إثراء لغوي وتعابير انشائية

  • تاريخ البدء

smile

شخصية هامة
///إثراء لغوي وتعابير جميله-اوصـاف لفصول السنه- 1///


وصـف فصل الربيع

في الربيع وإقباله قد أقبل الربيع بأسعد فاله، والحسن والطيب في إقباله.
أقبل الربيع يتبسم، ويكاد من الحسن يتكلم. تنفس الربيع عن أنفاس الأحباب، وأعار الأرض أثواب الشباب.
تنفس فنفس عن المكروب، وأهدى الروح والراحة للقلوب. استخرج من زهر البساتين، ما دفنته يد الكوانين. جاء يجر أذيال العرائس، وينشر أجنحة الطواويس.
تبلج عن وجه بهج، وجو غنج، وروض أرج، وطير مزدوج.
أقبل برائحة الجنان، وراحة الجنان، أسفر عن ظل سجسج، وماء سلسل وروض مدبج.
جاء معيداً للأنس العازب، ومطلعاً للهو الغارب. تبلج عن نوره، وتفتح عن نوره. لاحت منهجه، وراقت مباهجه.
مرحباً بالفصل، الجامع لأحكام الفضل، زائر من القلوب قريب، وكله حسن وطيب.
زائر لباسه حرير، وأنفاسه عبير. انكشفت غمة الشتاء الكالح عن غرة الربيع الضاحك،
أذال الربيع أذيال الحرير، وعبرت أنفاسه عن العبير. تبدل الشباب من المشيب، وبرز في مطرفه القشيب.
عطر السهول والوعور، فعطل المسك والكافور. الزمان معتدل، ووجهه طلق مقتبل. وسحابه ماطر، وترابه عاطر، كأن الجنة قد نزلت إلى الأرض في أبهى حللها وأنفس حلاها، وما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين منها، قد تبرجت الأرض للنظارة، وبرزت في معرض الحسن والنضارة، لبست الأرض قناعها الأخضر، ونضت شعارها الأغبر.
حاك الربيع حلل الأزهار، وصاغ حلى الأنوار.

~وصف النسيم~

في النسيم ووصف أثره زائر وجهه وسيم، وفضله جسيم، وريحه نسيم، قد سفر الربيع عن خلق الكريم، ونطق بلسان النسيم. وأفاض ماء النعيم، هب النسيم من الكرى، وهب على الورى، وعطر الثرى.
جر على الأرض أزره، وحل عن جيب الطيب زرره. نسيم الريح، نسيب الروح، قد ركضت خيول النسيم في ميادين الرياض. يا لك من منظر جناني، وماء فضي، ونسيم عطري، قد حلت يد المطر إزرار الأنوار، وأذاع لسان النسيم أسرار الأزهار.
في وصف الرياض وضة رقت حواشيها، وتأنق واشيها، روضة كالعقود المنظمة، على البرود المنمنمة.

~وصف البساتين والرياض~

روضة قد نشرت طرائف مطارفها، ولطائف زخارفها، فطوي لها الديباج الخسرواني، ونفي معها الوشي الإسكندراني. روضة قد راضتها يد المطر. روضة دبجتها أيدي الندى. أخرجت الأرض أسرارها، وأظهرت يد الغيث آثارها، واطلعت الرياض أزهارها.
الرياض كالعرائس في حليها وزخارفها، والقيان في وشيها ومطارفها، باسطة زرابيها وأنماطها، ناشرة حبرها ورياطها، زاهية بحمرائها وصفرائها، تائهة بعوانها وعذرائها، كأنما احتفلت لوفد، أو هي من حبيب على وعد.
روضة قد تضوعت بالأرج الطيب أرجاؤها، وتبرجت في ظلل الغمام صحراؤها، وتفاوحت بنوافج المسك أنوارها، وتعارضت بغرائب النطق أطيارها.
في وصف البساتين بستان رق نوره النضيد، وراق ورقه النضير. بستان غصنه خضر، وربعه خصب، ونوره نضر، وماؤه خصر. بستان كأنه أنموذج الجنة. بستان لا يحل لأريب أن لا يحل به. بستان أرضه للبقل والريحان، وسماؤه للنخل والرمان. بستان أنهاره مفروزة بالأزهار، وأشجاره موقرة بالثمار، أشجار كالعذارى يسرحن الضفائر، وينشرن الغدائر.
أشجار كأن الحور أعارتها قدودها، وكستها برودها، وحلتها عقودها.

