تاجرة الحب


الفصل السابع

-وهاهو ذا كوخي وسط الدخل!بدون كهرباء ولكن هناك صاله حمام ضيقه بها دش ربما يبدو هذا الديكور خشنا ولكنك لو رايت افكاري قبل ان تهاجميني لقد اقتضى مني الامر ان اطلب من رجال خليج نصف القمر ان يحضروا لي بعض الاثاث ليصبح الكوخ اكثر راحه
-انه رائع...هذا المكان يا لولا
كانت المائده مستديره واربعه مقاعد كلها من البامبو تحتل وسط الحجره وكانت المقاعد مغطاه بوسائد اسفنجيه صفراء مطرزه بنفس تطريز السرير الملتصق بالجدار رات العديد من فازات الزهور على المائده الليليه وبجوارها شمعدان بينما هناك رصه كتب على الارفف القريبه من الباب ورات ايضا باقه من الورود على المكتب المصنوع من الخيزران وبجوار المكتب يوجد موقد ربما يرجع تاريخه الى العصر الحجري
وضع كلايتون حقيبه فوق السرير واستدار عندما دخلت لولا وداميتا وقال ساخرا
-لاشك في ان رعاه الماشيه الذين كانوا يستخدمون الكوخ لم يشكوا قط عدم وجود وسائد ولا فازات
قالت لولا مازحه وهي تغلق الباب وتبتسم له
-هذا يدعوا للاسف الشديد...لقد اسعدك الحظ بعدم وجود نقابه وراء ظهرك تطاردك باحترام شروط العمل واذا اضطررت الى المكوث هنا اكثر من ذلك لطالبت بمولد كهربائي ومروحه كهربائيه ان ذلك سيكون مفيدا للقطعان المعزوله
انفجرت داميتا في ضحك مجنون وقالت
-ساحاول ان اتذكر ذلك عندما يضعونني في موقع عمل اخر..انني ساطلب بالاضافه الى كل الضروريات ان تضع لي مروحه ضخمه بيضاء في السقف
قالت لولا تؤيدها بلهجه لا تقبل المناقشه
-وان تكون اذرعتها على شكل اجنحه البجع ان ذلك مهم جدا
تدخل كلايتون في الحديث بصوت قاطع
-ولكنك لن تظلي يا لولا حتى تحتاجي لهذه الرفاهيه وافضل ان تحزمي امتعتك بعدها ساصحبك انت وداميتا الى ابعد مكان ممكن لقد اتصلت ب استكلاند بارد امس في وقت متاخر من الليل انهم سيوفرون لك ماوى وحمايه حتى موعد نظر القضيه في الاسبوع القادم
اختفت الابتسامه من على شفتي لولا
-ان هذا العمل غرور من جانبك كلايتون ان لدي نيه البقاء هنا اكثر والا ارحل قبل يومين من المحاكمه انني لا اريد منهم ان يحبسوني
-لسوء الحظ ان بيلستروب كسب مزيدا من الارض مما سيشكل مشاكل بالنسبه للحمايتك وامنك انك سترحلين اليوم يا لولا
كانت عيناها السوداوان تطلقان شرارا
-لن يحدث هذا ابدا ولا على جثتي انك حتى لا تعرف انه يراقبون خليج نصف القمر
-لست على استعداد للمخاطره واذا كنت متمسكه ب داميتا فانك يجب الا تفعلي ذلك من باب اولى حتى لا يستغل بيسلروب ذلك في التلاعب بك واقترح ان تضعيها هي ايضا تحت حمايه الشرطه
-انني ارفض ان...
ولكن لولا قطعت كلامها لقد فهمت الان فقط انها ليست بمفردها في اللعبه...هناك ايضا ابنتها
-حسن جدا..اذا كان ذلك من اجل داميتا...ولكني ارفض ان اتجول معها انني هدفهم دون شك ولكن لن اسمح لهم بمهاجمه ابنتي

 

