل مسجاته على الرقم اللي تكنسل.. منتظر اللحظة اللي جواهر بتلين له فيها.. أو اللحظة اللي زواجها بيخرب فيها..

عائشة : بين العمليات والمؤتمرات.. ولكنها بدت تنتبه أكثر لديمة وتشدد عليها في القعدة على النت

ديمة: بين الهواجس والتهكير على الاجهزة.. والملايين اللي تدخل حسابها عشان تطلع معه.. في لعبة ما تنتهي..
رغم أن أمها بدت تشدد عليها شوي..
رجعت تلبس نظارتها القديمة.. وتركت نظارة جواهر اللي هي فصلتها لها..

عبدالعزيز ونوف مبسوطين جدا ومستمتعين جدا جدا بحياتهم بين أمهم وابوهم..

نورة: تتجهز بحماس لعرسها اللي قرب..

جواهر كان في قلبها غصة لغياب عبدالعزيز لكنها تطمنت بعد ماصار يتصل عليها في اليوم أكثر من مرة (من رقمه القطري!!!)..

جواهر مستمتعة جدا بحياتها الجديدة مع عبدالله..
عبدالله خلى لحياتها بريق مذهل.. كساه بروعته ومشاعره ودفئه ورجولته..
تشعر لأول مرة بروعة أنها تكون أنثى..
عبدالله عزز ثقتها بنفسها كامرأة لأبعد حد.. بحبه المتدفق...
بمشاعره الفياضة ...
برجولته المتفجرة ...
بغزله الدائم والمختلف....
بطريقته الفريدة في التعامل معها.. وإضفاء نكهته الخاصة على كل شيء يحيط به

عبدالله: يشعر أنه الرجل الأسعد في الكون.. جواهر عوضته سنوات الحرمان الطويلة
بأنوثتها الطاغية..
بحنانها الأسطوري..
بحواراتها الفكرية العميقة..
جواهر أرضت كل شيء فيه حتى الثمالة: جسدا وروحا ومشاعرا
عبدالله يشعر هذه الأيام براحة نفسية عميقة ماحس فيها طول حياته..
في الوقت اللي أصبح مولع بجواهر إلى حد الجنون..


الساعة حوالي العاشرة مساء..
جواهر وعبدالله في جلسة التلفزيون..في غرفتهم

جواهر تحتضن اللابتوب.. تراجع محاضراتها للفصل القادم
في الوقت اللي كان عبدالله يقرأ في مجلة اقتصادية أمريكية

جواهر كل مارفعت عينها.. لقت عبدالله يطالع فيها هي..

ابتسمت جواهر وهي تدق على لوحة المفاتيح: عبدالله أنت قاعد تقرأ مجلتك أو تقرأ شيء بوجهي؟؟

عبدالله نزل المجلة جنبه، وطالع جواهر بعمق: أنا قلت لج اليوم أني أحبج؟؟

جواهر بابتسامة دافئة: قلت لي 20 مرة

عبدالله تمطط في مكانه بكسل وقال بهيام: خليها 21 مرة مايضر..

جواهر بحب: خليناها 21 مرة

عبدالله قام من مكانه وتوجه ناحية جواهر وجلس جنبها، سحب اللابتوب وقفله وحطه على الطاولة اللي أمامهم..

عبدالله بعيارة محب: وانا مسكين.. حتى مرة وحدة ماقلتي لي..

جواهر رفعت حواجبها: يالكذاب..
وعقب كملت برقة: عبدالله أخلص علي.. أنا صرت حافظة حركاتك.. قل وش تبي؟؟

عبدالله بعيارة: يمه منج جنية!!!..
وعقب ميل عليها بحنان وحط يده على بطنها: مافيه بيبي؟؟

جواهر كحت بحرج، وضربت يد عبدالله: شنو بيبي عبدالله.. الله يهداك.. مالنا أسبوعين ونص متزوجين.. شنو هالبيبي جاي في الميكرويف؟؟

عبدالله بحنان وهو يحط رأسه على فخذ جواهر: موب شغلي..مايكرويف.. فرن.. تنور.. أنا أبي بيبي؟؟

جواهر بابتسامة شفافة وهي تدلك رأسه بحنان فياض: أنت وش طاري عليك راكبك عفريت اسمه أبي بيبي؟؟

عبدالله بابتسامه دافئة وعيونه مسكرة: عيالج صاروا ثيران مايليق عليهم الدلع..
وأنا بصراحة أبي لي بيبي أدلعه.. أنا تعودت على تدليع عيالي..
وحتى الثيران الثنين اللي عندنا من يوم شافوج كني أبو الشارع مايبوني.. كله أنتي وبس..

جواهر قرصته في خده، وقالت بنبرة زعل مصطنعة: وش فيك على عيالي؟؟..
صدق أنك طماع ومايبين في عينك شيء.. أنا أحس من كثر ما يحبونك كأنهم مايبوني أنا..

عبدالله بطل عيونه، ومسك يد جواهر اللي كانت على راسه وحضنها قريب من قلبه بقوة رقيقة: أكيد نوف وعبدالعزيز ماراح يجي بغلاهم حد..
بس أنا جد بأموت أبي بيبي
بيبي أتمتع أنا وياج بترقبه وهو يكبر في بطنك لين يجي.. ثم تربيته سوا لحظة بلحظة..

جواهر بحب: يعني مستعجل على محمد؟؟

عبدالله بابتسامة: ومن قال لج باسمي محمد؟؟

جواهر باستغراب: طيب وش تبي تسميه؟؟

عبدالله اللي كان يغمر أصابع جواهر بقبلات حنونة: ماجد.. ..محمد ثاني بيبي..

جواهر كحت: ماشاء الله عليك.. لا قاعد تخطط.. وعلى كذا كم بيبي تبي؟؟

عبدالله قعد على حيله وقال بعيارة: أنتي كريمة واحنا نستاهل.. جيبي لي 12 ماراح أقول لا..

جواهر بابتسامة: يا سلام..

عبدالله يضحك: أنا عجبتني نمونة عيالج الثنين اللي قبل ، خلاص ماراح أثقل عليج جيبي لي 10 مع نوف وعبدالعزيز يكملون 12.

جواهر وهي تحط يدها على خده بعشق حقيقي: بأجيب لك ماجد ومحمد وانا أبي أجيب نجلاء.. واللي بيجي من الله حياه الله..

عبدالله بعيارة: مو كأن ماجد واخته مسخوها؟؟.. يبون يأخذون اسماء عيالنا بالجملة


يتبع
 

الجزء الستون



سالم حالته استقرت..
بس مازال في الغيبوبة..
وتقرر نقله للدوحة على طيارة طبية معه سعود وابو علي..

أبوعلي أتصل في أهله وبلغهم
سارة اصلا بدأ القلق يقتلها.. وقلبها كان ناغزها على سالم اللي لها أكثر من عشر أيام ماسمعت صوته..

من لما عرفت سارة بالخبر صابتها حالة انهيار من كثر البكا
سالم كان بمثابة توأم لروحها..

منيرة كانت مذهولة.. مصدومة.. أشبه بحطام يائس..
شعرت بذنب عظيم ..وحشي..مر.. حاد..قاسي ..
يخنق روحها...يمزقها.. يذبحها.. ينهيها..

صحيح إنها دعت عليه.. بس من الحرة اللي فيها
(والله العظيم أني ماكنت أقصد.. والله العظيم ما كنت أقصد.. يارب سامحني..
حتى الأم تدعي على عيالها وهي ماتقصد..
ليش ياربي تعاقبني كذا على كلمة غبية أنا والله ماقصدتها)


منيرة قربت بتردد من سارة اللي كانت منهارة تبكي على سريرها..
حطت يدها على ظهرها برقة: سارة فديتس..

سارة انتفضت بعنف، وضربت يد منيرة: دعيتي الله يحرق قلبي عليه..
وهذا قلبي احترق وصار رماد..أربس مبسوطة بس؟؟.. ارتحتي الحين.. وقلبس تهنأ.. ارتحتي.. ارتحتي..

واستمرت سارة تصيح وتقول: ارتحتي..

في الوقت اللي كانت دموع منيرة بدت تتساقط بغزارة صامتة.. وقلبها يبكي بدموع أكثر قسوة وحرقة وألم متمرد لاتحده حدود ولاتقيده مسافات .. ألم خرافي ترسب في عمق روحها التي أثقلها الاحساس الموجع بالذنب..


****************


الطيارة الطبية وصلت
كان في الاستقبال
محمد بالجبس في رجله وومعاه عكازه
خالد بشوي لزقات على وجهه
جبر بأسنانه الجديدة..
علي بقلقه العاصف..
عدد من جماعة سالم وقرايبه..

سالم بعده في الغيبوبة .. بس وضعه مستقر

نُقل لغرفته في الطابق السادس من مستشفى حمد/ قسم العناية المركزة

الوقت كان بالليل متأخر..

أبو علي (اللي صار لسعود غلا خاص وكبير جدا عنده) حلف على سعود يرجع لبيته..
لأن سعود كان منتهي من التعب والتعب باين على شكله..

أبو علي حضن سعود وقال له بتأثر: والله ما ألحق جزاك يا ولدي لو مهما فعلت وسويت..
جعل ربي يقدرني على رد بعض فضلك يوم..

سعود باحترام: لا تقول كذا يا أبو علي.. أنت مثل أبي وسالم أخي.. وجعل ربي يفرحنا بسلامته




سعود كان بيموت من شوقه لدانة
إجازته كلها خلصت وهو بعيد عنها..
بس ذكراها مافارقت خياله.. حتى وهو نايم..
كل شيء فيها يتذكره بغصة.. بشوق حاد..
ابتسامتها
شعرها
كلامها
ريحتها
عيونها
روحها العذبة.. وحتى صمتها

على قد ماكانوا يتكلمون في التلفون.. بعد كل مكالمة طويلة.. يحس شوقه لها أطول وأطول.. أحد واقسى وأكثر وجع..

وعلى قد ما كان يقول (أحبك) في كل المكالمات عشرات المرات..
ماسمعها منها ولا مرة.. ولا حتى سمع كلمة (حبيبي) منها..

هو كان متأكد أن دانة تحبه
مستحيل تكون تمثل كل هذي اللهفة والحنان والتدفق والعاطفة المشتركة..

بس ليش ماتقولها له.. وتريح قلبه المتعب؟؟ بيموت ويسمعها من بين شفايفها..
ومستحيل يستجديها منها.. أو حتى يلمح لها..
يبيها تجي منها ومن كامل احساسها ورغبتها..


سعود ماقال لدانة عن رجعته ..
حب يسويها لها مفاجاة..
ويمكن هي تسوي له مفاجأة وتقول الكلمة اللي ذبحها الشوق لسماعها..واللهفة للاستمتاع برنينها بصوتها..

وصل للبيت قبل الفجر بساعتين..
دخل لغرفته يتسحب..
دانة ما تقفل باب الغرفة بالمفتاح من يوم راح سعود
تخاف إن أم سعود أو حد من البنات يحتاجون شيء..

سعود دخل وقفل الباب بشويش
مع أنه متاكد أنه حتى لو صفق الباب يمكن دانة ما تحس من قد ما نومها ثقيل


كانت نايمة على السرير ووجهها ناحيته..
الأباجورة مولعة وطايح جنبها كتاب كانت تقرأ فيه..
(فديت روحها ..شكلها نامت وهي تقراه بدون ما تطفي النور اللي جنبها)

قرب سعود منها.. وهو يحس قلبه بيطلع من مكانه.. كأنه يشوفها للمرة الاولى..
لهفة هادرة..
وشوق قاتل..
وانفعال عنيف..

بيجامتها الحمراء الحرير تعانق جسدها..
وشعرها تتطاير خصلاته حول وجهها..
في صورة سحرت سعود المسحور بها في كل حالاتها..