~وصف الورود بأنواعها~

في ذكر النرجس والورد والشقائق الربيع شباب الزمان، ومقدمة الورد والريحان. زمن الورد موموق مرموق، وكأنه من الجنة مسروق. قد ورد كتاب الورد، بإقباله إلى أهل الود، إذا ورد الورد، صدر البرد، مرحباً بأشرف الزهر، في أظرف الدهر، كأن عين النرجس عين، وورقه ورق، النرجس نزهة الطرف، وظرف الظرف، وغذاء الروح، ومادة الروح، شقائق كتيجان العقيق على الزنوج، كأنها أصداغ المسك على الوجنات الموردة.
شقائق كالزنوج تجارجت فسالت دماؤها، وضعفت فبقي ذماؤها.

~وصف الطيور وتغريدها~

في غناء الأطيار الأرض زمردة والأشجار وشي، والماء سيوف والطيور قيان. قد غردت خطباء الأطيار، على منابر الأنوار والأزهار، إذا صدح الحمام، صدع قلب المستهام، أنظر إلى طرب الأشجار، لغناء الأطيار. ليس للبلابل، كخمر بابل، على غناء البلابل.

~وصف الايـام~

في وصف أيام الربيع يوم سماؤه فاختيه، وأرضه طاوسية. يوم جلابيب غيومه صفاق، وأردية نسيمه رقاق، يوم معصفر السماء، ممسك الهواء، معنبر الرياض مصندل الماء. يوم سماؤه كالخز الأدكن، وأرضه كالديباج الأخضر. يوم تبسم عنه الربيع، وتبرج فيه الروض المريع. كأن سماءه مأتم، وأرضه عرس.

وصـف فصل الشتاء (السحاب,الغيوم,الرعد,البرق والمطر)

مقدمة المطر لبست السماء جلبابها. سحب السحاب أذياله. احتجبت الشمس في سرادق الغيم، ولبس الجو مطرفه الأدكن. باحت الريح بأسرار الندى. ضربت خيمة الغمام، وقام خطيب الرعد، ونبض عرق البرق، سحابة رعدها يصم الأذن، وبرقها يخطف العين. سحابة ارتجزت رواعدها، وأذهبت بروقها مطاردها.
نطق لسان الرعد، وخفق قلب البرق. الرعد ذو صخب، والبرق ذو لهب. ابتسم البرق عن قهقهة الرعد.
زأرت أسد الرعد، ولمعت سيوف البرق. رعدت الغمائم وبرقت، وانحلت عزالى السماء فطبقت. سحابة هدرت رواعدها، وقربت أباعدها، وصدقت مواعدها. كأن البرق قلب مشوق، بين التهاب وخفوق.
في السحاب والمطر انحل عقد السماء، وهي عقد الأنواء. انحل سلك القطر، عن در البحر.
أرخت السماء عزاليها، وأغرقت الأرض وسحت نواحيها.
هطلت بمثل أفواه القرب، انتثرت كانتثار العقود. استعار السحاب جفون العشاق، وأكف الأجواد. انحل خيط السماء، انقطع شريان الغمام. سحابة تنخل علينا ماء البحر، وتفض لنا عقود الدر. سحاب حكى المحب في انسكاب دموعه، والتهاب النار بين ضلوعه، سحابة تحدو من الغيوم جبالا، وتمد من الأمطار حبالا. سحابة ترسل الأمطار أمواجا، والأمواج أفواجا.
تحللت عقد السماء بالديمة الهطلا. غيث أجش يروي الهضاب والآكام، ويحي النبات والسوام. غيث كغزارة فضلك، وسلاسة طبعك، وصفاء ودك. وبل كالنبل.
سحابة يضحك من بكائها الروض، وتخضر من سوادها الأرض. سحابة لا تجف جفونها، ولا يخف أنينها، ديمة روت أديم الثرى، ونبهت عيون النور من الكرى.
سحابة ركبت أعناق الرياح. مطر كأفواه القرب، ووحل إلى الركب. أندية قد من الله معها على البيوت، بالثبوت، وعلى السقوف، بالوقوف.