قال كلايتون بسرعه
-لابد من رحيل داميتا في اسرع وقت
ردت عليه لولا وقد رفعت ذقنها للامام على الاستعداد للهجوم عليه وعضه
-ليس معي!انني ساجرهم ورائي خارج استراليا بعيدا عن ابنتي وعليك ان تصحبها الى لندن فيما بعد
احتجت داميتا
-انني متمسكه بمصاحبتك
قال كلايتون
-لا فائده من الالحاح.فلقد سبق ان صدعت راسي بلا جدوى ف لولا لها راس مثل راس البغل
زمجرت لولا
-ان المقارنه ليست لائقه في نظري
-ليس لدي مزاج ان اجاملك واقول غير الحقيقه المهم الان ان انتهي بسرعه واتاكد من وجودك في مكان امن..ولكن مادام علي ان اقبل حلا وسطا فانني اقبل يا لولا ان ترحلي انت اولا وستبقى داميتا في الكوخ وعندما تصلين الى مكان امن ساصحب داميتا الى لندن هل توافقين؟
-لاباس...اذا اخذنا في الاعتبار هذا الموقف
-انني لا افهم لماذا لا استطيع ان اصحبك يا لولا انك حريصه اكثر من اللازم
-انك سرعان ما ستتبرمين من مصاحبتي دون شك ومن المؤكد انهم في لندن سيحبسونك في حجره صغيره خانقه يا صغيرتي وانت ياكلايتون اعتقد انك رتبت كل شئ من قبل كم تبقى لي من الوقت؟
ظهر شبح ابتسامه على ركن فم كلايتون
-ان الطائره المروحيه ستكون في خليج نصف القمر في الثالثه تماما ومن هناك ستنقلك الى سيدني ومن سيدني سترحلين بالطائره الخاصه بمؤسستي حتى لندن
-ثلاث ساعات لم يبقى لي سوى ساعه ونصف الساعه اخبرني
عندما تتخذ قرارا فانك لا تتراجع ابدا عن تنفيذه ياعزيزي وباسرع وقت ممكن لقد دهشت لانك منحتني وقتا لاعداد حقائبي
-اذا انتهيت من حزم حقائبك فانني ساسمح لك باحتساء قدح قهوه قدح واحد ثم بعد ذلك الى الطريق نحو نصف القمر
-يالك من ديكتاتور وانت يا داميتا لن تتاح فرصه ان تشاهدي مواهبي في اعداد الطعام والتي استحق عليها الحصول على الشريط الازرق وعندما نجتمع نحن الاثنان في لندن اعتمدي على في محاوله اقناع ساده اسكتلانديار باقامتنا في المكان اللائق..في جناح مزود
بمطبخ واسع
انفرجت اسارير داميتا بعض الشئ وعندما لاحظت ذلك امها ربتت خدها مشجعه
-ان الضحك ليس ممنوعا يا داميتا انك جاده اكثر من اللازم ان الامور ستجري على احسن مايرام
-اعرف ذلك ثم انني سعيده لانك ستذهبين الى حيث تكونين في امان لماذا لم ترغبي في ان يحموك من البدايه؟
-لانني كنت افضل ان اضع نفسي تحت جناح كلايتون الفاتن ولكني سعيده لانني ساتركه فهو ليس مرحا كعادته...
قاطعها كلايتون وهو يضع ابريق القهوه على الموقد
-اسف ولكنك ان لم تسرعي يا لولا فلن تنالي قدح القهوه
حزمت لولا امتعتها في لمح البصر وبعد ربع ساعه استعدت لمغادرهالكوخ برفقه كلايتون
قالت ل كلايتون بصوت متبرم
-اذهب انت اولا فانني اريد توديع داميتا
زمجر كلايتون وهو يتوقف على عتبه الباب
-لاتنسيا انكما ستلتقيان في لندن بعد يومين
قالت لولا بنفاذ صبر وهي تشير له بالخروج
-اذهب..اذهب..انك لا تستطيع التحكم في كل شئ يا سيد ديكتاتور فلقد فاض بي الكيل الان
-اسرعي
اغلق الباب خلفه وعندما رات لولا ذلك رفعت عينيها الى السماء
-انني لم اره من قبل مشدودا الى هذا الحد
لو رفضت الرحيل لكان قادرا على رفعي على كتفه رغما عني والقائي داخل طائرته
-انه قلق عليك
-اه..نعم؟ربما ولكنني اظن انه قلق اكثر عليك ان مسلكه واضح اكثر من اللازم وخصوصا عندما راى رد فعلك نحوه اني لهذا السبب اصررت على ان اكون معك فان لدي ما اقوله لك
-هذه ليست اللحظه المناسبه حقا لولا ثم انني اكرر عليك انني لا ارغب في الحديث عن كلايتون
-يجب دائما على المرء ان يرتب افكاره عندما تتشابك وتتصارع ثم ان لدي احساسا بان كلايتون وانت غارقان لاذنيكما...صدقيني انه من الافضل اصلاح الاخطاء من البدايه والا فان المرء يقع في الشبكه يكن من الصعب الخروج منها..لقد استغرق الامر مني عشرين سنه حتى اكتشفت انني كنت اسير في الاتجاه الخطا
-عشرون عاما؟
-اترين...انني بطيئه بعض الشئ لقد كنت اعتقد ان اعيش باقصى سرعه وان انهمك في السهرات الفاخره والرحلات البحريه ومع شباب مرح ومنطلق واصدقاء وملهمين
-هل ادركت انك لم تعودي تريدين تلك الحياه بعد؟
-نعم انني في الحقيقه احاول وسط هذا الاعصار ان اعرف قيمه نفسي انني اريد ان اثبت لكل شخص ان لي اهميه حتى وان بدات حياتي ببيع جسدي
-هذه ليست غللطتك يالولا
-ومع ذلك فانني اعيش على فتنتي وسحري ولا استطيع ان انكر ذلك ومنذ ان كففت عن العمل كفتاه استدعاء ظللت ابيع نفسي وفي رايي ان بيع المرء لمثاليته اسوء من بيعه جسده
-لقد فعلت كل هذا من اجلي..لانك اردت ان تمنحيني بدايه جيده لحياتي
-لقد كنت مؤمنه بذلك في حينه ولكني الان لست واثقه بذلك لقد كنت اردت دون شك ان استولي على اكبر ثروه لانني كنت فتاه مسكينه وفقيره وجائعه وتحلم بان تملك كل شئ وربما انني من اجل الحصول على ذلك اخترعت لنفسي الشخصيه الشهيره الفاتنه
-لا انك لم تكوني انانيه يا لولا انك كنت مليئه بالشهامه والحنان
-هذا في الحقيقه تصورك لي دائما انني لست محرومه كليه من الحنان ولكن لم يعد لدي قلب املك زمامه اما بالنسبه لك فانه من السهل عليك ان تحبي يا صغيرتي انك منذ كنت صغيره كنت تحلمين بحب شخص ما ولم يكن لك سواي لتحبيه
-لقد كنت دائما تكفينني
-لا..انني لا اكفيك..انني لم امنحك ما انت بحاجه اليه لقد سرقت منك ومني ايضا سنوات طفولتك التي كان من الممكن ان نعيشها سويا
-لقد كنت تحاولين حمايتي
-ةان احمي نفسي
وجدت داميتا صعوبه في البلع واحست بغصه في حلقها امام هذه الاعترافات
-لماذا تحدثينني في كل هذا؟ انك لن تنجحي مع ذلك في اقناعي لانني احبك يا لولا
-حمدلله..انني لا استحق ذلك ومع ذلك فان هذا يشعرني بالارتياح بلا حدود واتعشم ان تحتفظي لي دائما بحبك يا داميتا
وفي المستقبل سابذل كل ما في وسعي حتى استحق هذا الحب ولكني ان كنت قلت لك هذا فليس لانني اريد ان تصفحي عني
في الحقيقه اردت ان اخبرك انه ليس من السهل ان يصبح المرء صادقا مع نفسه ومع ذلك انها الوسيله الوحيده حتى يتجنب المرء ارتكاب اخطاء لايمكن اصلاحها او يندم عليها بلا حدود
-لست افهم...
مالت لولا بجسدها وقبلت ابنتها
-فكري في كل هذا يا داميتا وحاولي مثلي ان تنسي ما وقعت فيه واستانفي المسيره بخطوات ثابته وسليمه وفكري في انا وفي كلايتون ايضا.ولا تنسي بوجه خاص نفسك انت ان هذا العمل الصغير في التامل والتفكير سيجلب لك مفاجات ..هل تعدينني؟
كانت لولا تتكلم بنبره ماكره وغامضه في ان واحد قالت داميتا وكانها في حلم
-انني اعدك بذلك
فتحت لولا باب الكوخ ثم قالت لابنتها
-سنلتقي في لندن يا صغيرتي
*******
لم يظهر كلايتون مره ثانيه الا حوالي منتصف الليل كانت الشموع لاتزال تضئ بينما تمددت داميتا على السرير وهي تقرا احدى روايات الجيب عندما ظهر كلايتون في اطار الباب وضعت المؤلف جانبا
-ماذا عن لولا؟
-انها في الطريق لقد انتظرت حتى اقلعت الطائره النفاثه لقد وعدت ان تخبرنا عن طريق الشرطه فور ان تستقر تحت الحمايه
-اف!ورجال بيلستروب؟هل ظهر لهم اثر؟
-لم ار اي شخص ولم يحاول احد ان يعرقل خطتنا وليس معنى هذا انهم لايراقبون نصف القمر..لابد ان نتحرك ونعمل اسرع منهم
-اذن لولا في امان؟
-نعم...عند هبوطها من الطائره سيستقبلها رجال سكوتلانديارد وهي في امان على عكسك انت المعرضه اكثر منها للخطر..والان لم تعد
لولا في متناول اياديهم اصبحت انت السلاح الوحيد الذي يمكن ان يستخدمه بيلستروب وعصابته في منعها عن الشهاده
مرر كلايتون اصابعه في شعره ليستجمع شجاعته
-لهذا لن انتظر حتى اضعك في الطئره ساعيدك الى سيدني ولدينا اماكن في الطائره التي تقلع بعد ثلاث ساعات
-لامجال لذلك!
تسمر كلايتون في مكانه ثم قال بحده
-ماذا؟
قفزت داميتا من فوق السرير وشدت جسدها
-لقد قلت لامجال لذلك..اننا سنتمسك بتنفيذ ماخططناه..سنرحل مساء غد
قال في ثوره
-الامر اذن هكذا !لاتعتمدي على كلامك
-هل انت واثق بان خليج نصف القمر مراقب؟
وهل انت متاكد منان بلستروب يعرف انني ابنه لولا لا ان كل ذلك مجرد افتراضات اذن ساغمر وستكون مخاطرتي محسوبه هذه المره وساطيل من اقامتي في الكوخ
-لماذا نقضي الليله هنا بينما الحكمه تدفعنا الى ركوب الطائره في اسرع وقت ممكن؟
-من اجلنا..لاننا نحتاج انا وانت لهذه الخطوه اليس هذا هو نفس السبب الذي من اجله نقلتني الى كسمارا؟
تجهمت اسارير كلايتون
-الامر مختلف لم اكن قد اكتشفت بعد ان بيلستروب كان يتتبع خطواتنا
-ومع ذلك انت لا تزال لا تعرف ذلك.على ايه حال انا لن اتحرك من هنا وهذا قرار نهائي على الاقل ليس قبل ان احل اللغز الذي يصدع راسي
بللت شفتيها الجافتين سالها
-اي لغز؟
-اريد ان اعرف هل احبك؟