سعود قرب منها ، شال الكتاب وجلس مكانه جنب دانة..
مد يده يمسح وجهها بحنان، بلهفة، بشوق

(ميت من شوقي لش يادانة؟؟ ياترى اشتقتي لي ربع شوقي لش؟)

دانة اللي أصلا نومها ثقيل..
مع دخلة سعود بدت تحلم احلام عذبة كان سعود فيها كلها..
ومع ملامسة يده الرقيقة لوجهها.. شهقت بعنف..

سعود تخرع من شهقتها.. حسب أنه خوفها..
بينما دانة شهقت لسبب آخر.. شديد العذوبة..

دانة اللي فتحت عيونها ولقت سعود جالس جنبها.. نطت قاعدة وعيونها تتحول لبحيرتين صامتتين من الدمع..

سعود بحنان وهو يمسح أسفل عيونها قبل تنزل دموعها: أنا ماقلت لش قبل.. الدموع الغالية ذي ما أبي أشوفها..

دانة ما أستحملت
رمت نفسها في حضن سعود اللي حضنها بعنف ولّده شوقه القاتل لها

دانة بين شهقاتها: حرام عليك يالظالم، أسبوعين.. اسبوعين ماشفتك.. زين ماجيت لقيتي ميتة من شوقي لك

سعود برعب وهو يحضنها أكثر وأكثر
كأنه يبي يدخلها في صدره ويخبيها فيه: بسم الله عليش من الموت يومي قبل يومش ياروحي وحبيبتي انتي..

دانة اللي استكانت في حضن سعود: أنا اللي يومي قبل يومك يا... (سعود هنا حس أعصابه توترت وأذنه أصبحت مثل رادار لاقط.. "أخيرا بتقول لي: حبيبي")
لكنها كملت وقالت: ياسعود..

سعود حس بما يشبه الحزن العميق يغزو قلبه ..
(دام أنها لذا الدرجة كانت كانت مشتاقة لي.. ليه مهوب هاين تريحني)

لكنه رجع ينتهد (أنا والله أحبها وأدري أنها تحبني، خل الكلمة تجي براحتها.. المهم أنها جنبي وهذا يكفيني عن الدنيا)

سعود وخرها من صدره بالراحة، وقال لها بحب كبير: ميت أبي أخذ لي شاور مثل العالم والناس..

دانة نطت: زين باروح أجيب لك عشاء على ما تخلص حمامك..

سعود بابتسامة ونظرة خاصة جدا: لا تتحركين من هنا ولاخطوة.. ما أبي عشاء.. أنا خمس دقايق أتسبح وجاي لك.. اتنيني..
تدرين كنت ميت من التعب.. بس شوفتك حسستني كأني نايم لي 10ساعات
جاي.. اتنيني


****************
 

ديمة في المدرسة..

كان مفترض أنها تنفذ عملية مهمة أمس.. عملية تخريب لموقع..

عملية سهلة مثل هذي.. ما تأخذ منها نصف ساعة..
لكن أمس النت انقطع في البيت.. وامها مارضت تخلي خالها ثاني يدفع فاتورته..

ديمه تقدر تدفع الفاتورة من حسابها القطري لحساب كيوتل مباشرة..
لكنها ما كانت تبي تصعد الموقف بينها وبين أمها.. اللي صار لها كم يوم متشددة عليها..

المشكلة أن نصف المبلغ دخل لحساب ديمة في الكاريبي.. وهي ماتقدر تخل بوعدها لهم..

قررت أنها تدخل على النت من مختبرات المدرسة.. بعد انتهاء الدوام..وتخلص العملية بسرعة

اتصلت بعزوز اللي كان توه خلص حصص وبيطلع للبيت..

ديمة بتوتر واستعجال: عزوز بليز تعال لي في فصلي..

عبدالعزيز بهدوء: ألف مرة قايل لج عبدالعزيز..
وبعدين أنتي موب مفروض تطلعين أنا شايف سواقكم والخدامة معه واقفين برا..

ديمة بثقة متوترة: عبدالعزيز تعال الحين عند صفي وعقب نتفاهم..

ديمة كانت تقف بنظاراتها البشعة و بحجابها المربوط على خصرها.. واكمام بلوزتها المثنية، وجيب بلوزتها المفتوح على طريقة الشباب..

تذكرت تنبيهات عبالعزيز لها، ارتعبت..
لكن الوقت كان فات خلاص.. لأن عبدالعزيز كان واقف قدامها يغلي من الغضب..

عبدالعزيز بغضب هادر: أنتي ما تفهمين؟؟
كم مرة قايل لج حجابج على رأسج لا على خصرج ولا على كتفج
والشيء الأهم سكري ازرار بلوزتج ونزلي أكمامج..
ألف مرة قايل لج أنتي بنت منتي بولد.. واللي تسوينه عيب..

والله لو أدري أنج كسرتي كلامي مرة ثانية.. أن تشوفين شيء مايرضيج..

ديمة بتحدي خايف وهي تفك حجابها من خصرها وتحطه على رأسها وتغطي به صدرها: موب شغلك عزوز أنت منت بأبوي..

عبدالعزيز بغضب: ديمة أنتي بتتعدلين أو أعدلج غصب..

ديمة ماكانت تبي تزعله لأنها محتاجته الحين، قالت له بلهجة مستكينة رغم أن اللي في راسها في راسها: زين عبدالعزيز تكفى أنا أبي لاب الكمبيوتر شوي..
ممكن تنطرني لين أخلص..
عشان لو قالوا لي المشرفين شيء أقول أنك معي..

عبدالعزيز وهو بعده مفول عليها: زين روحي
أنا بأنطرج في ملعب السلة اللي جنب اللاب لين تخلصين...
وكمل بغضب: ونزلي أكمامج..

ديمة قالت له بلهجة خنوع مصطنعة: زين ان شاء الله..

راحت لمختبر الحاسوب اللي كان خالي تماما.. خلعت حجابها وحطته على الكرسي، وخلعت نظاراتها وحطتها جنبها، والحال على ماهو عليه بالنسبة لجيب بلوزتها المفتوح وأكمامها المرفوعة..

وبدت تشتغل بحماس وسماعتها البلوتوث في أذنها..

كانت مستغرفة في عملها بشدة.. لدرجة أنها ما أنتبهت للعيون الجائعة اللي كانت تراقبها بوحشية مرعبة..


********************


ماجد وصل للمرحلة الأخيرة من التفكير
اتصل بأم جاسم..

ماجد باحترام: مساج الله بالخير..

أم جاسم بود: هلا والله بولدي.. أشلونك يمه؟؟

ماجد: طيب طاب حالج.. يأم جاسم طال عمرج.. أنا أبي أكلم دلال بعد أذنج..

أم جاسم كحت: وشو؟؟

ماجد بهدوء: وش فيج تخرعتي سلم غاليج؟؟ دلال مو بنت صغيرة عشان تخافين إنها تكلمني..
وأنا بيني وبينها موضوع معلق.. أعتقد أنه ماحد يقدر يحله غيري أنا وياها..

أم جاسم بحرج: طلبك غريب، غير إن دلال مستحيل توافق تكلمك..

دلال اللي كانت قاعدة تشوف برنامج في التلفزيون، توترت لما سمعت أنه فيه حد يبي يكلمها..

ماجد بنفس الثقة الطاغية: إذا تبي تكلمني في التلفون؟؟
أو جبت جاسم وجيت أكلمها شخصيا؟؟
خليها تستعد وتتغطى لاني الليلة مكلمها مكلمها.. في التلفون أو شخصيا.. خليها تختار..

أم جاسم وخرت وجهها عن الموبايل، وسدته بيدها، رغم أن صوتها كان واصل لماجد: يمه دلال.. هذا ماجد يبي يكلمج..

دلال انصدمت: يبي يكلمني أنا؟؟ صاحي هذا وإلا مجنون؟؟ قولي له ما أبي اكلمه.. هو شمفكر نفسه؟؟

أم جاسم بتوتر: يقول تبين تكلمينه في التلفون أو بيجيب جاسم عشان يكلمج شخصيا


********************


جواهر واقفة قدام الدولاب
ترتب ملابس عبدالله المغسولة والمكوية في الأرفف..
واقفة حافية وهي لابسة بنطلون برمودا أسود مع تيشرت أزرق بدون أكمام..

ما أنتبهت لدخول عبدالله اللي وقف وراها ، قرب منها بشويش، وحضنها من الخلف وهو يوخر خصلاتها المتناثرة ويطبع قبلة دافئة على جانب عنقها..

جواهر ارتعشت بعنف
كل لمسة منه تشعر كما لو كانت هي لمستها الأولى
ذات الانفعال الموجع
ذات القرب اللاسع
ذات الوجيب المتلاحق في قلبها الذي يمزق أوردتها وشرايينها من تدفق الدم الساخن المنفعل فيها..

قالت بحب متدفق وهي تضع كفها على خده بينما خده الآخر ملاصق لعنقها: هلا حبيبي.. من زمان جاي؟؟

عبدالله وهو يستنشق نفس عميق من شعرها قبل يرفع رأسه: توني واصل..

جواهر برقة: أنا مو قايلة لك تنبهني قبل تجي.. عشان ألبس كعب.. كذا حسستني أني قزمة..

عبدالله بحب وعيارة: قزمة قبل 18 سنة وانتي رأسج عند خصري.. بس الحين يسلم لي طولج بس.. هالطول اللي ذابحني

جواهر بابتسامة عذبة: وانت عقب طولك خليت فيها طول..

عبدالله بتساؤل: العيال وينهم؟؟

جواهر: عبدالعزيز أكيد على وصول الحين، ونوف عندها حصة بنت خالي، ومسوين معسكر بناتي ممنوع الاقتراب..

عبدالله بخبث: والله تمام.. فكة من عيالج.. لاصقين فيج 24 ساعة.. خنقوني..
الواحد مايقدر يقعد مع مرته شوي، إلا الثنين واقفين فوق رأسج حراسة..

وعبدالله يشد جواهر من يدها بحب وشوق
رن موبايله
كان رقم عبدالعزيز العراقي اللي كان يدق منه على عبدالله

عبدالله بود كبير: هلا والله بأبو منصور.. أكيد تبلغنا بموعد وصولك.. الأسبوعين خلصوا.. خلاص مالك عذر

التلفون طاح من يد عبدالله
ورجع يلقطه برعب .. وهو يقول بصدمة مرعبة :


شنهو؟؟؟؟؟؟؟؟
 

الجزء الحادي والستون..






الليلة السابقة
في منطقة قريبة من بغداد..

كانت المهمة الأخيرة لعبدالعزيز تنتهي على خير..
بعد ما أنهى توزيع جميع التبرعات
كان يقول لـنصّار مندوب بيت الزكاة في بغداد واللي كان يسوق السيارة بصوت متعب: الحمدلله يا نصّار اللي خلصنا على خير..
بكرة أبي أحجز للدوحة أرجع على أول طايرة..

نصّار بود: إيه الحمدلله..

عبدالعزيز: الطريق بعده مطول؟؟

نصّار بشوي تردد: أني دا أحجي لك الله يهديك
أنا كايل لك أنه احنا تاخرنا هوايا في هالروحة..
هسه الدنيا ليل.. لو خليناها باجر جان زين..
الله يستر بس من السلابة وإلا غيرهم اللي لابدين بهالسكك..

عبدالعزيز بلهجة مطمئنة: صار لنا اسبوعين ماحد تعرضنا..بالعكس الوضع كان أمان جدا

وبعدين كمل عبدالعزيز بعيارة: وبعدين أنا رجّال وراي عرس عقب 3 أسابيع
حد يسوي لي شيء أسيل دموع عليكم أكثر من دجلة والفرات وشط العرب سوا..
أغرقكم وأخليكم تندمون على اليوم اللي جيتوا جنبي فيه..

نصّار بود كبير: أنته مافيه مثلك آغاتي..والله هالعروس ماتلاكي مثلك بكل هالدنيا يامعود.. شقد امها داعيت لها والله

وعبدالعزيز ونصّار مستمرين في حوارهم الودي، برز شيء أمامهم بسرعة..