~وصف مياه الامطار~

في وصف الماء وما يتصل به ماء كالزجاج الأزرق، غدير كعين الشمس، موارد كالمبارد. ماء كلسان الشمعة، أصفى من الدمعة، يسيح في الرضراض، سيح النضناض.
ماء إذا مسته يد النسيم حكى سلاسل الفضة. ماء إذا صافحته راحة الريح، لبس الدرع كالمسيح. ماء يتصندل ويتسلسل. كأن الغدير بنبات الماء مصندل مطير، بركة كأنها مرآة السماء، بركة مفروزة بالخضرة رداء، كأنها مرآة مجلوة على ديباجة خضراء، غدير ترقرقت فيه دموع السحائب، وتواترت عليه أنفاس الرياح الجنائب. غدير ساكن إلا من نسيم الصبا يحركه بأنفاسه، وينقش وجهه بأرواحه.
ماء يبوح بأسراره وصفاؤه، ويلوح في قراره حصباؤه، ماء كأنما يفقده من يشهده. ماء أرق من دموعي فيك وأعذب من أخلاقك، وأبرد من فعل الزمان حين رماني بفراقك.
نهر يتسلسل كالزرافين، ويرضع أولاد الرياحين.

وصـف فصل الصيف وحرهِ

في ذكر الصيف ووصف الحر قوي سلطان الحر. فرش بساط الجمر. أقبلت أوائل الحر، وغير الهواء طبعه، وبدل مزاجه. حر الصيف، كحد السيف.
أوقدت الشمس نارها، وأذكت أوارها. حر يلفح حر الوجه. حر يشبه قلب الصب. ويذيب دماغ الضب.
هاجرة كأنها من قلوب العشاق، إذا اشتعلت فيها نار الفراق. هاجرة تحكي نار الهجر، وتذيب قلب الصخر. كأن البسيطة من وقدة الحر، بساط من الجمر.
حر يهرب له الحرباء من الشمس. قد صهرت الهاجرة من الأبدان، وركبت الجنادب العيدان.
حر ينضج الجلود، ويذيب الصيخود. أيام كأيام الفرقة امتداد، وحر كحر الوجد اشتداد حر لا يطيب معه عيش، ولا ينفع ثلج ولا خيش. حمارة القيظ، تغلي بصدر الغيظ، آب آب يجيش مرجله، ويثور قسطله.
هاجرة كقلب المهجور، والتنور المسجور. هاجرة كالسعير الجاحم، تجر أذيال السمائم، ظلها يحموم، وماؤها محموم.

وصـف فصل الخريف

ذكر الخريف انحسر قناع الصيف. خف سلطان الحر. خبت جمرة الهواجر. جاشت جيوش الخريف. فررت رايات المصيف، قد أخذ البرد يجمشنا بلواحظه، ويقرصنا بأنامله. أخذت عواصفه تهب، وأقبلت عقاربه تدب. قد حلت الشمس الميزان، وعدل الزمان الميزان، لفح المصيف قد كف، ووقع الشمس قد خف، خفت الرياح، وجفت الأعواد.