 
داميتا!
-وان اعرف ان كنت انت ايضا تحبني.صحيح انك قلت لي ذلك ولكن بعد الذي حدث مساء امس فكرت انك عيرت رايك وهو ماقلب كياني وازعجني ايما ازعاج واحسست بالمرض و...عندما سمع كلايتون هذاا السيل من الكلام المنهمر من بين شفتيها احس بمدى قلقها حاول جاهدا ان يفهم وسالها
-ماذا تحاولين ان تقولي لي يادميتا؟
-يبدو لي ان الامر واضح ولا يحتاج الى شرح
لقد نصحتني لولا بان افكرواحاول ان اكون صادقه مع نفسي وهذا مافعلته خلال غيابك ولقد قضيت ساعات اكثر مرحا..ان الصدق مع النفس لايطرح دائما الفاكهه التي نريدها لقد اكتشفت مثلا انني شديده القبح اخلاقيا وفي اعماقي لست محبوبه
-ولكن لا...هيا...انك رقيقه ومخلصهو...
-من الواضح اننا لا نتكلم عن نفس الشخص لست رقيقه على الاطلاق يا كلايتون ان لي اخلاقا يشوبها الغموض ومحبه للعراك وصراحتي تاخذ شكل الوقاحه ..انني اعتقد في نفسي انني مخلصه ولكني لست كذلك مادمت دائما اكذب حول الشخص الذي كانت له اقصى اهميه في حياتي
-هل هي لولا؟
اعترفت وهي تخفض عينيها
-نعم ..لقد كنت اشعر بالعار منها واذا كنت قد قبلت ان تجعلني بعيده عنها فان ذلك لانني لم ارغب في الاعتراف بانني اينه لولا توريس ولابد انها لاحظت ذلك ولهذا قررت الا تكشف عن قرابتنا لاحد
-لاتقولي انك ستحملين على ظهرك قرارات لولا وعواقبها! ولاتقولي انك خائفه على العاطفه التي تكنينها نحوها وخاصه ان الاخلاق التي تعلمها الاخوات المتدينات لاعلاقه لها بالحياه الماضيه ل لولا..ومن هنا جاءت تناقضاتك الداخليه
-اذا كانت تلوم نفسها فان على ايضا لوم نفسي لقد ارتكب كلانا الاخطاء.ولكني احبها ياكلايتون
-تعرف هذا
-وهي ايضا تحبني
-نعم
-كان من الواجب ان اقول لها ان كل شئ انتهى وانني لن احاول ان اكون عدوانيه ولا ان اظل في حاله دفاع عن النفس.لقد اردت ان اعتذر لها لانني في منتهى السعاده لانها امي
-هذا بالضبط ماقلته!هيا نركب الطائره بسرعه
ولكن داميتا اومات براسها رافضه
-مستحيل لابد لي اولا ان احل هنا لغز اخر وامادمت لست سوى كتله من العقد والمخاوف فانني انوي ان اتغلب عليها حتى اصل الى اساس المواضيع وهذا ليس بالعمل السهل باعتبار انني كنت دائما ارفض العلاقات بين الرحال والنساء.فالرجال بالنسبه لي كلهم مستغلون
-هذا مفهوم..وانا من ناحيتي لم افعل شيئا كبيرا لاساعدك على تغيير رايك
-بل فعلت ليس بك اي شبه ب هؤلاء الرجال الذين اجبروا لولا على ان تسلك هذه الحياه
-اعرف انك مختلف والان لدي نقطه اريد استيضاحها هل فعلت شيئا اغضبك في تلك الليله؟
-لا بالعكس لقد كنت..
-اذن لماذا هجرتني؟لماذا ذهبت لتختفي بعيدا عني؟انني افهم انه بالنسبه لرجل مثلك فان التجربه العاطفيه ليست غريبه ولا عاديه ولكن تصرفك بهذه الطريقه...
-ولكن..اللعنه..انني تقريبا استخدمت معك العنف والتهديد لتعترفي بحبي لقد اقسمت ان اكون صبورا معك ومع ذلك فقدت صوابي لقد افسدت كل شئ برعونتي ولم ادهش ان كنت لم تتقبليني
-لم اتقبلك؟بل تقبلتك الم تحس بذلك؟
انني قليله الخبره ولكني اضمن لك انني قادره على الاحساس ولقد احسست باشياء ممتعه انني على العكس لم ارغب في صدك
-بالضبط هذا ما يحيرني؟لماذا لم تتمردي على همجيتي وقسوتي؟
-لانه لم تكن هناك من ناحيتك ايه همجيه او قسوه
-ربما اكون مذنبا..اليس كذلك؟لماذا تضحكين؟
-لانني اعتقد انني احسست بالخلاص والارتياح لقد كنت اعتقد ان الغلطه كلها غلطتي واوشكت ان اقتنع بذلك عندما رايت برودك هذا الصباح
-انها ليست غلطتك على الاطلاق بل كلها غلطتي ولكن لا تقلقي عندما نصبح في انجلترا سامنحك الوقت الكافي للتعود على..ولن اقترب منك قبل ان تهدئي وانت في رفقتي
-ماهذا الذي تقوله؟ انني لم اتظاهر قط معك بغير ما احسه ولكني كنت سيئه في التعبير
-لقد قلت لك انك لا تزالين مضطربه ان تلك الحكايه عن امك قد اضعفتك وجعلتك هشه من الافضل الا نغير الحديث في ذلك مادمت لم تشفي تماما من الاضطراب
-لتعلم انه ليس بي اي ذره من الضعف ارغب في اخفائها وليست هشه على الاطلاق انك تبخسني حقي ياكلايتون ثم انك ايضا مضطرب وحائر مالذي دعاني لان اظل هنا لقد فضلت ذلك لانه في انجلترا يوجد زحام من الناس ولن اتمكن هناك من ازاله سوء الفهم الواقع بيننا
-لن يوجد سوء فهم بيننا بعدالان حينما تصبحين في مكان امن ساهتم بكل شئ بهدوء
-انت بمفردك لا انني دون شك على وشك ان اتخذ القرار الذي يعداهم قرار جاد في حياتي واتمسك بان اعالج الامر بمفردي
ظلت فتره تفكر في صمت ثم قالت
-انني لازلت عدوانيه متسلطه..اليس كذلك؟
وافقها كلايتون وهو يبتسم
-جدا
-هاانت مره ثانيه تستحق ذلك!هل تتوقع ان اتحول هكذا في غمضه عين؟
-فعلا...وساصاب بالخيبه الشديده لو تحولت الى قطه مسئانسه فقد تعودت الان على جانبك المر الذي يحتاج لصبر للتعامل معه .ماذا تريدين؟ لقد سحرت في جانب الغرور الرجالي...
-اوه كلايتون انت تدفئ قلبي بشده...
انني لم يسبق لي ان احسست هكذا من قبل ودون شك انه..مالم اكن فهمت لاشئ..ولكن اعتمد على فان لدي النيه الصادقه ان اجعل كل شئ واضحا واكشف عن المكنون غير الواضح ثم اننا لن نتحرك من هنا!
-اليس لي صوت في هذا الامر؟
-سنبقى هنا!
-كان لابد على ان افهم انه لا فائده من الجدال معك انت عنيده مثل لولا
-تذكر ما قلته من ان من شابهت امها فما ظلمت وانا فخوره جدا لانني اشبهها..لقد تمت تسويه المشكله ومن الافضل ان تهدأ هل تعشيت؟
-لقد التهمت ساندويشا في المطار
-اتحب ان تشرب القهوه لقد استطعت التحكم في هذا الموقد الرهيب
-لقد تجاوز الوقت منتصف الليل..والقهوه ستمنعك من النوم ومن الافضل ان تستريحي استعدادا لمتاعب الغد
-حسنا ولكن هناك مشكله
-ماهي؟
-لايوجد سوى سرير واحد والاريكه الخيزران بلا وسائد
-وما المشكله في ذلك؟
-اين تنوي ان تقضي الليله؟
-بسيطه!ساحضر السياره الجيب من الكوخ وانام على الاريكه الخلفيه...تصبحين على خير
اتجه نحو الباب اخذت داميتا تضحك في سرها.استدار كلايتون وقد تجهمت اساريره
-ماالذي يضحكك؟
-انني فقط استعرض الاف الاسره التي تملكها في فنادقك وفجاه لاتجد ما تسند عليه راسك!
-لاداعي لان اشرح لك كم هذا يسعدني!
-ولكن هذا لا سعدني على الاطلاق كلايتون انك من اجل راحه الاخرين تتحمل مشاق انت في غنى عنها
-شكرا على كل حال على هذا الشعور الطيب تركها الفارس المغوار ليغوص وسط الظلام





نهايه الفصل السابع

 

الفصل الثامن

تقدم الشبح وسط أشجار الدغل.وكان الحذاء الموكاسان ذو النعل الكاوتشك لا يحدث صوتاًَ.استمر الشبح في التقدم مبتعداً شيئاَ فشيئاَ عن الكوخ.

_ولاحركة.
تخشب الشبح أمام هذا الأمــر الحاسم الذي لايقبل المناقشة ثم أضاءت كشافات العربة الجيب.



لتخترق الليل بوحشية ولتتركز مباشرة على الجسد الثابت.زمجر"كلايتون" وهو يتعرف على "داميتا":
-اللعنة؛ماذا تصنعين بالخارج؟
-لقد جمدتني من الرعب الأزرق يا"كلايتون".اطفئ الكشافات فهي تؤذي عيـــنـي.
نفذ "كلايتون طلبها".

-هل تتسلين بأن تضلي طريقك وسط الأشجار في منتصف الليل؟ لقد سارعت بالاستعداد في حالة إرسال"بيلستروب"زبانيته.والآنسة هادئة هدوء الملائكة
وتقدم لنا عرضاَ راقصاً.هل هناك عطب في غريزة البقاء عندك.

سارت "داميتا" نحو السيارة الجيب حيث كان سقفها مكشوفاً.
-إنني لا أتمايل وأقدم عرضاً راقصاً كما تدعي؛لقد أتيت للقائك ولدي أسبابي.

وقفت عند باب السيارة وحاولت أن تستكشف وجه"كلايتون" ولكنها لم ترا شيئاً وسط الظلام.

ورغم عدم رؤية ملامحه فإنها حست بتوتره قال:
-مـزيداً من الأسرار...؛هذه ليست اللحظة المناسبة.

-ليست الأسرار من هواياتي.ولم أحاول قط أن أخفي عنك أي شيء.بل العكس هو الصحيح.



-ستصابين بالبرد...عودي للكوخ.
-أريد أن أحدثك.