نصّار برعب: باوع عزيّز باوع..


************************


اليوم في مدرسة ديمة..
ديمة اللي منهمكة في مهمتها الخطيرة اللي محتاجة دقة وتركيز.. وتقريبا كانت انتهت..

ما أنتبهت للعيون اللي كانت تلتهم ملامحها : عنقها وصدرها بلونهم البرونزي المختلف، عيونها بلمعتها المثيرة.. شفايفها الناعمة..

الوقت صار متأخر، والمدرسة شبه فاضية..
ولاب الحاسوب مبطن بالكامل بعوازل صوت.. يعني حتى لو صرخت واستنجدت واستغاثت ماحد راح يسمعها..

وهو يراقبها بحذر صدر عنه صوت خافت جدا..
لكن الصوت كان كافي جدا عشان ديمة بذكائها تنتبه وتسوي روحها ما انتبهت..
دقت موبايلها على أخر رقم.. رقم عزوز..

حطت يدها على فمها وكلمت عزوز من سماعة البلوتوث، بصوت واطي مرعوب حاولت تتماسك فيه:
عزوز الحقني الحقني.. الولد الصايع اللي في grade12 هنا في اللاب وقاعد يطالعني بنظرات تخوف..

عبدالعزيز حس كأن قلبه انخلع من مكانه من الخوف على ديمة
قال لها وهو يركض بكل سرعته: الحين اطلعي من اللاب بسرعة وانا جاي لج..


*******************


دلال خذت التلفون بتردد من أم جاسم، وقالت بصوت خافت: نعم أستاذ ماجد؟؟

ماجد بثقة (بايعها): فيه مرة تقول لزوجها أستاذ، قولي لي ماجد، أو أبو فيصل على اسم ولدنا اللي بيجي قريب..

دلال كحت بحرج ووجهها صار أحمر قاني وشعر رأسها وقف من الخجل: عفوا أستاذ ماجد أنت شارب شيء؟؟

ماجد بثقة بعد ماخذ الأخبار كلها من جاسم: إذا كان المرحوم اللي يرحمه يشرب
فأنا ولله العظيم ماعرفتها وحتى الزجاير ماعمرها طبت ثمي

وإذا كان الله يرحمه ماكان يعرف طريق المسجد
فأنا الفرض مايفوتني في المسجد مع الجماعة..

وإذا كان الله يرحمه نفسه سمحت له أنه يمد يده عليج كل يوم والثاني
فانا تنقص يدي لو رفعتها عليج يوم..


دلال اللي هزها كلام ماجد بعنف، ماعرفت شتقول
رجعت التلفون لأم جاسم وعيونها شاردة، وانسحبت لغرفتها..


******************



سارة راجعة من زيارة سالم..

منيرة اللي ماوقفت دموعها من يوم عرفت بالخبر.. بتموت تبي تسأل سارة عن سالم.. بس مالها وجه..

تحس إن اللي صار لسالم كله من سبتها.. إن الله أستجاب دعواتها على سالم..
عشان كذا ربعه (أصحابه) كلهم طلعوا سليمين إلا هو..

ظلت تدور في الغرفة مثل الشاة المذبوحة اللي تنازع انتفاضة قطرات دمها الأخيرة..

في الوقت اللي سارة تناولت المصحف بهدوء بدون ما تكلم منيرة..

منيرة الكلام ميت على لسانها..
ما تبي تفتح موضوع مع سارة.. لأنها تخاف من لسان سارة الحاد الموجع..
وتعرف إن سارة بتلاقيها فرصة عشان توجعها بالكلام مثل اليومين اللي فاتو..

اليومين اللي فاتو كانوا عذاب مستمر لمنيرة اللي اضطرت تحمل كل كلام سارة الحاقد المؤلم الموجع بدون ماترد عليها بكلمة وحدة..

نزلت منيرة تحت لقت أبوها يستعد لصلاة العصر، قربت منه بتردد: يبه بتروح لسالم؟؟

أبوها بحزن: بأصلي وبأروح له..

منيرة برجاء موجع: تكفى يبه بأروح معك..

أبوها باستغراب: أنتي تبين تروحين له.. غريبة؟؟

منيرة بثقة مترددة: مهوب رجّالي؟؟.. لو أنا مارحت له الحين.. متى بأروح له؟؟

أبوها المصدوم: أنتي واعية يا بنتي..؟؟

منيرة بثقة خجولة: أنا توني وعيت يبه..


*****************
 
عبدالله بود كبير: هلا والله بأبو منصور.. أكيد تبلغنا بموعد وصولك.. الأسبوعين خلصوا.. خلاص مالك عذر

التلفون طاح من يد عبدالله
ورجع يلقطه برعب وهو يقول بصدمة مرعبة :


شنهو؟؟؟؟؟؟؟؟


عبدالله سحب نفس عميق، وقال بصوته القوي اللي يستخدمه للسيطرة على خصومه: عطني واحد منهم أكلمه..

........................................

عبدالله بنفس صوته القوي المدروس، وفي جملة واحدة قاطعة : كم تبون؟؟
..............................

عبدالله بقوة حازمة: لا لا.. هذا الكلام مايمشي.. (لأنه يعرف إنه إذا وافق على عرضهم الأول مباشرة، بيعرفون إنه مستعد يدفع أكثر.. عشان كذا لازم يفاصلهم عشان يكون المبلغ نهائي)


جواهر اللي كانت تسمع مفاصلة عبدالله الحادة مع الخاطفين واتفاقه معهم.. وفهمت أن عبدالعزيز مخطوف في العراق من خلال كلام عبدالله معهم.. ورود كلمات مثل نسلم المبلغ في بغداد.. وأشلون أضمن سلامتهم..

أحست كأن صدرها شُق بسكين صدئة
وانتزع قلبها من مكانها بكل وحشية بيد باردة حديدية
ليُهرس هذا القلب بكل سادية الكون ودمويته
ثم يُداس أشلاء متناثرة على الأرض دون رحمة..

انهارت على الأرض مغمى عليها.. دون أن ينتبه عبدالله اللي كان كل مشاعره وأحاسيسه مع المكالمة اللي كانت تسير باتجاه هو متخوف منه..

والاتفاق تقف في طريقه عثرات عن كيفية توصيل المبلغ للخاطفين حتى يقوموا بإطلاق سراح عبدالعزيز..

اتفق عبدالله معهم على اتصال آخر..
في الوقت اللي كان تفكير عبدالله يسير في عشرات القنوات الأخرى
وفق تفكير منطقي عقلاني تمرس فيه لطول خبرته في الحياة والمفاوضات وحتى التعامل السياسي..
لعمله فترة في مجال التمثيل السياسي حين عمل في سفارة قطر في واشنطن..

كان تفكيره يطالبه بعشرات التحركات..

تبليغ دولي هنا في قطر وهناك في العراق..
بدء تحويل المبلغ المطلوب لحساب موجود في العراق، حتى يتم تسليمه فور الاتفاق..
إيجاد قنوات آمنة لتسليم المبلغ
التأكد من ألتزام الخاطفين بتسليم عبدالعزيز وزميله فور تسلمهم المبلغ...
إبلاغ جهة عمل عبدالعزيز..
إبلاغ خاله فهد..

و..

و......

و..............


.................جواهر..


*****************



سعود طالع من الحمام متوضي لصلاة العصر اللي باقي عليها نصف ساعة..

دانة كانت تتغدى مع البنات وأمهم تحت.. فلما رجعت ماكانت تدري إن سعود موجود..

جلست على التسريحة، تعدل مكياجها.. في الوقت اللي سعود طلع من الحمام، ووقف على باب الحمام يتأملها.

دانة برقة: لا يكون فيني شيء غلط مهوب عاجبك؟؟

سعود وهو يقرب منها بابتسامة: إلا قولي شنهو اللي فيش مهوب صح، وشاللي فيش مهوب عاجبني..؟؟
انتي كلش على بعض تتأكلين أكل..


دانة بابتسامة: ماشاء الله حضرة الملازم مروق..

سعود بحب وهو يقرب من دانة ويوقفها بحنان.. ويحضنها حضن عميق جدا: اللي يشوف دندونته الحلوة ومايروق.. بصراحة ماعنده سالفة..

دانة وسعود يفلتها بالراحة: والله أنك تجنن وقلبك مافيه أطيب منه..
أبي أعرف خواتك ليه مرعوبين منك كذا.. لادخلت البيت كأنه قائدهم العسكري دخل عليهم.

سعود يضحك: خليهم.. البنات لازم يخافون عشان يتأدبون..
بس أنا والله العظيم أحب خواتي مثل بناتي بالضبط..
بس أنا بصراحة ما أعرف أفتح حوار معهم..
أنا بس من أشوفش أنتي.. أحس أنه ودي أتكلم ولا أسكت..

دانة بحب: فديت روحك والله.. ودامك ماشاء الله مروق وتشوفني تبي تتكلم ولا تسكت... تعال أقول لك شيء..

قالتها وهي تشده من يده وتقعده على السرير وتجلس جنبه،

سعود بمودة: ذا المقدمة والقعدة مالي بها.. شام ريحة خيانة..

دانة باستجداء أنثوي لطيف: فديتك سعود.. إجازتي خلصت.. ولازم أرجع شغلي بكرة..

سعود من سمع طاري شغلها أعتفس مزاجه فوق حدر..
لكنه رد عليها بلهجة هاديه تحتها بعض غضب: دانة أنا وعدتش ما امنعش من شغلش..
بس دانة حبيبتي أنا والله ماشبعت منش ولا من القعدة معش

مالحقنا تراضينا إلا حادث العيال صاير، وتوني راجع من كم يوم..

والحين أنا مداوم.. ودوامي زامات..
يعني ممكن أغيب يومين واجي يومين، أحيانا 3 ب3
يعني أيام ما أنا موجود بالبيت بتكونين في المستشفى، وانا ذابحني شوقي لش من الأيام اللي قبلها..
خذي إجازة لو شهر واحد.. وخلينا نسافر أسبوع فيهم أي مكان مثل باقي الأوادم..

دانة باستجداء: سعود أنا صار لي تقريبا شهر ماخذة إجازة..
مالي وجه أطلب إجازة بعد.. وخصوصا أني توني طبيبة جديدة..
مايصير.. والله مهيب حلوة في حقي..
يقولون أني ماني بقد الشغل..

رغم أن السبب اللي قاله سعود سبب حقيقي فعلا لكن فيه سبب ثاني أهم
سعود يشعر بغيرة جنونية على دانة، وفكرة أنها ممكن تشتغل في أسنان رجّال أو شاب.. كانت ذابحته وقاتلته..

سعود بثقته المعتادة : أنا موافق ترجعين شغلش.. بس بشرط..

دانة بحذر: اللي هو؟؟

سعود بجدية: تتركين مستشفى الرميلة.. وتطلبين نقل للصحة المدرسية.. عشان أضمن أنه أنتي ماتعالجين إلا أسنان البزارين وبس..

دانة ماكانت مرتاحة لطلب سعود وخصوصا أن الصحة المدرسية أبعد بكثير والمشوار مهلك..
وجو العمل فيها غير تنافسي بالمرة بالنسبة لطبيبة شاطرة مثلها..

لكنها ماحبت تزعله عشان ذا الموضوع، قالت له باستسلام: اللي تبيه..

سعود كان وده إنها عندت شوي ورفضت
عشان يحلف عليها تترك الشغل بالمرة..
لكن بما أنها وافقت بذا السرعة على قراره.. ماراح تكون أحسن منه..

(خلها تروح الصحة المدرسية الحين.. وشغلها ذا دواه عندي)


*************


عبدالله اللي ألتفت يدور على جواهر.. شافها طايحة على الارض مغمى عليها.. حس بخوف مرعب عليها..

شالها بخفة من الأرض.. وحطها على السرير..
رش شوي عطر في يده وحطه على أنفها..