~وصف الليل~

اقبال الليل وانتشار الظلمة وطلوع الكواكب أقبلت عساكر الليل، خفقت رايات الظلام، خلع الليل علينا فروته، وألبسنا الظلام بردته.
تفقد الشفق، في ثوب الغسق، قيد الظلام الحاظ العيون. وستره الظلام بذيله.
أقبلت وفود النجوم. جاءت مواكب الكواكب. تفتحت أزاهير النجوم. نورت حدائق الجو.
أذكى الفلك مصابيحه، طفت النجوم في بحر الدجى. ذكر الليالي المظلمة لبس الليل جلباباً من القار، ليلة كجناح الغراب، وشعر الشباب، وحدق الحسان، وذوائب العذارى.
ليلة كأنها في لباس بني العباس، كأنها في لباس الثكالى، كأنها من الغبش، موكب الحبش.
ليلة يضل بها الغطاط، ولا يبصر فيها الوطواط. ليلة قد حلك إهابها، وكأن الفجر يهابها.
ليلة استعارت لون الخيل الدهم، كأن الأرض مصبوغة فيها بالمداد. في ذكر الليالي الطلقة الطيبة المشكورة ليلة سحر كلها. ليلة كأنها نهار. ليلة من حسنات الدهر. ليلة هواؤها صحيح ونسيمها عليل.
ليلة كبرد الشباب. ليلة فضية الأديم، مسكية النسيم. ليلة هي لمعة العمر، وغرة الدهر.
ليلة مسكية الأديم، كافورية النجوم. ليلة رقد الدهر عنها، وطلعت سعودها، وغاب عذالها. ليلة كالمسك منظرها ومخبرها. هي ليلة باكورة العمر، وبكر الدهر. ليلة يلتقي طرفاها. ليلة ظلماتها أنوار، وطوال أوقاتها قصار. ليلة كما شاء المحب. ليلة مسروقة من الدهر، ليلة مريضة النسيم، صحيحة الهواء، موشية بالنجوم، مطرزة بالقمر. في ضد ذلك وذكر طول الليل ليلة من غصص الصدر، ونقم الدهر.
ليلة كلها غيوم وغموم. ليلة كما شاء الحسود، وسآء الودود.
ليلة كأن أول يوم الحشر آخرها. ليلة قص جناحها، وضل صباحها. ليلة كليل الأعمى.
ليل ثابت الأطناب طامي الغوارب، طامح الأمواج وافي الذوائب. ليل كأن نجومه نجوم الشيب. ليل كأن نجومه عقلت فلا تسير، ولا تدور ولا تغور.
ليال ليست لها أسحار، وظلمات لا تتخللها أنوار. فيما يذكر من السهر لاعتراض الهموم والفكر بات فلان بليلة نابغية، بات بليل السقيم، بات بليل السليم، بات في الصيف بليلة شتوية، سامرته الهموم، وعانقته الغموم، قد توسد ذراع الهم، وافترش مهاد الغم، قد اكتحل السهاد، وافترش القتاد، اكتحل بمراود الأرق، وتقلب على مراقد القلق، جفا أجفانه الكرى، كأنما خلقت عيناه للسهر، النجوم شهود سهاده، كأن النوم قد غضب على مآقيه، اكتحل بملمول السهر، وتململ على فراش الفكر، أقض مهاده، وقلق وساده، هموم تفرق بين الجنب والمهاد، وتجمع بين العين والسهاد، سهر يفتق الجفن، ويقذي العين، ويؤذي القلب، ويوحش النفس.
طرف برعي النجوم مطروف، وفراش بشعار الهم محفوف، كأنه على النجوم ريب، وللظلام نقيب.

~وصف النعاس~

ذكر النعاس والنوم شرب كأس النعاس، انتشى من خمر الكرى، خاط النعاس جفونه، أخذ الكرى يجشمه، بل ثقل رأس، وتقاضي نعاس، عسكر النعاس بطرفه، وخيم بين عينيه وجفنه. خاض ضحضاح الكرى، ملأ النعاس جفنه، وشغل عينه.
مال مع النعاس. مس النوم مقلته. غلبته عيناه. كأن النعاس يطالبه بدين. غشيه نعاس الوحدة، ضرب على أذنه وقد ملأ عينه، غرق في لجة الكرى. تمايل من سكرة النوم. غفوة كحسوة الطآئر، نومه كلا ولا قلة، وكتصفيفة الطآئر خفة، كحل الليل الورى بالرقاد، وشامت الأجفان أعينها في الأغماد، عبث الكرى بهم، وأرخى مفاصلهم، وأمال أعناقهم.
انتصاف الليل قد تنصفنا عمر الليل، واستغرقنا شبابه.