-سننتظر حتى يأتي النهار لقد تحدثنا اليوم بما فيه الكفاية.

بدا متعباً إلـى درجة أن "داميتا" أحست بالاضطراب.
دارت حول مقدمة السيارة ثم صعدت للمقعد الأمامي.

-إذا كان رغبتك فلن نتحدث.عندما أكون بجوارك أعرف كيف اصمت.إن الجو,بارد أليس كذلك؟ مساء أمس كان الجو لطيفاً في شرفة الفندق حتى أنني لم أتوقع أن تهبط الحرارة إلى هذه الدرجة.
-السيدة تخرج في وسط الليل في ثوب خفيف وقصير وتنتظر ان تختنق من الحرارة؛هل ترغبين في إغوائي؟أم ماذا؟إن اللحظه غير مناسبة.ثم إنني انذرتك بأنني لن أغرق....
أطلق زفرة ضخمة وأضاف:

-لسنا هنا من أجل أن نلهو قليلاً.
-أعرف ذلك.وأنا لا ألهو على الإطلاق.ولا جدوى من أن تحاول حماية نفسك مني.فضلاً عن أنني لاأعرف كيف أغويك..لا..إنني فقط أرجو أن أكون بجوارك بكل بساطة.لقد دخلت الفراش وعندما فكرت في حبيبي "كلايتون" وأنه بمفرده في سيارته وهو يرتجف فوق الأريكة غير المريحة شعرت بالحنق على نفسي.ولابد أنك شتـمتـني بأقذع الألفاظ...أليس كذلك؟

ظل "كلايتون" جامداً صامتاً,وملامحه لاتدل على شيء..إنها لاتسهل عليه مهمته.


أضافت:
-لم أعد أرغب في ذلك السرير المريح. وأنا أعرف أنك في وضع سيئ غير مريح,ودفء الأغطية لم يعد يسعدنـي وأنا أعرف تماماً أمك تشعر بالبرد..المهم أن نكون معاً..وأنا مثلك لم تعد لدي رغبة في الثرثرة.

قال بصوت رقـيق:
-هذا واضح تماماً.

-إنني متوترة وعندما تتوتر أعصابي فإنني اثرثر واثرثر..عندما كنت صغيرة كانت "لولا" تدعي أنني لم أكز قط على أسناني ولم فتح فمي بكلمة إلا عندما أصبح قلقة, وعندها لا أستطيع التوقف.
-ومالذي كان يقلقك؟
-هناك أمـور عديدة تخطر دائماً على بالي وتتصارع داخلي..مثلاً عندما لاأكـون واثقة بنجاحي في إختبارات الفصل الدراسي أو عندما تشكو الأخـوات الراهـبات منـي أو حتى عندما أنتظر زيارة "لولا" لـــــي.

فكرت لحظات ثم تابعت ثرثرتها:
-وانتبه إلـى أنني لم أكون ألوم نفسي..كنت أعتبر عصبيتي نوعاً من البهجة.لقد كانت "لولا" جميلة للغاية وذكية إلـى درجة أن الناس كانوا يمتنعون عن الرغبة في إرضائها..وأنا أيضا كنت أريد إلى درجة اليأس أن أرضيها .. والآن أنت الذي أريد إرضاءة يا"كلايتون".

-أنت ترضينني ولا يشوب ذلك أي شك.

تكوم "كلايتون" على نفسه ثم فجاءة انتصب.
-إنني هنا من أجلك "داميتا" وأنت تعجيبينني أكثر من أي شخص في الوجود.



همست:
-هذا أفضـل ..لقد كنت أتوقع غير ذلك.

تأوه:
-إن هذه الأريكة صلبة مثل الخشب.
-وهل تصدق حقيقة إنك تستطيع أن تنام في علبة كهذه؟

قال وقد توتر فكاه:
-ليست خشونة الأريكة هي التي تمنعني من إغماض عيني,منذ دخلت حجرتي في الفندق في "ماراسيف" وقد
استوليت علي وحرمتني من النوم إلا بضع ساعات لاتعد
على أصابع اليد الواحدة.

-لو ظللت في الكوخ ربما استطعت أن تصل إلى النوم يالك من عنيد صه!إنني مازلت متوترة فكف عن الضحك من فضلك.



ازدادت ضحكات "كلايتون" حتى اهتزت اعطافه. رفع رأسه ونظر إلـى "داميتا".

-لماذا تحاولين بأي شكل أن تكوني شخصية أخـرى؟
أنت تعجيبينني بما أنت عليه "داميتا شاهنسي".


زمجـرت الشابة في أذنه:
-إذن لم يعد لديك روح الدعابة ..هل لابد لـي أن أجرحك..هل تدرك هذا؟ اعترف بأنني حققت نجاحاً في هذا المجال؟

-إن دميتي الصغيرة الرقيقة تركت سريرها حتى تقطع علي وحدتـي! ألم أقل لك أنك رائعة ورقيقة وطيبة ومريحة؟

-هل تعتبرني عروسة من القطيفة تلهو بها؟

-أعـرف العرائس القطيفة ولا شبه بينك وبينها على الإطلاق.


-إنني افضل منها على الأقل في هذه اللحظة .وهذا ليس عدلاً يمكننا أن نتبادل الأدوار:انت الذي تعودت دائماً الذي تعودت دائما على العطاء حاول أن تأخذ مني مااستطيع أن أقدمه لك .وأنا أيضاً أستطيع أن أحمل السكينة لهؤلاء الذين أحبهم عندما يواجهون العاصفة.

-كم أود أن أفعل ذلك ولكن هناك عقبة .
-مـاهـي؟
-أنت أيتها الغزالة الجميلة.

انفجر مرة أخـرى في ضحك .قال مقترحاً:
-سأعرض عليك صفقة؛سيقوم كل منا من ناحيته بآداء دور المنقذ..موافقة؟

أحست "داميتا" بسعادة غـامرة:
-أعترض ياصاحب السعادة!لقد حميت "لولا" بما فيه الكفاية وكذلك "ديمون" ولست أدري كم شخصاً آخر...



همس لها:
-وما فائدة العدد؟

-إنه مهم جداً ولكن لاتخش شيئاَ فإنني سأجد طريقة لتحقيق التوازن.
-قصي علي ياعزيزتي !كلي أذن مصغية.
كيف تعطين من يعطي بسخاءً؟ ردت "داميتا":
-سترى جيدا.والآن لابد أن ننام حتى وإن بدا مستحيلا في أعماقنا.

 
نامت "داميتا" أولا بعد نصف ساعة تأمل "كلايتون" أنفاسها المنتظمة الرقيقة وهي مكومة مثل القطيطة وسط فراش دافئ.إن مايراه الآن بعد حيويتها وثرثرتها التي لاتنقطع أمر لايصدقه عقل.ولكنه تذكر أنها قالت له ذات مرة في "ماراسيف" إنها تعودت النوم العميق.ياإلهي!كم مضى على تلك الليلة من وقت.



لقد تعلما الكثير عن نفسيهما وعن كل منهما.
لقد دهش "كلايتون" بمدى الحنان الذي غمره رغم شدة ولهه ورغبته فيها.

أخذت "داميتا" تتقلب قليلاً وتهمهم ببضع كلمات غير مفهومة.تذكر لعبة العرائس القطيفة التي تحدثت عنها .نعم إن كلا منهما يعتبر لعبة العرائس القطيفة بالنسبة للآخر.

######

لما لم تفلح مجهوداته في إيقاظها واصطحابها إلـى الكوخ.لم يكن أمامه سوى حل واحد؛أن يحملها على كتفه كالجوال كان النعاس يغالبه والإرهاق شديدا ولكن لايهم ...المهم أن يحملها على كتفه ويسمع ضربات قلبها المنتظمة.إنه يخشى أن يفزعها لو أسرع ..سمعها تهمس بإسمه,فقال :
-صه !نامي في سلام يا"داميتا".

مددها فوق السرير وقد أحس بعدم الارتياح.
ولكن ليس هناك أية غرابة في الموقف ماعليه سوى أن
يوسدها الفراش ويتأكد من انتظام أنفاسها ثم يتركها ,سمعها تهمس في توسل:
-لاتذهب ...
-لن اذهـب ياعزيزتي.



كانت عيناها نصف المغلقتين تضوي زرقتهما وسط وميض الشموع قالت:
-حسنا وإلا تبعتك ثانية وأنا مرهقة للغاية .
-هل ستتبعينني؟رائع أن أعرف ذلك ولكني الآن أنـوي أن أنام على الأريكة العارية مثل الحارس المطيع.

تكومت الشابة وسط دفء الفراش وأسدل النعاس وشاحه الأسود على عينيها.