جواهر اللي شمت ريحة العطر عطست..
وعقب جلست..
كانت نظرتها ميتة بكل ما تحمله الكلمة من معنى..
عبدالله كان يطبطب على خدها بحنان.. يحاول تخليها تنتبه له.. : جواهر.. جواهر ياقلبي.. ردي علي .. ردي علي حبيبتي..
 

الجزء الثاني والستون



عبدالله لما شاف حالة جواهر الساكنة كسكون الموت.. حس قلبه يتفتت مثل حفنة رمل هبت عليها ريح عاتية ففرقتها ذرة ذرة..

بصوت عميق شديد العمق: جواهر حبيبتي تكفين.. لا تسوين فيني كذا..
والله العظيم اللي ماعمري حلفت به باطل.. و اللي زرع جذور حبج في أعمق أعماق روحي..
أنه مايفوت أسبوع.. إلا ويكون أخوج عبدالعزيز عندج..
وما أكون رجّال ولد رجّال وتحرم علي مجالس الرجّال لو فات الأسبوع وهو مابعد جاج..

جواهر ارتعشت بعنف حاد..
وبدأت دموعها تنسكب بغزارة
وهي ترمي نفسها في حضن عبدالله اللي حضنها بعنف يائس: أنت حلفت لي ياعبدالله.. حلفت لي..

عبدالله وهو يشد على جواهر في حضنه: وأنا حلفت.. تطمني..

جواهر تشهق في حضن عبدالله: أبي عبدالعزيز يا عبدالله.. أبي عبدالعزيز.. عبدالعزيز أمي وأبوي واخوي وولدي.. أنا والله ما أقدر أعيش من حسه في الدنيا..تكفى جيب لي عبدالعزيز..

عبدالله وهو يحضنها بعنف أكبر ويقول لها برجولة مفعمة بالحب/رجولته الخاصة به: وحق دموعج الغالية مايكمل أسبوع إلا هو عندج..
حتى لو أروح العراق أجيبه بنفسي


******************



ديمة اللي بلغ توترها اقصى حد..
حاولت إنها تقوم بثقة.. لبست نظاراتها..
جمعت كتبها.. عشان تطلع..

لولا أن الولد إياه.. كان في نفس اللحظة واقف جنبها
ويهمس بصوت أشبه بالفحيح: الحلوة وين بتروح؟؟

ديمة اللي بتموت من الخوف ردت عليه بتحدي صبياني: أي حلوته الله يهداك.. وخر بس يالأخو.. وسع الدرب..

الولد شال النظارة من فوق عيونه ورماها على الارض وداسها وكسرها: أنا شفتج تشتغلين من غيرها..
يعني مالها داعي.. والعيون اللي تلسع ذي حرام ينحط عليها نظارة..

ديمه دفته بخوف تبي تطلع
بس هو مسك ذراعها بقوة وهو يشدها يرجعها..
ويحط يده على صدرها ويمسك جيب بلوزتها ويشده بعنف لأسفل .. تقطعت الأزرار وانفتحت البلوزة بالكامل

الولد صار يضحك بهستيرية، كان متوقع منظر وشاف منظر ثاني..

ديمة كانت لابسة فانلة رجالية.. ماكانت تحب تلبس صدريات عشان مايبين حجم صدرها..

الولد بنفس الصوت اللي مثل فحيح الحية: أحسن بعد.. دليل أنج وحدة سبيشل..
قالها وهو يدفها بقسوة على الأرض
في الوقت اللي كانت ديمة تشوته برجولها بكل عنف.. وصراخها بدأ يتعالى بعنف وهي تصيح: عزوز.. عزووووز.. عزووووووووووووز..

الولد بدأ يضربها بقوة على وجهها عشان يفقدها وعيها..
مع الكف الأول اللي هو عطاها، حس بيد عنيفة تسحبه من فوق ديمة وترميه على الأرض..

وعبدالعزيز اللي ماكان يشوف الغضب كان يشوته بكل قوته بالجزمة في وجهه وفي بطنه وفي صدره..
لما بدأ الولد اللي ماكان متوقع الهجوم ينهار..
برك عبدالعزيز على صدره يخنقه..

ديمة اللي كانت تحاول إنها ما تبكي وهي تلم أطراف بلوزتها عليها... توها انتبهت لعبدالعزيز
وأنه خلاص كان بيقتل الولد
شدت عبدالعزيز وهي تبكي لأول مرة منذ سنوات
تبكي عشان عبدالعزيز مو عشان نفسها: عزوز تكفى لا تذبحه.. عزوز لا تودي روحك في داهية عشانه ولا عشاني.. تكفى هده.. خلاص جاه ماكافاه..

عبدالعزيز اللي كان يصيح صيحات مرعبة: لا.. ماجاه ماكفاه.. لازم أذبحه ابن الكلب ذا..

ديمة كانت تخلص يدين عبدالعزيز من رقبة الولد اللي صار وجهه أحمر وقرب على اللون الأزرق
لحد ماقدرت تخلص يدين عبدالعزيز..
الولد نط واقف وهو يكح ووجهه كله دم
وطلع يركض وهو يقول بحقد: والله لأخليك تندم ألف مرة على اللي سويته فيني..


عبدالعزيز وقف وأنفاسه تعلو وتهبط.. ووجهه منتفخ من الغضب والعصبية والثورة

وديمة كانت واقفة بتموت من الحرج وهي تلم بلوزتها على صدرها..
مو قادرة تحط عينها في عين عبدالعزيز.. ودموع صامتة تنساب على خدها..

عبدالعزيز ألتفت ناحيتها بعنف وعيونه تلمع بنارية قتالية، وعطاها بكل قوته كف طيحها على الأرض..

ديمة اللي طاحت على الأرض وقفت بروحها بدون مساعدة من عبدالعزيز اللي واقف بحدة جامدة...
ديمة ماقالت ولا كلمة.. ولا بكت.. ولا اعترضت.. ولا شرحت..

عبدالعزيز خلع جاكيته، وعطاها إياه.. وقال لها بسكون قاتل: قومي قدامي، أنا بأوصلج البيت..


***************



ديمة وعبدالعزيز جالسين على الكرسي الخلفي من سيارة سواق عائشة

عبدالعزيز قعد جنبها عشان يقول لها كلام مايبي السواق أو الشغالة يسمعونه..

عبدالعزيز بهدوء تحته ثورة عاتية من الغضب وهو يهمس لديمة: اسمعي اللي أقوله حرف حرف وكلمة كلمة.. وكله يتنفذ وغضبا عنج..

أولا: اللي صار اليوم يا ويلج ويا سواد ليلج لو حد عرف فيه..
وليه ماحد يعرف فيه؟؟
عشان سمعتج اللي موب هامتج!!

(محاولة اغتصاب طالبة في المرحلة الثانوية من قبل زميلها بعد قيامها بمحاولة إغرائه)

مانشيت حلو ينحط في الجرايد!! صح؟


ديمة شهقت بعنف: حرام عليك عبدالعزيز.. أنا راعية ذا السوالف؟؟

عبدالعزيز بغضب وبصوت مكتوم: شب ولا كلمة
مابعد خلصت حكيي
الولد مافكر يسوي اللي سواه إلا لأنج أغريتيه
ولا تقولين لي لا.. وما أدري شنو..والكلام الفاضي اللي مايدخل المخ

فاتحة جيبج وفاكة شعرج للرايح والجاي.. دعوة مفتوحة يعني!! وهو اللي سواه أنه لبى دعوتج الكريمة جدا!!!



ديمة خلاص ما استحملت بدت تبكي: حرام عليك عبدالعزيز.. والله حرام عليك..


عبدالعزيز مسك ذراع ديمة وغرز أظافره فيها: أنا قلت شب ولا كلمة..
عقب اليوم تلبسين مثل ماباقي بنات خلق الله يلبسون
تلبسين عباية مسكرة وحجاب مايطيح من رأسج
وياويلج لو شفت خصلة شعر واحدة باينة من تحت حجابك..

ديمة بصوت مذبوح: حاضر.. أوامر ثانية..

عبدالعزيز وهو يحاول يسيطر على أعصابه: أهم أمر
المدرسة ذي ماعاد ترجعين لها مرة ثانية
أنا بكرة باسحب أوراقج وأعطيها خالج ثاني يسجلج في مدرسة بنات.. حالج حال البنات..

ديمة شهقت: عزوز حرام عليك.. احنا في نص الكورس، مافيه مدرسة بتقبلني..
حرام عليك تضيع السنة علي..
أنا مرشحة أخوض امتحان بين أبرز 20 طالب على مستوى العالم..


عبدالعزيز بغضب: أنا قلت لذا المدرسة مافيه رجعة، والله لو شفتج فيها لأكسر رجولج الثنتين..
وخلي السنة تضيع عليج.. أحسن..
خالتي عائشة من زمان تبي تنقلج وانتي اللي موب راضية..

ديمة بدت تبكي بهستيرية ،كل شيء عندها ولا دراستها

عبدالعزيز بعنف: خلاص لا تبكين، أبوي عضو في مجلس إدارة المدرسة اللي كانت نوف فيها
أعتقد أنه يقدر يجبرهم تدخلين عندهم.. حتى لو كان الأمر مخالف للوائح والقوانين.. بكرة بأسحب أوراقج واعطيها أبوي
ومن بعد بكرة تداومين في مدرسة نوف اللي كانت فيها.. مفهوم؟؟

ديمة بنفس النبرة المذبوحة: حاضر عمي عبدالعزيز أي اوامر ثانية..

عبدالعزيز ببرود: لا ..
وهذا احنا وصلنا بيتكم، انزلي، ولا تخلين أمج تشوفج على ذا الحالة


*********************
 
في مستشفى حمد/ الطابق السادس


أبو علي يعبر ممرات الطابق بخطواته الثقيلة.. تتبعه منيرة بخطواتها المترددة الخجلة..

أبو علي بحزم: أنتظري هنا لين أشوف من عنده، دايم عنده زور (زوار) رياجيل..

أبو علي وصل أمام غرفة سالم، كان محمد وعلي مرابطين أمام الغرفة من اليوم الأول إلى اليوم..

أبو علي قرب من محمد وهمس في أذنه، محمد قام يسحب روحه المثقلة وجسده الثقيل وهو يتوكأ على عكازه
كان شكله كأنه كبر عشر سنين.. شكله مبهدل.. ولحيته نمت بشكل أشعث..
وروحه الشفافة التي ماعرفت غير التغريد والتحليق حُملت بقسوة الذنب الذي طحن هذه الروح
وشدها بأغلال تثبتها إلى الأرض لتحرمها خيار التحليق والابتسامة..

اجتمع في ذات الطابق أكثر مخلوقين مثقلين بالذنب.. الذنب كان واحد (حالة سالم المتردية)
والأسباب كانت مختلفة
محمد لأنه هو اللي كان يسوق السيارة
ومنيرة لأنها دعت عليه..

محمد صديقه، ومنيرة زوجته وبنت عمه


منيرة لما شافت الرجّال اللي كان واقف اختفى.. راحت لأبوها وأخوها، سالت بتردد: أقدر أدخل عليه؟؟

قال لها علي بحزن: وش الفايدة؟؟ شوفيه من ورا الزجاج.. على كل الأحوال مهوب حاس فيس.. الله يشفيه أو يحسن خاتمته بس..

منيرة حست كلمة علي كأنها سيف شطر قلبها لشطرين.. (يحسن خاتمته... لذا الدرجة؟؟!!)

منيرة برعب وحشي: لذا الدرجة حالته صعبة؟؟

علي بتوتر حزين: الدكاترة يقولون الكسور فيه كلها مقدور عليها مافيه شيء منها لمس مناطق حساسة..
لكن إصابات الرأس لحد الحين ماعرفوا تأثيراتها.. وضغطه كل يوم في النازل..
ولو مافاق من الغيبوبة مع استمرار الضغط ينزل كذا..
احتمال كبير يتوقف قلبه وهو في الغيبوبة..