~وصف الصباح وبريقهِ~

مضى من الليل صدره، وانقضى شطره. اكتهل الظلام. شاب رأس الليل. كاد ينم النسيم بالسحر، الصبح حمل بين أحشآء الدجى. تناهي الليل وتصرمه انكشف غطاء الليل. انهتك ستر الدجى. رفع سجف الظلام، رق ثوب الدجى، نعى الديل الظلام، هرم الليل، وشمطت ذوائبه، وتقوس ظهره، وتصرم عمره، قوضت خيام الظلام، خلع الأفق ثوب الدجى، استرد الليل خلعته، انتقب الليل بالصبح، أعرض الظلام وتولى، وتدلى عنقود الثريا، طرز الصبح قميص الليل،
باح الصباح بسره، خلع الليل ثيابه، وحدر الصبح نقابه.
إقبال الصبح وانتشار النور لاحت تباشير الصبح، افتر الفجر عن نواجذه.
ضرب الصبح في الدجى بعموده. تبسم عن نوره. فتك الصبح بالليل، بشر الديل الصبح، سل سيف الصبح في قفا الظلام. بث الصبح طلائعه. نشر ثياب النور. تبرقع وجه الليل بغرة الصبح أطار بازي النهار غراب الليل. عزلت نوافج المسك بشمامات الكافور، وانهزم جند الظلام من عسكر النور.
خلعنا خلعة الظلام ولبسنا ردآء الصبح، ملأ الأذان الآذان، برق الصباح، وسطع الضوء، وطلع النور، وأشرقت الدنيا، وأضاءت الآفاق.
أفول النجوم مالت الجوزآء للغروب، ولت مواكب الكواكب، تناثرت عقود النجوم تعطل الأفق من حلي الكواكب، تفرقت أسراب النجوم، فرت من حدق الأنام، وهي نطاق الجوزآء، وانطفأت قناديل الثريا.
طلوع الشمس وانبساط الضوء بدا حاجب الشمس. ذر قرن الشمس. ارتفع الحجاب عن حاجبها. لمعت الشمس في أجنحة الطير.
كشفت قناعها، ونشرت شعاعها. ارتفع سرادقها، وأضاءت مشارقها. انتشر جناح الضو، في أفق الجو. طنب شعاع الشمس في الآفاق، وذهب أطراف الجدران. افتضضنا عذرة الصباح. منوع النهار أيفع النهار وارتفع. ترجلت الشمس. استوى شباب النهار.
علا روق الضحى. انتصاف النهار بلغت الشمس كبد السمآء، انتعل كل شيء ظله، قام قائم الهاجرة، رمت الشمس بجمرات الهجير.
اصفرار الشمس وغروبها اصفرت غلالة الشمس، صارت كأنها الدينار، يلمع في قرار المآء، نفضت تبراً على الأصيل، وشدت رحلها للرحيل، بقل وجه النهار، وطر شاربه، تصوبت الشمس للمغيب، وتضيفت للغروب، وآذن جنبها بالوجوب، شاب النهار، وأقبل شباب الليل. وقعت الشمس للغيار، وشافه الليل لسان النهار. شرقت الشمس بروحها، جنحت للغروب، وشارفت درح الوجوب، الغزالة مصوبة للغروب، مؤذنة بالمغيب. والجو في أطمار مبهجة من أصائله، وشفوف مورسة من غلائله. استتر وجه الشمس بالنقاب، وتوارت بالحجاب. ذكر ابتداء الليل إلى انتهائه كان ذلك من مفتتح النهار إلى مختتمه، ومن قرنه إلى قدمه، من مطلع الفلق، إلى مجمع الغسق، فلان يركب في مقدمة الصبح، ويرجع في ساقة الشمس، من حين تفتح الشمس جفنها إلى أن تغض طرفها. من حين تسكن الطير في أوكارها، إلى أن تنزل السراة من أكوارها.
 