كانت خيوط الفجر تتسلل إلـى داخل الحجـرة عندما استيقظت "داميتا" فتحت عينيها بصعوبة ثم فجأة عادت لها اليقظة التامة.

تسألت ..."كلايتون"؟إنه في نفس الحجرة معها مستلق فوق الأريكة ..حسناً إنه نائم ..شملته بنظراتها وأحست بموجة من الحنان تجتاحها وهو مستغرق في نوم ملائكي وقد تبعثر شعره الأسود الفاحم وإن لاحظت تجعيدتين عميقتين وحادتين على جانبي فمه .إنه بسببها ظل قلقاً حتى وهو مستغرق في النعاس.كانت الشابة عندما ذهبت إليه في السيارة الجيب قد أحست أنه يحبها فعلاً .وبدلا من أن تستغل هذه العاطفة الصادقة التي لم يفلح في إخفائها في تلك اللحظات الرائعة إذا بالأمر ينتهي بأن يحملها عائداً إلى الكوخ .


كانت تود أن تستغل فترة الفجر بصفائها لتبثه مكنونات قلبها ولتتيح له الفرصة كي يعبر بصدق عما يجول داخل قلبه من عواطف ومشاعر ولكنها قدرت أن من حقه تعويض بعض التعب الذي كانت هي السبب فيه.

خطرت على بالها فكرة براقة .نهضت في هدوء وحاولت ألا تحدث ضجة حتى لاتوقظه ..ولكنها عندما فتحت الباب أصدرت المفصلات صريراً عالياً ومع ذلك ظل نائماً ,قالت في نفسها :"رائع".


########

-استيقظ يا"كلايتون"؟
فتح عينيه ووجد "داميتا" منحنية عليه تبتسم ,كانت لاتزال ترتدي ثوبها الخفيف القصير الأزرق الذي كانت ترتديه بالأمس وحذاء موكاسان .كانت رائحة الشامبو تفوح منها وكان شعرها مسدلا كالحرير على كتفيها وقد أمسكت في يدها بقدح من القهوة ناولته له ثم جلست على الأريكة بجواره .قالت له:


-هيا اشربه لقد أعددته في التو .إن ذلك سيشجعك على الإسراع إلى الحمام تحت الدش .ولاحظ أن الدش بالكاد سيشطف جسدك لأنه لا يوجد مايكفي من الماء الساخن.

صاح بعد أن ابتلع جرعة من القهوة :
-تبدين اليوم مرحة وطروباً.

كانت عينا الشابة تلمعان وخداها مشتعلتين حمـرة وأحست أنها أكثر من مرحة وطروب...هل أصابتها الحمى ؟ربما عندما تسكعت داخل الغابة بملابس خفيفة أصيبت بانفلوانزا حادة,سألها وهذه الخواطر تدور في رأسه.
-هل تحسين بشيء؟
-أنا في أحسن صحة وعافية ولم يسبق لي أن احسست بإحساس أفضل من هذا ...والآن إلى الدش.


احتسى جرعة أخرى من القهوة ثم نهض متجها إلى الحمام وفي طريقه إلى هناك وضع القدح على المائدة البامبو:
-سأكون معك بعد عشر دقائق.

أغلق الباب عليه ثم سمعت "داميتا"صوت نزول الماء
من الدش.أحست "داميتا" بأصابعها تقبض بشدة على مقبض القدح .إنها تحس بالرجفة من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها ,استردت أنفاسها وأغلقت عينيها .أخذت
عشرة أنفاس عميقة كما علمتها مدرسة اليوجا..ثم ماذا؟

ولكن التمرين لم يأت بنتيجة ,إن "داميتا" شديدة العصبية.إن معجزة اليوجا دائما ماتحدث للأخرين أما هي فلا؛إنها لاتستطيع الحصول على الهدوء إلا باستخدام الإرادة وبالعمل الفعلي عليها إذن أن تستخدم كل أسلحة الفتنة التي تملكها وتستعد للقائه بعد خروجه من الحمام.

وقف مذهولا على عتبة الحمام وقد برزت عضلاته:
-ياإلهي!ماهذه الفتنة المغوية!
-إنني ببساطة أريد أن أفتنك وأغويك.
-إنني لا أصدق ما أراه..لابد أن الماء والبرد قد أفقداني صوابي بدلا من إنعاشي.ولابد أنني أحلم .


طفرت الدموع في عينيها من السعادة والإنفعال.

قال لها وهو لايصدق عينيه:
-كيف تقولين إنك سعيدة أكثر من أي وقت مضى ,والدموع الآن في عينيك؟! هيا لاتبكي فأنتي تؤليمينني .

قالت في ثورة وهي تدعك عينيها بقوة:
-عندما أريد أن أبكي سأبكي !أولا إنني أشعر برغبة في البكاء ثم إن البكاء يخفف عني ما أحسه من توتر وحزن
ويزيد من استرخائي أيها الغبي!
ثم ماذا أصنع وقد انتفخت عيناي وامتلأ حذائي بالماء؟
هل أرقص؟


-أنت ظريفة في أي وضع يا"داميتا"ثم أنني أحس أنك هشة وقابلة للتهشم بسهولة.

-إنني لست...ولكن ماذا تفعل؟


أمسك يدها بقبضة من حديد ثم رفعها لتجلس على حافة
السرير وأخذ ينزع عنها الحذاء الموكاسان.

-أريد منك أن تسامحيني وقد حان الوقت لنوقع الهدنة ياغزالتي الجميلة.هدنة تعجب كلينا.

-هل هو الشعور بالذنب الذي يدفعك إلى طلب الهدنة؟

-لا على الإطلاق ,إنه من أجل سعادتي الخاصة وسعادتك أنت أيضا,لقد تخليت عن نبل الفارس.

-يا"كلايتون" أنت أكثر نبلاً من الفارس "دون كيشوت"
ونبلك يتركز في روحك النقية,ثم إنني لا أريد أن أصبح
شريرة بعد الآن,هل يمكن أن تساعدني على ألا أصبح
شريرة؟


-سنحاول معا أن نجد طريقة لتحقيق ذلك.والآن قولي لي
بكل صراحة هل كل شيء بيننا على مايرام؟

-أنت معجزة يا"كلايتون" ياعزيزي.لقد استطعت أن تخرجني من قوقعتي .


-إنني لاأريد أن أبتعد عنك.
-ولا أنا أيضا.
-لقد أدرت رأسي يا"داميتا" وها نحن قد أصبح كل منا يكمل الآخر تماما.
هدأت وأغمضت عينيها على هذا الإعتراف الذي طالما أنتظرته.وقد علت شفتيها ابتسامة السعادة.


نهاية الفصل الثامن

 

الفصل التاسع



بعد ثلاث ساعات اقتحم " ديمون " الكوخ في ضجة كالعاصفة التي لا ترحم . قال غاضبا و هو يصفق الباب عليه حتى أن الكوخ اهتز و كأنه بركان ثائر :



- هل رأيتها ؟ لقد تركت رجلين من رجالي في خليج " نصف القمر " و هما يسألان الموظفين و يحاولان إكتشاف إن كان هناك جواسيس ...أين " لولا " ؟



كانت " داميتا " مستغرقة في النوم . نهض " كلايتون " من مكانه فوق الأريكة حيث غطى جسدها شبه العاري بالغطاء ثم تمدد مرة أخرى على الأريكة مسندا جسده إلى كوعه . قال لصديقه و ابن عمه :

- شكرا لأنك طرقت الباب قبل الدخول !



- لقد نسيت أن أفعل . و إذا كنت تريد مني أدبا فإنني على استعداد لأن أقدمه لك .



فتحت " داميتا " عينيها و نظرت بدهشة للمقتحم الذي قال لها :

- الفاتنة " داميتا " كم أنا سعيد برؤيتك مرة ثانية .



انحنى بطريقة مبالغ فيها و كأنه ينحني لأميرة و أضاف :

- كم أنت ساحرة و أنت في هذة الملابس . إن كتفيك رائعتان و غير عاديتين و ...

قطع كلامه عندما شاهد نظرات " كلايتون " النارية .

شدت " داميتا " الفراش حتى ذقنها ثم جلست وسط الفراش و قالت له بلا مبالاة :

- صباح الخير يا " ديمون " .



- إذن قررت أن تتأقلمي . هل كان على المستوى اللائق ؟


فح " كلايتون " كالأفعى :

- " ديمون " !



قال " ديمون " و عيناه مليئتان بالمكر :

- أنت تلاحظ أنني لم أسالك عما إذا كانت هي على المستوى اللائق . لقد أوشكت أن أقول ذلك و لكني أعتقد أنني تذكرت أن " داميتا " لا تحمل شرور العالم في قلبها .