منيرة صُعقت
وإحساسها بالذنب يخنق روحها أكثر وأكثر
حاسة إنها خلاص على وشك الانهيار.. : علي تكفى أبي أدخل عنده شوي..

منيرة فتحت الباب بتردد.. بروح مذبوحة.. بيأس قاتل.. خذت نفس عميق واقتربت منه بهدوء ساكن..

كان رأسه مغطى بالضمادات، بالكاد مبين وجهه الناحل..
جسده العلوي العاري موصل بعشرات الأسلاك..
منيرة حست أنها لو بكت بكاء يملأ أنهار الدنيا كلها بدموعها.. ماراح يعبر عن حزنها وإحساسها بالذنب..

تمعنت في ملامحه بنظرة تبحث عن معنى للحياة يطل من قسماته.. عله يحمل لها بشائر فرح ما

( ماتغير شكله كثير.. عن لما طلع من بيتنا وعمره 15 سنة وانا عمري 9 ..)

قربت بشويش منه..
جلست على الكرسي اللي جنب يده اليمين
وعطت ظهرها للزجاج اللي يطل على غرفته

حطت كفها على ذراعه بحنان.. لسعتها برودة يده..
لكنها تركت يدها الدافئة على ذراعه وهي تمررها بنعومة عليها في محاولة لبعث بعض الدفء فيها..

ما استحملت فيض المشاعر اللي اغتال مشاعرها..
شهقت بعنف وبكت لدقائق..
قبل تتمالك نفسها وتقول بصوت واطي وهي تميل أكثر ناحية سالم:
يا ويلك ياوسويلم لو فكرت تموت وتخليني..
والله ما اسامحك.. بأطاردك حتى في الآخرة..

ماراح أسمح لك ترملني وعرسنا بعد أسبوعين..
لذا الدرجة تبي تهرب مني.. تبي تموت عشان ما تتزوجني..

مهوب على كيفك.. عرسنا عقب أسبوعين..
حتى لو خذتك أنت وسريرك هذا للصالة.. المهم تتزوجني..

منيرة كانت متأكدة إنه مايسمعها ..
لكنها كانت تحاول بيأس.. وهي تحاول تغلف كلماتها الميتة بمرح ميت..

منيرة ويدها تمسح يد سالم بيأس حنون وتقول بحزن حاد:

سالم تكفى لا تموت.. سالم أنت لو صار لك شيء.. انا بأموت.


(بسم الله عليس من الموت)


منيرة انتفضت بعنف وهي تسمع الصوت الرجولي الخافت المبحوح..

تراجعت منيرة بعنف أكبر.. لدرجة إن الكرسي البلاستيكي وقع بدوي خافت..

كانت تطالع في سالم اللي كان يفتح عيونه بشويش
ويقول بضعف حاني: منيرة.. صح أنتي منيرة..؟؟ حلمت بصوتس واجد.. بس الحقيقة أعذب من كل حلم..

منيرة بخجل حاد.. بفرحة عارمة.. بخليط مدمر من المشاعر الصارخة: الحمدلله على سلامتك .. الحمدلله على سلامتك

سالم بحنان وهو يلتفت بالراحة ويفتح عيونه على الأخر: الله يسلمس..
تكفين ولعي النور خليني أشوفس.. لا تصيرين بخيلة..
يعني سمعتيني صوتس.. ماتبين توريني زولس..

منيرة انفجعت..
انفجعت..
تدمرت..
انذبحت..
انتهت..


وهي تنظر حولها في الغرفة الغارقة في الأنوار الساطعة..
 

الجزء الثالث والستون




في ضواحي بغداد.. في مستودع مهجور..
في غرفة مغلقة بأحكام داخل المستودع

كان عبدالعزيز يؤم نصّار لصلاة المغرب..
بعد الصلاة توجه عبدالعزيز لله سبحانه بخالص الدعاء أن يفك أسرهم ويفرج همهم..

أول ماخلص دعاء رجع يقعد جنب نصّار على حصيرة موضوعة في جانب الغرفة...

نصّار بتوتر: أنته واثق إن زوج أختك.. كادر يطلعنا من هنانا..؟؟

عبدالعزيز بثقة المؤمن: بأذن الله..

نصّار بذات التوتر: بس يا عزيّز أخاف يأخذو الفدية.. ويكتلونا.. على مود يخافون نفشي سرهم..

عبدالعزيز بثقة كبيرة:بالعكس.. أنا أشوف العملية مثل بيع وشراء.. يعني هم مايبون يورطون نفسهم في قضية قتل..
يبون عملية خفيفة ياخذون من وراها مبلغ محترم وعقب يختفون...

نصار بخفوت: أنا بعد أكول هيج.. بس الوسوسة اللي يبعدنا عن شرها.. وإن شاء الله أنه زوج أختك يكدر يطلعنا

عبدالعزيز بود كبير: نصّار أنت ماتعرف عبدالله مثل ما أعرفه..
عبدالله مثل لي من طفولتي لحد الحين الرجل السوبرمان.. عبدالله مايحط شيء برأسه وما يسويه..

ابتسم عبدالعزيز رغم أن وقتهم الصعب أصعب وقت للابتسامات: حط برأسه يخطف عيال أختي خطفهم

حط برأسه يرجع أختي رجعها..

حط برأسه يربي عياله أحسن تربية مع أنه وحيد في غربة رباهم..

حط برأسه أعلى منصب بنكي في الشرق الأوسط: وصل له رغم صغر سنه بالنسبة للمنصب... وأشياء كثيرة أتذكرها من طفولي لحد اليوم..

لا تخاف نصّار: قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا.. وأنا إن شاء الله عندي أمل كبير بعبدالله، والله لا يخيب أملنا..


**********************


جواهر تدور متوترة في البيت..
عبدالله طمنها كثير..
وهي قررت ما تتوتر أو توتر عيالها اللي خبت عليهم الموضوع..
وتعطي عبدالله مهلة الأسبوع اللي وعد يرجع عبدالعزيز خلالها..

عبدالله مشغول باتصالاته.. عشان موضوع عبدالعزيز..

جواهر نزلت تحت تحاول تفرغ شوي من توترها بالمشي في البيت.. رن موبايلها.. كانت عائشة

بعد السلامات المعتادة، عائشة بقلق: ديمة من لما رجعت من المدرسة اليوم وهي تبكي..

أنا خايفة عليها وايد وايد.. ديمة أخر مرة بكت فيها وهي عمرها 7 سنين.. لي 8 سنين ماشفت دمعتها..

تكفين جواهر أسألي عزوز بطريقتج الخاصة..
السواق يقول أن عبدالعزيز رجع معاهم للبيت.. وصلها ...وعقب جاكم...
عدا أنهم تأخروا عن موعد الطلعة المعتادة أكثر من نص ساعة..



عائشة نقلت حالة القلق لجواهر
جواهر من البداية فيه شيء مو مرتاحة له بين عزوز وديمة..
قررت أنها تطلع لعزوز فورا وتطالبه بتوضيحات.. ولكن بطريقة المسايسة الأمومية..

جواهر دخلت غرفة عزوز بهدوء وقفلت الباب وراها بالراحة
قربت من عزوز اللي قاعد على مكتبه يدرس..

جواهر بحنان: يمة عزوز.. احنا ربع صح؟؟

عزوز بحب: أكيد يمه.. وأكثر من ربع والله..

جواهر باستدراج: والرفيق مايخبي على رفيقه

- أكيد يمه..
- يعني لو فيه شيء صاير معاك.. أكيد بتقول لي..
- بدون شك..
- مهما كان خطير؟؟؟
- مهما كان خطير

جواهر بهدوء وحنان: وش صاير بينك وبين ديمة اليوم؟؟

عبدالعزيز انصدم من السؤال
هو يعرف ديمة عدل.. مستحيل تقول
من وين عرفوا؟؟ بس ماحب يستبق الأحداث..: ليه يمه ديمة قايلة لكم أنه فيه شيء صاير..

جواهر بود: أمها تقول إنها صاكة على روحها تبكي.. وبما أنك اللي رجعتها اليوم للبيت.. أكيد عندك خبر..

عبدالعزيز تنفس بهدوء
وحمد ربه أنهم مو عرفوا السالفة
بس حب يجيب لهم سالفة كبيرة وفيها جانب صدق
عشان تضبط حكايته: يمه السالفة ومافيها
إني تخانقت أنا وديمة اليوم خناقة شديدة في المدرسة عشانها رابطة حجابها على خصرها..
فحلفت عليها أنها ماترجع للمدرسة..
وبكرة باسحب ملفها.. عشان تروح لمدرسة نوف القديمة..
وهي عشان كذا تبكي: خايفة السنة تضيع عليها..

جواهر باستغراب: من حقك تنهاها عن المنكر اللي هي سوته بخلعها لحجابها..
بس مو من حقك أنك أنت اللي تقرر مستقبلها..
ديمة أمها وخالها موجودين وهم اللي من حقهم القرار.. موب أنت ولا غيرك..

عبدالعزيز بهدوء: خلاص يمه الموضوع منتهي.. ديمة ماراح ترجع لذا المدرسة لو مهما صار..

جواهر ببعض غضب: بس عزوز..

عزوز قاطعها بوقوفه وتقبيله لرأسها بود: يمه فديتج ديمة خلاص موافقة.. وأسألوها لو بغيتو..

جواهر احتارت في طريقة ولدها في فرض قرارته بطريقة تجبر الآخرين على تقبلها..
وبعدين ابتسمت في قلبها
(هذا الشبل من ذاك الأسد)

بس بعدين حست بنوع توتر
عزوز ليش شايف أنه له حق على ديمة لدرجة إنه أنه يمشي عليها كلامه بهذي الطريقة الحادة..

تكون مجرد الأخوة اللي هو يقول عنها؟؟
أو شيء آخر؟؟

قررت جواهر تقصح عن أفكارها بصراحة: للمرة الثانية عزوز أسألك: فيه مشاعر خاصة بين وبين ديمة؟؟

عزوز كح بحرج : يمه أنا شايفج معطية الموضوع أكبر من حجمه؟؟

جواهر بجدية: لأنه فعلا لو فيه علاقة ود مختلف أو خلنا نقول بصراحة (حب) بينك وبينها.. بيكون شيء مرفوض وغير مرضي لأي أحد..

عبدالعزيز كح كحات متواصلة من صراحة أمه الصادمة،

بس بعدين عبدالعزيز تماسك ورد بهدوءه المعهود: يمه على فرض
وانا أقول على فرض
أني أحمل مشاعر لديمة، فتأكدي أني ماقلت لها ومستحيل أقول لها
أنا واحد بين المراهقة والشباب
وديمة بين الطفولة والمراهقة..
يعني أي شيء ممكن يربط بيننا بيكون دماره كاسح..

ولو فعلا ديمة لها مشاعر خاصة في قلبي.. تأكدي إنها بتظل في قلبي ومستحيل تطلع..

ولو على فرض أني أحبها اليوم.. احنا المراهقين متقلبين.. يمكن بعد سنتين أو 3 تلاقين مشاعري تغيرت..

فأنا أبيج يمه تتطمنين من ناحيتي..
ولدج رجّال يمه..
ومو أنا اللي ألف على بنات الناس وأشاغلهم بكلام حب وغرام
وخصوصا أني أنا وديمة متربين سوا..
يعني هذي قلة مروءة لو سويتها.. وأنا ما أني بعديم مروءة..

جواهر حست الانفعال يهزها بعنف.. وهي تسمع كلام عزوز اللي أكبر من سنة
(صحيح ياعبدالله عرفت تربي)

جواهر حضنته بحنان كبير وهي تقول بعمق: الله يكملك بعقلك.. وسلمت يمين اللي رباك..
أنا أشهد أنه رجّال ولد رجّال.. الله يغفر لعمي محمد.. ويخلي لنا أبوك...