///إثراء لغوي وتعابير إنشائية///


1: ذكر الشاب الغض الشباب :
هو في اقتبال شبابه، وحداثة أترابه، وريعان عمره، وعنفوان أمره. هو في ريان شبابه واعتداله، وريعان إقباله واقتباله، شبابه طري، وذكاؤه قوي. غصن شبابه رطيب، وبرد حداثته قشيب، بعثه على ذلك أشر الصبي، ومرح الشبيبة، وسكر الحداثة. هو بعذرة الشباب، وفراغ البال، حدث بكر الآمال، بض الجمال، حسن الاقتبال، فتي السن، رطيب الغصن. عمره في إقباله، ونشاطه في استقباله، وشبابه في اقتباله، وماؤه بحاله. فلان في حكم الأطفال، الذين لم يعضوا على نواجذ الرجال.

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

2: في ذم الكلام :
كلام تنبو عن قبوله الطباع، وتتجافى عن استماعه الأسماع. ألفاظ تنبو عنها الآذان فتمجها، وتنكرها الطباع فتزجها. كلام لا يرفع السمع له حجاباً، ولا يفتح القلب لوفده باباً. كلام يصدي الريان، ويصدئ الأذهان. كلام قد تعمل فيه حتى تبدل، وتكلف، حتى تعسف. طبع جاس، ولفظ قاس. لا مساغ له في سمع، ولا وصول له مع خلو ذرع. كلام لا الروية فيه ضربت بسهم، ولا الفكرة أجالت فيه بقدح. كلام كأنه ثمر قطف قبل أوانه، وشراب نزل دنه قبل إبانه. كلام بمثله يتسلى الأخرس عن بكمه، ويفرح الأصم بصممه. بمثل ذلك الكلام رزق الصمت المحبة، وأعطي الإنصات الفضيلة. كلام أملس المتون. قليل العيون. أثقل من الجندل، وأمر من الحنظل. لفظ أخلاط، فلا يدركه استنباط، ولا يفسره بقراط. لفظه هذيان المحموم، وسوداء المهموم. كلام رث ومعنى غث. لا طائل فيهما، ولا حلاوة عليهما.

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

3: الجمال وحسن الصورة :
قمري التصوير، شمسي التأثير. خلقة سوية صحيحة، وصورة مقبولة صبيحة. منظر يملأ العين، ويملك النفوس. منظر ما أحوجه إلى عيب يصرف عين كماله، عن جماله. طلعة يطلع منها النيران، ويسجد لها الثقلان. مبرقع الغرة بالجمال، مسفر الطلعة بتباشير الإقبال. للعيون في محاسن وجهه مرتع، وللأرواح بها مستمتع..

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

4: البشر والبشاشة :
طلعة عليها للبشاشة ديباجة خسروانية، وفيها للطلاقة روضة ربيعية. غرة يجول فيها ماء الكرم، وتقرأ منها صحيفة حسن الشيم. وجه كأن بشرته قشر البشر، ومواجهته أمان من الدهر. فلان يصل ببشره، قبل أن يصل ببره، ويحيي القلوب بلقائه، قبل أن يميت الفقر بعطائه. شمت من وجهه بارقة المجد، ورأيت في بشره تباشير النجح. قد لحظت من وجهه الأنوار، ومن بنانه الأنواء. أنا من كرم عشرته، وطلاقة أسرته، في روضة وغدير، بل في جنة وحرير.

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

5: العلم والأدب:
هو بحر من العلم ممدود بسبعة أبحر، ويومه في الأدب كعمر سبعة أنسر. العلم حشو ثيابه، والأدب ملء إهابه، هو شخص الأدب ماثلا، ولسان العلم قائلا. شجرة فضل عودها أدب، وأغصانها علم، وثمرتها عقل، وعروقها شرف. تسقيها سماء الحرية، وتغذيها أرض المروة. هم ملح الأرض إذا فسدت، وعمارة الدنيا إذا خربت، ومعرض الأنام إذا احتشدت. هم جمال الأيام، وخواص الأنام، وفرسان الكلام، وفلاسفة الإسلام. فلان غصن طبعة نضير، وليس له بحمد الله نظير. قد جمع الحفظ الغزير، والفهم الصحيح، والأدب القوي القويم. ما يؤنسه عن الوحشة إلا الدفاتر، ولا تصحبه في الوحدة إلا المحابر. همه مهرة فكرة يستفيدها، وشرود من الكلم يصيدها، فلان يحل دقائق الأشكال، ويزيل معترض الإشكال.