سأله " كلايتون " :

- ماذا تفعل هنا ؟


قال " ديمون " بسرعة و بابتسامة معسولة :

- أن " بيلستروب " في الطريق . ما الذي فعلته منذ وصلت عدا ما هو واضح أمامي الآن ؟



قالت له " داميتا " :

- هل تجرأ أحد و قال لك كم أنت وضيع يا " ديمون " و بلا حدود ؟



- كثيرا جدا يا عزيزتي . ولكني تعودت أن أتجاهل هذة الافكار . أين " لولا " ؟



رد عليه " كلايتون " :

- في لندن ؟لابد أنهم أخفوها جيدا في فندق و سألحق بها أنا و " داميتا " خلال ساعات .


- لقد كنت أعتقد أن " بيلستروب " قد عثر على أثرها ؟ وقد غادر " لندن " خفية مساء أمس إلى " سيدني " . إن هذا لامعنى له . إنني متمسك جدا بالقبض عليه . حتى إنني كلفت مخبرا خاصا . أتوحه إليه من آن لآخر كي يقوم بهذة المهمة . لقد ترك لي المخبر الخاص رسالة في " سيدني " يخبرني أن " بيلستروب " طار من مطار خاص يقع خارج المدينة . ولهذا اعتقدت انه استطاع أن يكشف مكان " لولا " .



- كان عليه أن يدرك أنها بعيدة المنال و أن عليه مهاجمة " داميتا " أو على الأقل استغلال الابنه للإيقاع بالأم .


- رائع .. في هذة الحالة سنمسك بتلابيبه .


- كيف تقول رائع ؟ إنني قلت في التو و اللحظة إن " داميتا " تتعرض لخطر رهيب .



- حسنا سنحميها . ولكن باحتفاظنا بها هنا فإننا سنستخدمها طعما لاصطياد " بيلتسروب " . ما إن يقترب منها حتى نقفز فوقه .


- هل تحلم يا " ديمون " ؟ دع " بيلستروب " للشرطة . إن سلامة " داميتا " هي الأهم عندي .



سأله " ديمون " وقد بدا عليه الضيق :

- لماذا تجادل في خططي ؟ أنت تعلم أنني في حاجة إلى وضع يدي على هذا الوغد .



أمسك " كلايتون " صديقه من كتفيه و هزه بعنف و هو يصيح :

- اسمع يا ديمون " حتى تفهم . فإنني سأكلمك بلغتك . " داميتا " ملكي .. إنها لي .. هل فهمت ؟



سأحميها مهما كلفني ذلك من ثمن . أما بالنسبة لك أيها القبلي فإن " بيلستروب " هو و اسكتلنديارد يذهبان إلى الشيطان و معهما قبائلك هل هذا واضح ؟


- لقد أصابوا " روسول " .


- إنها ملكي ...


- ليكن . على راحتك و مزاجك .



كان " ديمون " يزمجر و هو يكز على أسنانه و قد ارتجفت شفتاه ثم انطلق " كلايتون " فجأة في الضحك و قال :

- شكرا على نبلك . و الآن لو سمحت اترك " داميتا " لترتدي ملابسها للخروج . لأنني أرغب أن أضعها في الطائرة إلى " لندن " يا " ديمون "



قال " ديمون " في مكر وهو يغمز بعينه

- إنني أريد أن أرى المشهد ... هل هذا ممكن ؟


- أخرج عليك اللعنة .


- حسنا لاداعي للثورة . سأنتظرك و سأصحبكما أنا و فريقي إلى " لندن " كحرس شرف .


- كم عدد الرجال الذين أحضرتهم ؟



- أربعة و عشرون رجلا .



صاحت الشابة :

- يا إله السماوات و لكنه جيش حقيقي


قال " ديمون " شارحا و هو يهز كتفيه بلا اكتراث :

- إنهم هم الذين أصروا . لسنا في حاجة إلى هذا العدد من الرجال ، و لكن لما كانت كل القبيلة تعتبر نفسها مسؤولة . فقد سمحت لهم بمصاحبتي . لقد ظلوا في الطائرة الهليوكوبتر التي استأجرتها لهذة المناسبة . أما بالنسبة لطائرتي النفاثة فإنها تنتظركما في " سيدني " و سأقوم بإلغاء حجزكما على الطائرات العادية المنتظمة . إن هذا يبدو أكثر حرصا عندما أنقلكما إلى " لندن " .



بعد هذا الكلام أحس " ديمون " بأنه أمسك مرة أخرى بزمام القيادة و خرج و ابتسامة شماته على فمه .

قال " كلايتون " لـ" داميتا " :

- هيا بنا نسرع .


- و لماذا العجلة ، من تظنه يرغب في مهاجمتنا و مقاتلو " ديمون " متمركزون عند الأركان و الناصية ؟




 

- إنهم في الطائرة المروحية . و أخشى أن " ديمون " قد يسحب فرقته حتى يجعل منك طعما سهلا .


احتجت " داميتا " وهي ترتدي ملابسها في نفس الوقت .

- لقد ظننت أن لديه نية حمايتي .



- من الأفضل أن نظل على حذر . إن " ديمون " خارج عن شعوره و هو ما قد يدفعه للتصرف بطريقة آلية دون أن يفكر حقا فيما يفعل . و عندما تعرفين أنه ممن يعبدون حب التملك و الإنتقام فإنك ستفهمين تماما من هو و ما يمكن أن تتوقعيه من تصرفات منه .



ثم إن التهذيب الذي أدخلته الثقافة الفرنسية على سلوكه لم تغير في الحقيقة طبيعته القبلية و لسوء حظه أن " بيلستروب " ضربه في مقتل و لا أتمنى أن أكون مكان ذلك اللعين ...



اتجه " كلايتون " نحو باب الخروج و فتحه . التفت وهو على عتبة الباب صائحا :

- اللعنه .. اللعنه


صفق ضلفة الباب بعنف و اندفع نحو الشابة و أخذها بوحشية بين ذراعية . حتى أوشك أن يخنقها



- يا إلهي ! إنني لا أريد أن أبتعد عنك أبدا .... لم أكن أريد أن تتعرضي لكل هذا ... بعد ذلك ابتعد عنها تدريجيا و ترك يدها ثم أصابعها .



صاح " كلايتون " وهو يحدق في " ديمون " غير مصدق :

- كيف يحدث هذا ؟ مشاكل ميكانيكية ؟ منذ متى تتعرض طائراتكم للمشاكل الميكانيكية ؟ ألأ يراعي موظفوك صيانة الطائرات ضمن مهمتهم المقدسة ؟



- إن قطع الغيار يحدث لها أن تستهلك و لكن يمكن استبدالها بسرعة هيا استرح في قاعة الانتظار أنت و " داميتا " و يمكنك مراقبة الطائرة النفاثة .


- إن هذة القصة لا قيمة لها يا " ديمون " .



- ألا تثق بي ؟ هل سبق أن خنت ثقتك يا " كلايتون " يا صديقي و ابن عمي ؟



- إنني أثق بأنك لن تنفذ إلا ما في رأسك . لقد رأيتك في خليج " نصف القمر " تتآمر مع فريقك قبل أن تقلع الهليوكوبتر . لقد تكالبوا حولك و هم يطنون كخلية نحل . م الذي حكوه لك ؟


- تصور أن " يسلستروب " وضع رجالا في الخليج في أماكن ممتازة و مع ذلك اطمئن لم يعد هناك ما تخشاه منهم .



تدخلت " داميتا " :

- ما الذي فعلته بهم ؟


عندما رأت الابتسامه المخيفة على وجه " ديمون " فضلت ألا تعيد السؤال و تكتفي باسئلة أخرى .



- إن " كلايتون " على حق . أنا كذلك لا أثق بك . إن عمالك أمامهم ربع الساعة حتى يصلحوا العطب . و إذا تجاوزوا هذة المهلة فسنتجه ألى خطوط الطيران الأخرى المنتظمة حيث طائراتها تقلع في مواعيدها و في حالة ممتازة . قالت هذا و أدارت له ظهرها متجهة إلى مبنى المطار الصغير . لمعت عينا " ديمون " ببريق الدهشة الذي سرعان ما حل محله بريق الإعجاب و الاحترام .



- حسنا أيتها الزعيمة . سأنقل إنذارك للرجال .


- " ديمون " ؟


- نعم يا " كلايتون " .



- رتب أمورك بحيث لا نتعرض لأي خطر .


- أوه . إن الأخطار دائما ما تكون غير متوقعة . يجب أن تتعلم التأقلم مع هذا يا عزيزي " كلايتون "



ابتعد " ديمون " بعد ذلك نحو طائرة جميلة نفاثة بيضاء كتب عليها بحروف التاج بالذهب " القبيلة " همهم " كلايتون " الذي لحق بــ" داميتا " عند المحطة .