وعقب جواهر طلعت تبي تدق على عائشة تبلغها بكلام عزوز عن سبب زعل ديمة
وطبعا بدون كلام عزوز الأخير..


في الوقت اللي عزوز اتصل بديمة اللي ردت عليه من غير نفس.. مع أن أمها اتصلت فيها قبله 20 مرة بدون رد: نعم عمي عبدالعزيز؟؟

عزوز ببرود: عمج وغصبا عنج
واسمعيني عدل (حكى لها السالفة بسرعة)
وعقب قال بنفس البرود: عشان لما أمج تسألج.. تدرين وش تقولين..
وياويلج ياديمة لو طلعتيني كذاب قدامهم.. والله لأسود عيشتج..

ديمة اللي فارت من الحرة اللي فيها: أنت وش مفكر نفسك عزوز؟؟ يعني عشاني احترمت فرق السنتين اللي بيننا.. تسوي فيها ولي أمري..
تدري...
أقلب وجهك.. وأنا بأقول لأمي اللي على كيفي.. موب شغلك..

وسكرت الخط بغضب هادر في وجهه..

عزوز طالع الشاشة ببرود.. وهو متأكد إن ديمة.. ماراح تقول غير اللي هو قال لها بالحرف..


*********************
 
محمد اللي مابعد وصله خبر استفاقة سالم من الغيبوبة
كان موجود معهم في نفس الطابق في الاستراحة
ينتظر خروج المره الزائرة من عند سالم..

شاف علي جاي ناحيته يركض.. ووجهه يشرق ومختلف لدرجة النقيض عن وجهه لما تركه قبل دقايق..

محمد نط من الكرسي وهو يتسند على عكازه..

علي وصله شده من يده وهو يصرخ بفرح جنوني: أبشرك أبشرك.. سالم فاق.. سالم توعى.. وتكلم..

محمد حس كأن كل حمائم العالم اطلقت أسرابا محلقة في روحه..
لتحمل هذه الروح معها وتحلق بها نحو أفق أرحب.. أرحب
(يالله وش كثر انتظرت ذا الكلمة: سالم فاق..
وأخيرا يا سويلم.. !!!!
والله حرمت أسوق سيارة في طريق طويل وأنا معي حد.. حرمت..
الحمدلله اللي ردك لنا بالسلامة)

محمد لما وصل كان الدكاترة متجمهرين حول سالم
في الوقت اللي كانت المره اللي جات تزور سالم.. تبكي بعنف على كتف أبو علي برا قدام الغرفة..

محمد اقتحم الغرفة بعنف.. (المره ليش تبكي يوم سالم فاق..؟؟)
طالع في وجه سالم اللي كان قاعد باستواء.. (هذا هو قاعد ليش تبكي؟؟)

هو وعلي بعدهم مو مستوعبين...
لأن علي من سمع منيرة طلعت عليهم وقالت سالم فاق
ركض لمحمد بدون مايسمع باقي كلامها..

قربوا من سالم اللي الدكتور كان يسأله بود مهني مدروس وهو يرفع يده قدام وجه سالم: سالم.. شايف يدي..؟؟

سالم بهدوء ميت بصوت حاول يستجمع فيه كل قوته: لا يادكتور.. ما أشوف شيء.. والحمدلله على كل شيء.. الله يعوضني أخير منها في الآخرة..

عكاز محمد سقط على الأرض.. تبعه جسد محمد اللي انهار بالكامل..


***************


منيرة من لما رجعت للبيت.. وهي تبكي بهستيرية
حتى سارة انخلع قلبها عليها..
تروح وتجي
وكل مرة توقف فوق رأس منيرة.. تبي تكلمها..
يمنعها زعلها عليها...

بس في الأخير ماقدرت.. مهما كان هذي منيرة الغالية

قربت منها بالراحة: مناري وش فيس؟؟

منيرة ماصدقت إن سارة تكلمها.. انهارت أكثر وهي ترمي نفسها في حضن أختها..
سارة حضنتها بقوة.. بحنان: مناري فديتس خلعتي قلبي.. وش فيس؟؟

منيرة وهي تشاهق: مايشوف ياسارة.. مايشوف..
كله سبتي.. أنا السبب... أنا ما أستحق أعيش على الدنيا.. ليت الله يأخذني ويريحكم كلكم من شري..
آآآه ياسارة آآآآه.. يا قلبي اللي احترق
دعيت قلبس يحترق... وأثرني أدعي على قلبي أنا.. بأموت ياسارة.. باموت..

سارة لحد الحين مو مستوعبة حتى منيرة تتكلم عن من؟؟

سارة بحذر: من اللي مايشوف يامنيرة؟؟

منيرة وهي تشاهق بعنف : سالم ياسارة... سالم..

سارة بعدت منيرة من حضنها بعنف
الحركة اللي خلت منيرة تنهار أكثر: أنا أستاهل أكثر من كذا.. أستاهل أكثر من كذا.. أستاهل كرهكم كلكم..
أنا حشرة.. حيوانة..
أنا مستحيل أكون إنسانه..
والحيوان مالازم يعيش على الدنيا.. الحيوان لازم يموت..

قالتها وهي تنط على المكتب.. وتمسك بالموس الطويل اللي ينقص فيه الورق..


سارة كانت بعدها مو مستوعبة منيرة وش تبي تسوي..
لكن لما شافت الموس في يدها وهي تهوي به بسرعة على عروق معصمها..

سارة نطت في قفزة وحدة جنب منيرة.. وعصرت يد منيرة وهي تحاول تخلص الموس من يدها..

في الوقت اللي منيرة كانت ماسكته بإصرار وحشي، وتصرخ صراخ أكثر وحشية: خليني أذبح روحي..
ما أبي أعيش في دنيا سالم مهوب قادر يشوفها بعيونه من سبتي..

أنا اللي حرمته نور عيونه بدعاويي.. خليني أذبح روحي.. تكفين.. أرحميني من العذاب اللي أنا فيه

أم علي اللي سمعت صراخهم طلعت مفزوعة وقلبها بيطلع من مكانه، شافتهم يتخانقون على الموس..
وسمعت صراخ منيرة وهي تقول: خليني أذبح نفسي..

وماكانت محتاجة أكثر من كذا عشان تفهم..
جات من ورا منيرة وكتفتها
في الوقت اللي سارة خطفت الموس من يدها..
ومنيرة مازالت مستمرة في صراخها الهستيري..
واستمرت أمها مكتفتها..
وهي تصرخ وتصرخ وترفس..

لحد ما أنهارت من التعب والحزن واليأس والألم..
 
الجزء الرابع والستون





بعد صلاة العشاء
أبو فهد صار عنده خبر باختطاف عبدالعزيز في العراق.. بعد ما اتصل عليه عبدالله وبلغه..

أبوفهد اتصل في عياله وبلغهم..
الوضع في مجلس أبو فهد أكثر من مأساوي
عبدالعزيز بمثابة ولد حقيقي لأبو فهد واخو لعياله...

تقرر أن طلال هو اللي ينقل الخبر لنورة..
طلال حاول يتهرب من المهمة.. بس ماقدر..

طلال في سن عبدالعزيز تقريبا.. ونورة أخته اللي أصغر منه على طول.. بينه وبين نورة فرق 3 سنين..
العلاقة بينهم أكثر قرب وودية وحميمية..

طلال طلب من الشغالة تنادي له نورة وهو يحس المهمة صعبة عليه وتثقل روحه المثقلة أصلا بالخوف على عبدالعزيز..

(يطلبون مني أذبح أختي.. ويسمونها : انك أنت اللي لازم تبلغها)

نورة طلت عليه من فوق وهو تحت
وصاحت بطريقتها المرحة وابتسامتها اللي ما تفارقها على طريقة نبرة الشخصيات المدبلجة: من عندنا؟؟ ياللهول... طلول بعل العنود عندنا..

وكيف أطلقت العنود أسارك ولاتتبعك مثل الصخلة المرفوسة التي تتبع أمها؟؟...

سجل سجل في كتاب جينيس.. طلول بروحه بدون ظله المقرود العنود هانم..

أنتظرني.. انتظرني جايتك.. على جناح السرعة

وجلست على الدرابزين نص جلسة وتزحلقت لين تحت..

طلال كان يتابع جنونها ومرحها وهو يحسها سهام تخترق صدرة بكل وحشية

نطت عليه تحضنه وهي تقول: شفت من فرحتي بشوفة حريتك الغالية اليوم من أسر المحتل الغاشم..
مانزلنا بالطرق المعتادة.. استخدمنا الطريق السري..

طلال وهو يحاول يرسم ابتسامة ميتة: أنتي متى بتعقلين..؟؟
ماكنج خلصتي جامعة ولا مره متملكة..

نورة وهي تضحك: ذنب الحكومة وعزوز...
الحكومة ماوظفتني رغم مضي أشهر على تخرجي الميمون..
وعزوز أبو تمبة صار له مالك علي سنة ونص.. وخبر خير..
بس خلاص صدناه الحين مافيه فكة..

طلال كح بحزن: نورة يمكن عرسج يتأخر شوي.. عبدالعزيز يمكن يتأخر شوي في سفرته..

نورة بمرح: له له له.. بايخة طلول.. دور غيرها..
أنا أقول لك تبي دروس عندي في صنع النكتة المعتبرة

طلال ماحب يكذب عليها، هم مايدرون هل عبدالعزيز يطلع سليم من عملية الاختطاف أو لا..
فمعرفتها للخبر بتهيئها للي أكبر منه، قال لها طلال بجدية: نورة... عبدالعزيز مخطوف في العراق...

نورة انفرطت تضحك لحد مادمعت عينها: هذي حلوة طلول.. وربي حلوة.. تطورات عندك والله

وعقب حاولت تتماسك وهي تقول من بين ضحكاتها: تدري أنا كنت حاسة أنه عبدالعزيز بيهرب مني قبل العرس لينفذ بجلده من جنوني

وأني بأخلي الانتربول يجيبونه لي مكبل بالأغلال ..
بس توقعت يهرب سويسرا مثلا بعد مايهرب فلوسه، على طريقة الأفلام المغبرة...

بس العراق حلوة منك على قد سنك...
بس لاتعيدها.. تراها عقب تجيب لك حساسية مخية..
وانت مو ناقص... كفاية عليك الحساسية المخية اللي اسمها العنود..

طلال مسك يد نورة بحنان وهو يقول: نورة ياقلبي.. ياروح أخوج أنتي..
لا تخافين.. إن شاء الله بيرجع..
هم طالبين فدية.. وعبدالله رجّال جواهر قاعد يتفاوض معهم..
أسبوع بالكثير ويكون هنا..
وعقب كمل بتوتر: ولو الله بغا فيه شر.. ماحد يقدر يرد قضاه.. وأنتي إنسانة مؤمنة..

نورة كانت مبتسمة ابتسامة واسعة..
بس لما بدت تشم في كلام طلال ريحة الجدية
بدت ابتسامتها تنطفئ تدريجيا حتى انطفت نهائيا مع انتهاء طلال من كلامه..
حست كأن روحها سحبت منها بالكامل..


تماما مثل مصباح كان في غاية الإنارة والإشعاع.. بكبسة زر.. ينطفئ إشعاعه ليظلم ماحوله..

هكذا كانت نورة التي كانت كلمة طلال لها هي كبسة الزر التي أطفئت أنوار روحها.. لتغرق في ظلام دامس..

عبدالعزيز نور الأرض وبهجتها.. نورها هي..
القلب الطاهر المحلق النقي الذي حمل هموم كل البشر دون أن يُحمّل أحدا همه قد يختفي من الحياة..
لتبقى هي فيها وحيدة تجتر ظلام روحها الأبدي..

نورة اعتصمت بصمت موحش دون أن تنطق بكلمة واحدة

عيناها جامدتان لا أثر للمعة الحياة في رفيفهما ..شفتاها مطبقتان في تلازم يائس.. ويداها متشابكتان بعنف ضائع..