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

6: حسن الخلق:
خلق لو مزج به البحر لنفى ملوحته، وصفى كدورته. خلق كنسيم الأسحار، على صفحات الأنوار. خلق كالماء صفاء، والمسك ذكاء. أخلاق قد جمعت المروءة أطرافها، وحرست الحرية أكنافها. أخلاق تجمع الهواء المتفرقة على محبته، وتؤلف الآراء المتشتتة في مودته. أخلاق أعذب من ماء الغمام، وأحلى من ريق النحل، وأطيب من زمن الورد. أخلاق أحسن من الدر والعقيان في نحور الحسان، أزكى من حركات الريح بين الورد والريحان.

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

7: الظرف واللباقة وحسن العشرة :
فلان يستحط العصم بظرفه، ويستنزل النجم بلطفه. ما هو إلا ونسيم العيش قوت النفس، ومادة الأنس، وشمامة الظرفاء، وريحانة الندماء. أعلى الناس في جد وأحلاهم في هزل. يتصرف مع القلوب، كتصرف السحاب من الجنوب. ذو جد كعلو الجد، وهزل كحديقة الورد. قد طابت عشرته إذا عاشرته، ولانت قشرته، وواصلته فاستحسنت وصاله، وأحمدت خصاله. له عشرة ماؤها يقطر، وصحوها يمطر. هو ريحانة على القدح، وذريعة إلى الفرح. عشرته ألطف من نسيم الشمال، على أديم الماء الزلال، وألصق بالقلب، من علائق الحب

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

8:في الربيع وإقباله:
قد أقبل الربيع بأسعد فاله، والحسن والطيب في إقباله. أقبل الربيع يتبسم، ويكاد من الحسن يتكلم. تنفس الربيع عن أنفاس الأحباب، وأعار الأرض أثواب الشباب. تنفس فنفس عن المكروب، وأهدى الروح والراحة للقلوب. استخرج من زهر البساتين، ما دفنته يد الكوانين. جاء يجر أذيال العرائس، وينشر أجنحة الطواويس. تبلج عن وجه بهج، وجو غنج، وروض أرج، وطير مزدوج. أقبل برائحة الجنان، وراحة الجنان، أسفر عن ظل سجسج، وماء سلسل وروض مدبج. جاء معيداً للأنس العازب، ومطلعاً للهو الغارب. تبلج عن نوره، وتفتح عن نوره. لاحت منهجه، وراقت مباهجه. مرحباً بالفصل، الجامع لأحكام الفضل، زائر من القلوب قريب، وكله حسن وطيب. زائر لباسه حرير، وأنفاسه عبير. انكشفت غمة الشتاء الكالح عن غرة الربيع الضاحك، أذال الربيع أذيال الحرير، وعبرت أنفاسه عن العبير. تبدل الشباب من المشيب، وبرز في مطرفه القشيب. عطر السهول والوعور، فعطل المسك والكافور. الزمان معتدل، ووجهه طلق مقتبل. وسحابه ماطر، وترابه عاطر، كأن الجنة قد نزلت إلى الأرض في أبهى حللها وأنفس حلاها، وما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين منها، قد تبرجت الأرض للنظارة، وبرزت في معرض الحسن والنضارة، لبست الأرض قناعها الأخضر، ونضت شعارها الأغبر. حاك الربيع حلل الأزهار، وصاغ حلى الأنوار. في النسيم ووصف أثره زائر وجهه وسيم، وفضله جسيم، وريحه نسيم، قد سفر الربيع عن خلق الكريم، ونطق بلسان النسيم. وأفاض ماء النعيم، هب النسيم من الكرى، وهب على الورى، وعطر الثرى. جر على الأرض أزره، وحل عن جيب الطيب زرره. نسيم الريح، نسيب الروح، قد ركضت خيول النسيم في ميادين الرياض. يا لك من منظر جناني، وماء فضي، ونسيم عطري، قد حلت يد المطر إزرار الأنوار، وأذاع لسان النسيم أسرار الأزهار.

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •
 
الوسوم
اثراء انشائية تعابير لغوي
عودة
أعلى