- لدي فكرة أنه يعرف تماما من أين سيأتي الهجوم . أما بالنسبة لنا فإنني أفضل أن أتصل في الحال بشركة الطيران لأعرف إن كان بإمكاننا إعادة حجز أماكننا .



- و لكني فكرت في ذلك . إنهم لن يسمحوا لي بالرحيل مرة ثانية من " استراليا "


- لماذا يا " داميتا " ؟


- لأن " ديمون " هو الذي معه جواز سفري . لقد أخذه مني في نصف القمر . إنه أدعى أنه سيسهل إجراءات رحيلي في مكتب الجمارك . ألم يطلب جوازك ؟



- لا . إنه يعرف تماما أنني أستطيع أن أكشف تلاعبه .


- و بيلستروب . ما الذي سيحدث لنا ؟



- انتظريني هنا . و سأقول له كلمتين . أقصد لــ" ديمون " و سأعود بجواز سفرك حتى لو اضطررت لقتله حتى أحصل عليه . و أنت لا تتحركي .



صاح " ديمون " في غضب و الذي ظهر رأسه من باب الطائرة النفاثة :

- عد بسرعه إلى صالة الانتظار يا " كلايتون " و إلا أفسدت كل شئ .



- إنني أطالبك بأن ترد جواز سفر " داميتا " أما مبرراتك فلا تهمني ولا أعتقد أنها سليمة .



- إذهب عليك اللعنه . لقد رتبت كل شئ حتى أدق التفاصيل بحيث تبقى " داميتا " على قيد الحياة . و لن أغفر لك لو أفسدت كل شئ .



- أنا ؟ أسبب لها الضيق ؟ الأحرى هو أنك توشك أن تدفعها إلى المقصلة .



هز " ديمون " كتفيه دليلا على أنه سمع الإهانه و لكنها لا تهمه .


- إذا كنت قد استفدت من الموقف فإن ذلك لم يكن إلا من أجل الإيقاع بــ "بيلستروب " حتى يكشف نفسه .


- كيف هذا ؟


- لقد كشف رجالي هؤلاء الذين وضعهم " بيلستروب " ليخبروه أنهم عثروا على " داميتا " هنا و لكن لا تفزع . إن المطار تم تفتيشه كما أن الدغل و السقيفة وضعا تحت الحراسة المشددة. و دورك يا " كلايتون " هو بالضبط أن تحميها .



- إذن أنت تركتها بمفردها .


- أيها المجنون .



جرى " كلايتون " كالمجنون و عيناه مركزتان على زجاج المطار. رأى خلاله " داميتا " و هي ثابتة و عنقها مشدود بطريقة غريبة و عيناها مركزتان على شئ لم يحدده . دفع " كلايتون " باب المبنى بقدمه . صرخت " داميتا " هادرة و هي تدير رأسها نحوه .


- لا اذهب يا " كلايتون " بسرعه .


قال له الرجل الجالس وراء مكتب الاستقبال وهو يوجه مسدسه نحوه :

- ادخل يا سيد " بانور " ولا تستمع إلى كلام هذة الشابة . إنني سعيد أن أراك . لقد سببت لنا خلال الشهرين الماضيين الكثير من المتاعب و سيسعدني أن أسبب لك مثلها .



كان الصوت لزجا رنانا و تشوبه لكنه أبناء المدارس العامة البريطانية الراقية ، صاح " كلايتون "

- " بيلستروب " .



- نعم . لقد صدق حدسك .


قالت له " داميتا "

- لقد كان مختبئا في إحدى دورات المياه بالطار .


قال " كلايتون " منهمكا :

- إن المكان يناسب أخلاق من كان يشغله



زمجر الرجل :

- إلى الأمام و لا داعي أية حركة مفاجئة . سأقودكما إلى مكان تستطيع الفاتنة " شاهنسي " الاتصال منه بأمها الرهيبة .


احتجت " داميتا " :

- إنني حتى لا أعرف مكانها .


- بالضبط . ولكنها لنن تتأخر في الاتصال بك . إنها لن تستطيع الانضمام إليك و بذلك ستفهم أنك تعانين متاعب .



قال " كلايتون " و هو يتقدم خطوة :

- إن خطتك لن تنجح يا " بيلستروب "



وجه مسدسه نحو " كلايتون " :

- قف مكانك في هدوء يا سيد " بانور "


قالت له " داميتا " :

- إنني أتوسل إليك ألا تتحرك يا " كلايتون " . أنت لست في حاجة إليه يا " بيلستروب " فدعه يرحل . قال لها " كلايتون " :

- كفى يا " داميتا " . ثم إنك لن تذهبي إلى أي مكان بدوني .



- كيف تقول لي أن أكف ؟ إنها حياتي المعرضة للخطر و الموضوع يخصني . ابتعد ... هيا بنا يا " بيلستروب " .



كانت الشابة تتحدث بقوة و قد توهجت عيناها من شدة الغضب .

- لا شك في أن هذة الفتاة لديها جرأة " لولا " و طباعها . إن الوقت الذي سنقضيه معا يبشر بأنه سيكون ممتعا على عكس ما تصورت . وربما وصل الامر بي إلى أن أحاول التحقق مما إذا كانت هي أيضا لديها مواهب أمها الخاصة جدا . لقد قضينا ساعات لذيذة معا قبل أن تخونني .



قاطعته " داميتا " :

- بعد " لولا " لا توجد متع مشابهة . و إذا كانت ذاكرتي لم تخني فإنها قالت عنك ياله من ممل .


حبس " كلايتون " أنفاسه . ولكن " بيلستروب " اكتفى بأن دفعهما نحو الباب للخروج . كان " كلايتون " يواصل الدعاء . أما " داميتا " فقد عاودت الهجوم .

- لن أتبعك يا " بيلستروب " إلا إذا أطلقت سراح " كلايتون " .



شاهد " كلايتون " يد " بيلستروب " تتوتر على المسدس حتى طن أنه سيضغط على الزناد . اندفع نحو الشابة و دفعها إلى الخارج وهو يصيح :

- سنذهب معا .


أحس " بيلستروب " بالسرور و هو يتبعهما على الممر و صاح :


- مباشرة إلى السور .. ولا داعي للمغامرة .



سمع صوت رصاصة . وصرخ " كلايتون " يناديها و لكن " داميتا " نظرت إليه في جنون . لم يبد عليها أنها أصيبت و كانت تحدق فيه في قلق شديد . دار " كلايتون " على عقبيه و رأى " ديمون " على الأسفلت مشتبكا مع " بيلستروب "



صرخ " ديمون " :

- أمسكه و ثبته لأنني لا أستطيع التخلص من قبضته .


في ثلاث قفزات كان " كلايتون " فوق المتعاركين و بسيف كفه ضرب " بيلستروب " على عنقه الذي يشبه عنق الثور . كانت هذة الحركة من حركات الكاراتيه كافية لأن تفقد " بيلستروب " الحركة و الصواب . انهار على الأسفلت كالجوال و ظل بلا حراك كانت " داميتا " سليمة معافاة . مال " كلايتون " على صديقه وابن عمه و تهكم عليه – أين هم أهل بلدك و عصابتك من صعاليك قبيلتك ؟



- لقد تبعتك منذ لحظات و عندما رأيت " بيلستروب " يهددكما قدرت أن الهجوم الفردي أمامه فرصة أكبر للنجاح . إنني لم أرد أن تحدث مجزرة .


اقتربت منهما " داميتا " ثم صاحت :

- إنه مصاب يا " كلايتون " و قد يكون الجرح خطيرا .


- ولكن لا .. يا عزيزتي تذكري أن الجرح سيشفى بمجرد طرقعة أصابعه .



و مع ذلك فقد " ديمون " وعيه بينما بقعة الدماء على صدر قميصه الأبيض الناصع أخذت تتسع .