طلال بتوتر: فديتج نورة قولي شي.. صمتج هذا يذبحني..
أبكي.. أصرخي.. سبيني.. أضربيني حتى..
بس لا تسكتين كذا..
لا تقهرين روحج تكفين..
صارخي..طلعي اللي في خاطرج كله..

نورة لم ترد عليه..
وقفت بصمت..
وعيناها تائهتان..خاليتان من أي نبض يوحي بالحياة..
وشفتاها المزمومتان تفتقدان رفيقة دربهما التي مافارقتهما يوما: ابتسامة نورة

وصعدت الدرج بخطوات صامتة أشبه بخطوات شبح على سلالم بيت مهجور..


*************************




 
بعد صلاة العصر

دانة قاعدة مع عمتها أم سعود تحت يتقهون..

الجازي دنقت على خشم دانة، وقالت بعيارة: قولي تم..

دانة بود: تم..

الجازي باستجداء: تكفين قومي وديني الصالون أبي أقص شعري قبل المدرسة..

دانة بمودة: ماطلبتي شيء.. بس خليني أستاذن سعود..

سعود كان في المخيم مع جابر..
رخص لهم يروحون.. بس يرجعون قبل المغرب..

دانة والجازي لبسوا

في السيارة دانة سألت الجازي: أي صالون تبين؟؟

الجازي: الماجدة..

دانة بتردد: بس شارع النصر وفي زحمة الدوحة العصر.. يمكن يفوت المغرب مابعد رجعنا..

الجازي برجاء: تكفين الدانة.. أنا متعودة أقص شعري هناك..

الدانة: لو قايلة لي كان وديتش الصبح..

الجازي برجاء أكبر: خلاص صرنا في السيارة.. خلينا نروح .. كلها هالشعرتين اقصهم ونرجع بسرعة..

دانة كانت متوترة وماتبي تخلف وعدها لسعود انها ترجع قبل المغرب..
بس ماحبت تكسر خاطر الجازي: سيد علي اطلع للماجدة اللي في النصر..

الصالون كان زحمة.. والمغرب أذن والجازي دورها مابعد جاء..
سعود اتصل في دانة بعد ماصلى المغرب وهو راجع من المخيم للدوحة: الدانة وينكم؟؟

الدانة وهي تبلع ريقها: في الصالون؟؟

سعود بغضب: انا موب قايل لكم ترجعون قبل المغرب... يعني كسرتوا كلامي..

دانة وهي تحاول تمتص غضب سعود: سعود الله يخليك مايحتاج الأمر لكل ذا العصبية.. الحين الجازي بتخلص وبنرجع على طول..

سعود بنفس نبرة الغضب الهادر: والصالون هذا وينه ان شاء الله؟؟

دانة بتردد: في النصر..

سعود ولع: يعني خلصت المحلات ماتلاقون الا في النصر وفي ذا الليل.. شكلش انتي وياها تبون لكم تربية مهيب ذي..

دانة فولت حست كأنه يبي يهينها ردت بصوت مكتوم: سعود أنا متربية في بيت هلي.. منت اللي بتجي الحين تربيني..

لو كانت الدانة نادت سعود بدل اسمه بكلمة (حبيبي)
كان يمكن سعود مشى الموضوع عنده بدون شد الأعصاب هذا كله.. يعني كان شد معاهم بس بشكل معقول..

بس سعود بدت تنتابه حالة عصبية سيئة سببها إحساسه أن دانة يمكن أنها ما تحبه، وأن مشاعرها تجاهه نوع من الرضا بالقسمة والنصيب
من باب: سعود خلاص صار زوجي خليني اتعامل معه، مثل ما أي مرة تعامل زوجها..

عشان كذا كان رد سعود مبالغ فيه شوي: زين دانة دواش عندي.. اذا ماربيتش يا بنت هادي.. ما أكون ولد أبي..

دانة اللي ماحبت يزودنها في الحكي قالت له بكلمة حادة: مع السلامة، وقفلت الخط..

سعود على الناحية الثانية ولع: قليلة أدب.. أنا بأربيها..

خلصت الجازي قبل أذان العشا، طلعوا على طول، بس مالقوا سيد علي واقف برا، دانة اتصلت فيه وهي واقفة في البرد هي والجازي: سيد وينك؟؟

سيد بنبرته الهندوعربية: بابا سعود كلام.. انتا روح بيت.. انا يجي شيل بنات..

دانة توترت: شكل سعود مايبي يجيبها البر، والله اليوم العصر كان وش حليله ..
وش قلبه ذا القلبة السودا..

جاو بيرجعون ينتظرون في الصالون لين يجيهم سعود
لولا أنا راكبين الدراجات النارية اللي غالبا متواجدين في النصر من بعد المغرب لنص الليل..
قطعوا عليهم الطريق وهم يصيحون صيحاتهم التشجيعية المعتادة

لفوا لفتين ثم حركوا درجاتهم ومشوا، لكن مع وصول سعود اللي شاف المشهد كامل..
سعود حس بنار تطلع مع أذونه وخشمه وعيونه، مع زفيره وشهيقه..
من الغضب اللي فيه حس أنه ممكن يكسر الدنيا بجنونه.. ممكن يحرقها بزفراته الحارة

لولا أن الزحمة مسكته..وهو يشوف المشهد قدامه..
أو كان يمكن صدم سواقين الدراجات بالسيارة من شدة استحكام حالة الجنون اللي صابته..

ركبت دانة قدام والجازي ورا.. والكل صامت.. والصمت أشبه فعلا ليس بالصمت قبل العاصفة.. ولكن الصمت قبل الأعصار..

سعود حاول يمسك نفسه.. لأنه عارف نفسه.. لو عصب..ماراح يشوف قدامه و يمكن يصدم الحين في إشارة مرور..

كان كاتم في نفسه وساكت..
ودانة مستغربة وساكتة..
أول ماوقف سيارته في حوش البيت: ألتفت على البنتين مثل فيضان مدمر من الغضب..
هزئهم وهزئهم وهزئهم..
مرة تهزيء جماعي.. ومرة تهزيء منفرد لكل وحدة..
واللي نالت أكبر قدر من التهزيء كانت دانة بحكم أنها الكبيرة..
وظل يهزئ لحد مافرغ طاقة الغضب اللي عنده كلها..

الجازي نطت من السيارة وهي تبكي..

دانة لولا وجود الجازي او كان لها كلام ثاني مع سعود.. كما أنها من ناحية ثانية ماحبت تشد مع سعود اللي كان واصل أخره من الغضب..

قررت تنزل بهدوء.. وسعود مستغرب من صمتها..
سعود مسكها من ذراعها بقوة قبل تنزل: يعني ماعندش رد على سواد وجيهكم؟؟

دانة بهدوء: خلاص سعود أنت كفيت ووفيت.. ماعقب حكيك حكي..

سعود بغضب: تتمسخرين حضرتش؟؟

دانة نفضت يدها من أسر يده ونزلت وهي تقول: أفهمها مثل ما تبغي..

دانة لو كانت في طبعها الحقيقي كان خلت سعود يندم على كل كلمة قالها..
وكان عندت وأصرت على موقفها..
بس مع سعود أصبحت تقدم الكثير من التنازلات لمجرد إرضاءه..

على الجبهة الأخرى سعود كان مجروح ومتألم: يعني كأنها تقول لي قلعتك....
بس انا بعد زودتها..
شنو زودتها.. باقي الكلاب اللي على الدراجات يمدون يديهم.. عشان أقول الحين أتكلم..
بس هم ماكان لهم ذنب..
وبس..........
وبس........... ويمكن.....


سعود سبب توتره العالي أنه بدأ يحس أن حبه الخرافي لدانة قد لا يكون له نظير أو حتى شبيه في قلب دانه..

(أنا قبل كنت مكتفي بقربها مني.. بس الحين أنا أبي كل شيء.. أبيها قلب وروح وجسد..
يعني معقول تكون محتلتني بهذي الطريقة.. ومستولية على كل مشاعري بهذا التسلط.. ومايكون لمشاعري العنيفة في قلبها صدى؟؟؟؟!!!!)

سعود
حرك سيارته..
ورجع للمخيم..
ولجابر..
ولرغبة عارمة في جر أشعاره الحزينة..
 
الجزء الخامس والستون



الفجر قبل الأذان .. في غرفة سعود ودانة

سعود تأخر كثير في الرجعة.. الفجر قرب يأذن..
ودانة خلاص اعصابها انهارت وبدت تبكي خوف وقلق على سعود....

أول شيء كانت كرامتها مانعتها تتصل فيه..
(وش معنى هو اللي مافكر حتى يعتذر لي أو يطلع وراي يأخذ بخاطري.. هو اللي هزئني بدون سبب)

بس لما شافت الفجر قرب يأذن وهو مارجع
قالت: خلاص لا أبوها لا بو ذا الكرامة

بعثت له مسج

(وينك؟؟)

مثل مابعثت له كلمة وحدة
رد عليها بكلمة وحدة

(المخيم)

كل واحد منهم جرحته حدة الكلمة الواحدة وانعدام عاطفيتها..
وفي نفس الوقت كانت الكلمة الواحدة مصدر هدوء لكل منهم..

سعود عرف انها مشغول بالها عليه..
ودانة ارتاح بالها عليه وانه بخير.


********************



صباح اليوم الثاني

عبدالله في مكتبه في البنك..
يطوف به قلق عاصف، يحاول تنظيم أفكاره ليصل للهدف المرجو..

بلهجة هادئة واثقة كان يوجه حديثه لراوي الخبير القانوني في البنك العراقي الأصل الأمريكي الجنسية
والذي تربطه بعبدالله علاقة ود متينة نمت من أيام دراسة عبدالله الأولى في أمريكا
وتوطدت بعد عودة عبدالله لأمريكا..
وتوطدت أكثر بعد أن عينه عبدالله في وظيفته الحالية: هاه راوي .. وش رأيك؟؟

رواي بلهجة هادئة يشوبها بعض توتر: عبدالله أنا ما أدري شأكول لك..الموضوع بسيط إن شاء الله..بالغالب هذولا يريدون فلوس وبس..
بس من ناحية ثانية ما أكدر أأكد لك أنه الخاطفين ممكن يسلمون نسيبك وكت ما يستلمون الفدية..

عبدالله بهدوء وثقة: ولو أنا رحت بنفسي عشان أتفاوض معهم..

راوي برعب: أنت أكيد مجنون عبدالله.. شنو حجي المخبلين اللي كاعد تكوله؟؟ أهلي كلهم هناك حاضرين.. أهلك وكأنك موجود وأكثر..
يعني نسيبك مايندرى حي وإلا ميت.. تريد تلحكه..؟؟

عقب تنهد راوي بعد تماسكه: على العموم عبدالله الوضع الحين أحسن من أول بكثير.. والأمن أكثر استقرار.. بس مهما كان الوضع فيه اضطراب.. وأنا أخاف يصير لك شيء أحس أنه ذنبي..

عبدالله يتنهد: عبدالعزيز مثل ولدي... وأنا ماني بمرتاح لوجود وسطاء..
أخاف أرسل الفلوس تصير مشاكل وأنا موب موجود عشان أحلها.. عشان كذا أنا حاب أسافر للعراق بنفسي..

راوي بخوف ودي: أعرُفك زين عبدالله.. يوم تصمم على شيء..
طيب وأنا حاضر باللي تريده..

عبدالله بثقة: أنا بأحجز على طيارة بعد بكرة لبغداد.. أبيك بس تدبر لي رجّال يكون ثقة.. يدل في العراق زين..
عشان يستقبلني ويكون معاي لحد ما أخلص..

راوي بحزن متوتر: ابن عمي فاضل.. مافيه غيره.. جن مصور..
هو الوحيد اللي كان يكدر يفلت من كل حصار وحظر تجول.. ذكي وشجاع والموت أخر همه.. لو أكو أحد ينفعك هناك وفي مثل موقفك بيكون فاضل..