انتهى الفصل التاسع


 
الفصل العاشر



"عندما لم اشاهده معك ظننت انه لايزال غاضبا منى يا داميتا"

"محتمل لقد رفض كلايتون اصطحابى عندما اخبرته اننى ساتى لزيارتك فى المستشفى لم اره فى حياتى ثائرا الى هذه الدرجه"

قال ديمون وهو ممدد فوق سريره الابيض:

"وما الغريب فى ذلك لقد عرضت حياتك للخطر لو كنت مكانه لاحسست بنفس مشاعره"


"لقد تعرضت لخطر الموت وانت تندفع لانقاذنا انت رجل شجاع يا ديمون"

قال معتذرا :"ان رجالى لم يقوموا بتفتيش المطار كما يجب ويجب عقابهم على هذا الاهمال"


"انت لست مسؤولا عن غباء رجالك"

"بل من المؤكد اننى مسؤول اننى اتخذ القرارات من اجل القبائل وانا المسؤول عن كل شىء اننى فى نظرهم كل شىء وامثلهم"

"وهل هذا ضرورى حقا؟"


"نعم ان شعبى هو ابنائى حتى لو كانوا مشاغبين "

"فى هذه الحاله من الافضل ان اتركك يا ديمون ان ممرضتك متوحشة كالتنين وقد اوصتنى بالا اتاخر عندك اكثر من خمس دقائق "


ضحك ديمون ضحكه مكتومه . قالت له:

"هل انا التى تجعلك تضحك؟الاننى خائفه من تلك المراه التى تمثل الرعب فى ثوب ابيض"


"لا حدث بالامس ان ضبطتنى فى وضع غريب فقد كان شعب القبائل مهتما بادخال السرور الى نفسى فارسلوا لى وصيفتين وكانتا من حولى تحاولان اسعادى عندما فتح هذا الملاك الحارس الباب"


"اوه الم تخجل ايها الرجل المغرور؟"

"انا مغرور ؟ارجوك ان تراجعى رايك ايتها الانسه "

"ليس لدى سوى نفسير واحد ان شعبك يضعك فى مرتبة الالهه انهم يردون لك الحب الذى تقدمه لهم باى وسيله ان هذا رائع يا ديمون"


"شكرا يا عزيزتى اما بخصوص لولا..."

"ماذا؟"

"دون التدخل فى التفاصيل قولى لها انها خرجت من الموضوع سالمه"


"هل بيلستروب ...؟ لقد بدا انه اختفى من المطار عندما تدخلت الشرطه اننى اتذكر ذلك الان"

"ماذا تظنين؟هل يمكن ان يتجرا بيلستروب باطلاق النار على ويترك بلا عقاب؟"


"هيا ان هذه جريمه عقابها غال"

عندما تذكرت داميتا مجموعة الرجال السمر ذى الشوارب وهم يبكون بدموع حارة حول النقاله التى حملت زعيمهم المحبوب الجريح فهمت ان التخفيف عن حزن اهل القبائل يتطلب عقابا قاسيا للمتسبب فى هذا الحزن. ولكن دخول الممرضه انتزعها من افكارها ضغطت داميتا بحرارة على يد ديمون وتركته



ناول كلايتون سماعة التليفون لــ داميتا قائلا:"انها لولا"

"الو لولا؟ لقد عدت من المستشفى"

"ارجو الا يكون قد عذب الممرضات بنزواته الملكيه هذا الـ ديمون"


" بالعكس فقد حدث انه اصبح خاضعا لسلطان واحده من الطغاه اللائى لا يرحمن"

"حسنا ان هذا سيفيد هذا الملاك الصغير"

"لولا لقد اخبرنى ان اقول لك انه ليس هناك ما تخشينه من بيلستروب يمكن ان تتركى اسكتلند يارد وتذهبى الى اى مكان تشائين"


"حمد لله....."


ظلت لولا صامته فترة وهى فى شدة الانفعال قبل ان تستطرد:

"اننى الان فقط احسست كم كانت هذه الحكايه تثقل كاهلى شكرا لانه خلصنى من هذا الكابوس هل ديمون واثق بما يقوله؟"

" اننى استطيع ان اقسم بشرفى ان بيلستروب فى حاله لا تسمح له بمضايقه احد"




 
"انه يستحق ذلك من اجل ما سببه لى من عذاب لابد ان احصل على شاحنه محملة بالملابس تعويضا لى عما عانيته"

"من باريس؟"

" لا من برنستون او ستانفورد ان تلك المدن الامريكيه التى اصبحت ذات شهرة عالميه تعجبنى اكثر "


"لولا هذا خرافى على اية حال سنتقابل قريبا اليس كذلك؟"

"فور خروجى من بين مخالب هؤلاء الساده رجال سكوتلانديارد سأطير الى سيدنى هل يناسبك هذا ياصغيرتى؟"

" اه نعم ويا لولا انت تعرفين جيدا اننى احبك كثيرا"


"اعرف ذلك يا ابنتى الصغيره وانا ايضا احبك وبالمناسبه فقد بدا لى كلايتون متوترا بعض الشىء هل تواجهان متاعب؟"

"نعم وساهتم بذلك الى اللقاء يا لولا"

ما ان وضعت داميتا سماعة التليفون حتى قال كلايتون فى دهشة :

" هل تخلص ديمون من بيلستروب؟"


" ليس هو وانما فرقته دون شك انه لم يعطنى التفاصيل ثم ان رجال القبائل يحمونه الم تشاهدى مدى العذاب الذى ظهر عليهم عندما كانوا ينقلونه الى المستشفى انهم يحبونه بعمق وانت ايضا يا كلايتون تحبه"


اعطاها كلايتون ظهره بطريقه متوحشه

"لقد طلبت الغداء يمكننا ان ناكل ثم سناخذ الباخرة لنبحر انت الذى تحتاج الى الراحه انك متوتر الى درجه ان لولا لاحظت ذلك عليك"


"فى هذه الحاله فان تلك الرحله ستغيرنى"

"لا ليست الرحله وانما زيارة قصيره لـ ديمون"


"اننى ارفض" "ولكنكما متقاربان جدا"

"لقد اوشك ديمون ان يعرضك للموت فلماذا تقلقين عليه يالهى عندما سمعت طلقة الرصاص احسست بالرعب الشديد"

"ولكن كل شىء انتهى الان يا كلايتون"

"من ناحيتى لن انسى ابدا ذلك المسدس الموجه ناحيتك من الواجب على ان اخنقك"


"انا لا استطيع ان اغفر له انه عرضك للخطر انت ايضا ان الامر كله بلا معنى"


قال لها وهو يضغط على يدها :"فلننس الحادثه يا عزيزتى"

"انا احبك يا كلايتون"

"انت تحبيننى ؟هذا امر غير عادى اننى اسمعها منك لاول مرة من فضلك كرريها"

"اننى احبك ياكلايتون وساحبك للابد"


"اذن لنحتفل بذلك تتزوجيننى يا داميتا؟"

ذهلت داميتا وبدا التاثر عليها :" حالا؟"


"حالا اننى لا استطيع الانتظار اكثر من ذلك يا عزيزتى اننى اريد ان اسمعك تقسمين على الزواج بى امام الشهود"

"فى هذه الحاله لا بد ان تصبر بضعة ايام لاننى احب ان تكون لولا حاضره"


"كل ماتريدينه اوامر"

نظرت اليه فى حب وحنان وقالت فى توسل:

"اسعدنى يا كلايتون من فضلك اننى اريد ايضا ان يحضر ديمون حفل الزفاف انتما متشابهان كالاخوين وساحس بالذنب اذا لم تتصالحا لقد اوشك ان يموت ليحررك"


"انه استغلك للوصول الى غايته اتظنين انه من الممكن نسيان ذلك؟"


"ولكنه لا يمتلك نفس اخلاقياتنا ثم اننى الان افهم وجهة نظره ثم اننى اعلم انه تعس فى المستشفى لقد صدم جميع العاملين فى المستشفى عندما استقبل وصيفات ارسلها له شعبه للتسرية عنه"



بدا كلايتون يتحفز شيئا فشيئا :

"هل انت متاكده من ذلك اللعنه عليه اننى لا استطيع ان امنع نفسى من التدخل والا رفعوا عنه الاجهزة الطبيه وتركوه يموت "

قفز نحو التليفون وهو يسب ويلعن كالمجنون:

"ما رقم غرفته ؟"


قالت له مقترحه :

"يمكننا ان نذهب لمقابلته ان مواعيد الزيارة لن تنتهى الا بعد ساعتين ويمكننا ان نعيده الى صوابه"

وضع كلايتون السماعه من يده وهو يبتسم

"انت متامرة من الدرجة الاولى يا عزيزتى "



"اعترف بذلك ولكن فقط من اجل مصلحتك وديمون عنصر ايجابى فى حياتك تماما مثلى "


"استخلص من ذلك ان نزهتنا بالسفينه قد الغيت؟هذا افضل لاننى اعانى دوار البحر وافضل ان اعيش فى واحة حبك"

"فى هذه الحاله كن لطيفا وتقدمنى الى المستشفى"


منحته الشابه ابتسامه ساحرة واحس وكان السعاده دخلت صالون جناحهما مثل اشعة الشمس الباهره لقد وصلا الى حديقة الحب السريه وهما يعرفان انهما قد يخرجان منها احيانا وما ذلك الا ليعودا اليها احسن حالا فى هذه الحديقه السماء دائما لازوردية اللون



♣♦♠♥the end♣♦♠♥


 
الوسوم
منتديات. شبكة. العربية. العامة
عودة
أعلى