وعبدالله يتكلم مع راوي رن موبايله كان ولده عبدالعزيز

عبدالله بحنان: هلا يبه

عزوز باحترام: يبه وش سويت في الموضوع اللي قلت لك اليوم واحنا على الريوق..؟؟

عبدالله بثقة: أفا عليك.. أوراق ديمة ودها لها هي.. ومن بكرة خلها تداوم في مدرستها الجديدة
وعقب كمل بفضول: أنا باعرف أشلون قدرت تقنعها.. وانا اللي تعبت أقنع في أمها تجبرها وتطلعها من المدرسة ذي..

عزوز بهدوء: أنت توجهت للرأس الكبيرة..بس أنا صوبت على الرأس الصغيرة..

عبدالله باعجاب: عفية.. ولد أبوك.. أبيك كذا.. يوم تحط شيء في رأسك تسويه..
بس طبعا مايكون هذا الشيء متعارض مع دين أو اخلاق.. عدا هذين الشيئين توكل على الله.. واقتحم..

عبدالله مبسوط جدا بشخصية عزوز اللي بدت تبرز بقوة من تحت ركام خجله وشخصيته الحساسة..

عزوز بابتسام: حافظ الدرس يبه.. لا تحاتي


*******************


أول يوم دوام لدانة بعد زواجها

مانامت الا ساعتين بعد صلاة الصبح..

والحين الساعة صارت 3 ونص.. تأخرت أكثر من نصف سعادة عن موعد خروجها.. لأن الحالة الاخيرة احتاجت شغل زيادة.. كانت سيدة عجوز تحتاج خلع أضراس العقل.. وكانت محتاجة بنج كامل..

فتأخرت دانة معها.. لحد ما تأكدت انها بخير..

خذت موبايلها تبي تتصل بسيد علي تشوفه جاء هو الخدامة او بعد
رغم أنها قالت له يجي 3 بالضبط..
لقت في موبايلها مسج له أكثر من 20 دقيقة من زميلتها المقربة الدكتورة تهاني:

" إذا المزيون
اللي سيارته فكسار ذهبي
سعود
تراه برا معصب
واقف جنب سيارته
مثل أسد مستعد للانقضاض على فريسته
أطلعي واستلئي وعدك ياحلوة
إن شاء الله نلقى منج شوي أشلاء ندفنها"

دانة بتوتر: يا ويلي قبل ثلث ساعة كان معصب.. أكيد الحين مولع نار.. توه موقف أمس مابرد.. وش بيفكني من لسانه..
وبعدين هو ماقال لي بيجي.. ولاحتى عرفت انه بيجي وهو بايت امس في المخيم..

دانة شافت سعود قاعد ينطرها في السيارة، ووشكله مبين عليه عصبيته المعتادة مع تغير لون وجهه في دليل لازياد عيار الغضب شوي..

دانة ركبت بهدوء: السلام عليكم..

سعود بغضب: وعليكم السلام ياحضرة الدكتورة المبجلة..

دانة سحبت نفس عميق (من أولها كذا) بس ماردت عليه، سكتت..

سعود بنبرة غضب مكتومة: كان تأخرتي أكثر.. دريول حضرة جنابش قاعد في الشمس.. ينطر سموش تخلصين مرضاش..

دانة ماردت عليه..

سعود بدأ يفول من تجاهلها: قدمتي طلب النقل..؟؟

دانة بهدوء: قدمته..

سعود حاول يتسلح ببروده المعتاد بس ماقدر مع نفسيته المرهقة فسألها بعصبية: ومتي بتروحين هناك؟؟

دانة بذات الهدوء:بباشر هناك بعد بكرة

سعود تنهد بغضب: يعني بكرة بعد مداومة في الرميلة؟؟

دانة بهدوءها اللي ذبحه: إن شاء الله..

سعود بحدة: بكرة لا تروحين.. انتظري لبعد بكرة وروحي داومي في الصحة المدرسية..

دانة وهي تسحب نفس عميق وتحاول تسيطر على أعصابها اللي بدت تفلت: أسفة سعود..ما أقدر

سعود مسك الفرامل في نص الشارع وهو يلتفت عليها بحدة: نعم؟؟؟؟

دانة اللي ارتعبت من حركة سعود، والسيارت بدت تطلق هرنات غاضبة وراهم..

دانة برعب: أنت أكيد مجنون.. فيه حد صاحي يسوي كذا

سعود مارد عليها، شغل السيارة وحرك...

دانة حست بتوتر غير طبيعي، وإن سعود حالته غير طبيعية أكيد..
غصبا عنها بدت تبكي..

وسعود لما سمع صوت شهقاتها الخافتة، وهي تلف وجهها للناحية الثانية.. حس قلبه يتكسر مثل ورقة شجر جافة تحت قدم عملاق متجبر..

يحس نفسه ضعيف ومحطم قدام دموعها..
كان كل اللي هو سواه.. إنه ألتزم الصمت باقي الطريق..
ودانة استمرت في دموعها الصامتة

وفي قلب كل منهما حزن غريب.. وحب أغرب..


******************
 
ماجد في مجلس الحريم في بيت أخته نجلاء..

نجلاء بحب: هاه حبيبي أبو فيصل.. آمرني...

ماجد مد يده بظرف لنجلاء وقال لها بثقة: هذا مهر دلال أبيج تودينه لها بكرة المساء..

نجلاء بصدمة: ماجد أنت أكيد مجنون.. وش مهره والبنية ماوافقت عليك أصلا.. أنت تبي تفشلني..

ماجد بخبث: ومن قال لج إنها ماوافقت علي؟؟

نجلاء بصدق: أنا أمس كنت عندهم.. واليوم أم جاسم كلمتني.. وماحد منهم بلغني بهالموافقة الفجائية اللي ماحد عنده خبر فيها غيرك..

جاسم اللي في رأسه مخطط مجنون: هي بنفسها قالت لي.. يعني أنا بأكذب عليج في موضوع مثل هذا.. أنتي روحي وعطيها مهرها .. ومالج شغل.. بس ماتقولين لأحد شيء لين تعطينها المهر..

نجلاء بتوتر: أكيد ماجد؟؟؟

ماجد بثقة مجنونة: أكيد يا أم حمودي


**********************



أبو علي في بيته متوتر..

طلب من أم علي تنادي منيرة له..

منيرة من عقب محاولتها المجنونة الليلة السابقة للانتحار.. اللي هي ندمت عليها كثيرا.. واستغفرت ربها منها كثيرا.. وهي محطمة تماما نفسيا وجسديا ومعنويا..

منيرة دنقت على رأس أبوها وجلست جنبه، وقالت له بصوت مبحوح من كثر البكاء: لبيه يبه.. امي تقول انك تبيني؟؟

ابو علي بتوتر وبعض حزن: سالم يا أبوس

منيرة حست قلبها بيطلع من مكانه وهي تسمع اسم سالم، سألت بحذر: وش فيه سالم؟؟

ابو علي في كلمة واحدة حادة: يقول يبي يطلقس..
 
الجزء السادس والستون




منيرة حست قلبها بيطلع من مكانه وهي تسمع اسم سالم، سألت بحذر: وش فيه سالم؟؟

ابو علي في كلمة واحدة حادة: يقول يبي يطلقس..


منيرة بصدمة وهي غير مستوعبة: سالم يبي يطلقني.. ليه؟؟

أبو علي بحزن: يقول منيرة صغيرة ومالها ذنب تعيش مع رجّال أعمى..

سبب عمى سالم شخصه الأطباء بإصابة في مركز البصر في المخ.. وهذا النوع قد يكون مؤقت في حالة استعادة المركز لحيويته.. وقد يكون دائم في حالة كون ضرر المركز دائم..

منيرة وهي تأخذ نفس عميق وتحاول تطرد كل أحزانها: سالم ماله حق يطلقني .. والعمى امتحان من رب العالمين لي وله.. لاني بجازعة منه ولا هو بجازع منه..

أبو علي باستغراب: مهوب أنتي اللي كنتي ماتبينه.. وتبين الطلاق؟؟

منيرة بثقة: كنت غبية.. وغيرت رأيي..

أبو علي بهدوء: بس يا أبوس أنا ما أقدر أجبر الولد ياخذس لو هو أصر على الطلاق.. وشكله مصر..

منيرة بثقة كبيرة: يبه أنا أبي أروح لسالم الحين..
وخلاص يبه أنا ما أبي عرس ولا شيء..
و أنا من اليوم مرت سالم بكل معنى الكلمة.. وبلغ كل جماعتنا..
وبأرجع معه لبيته يوم يطلع من المستشفى..

أبوها بصدمة وعصبية: موكنس زودتيها يا أبوس.. تبين تجبرين الولد عليس..

منيرة وفي رأسها مخطط كبير: أنت الحين ودني لسالم
وبتسمع منه هو بنفسه.. نفس كلامي..

أبو علي رغم غرابة تصرفات بنته.. إلا أنه كان مرتاح من إصرارها على البقاء مع سالم..
لأنه هذا هو اللي يبيه أبو علي.. إن سالم مايكون بروحه بعد طلعته من المستشفى


********************


عبدالله راجع من دوامه من البنك..
جواهر كانت جالسة تحت هي ونوف..نوف قاعدة جنب أمها.. وشابكة ذراعها بذراع أمها ورأسها على كتفها..

عبدالله سلم وعقب قال بابتسامة: ماشاء الله كناري حب.. موب أم وبنتها..

نوف باست كتف أمها بعمق وعقب نطت تحضن أبوها وقالت بحب: الله لا يحرمني منكم اثنينكم..

عبدالله بحب: ولا منج يا أحلى البنات..

وعقب عبدالله جلس جنب جواهر وسوا نفس حركة نوف.. شبك ذراعه بذراعها باس كتفها.. وعقب حط رأسه على كتفها وهو حاضن ذراعها بقوة..

جواهر كحت وقالت بصوت واطي: عبدالله عيب نوف واقفة..

عبدالله وهو يرجع يبوس كتف جواهر: نوف عندج اعتراض؟؟

نوف وهي تضحك: حاشا وكلا.. براحتك طال عمرك.. وانا بعد بأطلع أتصل في حصوص... عشان ما أكون عزول..

لما طلعت نوف جواهر قالت بعصبية: عيب عبدالله مايصير..

عبدالله بمرح وهو يشدد من أحتضانه لذراعها: شنو عيب.. هذي نوفتي..
لو عزوز كان قلت ماعليه.. مايصير قدامه..
وبعدين أنا ماسويت شيء.. الحين بأسوي... بما انه نوف راحت بأسوي اللي في خاطري أسويه من يوم دخلت وشفتج جالسة.. وكانت نوف صاكة علي.

جواهر بتوتر وهي تبي تخلص يدها من عبدالله تقوم: وش تبي تسوي يالمجنون؟؟.. خلني أقوم من جنبك أحسن..

عبدالله مسك يدها بقوة وجلسها، وهو يقول بحب: خلاص اقعدي.. أبي أقول لج شيء..

جواهر رجعت تجلس.. وعبدالله يفلت يدها بالراحة ويلتفت عليها ويقول..: خلينا نروح للخور الليلة ونرجع بكرة..

جواهر باستغراب: ليه يعني؟؟

عبدالله بعيارة: أبي أستفرد فيج شوي.. خاطري أشوفج بقميص نوم قصير طول اليوم.. بدون جوز الغفر اللي عندنا..

جواهر بحرج: عيب عبدالله وش هالكلام؟؟

عبدالله بعمق: حبيبتي جد والله نفسي نقعد بروحنا شوي.. والسبب بأقوله لج لما نرجع بكرة..

جواهر بتردد: والعيال.. ما أقدر أخليهم بروحهم

عبدالله بهدوء: خالي ثاني بيجي يقعد عندهم.. لا تحاتينهم

جواهر بود: يعني مخطط لكل شيء

عبدالله بثقة: أنتظر موافقتج بس..


**********************
 
الوسوم
منتديات. شبكة. العربية. العامة
عودة
أعلى